عرض مشاركة واحدة
  #39  
قديم 02-10-2010, 04:09 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي تتمـــــــــة

تتمـــــــــة
وعلى ذلك فإن حكم الختان واجب في حق الرجال، سنة في حق النساء.

قال شيخنا الألباني - رحمه الله - وجعل الفردوس الأعلى مأواه : [وأما حكم الختان فالراجح عندنا : " وجوبه "، وهو مذهب الجمهور، كمالك والشافعي وأحمد، واختاره ابن القيم، وساق في التدليل على ذلك خمسة عشر وجها ، وهي وإن كانت مفرداتها لا تنهض على ذلك، فلا شك أن مجموعها ينهض به، ولا يتسع المجال لسَوْقِـها جميعا فأكتفي منها بوجهين :

الأول : قوله - تعالى - : {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل 123].
والختان من ملّته، كما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - المذكور في الكتاب وهذا الوجه من أحسن الحجج ، كما قال البيهقي ، ونقله الحافظ (10 / 81) - رحمهما الله تعالى - .

الثاني : أن الختان من أظهر الشعائر التي يفرَّق بها بين المسلم والنصراني، حتى إن المسلمين لا يكادون يعدّون الأقلفَ منهم.
ومن شاء الاطـّلاع على بقية الوجوه المشار إليها، فليراجع كتاب تحفة المودود ( ص 53 - 60 ) . وانظر : [تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص (69) ].

وفي خفض المرأة ردّ شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى – على قول الشيخ سيد سابق - رحمه الله - في كتابه فقه السنة :[ومن (سنن الفطرة) قوله في التعليق : " أحاديث الأمر بختان المرأة ضعيفة لم يصح منها شئ "، انتهى كلام الشيخ سيد سابق - رحمه الله -.

قال شيخنا في كتابه القيّم : [تمام المنة في التعليق على فقه السنة ص 67] : [ أقول : ليس هذا على إطلاقه، فقد صَحّ قولهُ - صلى الله عليه وسلم - لبعض الختّانات في المدينة : (اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى للزوج) . رواه أبو داود والبزار والطبراني وغيرهم وله طرق وشواهد عن جمع من الصحابة خرجتـُها في " الصحيحة " ( 2 / 353 - 358 ) ببَسْطٍ قد لا تراه في مكان آخر، وبيّـنت فيه أن ختن النساء كان معروفا عند السلف، خلافا لبعض من لا علم بالآثار عنده .

وإن مما يؤكد ذلك كله الحديث المشهور : (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل) وهو مخرج في " الإرواء " ( رقم 80 ).

قال الإمام أحمد - رحمه الله - : (وفي هذا دليل على أن النساء كنّ يُختنّ) . انظر تحفة المودود في أحكام المولود ". لابن القيم ( ص 64 - هندية ) ] انتهى كلامه.

وما روته أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – أنه قال : (إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل) صحيح (رواه حم – ت) ، والطبراني عن أبي أمامة - رضي الله عنه – انظر : [صحيح الجامع 475] و [الارواء 80 و127].

وعن الضحاك بن قيس - رضي الله عنه - قال : كانت أم عطية خافضة في المدينة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لها : (اخْفِضي ولا تنهَكي، فإنه أنضر للوجه وأحظى عند الزوج) (صحيح) رواه الطبراني في الكبير، والحاكم عن الضحاك بن قيس - رضي الله عنه - [صحيح الجامع 336- الصحيحة 722].

قال شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى – في التعليق على الحديث : [الخطاب لأم عطية رضي الله عنها ، أي : إذا خَتَنْتِ المرأة فـ (لا تنهكي) أي : لا تبالغي في استقصاء محل الختان بالقطع ، بل أبقي بعض ذلك الموضع] [صحيح الجامع 1/106 " الحاشية "] .

وعن علي - رضي الله عنه - قال (كانت خفّاضة بالمدينة فأرسل إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : (إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي، فإنه أحسن للوجه وأرضى للزوج) حديث حسن ، أخرجه الخطيب (12/291) ، ووثقه ابن حبان (8 /521) صحيح الجامع (508) ، الصحيحة (722)].

فأشمي : أي اقطعي بعض النواة – لأن في تركها مدعاة للوقوع في الحرج أو الفتن .
ولا تنهكي : أي لا تستأصلي .

وعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول - صلى الله عليه وسلم - لأم عطية ( إذا خفضت فأشمي ولا تنهكي فإنه أسرى للوجه، وأحظى عند الزوج ) (حديث حسن) رواه الطبراني في الأوسط ( 3/133/2274- ط ) ورواه الدولابي (2/ 122) ، والخطيب في التاريخ ( 5/327 ) صحيح الجامع 509] و [السلسلة الصحيحة ( 722) .

