عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-04-2010, 09:16 AM
أبومعاذ الحضرمي الأثري أبومعاذ الحضرمي الأثري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الدولة: اليمن
المشاركات: 1,139
افتراضي

أخي الكريم
ما يتعلق بالقياس فإن الناس فيه على طرفين ووسط
منهم من غلا فيه وتوسع وهم أهل الرأي ومنهم من أنكر ورد وهم الظاهرية ومنهم من توسط وهم أهل الحديث والأثر ومانقل عن بعضهم من رد القياس إنما يحمل على من قدمه على النص أو صدر ممن ليس بمتأهل.. وأفضل من تكلم وفصل في هذا الباب الإمام ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعيين ذكر مذاهب الناس في المسألة وأقوالهم

وهذا فصول من إعلام الموقعين لابن القيم :

أخذ الصحابة بالقياس
وقايَس علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وزيد بن ثابت في المكاتب، وقايسه في الجد والإخوة، وقاس ابن عباس الأضراس بالأصابع، وقال عَقْلُها سواء، اعتبروها بها.
قال المزني الفقهاء من عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومنا وهلم جرا استعملوا المقاييس في الفقه في جميع الأحكام في أمر دينهم، قال وأجمعوا بأن نظير الحق حق، ونظير الباطل باطل، فلا يجوز لأحد إنكار القياس، لأنه التشبيه بالأمور والتمثيل عليها.
قال أبو عمر بعد حكاية ذلك عنه ومن القياس المجمع عليه صيد ما عدا المكلَّب من الجوارح قياسا على الكلاب، بقوله وما عَلَّمْتُمْ من الجوارح مُكَلِّبين) [المائدة: 4].
وقال عز وجل (والذين يرمون المحصنات) [النور: 4] فدخل في ذلك المحصنون قياسا وكذلك قوله في الإماء (فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) [النساء: 25] فدخل في ذلك العبد قياسا عند الجمهور، إلا من شذَّ ممن لا يكاد يعد قوله خلافا، وقال في جزاء الصيد المقتول في الإحرام (ومن قتله منكم متعمدا) [المائدة: 95]. فدخل فيه قتل الخطأ قياسا عند الجمهور إلا من شذ، وقال (يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها ) [الأحزاب: 49]. فدخل في ذلك الكتابيات قياسا، وقال في الشهادة في المدايَنَات (فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء ) [البقرة: 282] فدخل في معنى (إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى) [البقرة: 282] قياسا المواريث والودائع والغُصوب وسائر الأموال.
وأجمعوا على توريث البنتين الثلثين قياسا على الأختين، وقال عمن أعسر بما بقي عليه من الربا (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [البقرة: 280] فدخل في ذلك كل مُعسرٍ بدين حلال، وثبت ذلك قياسا.
ومن هذا الباب توريث الذكر ضعفَي ميراث الأنثى منفردا، وإنما ورد النص في اجتماعهما بقوله (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) [النساء: 11] وقال (وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ) [آخر النساء] ومن هذا الباب أيضا قياس التظاهر بالبنت على التظاهر بالأم، وقياس الرقبة في الظهار على الرقبة في القتل بشرط الإيمان، وقياس تحريم الأختين وسائر القرابات من الإماء على الحرائر في الجمع في التَّسَرِّي، قال وهذا لو تَقَصَّيته لطال به الكتاب.
صور من قياس الصحابة
ومن ذلك أن الصحابة قدموا الصديق في الخلافة وقالوا رضيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لديننا، أفلا نرضاه لدنيانا؟ فقاسوا الإمامة الكبرى على إمامة الصلاة، وكذلك اتفاقهم على كتابة المصحف وجمع القرآن فيه، وكذلك اتفاقهم على جمع الناس على مصحف واحد وترتيب واحد وحرف واحد، وكذلك منع عمر وعلي من بيع أمهات الأولاد برأيهما، وكذلك تسوية الصديق بين الناس في العطاء برأيه، وتفضيل عمر برأيه، وكذلك إلحاق عمر حد الخمر بحد القذف برأيه، وأقره الصحابة، وكذلك توريث عثمان بن عفان رضي الله عنه المبتوتة في مرض الموت برأيه، ووافقه الصحابة، وكذلك قول ابن عباس في نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام قبل قبضه، قال أحْسِبُ كل شيء بمنـزلة الطعام، وكذلك عمر وزيد لما وَرَّثَا الأم ثلث ما بقي في مسألة زوج وأبوين وامرأة وأبوين قاسا وجود الزوج على ما إذا لم يكن زوج، فإنه حينئذ يكون للأب ضعف ما للأم، فقدَّرا أن الباقي بعد الزوج والزوجة كل المال، وهذا من أحسن القياس، فإن قاعدة الفرائض أن الذكر والأنثى إذا اجتمعا وكانا في درجة واحدة فإما أن يأخذ الذكر ضعف ما تأخذه الأنثى كالأولاد وبني الأب، وإما أن تساويه كولد الأم، وأما أن الأنثى تأخذ ضعف ما يأخذ الذكر مع مساواته لها في درجته فلا عَهْدَ به في الشريعة، فهذا من أحسن الفهم عن الله ورسوله، وكذلك أخذ الصحابة في الفرائض بالعَوْلِ وإدخال النقص على جميع ذوي الفروض قياسا على إدخال النقص على الغرماء إذا ضاق مال المُفْلِسِ عن تَوْفيتهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للغرماء (خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك) وهذا محض العدل، على أن تخصيص بعض المستحقين بالحرمان وتوفية بعضهم بأخذ نصيبه ليس من العدل.
رد مع اقتباس