عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-25-2021, 04:40 PM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

اللِّقاء الثَّالث
(11 شعبان 1441)



1. السُّؤال:
حول موضوع رواتب وأجور العُمَّال الذين اقتضتْ ظُروف الحَجر الصِّحِّي والظُّروف العسِرة -هذه-التي نمر بها- أن لا تَعْملَ أماكنُ عملِهم -وبالتَّالي هم جالِسون في بيوتهم-؛ فهل يجبُ على أصحابِ العَمل وأرباب العمل أن يدفعوا لهم أجورَهم؟
الجواب:
الحقيقة: أنَّ هذه قضيَّة دقيقة -نوعًا-ما-، ولا نريد أن نتعجَّل الجواب؛ لأنَّه لا بُد أن تقوم الحكوماتُ والجهات المختصَّة المسؤولة بترتيب هذه الظُّروف وضَبطِها؛ لأن القضيَّة -في الحقيقة- ستكون أوسع من ذلك، ليست مجرَّد -فقط- عامِل وصاحِب عمل، أخشى أن تكون الأمور أكثر مِن ذلك.
مثلًا؛ المدارس الخاصَّة: المدارس الخاصَّة تأخذ مِن آباءِ وأولياء أمور الطُّلاب، وبالمقابل تدفعُ للموظَّفين -مِن المدرِّسين وغيرهم-، هل يجب على أولياء الأمور أن يَدفعوا للمدارس الخاصَّة؟ وهل يجب على المدارسِ الخاصَّة أن تدفعَ للأساتذة أو المدرِّسين والمعلِّمين؟
القضية مُتداخِلة -نوعًا-ما-، ومعقَّدة، والبلاء عام -أصاب الجميع-؛ ولذلك: التَّمهُّل في هذا الباب، وعدم التعجُّل بالفتيا به أولى -وأَوْلى-.

2. السُّؤال:
طلب نصيحة حول التفرُّق والهجر بين السَّلفيِّين؟
الجواب:
الحقيقة؛ الهَجر والتَّفرُّق بين السَّلفيِّين: هذا فعلٌ غير مشروع، وغير مقبول -في دِين، ولا في دنيا، ولا في أخلاق، ولا في سُلوك-، وهو يُخالف منهجَ السَّلف الصَّالح -رضي الله عنهم- الذي قد يتشبَّه البعضُ ببعضِ ما ورد عنهم -رضي اللهُ عنهم- في أمور؛ لكن: القضيَّة ليست بهذه السُّهولة!
السَّلف الصَّالح عندما كانوا يَهجُرون في بعض الأمور؛ أولًا: كانت ظروفهم خيرًا مِن الظُّروف التي نعيشها الآن.
ثانيًا: كان دينُهم وتديُّنهم والتزامُهم أشدَّ وأقوى ممَّا نحن عليه.
ثالثًا: في الغالب؛ يكون ذلك مَبنيًّا على مصلحةٍ راجِحة؛ اليوم أكثر التَّفرُّق والهجر يترتَّب عليه مفسدة راجحة!
نقطة أخرى -وليست الأخيرة-ولا أريد أن أطوِّل-: أنَّ أكثرَ الهجر -أيضًا- كان على قضايا عِلميَّة منهجيَّة كُبرى، ذات تأصيلٍ وأصول، وليست مسائل اجتهاديَّة قد يكون المهجور على صوابٍ أكثر مِن الهاجِر في ذلك.
وï´؟لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللهِ كَاشِفَةٌï´¾، واللهُ الهادي إلى سواء السَّبيل.

3. السُّؤال:
ما رأيكَ في تفسير «التَّسهيل» لابنِ جُزيٍّ الكلبيِّ؟
الجواب:
الحقيقة؛ تفسيرٌ جيِّد ومُفيد ونافع؛لكن: عليه بعض مُؤاخذات في باب تأويل الصِّفات -مُخالِفًا في ذلك منهج السَّلف-.
فمَن تيقّظ لهذه الجزئيَّة -التي هي شيءٌ مهم-في الحقيقة- يستفيد -إن شاء اللهُ-.
وخيرٌ منه: تفسير الشَّيخ الإمام ابنِ كثير -رحمهُ الله-، والبَغَوي -رحمهُ الله-.
و هنالك تفسيرٌ يَخفى على الكثيرين، وهو -يكاد- يُنافس التَّفسيرَين -المذكورين-آنفًا-، وهو: (تفسير الإمام السَّمعاني)،مطبوع -أظن- في خمسة أو ستَّة مجلدات،كتاب مُهمٌّ -ومُهمٌ جدًّا-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

