عرض مشاركة واحدة
  #62  
قديم 10-14-2015, 05:27 PM
مروان السلفي الجزائري مروان السلفي الجزائري غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
الدولة: سيدي بلعباس -الجزائر -
المشاركات: 1,790
افتراضي



لقد أقيم هدا الصرح المبارك - إن شاء الله – بفضل من الله و توفيقه لرد شبه الغلاة العلمية حتى لا يشتبه الأمر على عامة الناس ، و لو كان الأمر متعلق برد شبه آحاد المبتدعة لما أطال المنتدى معه النفس - إلا أن يشاء الله - إنما هي زلة العالم التي تهلك الحرث و النسل لمن اتبعها .


من تتبع زلة العالم هلك .

قال الشاطبيُ رحمه الله في الموافقات .
" المسألة الثامنة :
فيعرض فيه الخطأ في الاجتهاد ; إما بخفاء بعض الأدلة حتى يتوهم فيه ما لم يقصد منه ، وإما بعدم الاطلاع عليه جملة .
وحكم هذا القسم معلوم من كلام الأصوليين إن كان في أمر جزئي ، وأما إن كان الخطأ في أمر كلي; فهو أشد ، وفي هذا الموطن حذر من زلة العالم ، فإنه جاء في بعض الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم التحذير منها; فروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (إني لأخاف على أمتي من بعدي من أعمال ثلاثة قالوا : وما هي يا رسول الله ؟ . قال : أخاف عليهم من زلة العالم ، ومن حكم جائر ، ومن هوى متبع ) .
وعن عمر : " ثلاث يهدمن الدين : زلة العالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون " .
وعن أبي الدرداء : " إن مما أخشى عليكم زلة العالم ، أو جدال المنافق بالقرآن ، والقرآن حق ، وعلى القرآن منار كمنار الطريق ".
وكان معاذ بن جبل يقول في خطبته كثيرا :
" وإياكم وزيغة الحكيم; فإن الشيطان قد يتكلم على لسان الحكيم بكلمة الضلالة ، وقد يقول المنافق الحق; فتلقوا الحق عمن جاء به; فإن على الحق نورا ، قالوا : وكيف زيغة الحكيم ؟ . قال : هي كلمة تروعكم وتنكرونها ، وتقولون ما هذه ؟ . فاحذروا زيغته ، ولا تصدنكم عنه; فإنه يوشك أن يفيء وأن يراجع الحق " .

وقال سلمان الفارسي : " كيف أنتم عند ثلاث : زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، ودنيا تقطع أعناقكم ، فأما زلة العالم; فإن اهتدى ، فلا تقلدوه دينكم ، تقولون : نصنع مثل ما يصنع فلان ، وننتهي عما ينتهي عنه فلان ، وإن أخطأ; فلا تقطعوا إياسكم منه ، فتعينوا عليه الشيطان " .


وعن ابن عباس : " ويل للأتباع من عثرات العالم ، قيل : كيف ذلك ؟ . قال : يقول العالم شيئا برأيه ، ثم يجد من هو أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منه; فيترك قوله ثم يمضي الأتباع ".
وعن ابن المبارك : " أخبرني المعتمر بن سليمان ، قال : رآني أبي وأنا أنشد الشعر ، فقال لي : يا بني لا تنشد الشعر ، فقلت له : يا أبت كان الحسن ينشد ، وكان ابن سيرين ينشد ، فقال لي : أي بُنَي إن أخذت بشر ما في الحسن وبشر ما في ابن سيرين اجتمع فيك الشر كله ".

وقال مجاهد والحكم بن عتيبة ومالك : " ليس أحد من خلق الله إلا يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم " .

وقال سليمان التيمي :" إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله " .

قال ابن عبد البر : هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا .

وهذا كله وما أشبهه دليل على طلب الحذر من زلة العالم ، وأكثر ما تكون عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشارع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه ، والوقوف دون أقصى المبالغة في البحث عن النصوص فيها ، وهو وإن كان على غير قصد ، ولا تعمد وصاحبه معذور ومأجور ، لكن مما ينبني عليه في الاتباع لقوله فيه خطر عظيم ، وقد قال الغزالي : " إن زلة العالم بالذنب قد تصير كبيرة وهي في نفسها صغيرة " . وذكر منها أمثلة ، ثم قال : فهذه ذنوب يتبع العالم عليها; فيموت العالم ويبقى شره مستطيرا في العالم آمادا متطاولة; فطوبى لمن إذا مات ماتت معه ذنوبه ، وهكذا الحكم مستمر في زلته في الفتيا من باب أولى; فإنه ربما خفي على العالم بعض السنة أو بعض المقاصد العامة في خصوص مسألته; فيفضي ذلك إلى أن يصير قوله شرعا يتقلد ، وقولا يعتبر في مسائل الخلاف ، فربما رجع عنه وتبين له الحق; فيفوته تدارك ما سار في البلاد عنه ، ويضل عنه تلافيه; فمن هنا قالوا : زلة العالم مضروب بها الطبل .
قال ابن تيمية رحمه الله في منهاج السنة النبوية
( 4/543-544 ) :
" ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أن الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم إلى يوم القيامة.. أهل البيت وغيرهم قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقروناً بالظن ونوع من الهوى الخفي فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه وإن كان من أولياء الله المتقين .
ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين:
طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه ...
وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحاً في ولايته وتقواه ؛ بل في بره وكونه من أهل الجنة بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان وكلا هذين الطرفين فاسد .
والخوارج والروافض وغيرهم من ذوي الأهواء دخل عليهم الداخل من هذا .
ومن سلك طريق الاعتدال عظم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه وأعطى الحق حقه. فيعظم الحق ويرحم الخلق ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات فيحمد ويذم ويثاب ويعاقب ويحب من وجه، ويبغض من وجه.
هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم " انتهى .