عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 04-23-2021, 01:54 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

المجلس العاشِر
-والأخير-




واحذرُوا- رَحِمَكم الله- كلَّ ما يَجرحُ الصَّوم، ويَنقُص الأجرَ، ويُغضبُ الرَّبَّ- عزَّ وجلَّ- من سائرِ المعاصي.
المعاصي في غير رمضان آثام، فوُجودها في رمضان آثامٌ أكبر؛ لكن: لا نقول بأنَّ المعصية تتضاعف في رمضان -كما يقول بعضُ الوعَّاظ-وما أشبه ذلك-...
لكن: مِن حيثُ عظمة الشَّهر؛ فلا شكَّ أن لِهذا تأثيرًا في عظمة المعصية.

واحذرُوا- رَحِمَكم الله- كلَّ ما يَجرحُ الصَّوم، ويَنقُص الأجرَ، ويُغضبُ الرَّبَّ- عزَّ وجلَّ- من سائرِ المعاصي؛ كالرِّبا، والزِّنا، والسَّرِقة، وقتلِ النَّفس بِغير حقٍّ، وأكلِ أموالِ اليتامى، وأنواعِ الظُّلم -في النَّفس والمال والْعِرض-، والْغِش في المعاملات، والخيانةِ للأمانات، وعُقوق الوالدَين، وقَطيعة الرَّحِم، والشَّحناء، والتَّهاجُر في غير حقِّ الله -سُبحانه وتَعالى-، وشُربِ الْمُسكِرات وأنواع الْمُخدِّرات -كَالقاتِ والدُّخان-، والْغِيبةِ والنَّميمة، والكذب وشهادةِ الزُّور، والدَّعاوى الباطلة والأيمان الكاذبة، وحَلقِ اللِّحَى وتقصيرها، وإطالةِ الشَّوارب، والتَّكبُّر، وإسبالِ الملابس، واستماعِ الأغاني وآلاتِ الملاهي، وتبرُّج النِّساء وعدم تستُّرِهِنَّ مِن الرِّجال، والتَّشبُّه بِنِساءِ الكفرةِ في لبسِ الثِّياب القصيرة، وغير ذلك ممَّا نهى اللهُ عنه ورسولُه.
لو أردنا أن نقفَ عند كلِّ جزئيَّة من هذه الجزئيَّات نصف دقيقة؛ سيحتاج معنا الأمر في الشَّرح إلى نحو نصف ساعة -أو أقل، أو أكثر-..
لكن: وأنا أقرأ -الحقيقة-على كثرة النِّقاط التي أشار إليها سماحةُ الشَّيخ-رحمهُ الله-: خطر في بالي وانقدح في قلبي أن أعلِّق -تعليقًا- على قولِه: «والْغِش في المعاملات».
المقصود بـ«الْغِش في المعاملات» أي تعامُل بين الناس.
لكن: الحقيقة -لا أُخفيكم..وأصارِحُكم- أن الذي وقع في قلبي: ما يتعلَّق بالغش في الاختبارات المدرسيَّة والجامعيَّة، وبخاصَّة ما يجري -الآن- في التَّدريس مِن بُعد -كما هو الحال؛ بِسبب الحجر المنزلي وإغلاق الجامعات والمدارس-.
وقد سألني هذا السُّؤال بعضُ الإخوة -قريبًا-.
فأنا أقول: ابتداءً؛ يَعرف المدرِّسون والمسؤولون أنَّ الطالب في بيتِه -الذي تأتيه الأسئلة- قد يكونُ معه زميلُه، وقد يَفتح الكتاب؛ هذا شيء معروف -معذرةً-، ولا أستطيع أن أقول: (هو غِش)! -وإن كان هو غِشًّا-! هو -في الحقيقة- غِش! لكن: لا أستطيع أن أقول: (هو غِش)! لماذا؟ بِسبب أنَّ الجهات المسؤولة يَغلب على ظنِّها هذا، وغَلبةُ الظَّنِّ تكفي.
لكن: أنا أعلمُ -مِن خلال بعض الزِّيارات التي كنت أزورُها إلى بعضِ الدُّول الأوروبيَّة والأمريكيَّة-قديمًا-من أوائل التِّسعينِيَّات-: أن -هنالك- جامعات -فِعلًا- في التَّعليم مِن بُعد -مِن قديم-، نحن لم يُقرَّر -عندنا- التَّعليم مِن بُعد إلا بِسبب هذه الظُّروف، وأتوقَّع -بعد انتهاء أزمة (كورونا)- أن تستمر -ممكن- بِتقنينات معيَّنة، وما أشبه ذلك-.
لكن أنا أقول: الذي كان يَجري -في أمريكا، أو في أوروبا- يَسمحون لهم أن يَفتحوا الكتب ما شاؤوا؛ لكن: الأسئلة ليست أسئلة -كما يُقال- مِن الكتاب؛ هي: أسئلة استِنتاجيَّة استِنباطيَّة!
يعني: يقول لك: (افتَح الكتاب) وتَقرأ الكتاب، إذا لم تكن فاهمًا للدَّرس؛ لن تستيطع أن تجيب!
فلماذا لا يكون هذا الأمر بهذه الصُّورة، والامتِحانات عن بُعد بهذه الصُّورة؛ حتى نجتنِب الغشَّ -بكافَّة صُوَره-، ويكون -في ذلك- راحة لِلمدرِّسين والمعلمين والجهات المسؤولة -إضافة إلى الطَّلبة وأولياء أمورهم-؟
لا شكَّ؛ أنَّ هذا قد يُتعب الجهات المختصَّة والمعلِّمين والمدرِّسين؛ لكن: هو -في النِّهاية- مرحلة متقدِّمة -جدًّا-، يَستفيد منها الطَّلبة، ويتميَّز مِن بينهم الْمُجِدُّ من الكسلام -وما أشبه ذلك-.
هذا شيءٌ وقع في قلبي؛ فأحببتُ المسارعة به، والله المستعان.