4. السُّؤال:
ما حكم التَّكبير في السَّماعات، والذِّكر -وما أشبه-؟
الجواب:
الحقيقة.. إذا لم يكن هنالك أمرٌ مُلزِم من الجهات المسؤولة: الأصلُ عدم ذلك؛ لأنَّ الأصلَ في الذِّكر والتَّكبير: هو السِّرُّ.
النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- عندما رأى الصَّحابة يَجهَرون،قال: «إنكم لا تَدْعون أصمَّ ولا غائبًا،إنكم تَدْعون إلهًا أقربَ إلى أحدِكم مِن عنق راحلتِه، اربَعُوا على أنفسكم»؛ فهذا هو الأصلُ في الذِّكر..إلا ما ورد النَّص فيه -كالأذان، والتَّلبية، وبعض الأشياء في ذلك-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

5. السُّؤال:
ما حُكم قول: (صَلُّوا في الرِّحال)؟
الجواب:
الحقيقة..كلمة (صلُّوا في الرِّحال) يقولُها المؤذِّن: إمَّا بعد انتهاء الأذان، أو بَدلًا مِن (حيَّ على الصَّلاة، حيَّ على الفلاح)،وبعضُ أهل العِلمِ يقول: بعد ذلك؛ فالأمر فيه سَعة -إن شاء اللهُ-.

6. السُّؤال:
هل الكمامة تُغني عن وضعِ اليد على الفم عند التَّثاؤب؟
الجواب:
أصلًا: لا يوجَد دليلٌ على وضع اليد على الفمِ عند التَّثاؤُب؛ لأنَّ الرَّسولَ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- قال: «فلْيَكْظِمْ ما استَطاع» المقصود: كظمُ وكَبت التَّثاؤب -ليس بِوضعِ اليُمنى أو اليُسرى، أو ظاهِر اليد أو باطِن اليد -كما يتساءل بعضُ النَّاس- في ذلك.
هذا هو الجواب -واللهُ أعلم-.
لذلك: إذا كانت الكمامة تستطيع كَبتَ وكتمَ وكظمَ التَّثاؤب؛ تُغني؛ لكن: أنا أظنُّها ليست كذلك. (*)

7. السُّؤال:
في ظلِّ إغلاق المساجد؛ هل مَن وجَدَ ساحةَ مسجدٍ مفتوحةً: له أن يُصلِّي فيها مع الجماعة، أم يُعتَبَر ذلك مخالفة؟
الجواب:
يا إخواني! يا جماعة الخير -كما يقولون-! أصلًا إغلاق المساجد؛ حِرصًا على أن لا يوجدَ اجتماعٌ للنَّاس؛ لأنَّ هذا الوباء، وهذا الفيروس يَنتقل بالاجتماع.
وكُلُّكم يَعرف أحوال العُرس -الذي جرى في بعض محافظات الأردن-، وكيف أثّر هذا العُرسُ تأثيرًا كبيرًا على عدد مِن الحاضِرين -وعدد كبير جدًّا-،و-الحمد لله-الآن- مِن فضل الله؛ الأمور تحت السَّيطرة -كما يُخبر المسؤولون الصِّحِّيُّون في ذلك-.
واللهُ -تعالى- أعلى وأعلَمُ.

8. السُّؤال:
هل يصحُّ أن نقول: الْمُباح فِعلُه وتركُه سواء؟
الجواب:
نعم؛ الْمُباح غير الْمُستحبِّ، الْمُباح: إذا فَعلتَه أو تركتَه؛ فهو سَواء -ما لم يترتَّب ضرر-.
يعني: شُربُ الماء والأكل مُباح، تركتَه أو فعلتَه.
لكن؛ بالمقابل: مَن تركَ الطَّعام حتى وقع عليه ضررٌ؛ هذا لا يجوز.. وهكذا.

9. السُّؤال:
هل الذي يموت بسبب الطَّاعون يكون بمنزلةِ -ودرجة- الذين قُتِلوا في الجهاد الشَّرعي؟
الجواب:
...هذا مِن باب الرَّجاء، أمَّا الجَزم؛ فالنَّصُّ وارِدٌ في الطَّاعون -وليس في أيِّ وباء-.
وكلُّ طاعونٍ وباءٌ، وليس كلُّ وباءٍ طاعونًا.
الطَّاعون لا يدخلُ المدينةَ النَّبويَّة؛ بينما الوباءُ يدخُلها، والأوبئة تَدخلها.
هذا تفريقٌ مُهمٌّ أرجو التَّنبُّهَ إليه.

10. السُّؤال:
هنالك مَن يزعُم أنَّ هنالك فَرقًا بين إغلاق المساجد وبين الإغلاق الذي كان في الزَّمن الماضي -أيَّام الأوبئة والطَّواعين-؟
الجواب:
نقول: لا فَرْق، بالعكس؛قد يكون هذا أهمَّ وأَوْلى؛ لأنَّ فيه احتياطًا في أمرٍ راجِح.
أمَّا أن نَقِيسَ الأقيسةَ على الوباء السَّابق؛ ذَكَرْنا -أيضًا- في مجلسٍ قريب-أمسِ، أو أوَّل أمس-: ...أخبرنا النَّبي -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام- أنَّه ستوجَد أوبئةٌ لا توجد فيمَن كان قبلكم؛ فكيف نُعامِل الأوبئةَ بِدرجةٍ واحدة وهي مُتفاوتة!؟

11. السُّؤال:
هل في رفعِ الأذان منفعةٌ للنَّاس -مُسلمين، وكفارًا-،وإسماعهم الأذان؟
الجواب:
لا شكَّ -ولا رَيب-؛ الله -سُبحانهُ وتَعالى- لمَّا يَشرع مثلَ هذه الأحكام -في كتابِه، أو على سُنَّة نبيِّه-عليهِ الصَّلاةُ والسَّلام-؛ ففيها مِن الحِكَم، وفيها مِن الأحكام ما إذا أدركنا بعضَه قد يَفوتُنا بعضٌ آخر.
فلا شكَّ أنَّ في ذلك عِبَرًا -ولا أقول: عبرة واحدة-.

12. السُّؤال:
ما هو أفضلُ كتابٍ عن حياةِ الشَّيخ الألباني -رحمهُ اللهُ-تعالى-؟
الجواب:
الحقيقة: هنالك عدَّة كتبٍ في ذلك في هذا الموضوع، وهنالك رسائل ماجستير ودكتوراه.
وأنا ألَّفتُ رسالتَين في هذا الموضوع، رسالة بعنوان: «مع محدِّث العصر»، ورسالة بعنوان: «مع شيخِنا ناصر السُّنَّة والدِّين في شهور حياتِه الأخيرة»، وأظنُّ أنَّ فيهما -أعني: هاتَين الرِّسالتَين- ما ليس في غيرِهما، وأرجو الله أن ينفع بهما.
وأمَّا -الحقيقة- أوَّل كتاب -وهو كتاب كبير-في مجلَّدين-أُلِّف في حياة شيخِنا الشَّيخ الألباني-رحمه الله-: هو كتاب الأخ الشَّيخ الفاضل محمَّد بن إبراهيم الشَّيباني الذي عنوانُه: «حياة الألبانيِّ، [وآثارُه]»... هذا كتاب كبير، وفيه فوائد -إن شاء الله-، وإن كان ألِّف قديمًا -قبل أكثر من عشرين سَنة-أو زيادة-حتى-؛ لكن فيه خير، وفيه بركة -إن شاء الله-.

13. السُّؤال:
ما حُكم مَن لم يكن عنده عادة صوم الاثنين والخميس، وبسببِ هذا الحظرِ بدأ الصَّوم، فهل له أن يُكمل الصِّيام إلى آخر شعبان؟
الجواب:
أمَّا النِّصف الأوَّل: فلا بأس في ذلك.
أمَّا النِّصف الثَّاني: فأنا أقول: من باب الأفضليَّة ألَّا يفعل؛ لأنَّه هنالك حديثًا -يُصحِّحه بعضُ أهل العلم، ويَستنبطون منه- أنَّ النَّبي -عليهِ الصَّلاة والسَّلام- قال: «إذا انتصفَ شعبانُ؛ فلا تَصوموا» ولو مِن ناحية الأولويَّة والأفضليَّة -كما قلنا-، وليس من ناحية التَّحريم، و«خيرُ الهَدي هديُ محمَّد ï·؛».

