عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 06-23-2018, 05:23 PM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 804
افتراضي وقفة تأمل مع بعض الفتاوى

وقفة تأمل مع بعض الفتاوى



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

-أما بعد:

فقد أصدرت دائرة الإفتاء الأردنية فتوى بعنوان: (صلاة العيد لا تُسقط صلاة الجمعة)، وذكروا الآراء الفقهية في (المذاهب الأربعة)؛ وهذا شيء جميل يشكرون عليه؛ في وقت ظهرت فيه أصوات نشاز لتهميش (المذهب الحنبلي) -عقائدياً وفقهياً-(!)

ومما جاء في الفتوى مستدلين على عنوانها: «وهو ما ذهب إليه جماهير فقهاء المسلمين من الحنفية والمالكية والشافعية ورواية عند الحنابلة».

ثم من باب (الورع) قالوا: «فالاحتياط للدين يقتضي بالمحافظة على الصلاتين في ذلك اليوم، وأما ما ذهب إليه بعض فقهاء الحنابلة أن من صلى العيد لا يُطالب بصلاة الجمعة مطلقاً، وإنما يصلي الظهر؛ فهو على خلاف الأحوط والأبرأ للذمة».

ثم ختمت فتواها قائلة: «فلا فسحة للجدل والخلاف الذي يفرق صفوف المسلمين وهم يستقبلون أيام العيد؛ بل الواجب العمل بالمحكمات وترك المتشابهات، والتسليم بما استقرت عليه مذاهب المسلمين المتبوعة». اهـ.

قالتُ:
جميل جداً ضبط جميع الفتاوى على منهج علمي منضبط واحد؛ المراد منه اتباع الراجح وترك المرجوح، ولكن بدأنا نشاهد فتاوى تتغير من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال - هكذا- من غير ضابط إلا (.......)(!)

ولنأخذ هذه الفتوى المعتبرة من دائرة الإفتاء في مسألة (اجتماع الجمعة مع العيد)؛ ونطبق الأصول التي اعتمدوها على مسألة (إخراج زكاة الفطر نقداً)، وسنستبدل فقط أسماء المذاهب، ونبقي الثمرة والنتيجة التي بنوا عليها الفتوى.

هل سيرضون بذلك أم لا؟!

فنقول مقتبسين من كلامهم (منهم) و (إليهم):

لا يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً «وهو ما ذهب إليه جماهير فقهاء المسلمين من المالكية والشافعية والحنابلة عدا أبا حنيفة».

«فالاحتياط للدين يقتضي إخراجها طعاماً عملاً بالوحي، وأما ما ذهب إليه الحنفية من جواز إخراجها نقداً فهو على خلاف الأحوط والأبرأ للذمة».

وعليه؛ «فلا فسحة للجدل والخلاف الذي يفرق صفوف المسلمين وهم يستقبلون أيام العيد؛ بل الواجب (العمل بالمحكمات) و(ترك المتشابهات) ، و(التسليم بما استقرت عليه مذاهب المسلمين المتبوعة)».

ثم أقول:

- ما ضابط الترجيح عند القوم؟!
- هل الدليل؟ أم اتباع الهوى؟!
- أم رأي الجمهور (ثلاثة مقابل واحد)؟
- أم رأي مذهب (واحد مقابل ثلاثة)؟
- أم أيسر رأي في المذاهب الأربعة؟
- أم أيسر رأي ولو كان من غير الأربعة؟
- وما ضابط الأيسر وحدوده؟!
- أم الأحوط في جميع المسائل؟
.....إلخ.


إن الناظر في الفتاوى (الجديدة المتمذهبة) إذا تأملها العاقل طار لبه؛ لانعدامها من القواعد والأصول العلمية، وقيامها على التعصب البغيض، وتشتيت الناس، وبث الفرقة، ونشر التحزب بين الناس؛ وإحداث بلبلة بينهم، وبث الشك والتشكيك والحيرة في أمور الدِّين(!)

- ومن الأمثلة على ذلك:

مثال رقم (1):
الفتوى (الجديدة الغريبة) بإلزام أئمة المساجد بواحد وعشرين ركعة في صلاة التراويح؛ ولا ندري من قال بهذا (الإلزام) من الأئمة الأربعة؛ مع العلم أن المتمذهبين حصروا الإسلام العظيم في أربعة مذاهب فقط(!)

وما حكم القائلين بستة وثلاثين ركعة أو أكثر من ذلك العدد؛ فهل لهم الحق بإلزام الناس بمذهبهم؟!!

مثال رقم (2):
جواز (إخراج زكاة الفطر نقداً): من باب:
1_ (التيسير) على الناس؛ فالدِّين يسر.
2_ (المصلحة العامة).
3_ وجود (رأي فقهي) في إحدى المذاهب الأربعة ..... إلخ.

مثال رقم (3):
(صلاة العيد لا تُسقط صلاة الجمعة) من باب:
1- (ثلاثة مذاهب مقابل مذهب واحد)؛ يعني: الأقوى والأكثر(!) .

قلت: وهذا عكس الفتوى في مسألة (زكاة الفطر)! واحد مقابل ثلاثة(!؟)

ولا ندري متى تكون هذه المرونة والتبديل ومتى لا تكون؟!
وقد ندري!!!

2- (الاحتياط في الدِّين).
قلت: لماذا لا نجعلها من باب (التيسير) على الناس؛ فالدِّين يسر؛ كما في فتوى (جواز إخراج زكاة الفطر نقداً)!

فالناس في هذا اليوم مشغولون بزيارة أرحامهم (الأحياء منهم والأموات!) التي لا تُعرف إلا يوم العيد.

ثانياً: غالب الفتاوى المعاصرة مثل برنامج (ما يطلبه المستمعون)(!) مثل: تجويز الذكر الصوفي الجماعي، والرقص الصوفي في المساجد، وتخصيص زيارة القبور يوم العيد، وإباحة الغناء والموسيقى....إلخ!!!
و(المستمعون) يطالبون بعدم إلزامهم بصلاة الجمعة إذا صلوا العيد....

3- (منع الجدل والخلاف الذي يفرق صفوف المسلمين).
قلت: وهذا عكس فتوى (العشرين ركعة)(!) التي فرقت المصلين،

وأحدثت الجدل والخلاف بين الناس، وأدت إلى رفع الصوت في أحب البقاع إلى الله!!!

وأكثر المصلين لم يلتزم بها، وأكثر الأئمة اختصر الصلاة اختصار ما أنزل الله به من سلطان؛ فلا قراءة قرآن ولا ركوع ولا سجود ولا تشهد على أصوله!!
مع العلم أنهم زعموا أن هذا القرار صدر حتى يربطوا الناس بالقرآن(!)

فلا ربطوا الناس بالقرآن (كلام الله)، ولا بالصلاة (أحب الأعمال إلى الله)؛ بل بعض الأئمة أكمل الصلاة وحده!

والحمد لله أن (كأس العالم) لكرة القدم(!) بدأ بعد رمضان؛ فمن أوقات بثه وقت صلاة العشاء....

وأخيراً:

إذا بقي حال الفتوى بهذا الشكل فسنسمع فتاوى أغرب وأغرب، وإلزام الناس بأشياء ليست ملزمة شرعاً(!) وسيظهر الغلو في الدين في باب، والتساهل في باب آخر، وإبطال عبادة الناس أو استحداث عبادة لهم!!!

وهذه الفتاوى ستسبب زعزعة الثقة بين (العلماء) و(عوام الناس)، وما إعادة صلاة العيد - هذا العام- ثلاث مرات في (جمهورية مصر) عنا ببعيد(!) بسبب التعصب (الحنفي) و(المالكي)(!)

ولكن ولله الحمد أن الثقة -في بلادنا- ما زالت موجودة وفي ازدياد، فالناس الآن ليسوا قبل نصف قرن من الزمان؛ فأصبحوا يميزون بين (السني والشيعي)، وبين (العابد والدرويش)، وبين (المستقيم واللعوب) في دينه(!)

فما أحوجنا في هذا الوقت العصيب بترك التعصبات المذهبية، والتحزبات المقيتة، والعقائد البائدة الفاسدة المنحرفة عن عقيدة سلفنا الصالح -رحمهم الله-.

ورحم الله الإمام مالك القائل: «لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها».

والحمدلله رب العالمين.
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس