عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 10-12-2010, 01:18 AM
محمد لبيب
زائر
 
المشاركات: n/a
افتراضي

و أنقل هنا كلام شيخ الإسلام رحمه الله( و الذي نقله الشّيخ عبد العزيز حفظه الله ) بسياقه حتّى يتّضح المعنى منه :
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ وَالْهِبَةَ وَنَحْوَهَا لَمْ يَحُدَّ الشَّارِعُ لَهَا حَدًّا ؛ لَا فِي كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ عَيَّنَ لِلْعُقُودِ صِفَةً مُعَيَّنَةً مِنْ الْأَلْفَاظِ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ قَالَ مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ : مِنْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِالصِّيَغِ الْخَاصَّةِ ؛ بَلْ قَدْ قِيلَ : إنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِمَّا يُخَالِفُ الْإِجْمَاعَ الْقَدِيمَ وَإِنَّهُ مِنْ الْبِدَعِ . وَلَيْسَ لِذَلِكَ حَدٌّ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ بِحَيْثُ يُقَالُ : إنَّ أَهْلَ اللُّغَةِ يُسَمُّونَ هَذَا بَيْعًا وَلَا يُسَمُّونَ هَذَا بَيْعًا حَتَّى يَدْخُلَ أَحَدُهُمَا فِي خِطَابِ اللَّهِ وَلَا يَدْخُلُ الْآخَرُ ؛ بَلْ تَسْمِيَةُ أَهْلِ الْعُرْفِ مِنْ الْعَرَبِ هَذِهِ الْمُعَاقَدَاتِ بَيْعًا : دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهَا فِي لُغَتِهِمْ تُسَمَّى بَيْعًا ،وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللُّغَةِ وَتَقْرِيرُهَا ؛ لَا نَقْلُهَا وَتَغْيِيرُهَا ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ كَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ . فَمَا سَمَّوْهُ بَيْعًا فَهُوَ بَيْعٌ وَمَا سَمَّوْهُ هِبَةً فَهُوَ هِبَةٌ .
و لندقّق في قوله رحمه الله : (فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَدٌّ فِي الشَّرْعِ وَلَا فِي اللُّغَةِ كَانَ الْمَرْجِعُ فِيهِ إلَى عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ . ).
و هذا تتمّة النّقل الثّاني عن شيخ الإسلام رحمه الله بسياقه و سباقه :
وَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَجَبَ حَمْلُ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى عُرْفِهِمْ فِي خِطَابِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ عُرْفُهُمْ مُوَافِقًا لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ . فَإِنْ كَانَ مُوجَبُ اللُّغَةِ عَوْدُ الشَّرْطِ إلَى الطَّبَقَاتِ كُلِّهَا فَالْعُرْفُ مُقَرِّرٌ لَهُ . وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ مُوجِبَ اللُّغَةِ قَصْرُهُ عَلَى الطَّبَقَةِ الْأَخِيرَةِ كَانَ الْعُرْفُ مُغَيِّرًا لِذَلِكَ الْوَضْعِ .
وَكَلَامُ الْوَاقِفِينَ وَالْحَالِفِينَ وَالْمُوصِينَ وَنَحْوِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الْعُرْفِيَّةِ دُونَ اللُّغَوِيَّةِ عَلَى أَنَّا نَقُولُ : هَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْعُرْفِ وَالْأَصْلُ تَقْرِيرُ اللُّغَةِ لَا تَغْيِيرُهَا فَيُسْتَدَلُّ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ مَفْهُومُ اللَّفْظِ فِي اللُّغَةِ ؛ إذْ الْأَصْلُ عَدَمُ النَّقْلِ . .
فما معنى تقرير اللغة ؟...و ما معنى : تغيير اللغة ؟.
التّقرير كما هو ملاحظ من السياق له علاقة بالعرف ، أي العرف قد يأتي على المعنى اللغوي فيقضي عليه في الحكم (أي اللفظ)، لأنه له علاقة بالوضع كما في كلام شيخ الإسلام .
و لكنّه لا يُغيّر اللفظ الأصلي ..و لذلك قال : فالعُرفُ :مقرّر له ..و قال : مغيّرا للوضع و لم يقل مغيّرا للّغة( اللفظ) ، أي للمعنى الذي وُضع له اللفظ .
و لذلك يختلف ذلك من مكان لآخر !..بحسب العرف ، كمن يحلف أن لا يأكل اللحم ، و لكنّه في المساء جاء و أكل الحوت أو السمك ، باعتبار اللحم عندهم هو : غير البحري ! ، فهل يُكفّر !؟.و هذا يساوي كلامه :(وَكَلَامُ الْوَاقِفِينَ وَالْحَالِفِينَ وَالْمُوصِينَ وَنَحْوِهِمْ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَقَائِقِ الْعُرْفِيَّةِ دُونَ اللُّغَوِيَّةِ ).
و لذلك القاعدة تقول : الحقيقة العُرفيّة مقدّمة على الحقيقة اللّغويّة عند التّعارض ...و منهم من يقول : العادة مُحكّمة .
و هذا ما يُثبت تغيير الوضع لا تغيير اللغة .
أما النقلين الأخيرين فقد ظهر معناهما بالنقول السّابقة .

و الله تعالى أعلم .
رد مع اقتباس