عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 09-13-2015, 06:52 AM
الشيخ أكرم زيادة الشيخ أكرم زيادة غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
المشاركات: 403
افتراضي الفوائد السنية من الرحلة الأندونيسية 2

...وصلنا الفندق قبيل صلاة الفجر بنحو نصف ساعة، وما أن توضأنا، وتجهزنا للصلاة حتى ارتفعت مآذن (جاكرتا) العاصمة (الإندونيسية) المسلمة بالأذان لصلاة الفجر.. صباح يوم الخميس 10/10/1436هـ، الموافق 6/8/2015م.. فمنا من ذهب إلى المسجد للصلاة فيه، ومنا من صلى في (رَحْلِهِ).. في غرفته، وأخلدنا إلى نوم عميق قمنا منه نحو الساعة العاشرة، للإفطار والتشرف بالسلام على فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ إبراهيم الرحيلي ـ حفظه الله ـ.
ومن لطائف ما حصل لنا في هذا الصباح المبارك الذي وصلنا فيه (جاكرتا)
اجتماعنا بفضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ إبراهيم الرحيلي؛ الأستاذ في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، والمدرس في المسجد النبوي الشريف،
في الفندق الذي نزلنا فيه قبيل مغادرته ـ حفظه الله ـ عائدا إلى المدينة النبوية بعد إنهائه دورة علمية سبقنا إليها في منطقة أخرى من (إندونيسيا) أظنها (باكن بارو) ـ كما فهمت ذلك حين زيارتي لها بعده بأكثر من أسبوع.
في طريقنا إلى المطار الداخلي (Citilink) للتوجه إلى (سورابايا) عرج بنا مرافقونا ومضيفونا؛ الأخ عوض، والأخ محمد هرهرة إلى دار الإمام الشافعي للنشر في (جاكرتا)، والتي يملكها الأخير منهما ـ وكذلك الأخ عوض يملك دارا للنشر في مكان آخر كما أخبرنا هو بنفسه ـ والتي تقوم بترجمة كثير من الكتب العلمية إلى اللغة (الإندونيسية)، وطباعتها، ونشرها، وقد زرنا بعض أقسام الدار المذكورة، والتي يعمل فيها عشرات من المحررين، والمترجمين، والفنيين، والذين يمتازون بالكفاءة وتظهر على تصرفاتهم محاسن الأخلاق، واطلعنا على بعض منشورات الدار العربية والمترجمة، ومن ضمنها مصحف كبير لم أر مصحفا أكبر منه قبل ذلك، وبتجليد أكثر من رائع، ومن تلك المنشورات المترجمة رأينا ترجمة لكتاب فضيلة الشيخ الحلبي حول (داعش)، تَرْجَمَتْه وَنَشَرَتْهُ الدارُ المذكورة.
وأثناء تواجدنا في تلك الدار اطلعنا على صورة (بوستر) إعلاني كبير منشور في بعض شوارع (جاكرتا) ـ وربما مدن (إندونيسية) أخرى ـ فيه صورة وكلام لكل من مفتي السعودية سماحة الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، وخادمي الحرمين الشريفين، الملك عبد الله، والملك سلمان، والدكتور محمد طاهر الباكستاني، وفضيلة الشيخ الحلبي، حول مناهضة الإرهاب.
ثم تكررت لطيفة المغفرة والرحمة والاستبشار بهما مرة أخرى حين التوجه إلى المطار الداخلي (Citilink) في (جاكرتا).. حيث واصلت القراءة في الطريق إلى المطار ووصلنا مع نهاية الآية (129)
(وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (129)
فزاد استبشارنا بمغفرة الله ورحمته للمرة الرابعة في بضع ساعات بين تقدير الله وآياته الكونيه، وأمر الله لنا بالتلاوة والتدبر لآياته الشرعية.
ومن لطائف ما رأيناه في هذا اليوم في المطار الداخلي (Citilink) بعض أبرز منظمي دورتنا السابقة في (جاكرتا)؛ الأستاذ يزيد، والأستاذ محفوظ عمري، وولديه عبد الرحمن، ومحمد، والذين قرآ على شيخنا المقرئ أثناء غيابي في المصلى شيئا من حفظهما، والذي شهد لهما هو وفضيلة الشيخ الحلبي بإتقان القراءة بأحسن من كثير من أئمة مساجد عمان والزرقاء ـ حسب تعبير الشيخ الحلبي ـ، وقد كافأهما فضيلة شيخنا المقرئ ـ كعادته ـ ببعض ما عنده من خير وجود، أخلف الله عليه خلفاً حسناً، وجزاه الله خيرا.
ومما لفت نظري إليه فضيلة الشيخ الحلبي في هذا المطار كثرة العاملين رجالاً ونساءً في جميع المرافق، مع أن ربع أو أقل من ربع العدد فقط يمكن أن يدير هذا المرفق ـ أو ذاك ـ في بلادنا المباركة، وغيرها من البلاد الكثيرة التي زرناها، ولكن لعل السبب في ذلك وفرة اليد العاملة، ورخص أجرتها يتسبب في مثل هذا التراكم العمالي.
