عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 10-18-2010, 10:19 PM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

أخي الحبيب عمر الكرخي وفّقك الله :
هذه العبارة :المدح والذم أحكام شرعية فتلحق بالعبادات، والعبادات توقيفية.
ليست كلاما لشيخ الإسلام بن تيميّة رحمه الله ، بل شيئ فُهم عنه !.
كلا م شيخ الإسلام رحمه الله متعلّق بتوقيع الألفاظ الشّرعيّة من مدح أو ذمّ على غير أهلها كما هو واضح من السياق الطّويل الذي سأذكره بعد قليل .
كمن أوقع ألفاظ الذّمّ على الأنبياء و الصالحين ، فهذا غير جائز ، لأنّ دلالة الشّرع جاءت بخلافه .
و كمن يوقع ألفاظ المدح و الذّم في غير محلّها ، فيرمي من ليس بكافر بالكُفر ، و من ليس بمبتدع بالبدعة ، و من ليس بفاسق بالفسق ، بناء على فهمه هو ، أو هواه ، أو ما جاء من مذهبه الفاسد .
كما تحكم الرافضة على أهل السنة بالكفر !.
و كما يرمي أهل البدع أهل السنّة بألفاظ أصلها شرعي ، و لكنّ توقيعها غير شرعيّ ، لأنّ تلك المعاني لتلك الألفاظ : أصلها من الشّرع ، فيأتي توقيعها على مُراد الشّرع لا مُراد غيره ، و ذلك أنّ تلك الألفاظ عربيّة ، و تغيّر وضعها العربي إلى معنى شرعي مستقلّ ، لا يجوز مجاوزته !.
فالكافر من كفّره الله و رسوله ، و المبتدع من كان مبتدعا في الكتاب و السنة ، و الفاسق يثبت فسقه بالكتاب و السنة ....و هكذا .
و لذلك علّق شيخ الإسلام رحمه الله حقيقة تلك الألفاظ بالمعاني فقال :(هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ).
و لا ينطبق هذا على موضوعنا ..لأن اللفظ الشرعي و معناه جاء على أصل الوضع العربي و لم يتغيّر ، كما كُنت بيّنته سابقا .
و منه جاء الذّم باسم : الطوائف الضّالة ، جهمي ، مرجئي ، خارجي، معتزلي ، أشعري ،إباضي ، حروري ، صوفي ، قبوري ، اتّحادي ، علماني ، زنديق ، قطبي ، سروري، ...إلخ
و جاء المدح بـاسم: سُنّي ، أهل الأثر ، أثري ، سلفي ، سلفيّة ، أهل السنة والجماعة ، أهل السنّة ، الفرقة النّاجية ، أهل الحديث ، أنصار السنة ، ...إلخ .
و هذه الأسماء غير منصوص عليها لا في كتاب و لا في سنّة ، إلا بعضا منها : كالخوارج و القدرية ..و قد اختلف أهل العلم في سبب عدم تسمية النبيّ صلى الله عليه وسلّم لباقي الفرق الضالة ، مع أنّه ذكر أنّها ستكون مستقبلا ، و ذكر عددها ، فاختلف أهل العلم في فهم هذا العدد ، ذلك أنّ الفرق الضالة بانقسامها أكثر من ذلك العدد ! ، و أرجع بعضهم ذلك إلى وجود أصول للفرق ، تفرّعت بعدها -عنها- تلك الفرق ! .....و هذا موجود في كتب النحل و كتب الفرق .
-فلو كان ذلك أيضا توقيفيا لما صحّ عندنا هذا !.
أمّا كون المقال غالبه مبني على فهم كلام شيخ الإسلام رحمه الله فأقول: و كذلك تعليقاتي ، والتي أتيت في بعضها بسباق كلام شيخ الإسلام و لحاقه ، حتّى يتبيّن مُراده .
مع أن النقل عن شيخ الإسلام رحمه الله كان في الحلقة الأولى :غيرموجود أصلا .
و في الحلقة الثّانية: ثلاثة نقول ، قد تكلّمت عنها ، وبيّنت سياقها وسباقها و معناها .
و في حلقتنا هذه :خمسة نقول عن شيخ الإسلام .
و قد أتيت بتلك النقول ، وزدت عليها نقولا أخرى ..فليرجع إلى تعليقاتي السابقة.
بل بعض كلام شيخ الإسلام رحمه الله كان متعلّقا اصلا بــ: مبحث الأسماء و الصّفات ، كما سيأتينا .
و الآن إلى النقل الأوّل بسياقه و سباقه -و أعتذر عن الإطالة لأن المقام يقتضي ذلك -:
قال شيخ الإسلام رحمه الله في ردّه على البكري :
و أما قوله في الوجه الأول إن القصد إذا صح كان وجوب بيان المقصود بعبارة موضوعة له حق الرسول صلى الله عليه و سلم فله تركه إذا عبر عن نفسه وغيره إذا خالف موجب الأدب معه في العبارة كفرناه على ما سلف.
فيقال له هذا من جهلك فإن التعبير عن المعاني بالألفاظ يتعلق باللغة ليس هذا من الحقوق ولا له مدخل في هذا بل الواجب أن يعبر عن المعنى باللفظ الذي يدل عليه فإن كان اللفظ نصا أو ظاهرا حصل المقصود وإن كان اللفظ يحتمل معنيين أحدهما صحيح و الآخر فاسد تبين المراد وإن كان اللفظ يفهم منه معنى فاسد لم يطلق إلا مع بيان ما يزيل المحذور وإن كان اللفظ يوهم بعض المستمعين معنى فاسدا لم يخاطب بذلك اللفظ إذا علم أنه يوهم معنى فاسدا لأن المقصود بالكلام البيان و الإفهام و أما إذا كان اللفظ دالا على المراد و جهل بعض الناس معناه من غير تفريط من المتكلم فالدرك على المستمع لا على المتكلم .( و هنا فيه ردّ قويّ على الغلاة الذين يفهمون من كلام مشايخنا السلفيين المعاني الفاسدة التي لا يُريدونها ، ويُعلّقون على ذلك أحكام التبديع المنفلت ، مثل تُهمة الطّعن في الصّحابة!).
وقوله إذا خالف موجب الأدب كفرناه.
فيقال له كلا المقدمتين باطلة دعواك مخالفة موجب الأدب و دعواك كفر.
و أما إخبارك عن نفسك أنك تكفره بما تعتقده إنه مخالف للأدب فأنت صادق في خبرك عن اعتقاد الباطل و جهلك المعروف كما يصدق الروافض إذا أخبروا عن أنفسهم بتكفيرهم لأبي بكر و عمر و عثمان و كما يصدق الخوارج إذا أخبروا عن أنفسهم بتكفيرهم لعثمان و علي و كما يصدق الكفار إذا أخبروا عن أنفسهم بأنهم يقولون عن النبي صلى الله عليه و سلم إنه كاهن و مجنون و معلم و مفتري فهذا صدق يضر قائله لا يضر المقول له، قال تعالى :(إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم).
لكن اعتقادك كفر من هم أعظم الناس إيمانا بالله و رسوله لا يضرهم، قال النبي صلى الله عليه و سلم :(إذا قال الرجل لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما ) ، كنت أحق بالكفر، إلا أن تعذر بالتأويل ، وفي الصحيح أيضا عن النبي صلى الله عليه و سلم قال:( لا يرمي رجل رجلا بالكفر و الفسوق إلا ردت عليه إذا لم يكن لذلك أهلا).
وقوله في الوجه الثاني إنه إذا علم بالقواعد ثبوت رتبة للنبي صلى الله عليه و سلم فالعبارة التي توهم نفيها إذا صدرت منه علم المراد بها للدليل على عصمته وصحة تبليغه وعدم تناقض أقواله وأفعاله وغيره ليس كذلك.
فيقال هذا مبني على صدور عبارة موهمة ، وقد تقدم أن الجواب عبارة ظاهرة في معناها ، بل نص لا يحتمل معنيين، فضلا عن كونها توهم غير ما أريد بها، وأيضا فغير الرسول صلى الله وعليه وسلم إذا عبر بعبارة موهمة مقرونة بما يزيل الإيهام كان هذا سائغا باتفاق أهل الإسلام.( و هذه فائدة عظيمة أيضا)
وأيضا فالوهم إذا كان لسوء فهم المستمع لا لتفريط المتكلمين لم يكن على المتكلم بذلك بأس ، ولا يشترط في العلماء إذا تكلموا في العلم أن لا يتوهم متوهم من ألفاظهم خلاف مرادهم بل ما زال الناس يتوهمون من أقوال الناس خلاف مرادهم ولا يقدح ذلك في المتكلمين بالحق.( و هذه أيضا قاعدة عظيمة )
ثم غاية هذا أن يكون بحثا لفظيا ، والبحوث اللفظية لا توجب خلافا معنويا ، فضلا عن التكفير اللهم إلا على قول هذا الجاهل :إن المتكلم إذا عنى معنى صحيحا بعبارته وتوهم منها بعض الناس نقصا كان ذلك كفرا (!!!)(و هنا يتكلّم عن المعنى لا عن اللفظ !!)وهذا لا يقوله إلا من انسلخ من العقل والدين، لا سيما إذا كان التقصير إنما هو من المستمع لا تقصير في عبارة المتكلم.
ثم يقال هذا كله ليس مما نحن فيه ، فإن ما ذكره المجيب لا يحتاج إلى هذا ولا يتوقف على نقل عبارته بعينها ، بل تلك المعاني ( قال المعاني و لم يقل الالفاظ!)بائنة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة ، سواء كان اللفظ بعينه منقولا أو لم يكن ( لاحظ!)والتعبير عن تلك المعاني شائع بما يدل عليها دلالة بينة ، كالدلالة على سائر المعاني ، ومما يجب معرفته أن الأسماء والألفاظ التي تعلق بها الأحكام الشرعية من الأمر والنهي والتحليل والتحريم والاستحباب والكراهة والمدح والذم والثواب والعقاب والموالاة والمعاداة هي الألفاظ الموجودة في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ومعاني تلك الألفاظ ، وذلك مثل لفظ الإيمان والإخلاص والعبادة والكفر والشرك والهدى والضلال والرشاد والغي والعبادة والتوكل والشكر والصبر والنبوة والرسالة والتوكيل ونحو ذلك، فأما الألفاظ التي لم توجد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم ولا تعلق لها بشيء من ذلك إلا إذا تبين أن معانيها موافقة لمعاني ألفاظ الكتاب والسنة.
والله تعالى في كتابه وسنة رسوله قد أوجب لنفسه حقا لا يشركه فيه غيره ، وأوجب حقا له ولرسوله صلى الله عليه و سلم وللمؤمنين فله وحده أن نعبده ولا نشرك به شيئا وأن نخشاه ونتقيه .انتهى كلامه رحمه الله .
و هذا الكلام يُفهم منه ما قد بدأت به تعليقي فوق .
بل فيه تصريح كما قد علّقت في ثناياه .
فصرف معاني الالفاظ الشرعيّة ، يقتضي تغيير وجهة المقاصد الشّرعيّة من تلك الألفاظ ، ومنه : تحريف معاني الشّرع ، فلا يجوز رمي أهل الحق أو ذمّهم بالألفاظ الشرعيّة التي لا تنطبق معانيها عليهم .
و لا يجوز مدح شخص أو حزب أو هيئة أو ...إلخ بالفاظ شرعية ، لا يستحقّونها ، من منطلق تغيير معاني تلك الألفاظ ، كتغيير معنى الإيمان و الإسلام و الإحسان ، و غيرها .
فيُطلقون على مُقرّبيهم الالفاظ الشّرعية التي لا يستحقّونها ، بناء على تغيير معانيها .
كـ : الرافضة مثلا : يُطلقون على أنفسهم مسلمين ، مؤمنين ، و من مقتضيات الإيمان عندهم : الإيمان بـ: كفر الصّحابة إلا قليل ، والإيمان بـ : التقيّة ، و الإمامة و ....إلخ.
