عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 10-18-2010, 12:06 AM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عمر بن عبد الهادي الكرخي مشاهدة المشاركة
أحسن الله إليكم شيخنا العزيز : عبدالعزيز ...

هذه الحلقة أجهزت على كثير من التساؤلات ؛ فجزاكم الله كل خير .
.
أشكر الشّيخ الفاضل عبد العزيز على جهوده ، وأسأل الله تعالى أن يجزيه خيرا عظيما .
و مع ذلك أقول : أنا أخالف الشّيخ في هذه المسألة .
و قد كنت علقت على موضوعه بعدة تعليقات ، و لم يُجب الشّيخ عن التساؤلات .
و أنا معه كما كنت قُلتُ سابقا ، في مسألة التزام الألفاظ الشرعية في أماكنها .
و لكن الذي أخالفه فيه قد قدّمت عليه براهين كثيرة ..و هو الكلام عن الألفاظ التي جاءت من قبيل البيان و التصنيف ، و ضربت أمثلة على ذلك ، أمّا ورود السنّة ببعض الألفاظ على وجه مخصوص ، هذا الوردو جاء من جهة :أنّ السنّة جاءت بلسان عربي مبين ، أي لفظة الميوعة في الحديث جاءت على وجهه اللغوي ، لم يتغير في السنة ، فلم يكن القصد من ذلك التوقّف على ذلك .
و هذه هي النقطة الجديدة من مقال الشّيخ حفظه الله و زاده توفيقا الاخير .
و قد ذكرت جواز تغيير الوضع العربي من كلام شيخ الإسلام رحمه الله تعالى .
و من ذلك لو نظرنا في معنى الإيمان والإسلام الوارد في الشّرع ، ليس هو الإيمان الذي يصطلح عليه علماء السنة ، فاصطلاح علماء السنة عليه أدلّة ، و لكنّه جاء عن طريق الاستقراء : فكان الإيمان في الشرع: أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و القدر خيره وشره ..
و كما ورد عن أحد السلف -بن مسعود رضي الله عنه-لمّا سُئل: هل أنت مؤمن : قال : إن كنت تقصد الإيمان بالله و ملائكته و كتبه و رسله...فأنا مؤمن ...
و عند العلماء : اعتقاد بالجنان و قول باللسان و عمل بالجوارح ، يزيد و ينقص .
فليس هناك نصّ فيه هذه الالفاظ ، والتي تُعرّف لنا الإيمان عند أهل السنّة و الجماعة ، و إنما عُرف بالاستقراء.
و من جهة أخرى :
فهذا اللفظ قد بيّنت من قبل أن لا يستعمل في مقابل البدعة و الكفر و الفسق و النفاق ...إلخ.
بل قد يستعمل لمزيد بيان لحالة معيّنة ...
أو كتصنيف لمنهج ما أو جماعة ما ...
مثل قول السلف : الزنادقة ، وزنديق ...و الروافض منه رافضي ، و المعتزلة ، معتزلي ، وقد جاء لفظ الاعتزال في الشّرع على وجه آخر ، و هو وجه المدح :قال صلى الله عليه و سلم(من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه):( تكون دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها هم قوم من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا فالزم جماعة المسلمين و إمامهم فإن لم تكن جماعة و لا إمام فاعتزل تلك الفرق كلها و لو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت و أنت كذلك )حديث رقم : 2994 من صحيح الجامع ..،
و مثلها لفظ : تكفيري ، ومُكفّر ..قد استعملها العلماء على وجه مخصوص ، مع أنّ التّكفير حكم شرعيّ له ضوابطه و معالمه ..و قد يكون فيه الوجهان مدح و ذمّ بحسب قصد و منهج المُتكلّم .
و أمّا المثال الذي ضربه الشّيخ عبد العزيز حفظه الله ، مسألة العشاء و تسميته بالعتمة .
فسبب التزام اللفظ هنا ظاهر ، و النّهي عن تغييره قد وردت بعلّته الرّواية التي ذكرها الشّيخ و هي :
قوله صلى الله عليه وسلّم :يعتمون بالابل، و في الرواية الأخرى :وإنها تعتم بحلاب الإبل.
قال الشيخ الألباني رحمه الله : ليعتمون : أعتم إذا دخل في العتمة وهي الظلمة , أي يؤخرون الصلاة بسبب الإبل وحلبها .(صحيح بن ماجة:1/117).
جاء في الثمر المستطاب للشيخ الإمام الألباني رحمه الله:(وفي رواية لأحمد : ( إنما يدعونها العتمة لإعتامهم بالإبل ) . وسندها صحيح على شرط مسلم (1/77).
و قال رحمه الله:ولا بأس من ذلك نادرا لثبوته عنه صلى الله عليه وسلم : ( ولو يعلمون ما في العتمة
والصبح لأتوهما ولو حبوا ).
قال الشيخ الألباني رحمه الله:زاد أحمد في رواية عن عبد الرزاق عن مالك : فقلت لمالك : إما يكره أن نقول : العتمة ؟ قال : هكذا قال الذي حدثني .
وثبت ذلك عن بعض الصحابة كجابر بن سمرة عند مسلم ( 118 ) وأحمد ( 5 / 89 و 105 ) وغيرهما وجابر بن عبد الله عند أحمد ( 3 / 348 ) وغيره .
قال بن القيّم رحمه الله في هذه المسألة :
قال صلى الله عليه و سلم : [ لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا وإنها العشاء وإنهم يسمونها العتمة ] وصح عنه أنه قال : [ لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ] فقيل : هذا ناسخ للمنع وقيل بالعكس والصواب خلاف القولين فإن العلم بالتاريخ متعذر ولا تعارض بين الحديثين فإنه لم ينه عن إطلاق اسم العتمة بالكلية وإنما نهى عن أن يهجر اسم العشاء وهو الإسم الذي سماها الله به في كتابه ويغلب عليها اسم العتمة فإذا سميت العشاء وأطلق عليها أحيانا العتمة فلا بأس والله أعلم .
من كتاب :زاد المعاد (تحقيق : شعيب الأرناؤوط - عبد القادر الأرناؤوط:(2/319).
و لذلك جاء ذكر العتمة عند السلف ، و لم يفهمو تحريم ذلك ..و لا جعلهم أحدهم تحت قاعدة: الأصل في العبادات الحظر .
كما جاء أيضا عنهم تسمية الظهر بالأولى !.
جاء في المجموع لشيخ الإسلام :
فَفِي الصَّحِيحَيْنِ { عَنْ أَبِي رَافِعٍ قَالَ صَلَّيْت مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ الْعَتَمَةَ . فَقَرَأَ { إذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ } فَسَجَدَ فَقُلْت : مَا هَذِهِ ؟ قَالَ : سَجَدْت بِهَا خَلْفَ أَبِي الْقَاسِمِ وَلَا أَزَالُ أَسْجُدُ بِهَا حَتَّى أَلْقَاهُ } وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى صِحَّتِهِ .(23/ 153).
قال شيخ الإسلام رحمه الله:(وأما تسمية الظهر الأولى فليس هو تسمية سنةٍ عنه عليه السلام، وإنما هو قول بعض السلف، كما في الصحيح عن أبي بَرْزَة أنه قال:"كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصلِّي الهَجيرَ التي تَدعُونها الأولى". فجعلَ دعاءَها بهذا الاسم من قول المخاطَبين، لا من قول الشارع، كما قال: "وكان يُصلِّي العشاءَ التي تَدعُونها العَتَمَة"، مع أنّ تسمية هذه الصلاة بالعَتَمة وإن وردَ النهيُ عن ذلك لئلاَّ يَغْلِب عليه، فقد وردَ فيه أحاديثُ صحيحةٌ لم يَرِدْ مثلُها في تسمية الظهر بالأولى.
( مجموع الفتاوى :(6/309).
بل قد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله تعالى وجها آخر للنّهي ، ذكره في كتابه :اقتضاء الصراط المستقيم(154)ط:دار الفكر!.
قال رحمه الله:( و قريب من هذا مخالفة من لم يكمل دينه من الأعرب و نحوهم ، لأن كمال الدّين بالهجرة ، فكان من آمن و لم يهاجر من الأعراب و نحوهم ناقصا ، قال سبحانه و تعالى :( الأعراب أشدّ كفرا و نفاقا و أجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله و الله عليم حكيم )التوبة:97.
و مثل ذلك : ما رواه مسلم في صحيحه عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :( لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ، ألا إنها العشاء و هم يعتمون بالإبل ).
و في لفظ : أن النبي صلى الله عليه وسلّم قال :لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم العشاء ، فإنها في كتاب الله العشاء ، فإنها تعتم بحلاب الإبل )
و رواه البخاري عن عبد الله بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب ) قال :( و الأعراب تقول هي العشاء ).
فقد كره موافقة الأعراب في اسم المغرب و العشاء ،بالعشاء و العتمة .
و هذه الكراهة عند بعض علمائنا تقتضي كراهة هذا الاسم مطلقا ، و عند بعضهم : إنما تقتضي كراهة الإكثار منه ، حتى يغلب على الاسم الآخر ، و هو المشهور عندنا .
و على التقديرين : ففي الحديث النهي عن موافقة الأعراب في ذلك ، كما نهى عن موافقة الاعاجم .انتهى.
قلت و يشبهه :عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً".و قد صححه الشيخ الألباني في الأدب المفرد و غيره .
فليس فيه النّهي عن الشّعر كما قد يتبادر من أوّل وهلة ! ، بل فيه النّهي أن تجعل قلبك كلّه وعاء الشعر فيتغلّب على الذكر و قراءة القرآن .

فهذه الألفاظ ليس عليها نهي مُطلق ، و لكنّ النّهي لأجل علّة .
كما فعل صلى الله عليه وسلّم بصلاة التراويح : لم يخرج إليهم في اليوم التالي : خشية أن تُفرض ، لا أنّه لا يجيزها !.
و حيثما انتفت العلّة ، رجع الأمر إلى أصله الأوّل ..و الله أعلم.
و مما كنت نقلته من قبل كلام الشيخ الالباني رحمه في مختصر العلو :
قال رحمه الله : ولست أدري ما الذي منع المصنف - عفا الله عنه - من الاستقرار على هذا القول وعلى جزمه بأن هذا الأثر منكر كما تقدم عنه فإنه يتضمن نسبة القعود على العرش لله عز وجل وهذا يسلتزم نسبة الاستقرار عليه الله تعالى وهذا مما لم يرد فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلى الله عز وجل ولذلك ترى المؤلف رحمه الله أنكر على من قال ممن جاء بعد القرون الثلاثة : إن الله استوى استواء استقرار ) كما تراه في ترجمة ( 140 - أبو أحمد القصاب ) . وصرح في ترجمة ( 161 البغوي ) أنه لا يعجبه تفسير ( استوى ) ب ( استقر ) . بل إنه بالغ في إنكار لفظة ( بذاته ) على جمع ممن قال : ( هو تعالى فوق عرشه بذاته ) لعدم ورودها عن السلف مع أنها مفسرة لقولهم باستواء الله على خلقه حقيقة استواء يليق بجلاله وكماله واعتبرها من فضول الكلام فانظرترجمة ( 136 - ابن أبي زيد ) و ( 144 - يحيى بن عمار ) و ( 146 - أبو عمر الطلمنكي ) و ( 149 - أبو نصر السجزي ) .