14. السُّؤال:
عن ابن سِينا؟
الجواب:
ابن سينا شخصيَّة عربيَّة مشهورة، وهو طبيب؛ لكن -للأسف-: كان عنده مِن العقائد الفاسدةِ الشَّيءُ الكثير، فمَن أثنى عليه في طِبِّه؛ لا مانع في ذلك -كما نُثني على أيِّ طبيب-بِغضِّ النَّظر عن دينِه ومذهبِه-ممَّا فعل مِن نفعٍ للبشريَّة-.
أمَّا إشهارُه والثَّناءُ عليه مِن النَّاحية الاعتِقاديَّة؛ فلا -لأنَّ كثيرًا من أهلِ العلم تكلَّموا فيه كلامًا شديدًا وغليظًا -أعني: ابن سِينا-.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

15. السُّؤال:
ما هو القولُ الفَصل في التَّفريق بين النَّبي والرَّسول؟
الجواب:
ابتداءً: لا يوجد قولٌ فصْل؛ لأنَّ المسألة خلافيَّة كبيرة بين أهل العلم، والحقيقة؛ لا يترتَّب عليها كبيرُ عمل.
نحن مأمورون بِتعظيم الأنبياءِ والرُّسل -جميعًا-، والإيمانِ بالأنبياءِ والرُّسل -جميعًا-، وإيمانُنا بهم على وجهَين:
الوجه الأوَّل: الإيمان الإجمالي بكلِّ نبيٍّ أو رسول أرسلَه الله -سبحانه في عُلاه-.
والنَّوع الثَّاني: الإيمان بمَن ذكرهم اللهُ -تعالى- أو رسولُه ï·؛ مِن أسماء مُعيَّنة في هؤلاء الرُّسُل.
فالإيمان مُجمَل ومفصَّل.

16. السُّؤال:
هل يصحُّ أن يُقال: إنَّ الإمام مسلمًا ليس له الشَّيء الكثير في باب العِلل، بخلافِ الدَّارقُطني؟
الجواب:
الحقيقة؛ مُقارنة الدَّارقُطني بمُسلِم -أو العكس-: مقارنة غير دقيقة، لأنَّ الإمام مُسلمًا -رحمهُ الله- كان له شروطٌ دقيقة وعميقة في أصلِ الرِّواية وصحَّة الرِّواية، فكيف يُقاس عليه كتاب الدَّارقُطني الذي ليس له هذا الشَّرط -ولا يَلزَمُه-أصلًا-، فضلًا أنَّ الإمام مسلِمًا له كتاب اسمُه: «التَّمييز» لم تُطبَع منه إلا قطعة صغيرة تدلُّ على ألمعيَّة كُبرى، فضلًا عن (مُقدِّمته) البديعة التي تكلَّم فيها على فنونٍ في علم الحديث وقواعد مُهمَّة -ومهمَّة جدًّا-في هذا الباب-.
فالقياس ليس بِدَقيق، ولا بِصَحيح -لا مِن حيث الواقع، ولا مِن حيث العلم-.

17. السُّؤال:
هل يُعد هذا الوباءُ طاعونًا -وقد فرَّق ابنُ حجر بين الطَّاعون والوباء-؟
الجواب:
نقول: لا؛ ليس بِطاعون.
هذا وباء، وذَكرنا -مِرارًا-: أنَّ كل طاعونٍ وباء، وليس كلُّ وباءٍ طاعونًا.

18. السُّؤال:
مَن هم الْمُرجِئة؟
الجواب:
الْمُرجِئة فِرقةٌ ضالَّة مُضِلَّة تقول أنَّ الإيمانَ فقط في القلب، وليس للأعمال صِلةٌ بهذا الإيمان -فالفاسِق والطَّائع؛ كلاهُما سواء!-؛ هذا هو الاعتقاد الفاسِد في أصلِ بابِ الإرجاء.
لذلك: نُقِل عن ابن المبارَك والإمام أحمد والبربهاري وغيرهم -من أئمة السُّنة- قال: «مَن قال: (إنَّ الإيمانَ يزيد وينقص)؛ فقد خرج مِن الإرجاء -كلِّه-»، وفي رواية: «مَن قال: (الإيمان يَزيد وينقص)؛ فقد برئَ من الإرجاء».
واليوم صارت كلمةُ الإرجاء تُهمة معلَّبة ومُغلَّفة وجاهزة يُطعن بها أهلُ السُّنَّة -أو بعضُ أهل السُّنَّة- لمجرَّد المخالَفة في مسائل -قد تكون سياسيَّة، وقد تكون حزبيَّة، وقد تكون عِلميَّة-توضع في غير موضعها-.
وأنا كتبتُ -في هذا الباب- كتاباتٍ كثيرة، أسأل اللهَ أن يَنفعَني وإيَّاكم، وأن يَنفع بي وبكم.

19. السُّؤال:
ما نصيحتُكم لطالب العلم الذي يريدُ التخصُّص في الفِقه الحنبلي؟
الجواب:
نصيحتي له: أن لا يُغادرَ كتاب «الشَّرح الْمُمتِع» للشَّيخ ابن عثيمين -رحمهُ الله-؛ فهو كتابٌ في الفِقه الحنبلي مع التَّرجيح بحسبِ الدَّليل، مِن إمامٍ عالِم جليل كبير، نشأ حَنبليًّا، وشَرَحَ كُتبَ الحنابلة -مُعظِّمًا للدَّليل، مُرجِّحًا للدَّليل-.

20. السُّؤال:
هل يُطاع ولاة الأمر في البلاد الغربيَّة الكافرة فيما يكون المصلحة العامَّة -مثل: الحجر الصحِّي ومنع التجمُّعات-؟
الجواب:
نقول: يجب؛ يعني: أنت -الآن- في أمريكا أو في أوروبا -مثلًا- وهنالك قوانين تُنظِّم السَّير والطُّرقات -الإشارات الضوئيَّة: أحمر، أصفر، وأخضر-وما أشبه-، هل يجوز أن تخالفها؟
الجواب: لا يجوز، ليس من ناحية طاعة وليِّ الأمر الطَّاعة الشَّرعيَّة؛ ولكن الطَّاعة المرتبطة بالمصلحة العامَّة -من جهة-مصلحة المجتمع-، والمصلحة الخاصَّة المتعلِّقة بك وما قد يترتَّب عليك مِن مشاكل ومِن بلاء يُصيبُك في هذا الباب إذا خالفتَه؛ فكيف الأمرُ في موضوع الحَجر الصِّحِّي -وما أشبه-!؟

21. السُّؤال:
عن تفسير الشَّيخ وهب الزُّحَيلي -رحمهُ الله-؟
الجواب:
تفسير جيِّد -بالجملة-؛ لكن: فيه ضَعف من جِهة الحديث، وفيه -كذلك- ضَعف مِن جهةِ العقيدة وعدم التَّركيز عليها، وعدم الالتزام بِمنهج السَّلف فيها -بشكل عامٍّ-؛ وإلا: له لَفتات طيِّبة، ويُنتفَع به.
وكنتُ قبل قليل سُئلت عن نحو هذا السُّؤال؛ قلتُ: أنصحُ الجميعَ بثلاثة تفاسير مُهمَّة:
تفسير ابن كثير.
تفسير السَّمعاني.
تفسير البَغوي.

22. السُّؤال:
في ظلِّ هذا الوباء: هنالك مَن لم يَحضر جنازةَ قريب أو صديق -للوَضع، أو لعدم سماع، أو لانعدام النقل-؛ هل له أن يُصلِّي على قبرِه -بعد مدَّة-؟
الجواب:
نقول: نعم، الصَّلاة على القبر -بعد مدَّة-لسببٍ، أو آخر-كما حصل مع النَّبي-عليه الصَّلاة والسَّلام-والسَّوداء التي كانت تقمُّ المسجد-؛ لا بأس في ذلك؛ لكن بِشَرط: أن لا تكون المدَّة طويلة، وبعض أهل العلم قال: (لمدَّة شهر) -الإمام أحمد نُقل عنه أنَّه قال: (لمدَّة شهر)-.
لكن: طالما أنَّ المانع -الآن- هذا الوباء والحَجر الصِّحِّي -وما أشبه-، فـ-إن شاء الله- يَزولُ -سريعًا-، ومَن فعل ذلك؛يُجزِئه -إن شاء الله-؛ بل أقول: قد طبَّق السُّنَّة.
مع التَّنبيه إلى: أنَّ صلاة الجنازة -مِن حيث الوجوب والحكم الشَّرعي: هي فرض كفاية، فإذا قام به البعض؛ سقَط عن الباقين.
والله -تعالى- أعلى وأعلم.

