عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 12-07-2023, 05:38 PM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 811
افتراضي

سلسلة الفوائد المنهجية: (فقه الجهاد)

⚡ الإمام العثيمين: ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار حتى ولا جهاد مدافعة...

سُئل فضيلة الشيخ –رحمه الله-: أرجو أن توضح مدى حاجة المجتمع الإسلامي للجهاد في سبيل الله؟
الجواب: هذه الحاجة بيّنها الله -عزّ وجلّ- في كتابه فقال: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكونَ الدينُ كله للهِ}، فالنّاس في حاجة إلى قتال الكفار –الآن- حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، ولكن هل يجب القتال أو هل يجوز القتال مع عدم الاستعداد له؟
الجواب: لا يجب؛ بل ولا يجوز أن نقاتل ونحن غير مستعدين له، والدليل على هذا أن الله -عزّ وجلّ- لم يفرض على نبيه وهو في مكة أن يقاتل المشركين، وأن الله أذن لنبيه في صلح الحديبية أن يعاهد المشركين ذلك العهد الذي إذا تلاه الإنسان ظنّ أن فيه خذلانا للمسلمين، وكثيرٌ منكم يعرف كيف كان صلح الحديبية حتى قال عمر بن الخطّاب: يا رسول الله، ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟
قال: بلى.
قال: فلمَ نُعطي الدنيّة في ديننا؟
فظنّ هذا خذلاناً، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا شك أنه أفقه من عمر، وأن الله –تعالى- أذن له في ذلك وقال صلى الله عليه وسلم: «إني رسول الله، ولست أعصيه وهو ناصري».
انظر الثقة الكاملة في هذه الحال الضنكة الحرجة، يعلن هذا ويقول: (لست عاصيه وهو ناصري)، سيكون ناصراً لي، وإن كان ظاهر الصلح أنه خذلان للمسلمين، وهذا يدلنا -يا إخواني- على مسألة مهمة، وهي قوة ثقة المؤمن بربه، فهذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الحال الحرجة يقول: «وهو ناصري».
وفي قصة موسى لما لحقه فرعون وجنوده وكان أمامهم البحر وخلفهم فرعون وجنوده، ماذا قال أصحابه، قالوا: {إنا لمدركون}، قال: {كلا}. ما يمكن أن ندرك: { إن معيَ ربي سيهدينِ }، سيهديني لشيء يكون فيه الإنقاذ، وحصل الإنقاذ وحصل هلاك فرعون وقومه.
فالمهم: أنه يجب على المسلمين الجهاد حتى تكون كلمة الله هي العليا، ويكون الدِّين كلّه لله، لكن –الآن- ليس بأيدي المسلمين ما يستطيعون به جهاد الكفار حتى (ولا جهاد مدافعة) في الواقع.
جهاد المهاجمة لا شكّ أنه –الآن- (غير ممكن) حتى يأتي الله -عزّ وجلّ- بأمة واعية تستعد إيمانياً ونفسيًّا ثم عسكريًّا، أما نحن على هذا الوضع فلا يمكن أن نجاهد أعداءنا، ولذلك انظر إلى إخواننا في جمهورية البوسنة والهرسك ماذا يفعل بهم النصارى؟ يمزّقونهم أشلاءً، وينتهكون حرماتهم، وقيل لنا: إنهم يذبّحون الطفل أمام أمه ويجبرونها على أن تشرب دمه، نعوذ بالله.. شيء لا يتصور الإنسان أن يقع، ومع ذلك فإن الأمم النّصرانية تتماطل وتتماهل وتعد وتُخلف، والأمة الإسلامية ليس منها إلا التنديد القولي دون الفعلي! وإلا فلو أن الأمة الإسلامية فعلت شيئًا ولو قليلًا مما تقدر عليه لأثّر ذلك، لكن -مع الأسف- أننا نقف وكأننا متفرجون، لا سيّما بعض ولاة الأمور في الأمة الإسلامية، الشعوب معها شعور، معها حركة قلبية، لكن لا يكفي هذا! والله إن الإنسان كلما ذكر إخوانه هناك تألم لهم ألمًا شديدًا لكن ماذا نعمل؟ نشكو إلى الله -عزّ وجلّ-، ونسأل الله –تعالى- أن يقيم علم الجهاد في الأمة الإسلامية حتى نقاتل أعداءنا وأعداء الله لتكون كلمة الله هي العليا.
فالآن الخلاصة في الجواب: أن الجهاد واجب حتى لا تكون فتنة؛ يعني صد عن سبيل الله، ولا يستطيع أعداء المسلمين أن يدعوا لدينهم. ويكونَ الدينُ كله للهِ، ولكن هذا بشرط أن يكون عندنا (قدرة)، وليس عندنا الآن قدرة حتى ولا (قدرة دفاعية) -مع الأسف- فكيف بقدرة المهاجمة؟!
لما كان المسلمون على الحق، ويعتمدون على ربّ العزّة والجلال، ويمسكون المصحف بيد والرمح بيد، ويقدمون المصحف على الرمح، ماذا كان؟ فتحوا مشارق الأرض ومغاربها، وبدأ الناس يأتون إليهم من كل جانب: {إذا جاءَ نصرُ اللهِ والفتحُ* ورأيتَ الناسَ يدخلونَ في دينِ اللهِ أفواجًا}.
فبدأ الناس يقبلون على الإسلام، لأنّ الإسلام دين الفطرة، فلو عُرضَ للناس وصُوِّرَ للناس نظريًّا وتطبيقيًّا ما أرادوا سواه، لكن مع الأسف المسلمون اليوم –أكثرهم- همّهم: ماذا عندك مِن المال؟ وكيف قصرك وبيتك؟ وكيف سيّارتك؟ هذا أكثر حال الناس -مع الأسف-؛ ولهذا تجد الغش في المعاملات، والكذب، والخداع، والمكر ..كل شيء؛ لأنّ النّاس شُغلوا بما خُلق لهم عمّا خُلقوا له، نحن خُلقنا للعبادة، وخُلق لنا ما في الأرض جميعاً، فشُغلنا بما خُلق لنا عمّا خُلقنا له.
نسأل الله أن يحيينا وإيّاكم حياة طيبة، وأن يبدّل الحال بخير منه».
[« لقاء الباب المفتوح» رقم: (33)]
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس