عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 01-20-2024, 08:45 PM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 821
افتراضي

⚫ منهج العلماء في كيفية التَّعامل مع الفتن
⏺️ أولًا: الإمام الألباني/2

🔹 السَّائل: يحدثنا المطَّلعون على أحوال المسلمين في (البوسنة والهرسك) القريبون مِن القوات الإسلاميَّة هناك أنَّ جهادًا قائمًا هناك يتميز بالرَّاية الإسلاميَّة المرفوعة، وبنوع (قوة يرهبون بها الكفرة) الذين يقاتلونهم.
فإنَّ صحَّ هذا فما هو رأيكم فيما يحاول فيه كثير مِن الشَّباب المسلم -عربًا وعجمًا- للذهاب إلى نصرة إخوانهم -هناك-، ومقاتلة أعداء الله -عزَّ وجلَّ- نصرة لإخوانهم في الدِّين؟

🔴 الإمام الألباني: نحن نقول كما نقول دائمًا وأبدًا: إنَّ (الجهاد اليوم فرض عين)؛ لكثرة البلاد الإسلاميَّة المُهاجمة مِن الكفار مِن مختلفي الأديان والمشارب! ولكننا نعتقد أنَّ الجهاد لابدَّ مِن (اتخاذ اللوازم والأسباب والعدة التي تمكن المسلمين مِن الانتصار على عدوهم)، وعلى هذا نحن نقول إنَّ الأسباب التي ذكرناها –آنفًا- مِن الأمراض التي أشار إليها نبينا صلى الله عليه وآله وسلم في بعض تلك الأحاديث، وذكر في أحدها كما انتهينا في آخر الجواب إلى بيان الجملة الأخيرة: «حتى ترجعوا إلى دينكم». فأنا أقول -آسفا جدًّا جدًّا جدًّا- فليرضى مَن يرضى، ولا يرضى مَن لا يرضى-، ما يهمنا إلا رضى الله -تبارك وتعالى-: إنَّ جهاد المسلمين الكفار لابدَّ لهم مِن أن يتخذوا الأسباب التي (تؤهلم للانتصار على عدوهم).

🔹 أوَّل تلك الأسباب:

⭕ أنْ يؤمنوا بالله ورسوله كما أراد الله ورسوله. وهذا الإيمان اليوم (غير متوفر في طائفة متجمعة على هذا المنهج) الذي شرحناه –آنفًا-، وأعتقد أنَّ الذين يذهبون إنما هم أفراد متفرقون في مختلف البلاد، لا تجمعهم عقيدة إسلامية صحيحة(!) وإنما هم مختلفون أشد الاختلاف، وقد رأينا ذلك -مع الأسف الشديد -أكرر للأسف الشديد- في (الجهاد الأفغاني) الذي كنا نأمُل ونرجوا مِن الله -عزَّ وجلَّ- أنْ نكون –الآن- قد اقتطفنا ثمار ذلك الجهاد؛ لأنَّ الجماعة -أعني بهم المسلمين الأفغان- كانوا قد أعلنوها جهادًا في سبيل الإسلام، أمَّا اليوم فليس هناك في البوسنة والهرسك إعلان مِن البوسنيين والهرسكيين -إذا صح التعبير- لم يعلنوا الجهاد في سبيل الله، نعم؛ هذا الفارق الكبير بين القتال الذي يقع –الآن- بين الكفار مِن الصِّرب ومَن يعينهم، وبين المسلمين في البوسنة ومَن يعينهم مِن مختلف المسلمين الذين أشرتَ إليهم –آنفًا-، مع هذا البون الشاسع بين الجهاد الأفغاني، والقتال البوسني لم نقتطف الثمرة بعد اثني عشرة سنة مِن الجهاد الأفعاني!
▪️ لماذا؟!
◼️ لأنهم لم يتخذوا العدة التي نحن ندندن حولها –الآن-، وسأبين ذلك بشيء مِن البيان:

