عرض مشاركة واحدة
  #49  
قديم 10-27-2010, 02:21 PM
محمود عامر محمود عامر غير متواجد حالياً
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
المشاركات: 2
افتراضي ملحق في الرد على عبد الله الفارسي

ملحق في الرد على أخينا عبد الله الفارسي
استكمالاً لما ذكرته في مقالي السابق في ردي على أخينا عبد الله الفارسي أقول ما يلي:
كتب الأخ عبد الله الفارسي منتقداً كلامي بشأن نقد تكفير بعض الحكام المعاصرين وقد ذكرهم من كفرهم بالاسم وهم معمر القذافي - حافظ الأسد - الحبيب بورقيبة - صدام حسين ثم علق الفارسي قائلاً :"سبحان الله ! ألم تعلم أن من السلف من كفر أمير المؤمنين يزيد ؟! ذكر ذلك سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في تبريره لخروج بعض السلف على يزيد . ومنهم من كفر الحجاج . وأجمع أهل العلم على تكفير دولة بني عبيد وبدأ صلاح الدين بقتالهم قبل قتاله للنصارى ! وفي عصرنا كفر سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله وغيره حكام البعث وبعض من صرح بإنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة" أ.هـ.
قلت: يا أخ عبد الله أنا حاورت الشيخ مقبل - رحمه الله - في كتابي متسائلاً هل طبق الشيخ قواعد المنهج السلفي في التكفير العيني؟ وأنت تعلم وغالبية السلفيين أنه يُشترط في التكفير العيني شروطاً والتي منها إقامة الحجة الرسالية على من قال الكفر أو فعله، فكان تساؤلي منصباً حول الانتصار والتطبيق للقواعد السلفية وليس الانتصار للحكام أو لغيرهم فإن قال الشيخ مقبل وغيره من علمائنا السلفيين الذين كفّروا بعض أعيان الحكام المعاصرين أنهم أقاموا الحجة الرسالية عليهم وناقشوهم وحاوروهم مواجهة ومشافهة ثم تبيّن لهم أنهم أرادوا الكفر بديلاً عن الإسلام فهذا أنا أعتقده، أما مجرد فتوى تصدر من أي عالم وإن عظم شأنه بدون هذه الشروط وانتفاء الموانع فلا تلزمني تلك الفتوى التي تكفر أي إنسان بعينه من المسلمين حاكما أو محكوماً، فأرجو الانتباه من مقاصد الكلام الواضحة حتى يتحقق التناصح المفيد وليس الجدال العقيم ألم أقل يا أخ عبد الله في كتابي المذكور موجهاً تساؤلي للشيخ مقبل - رحمه الله - (أن يكون هؤلاء الحكام وأمثالهم حكاماً ظلمة أو لهم مواقف تتنافى وتتعارض مع الدين فهذا وارد أما تكفيرهم بأعيانهم فهذا أمر آخر لأن الشيخ مقبل - رحمه الله - يعلم جيداً كما يعلم غيره من العلماء السلفيين وطلاب العلم أن التكفير العيني له شروط وانتفاء موانع فهل تحققت هذه الشروط وانتفت كل الموانع في حق هؤلاء الأربعة؟ وهل أقام الشيخ مقبل - رحمه الله - الحجة الرسالية عليهم حتى تبيّن له أنهم يريدون الكفر بديلاً عن الإسلام؟ إنني هنا لا أدافع عن الأربعة المذكورين ولا أدافع عن الحكام الآخرين وإنما أتساءل أين المنهج السلفي في هذه القضية؟ ولماذا لا يطبق؟ ولماذا نُردد ما تقوله بعض التيارات الدينية في تكفير الحكام؟ وهل غاب عن الشيخ مقبل وتلامذته الكبار الواقع المُرّ الذي يسببه تكفير الشباب لحكامهم؟ إنني أتعجب من الدعاة الذين يفتحون على الدعوة أبواب جهنم وفي الوقت نفسه يشاهدون الواقع المُرّ والتجارب المريرة في منازعة الحكام وتكفيرهم ولا يكفّون عن ذلك وأصبح معلوم مفاسد ذلك بالضرورة وهذا يكفي لبيان خطورة كلام الشيخ - رحمه الله -).
فهل مجرد مطالبتي بالمنهج في القضية المطروحة أُلام عليه وما يقال في حق الشيخ مقبل يقال في حق الشيخ ابن باز - رحمه الله - فيما نسبته له إن صح، فأن تكون الأفعال والأقوال البعثية كفراً فهذا أدين الله به أما تكفير بعثي بذاته يلزم منه ما قرره المنهج السلفي والذي تدين به أيها الأخ الفارسي من توافر الشروط وانتفاء الموانع، ألم تتعلم أيها الأخ العزيز كما تعلمنا نحن من علمائنا السلفيين ومنهم العلامة ابن باز والعلامة مقبل والعلامة الشنقيطي والعلامة الألباني والعلامة الربيع .... إلخ أن طالب العلم عليه ألا يأخذ فتوى إلا مصحوبة بالدليل وغاية ما فعله محمود أن طالبت بالدليل الذي به يكفر هؤلاء الأربعة أو غيرهم.
أما قولك فيما نسبته للشيخ ابن باز من تكفير بعض السلف ليزيد بن معاوية فردي عليه هو ما رواه الإمام البخاري فيما ذكره القاضي أبو بكر بن العربي صاحب كتاب "العواصم من القواصم" طبعة المكتبة السلفية بالقاهرة ص224 :
(أن أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده وقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « يُنصب لكل غادر لواء يوم القيامة » وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله (2) ، وإني لا أعلم غدرًا أعظم من أن نبايع رجلًا على بيع الله ورسوله ثم ننصب له القتال ، وإني لا أعلم أحدًا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه)
وروى مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه "أن ابن عمر جاء إلى ابن مطيع داعية ابن الزبير ومثير هذه الثورة فقال ابن مطيع : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة . فقال ابن عمر : إني لم آتك لأجلس ، أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله : « من خلع يدا من طاعة ، لقي الله يوم القيامة لا حجة له ، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية »"
وذكر الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ( 8 : 233 ) أن عبد الله بن مطيع ( داعية ابن الزبير ) مشى في المدينة هو وأصحابه إلى محمد بن علي بن أبي طالب ( المعروف بابن الحنفية ) فأرادوه على خلع يزيد ، فأبى عليهم ، فقال ابن مطيع : إن يزيد يشرب الخمر ، ويترك الصلاة ، ويتعدى حكم الكتاب . فقال لهم : ما رأيت منه ما تذكرون ، وقد حضرته ، وأقمت عنده ، فرأيته مواظبا على الصلاة ، متحريا للخير ، يسأل عن الفقه ، ملازما للسنة . قالوا : فإن ذلك كان منه تصنعا لك . فقال : وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إلى الخشوع ؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه ، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا . قالوا : إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه . فقال لهم أبى الله ذلك على أهل الشهادة فقال : إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ( الزخرف : 86 ) ، ولست من أمركم في شيء . قالوا : فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك ، فنحن نوليك أمرنا . قال : ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعا ولا متبوعا . قالوا فقد قاتلت مع أبيك قال : جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه . فقالوا : فمر ابنيك ؟ أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا . قال : لو أمرتهما قاتلت . قالوا : فقم معنا مقاما يحض الناس فيه على القتال . قال : سبحان الله . آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه ؟ إذن ما نصحت لله في عباده . قالوا : إذن نكرهك . قال : إذن آمر الناس بتقوى الله ، وألا يرضوا المخلوق بسخط الخالق ( وخرج إلى مكة ) .أ.هـ
قلت: فهذا هو موقف السلف من يزيد بن معاوية والمتمثل فيما قاله شيخ الصحابة في زمانه عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - فأين دعوى تكفير السلف ليزيد؟! وكذلك المحفوظ عند أهل السنَّة عدم تكفير الحجاج وقد رُوى أن من الصحابة من صلى خلفه فكيف يصلون خلف كافر؟! ولقد روي كذلك عن الحسن البصري أنه سمع رجلاً يدعو على الحجاج فأسكته .... والكلام في ذلك يطول فارجع إلى كتاب العواصم من القواصم تجد فيه ما ينفي كلامك، فتبين للقارئ المنصف ولك كذلك حينما تطالع كلامي أن محموداً بفضل الله لم يخرج عن تقرير ما قرره السلف في هذه القضية المعنية والتي أعلق عليها معك فهل أنت مخير أخي الفاضل في أخذ ما رواه البخاري عن ابن عمر في شأن يزيد أو اخذ رأي غيره؟! أما قولك " وأجمع أهل العلم على تكفير دولة بني عبيد وبدأ صلاح الدين بقتالهم قبل قتاله للنصارى" فإن ثبت الإجماع فبها كما أن صلاح الدين ولي أمر وله ولاية وإمامة تمكنه مما ذكرت ثم إن قتاله لمن ذكرت كان بعد إجماع أهل العلم كما تقول ، فهل أجمع أهل العلم في عصرنا هذا على تكفير حاكم بعينه؟ ومع ذلك كلامي كله منصب حول تطبيق شروط التكفير العيني وليس دفاعاً عن الحكام الأربعة أو غيرهم فاعتقد أن الأمر قد وضح لديك ولغيرك فهل تلومني على تمسكي بهدي السلف والذين منهم عبد الله بن عمر فيما ذكرت، ولقد أوقعت نفسك في خيار صعب أتختار كلام ابن عمر أو كلام العلامة ابن باز - رحمه الله -، إن الخلاف الذي بيني وبين البعض أنني لا ألتفت إلى قولٍ يخالف قول السلف أي الصحابة وإن عظم شأن المخالف وعظمت إمامته العلمية فمن هنا كان كلامي صعباً على النفوس كيف تعلق على الشنقيطي؟ كيف تنتقد بعض اجتهادات مقبل؟! كيف تراجع كلام الربيع؟! كيف تُناقش فتوى محمد بن إبراهيم؟! وكأننا أمام كهنوت ككهنوت أهل الكتاب في تعاملهم مع أحبارهم ورهبانهم، في الوقت الذي نردد كلاماً سلفيا خالصاً ولا نعمل به ألم نُردد مقولة ابن القيم :
العلم قال الله قال رسولُه ... قال الصحابةُ ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة ... بين الرسول وبين رأى فقيه
أتلومون محموداً أن اعتمد تفسير عمر - رضي الله عنه - ورد تفسير ابن القيم في معنى الطاغوت؟ وتلومونه أن اعتمد تفسير ابن عباس لآية المائدة (ومن لم يحكم بما أنزل الله ...) ولم يعتمد تفسير غيره؟ أتلومون محموداً أن بيّن معنى عبودية المال على الوجه الصحيح، وتزعمون أن النص النبوي لم يُفصل ويبين معنى العبودية، وكذلك لم يُفصل النبي معنى الكفر في قوله (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) وكذلك في قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) لم يبين الله نوع الكفر هنا ولم يستشكل الأمر على الصحابة في ذلك حينما سمعوا هذا الخطاب، فلمَّا ظهرت فتنة الخوارج فصَّل وفسّر عبد الله بن عباس معنى الكفر هنا بأنه كفر دون كفر وليس ككفر من لم يؤمن بالله واليوم الآخر، فلمّا خرج علينا دعاة المشاهير يحرفون في الدين ويغيرون من مناراته وزعموا أن المعاصي أصنام مستدلين بحديث (تعس عبد الدرهم....) فنافح محمود عن بيان حقيقة الشرك الأكبر حتى يكون هو الهم الأكبر للدعاة في القضاء عليه، ثم تبين أن ابن تيمية - رحمه الله - قد فصّل الكلام في ذلك فأين الخلل الذي ارتكبه محمود في هذه المسائل التي أرد بها على أخينا عبد الله الفارسي وفقه الله؟ اعتقد أنني بذلك قد بذلت ما في وسعي في الرد، وأشكر للأخ عبد الله اهتمامه وإن خالفته فيما ذكر والوصال بيننا قائم، وأدعو الله عز وجل أن يلهمنا جميعا الحلم والصبر والرشاد.
رد مع اقتباس