من (آفة التعصب المذهبي): (13)
نصرة المذهب على حساب الدليل(!)
«فَرْق ما بين المتعصّب المذهبيّ، والمذهبيّ غير المتعصّب (أو قُل: المتّبع -لا فَرْق!-):
أنّ الأوّلَ: يجعلُ جُلَّ جَهدِه تقويةَ المذهب -ولو على حسابِ الدليل!-، بينما المذهبيُّ غيرُ المتعصّب-اتِّباعاً-: تراه (يدورُ مع الدليل حيثُ دار)-وجوداً وعدَماً-!
فالحُجّةُ -عند المتعصّب!- هي رأيُ المذهب -لا غيرَ-!
ويلزَمُ مِن هذا (التقليد) -المتعصُّب!- ولا بُدّ!-: صحّةُ كلِّ قولٍ! منسوبٍ إلى أيِّ مذهب!-بالرُّغم مِن وجود كلّ الاختلافاتِ والتبايُنات المعروفة بينهم!-؛ فلا إنكار! ولا ردّ! ولا أحدَ يُخالفُ أحداً! وكلُّهـ/ـم صوابٌ في صوابٍ!
كما قال قائلُهم: (...وكلُّهم مِن رسول الله مُلتمِسُ!)!
ولو كان ذلك كذلك -على الحقيقة-: لاستوتِ المذاهبُ-كلُّها-، وانتفتِ المفاضَلةُ بينها! ولانْفَضَّتِ الصراعاتُ التاريخية(!) بين مقلِّديها!
وهذا -كلُّه- خيالٌ -مِن جهةٍ-، وخِلافُ ما عليه الأئمّةُ المعظِّمون للدليل مِن أهل المذاهب الأربعة -وما أكثرَهم!-مِن جهةٍ أخرى-!
ولا يَهُمُّنا-في هذا المقام-كثيراً!-التلقيباتُ! والمصطلَحات! والتسمياتُ: (تقليد)! (اتباع)! (اجتهاد)! ما دام البحثُ العلميُّ هو الرائد! والجوُّ الشرعيُّ هو السائد-دون أن يكونَ التعصُّبُ هو القائد-!
ومِن جهةٍ ثالثةٍ: ليس في هذا التنبيهِ العلميّ الواقعيّ(!) أدنى/أيُّ=انتقاصٍ بأيِّ مذهبٍ مِن المذاهب الأربعة-مِن حيثُ هي-كما قد يستغلُّه-بالباطلِ- بعضُ المتعصّبة! أو النفعيّين!-؛ فنحن عالَةٌ على كُبرائهم! وتلاميذُ في مدرستِهم!-! مع الإقرار الحاسمِ ببشريّتهم-أجمعين-رحمهم الله-مِن جهةٍ رابعةٍ-.
ومَن فهم منّا! أو نقل عنّا: الطعنَ! أو الغمزَ! أو الإساءةَ لأيِّ مذهب؛ فهو مُبطِلٌ، مُفتَرٍ، أفّاكٌ!
ثمّ إنّ أغلبَ العلماءِ المذهبيّين-رحمهم اللهُ-لم يكونوا متعصّبين؛ بل كانوا حريصينَ -أشدَّ ما يكونون- على الدليل: يتّبعون ما ترجّح لهم منه -ولو خالَف المذهبَ-!
وهذا مَرْبطُ الفَرَس-كما يقولون-!
والناظرُ في الخلافِ الفقهيّ -بين علماء المذاهب-بعضِهم لبعضٍ-رحمهم الله-: يرى دلائلَ ذلك بيِّنة -مُتكاثِرة-، وجليّةً -مُتضافرة- مهما حاول المتعصّبةُ تأويلَ ذلك! أو ردَّه! أو تعطيلَه!-!».
منقول...