⚫ فكلنا يعلم –أيضًا- آسفين- أنَّه كان (سبعة أحزاب) وصدق فيهم قول الله -عزَّ وجلَّ-: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، وكان هناك حزب واحد هو الذي أعلن أنَّه على منهج السّلف الصَّالح على القرآن والسُّنَّة، ومع ذلك فقد وقع ما وقع بمقاتلة بعض الأحزاب لهذه الجماعة القائمة على الكتاب والسُّنَّة، وكلُّ هذه الأحزاب يعلمون قول ربّ العالمين: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ * مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}، {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، لقد فشل الجيل الأول الأطهر الأنور، وهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة حُنين فقط أنهم أصيبوا بالعُجب المهلك! مع أنهم كانوا كاملين في كل النَّواحي الأخرى، فما انتصروا لولا أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- نصرهم في نهاية الأمر على الكافرين، فكيف ينتصر المسلمون اليوم على أعدائهم الكفار: الصِّرب ومعهم دول أوروبا كلها؟!
وإنْ كان ظاهرًا يدندنون حول الانتصار لهؤلاء المغزوين في دارهم! فأنا أقول: (أنَّ الجهاد لا بُدَّ له مِن استعداد)، وهذا صريح القرآن الكريم: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُواللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}.

👈🏼 أنا أقول لهؤلاء الشباب المتحمس ووجب له هذا التَّحمس:
👈🏽👈🏽 هل أعدوا العدة التي أشار الله -عزَّ وجلَّ- إليها في هذه الآية: {ما استطعتم مِن قوة ومِن رباط الخيل}؟!
▪️لا شك أنَّ اللهَ -عزَّ وجلَّ- حينما أطلق القوَّة، وخص بالذِّكر رباط الخيل، ذلك لأنَّ رباط الخيل كان هو مِن أسباب القتال التي تساعد المجاهدين على الانتصار على أعدائهم، ولكنَّه قبل أنْ يذكر رباط الخيل (أطلق القوَّة)، قال: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ}.

◼️ فما هي القوة التي أعدَّ هؤلاء الشباب؟!
🔴 ظني أنهم سيقولون: إنهم ليس عندهم (طائرات)! ولا (دبابات)! وليس عندهم (قتال منظم على الطريقة العسكرية الحديثة العهد) -الآن- مِن حيث أسلوب (القتال)، وأسلوب (الهجوم)، وأسلوب (الدِّفاع)، وأسلوب (الفرار) حينما يجوز الفرار وهكذا...
⬅️ ثم إنني ألفت النَّظر هؤلاء الأفراد مِن كل الشُّعوب المسلمة يريدون أنْ يقاتلوا بهذه الوسائل مِن (الأسلحة العادية)!! فما بال الدُّول الإسلاميُّة تتفرج على هؤلاء المسلمين المغزوين في عقر دارهم؟!!
👈🏿 ثم على هؤلاء المسلمين الذي يناصرونهم بمثل هذه (الأسلحة العادية) التي (لا تساوي شيئًا) بالنَّسبة لأسلحة الكافر المهاجم -ألا وهم الصِّرب- هلَّا جهزوا جيشوهم؟!
هلَّا أرسلوا دبابتهم؟!
هلا أرسلوا طائراتهم؟!
لنستطيع أنْ نقول: إنهم قد أعدوا عدتهم في حدود استطاعتهم، فلعل الله -عزَّ وجلَّ ينصرهم.

