عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 11-25-2011, 02:35 PM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,071
افتراضي

__
- قولُه تعالى: { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } البقرة:(158)
روى البخاريُّ وغيرُه عن عروةَ قال: سأَلتُ عائشةَ - رضي اللهُ عنها - فقلتُ لها: أَرأَيْتِ قولَ اللهِ - تعالى -: { إِنَّ الصَّفَا والمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُناحَ علَيْهِ أَنْ يَطَّوْفَ بِهِما } فواللهِ ما على أَحدٍ جُناحٌ أَنْ لا يَطَّوفَ بالصفا والمروةِ.
قالت: بِئْسَ ما قلتَ يا ابنَ أُختي! إِنَّ هذه لو كانت كما أَوَّلتَها عليه كانت: لا جُناح عليه أَنْ لا يَتَطَّوف بهما، ولكنها أُنزلت في الأَنصارِ؛ كانوا قبلَ أَنْ يُسلموا يُهِلُّونَ لِمَناةَ الطاغيةِ التي كانوا يعبدونَها عندَ المُشَلَّلِ(1)، فكان مَنْ أَهَلَّ يَتحرَّجُ أَنْ يطوفَ بالصفا والمروةِ، فلما أَسلموا سأَلوا رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك،
قالوا: يا رسولَ الله إِنا كنا نتحرَّجُ أَنْ نطوفَ بين الصفا والمروةِ، فأنزل الله - تعالى -: { إنَّ الصفا والمروةَ مِنْ شعائرِ اللهِ } الآيةَ.
قالت عائشةُ - رضي اللهُ عنها -: وقد سَنَّ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الطوافَ بينهما، فليس لأَحدٍ أَنْ يتركَ الطوافَ بينهما.
ثم أَخبرْتُ أَبا بكرِ بنِ عبدِ الرحمنِ فقال: إِنَّ هذا العلمَ ما كنتُ سمعتُه، ولقد سمعتُ رجالاً من أَهلِ العلمِ يذكرون أنّ الناسَ - إِلا مَنْ ذكرت عائشةُ مِمَّنْ كان يُهِلُّ بِمَناةَ - كانوا يطوفون كلُّهم بالصفا والمروةِ، فلما ذكرَ اللهُ - تعالى - الطوافَ بالبيتِ، ولم يذكرِ الصفا والمروةَ في القرآن قالوا: يا رسولَ اللهِ، كنا نطوفُ بالصفا والمروةِ، وإِنّ اللهَ أنزلَ الطوافَ بالبيتِ، فلم يذكرِ الصفا، فهل علينا مِنْ حرجٍ أَن نطوفَ بالصفا والمروةِ؟ فأنزل اللهُ - تعالى -: { إِنَّ الصَّفا والمَروةَ مِنْ شَعائرِ اللهِ }الآيةَ.

- قال أبو بكر: فأَسْمَعُ هذه الآيةَ نزلتْ في الفريقين كِلَيْهِما؛ في الذين كانوا يتحرَّجون أَنْ يطوفوا بالجاهليةِ بالصفا والمروةِ، والذين يطوفون ثمّ تحرَّجوا أَنْ يطوفوا بهما في الإِسلام؛ منْ أَجلِ أَنَّ اللهَ – تعالى - أَمرَ بالطوافِ بالبيتِ، ولم يذكرِ الصفا، حتى ذكر ذلك بعد ما ذكرَ الطوافَ بالبيتِ.

- وفي رواية مسلم: عن عروةَ عن أَبيه عن عائشةَ قال: قلت لها: إني لَأَظنُّ رجلاً لو لمْ يطُفْ بين الصفا والمروةِ ما ضَرَّه.
قالت: لِمَ؟
قلتُ: لِأَنَّ اللهَ - تعالى – يقولُ: { إِنَّ الصَّفا والمَرْوةَ مِنْ شَعائرِ اللهِ } إِلى آخرِ الآيةِ.
فقالت: ما أَتَمَّ اللهُ حَجَّ امْرِئٍ ولا عُمرتَه لمْ يَطُفْ بين الصفا والمروةِ. ولو كان كما تقولُ لكان: (فلا جُناحَ عليه أَنْ لا يَطَّوَّفَ بهما). وهل تدري فيما كان ذاك؟ إنما كان ذاك أَنَّ الأنصارَ كانوا يُهِلُّون فى الجاهليةِ لِصَنَمَيْن على شطِّ البحرِ يُقالُ لهما: إِسافٌ ونائلة، ثم يجيئون فيطوفون بين الصفا والمروةِ ثم يحلقون، فلما جاء الإسلامُ كرهوا أن يطوفوا بينهما للذي كانوا يصنعون فى الجاهليةِ، قالت: فأَنزلَ اللهُ - عزَّ وجلَّ: { إِنَّ الصَّفا والمَرْوَةَ مِنْ شعائرِ اللهِ } إلى آخرِها - قالت -: فطافوا.
____________
(1) قال في "الفتح": مَوضعٌ بِقُدَيْدٍ من ناحية البحرِ، وهو الجبلُ الذي يهبط إلِيها منهُ.
__
رد مع اقتباس