عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 12-24-2017, 08:18 PM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي

الاجتهاد والاتباع والتقليد

قال شيخنا الألباني رحمه الله - تعالى - :
[إن الاجتهاد يعني أن يكون المسلم العالم على علمٍ باللغة العربية، وآدابها، وعلوم الشريعة؛ كعلم الحديث، والتفسير، وأصول الفقه، ونحو ذلك، وهذا فعلًا لا يستطيعه حتى الذين درسوا هذه العلوم، لا يستطيعون تحقيقها وتطبيقها عمليًاً في واقع حياتهم العلمية.

وقال رحمه الله - تعالى - : [لكن الاتباع هو : أنك حينما لا تستطيع الاجتهاد تسأل، فعليك أن تسأل أهل الاجتهاد - أهل العلم والفقه في الدين- عن المسألة التي يقدمونها إليك جازمين بحرمتها، أو جازمين بإباحتها، أو جازمين بوجوبها، أو باستحبابها، أو غير ذلك من الأحكام الشرعية، تستطيع أن تسألهم عن الدليل، فإذا قدّموا إليك الدليل اطمأن قلبك إلى هذا الحكم؛ لأنه قُدِّمَ مقروناً بدليلٍ شرعي، بخلاف ما لو قال لك : هذا حرام، أو هذا حلال؛ فإنما قدم لك رأيه عارياً ومجرداً عن الدليل الشرعي، فالذي يأخذ هذا الرأي، التحريم، أو غيره، غير مقرون بدليل، فهذا هو التقليد، وهو الذي ينبغي أن نتخلص منه بقدر الإمكان، والذي يأخذ المسألة مقرونةً بدليلها الشرعي، من كتابٍ، أو سنة، أو اجتهاد عالم مجتهدٍ ما، فهو المتبع، والذي يقدم الدليل متفقِّهاً فيه من الكتاب والسنة فهو المجتهد.

وكل مسلم ملزمٌ بالاتباع، وأما الاجتهاد فمُلزَمٌ به من يستطيعه، وأما التقليد فحرامٌ كله إلا عند الضرورة، هذه خلاصة الجواب] اهـ. [الاجتهاد والإفتاء – لفضيلة الشيخ : محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله – تعالى -].

وقال الله - سبحانه وتعالى - : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [سورة النساء 59].

فالواجب الردُّ إلى الكتاب والسنة عند النـزاع. قال الله – سبحانه - : ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ [سورة الشورى10].

وهذا محل إجماع بين أهل العلم : أن مسائل الخلاف يجب ردُّها إلى كتاب الله أو إلى سنة رسوله محمد - عليه الصلاة والسلام -، فما وافقهما فهو الحق، وما خالفهما وجب إطراحه، أما الاقتصار على المذاهب الأربعة وتقليدها والتعصب لها فليس من شأن أهل العلم. والله ولي التوفيق.

وهذا هو مذهب الأئمة الأربعة – رحمهم الله تعالى – إذ أنهم أجمعوا على التمسك بالسنة الصحيحة والرجوع إليها، وترك كل ما يُخالفها من قول أو عمل، ومهما كان صاحب القول عظيما، فإن شأن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعظم، وسبيله أقوم، لأن الله - تعالى – أرسله بالهدى ودين الحق، فهو – سبحانه - أعلم وأرحم وأحكم.

ويجبُ علينا الإقتداء بهم – رحمهم الله تعالى – واقتفاء آثارهم بالتمسك بالحديث الصحيح والدليل الصحيح، وإن خالف أقوالهم وفتاويهم، لأنهم برأوا الذمة عن كل ما يخالف هديَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم –، سواء في حياتهم أو بعد مماتهم، وأمَروا باتباع ما صحّ من هديَ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وإن كان يخالف مذهبهم، وكل يؤخذ من قوله ويردّ، إلا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – الذي لا ينطق عن الهوى.


يُتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس