عرض مشاركة واحدة
  #30  
قديم 10-15-2011, 09:15 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي ما البيعة تكون للخليفة المسلم

ما البيعة تكون للخليفة المسلم

[سئل فضيلة الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان - حفظه الله تعالى - تعالى - :


ههنا سؤال لإحدى الأخوات تقول فيه : " لماذا لا ينادي السلفيّون بإقامة دولة الخلافة، عملاً بقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: (من مات دون بيعة، مات ميتة جاهلية) (أخرجه مسلم) ؟.(1)

فأجاب فضيلته - حفظه الله تعالى - :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد :

فالبيعة الواردة في الحديث الذي نصّهُ : (من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميتة جاهلية) هي عين البيعة الواردة في الأحاديث والنصوص الأخرى.

ولذلك لمّا سأل صالح أباهُ الإمام أحمد - رحم الله الجميع - قال "هي بيعة الإمام الأكبر" وهي البيعة الواردة فيما أخرجه مسلم بسنده إلى عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال : " سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - يقول : وأورد حديثاً طويلاً، وفي آخره قوْل النبي - صلى الله عليه وسلم - (فمن بايعَ إماماً وأعطاهُ صَفقةَ يده، وثمرة قلبه، فليطعهُ إن استطاع، فإن جاء آخرٌ يُنازعُهُ فاضربوا عنق الآخر - (2) أو قال - : " فاضربوا عنق الآخِر "، فهذه البيعة تكون للخليفة المسلم الذي يحكمُ بالإسلام.

والمسألة التي تسأل عنها الأخت ينبغي التنبّه فيها إلى عقدةٍ عند كثير مِن العاملين، وهي استعجالهم وجعلهم هذه الأمور مقصودة لذاتها.

وعندي أنها ثمرة طبيعية لعملٍ صحيحٍ سليمٍ على منهج النبوّة إن وَقَعَ كما يُحِبه الله ويرضاه، لا بُدّ أن تقعَ فيه هذه الثمرة.

وطريقة الحصول على الخلافة هي عين المهمة التي بُعِثَ بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد حُدّدَت مهمّتُهُ قبلَ خلقِه، وقبلَ وُجوده، ودعا إبراهيم - عليه السلام بقوله : {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [ سورة البقرة : 129].

فاستجاب الله لنبيّهِ إبراهيم بقوله في أوائل سورة الجمعة : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سورة الجمعة : 2].

دعا إبراهيم بتقديم العلم على التزكية، وامتنّ الله على هذه الأمــــة بتقديم التزكيــــة على العلم.

فالعلم ما لم يُصب نفوساً سليمَةً فلن يُؤتي أكُله، وإنّ هؤلاء إذا عملواعلى وجود العلم والتزكية في الأمــّـــة، فحينئذٍ - وبتحصيل حاصل - سَيَصِلون وسيفوزون ويظفرونَ بما امتنّ الله به على نبيه - صلى الله عليه وسلم -.

ولمّا دخلَ العلمُ دخَنٌ وأصابَ النّفوسَ وهَنٌ اشتد عليها الأمر وأخلدت إلى الأرض، فحينئذ لم يكُن من وسيلة لتحقيق التزكيـــة إلاّ التربية.

فـ(التصفيـــَــة والتربـــــــية) هذا الشعار الذي رفعه ونادى به إمام هذا العصر ومُحَدّثه شيخُنا الإمام الألباني - رحمه الله - مفادُهُ ومَآلُهُ ومَقصودُهُ، وباعِثهُ، أن تُحَقّقَ في الأمـــّـــة مُهِمــّــــة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن وقعت هذه المهمـــّــــة، ووجِدَ في الأمـــّـــة التربية والتصفية، فنصرُ الله مِنا قريب - وهوَ كذلك - ولكننا نحنُ بعيدونَ عنه !.

فمن أجلِ أن نقتربَ من ذلك لا بُدّ مِن تحقيق هذينِ الأمرَيْن.

وثمرةُ ذلك : المسألة التي سألت عنها الأخت الكريمة.

وصلّى الله على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
_______________

(1) المرجع : كتاب كشف الشبهات ورد الإعتراضات عن الدعوة السلفية - سلسلة الندوات العلمية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -.

(2) قطعة من حديث طويل أخرجه مسلم، وأوله : (إنه لم يكن قبلي نبيٌ إلا كان حقاً عليه .....).
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس