عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 04-20-2021, 05:21 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

المجلس السَّابع





فيا معشرَ المسلمين: عظِّموا الصَّلاة، وأدُّوها كما شَرع الله، واغتَنِموا هذا الشَّهرَ العظيم، وعَظِّموه -رحِمَكُم اللهُ- بأنواع العباداتِ والْقُرُبات، وسارِعوا فيه إلى الطَّاعات، فهو شَهرٌ عظيمٌ جعلهُ الله ميدانًا لعبادِه، يَتسابقون إليه بالطَّاعات، ويَتنافسون فيه بأنواعِ الخيرات؛ فأكْثِروا فيه -رَحِمَكُم اللهُ- مِن الصَّلاة والصَّدَقات، وقراءةِ القرآن الكريم بالتَّدبُّر، والتَّعقُّل، والتَّسبيح، والتَّحميد، والتَّهليل، والتَّكبير، والاستِغفار، والإكثارِ مِن الصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله ﷺ، والإحسانِ إلى الفقراء والمساكينِ والأيتام، والأمرِ بالمعروف والنَّهيِ عن المنكر، والدَّعوةِ إلى الله- سُبحانه- بِالحكمة، والموعظة الحسنة، والمجادَلةِ بالتي هي أحسن.(*)
هذه وصيَّة جامعة من سماحة الشَّيخ ابن باز -رحمهُ الله- في حث الناس على الاعمالِ الصالحة واستغلال الأوقات والدَّقائق واللحظات في هذا الشَّهر الكريم المبارك -أكرمنا الله-تعالى-وإيَّاكم-.
قوله -في آخر الكلام-: «والإكثارِ مِن الصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله ﷺ» الرَّسول الكريم -عليه الصَّلاة والسَّلام- يقول: «إنَّ أقْرَبَكم مِنِّي مَجلِسًا يومَ القيامة أكثرُكُم عَليَّ صلاةً»؛ فلنحرصْ على الصَّلاة على النَّبي ﷺ، البخيلُ مَن ذُكر عنده رسولُ الله ﷺ ولم يُصلِّ عليه.
ولْننبِّه -ههنا- تنبيهًا: أن البعض -للأسف-حتى بعض أهل العلم وطُلاب العلم- أراهم إذا ذَكروا النَّبي ﷺ؛ يَخطُفون الصَّلاة خَطْفًا! فيقولون: (صلَسَلَّم.. صلَسَلَّم)! هذا لا يَليق، ولا يجوز، ولا ينبغي!
نحن نُنبِّه عليهم أن يكونوا على وعيٍ وعلى وُضوح في الحروف في الصَّلاة على النَّبي ﷺ، فمن صلَّى على النَّبي ﷺ مرَّة؛ صلَّى الله بها عليه عشرًا، ومَن صلَّى عليه عشرًا؛ صلَّى اللهُ بها عليه مئة -كما أخبر النَّبي ﷺ-.

وقد كان رسولُ الله ﷺ أجودَ النَّاس، وكان أجْوَدَ ما يكون في رمضان، فاقتْدَوا به -رحِمَكُم اللهُ- في مُضاعفة الْجُود والإحسانِ في شهرِ رمضان.
الإمام ابن القيِّم -رحمه الله- في كتابه «مدارج السَّالكين» يتكلَّم عن هذا الحديث وعن صِفة الجود كثيرًا، ويُطوِّل.
فأوَّل ما نَقرأ: «كان أجْوَدَ ما يكون في رمضان» نَظنُّ أن الأمرَ متعلِّق بالمال والنَّفقة؛ هذا غير صحيح؛ هذا باب من أبواب الجود.
الْجُود في العمل الصَّالح، الْجُود في الجاه، الْجُود في أعمال الْبِر، الْجُود في الاستقامة على أمرِ الله، الْجُود في التعلُّم والتَّعليم.. وهكذا.
الْجُود بابٌ فسيحٌ في العطاء، ليس صورةً واحدة -ولا شيئًا واحدًا-.

فاقتْدَوا به -رحِمَكُم اللهُ- في مُضاعفة الْجُود والإحسانِ في شهرِ رمضان، وأَعِينوا إِخوانُكم الفقراءَ على الصِّيامِ والقيام، واحْتَسِبوا أجرَ ذلك عند الملِكِ الْعَلَّام، واحْفَظُوا صِيامَكُم عمَّا حرَّمهُ اللهُ عليكم مِن الأوزار والآثام؛ فقد صحَّ عن النَّبيِّ ﷺ أنه قال: «مَن لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ وَالْجَهْلَ؛ فَلَيْسَ لِلهِ حَاجةٌ في أنْ يَدَعَ طَعامَهُ وَشَرابَهُ».
إذن: الصِّيام ليس -فقط- امتناعًا عن الطعام والشَّراب.
نعم؛ هذا أصل؛ لكنَّ الأصل الذي هو أهم: الأصل التَّربوي..الأصل الْمَسلكي..الأصل الأخلاقي في الصِّيام.
اليوم: النَّاس -وللأسف- يَكادون يتنافسون أيُّهم أسوأ أخلاقًا في رمضان! خاصة -معذرةً- الأزواج في البيوت -خاصَّة مع الحجر وأوضاع (الكروونا)-! وأنا كنت نزَّلت فيديو صغير حول هذا الموضوع لعل الإخوة يرجعون إليه.
نحن نريد أن نكونَ حريصين في سُلوكنا، وفي أقوالِنا، وفي أفعالِنا، وفي ضبطِ أخلاقِنا -ما استطعنا إلى ذلك سبيلًا-.

وقالﷺ: «الصِّيامُ جُنَّة، فإذا كانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكِمْ: فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ، فَإْنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أوْ قَاتَلَهُ؛ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِم».
«فَلْيَقُلْ»: باللِّسان -لا يَقولُها في نفسِه-؛ حتى يسمعَها الْمُجادِل أو المسيء -لعلَّه يَرتدِع ويرتَجِع-.
وبعضُ النَّاس يقول: (اللَّهمَّ! إنِّي صَائِم) هذه زيادة (اللَّهمَّ) لا تصحُّ ولا تثبُت في الحديث؛ وإنَّما يقول: «إنِّي صَائِم» هذا هو المنقول عن النَّبيِّ الكريم -صلواتُ الله وسلامُه عليه-.
والحديث في «صحيح» الإمام البخاري.

وجاء عنه ﷺ أنَّه قال: «لَيْسَ الصِّيامُ عَنِ الطَّعامِ والشَّرابِ؛ وَإنَّما الصِّيامُ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ».
يعني: كأنَّه يقول: «لَيْسَ الصِّيامُ عَنِ الطَّعامِ والشَّرابِ» (فقط)؛ وإنَّما مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ؛ كما قُلنا: الصِّيام فيه إصلاحٌ للجسد، وتهذيبٌ للرُّوح، هذا هو الصِّيام، وهذه حقيقتُه، وهذا -هو- معناه، وذكرنا بعضَ الأحاديث الدَّالة على هذا المعنى.




انتهى المجلس السَّابع



____________
(*) من قوله: «والأمر بالمعروف..» إلى آخر الفقرة؛ لم يقرأه الشَّيخ -رحمه الله-.
رد مع اقتباس