عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 03-03-2018, 02:30 PM
نجيب بن منصور المهاجر نجيب بن منصور المهاجر غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2009
المشاركات: 3,045
افتراضي الدين الخالص و المسلمون اليوم بقلم الشيخ عبد الظاهر أبو السمح رحمه الله


الدين الخالص و المسلمون اليوم


من تراث أعلام الدعوة السلفية بمصر
المقالات السلفية


لفضيلة الشيخ عبد الظاهر أبو السمح

إمام وخطيب الحرم المكي الشريف
(ومؤسس دار الحديث الخيرية بمكة)
ص 204-214


إننا إذا أردنا أن نبحث عن الدين الخالص بين عامة المسلمين اليوم وأن نعرفه لم نجد عندهم منه شيئا يذكر ، إلا قليلا مشوبا ببدع غيرت شكله وغطت جماله ، وشوهت حسنه ، كالمرض يصيب الإنسان أياما فينحف جسمه ويشحب وجهه ، وتنفه عينه ، وتضعف قوته حتى يتوكأ على عصى ، وحتى يسنده ببعض أهله وهو يكاد من الضعف أن يسقط والدين الخالص والإسلام الصحيح ، كذلك المريض اليوم عند المسلمين .

و من كان متمسكا به من أبنائه الأبرار ؛ فهو غريب بين أبنائه العاقين ؛ وأهله الظالمين ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .

لا تكاد تفتح صحيفة عربية إلا اطلعت فيها على ما يجرح القلب ويصدع الكبد ؛ ويؤلم الفؤاد ، من أخبار المسلمين وأحوالهم ؛ و ما يسومهم الغربيون والنصارى واليهود من ألوان العذاب .

ترى في تلك الصحف : المسلمين يستغيثون إخوانهم من المنظرين الذين لما ينزل بهم العذاب ، يا إخواننا أغيثونا ، نهبت أموالنا ، هتكت أعراضنا ، أخذت نساؤنا ، وأموالنا ، تيتمت أولادنا ، خربت دورنا شرد برجالنا ملئت السجون بعلمائنا وكبرائنا ولا مغيث وأنى لغريق أن ينقذ غريقا مثله ومكبلا في السلاسل والأغلال أن يفك مكبلا مصفدا .

ولقد أعيى هذا التخاذل بين المسلمين الأساة والقائمين بدعوة الإصلاح فيهم وتركهم في حيرة لا يدرون الخلاص منها .

و لكن عندي حل واحد لهذا المشكل ، وأعرف غياثا واحدا يمكن أن يغيث المسلمين وينقدهم مما هم فيه لو رجعوا إليه صادقين مخلصين .

إنه لا ينقذ المسلمين مما هم فيه من هذا العذاب الأليم الذي سامهم إياه أعداؤهم من المستعمرين ، و الخزي المقيم الذي ألبسهم ثوبه الأوربيون ، إلا التوجه إلى رب العالمين الحي القيوم أرحم الراحمين بالتوبة الصادقة من عبادة الأولياء والتعلق بهم والنذر لهم ، فإن رجعوا إلى الله ودعوه بتضرع وإخلاص فوالله الذي لا إله إلا هو ليستجيبن لهم وليغيثنهم وذلك لقوله تعالى : (فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا)[الأنعام : 43] وقوله : (فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ )[المؤمنون :76] وقوله تعالى : (إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[الفرقان :70] .
و أن يغرسوا في أولادهم وناشيءتهم في البيت وفي المدرسة وفي المصنع وفي المتجر ، روح الدين ومعرفة الله والإيمان به وبرسوله ولا يكون ذلك إلا من القرآن الكريم ، والحديث الشريف ، لينشؤوا أمة إسلامية حقيقية مستمسكة بالدين ، متفانية فيه ، تضحى بكل غال ، وأن يرجعوا إلى التحاكم والتقاضي في الدماء والأموال والفروج إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم صلى اللاه عليه وسلم .

وأن يقلعوا عن الفسوق والمعاصي والتهتك بإباحة ما حرم الله ورسوله من الزنا والخمر والربا وغيرهما من الموبقات التي قضت على كل مزايا الرجولة وكل صفات الكرامة فيهم وأن يقلعوا عن المنازعات والمشاحنات الشخصية لإرضاء أهوائهم وشهواتهم في مراكز الدنيا ورياستها ليكون جهدهم كله مجتمعا على حرب العدو الخارج عن دينهم ووطنهم .

وأن يقضوا كل القضاء على هذه الأحزاب والشيع والفرق السياسية والدينية ليكون الجميع حزبا واحدا هو حزب الله ، العامل بدينه المقيم لأمره ، الواقف عند حدوده ، ألا إن حزب الله هم المفلحون .

هذا ما أشير به على إخواننا المنكوبين في بلاد العرب كفلسطين وسوريا والجزائر وفلسطين وغيرها من البلاد التي كانت معمورة بالإسلام وطغى عليها سيل الفرنجة ، فاستباحوا حماها واستذلوا أهلها في صور حمايات أو معاهدات ومحالفات أو غير ذلك مما يختلف في الإسم ويتفق في الحقيقة ؛ وماذاك إلا بذنوب أهلها ، ومخالفاتهم تعاليم الإسلام وشرائع الإسلام وهداية الرسول صلى الله عليه وسلم .

أنه لا منجى لهم إلا بالتوبة والرجوع إلى الله بصدق وإخلاص .
__________________
قُلْ للّذِينَ تَفَرَّقُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُم فِي العَالَمِين البَيِّنَة
إنَّ الّذِينَ سَعَوْا لِغَمْزِ قَنَاتِكُمْ وَجَدُوا قَنَاتَكُمْ لِكَسْرٍ لَيِّنَة
عُودُوا إِلَى عَهْدِ الأُخُوَّةِ وَارْجِعُوا لاَ تَحْسَبُوا عُقْبَى التَّفَرُّقِ هَيِّنَة

«محمّد العيد»
رد مع اقتباس