قال شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - بعد أن أورد الحديث وطرقه : لكن مجيء الحديث من طرق متعددة ، ومخارج متباينة لا يَبعُد أن يُعطي ذلك للحديث قوة يرتقي بها إلى درجة الحسن، لا سيما وقد حسّن الطريق الأولى الهيثمي كما سبق . والله أعلم ....). [الصحيحة 722 جـ 2 ص347] . انتهى.

وقال - رحمه الله تعالى – : واعلم أن خَـتْنَ النساء كان معروفاً عند السلف خلافا لما يظنه من لا عِلمَ عنده، فإليك بعض الآثار :

1. عن الحسن - رضي الله عنه -، قال : [ دُعي عثمان بن أبي العاص إلى طعام، فقيل : هل تدري ماهذا ؟ هذا ختان جارية ! فقال هذا شيء ما كنا نراه على عهد رسول الله، فأبى أن يأكل] [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (3/7/2)، الصحيحة 2/348 (رقم 722– الأثر رقم 1)].

فانظري أختـــــاه رعاك الله، إلى روعة الاتباع ، لم يُنكر عثمان بن أبي العاص - رضي الله عنهم – " الخفض " ، وإنما أنكر" المأدبة بسببه "، لأنها ليست من هدي رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم -.

وقد تعالت أصواتٌ على الفضائيات، وفي غيرها من وسائل الإعلام في عقر ديار المسلمين، قد تعرف وتحرف !!، وقد يشار إليها ببنانهم، ُتنكر الخفض للنساء وكذلك أدلته، ولعله يأتي عليهم زمان ينكرون الختان جملة وتفصيلا، إتباعا لسنن من كان قبلهم، الذين يتهمون الإسلام ومبادئه بالقسوة والهمجية، ليصدوا المسلمين عن شعائر دينهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .


2. عن أم مهاجر قالت : ( سُبيتُ وجواري من الروم ، فعرض علينا عثمان الإسلام فلم يسلم منا غيري وغير أخرى، فقال : اخفضوهمــــا وطهروهمــــا، فكنت أخدم عثمان ) [أخرجه البخاري في الأدب المفرد ( 1245 و 1249 ) السلسلـــة الصحيحــــــة (722) - الأثر رقم (2) ص (348 - 349)] .

3. وعن أم علقمة قالت :( أن بنات أخي عائشة خُتنَّ ، فقيل لعائشة : ألا ندعو لهُنّ من يُلهيهن ؟ قالت : بلى فأرسلت إلى عدي فأتاهن، فمَرّت عائشة في البيت، فرأته يتغنى (1) ويحرك رأسه طرباً - وكان ذا شعر كثير - فقالت : أف، شيطان ! أخرجوه أخرجوه ) [أخرجه البخاري في الأدب المفرد (1247) الصحيحة (722) الأثر رقم (3)] .


أين أمنا عائشة - رضي الله عنها - من أمثاله في هذا الزمان - لا كثرهم الله - ؟ وماذا ستقول فيهم لو رأتهم ؟ !!! .

جزى الله نبينا وحبيبنا محمد - صلى الله عليه وسلم - عنا خير ما جازى به نبياً عن أمته ، فقد أرشدنا لما فيه صلاح القلوب والأبدان، وسعادة الدارين الدنيا والآخرة .

يتبع إن شاء الله - تعالى -.

_______________

(1)
قال شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى – في كتابه القيّم [ تحريم آلات الطرب ص 121] :

تذييل :

[ وَرُبّ سائل يقول :
قد عرفنا مما تقدم من الأحاديث والبحوث وأقوال العلماء تحريم آلات الطرب كلها بدون استثناء سوى الدف في العرس والعيد، فهل هناك مناسبة أخرى يَحِلّ فيها الدف أيضا ؟.

فأقول : يرد في كلام بعض العلماء ما يشر إلى جواز الضرب على الدف في (الأفراح) - هكذا يطلقون - وفي الختان وقدوم الغائب وأنا شخصيا لم أجد ما يدل على ذلك مما تقوم به الحجة ولو موقوفا.

