عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 08-08-2017, 07:07 AM
أبو زيد العتيبي أبو زيد العتيبي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 1,602
افتراضي


ثانياً: تأصيل التقوى.

وذلك بتحقيق (مقام تزكية النفس) المشتمل على أصلين:

1- أصل علمي، وهو (شهود منزلة الفقر).
2- أصل تربوي، وهو (تحقيق مقام الصدق).


الأصل العلمي لمقام تزكية النفس (منزلة الفقر).

اعلم –وفقك الله- أن أصول الافتقار إلى الله –تعالى- مودعة في آية الكرسي (255) من سورة البقرة.

قال الله –تعالى-: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}.

مقصد آية الكرسي العام بيان غنى الله المطلق من كل الوجوه؛
ودل على ذلك عدد من الكمالات الربانية
، منها:

1- كمال الألوهية؛ فلا يستحق العبودية إلا الله –تعالى-.
2- كمال الحياة والقيومية؛ فلا قيام للمخلوقات كلها إلا به –سبحانه-.
3- كمال الملك والتدبير؛ فلا نفوذ لشيء إلا بأمره وإذنه.
4- كمال العلم؛ ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء.
5- كمال العلو والعظمة؛ فلا شيء أعلى ولا أكبر منه –سبحانه-.

فمن عرف ربه –تعالى- بذلك عرف فقره وذله وحاجته التامة إلى خالقه –سبحانه-
وعلم أنه لا قيام له ولا لأحد من الخلق إلا بالله.


فإذا أتم حفظ (آية الكرسي) وفهم معناها -مستعيناً- على ذلك بكتب التفسير التي سبق ذكرها؛ فلقنه:

تائية شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-

أنا الفقيـر إلـى رب السموات * أنا المسيكين فى مجموع حالاتـى
أنا الظلوم لنفسى وهـى ظالمتـى * والخير إن جائنا من عنده ياتـى
لا أستطيع لنفسى جلـب منفعـة * ولا عن النفس فى دفع المضـرات
وليس لى دونـه مـولا يدبرنـى * ولا شفيـع الـى رب البـريـات
إلا بـأذن مـن الرحمـن خالقنـا * رب السماء كما قد جا فى الآيـات
ولست أملك شيئـا دونـه أبـدا * ولا شريك أنا فى بعض ضراتـى
ولا ظهيـر لـه كـى أعاظـمـه * كمـا يكـون لأربـاب الولايـات
والفقـر لـى وصـف لازم أبـدا * كمـا الغنـا وصـف لــه ذات
وهذه الحال حال الخلق أجمعهـم * وكلهـم عنـده عبـد لــه آت
فمـن بغـى مطلبـا دون خالقـه * فهو الظلوم الجهول المشرك العات
والحمد لله ملء الكـون أجمعـه * ماكان منـه ومـن بعـده ياتـى
ثم الصلاة على المختار من مضر * خير البرية من مـاض ومـن آت


مقاصد تائية شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله-

اشتملت التائية على مقصد رئيسي، وهو:
(بيان فقر الخلائق) إلى ربها –تعالى-؛ وذلك لنقصهم التام من كل الوجوه، ومنه:

1- أن الإنسان ظلوم جهول.
2- أن الإنسان عاجز عجزاً تاماً عن نفع نفسه أو دفع الضر عنها من كل الوجوه؛
(فليس له مولاً إلا الله)، (وليس له شفيع من دون إذن الله)، (وليس له ملك مستقل ولا شراكة في ملك الله)، (وليس هو معين لله، ولا ظهير).
3- استواء الخلائق كلها في هذه الصفة حتى الملائكة والنبيين.

فمن علم ذلك أيقن أن الله –تعالى- له الكمال المطلق والغنى التام.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[فاطر: 15].



***

رد مع اقتباس