فيجعلون ذلك و غيره هو الإيمان .
و الإيمان بلفظه و معناه معلوم شرعا ، و من عرّفه من أهل السنّة كمصطلح عقدي: قول و عمل ، اعتقاد بالقلب ، و نطق باللسان و عمل بالجوارح يزيد بالطاعة و ينقص بالمعصية ، لم يخرج عن مراد الشّرع و لا عن أدلّة الشّرع ، و لكن هذا التّعريف بهذه الشّكل : غير منصوص عليه ، و هو حقّ ، لأنّه فُسّر بحقّ .
أمّا النقل الآخر الذي نقله الشّيخ الحبيب عبد العزيز -حفظه الله و زاده توفيقا-:
فهذا هو سياقه و سباقه ، وقد جاء في مبحث الأسماء و الصّفات:
وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي جَوَابِ " الْمَسَائِلِ التدمرية " الْمُلَقَّبِ بـ " تَحْقِيقِ الْإِثْبَاتِ لِلْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَبَيَانِ حَقِيقَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْقَدَرِ وَالشَّرْعِ " أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاكْتِفَاءُ فِيمَا يُنَزَّهُ الرَّبُّ عَنْهُ عَلَى عَدَمِ وُرُودِ السَّمْعِ وَالْخَبَرِ بِهِ فَيُقَالُ : كُلُّ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ أَثْبَتْنَاهُ وَمَا لَمْ يُرِدْ بِهِ لَمْ نُثْبِتْهُ بَلْ نَنْفِيهِ وَتَكُونُ عُمْدَتُنَا فِي النَّفْيِ عَلَى عَدَمِ الْخَبَرِ .
بَلْ هَذَا غَلَطٌ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ عَدَمَ الْخَبَرِ هُوَ عَدَمُ دَلِيلٍ مُعَيَّنٍ وَالدَّلِيلُ لَا يَنْعَكِسُ فَلَا يَلْزَمُ إذَا لَمْ يُخْبِرْ هُوَ بِالشَّيْءِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفِيًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ . وَلِلَّهِ أَسْمَاءٌ سَمَّى بِهَا نَفْسَهُ وَاسْتَأْثَرَ بِهَا فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَهُ . فَكَمَا لَا يَجُوزُ الْإِثْبَاتُ إلَّا بِدَلِيلِ لَا يَجُوزُ النَّفْيُ إلَّا بِدَلِيلِ . وَلَكِنْ إذَا لَمْ يُرِدْ بِهِ الْخَبَرَ وَلَمْ يَعْلَمْ ثُبُوتَهُ يَسْكُتُ عَنْهُ فَلَا يَتَكَلَّمُ فِي اللَّهِ بِلَا عِلْمٍ . الثَّانِي : أَنَّ أَشْيَاءَ لَمْ يُرِدْ الْخَبَرَ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهَا وَلَا بِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهَا لَكِنْ دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِنَقَائِضِهَا فَعُلِمَ انْتِفَاؤُهَا . فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَهَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ . وَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ إنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ نَفَيْنَاهُ وَإِلَّا سَكَتْنَا عَنْهُ . فَلَا نُثْبِتُ إلَّا بِعِلْمِ وَلَا نَنْفِي إلَّا بِعِلْمِ . وَنَفْيُ الشَّيْءِ مِنْ الصِّفَاتِ وَغَيْرِهَا كَنَفْيِ دَلِيلِهِ طَرِيقَةُ طَائِفَةٍ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ وَالْخَبَرِ . وَهِيَ غَلَطٌ إلَّا إذَا كَانَ الدَّلِيلُ لَازِمًا لَهُ . فَإِذَا عُدِمَ اللَّازِمُ عُدِمَ الْمَلْزُومُ . وَأَمَّا جِنْسُ الدَّلِيلِ فَيَجِبُ فِيهِ الطَّرْدُ لَا الْعَكْسُ . فَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الدَّلِيلِ وُجُودُ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ وَلَا يَنْعَكِسُ .
فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ . مَا عُلِمَ ثُبُوتُهُ أُثْبِتَ وَمَا عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ نُفِيَ وَمَا لَمْ يُعْلَمْ نَفْيُهُ وَلَا إثْبَاتُهُ سَكَتَ عَنْهُ . هَذَا هُوَ الْوَاجِبُ . وَالسُّكُوتُ عَنْ الشَّيْءِ غَيْرِ الْجَزْمِ بِنَفْيِهِ أَوْ ثُبُوتِهِ . وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْ مَا أَثْبَتَهُ إلَّا بِالْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي أَثْبَتَهَا وَإِذَا تَكَلَّمَ بِغَيْرِهَا اسْتَفْسَرَ وَاسْتَفْصَلَ فَإِنْ وَافَقَ الْمَعْنَى الَّذِي أَثْبَتَهُ الشَّرْعُ أَثْبَتَهُ بِاللَّفْظِ الشَّرْعِيِّ فَقَدْ اعْتَصَمَ بِالشَّرْعِ لَفْظًا وَمَعْنًى . وَهَذِهِ سَبِيلُ مَنْ اعْتَصَمَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى .
لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ تُعْرَفَ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ إسْنَادًا وَمَتْنًا . فَالْقُرْآنُ مَعْلُومٌ ثُبُوتَ أَلْفَاظِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ وُجُوهُ دَلَالَتِهِ . وَالسُّنَّةُ يَنْبَغِي مَعْرِفَةُ مَا ثَبَتَ مِنْهَا وَمَا عُلِمَ أَنَّهُ كَذِبٌ . فَإِنَّ طَائِفَةً مِمَّنْ انْتَسَبَ إلَى السُّنَّةِ وَعَظَّمَ السُّنَّةَ وَالشَّرْعَ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ اعْتَصَمُوا فِي هَذَا الْبَابِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ جَمَعُوا أَحَادِيثَ وَرَدَتْ فِي الصِّفَاتِ مِنْهَا مَا هُوَ كَذِبٌ مَعْلُومٌ أَنَّهُ كَذِبٌ وَمِنْهَا مَا هُوَ إلَى الْكَذِبِ أَقْرَبُ وَمِنْهَا مَا هُوَ إلَى الصِّحَّةِ أَقْرَبُ وَمِنْهَا مُتَرَدَّدٌ . وَجَعَلُوا تِلْكَ الْأَحَادِيثَ عَقَائِدَ وَصَنَّفُوا مُصَنَّفَاتٍ . وَمِنْهُمْ مَنْ يُكَفِّرُ مَنْ يُخَالِفُ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ . وَبِإِزَاءِ هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ بِجِنْسِ الْحَدِيثِ وَمَنْ يَقُولُ عَنْ أَخْبَارِ.
و هذا لا ينطبق على بحثنا ، لأنّي لا أعتقد أنّ أحدا من أهل العلم سيُطبّق قواعد الأسماء و الصّفات ، على مسائل المصطلحات بعموم و إطلاق .
و مع ذلك فقد قال شيخ الإسلام في هذا المبحث -في هذا النّقل-:
الثَّانِي : أَنَّ أَشْيَاءَ لَمْ يَرِدْ الْخَبَرَ بِتَنْزِيهِهِ عَنْهَا وَلَا بِأَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْهَا لَكِنْ دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى اتِّصَافِهِ بِنَقَائِضِهَا فَعُلِمَ انْتِفَاؤُهَا . فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَهَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ . وَمَا لَمْ يَرِدْ بِهِ الْخَبَرُ إنْ عُلِمَ انْتِفَاؤُهُ نَفَيْنَاهُ وَإِلَّا سَكَتْنَا عَنْهُ .
و الشّاهد هو قوله رحمه الله:
فَالْأَصْلُ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ مَا يُنَاقِضُ صِفَاتِ كَمَالِهِ وَهَذَا مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ السَّمْعُ وَالْعَقْلُ .
أي بـــ: ( دلالة السّمع و العقل ) .
هذا ما نشطت له الآن .
و جزاكم الله خيرا أيّها الأحبّة الفضلاء .
رد مع اقتباس