🎯 نحن ننصح شبابنا المسلم المتحمِّس وبخاصة بعد أنْ رأى جهاد أولئك المتحمسين في (أفغانستان) ذهب (أدراج الرياح)! مع أنَّ الجهاد هناك كان –أولًا- باسم الإسلام. و-ثانيًا- كان يتلقى الإمدادات التي لا يمكن أنْ يتلاقها هؤلاء الشَّباب، وهذا نحن نقول مبيِّنين لهؤلاء الشَّباب نكتة في الآية السَّابقة -جاءت المناسبة للتحدث عنها-، ربنا -عزَّ وجلَّ- حينما خاطب المؤمنين الأولين بقوله -عزَّ وجلَّ-:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ}. الخطاب هنا موجَّه للصَّحابة المهيَّئين لتقبل تنفيذ هذا الأمر، ومستعدين للقيام به، أَي: إنهم كانوا قد قاموا بواجب الإعداد المعنوي، لذلك وجهت هذه الآية إليهم {وَأَعِدُّوا}. فأنا أستنبط مِن هذه الآية شيئًا لا يتعرض لذكره المفسرون عادة، مع أنَّه أمر واضح ويجب بيانه بمثل هذه المناسبة، حينما خاطب الله -عزَّ وجلَّ- أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقوله: {وَأَعِدُّوا}. كانوا أهلًا لمثل هذا الخطاب، أي: كانوا مؤمنين بالله ورسوله حقَّ الإيمان، أي: على النَّحو الذي نُدندن نحن حوله اليوم، ولا نستطيعه إلا بجهد جهيد، نُدندن حول الإسلام المُصفى؛ لنصل إليه نحتاج إلى جهود جبارة مِن علماء المسلمين -كما سبق الإشارة إلى ذلك آنفًا-، أمَّا الصَّحابة فكما قلت –أيضًا- في مطلع لكلمتي السَّابقة، قد تلقوا الإسلام مِن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غضًّا طريًا، فهم ليسوا بحاجة مثل ما نحن بحاجة الآن أن نُشغل كثيرًا مِن وقتنا بفهم شريعة ربنا -عزَّ وجلَّ- مُصفى، فهم كانوا تلقوا الإسلام مصفى مباشرة مِن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم طبَّقوه –أيضًا- في نفوسهم، فصاروا مهيئين لتقبلوا ذلك الأمر الإلهي: {وَأَعِدُّوا} -يا معشر أصحاب الرَّسول عليه السَّلام-.

♦️♦️ حينما أقول هذا: لا أريد أنْ أشكك النَّاس في عقيدتهم، وفي عملهم الصَّالح، ولكني في الوقت نفسه لا أريد أنْ أكون كـ(النعامة=) التي يضرب بها المثل في (=الحماقة)! حينما ترى الصَّياد قد توجَّه إليها، فهي تُدخل رأسها في الرَّمل! فلا تَرى الصَّياد، فلحماقتها تظن أنَّ الصَّياد سوف لا يراه ولا يصطادها!!
♦️ لا أريد –أيضًا- أنْ أكون (غافلًا) عن وصف المرض الذي يجب للمسلمين أنْ يعالجوه.
فأنا أقول:

🎯 يا معشر الشَّباب: هل أنتم تلقيتم الإسلام غضَّا طريَّا كما تلقاه أصحاب النَّبي صلى الله عليه وآله وسلم، أو مِن أبرز الأمور التي تؤكد لنا أنكم أنتم كذلك أولى، هل اجتمعتم على كلمة سواء؟!
▪️هل توحَّدتم في عقديتكم؟! وفي أخلاقكم؟! وفي إخلاصكم بعضكم لبعض؟! كل فرد يَصدُق فيه كما قال -عليه الصَّلاة والسَّلام- في الجديث الصحيح: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه»؟!

⭕ أنا أقول –آسفًا-: لا نكاد نجد جماعة عشرة أشخاص يصدق فيهم مثل هذا الإيمان الذي ذكره الرَّسول -عليه الصَّلاة والسَّلام-، فكيف بالمئات؟! وكيف بالألوف المؤلفة المتفرقة الذين لم يجتمعوا في مكان واحد ليكونوا طائفة واحدة: عقيدة وسلوكًا، ومِن ذلك السُّلوك أنْ تتأمروا بهذا الأمر الإلهي: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} إلى آخر الآية..
👈🏼 هذا الذي –أنا- أدندن حوله، وأنا لا أريد أنْ تذهبوا طُعمًا للنيران! فأنتم بين الكفار الذين يحاربون الإسلام في كل أرض الإسلام، ولابد أنكم سمعتم ما حلَّ بإخواننا في (الصومال)، وفي (أريتيريا)، وفي (الفلبين)، وفي... وفي... إلى آخره، وأخيرًا في الجزائر، وربما في (السُّودان) أيضًا، فمما هذا يا إخواننا المسلمون المتحمسون حماسًا عاطفيًا غير مقرون بـ (التَّدبير) و (العقل السليم)!!!

🔹 أمامكم هؤلاء الكفار الذين (يمكرون بكم)، وخلفكم دول إسلامية (لا تساعدكم)، ولذلك أنا أقول ختامًا لكلمتي هذه معكم: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.
هذا ختام جوابي لهذا السؤال، وأرجوا أنْ أكون قد وفقت.

[📀 «سلسلة الهدى والنور» رقم: (691)]
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس