مِن كبرى المشكلات العلمية المنهجية المنتشرة بين
الشباب المسلم-عموماً-وعلى اتجاهاته وأفكاره-كافّةً-:
مشكلةُ حكم(الحكم بغير ما أنزل الله)،و(تحكيم القوانين)!!
...وذلك بإصدار الحكم الصارم بالتكفير المطلق في ذلك-مِن غير تفصيل علميّ،وبِلا نظر واقعيّ-!
مما أوقع-بين أولئك الشباب-كثيراً مِن الفتن والمحن؛فضلاً عن إطلاق شتى الاتهامات وأقبحها: بالخارجية-تارةً-، وبالإرجاء-تاراتٍ-!
وكان جلّ تلكم الأحكام بالتكفير:مبنيةً على فهمٍ معيّن لرسالة "تحكيم القوانين"-مِن تأليف العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ-رحمه الله-.
وبالرغم من مخالفة التلميذ الأكبر لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم-وهو:سماحةُ أستاذنا الشيخ ابن باز -لفتوى شيخه الشيخ محمد بن إبراهيم-هذه-كما هو متواترٌ مقطوعٌ به-؛إلا أنّ تعميم الحكم بتلك الفتوى ظلّ هو القولَ الذي نصره الكثيرون!وترتّب عليه مِن المفاسد ما لا يعلم به إلا الله،ولا يقدّره إلا عقلاء فضلاء العلماء.
...هذا-كلُّه-إضافةً إلى وجود فتوى أخرى-أوضحَ وأبْيَنَ وأصرحَ-مِن هذه-:للشيخ محمد بن إبراهيم-نفسِه-كتبها عَقِبَ رسالته"تحكيم القوانين"-تلك- بخمس سنين-باليقين-.
وكنتُ قد نبّهتُ على هذه الفتوى-الأخيرة-،ونقلتُ عنها-غيرَ مرةٍ-في عدد مِن كتبي ومؤلّفاتي المضادّة للأفكار التكفيرية-والتي كان أولَها سنة(١٤٠٧هـ)-إلى نحو ثلاثين مؤلّفاً إلى يومنا هذا-ولله الحمد والمِنّة-.
وكذلك فعل بعضُ الأفاضل-جزاهم الله خيراً-؛كالشيخ خالد العنبري-حفظه الله-في عددٍ مِن مؤلفاته ضدَّ الغلوّ في التكفير.
وهذا نصُّ كلام الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ-رحمه الله-في "فتاويه"(٨٠/١)-في آخر قوليه-المشار إليه-؛حيث قال-مفصّلاً-:
(...تحكيم شريعته، والتقيد بها، ونبذ ما خالفها من القوانين والأوضاع، وسائر الأشياء التي ما أنزل الله من سلطان، والتي:
*مَن حكم بها ،أو حاكم إليها:معتقداً صحّةَ ذلك وجوازَه؛ هو كافرٌ الكفر الناقل عن الملّة.
*فإنْ فعل ذلك بدون اعتقاد ذلك وجوازه؛فهو كافرٌ الكفر العمليَّ الذي لا ينقلُ عن الملة).
وهو كلامٌ حقٌّ محضٌ-إن شاء الله-.
وقد نقل هذا النقلَ-أخيراً-الدكتور عصام السناني-زاده الله توفيقاً-في كتابه"التحرير في بيان أحكام التكفير" (ص٢٥٢ )-المطبوع هذه السنةَ(١٤٣٧هـ)-بتقريظ وتعليق معالي الشيخ صالح الفوزان-سدّده الله إلى مَزيد هداه-،والذي علّق بدوره على هذا النصّ-الأخير-الواضح الجليّ-بقوله-في الحاشية-مقارِناً مع الكلام الأول في"تحكيم القوانين"-قائلاً-:
(وكلامه الأول محمولٌ على هذا).
..وهي كلمةٌ وجيزة..لكنها حاسمةٌ عزيزة..من معالي الشيخ الفوزان-جزاه الله خيراً-.
وهي-ولله الحمد والمٍنّة-تقضي على كثير مِن اللغَط غير العلمي-المنتشر-، وكذا ما هو سائدٌ مِن التراشق بالتهم،والتنابز بالألقاب؛ممّا استشرى-جداً-بين فئامٍ كثيرةٍ من الشباب المسلم-هنا، وهناك،وهنالك-بغير وازع ولا رادع-.
فـ...شكر الله لكم-معالي الشيخ-، ووفّقكم لنصرة الحق،والثبات عليه،والدعوة إليه.