عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-19-2010, 11:18 AM
أم زيد أم زيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 5,264
افتراضي

أَحكامٌ وتَنبيهاتٌ هامَّةٌ



أولًا: شروط وجوبِ الحج: إنما يجبُ الحجُّ على كل مستطيع ببدنه: ملَك الزاد والرَّاحلة، ووجد أمن الطريقِ، والله -تعالى- يقول: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا}.


ثانيًا: أفعال لا حرج فيها للمُحرِم: ليس عليكَ وأنتَ مُحرِم مِن حرجٍ إذا اغتسلتَ، أو بدَّلت لباس الإحرام، ولو أدَّى ذلك إلى دَلْك رأسك، أو حكِّه، أو تسريح شعرك؛ فكل هذا جائز.


ثالثًا: الحجامة للمُحرِم: لا حرج على مَن احتاج إلى الحِجامة أثناء إحْرامه لمَرَض أونحوه -ولو أدَّاه هذا إلى أن يحلِق مَوضع الحجامة مِن شعرِه إذا احتجم في رأسه-.
والله -سبحانه- يقول: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}.


رابعًا: حُرمة سفر النساء بلا مَحرم: لتحذرِ النِّسوة السَّفرَ دون مَحرم؛ فهذا حرامٌ بيِّن، والنص فيه جليٌّ ظاهر.
ومثلُه -بل قد يكون أشد- سفر المرأة مع جماعة من النِّسوة -يُقال: الثقات (!)-، مُتوهِّمات أن ذلك جائز!! وحقيقته عكسُ ذلك...
وقد رأيتُ بعضَ الناس (!) يُسمِّي هذا الصنيع -لتسويغه!- (عُصبة النساء)!!
فكان ماذا؟!
ووجود المَحرم لبعضهنَّ ليس ذا صِلة -مِن حيث الإباحة- بالأخريات!!
بل إن وجودَه (بينهن!) أدعَى لمُضاعفة سُبل الإثم وأسبابه، وفتحِه على أبوابه!


خامسًا: قطع الطَّواف للصلاة: إذا قُطع طواف الحاج -أي طواف كان- بإقامة صلاة الفريضة؛ فلا يَستأنف طوافه كلَّه، ولا يُعِدْ شَوطَه الذي أتمَّه؛ وإنما يُتمِّم مِن حيث وقفَ -حسبُ-.


سادسًا: أداء صلاة الجنازة: لا تُفوِّت -أخي المسلم- على نفسك أداء الصلاة على جنائز المسلمين -التي يُصلَّى عليها في مسجد الكعبة-أو غيره-بعد الفرائض-؛ فهي باب عظيم من الأجر لك، ونفع للمتوفَّى الذي تصلي عليه.
ودعكَ من السآمة من ذلك لكثرتها -أحيانًا-؛ فالحرصَ الحرصَ..
واعلم أن أداء هذه الصَّلاة بين أشواط الطواف -أو السعي- غير مؤثِّر على شيء منها.


سابعًا: أحكام المرأة الحائض: إذا حاضت المرأة -أو نُفِستْ-؛ فإنها تفعل (كل شيء) سوى الطَّواف، والسَّعي، والصَّلاة -سواء أكان حيضُها قبل الميقات أم بعده-؛ بمعنى: أنها تُحرِم مع بقاء أحكام الإحرام ومحظوراته عليها.
ويجوز لها أن تدعو ربَّها، وتَذكره -سبحانه-، وتجلس في المَسجد، إلى أن تَطهر: فتطوف وتَسعى.
أمَّا إذا حاضتْ أثناء الطَّواف، فتقطع طوافَها مُسارعةً.. إلى أن تَطهر..


ثامنًا: جواز الأدوية المانعة لنُزول الحيض: يجوز للمرأة أن تتناول بعضَ الأدوية -أو (الإبر)- المانعة للحيض -قبل سفرها للحجِّ، أو أثناءَه-، ولكن يُشترط في ذلك: إذْن الولي، واستشارة الطَّبيب المسلم المتفقِّه بشَرعه، العارف بِطبِّه؛ حتى لا تترتَّب عليها -في ذلك- أضرار جانبيَّة.


