عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 05-01-2018, 04:06 PM
أبو يزن أشرف بن تيسير الحديدي أبو يزن أشرف بن تيسير الحديدي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
الدولة: الاردن - السلط
المشاركات: 343
افتراضي فيخرج الله منها قوما لم يعملوا خيرا قط


السؤال :

كيف التوفيق بين حديث : (أخرجوا من النار من قال لا إله إلا الله) ومسألة : (كفر تارك العمل بالكلية)؟

الجواب :

قلت : الناس على قسمين أو فسطاطين :

فسطاط الإيمان : وأهله المؤمنون.
وفسطاط الكفر : وأهله الكافرون.

حسنا، الان الكفار إلى أين؟
إلى النار قطعا، خالدين فيها أبدا، حرام عليهم الجنة.

والمؤمنون إلى أين؟
مهما طال عذابهم مصيرهم إلى الجنة.

حسنا، الان المؤمنون؛ من قال منهم : (لا إله إلا الله) :

1- إما أن يأتي بناقض لها فيخرجه عن الملة، فيلحق بفسطاط الكافرين.

2- أو أنه باق على الملة، فيلحق بفسطاط المؤمنين.

الان الحديث : (أخرجوا من النار من قال : لا إله إلا الله) من الكفار أم من المؤمنين؟

طبعا من المؤمنين !!!!

أخرجوا من النار من قال : (لا إله إلا الله) ممن مات على الإيمان، أما الذي كفر فقد حبط عمله كله بما فيه قوله : (لا إله إلا الله) -حال إيمانه- فهي -أي هذه الكلمة الطيبة- قد أصبحت كعدمها، (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) كأن لم يكن.

فالإشكال إنما تطرق إليك من ظنك أن الذي يكفر من المؤمنين -بناقض من النواقض- يبقى داخلا في عموم الخطاب : (كل من قال لا إله إلا الله) وليس كذلك؛ فهو قد لحق بفسطاط الكافرين، فعمله كله قبل كفره قد حبط، بما فيه قوله : (لا إله إلا الله) التي هي أصل الإيمان وبذرة الخير.

فإن قلت لي : فهؤلاء الذين يخرجون بكلمة (لا إله إلا الله) من المؤمنين، قد خرجوا بفضل هذه الكلمة فقط من غير عمل، ففي الحديث : (فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه) وكذلك (فيخرج الله منها قوما لم يعملوا خيرا قط) أليس هذا بدليل على عدم كفر تارك العمل.

فأقول : نعم، (مثقال ذرة من خير) مما وافق الخير المعلوم والمقبول شرعا، وكذلك (لم يعملوا خيرا قط) ليست نفيا للعمل، ولكنها نفي للخيرية، (لم يعملوا خيرا قط) صحيح لأن عملهم الذي عملوه لم يوافق الخير، فالذي يصلي -والصلاة خير- ولكنه يرائي في صلاته، فصلاته هذه ليست خير، ويصح أن يكون نفيا للعمل مطلقا، ذلك أن العمل غير المقبول، حكمه حكم المعدوم، أي كأنه لم يكن أصلا، ولهذا إقرأ قوله سبحانه وتعالى : (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) فقد أثبت الله لهم العمل فقال : (ما عملوا من عمل) ولكنه جعله كالعدم، فقال : (فجعلناه هباء منثورا).

أو أنهم من الذين أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم يكونون في آخر الزمان (لا يدرون ما صلاة ولا صيام ) فهؤلاء لم يعلموا عن العمل (المتمثل بالتكاليف الشرعية) حتى يتركوه، والقاعدة : (أن الأحكام الشرعية منوطة بالقدرة على العلم والعمل) وهم (لا يدرون ما صلاة ولا صيام) فهم ما تركوا العمل، وفرق بين (عدم العمل) و (ترك العمل ) ، فتكون (لا إله إلا الله) هي كل عملهم.

ويصدق فيهم -على هذا المعنى- تأويل اللفظ في آخر الحديث : (فيدخلون الجنة من غير عمل عملوه) أي غير قولهم : (لا إله إلا الله) التي هي كل عملهم.


والله تعالى أعلم

رد مع اقتباس