• وعندَ جُهَيْنةُ الخبرُ اليقينُ .
يُضْرَبُ مثلاً لِمَعرفةِ الخبرِ والسؤالِ عنه .
قال أبو الفرج الأصبهاني في " الأغاني " :
أخبرني ابنُ دُرَيْدٍ , قال : أخبرنا أبو حاتمٍ عن أبي عُبيدةَ ، قال :كان ناسٌ من بطنٍ من قُضاعَةَ يُقالُ لهم : بنو سلامانِ بنِ سعدٍ بنِ زيدِ بنِ الْحافِ بنِ قُضاعَةَ . وبنو سلامان بنِ سعدٍ إخوةُ عذرةَ بنِ سعدٍ , وكانوا حُلفاءَ لبني صِرْمَةَ بنِ مُرّةَ , ونزولا فيهم .
وكان الْحُرَقَةُ - وهم بنو خَميسِ بنِ عامرِ بنِ جُهَيْنةَ - حلفاءَ لبني سَهْمِ بنِ مُرَّةَ. وكانوا قوماً يرمون بالنَبْلِ رَمْياً سديداً , فسُمُّوا الْحُرَقَةَ ؛ لِشِدَّةِ قتالِهم . وكانوا نُزولاً في حُلفائِهم بني سَهْمِ بنِ مُرّةَ .
وكان في بني صِرْمَةَ يهوديٌّ من أهلِ تَيْماءَ , يُقالُ له جُهَيْنةَ بنِ أبِي حَمَلٍ .وكان في بني سَهْمٍ يهوديٌّ من أهلِ وادي القُرى يُقالُ له غُصَيْنُ بنُ حيٍّ , وكانا تاجرين في الخمر .
وكان بنو جَوْشَنٍ - أهلُ بيتٍ من عبدِ اللهِ بنِ غَطْفانَ - جيراناً لبني صِرمَةَ , وكان يُتَشائَمُ بِهم , ففقدوا منهم رجلاً يُقالُ له : خُصَيْلةَ ,كان يقطعُ الطريقَ وحدَه . وكانت أختُه وإخوتُه يسألون الناسَ عنه , وينشُدونَه في كلِّ مجلسٍ وموسمٍ .
فجلس ذاتَ يومٍ أخٌ لذلك المفقودِ الْجَوْشَنيِّ في بيتِ غُصَيْنِ بن حيٍّ جارِ بني سَهْمٍ يَبْتاعُ خَمْراً , فبينما هو يشتري إذ مرَّتْ أختُ المفقودِ تَسْألُ عن أخيها خُصَيْلةَ , فقال غُصَيْنٌ :
تُسائِلُ عن أخيها كلَّ رَكْبٍ .... وعند جُهَيْنةَ الخبرُ اليقينُ
فأرسلها مثلاً - يعني بِجُهينةَ نفسَهُ - فحِفظَ الْجَوْشنيُّ هذا البيتَ ثم أتاه من الغدِ فقال له : نَشُدْتكَ اللهَ ودينَك هل تعلمُ لأخي عِلما ؟ فقال له : لا وديني لا أعلمُ . فلما مضى أخو المفقودِ تَمَثّلَ :
لَعَمْرُك ما ضَلَّتْ ضلالَ ابنَ جَوْشنِ ... حَصاةٌ بليلٍ أُلْقِيَتْ وَسْطَ جَنْدَلِ
[ الْجَنْدَل : مكانٌ في مَجْرى النهر فيه حجارةٌ يَشْتَدُّ عندها جريانُ النهرِ ./ المعجم الوسيط ] .
أرادَ أنّ تلك الحصاةَ يَجوزُ أنْ توجدَ , وأنّ هذا لا يوجدُ أبداً . فلما سَمِعَ الْجَوْشَنيُّ ذلك تركه , حتى إذا أمسى أتاه فقتله , وقال الْجَوْشنيُّ :
طَعَنْتُ وقد كادَ الظلامُ يُجِنُّني .... غُصَيْنَ بنَ حَيٍّ في جِوارِ بني سَهْمِ .
|