23. السُّؤال:
هل يجوزُ القنوتُ في الصَّلوات الخمس باعتبارِ هذا الوباء من النَّوازل؟
الجواب:
ابتداءً: مسألةُ القُنوت في الصَّلوات الخمس اختلف العلماءُ فيها: هل يُقنَت في الجماعة، أم في الانفراد؟
والرَّاجح: أنَّه يجوز في الجماعة وفي الانفراد -طالما أنَّنا-الآن-في ظروف استثنائيَّة-.
وهذا -أيضًا- مِن دلائل التَّفريق بين الطَّاعون والأوبئة؛ لأنَّ بعض العلماء قالوا: الطَّاعون -بِاعتبارِه شهادة- لا يُدعى بِرَفعِه؛ لكن: الأوبئة الأخرى يُدعى بِرفعِها.
والله -تعالى- أعلى وأعلمُ.

24. السُّؤال:
عن خطبة الجمعة، وأداء الجمعة في البيوت؟
الجواب:
تكلمنا في هذا كثيرًا، وكتبتُ عدَّة تغريدات.
هذا ليس له أصلٌ في السُّنَّة، أنتَ مَعذورٌ؛ فتُصلِّي ظُهرًا؛ كما هو المنقول عن ابن عبَّاس، وعن ابن مسعود، وعن غيرهما من الصَّحابة -رضي الله-تعالى-عنهم-أجمعين-.

25. السُّؤال:
بعض النَّاس يدعو: (اللَّهم! اجبُرنا جَبرًا يَتعجَّب منه أهلُ السَّماء والأرض)؛ هل يُشرع مثل هذا الدُّعاء؟
الجواب:
حتى لو كانت ألفاظُه غير مُخالِفة -بغضِّ النَّظر عن هذا اللَّفظ-؛ أخشى أن يكون هذا مِن الاعتداء في الدُّعاء.
لماذا (يَعْجَبُ) و: (لا يَعْجَب)!
لماذا لا تقول: «اللهمَّ! إنَّك عفوٌّ تحبُّ العفوَ؛ فاعفُ عنَّا»؟
لماذا لا تقول: «اللهمَّ! إنَّا نسألكَ العفوَ والعافية»؟
لماذا نحن نبتعدُ عن الأذكار والأدعية المحمديَّة، ونأتي إلى أشياء نخترعها، ثم نسأل عنها؟!
«خيرُ الهَدي هديُ محمَّد -صلى الله عليه وسلم-؛».
لذلك؛ دائمًا وأبدًا -أيها الإخوة-جميعًا-: ننظر إلى الأمور مِن ناحية منهج السَّلف الصَّالح كيف كانوا يَتقرَّبون إلى الله، وكيف كانوا يتَّبعون سُنَّة رسول الله -صلَّى اللهُ عليه وآلِه وسلَّم-.

26. السُّؤال:
ما رأيُكم في كُتب (ماهِر الفَحْل) و(الميليباري)؟
الجواب:
الحقيقة: كُتب الميليباري في باب التَّفريق بين منهج المتقدِّمين والمتأخِّرين كتب غير جيِّدة، وخلاف ما عليه أئمَّة العلم -عبر القُرون-.
وأمَّا كتب الشيخ ماهر الفحل؛ ففيها نفع -إن شاء الله-، رأيتُ له بعض الكتابات -قديمًا- فيها التَّركيز على مثل هذا الأمر؛ لكن -في السَّنوات الأخيرة-ولله الحمد- ظهر في مُؤلَّفاته وتحقيقاته المنهجُ العلمي المتوارَث المنضبِط، ونرجو اللهَ له التَّوفيق والزِّيادة مِن هذا الفضل الذي أكرمه اللهُ به في الثَّبات على المنهج العلمي المتوارث بين أهل العلم -كابرًا عن كابر-رحمهم الله-تعالى-أجمعين-.

27. السُّؤال:
في مثل هذا الوباء: كيف يُصلَّى على الجنائز؟
الجواب:
يَقصد؛ بِسبب الحَجر الصِّحِّي، ومنع التَّجوُّل -وما أشبه-.
أنا أقول: هذا بابٌ مَبنيٌّ على الحُكم الشَّرعي.
الحُكم الشَّرعيُّ يقول: أنَّ صلاةَ الجنازة فرض كفاية، فإذا صلَّى واحد أو اثنان عليها؛ فهذا يُجزِئ.
فلا نُعطي الأمور -أيها الإخوة الأحبَّة- أكثر مِن حجمها.

28. السُّؤال:
عن (تفسير الشَّيخ السّعدي)؟
الجواب:
(تفسير الشَّيخ السّعدي) مُفيد جدًّا، ونافع جدًّا -خاصَّة لِلمبتدِئين، والمتوسِّطين-، وهو قريبُ التَّناوُل، وقريبُ الأخذ في الفائدة منه -إن شاء اللهُ-تعالى-.

29. السُّؤال:
ما هي كُتب الفتوى التي اعتمد أصحابها على قاعدة (مُراعاة الخِلاف) -في الغالب-؟
الجواب:
موضوع (مُراعاة الخِلاف) له أُصولُه؛ كما قال الشَّاعر:
وليسَ كلُّ خلافٍ جاءَ مُعتبرًا ... إلا خِلافٌ له حظٌّ مِنَ النَّظَرِ
الفقيه هو الذي يُراعي الخِلاف؛ لكن: أيُّ خِلاف؟ الخلافُ المعتبَر، ومراعاتُه للخِلاف لا تَمنعُه مِن أن يقول: (هذا خطأ) و(هذا صواب)، لا تَمنعه مِن أن يقول: (لا أدري) -في بعض الأمور-، لا يمنعُه ذلك من أن يتوقَّف -في بعض الأمور-، أو -حتى- أن يَتوسَّع في بعض الأمور.
فالقولُ بمراعاةِ الخلاف إذا خلا مِن الضَّوابط؛ فإنَّ له مفاسد كثيرة -وكثيرة جدًّا-.

30. السُّؤال:
مَن هم الحنابلة الجُدُد؟
الجواب:
(الحنابلة الجُدُد): مصطلح خرجَ -قريبًا- مِن أناسٍ لم يتعلَّموا المذهب الحنبليَّ مِن علمائه وأئمَّته؛ وإنَّما أخذوه في بعض الجامعات عن بعضِ الشُّيوخ -ممَّن خالفو الإمامَ أحمد في الأصول، ووافقوه في (بعضِ) الفُروع-ولا أقول: في الفروع-، وانتسَبوا إليه نسبةً لا أرى مِن ورائِها إلا الْمُناوأة لعلماءِ الحنابلةِ القائمين بمنهجِ السَّلف والثَّابتين على منهج السَّلف في باب الاعتقاد -عُمومًا-، وفي باب تعظيم الدَّليل دون التَّعصُّب للمذهب -خُصوصًا-.

31. السُّؤال:
هل مَن قال: (إن تارِك الصلاة يُقتل حدًّا) دخلت عليه شُبهة الإرجاء؟
الجواب:
يا إخواني! مسألة تارك الصَّلاة: مسألةٌ خِلافيَّة (كُبرى)..هي مِن مسائل الفِقه وليست من مسائل الاعتقاد؛ إلا مَن قال بأنَّ تارك الصَّلاة والْمُصلِّي سيَّان ما داما مؤمنين في القلوب! هذا هو الإرجاء.
أمَّا حُكم تارك الصَّلاة: كافر أو غير كافر..حُكم تارك الصَّلاة: يُقتَل رِدَّة أو يُقتَل حَدًّا..؛ هذه -كلُّها- من مسائل الفِقه، وليست من مسائل الاعتقاد.

32. السُّؤال:
ما حُكم إغلاقِ المساجد ومنعِ الصَّلاة فيها [جماعةً]؟
الجواب:
هذا حُكم قد اتَّفق عليه ولاةُ الأمور -مِن المسؤولين، ومن العلماء-، وما كان كذلك -مِن باب الحرص على الأمَّة في هذا الوباء الذي ينتشر انتشارًا شديدًا-وشديدًا جدًّا-، وقد أخذنا العبرةَ من البلاد التي لم تُراعي هذا الحالَ، ولم تَحتطْ هذه الاحتياطات، وكيف أنَّ الأموات فيها بالألوف، وانتشار الوباء فيها بمئات الألوف-؛ فحينئذٍ نقول: مَن رأى العبرةَ بِغيرِه؛ فلْيَعتَبِر، و«السَّعيد مَن وُعظ بِغَيرِه» -كما قال الصَّحابيُّ الجليل عبدُ الله بنُ مسعود-.
وهذا الإغلاق لِلمساجد والمنع للجماعات هو شيء مُؤقَّت -إن شاء الله-بسبب الوباء ومُحاصرة الوباء-.
و-إن شاء الله-تعالى- ترجع الأمورُ إلى أفضل ممَّا كانت عليه، وترجع المساجد إلى أهلِها، وأهلُ المساجِد إلى مساجدِهم، ونَرجع لنرى الحرَمَيْن الشَّريفَيْن -بِألَقِهِما، وعَظمَتِهِما، ومَكانتهِما في قلب كلِّ مسلمٍ رَضيَ باللهِ ربًّا وبالإسلامِ دِينًا.
يا إخواني! باب الضَّرورات بابٌ دقيق، وبابٌ مُهمٌّ؛ فلا يجوز لنا أن نتجاوزَه دون علم، ودون معرفة.

