عرض مشاركة واحدة
  #27  
قديم 10-01-2013, 03:43 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي هل من السنة الطواف كلما دخل الحرم ؟.

هل من السنة الطواف كلما دخل الحرم ؟.

السؤال:
بعض الحجاج يأتون إلي مكة في وقت مبكر وكل يوم ينزلون إلى الحرم للطواف والجلوس فيه، مما يحدث زحمة في الحرم لكثرة القادمين للحج فهل هذا من السنة أو ما حكمه وفقكم الله ؟.

جواب فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى - : ليس من السنة للحاج أن يُكثر الطواف بالبيت، بل السنة في حقه أن يتبع في ذلك هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

في حجة الوداع قدم إلى مكة في اليوم الرابع من ذي الحجة وطاف طواف القدوم، ثم طاف طواف الإفاضة يوم العيد، ثم طاف طواف الوداع صبيحة اليوم الرابع عشر، فلم يطف بالكعبة إلا ثلاث مرات فقط.

وكل هذه الأطوفة أطوفة نسكٍ لابد منها، فعَمَلُ بعض الناس الآن بترددهم على البيت في أيام الحج هذا ليس مشروعاً، وقد أقول إنهم إلى الإثم أقرب منهم إلي الأجر، لأنهم يُضَيّقون المكان على من يؤدون مناسك الحج والعمرة، وليس ذلك من الأمور المشروعة فيحصل في فعلهم هذا أذية بدون قصد مشروع، فينبغي للمسلم أن يكون عابد لله - تعالى - بحسب الهدى، لا بحسب الهوى.

فالعبادة طريق مشروع من قبل الله ورسوله، وليست طريقاً مشروعاً بحسب ما تهوى، وما أكثر المحبين للخير الذين يعبدون الله - تعالى - بأهوائهم، ولا يتبعون في ذلك ما جاء في شرع الله وهذا شيء كثير في الحج وفي غيره.

ولكن الذي ينبغي للإنسان أن يُعَود نفسه على التعبد لما جاء عن الله ورسوله فقط، ويمشي معه، ولو ذهبنا نضرب لذلك أمثلة لكثرت، لكننا لا بأس أن نذكر بعض الأمثلة مثلاً :

بعض الناس إذا جاء والإمام راكع تجده يسرع لإدراك الركعة، وهذا خلاف المشروع فإن الرسول عليه الصلاة يقول لا تسرعوا، وقال لأبي بكرة : (لا تعد) لمَّا أسرع.

ومن ذلك أيضًا : أن بعض الناس في الطواف يبدءون من قبل الحجر الأسود يقولون : نفعل هذا احتياطا، ولكن الاحتياط حقيقة هو في إتباع السنة، فالمشروع أن يبدءوا من الحجر نفسه، وأن ينتهوا أيضًا بالحجر نفسه، والذي أدعو إليه إخواننا المسلمين : أن يكونوا في هذا العمل وغيره متبعين للسنة، فأن يتحروا البداءة من الحجر والانتهاء بالحجر.

ومن ذلك أيضًا : أن بعض الناس عندما يتسحر في يوم الصيام، يمسك عن الأكل والشرب قبل الفجر معتقدًا أن ذلك واجب عليه، حتى إن في بعض المذكرات المواقيت يُقولون وقت الإمساك وقت الفجر فيجعلون الوقتين وقتًا للإمساك ووقتًا للفجر، وهذا أيضا خلاف المشروع فإن الله - تعالى - يقول : ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ .

وقال النبي - عليه الصلاة والسلام - كلوا وأشربوا حتى تسمعوا آذان أبن أمّ مكتوم، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر، فلا وجه لكون الإنسان يحتاط فيمسك قبل طلوع الفجر.

وإنما السنة أن يكون كما أمر الله، وكما أمر رسوله - صلى الله عليه وسلم - ولقد نبه النبي - عليه الصلاة والسلام - إلى أن الاحتياط للعبادة بسبقها، أمرُُُ ليس بالمشروع ولا بالمحبوب إلى الله - عز وجل - في قوله - صلى الله عليه وسلم - : (لا تُقَدمَوا رمضان بصوم يوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فليصمه) فهذه ثلاثة أمثله في الصلاة وفي الحج وفي الصيام.

مكتبة الفتاوى : فتاوى نور على الدرب (نصية) : الحج والجهاد.

وقد تقدم قول محدث العصر فضيلة الشيخ الألباني – رحمه الله تعالى - : [أما حديث : (تحية البيت الطواف). حديث [لا أصل له]. [1].

ولا أعلم في السنة القولية أو العملية ما يشهد لمعناه، بل إن عموم الأدلة الواردة في الصلاة قبل الجلوس في المسجد تشمل المسجد الحرام أيضا.

و القول بأن تحيته الطواف مخالف للعموم المشار إليه، فلا يقبل إلا بعد ثبوته.

وهيهات ! لا سيما و قد ثبت بالتجربة أنه لا يمكن للداخل إلى المسجد الحرام الطواف كلما دخل المسجد في أيام المواسم، فالحمد لله الذي جعل في الأمر سعة، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}

وإن مما ينبغي التنبه له : أن هذا الحكم إنما هو بالنسبة لغير المحرم، وإلا فالسنة في حقه - أي : المحرم - أن يبدأ بالطواف ثم بالركعتين بعده. انظر : بدع الحج والعمرة في رسالتي "مناسك الحج و العمرة". رقم البدعة (37)] ا هـ. [2].

ـــــــــــــــــــــ
[1]. انظر : [السلسلة الضعيفة رقم 1012].
[2]. انظر : [نظم الفرائد مما في سلسلتي الألباني من فوائد. (ص : 562) لعبد اللطيف بن محمد بن أبي ربيع].

__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس