عرض مشاركة واحدة
  #17  
قديم 12-28-2023, 10:54 AM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 818
افتراضي

📌 فوائد منهجية مِن كتاب «تمييز ذوي الفطن»: (1)
📜 التَّاريخ يُعيد نفسَه...

«وفي بعض البلاد التي يقال عنها بلاد الحضارة وبلاد القوة أُسقط برجان سكنيان تجاريان عظيمان، وقُتل تحتها المسلم والكافر سيان، ونتج عنه تمكّن الخصم أكثر، ومنع المسلمين مِن الدَّعوة إلى الله، ومُنع نشر كتبهم، وتقليص مؤتمراتهم التي كان يُستفاد منها، والتَّضييق على المستقيمين في الدِّراسة والعمل، والضَّغط السِّياسي الخانق على الدُّول المسلمة، وإضعاف اقتصادها، ومحاولة إجبارها على ترك ما بقي لديها مِن أحكام شريعة ربها، وتوقيف أكثر المشاريع الخيرية، وتنفير النَّاس عن دين الإسلام والصَّد عن سبيل الله، وجعل أهل الدِّين فتنة للكافرين، وما زال بهم العدوان حتى تسلط السُّفهاء على جناب الرسول صلى الله عليه وسلم بالسَّب والثَّلب، مع أنَّ الله قد عَلَّمَ المسلمين في كتابه قاعدة عظيمة لو كانوا يعلمون، فقال: ﴿ولا تَسبوا الذين يَدعون مِن دون اللهِ فيسبوا اللهَ عَدوًا بغير عِلْم﴾، هذا في السَّب فقط! فكيف إذا كان في القتل والتَّدمير؟!

◼️ ولقد خرج النَّاس عقب تفجيرات ما سمي بـ (١١ سبتمبر) فرحين مستبشرين، وبلغت منهم التَّهاني أبعد مما تبلغه الأماني! ولقد كنّا يومها -في ثلة قليلة مع الأسف! نعلم أنَّ هذا الفعل فتنة وليس بجهاد؛ لأنَّه سيجر على المسلمين خسائر فادحة دينية وغير دينية، لكنّنا كنا لا نكاد نَقْدِر على الإنكار إلا بقلوبنا، ولا نكترث كثيرًا بالرَّد على المؤيدين حتى يزول عنهم السُّكر؛ لأنَّه ليس مِن الحكمة مخاطبة السَّكران، وقد قيل: (مَن لم يعتبر بالأيام، لم ينتفع بالملام)! بل لو نَطَقتَ بما يقتضيه (فقه الجهاد النَّبوي) لم يشكَّ كثير منهم في كفرك، ولأمطروا عليك آيات الولاء والبراء، وقالوا: أنت منافق؛ لأنك تدافع عن الكفار الظالمين وتكره انتصار المسلمين! ولا أدري أيُّ انتصار حصل للمسلمين عقب تحطيم البرجين إلا تحطيم بلدين مسلمين بدلهما: أفغانستان والعراق؟! نسأل الله أنْ يرفع عنها المصيبة التي حلت بها، وأنْ يكبت كلَّ عدو للمسلمين، مع هذه الخسارة الفادحة فقد سموها (غزوة!!)، وهم يرون ما جناه المسلمون فيها مِن حرمان، وما صحبهم فيها مِن ذلة وخذلان!

♦️ ولا أدري -أيضًا- أي انتصار حصل للمسلمين! مع أنَّه مات تحت ذاك التفجير عدد كبير مِن المسلمين لو كانوا صدقًا على المسلمين مشفقين؟!
فكيف يهون قتل العشرات مِن المسلمين -فضلاً عن الأبرياء مِن غيرهم- لمجرد إغاظة العدو بتحطيم بنايتين؟! ثم يقال: لقد أوقعنا بهم (خسائر اقتصادية كبيرة)(1). وأين قيمة الاقتصاد أمام إزهاق روح مسلمة؟!
وقد أخبر الرؤوف الرَّحيم بأمته صلى الله عليه وسلم أنَّ هلاك الدُّنيا كلها بأبراجها وأنهارها وجبالها أهون عند الله مِن قتل مسلم واحد، فقال: «لزوال الدُّنيا أهون على الله مِن قتل رجل مسلم»، صححه الألباني -رحمه الله-، وحصل مِن المفاسد الدَّعوية عقبها ما أجملته -آنفًا- لو كانوا بالدَّعوة الإسلاميَّة حقا مُهتمين! لكن طغيان الشَّهوة الغضبية يَحجب النَّظر الحصيف عن العيون، والولوع بالانتقام للنَّفس يُنسي تقديم المصلحة العامة، ويدفع إلى العجلة التي تُعمي عن التَّطلع لعواقب الأمور والموازنة بين المصالح والمفاسد! وقلة الإخلاص تُري صاحبها مصلحة إشفاء الصدور قبل مصلحة الدِّين، ثم مرت الأيام (ورأى العقلاء) ما جرَّ ذلك الفعل على المسلمين مِن شر وبلاء، فانقشعت عنهم ضبابة التهور وصبابة التَّسرع(2)، وعلموا أنَّ القول قول أهل العلم، وأنَّ رأيهم أولى بالاتهام مِن رأي أهل العلم الذين أمر الله بالرُّجوع إليهم في مثل قوله -تعالى-: ﴿فسئلوا أهلَ الذِّكر إنْ كنتم لا تعلمون﴾.
والعلماء الصادقون الغيورون على حرمات المسلمين المشفقون عليهم حقًّا قد أفتوا بتحريم تحطيم البرجين؛ انطلاقًا مِن مقاصد الشَّريعة، ومِن أدلة أخرى خاصة بالموضوع ذكرتها عند بحث رمي التُّرس وما قيس عليه...». إلخ.
[📗 «تمييز ذوي الفطن بين شرَف الجهاد وسرف الفتن» (ص164-166)]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) والتاريخ يعيد نفسه، كما نرى مِن بعض المتحمسين(!) في نشر إحصائيات طوفانهم!! ولا عزاء لدماء أهل فلسطين!! [محمد حسين]
(2) وهنا (قد) لا يُعيد التَّاريخ نفسه(!) [محمد حسين]
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس