عرض مشاركة واحدة
  #15  
قديم 06-02-2020, 09:46 PM
أبو عثمان السلفي أبو عثمان السلفي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 809
افتراضي

من آفة (التعصب المذهبي): (10)
قال المباركفوري -رحمه الله-:
«قال في «فتح البيان»: «في هذه الآية [أي: ï´؟اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَï´¾] ما يزجر مَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عن التقليد في دين الله، وتأثير ما يقوله الأسلاف على ما في الكتاب العزيز والسنة المطهرة؛ فإن طاعة المتمذهب لمن يقتدي بقوله، ويستن بسنته، من علماء هذه الأمة مع مخالفته لما جاءت به النصوص، وقامت به حجج الله وبراهينه؛ هو كاتخاذ اليهود والنصارى للأحبار والرهبان أرباباً من دون الله!! للقطع بأنهم لم يعبدوهم؛ بل أطاعوهم: وحرموا ما حرموا، وحللوا ما حللوا، وهذا هو (صنيع المقلدين من هذه الأمة) وهو أشبه به من شبه البيضة بالبيضة، والتمرة بالتمرة، والماء بالماء.
فيا عباد الله ما بالكم تركتم الكتاب والسنة جانباً!! وعمدتم إلى رجال هم مثلكم في تعبد الله لهم بهما، وطلبه للعمل منهم بما دلا عليه وأفاداه، فعملتم بما جاؤوا به من الآراء التي لم تعمد بعماد الحق، ولم تعضد بعضد الدِّين، ونصوص الكتاب والسنة، تنادي بأبلغ نداء، وتصوت بأعلى صوت بما يخالف ذلك ويباينه، فأعرتموها آذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، وأفهاماً مريضة، وعقولاً مهيضة، وأذهاناً كليلة، وخواطر عليلة، وأنشدتم بلسان الحال:
وما أنا إلا من غزية إن غوت
~~~~ غويتُ وإن ترشد غزية أرشد». اهـ
وقال الرازي في «تفسيره»: «قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين -رضي الله عنه-: قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء! قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله -تعالى- في بعض المسائل، فكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات! فلم يقبلوا تلك الآيات!! ولم يلتفتوا إليها!!! وبقوا ينظرون إليّ كالمتعجب(!) يعني: كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت إلى خلافها ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا»اهـ ».
[«تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي» (8/391)]

قال الشيخ رشيد رضا -رحمه الله- متعقباً الرازي:
«إن الرازي -رحمه الله تعالى- كان يقرر هذه الحقيقة عندما يفسر آياتها وينساها في مواضع أخرى، فيتعصب للأشعرية في أصول العقائد وللشافعية في فروع الفقه، لا سيما فيما يخالفون فيه الحنفية! وهذا هو أصول الداء الذي يشكو من بعض أعراضه عند الكلام في مسائل الخلاف مع الغفلة عن سببها.
أما الإمام الغزالي فقد تجرد عن التعصب للمذاهب كلها في نهايته، ووصف الدواء في بعض كتبه كـ«القسطاس المستقيم» ولكنه لم يوفق إلى تأليف أمة تدعو إليه وتقوم به.
وإذا كان الرازي وشيخه يقولان في علماء القرن السابع، والغزالي يقول في علماء القرن الخامس ما قالوا، فماذا نقول في أكثر علماء زماننا وهم يعترفون بما نعرفه من كونهم لا يشقون لأولئك غباراً؟ ألسنا الآن أحوج إلى الإصلاح منا إليه في تلك العصور التي اعترف هؤلاء الأئمة بأن الظلمات فيها غشيت النور، حتى ضل بالاختلاف الجمهور؟! بلى؛ وهو ما نعاني فيه ما نعاني! وإلى الله ترجع الأمور».
[«تفسير المنار» (4/41)]
وقال في (8/149): «إن شيخه -رحمه الله- كان مجتهداً بحق، وأما هو فعلى توسعه في فن الاستدلال يؤيد المذهب تارة بالتأويل والجدل، ويستقل بالاستدلال أخرى.
وقد جاء بعد شيخه كثير من المجتهدين مثله، ولكن كثرة المقلدين! وتأييد الحكام لهم قد نصر باطلهم على حق أولئك الأئمة!!! ولولا الحكام الجاهلون والأوقاف التي وقفت على فقه المذاهب لم يتفرق المسلمون في دينهم شيعاً، حتى صدق عليهم ما ورد في أهل الكتاب قبلهم، إلا من هداه الله ووفقه لإيثار كتاب الله وسنة رسوله على كل شيء».
__________________
«لا يزال أهل الغرب ظاهرين..»: «في الحديث بشارة عظيمة لمن كان في الشام من أنصار السنة المتمسكين بها،والذابين عنها،والصابرين في سبيل الدعوة إليها». «السلسلة الصحيحة» (965)
رد مع اقتباس