تاسعًا: حج الصَّبي: يُعامَل الصبي المميِّز الذي يُرادُ له الحج أو الاعتمار معاملةَ الكبير؛ فيُعلَّم الإحرام، ومحظوراتِه، وأحكام الطَّواف والسعي.. وغير ذلك.
وأمَّا إن كان غير مميِّز: فإنَّ وليَّه يُحرِم عنه، ويُلبِّي عنه، ويَحمله بين يديه -إن لم يستطع الطَّواف أو السَّعي أو غير ذلك- وحده.


عاشرًا: فضل زيارة المدينة النبويَّة: زيارة المدينة النبويَّة ليست مِن أعمال الحج أو العمرة -في قليل أو كثير-، ولكن يُستحب للمسلم -في أي وقت- زيارة المسجد النبوي والصلاة فيه، فإن أجرَ الصلاة المفروضة فيه كأجر ألف صلاةٍ فيما سواه -إلا المسجد الحرام-.
فإذا وصلتَ المسجد النبويَّ: تصلي -أولًا- تحيَّة المسجد.
فإن لم يكن ثَمَّ وقت صلاة مفروضة: تتوجَّه -مباشرة- نحو القبر النَّبويِّ لتُسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعلى صاحبَيْه -أبي بكرٍ وعمر-رضيَ اللهُ عنهُما- بكلِّ آدابٍ شرعيَّة، وسكينةٍ مَرعيَّة، ثم تَمضي.
وإلا؛ فصلاةُ الفريضة هي الأصلُ، ثم الزيارة -بعدُ-.
والنِّساء في ذلك كالرجال؛ إلا أن المرأة لا يجوز لها الإكثار من الزِّيارة وتَكرارها.
ويُستحب لك -أخي المسلم- زيارةُ مسجد قُباء والصلاة فيه؛ فإنه أول مسجدٍ أُسِّس على التقوى في الإسلام، وقد كان رسولُ الله -صلى اللهُ عليهِ وسلَّم- يَقصِده، ويقولُ -مُرغِّبًا في ذلك-: "صلاةٌ في مسجدِ قُباء: كعُمرة".
واحرصْ أن يكونَ ذلك "كلَّ سبتٍ -ماشيًا وراكبًا-" -إن تيسَّر-؛ كما كان يفعل نبيُّنا -عليهِ الصَّلاة والسَّلام-.
ولو زُرتَ مَقبرة بقيعِ الغَرقد -وهي معروفة- للعِظة والاعتِبار: ففي ذلك خيرٌ كثير -إن شاء اللهُ-، وأجر كبير؛ فإن فيها كثيرًا من قُبور الصَّحابة والتَّابعين، وأهل العلم والفضل والدِّين، وتدعو لهم بالدُّعاء المأثور: "السلامُ عليكم أهلَ الدِّيار من المؤمنين والمسلِمين، وإنَّا -إن شاء اللهُ- بكُم لاحِقون، أسأل اللهَ لنا ولكم العافية".
ومن الابتداع في الدِّين: القراءةُ على المقابر بشيءٍ من القرآن -لا الفاتحة، ولا غيرها-.
وإنما السُّنة: الدُّعاء -فقط-.


حادي عشر: فضل ماء زمزم وحَمْله: يُستحبُّ أن تَحملَ ماء زمزمَ معك إلى بلدِك -لِما له مِن فضل-؛ فقد فعل (قريبًا) مِن ذلك رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولكن من غير إيقاعِ مشقَّةٍ على نفسِك، ولا على أصحابِك ورُفقائِك.


ثاني عشر: (جُدَّة) ليست ميقاتًا: بعضُ طلبة العلم يَعُدُّ مدينة (جُدَّة) -بذاتِها- ميقاتًا من المواقيتِ المكانيَّة للحجِّ والعُمرة!!
وهذا حُكم لا دليل عليه البتَّةَ...
والحق في هذه المسألة -باختصار-: أن (جُدَّة) ميقاتٌ لأهلها، والمُقيمين بِها، أو مَن لا يَمر بميقات -أو يحاذيه- إلا بعد نُزوله جُدَّة؛ فتكون جُدة -حينئذٍ- ميقاتَه.
وأما غيرُهم: فلا بُدَّ -لزومًا- أن يَمرُّوا بميقات، أو يُحاذوا أحد المواقيت؛ فيُحرِموا ثمَّة.


ثالث عشر: وجوب السُّترة للمُصلِّي: لا يجوز لك أن تَمرَّ بين يدي أحد من المصلِّين.
ولا يجوز لك -كذلك- أن تُصلي إلى غيرِ سُترةٍ -وهي حاجز ذو ارتفاع تضعُه أمامك- مِن ساريَةٍ أو جِدار.
ولو استقبَلتَ ظَهرَ أحد إخوانكَ المصلِّين: أجزَأك.
وإذا مرَّ أحد بينك وبين سُترتك: فامنعهُ بيدك.
وهذا الحُكم عامٌّ في المساجد -كلِّها-: المسجد الحرام، و المسجد النبويِّ، وغيرهما مِن المساجد -ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-، وإلا؛ فالله -تعالى- يقول: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}، ويقول: {فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}؛ فتُقدِّر لذلك قَدْرَه -زادني اللهُ وإياك حرصًا، وعِلمًا، وعملًا-.


رابع عشر: القصر، والجمع، والفِطر: أحكام السَّفر -كلُّها-مِن قصْر، وجَمعٍ، وفِطر- تقومُ بها مِن غير حرجٍ أو تحرُّج -أثناء سفرك لحجِّك-.
والأصل المحافظةُ على الصلوات جماعةً في عامَّة المساجد -والحَرَمان الشَّريفان أفضلها-ما استطعتَ إلى ذلك سبيلًا-؛ حرصًا على أجرِها وثوابِها.
وأما الصِّيام: فلا مانع منه للقادر عليه، الرَّاغب به -بلا حرج-.


خامس عشر: عِظم الذَّنب في مكة: قال سماحةُ أستاذِنا العلامة الشَّيخ عبد العزيزِ بنُ عبدِ الله بنِ بازٍ -رحمه الله- في "فتاويه" (16/134-135):
"الأدلة الشرعيَّة دلَّت على أن الحسنات تُضاعَف: الحسنة بعشر أمثالِها. وتُضاعَف بكميَّات كثيرة في الزَّمان الفاضل -كرمضان وعشر ذي الحجة-، والمكان الفاضل -كالحَرَمَين-.
وأمَّا السَّيِّئات؛ فالذي عليه المحقِّقون من أهل العلم: أنها تُضاعف من حيث الكيفيَّة -لا من حيث العدد-؛ لقول الله -سبحانه-: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}.
فمَن همَّ بالإلحاد في الحرم المكيِّ؛ فهو متوعَّد بالعذاب الأليم؛ لأن الله -تعالى- قال: {وَمَنْ يُرِدْ فِيِهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ}، فإذا ألحدَ أيَّ إلحادٍ -وهو: الميلُ عن الحق-؛ فإنه متوعَّد بهذا الوعيد -لهذه الآية الكريمة-؛ لأن الوعيد على الهمِّ بالإلحاد يدل على أن الوعيد في نفس الإلحاد أشدُّ وأعظم".


سادس عشر: مسألة (الحجِّ عن الغَير): مسألة كُبرى اشتَهَر فيها الكلامُ بين أهل العلم.
وجاءت معظم الروايات التي تأذن به موصولة بـ(الأب)، أو (الأم)، أو (الأخ)؛ إلا حديثُ (شُبرمة) -المشهور-، وفي مَتنِه اختلاف -على صِحة سندِه!-.
فمرةً ذكر: "أخ لي، أو قريب لي"! ومرةً سمَّاه: "نُبَيشة"! ومرةً ذكر: "أنَّه أوصى"!
وانظر "المعظم الأوسط" (2/118) للطبراني، و"سنن البيهقي الكبرى" (4/337)، و(5/179)، "البدر المنير" (6/45-54) لابن الملقن، و"الإرواء" (994) لشيخِنا، و"الإصابة" (3/312)، و(6/421) للحافظ ابن حجر.
وشرطُ جواز الحج عن الغَير: أن يكون المَحجوج عنه؛ إما: (مَيتًا)، أو (عاجزًا عن الحج)، وأن يكون الحاج عنه قد حجَّ عن نفسِه.
ويجوزُ لمَن يحجُّ عن غيره أن يأخذ (نفقة الحج) ممَّن -أو عمَّن- ناب عنه في الحج، ولكن لا يجوز له أخذُ أُجرةٍ على الحج -وهي الزيادة على (نفقة الحج)-.
فالذي لا ينبغي سواه: عدم التوسُّع في هذا الباب العميق، وإعطاؤه قدْرَه الدَّقيق.



يتبع إن شاء الله
رد مع اقتباس