وهذه اللفظة ( بذاته ) وإن كانت عندي معقولة المعنى وأنه لا بأس من ذكرها للتوضيح فهي كاللفظة الأخرى التي كثر ورودها في عقيدة السلف وهي لفظة ( بائن ) في قولهم ( هو تعالى على عرشه بائن من خلقه ) . وقد قال هذا جماعة منهم كما ستراه في هذا ( المختصر ) في التراجم الآتية ( 45 - عبد الله بن أبي جعفر الرازي ) و ( 53 - هشام بن عبيد الله الرازي ) و ( 56 - سنيد بن داود المصيصي الحافظ ) ( 67 - إسحاق بن راهويه عالم خراسان ) وذكره عن ابن المبارك و ( 77 - أبو زرعة الرازي ) و ( 87 - أبو حاتم الرازي ) وحكياه عن العلماء في جميع الأمصار . و ( 79 - يحيى بن معاذ الرازي ) و ( 84 - عثمان بن سعيد الدارمي الحافظ و ( 103 أبو جعفر ابن أبي شيبة ) وكل هؤلاء من القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية ثم ( 108 - حماد البوشنجي الحافظ ) وحكاه عن أهل الأمصار ( 109 - إمام الأئمة ابن خزيمة ) . و ( 125 - أبو القاسم الطبراني ) و ( 133 - ابن بطة ) و ( 141 - أبو نعيم الأصبهاني ) وعزاه إلى السلف . و ( 142 - معمر بن زياد ) و ( 155 - الفقيه نصر المقدسي ) و ( 158 - شيخ الإسلام الأنصاري ) و ( 164 - ابن موهب )
قلت : ومن هذا العرض يتبين أن هاتين اللفظتين : ( ذاته ) و ( بائن ) لم تكونا معروفين في عهد الصحابة رضي الله عنهم . ولكن لما ابتدع الجهم وأتباعه القول بأن الله في كل مكان اقتضى ضرورة البيان أن يتلفظ هؤلاء الأئمة الأعلام بلفظ ( بائن ) دون أن ينكره أحد منهم .
ومثل وهذا تماما قولهم في القرآن الكريم أنه غير مخلوق فإن هذه لا تعرفها الصحابة أيضا وإنما كانوا يقولون فيه : كلام الله تبارك وتعالى لا يزيدون على ذلك وكان ينبغي الوقوف فيه عند هذا الحد لولا قول جهم وأشياعه من المعتزلة : إنه مخلوق ولكن إذا نطق هؤلاء بالباطل وجب على أهل الحق أن ينطقوا بالحق ولو بتعابير وألفاظ لم تكن معروفة من قبل وإلى هذه الحقيقة أشار الإمام أحمد رحمه الله تعالى حين سئل عن الواقفة الذين لا يقولون في القرآن إنه مخلوق أو غير مخلوق هل لهم رخصة أن يقول الرجل : ( كلام الله ) ثم يسكت ؟ قال : ولم يسكت ؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا لأي شيء لا يتكلمون ؟ ( 1 ) سمعه أبو داود منه كما في ( مسائله ) ( ص 263 - 264 )
قلت : والمقصود أن المؤلف رحمه الله تعالى أقر لفظة ( بائن ) لتتابع أولئك الأئمة عليها دون نكير من أحد منهم وأنكر اللفظة الأخرى وهي ( بذاته ) لعدم تواردها في أقوالهم . إلا بعض المتأخرين منهم فأنكر ذلك مبالغة منه في المحافظة على نهج السلف مع أن معناها في نفسه سليم وليس فيها إثبات ما لم يرد فكنت أحب له رحمه الله أن لا يتردد في إنكار نسبة القعود إلى الله تعالى وإقعاده محمدا صلى الله عليه وسلم على عرشه ما دام أنه لم يأت به نص ملزم عن النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه ليس له شاهد في السنة ومعناه ولفظه لم يتوارد على ألسنة الأئمة وهذا هو الذي يدل عليه بعض كلماته المتقدمة حول هذا الأثر ولكنه لما رأى كثيرا من علماء الحديث أقروه لم يجرؤ على التزام التصريح بالإنكار وإنما تارة وتارة والله تعالى يغفر لنا وله .(مختصر العلو:16-18).
و معلوم أنّ الكلام في مثل هذا الباب -أسماء الله و صفاته -أشدّ من الكلام في باب الأسماء و الأحكام و باب النّحل و المصطلحات الأخرى .
و في تعليقي الأخير على الحلقة الثانية من حلقات الشّيخ عبد العزيز بيان أيضا لما رأيته اتّجاه حقيقة وجود مصطلح التمييع في واقع الأمة : كمنهج الإخوان و منهج التّبليغ و غيرها من المناهج ...
رد مع اقتباس