صعدنا الطائرة المتوجهة إلى (سورابايا)، وتحمل اسم (جارودا) (Garuda)، وهي على ما فهمت من بعض إخواننا (الإندونيسين) شركة طيران حكومية، فتذكرت وَذَكَرْتُ أن اسم (جارودا) اسم جِنِّيٍ كان قد اتفق مع إنسي؛ وهو مزارع (اسكندنافي) على أن يتشاركا في زراعة قطعة أرض، وأن الناتج بينهما يكون ما تحت التراب سنة للجني، وسنة للإنسي، وللآخر ما فوق التراب، فكان الإنسي في السنة التي يكون له ما فوق التراب يزرع من النباتات التي يكون ثمرها فوق التراب، كالقرنبيط، والملفوف، وغير ذلك، وفي السنة التي يكون له الناتج ما تحت التراب، يزرع ما يكون ثمره تحت التراب كالبطاطا، والجزر، والشمندر، وغير ذلك، وهو درس في اللغة الإنجليزية كان من مقررات منهاجنا في اللغة الإنجليزية في الصف الثاني الإعدادي (الثامن)، سنة 1972م.
ومغزى القصة، وما يستفاد منها:
أن الجن لا يستطيعون كيدا مع الإنس..
وأن الخيارات المتاحة إذا أُحسن اختيارها تُعطي نتائج مُرضية..
وأن الإنسان ينبغي عليه أن يتعامل مع الآخر حتى ولو كان جنيا ومن غير جنسه..
وأن رزق الله واسع يسع الجميع..
وغير ذلك من فوائد مستنبطة..
تذكرت ذلك وذكرته لبعض إخواني أكثر من مرة، بسبب اسم الطائرة التي انتقلت بها وعليها من وإلى أكثر من مكان في بلاد (إندونيسيا) الواسعة..
وقد اختار لنا الأخ عوض، الذي أَمَّنَ سفرنا أوسع المقاعد في الطائرة وجاء مجلسي بين الشيخين الفاضلين، مقرئنا على شمالي، ومحدثنا على يميني، فقلت لنفسي ولهما:
«والله ما أحدٌ أكرم مني مجلسا اليوم..»
وبدأت بالقراءة على فضيلة مقرئنا كما اتفقنا، يصححني فضيلة الشيخ المقرئ عن شمالي بلسانه، ويصححني فضيلة الشيخ المحدث عن يميني بمرفقه (غمزا)، وأنا في غاية الفرح والسرور خاصة حين يتوافق التصحيحان القولي والعملي!! حتى وصلت إلى الآية رقم (164) من سورة النساء عند قوله تعالى:
(..وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا)
فتوجه فضيلة الشيخ المحدث الحلبي لفضيلة الشيخ المقرئ بالسؤال عن حذف حرف الياء من مضارع (يؤت)، والذي بادر فضيلته ببيان السبب وهو التقاء الساكنين..
ثم دار بحث لغوي، بلاغي، تفسيري، وخاصة من أكبر تفسير موجود على وجه الأرض، وهو محمول على حاسوب الشيخ الحلبي المحمول الحديث (بين اللاب توب والآي باد) والموسوم بـ:
«جنة المشتاق في تفسير كلام الخلاق»
للشيخ عبد الرحمن بن محمد القماش، وهو إمام وخطيب مسجد بُورُسْلي، برأس الخيمة، في دولة الإمارات العربية ـ حفظها الله ـ وسائر بلاد المسلمين ـ من كل سوء ومكروه ـ وهو تفسير في أكثر من (ثمانمائة وأربعين) (840) مجلدة محفوظة إلكترونيا، ولمَّا يُطْبَعْ بعد على ما فهمنا من معلومات الكتاب على الشبكة الالكترونية، حتى استغرق البحث والنقاش باقي الرحلة التي استمرت ساعتين، في نقاش علمي يعز نظيره بين السماء والأرض حتى هبطنا في مطار (سورابايا) الجديد.
استقبلنا الإخوة الكرام بعيد وصولنا بدقائق، وعلى رأسهم المحسن الكبير سعادة الأستاذ خالد باوزير، وفضيلة الشيخ المربي عبد الرحمن التميمي، وأخوه أبو أديب، وتوجهوا بنا إلى مطعم فخم كبير في طريقنا إلى جبل ومصيف اسمه (تراوس)، وفي بيت مُضيفنا الريفي الجبلي، المحسن الكبير، والمنفق الكثير... رجل الأعمال الفاضل أبا أحمد باوزير، والذي كنا قد نزلنا فيه في زيارتنا السابقة، ولكن من طريق واسع وسريع وجديد هذه المرة ـ كما أخبرنا بذلك فضيلة الشيخ أبي عوف في الطريق ـ حيث نزلنا فيه بكل حفاوة وتكريم.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
__________________
«الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء»
رد مع اقتباس