وقد رأيت ابن القيم ذكر في كتابه " مسألة السماع " (ص 133) أثرا من رواية أبي شعيب الحرّاني بسنده عن خالد عن ابن سيرين أن عمر بن الخطاب كان إذا سمع صوت الدف سأل عنه، فإن قالوا : عرس أو ختان سكت. ورجاله ثقات، ولكنه منقطع، وقد أبعد النجعة في عزوه لأبي شعيب الحرّاني وإن كان ثقة، فإنه ليس مُؤلف مَعروف، وقد رواه مَن هو أشهر منه وأوثق ومن المصنفين كابن أبي شيبة (4 / 192) وقال : " أقرّه "، مكان " سكت "، وعبد الرزاق (11/ 5) وعنه البيهقي (7 / 290) من طريقين عن أيوب عن ابن سيرين : أن عمر كان . . . إلخ .
ولفظ ابن أبي شيبة : " عن ابن سيرين قال : ُنبئتُ أن عمر ... " . وهذا صريح في الانقطاع، وما قبله ظاهر في ذلك، لأن محمد بن سيرين لم يدرك عمر بن الخطاب، وُلد بعد وفاته بنحو عشر سنين.

وقد استدل بعضهم للمسألة بحديث عبد الله بن بريدة عن أبيه : أن أمَةً سوداء أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورجع من بعض مغازيه - فقالت : إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا ( وفي رواية : سالما ) أن أضرب عندك بالدف [وأتغنى] ؟ قال : " إن كنت فعلت ( وفي الرواية الأخرى : نذرت ) فافعلي، وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي" . فضربت، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر قال : فجعلت دفها خلفها.
(وفي الرواية الأخرى : تحت إستها ثم قعدت عليه) وهي مقنعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الشيطان ليفرق (وفي الرواية : ليخاف) منك يا عمر، أنا جالس ههنا [وهي تضرب] ودخل هؤلاء [وهي تضرب] فلما أن دخلت [ أنت يا عمر] فعلت ما فعلت (وفي الرواية : ألقت الدف)". أخرجه أحمد والسياق له والرواية الأخرى مع الزيادات للترمذي وصححه هو وابن حبان وابن القطان، وهو مخرج في " الصحيحة " (1609 و2261) وسكت عنه الحافظ في " الفتح " (11 / 587 - 588) .

وقد تَرجمَ لحديث بريدة هذا جَدْ ابن تيمية - رحمهما الله تعالى - في " المنتقى من أخبار المصطفى " بقوله : " باب ضرب النساء بالدف لقدوم الغائب، وما في معناه " .

قلت : والقول لشيخنا الألباني – رحمه الله تعالى – : وفي الاستدلال بهذا الحديث على ما ترجم له وقفة عندي، لأنها واقعة عين لا عموم لها وقياس الفرح بقدوم غائب مهما كان شأنه على النبي - صلى الله عليه وسلم - قياس مع الفارق كما هو ظاهر.

ولذلك كنت قلت في " الصحيحة " ( 4 / 142 ) عقب الحديث : " وقد يشكل هذا الحديث على بعض الناس لأن الضرب بالدف معصية في غير النكاح والعيد والمعصية لا يجوز نذرها ولا الوفاء بها .

والذي يبدو لي في ذلك : أن نذرها لما كان فرحا منها بقدومه - عليه السلام - صالحا منتصرا، اغتفر لها السببُ الذي نذرتهُ لإظهار فرحِها خصوصية له - صلى الله عليه وسلم - دون الناس جميعا، فلا يؤخذ منه جواز الدف في الأفراح كلها، لأنه ليس هناك من يُفرح به كالفرح به - صلى الله عليه وسلم - ولمنافاة ذلك لعموم الأدلة المحرمة للمعازف والدفوف وغيرها، إلا ما استثنيَ كما ذكرنا آنفا " .
ونحوه في المجلد الخامس من " الصحيحة " ( 332 - 333 ) .


وقد شرح السببَ الذي ذكَرْتـُهُ الإمامُ الخطابي - رحمهُ الله - فقال في" معالم السنن " ( 4/ 382 ) : " ضرب الدف ليس مما يعد في باب الطاعات التي يعلق بها النذور، وأحسن حاله أن يكون من باب المباح، غير أنه لما اتصل بإظهار الفرح بسلامة مَقدَمِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدمَ المدينة مِن بعض غزواته، وكانت فيه مَساءَةُ الكفار وإرغامُ المنافقين، صار فِعلهُ كبعضِ القـُرَبِ التي من نوافل الطاعات، ولهذا أبيح ضرب الدف ".

قلت : ففيه إشارة قوية إلى أن القصة خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فهي حادثة عين لا عموم لها كما يقول الفقهاء في مثيلاتها، والله - سبحانه وتعالى - أعلم ] انتهى كلامه - رحمهُ الله - تعالى -. انظر : كتاب [ تحريم آلات الطرب ص121- 125 ].
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس