عرض مشاركة واحدة
  #160  
قديم 12-04-2015, 02:27 AM
طارق ياسين طارق ياسين غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: الأردن
المشاركات: 1,071
افتراضي

.

· الإِيناسُ قبلَ الإِبساسِ.

جاء في "زَهرُ الأَكَمِ في الأَمثال والحِكم":

الإِنْسُ ضِدُّ الوَحشةِ، وأَنِسْتُ الرجلَ تأْنيساً، وأَنِسْتُه إِناساً(1).

والإِبْساسُ عندَ الحَلْبِ أَنْ يُقالَ للناقةِ: بِسْ بِسْ [أو: بَسْ بَسْ] وهو صُوَيتٌ للراعي يقولُ لها ذلك لِتُدِرَّ للحالبِ، فيقال: أَبَسَّ بالناقةِ يَبَسُّ إِبْساساً فهو مُبِسٌّ، قال الشاعر:


فلَحَى اللهُ طالبَ الصلحِ مني ... ما أَصابَ المُبِسُّ بالدَّهْماءِ(2)


وناقةٌ بَسُوسٌ: لا تُدِرُّ إِلا على الإِبساسِ. والمعنى: إِنَّ الناقةَ لا يَنْبغي أَنْ يُبَسَّ بها حتى تُؤْنَسَ قبل ذلك ويُتلطَّفَ لها، فيُضربُ في أَنَّ الإِنسانَ ينبغي أَنْ لا يُكلَّفَ أَمراً أَو يُسأَلَ حاجةً حتى يُتقدَّم إِليه بتأنيسٍ مالي أو فِعلي أو قولي.

قال الشاعر:


ولقد رَفَقْتُ فما حَظِيتُ بطائلٍ ... لا ينفعُ الإِبْساسُ بالأَتْياسِ


ودخل العَتابيُّ (3) على الرشيد فقال: تكلم يا عَتابي!
فقال: الإِيناسُ قبلَ الإِبساسِ! لا يُمدحُ المرؤُ بأَوَّلِ صوابِه، ولا يُذمُّ بأَوَّلِ خطئِه؛ لأَنه بين كلامٍ زَوَّرَه(4)، وعِيٍّ(5) حَصرَه.
____________
(1) جاء في "مختار الصحاح": و(الأَنَسُ) بفتحتين لغةٌ في الإِنْسِ و(الأَنَسُ) أَيضا ضدُّ الوحشةِ، وهو مصدرُ أَنِسَ به من باب: طَرِبَ، وأَنَسةً أَيضا -بِفَتْحتين-، وفيه لغةٌ أُخرى: أَنَسَ به يأْنِسُ –بالكسر- أُنْساً –بالضم-.

(2) قولهم: لَحاهُ اللهُ أي: قَبَّحه ولعنه. (مختار الصحاح).
(3) كُلثومُ بنُ عمرِو العَتَّابِيُّ الشاعر المشهور، كان شاعرا خطيبا بليغا مجيدا، وهو من أهل قِنِّسْرينَ، وقدم بغداد ومدح هارون الرشيد وغيره من الخلفاء، وله رسائل مستحسنة، وكان يتجنب غشيان السلطان قناعة وصيانة وتنزها وتعززا، وكان يلبس الصوف ويظهر الزهد، مترسل بليغ مطبوع متصرف في فنون من الشعر مقدم في الخطابة والرواية حسن العارضة والبديهة، من شعراء الدولة العباسية، وكان يقول بالاعتزال. (وفيات الأعيان).
(4) زَوَّرَ الشيء تزويرا: حَسَّنَه وقوَّمَه.
(5) العِيُّ: ضِدُّ البيانِ، وقد عَيَّ في منطِقِه فهو عَيٌّ، على: فَعْلٌ، وعَيِيَ يعْيَا بوزن: رَضِيَ يَرْضَى فهو عَيِيٌّ على: فعيل، ويقال أيضا: عَيَّ بأمره، وعَيِيَ، إذا لم يهتدِ لوجهه.(مختار الصحاح).

رد مع اقتباس