وهذه المعاصي -التي ذكرنا- مُحرَّمةٌ في كلِّ زمان ومكان؛ ولكنَّها في رمضان أشدُّ تحريمًا وأعظمُ إثمًا؛ لِفَضْل الزَّمان وحُرمَتِه.
وأنا أقول: لو كانت هذه المعاصي وقعتْ في رمضان وفي مكَّة، أو في المدينة، أو في أحدِ الْحَرَمَين الشَّريفين، أو أحدِ المساجد الثلاثة؛ أليس الإثم أعظم؟ بَلى.
إذَن: الزَّمان والمكان له دور في تعظيم الإثمِ والمعصية.
لكن: لا نستطيع أن نقول: إن الأمر يتضاعف.
قد يتضاعفُ مِن حيث الْقَدْر وعَظمة الفعل؛ لكن: لا أستطيع أن أقول (يتضاعف)؛ يعني -مثلًا- المعصية بِمئة معصية، أو سبعمئة معصية -وما أشبه ذلك-.

فاتَّقوا الله -أيُّها المسلمون-، واحذروا ما نهاكُم اللهُ عنه ورسولُه، واستقيموا على طاعتِه في رمضانَ وغيرِه، وتواصَوا بِذلك، وتَعاوَنوا عليه، وتآمَروا بالمعروف.
يعني: ائتمِروا، الآن أنا لا أدري هل (ائتمِروا) مثل (تآمَروا) -في اللغة العربية- بِنفس المعنى؟ أم لكلٍّ منهما معنى؟ هذا يحتاج مني إلى بحث.

وتَناهَوا عن المنكر؛ لِتفوزوا بِالكرامة والسَّعادة والعزَّةِ والنَّجاة في الدُّنيا والآخرة.
واللهَ -تَعالى- المسؤول أن يعيذَنا وإيَّاكم وسائر المسلمين مِن أسباب غضبِه، وأن يتقبَّل منَّا -جميعًا- صيامَنا وقيامَنا، وأن يُصلحَ وُلاةَ أمر المسلمين، وأن يَنصر بهم دينَه، ويخذلَ بهم أعداءَه، وأن يوفِّق الجميع لِلفقهِ في الدِّين والثَّبات عليه، والْحُكمِ به، والتَّحاكم إليه في كلِّ شيء؛ إنَّه على كل شيء قدير.
وصلَّى الله وسلَّم وبارَك على عبده ورسوله نبيِّنا محمَّد، وعلى آلِه، وصحبِه، ومَن سار على نهجِه إلى يوم الدِّين.
والسَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.
هذا آخر كلام الشَّيخ ابنِ باز في رسالة «فضل صوم رمضان وقيامه»، وهي رسالة موجَزة، ووجيزة؛ لكنَّها عِلميَّة وعزيزة، وغاليةٌ وعظيمة وجليلة، رحمهُ الله -تعالى-.




انتهى المجلس العاشِر
-والأخير-
في مجالس التعليق على رسالةِ الشَّيخ ابنِ باز -رحمه الله-:
«فضل صوم رمضان وقيامه»
والحمد لله رب العالمين
رد مع اقتباس