33. السُّؤال:
ما نصيحتُكم لنا في هذه الظُّروف؟
الجواب:
أوَّل نصيحة، وأعظم نصيحة: أن تبقَوا في بيوتِكم ولا تخرُجوا؛ إلا لِسببٍ ذي ضرورة أو حاجة.
الأمر الثَّاني: أن تستغلُّوا أوقاتَكم -هذه-في هذه البيوت-؛ بإصلاح أنفسِكم، وتعليمِها، ورعاية الأسرة.
الأمر الثَّالث: أن يكون منكم العناية الصِّحيَّة، والأخذ بالأسباب والاحتياطات.
الأمر الرَّابع: الدُّعاء الدُّعاء، والتَّضرُّع لربِّ الأرض والسَّماء -سبحانه وتعالى-.
هذا -كلُّه-إن شاء الله- ممَّا يجبُ علينا -جميعًا- أن نَتنبَّه إليه، وأن نجتمعَ عليه؛ تعاوُنًا على البِرِّ والتقوى، وتواصيًا بالحق والصَّبر.

34. السُّؤال:
ما هي أهمُّ كتب أصول الفِقه؟
الجواب:
أهمُّ كتابَين في أصول الفِقه: كتاب «البحر المحيط» للزَّركشي، وكتاب «قواطع الأدلَّة» لأبي المظفَّر السَّمعاني، وهما كتابان كبيران؛ لكنَّهما عظيمان وجليلان.
ومما هو أصغر مِن ذلك: كتاب الشَّيخ محمَّد الأمين الشَّنقيطي «المذكَّرة»، وهو -أيضًا- فيه نفعٌ كبير -إن شاء الله-تعالى-.

35. السُّؤال:
ما رأيُكم في كتبِ الشَّيخ محمَّد علي فركوس؟
الجواب:
الشَّيخ محمَّد علي فركوس مِن أهل العلم، ومِن أهل السُّنَّة -ولا نُزكِّيه على الله-، ونَفَع اللهُ -تعالى- به كثيرًا، وإن كان لنا عليه ملاحظة: أن يَرجِعَ عَهْدَه الأوَّل الذي يَنشغلُ فيه بِالعلمِ، ويَشغَل فيه طُلابَه وأبناءَه بِالعلم دون الدُّخول في باب الهجر، والتَّبديع، والتَّفريق الذي عانى منه المسلمون -عُمومًا-، والسَّلفيُّون -خُصوصًا- ما عانَوا.
وإنِّي على يقين: لو أنَّ أخانا الفاضل الكبير الشَّيخ فركوس تَبِع هذه النَّصيحةَ مِن أخيه؛ فإنَّه -إن شاء الله- يَنفع اللهُ به نفعًا عظيمًا، وسيرى غِبَّ هذا الصَّنيع منه أثرًا إيجابيًّا مبارَكًا في دعوته، وفي منهجه، وفي بلادِه؛ بل في بلاد المسلمين -إن شاء الله-تعالى-.

36. السُّؤال:
ما حُكم الشَّرع في القول: (مَثواه الأخير)؟
الجواب:
المثوى الأخير ليس هو القبر، المثوى الأخير: إمَّا جنَّة وإما نار -نسأل الله لنا ولكم الجنَّة، ونعوذُ به-سبحانهُ-من النَّار-.
لكن؛ أنبِّه على كلمة (مَثواه): فقد انتشر -عبر وسائل التَّواصل الاجتماعي- أنَّ كلمة (مَثْوى) المقصود فيها كذا وكذا -غير كلمة (مأوى)-؛ هذا -كلُّه- استعمالات لُغَوِيَّة، وكلمة (الْمَثوى) معنى لُغَوي ليس له تَعلُّق بالنَّار -فقط-كما قال ذلك الْمُدَّعي-!
وأنا كنتُ قد كتبتُ تغريدة في هذا الموضوع.



______________
(*) في بداية اللِّقاء الرَّابع تفصيل وبيان لهذه المسألة.
رد مع اقتباس