عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 07-14-2019, 03:38 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


نقل الشيخان أبو الحسن ، علي بن عبد الله الحسني السَّمْهُودي (ت 911 هـ) ، والقاضي المؤرِّخ حسين بن محمد الدِّيار بكْرِي (ت ٩٦٦ هـ) - رحمهما الله تعالى - ، عن الحافظ المُحِبِّ الطبري (ت ٦٩٤ هـ) - رحمه الله - ، أنه قال في كتابه في « الرياض النَّضِرة ، في فضائل العشرة - رضي الله عنهم - » :
( أخبرني هارون بن الشيخ عمر بن الزعب - وهو ثقة صدوق مشهور بالخير والصلاة والعبادة - ، عن أبيه ، وكان من الرجال الكبار - ، قال : كنتُ مجاوِرًا بـ "المدينة" ، وشيخ خُدَّام النبي ﷺ إذْ ذاك شمس الدِّين صواب اللمطي ، وكان رجلاً صالحًا ، كثير البِرِّ بالفقراء ، والشفقة عليهم ، وكان بيني وبينه أُنْسٌ ، فقال لي يومًا : أخبرك بعجيبة ، كان لي صاحبٌ يجلس عند الأمير ، ويأتيني مِن خبره بما تمَسُّ حاجتي إليه ، فبينما أنا ذات يومٍ إذْ جاءني فقال : أمْرٌ عظيم حدث اليوم !! ، قلت : وما هو ؟! ، قال : جاء قوم من أهل "حَلَب" ، وبذلوا للأمير بذْلاً كثيرًا ، وسألوه أن يمكِّنهم مِن فتح الحُجْرة وإخراج " أبي بكر ، وعمر" - رضي الله عنهما - منها ، فأجابهم إلى ذلك ، قال صواب : فاهتمَمْتُ لذلك هَمًّا عظيمًا ، فلم أَنشَب أن جاء رسول الأمير يدعوني إليه ، فأجبته ، فقال لي : يا صواب ، يَدُقّ عليك الليلة أقوامٌ المسجدَ ، فافتح لهم ، ومكِّنهم ممَّا أرادوا ، ولا تعارضهم ، ولا تعترض عليهم ، قال : فقلت له : سمعًا وطاعةً .
قال : وخرَجْتُ ، ولم أزل يومي أجْمَع خلْف الحُجرة أبكي ، لا تَرْقَأُ لي دمْعةٌ ، ولا يشعر أحدٌ ما بي ، حتى إذا كان الليلُ ، وصلَّيْنا العشاء الآخرة ، وخرج الناس مِن المسجد ، وغلَّقْنا الأبواب ، فلم ننشَب أنْ دُقَّ الباب الذي حِذاء باب الأمير ، أي باب السلام ، فإنَّ الأميرَ كان سكنه حينئذ بالحصن العتيق .
قال : ففتحتُ البابَ ، فدخل أربعون رجُلاً أعدهم واحدًا بعد واحد ، ومعهم المساحي ، والمكاتل ، والشموع ، وآلات الهدم والحفْر [ والمَكاتِل جَمْع مِكْتَل ، وهو : الزِّنْبِيل ] ؛ قال : وقصدوا الحجرةَ الشريفة ، فواللهِ ما وصلوا المنبر حتى ابتلعتهم الأرض جميعهم بجميع ما كان معهم مِن الآلات ، ولم يبقَ لهم أثَر !
قال : فاستبطأ الأميرُ خبرَهم ، فدعَاني ، وقال : يا صواب ألَمْ يأتِك القومُ؟! ، قلت : بلى ، ولكن اتفق لهم ما هو كيْت وكيت ، قال : انظر ما تقول ، قلت : هو ذلك ، وقُمْ فانظُرْ هل ترى منهم باقية أو لهم أثرًا ، فقال : هذا موضع هذا الحديث ، وإن ظهر منك كان بقَطْع رأسك ! ، ثم خرجْتُ عنه .

قال المُحِب الطبري : فلمَّا وعَيْتُ هذه الحكاية عن هارون ، حكيتها لجماعة من الأصحاب فيهم مَن أثق بحديثه ، فقال : وأنا كنتُ حاضرًا في بعض الأيام عند الشيخ "أبي عبد الله القرطبي" بالمدينة ، والشيخ شمس الدِّين صواب يحكي له هذه الحكاية ، سمعتها بأذني مِن فِيه ؛ انتهى ما ذكره الطبري ) .

المَصدر : « وفاء الوفاء ، بأخبار دار المصطفى ﷺ » ، للسَّمْهُودي ، ١٨٩/٢ ؛ و « تاريخ الخميس في أحوال أنفس نفيس » ، للدِّيار بكري ، ج : ٣ ، ص : ٤٩١-٤٩٢ ، و « نزهة الناظرين ، في مسجد سيِّد الأولين والآخرين » ، للبرزنجي - رحمه الله - ، ص : ٨٢ ؛ ونقل المؤرخ المقريزي ( المتوفى سنة : ٨٤٥هـ ) - رحمه الله - في كتابه « إمتاع الأسماع ، ٦٢٦/١٤ » نحو ذلك نقلاً عن كتاب « الرياض النَّضِرة » للمحب الطبري ، إلاَّ أنه أورد إسناد هذه الرواية نقلاً عن كتاب المحب الطبري بلفظ : ( أخبرني هارون بن الشيخ عمر بن الراغب ... ) بدل ( بن الزعب ) ، ثم ساق تفاصيلها بألفاظٍ مقارِبَة .
* نقلها أبو أيوب محمد بن صالح السَّوِيد

__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس