عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 11-08-2014, 09:10 AM
ابراهيم العراقي ابراهيم العراقي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2013
المشاركات: 143
افتراضي تذكرة ونصيحة ..لأعضاء منتدى كل السلفيين.

بسم الله الرحمن الرحيم
[ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ]
أخي طالب العلم أخي الداعي الى الله تعالى ... أخواني في الله أعضاء هذا المنتدى المبارك
نصيحة :
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :
فالدعوة الى الله تعالى تحتاج مع العلم رحمة ولين ورفق وشفقه وقد كان إمام المرسلين وإمام الدعاة الى رب العالمين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من أرحم الخلق وكذا أصحابه رضي الله عنهم فقد ذكر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بأوصاف{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } و ذكر أصحابه فقال (أشداء على الكفار رحماء بينهم ) وإذا لم يكن هؤلاء أسوة لمن يدع الى الله فمن غيرهم يكون له أسوة ؟ .
لكن ما نطالعه اليوم في بعض المواقع على النت وكذا بعض ما يؤلف من كتب وكتيبات من سلوكيات من فظاظة وغلظة تكاد تراه صفة بارزة بين المختلفين وأخص منهم السنيّين وأخص فيهم السلفيين ..وأنا أخص في هؤلاء النصيحة لأنهم حاملي لواء الموروث النبوي والداعين إليه والذابين عنه والمعول عليهم في صلاح البلاد والعباد لصحة العلم والفهم الذي عندهم في موروثهم العلمي وكذلك فإن كبار العلماء في العالم الإسلامي اليوم هم من المنهج السلفي .وإن هذا المنتدى المبارك وأعضاءه الكرام بحاجة الى إبراز صفة الرفق والرحمة في خاصة أنفسهم والإكثار من المواضيع التي تخص التزكية والإبتعاد قدر الإمكان عن الخلاف أو الإختلاف وخاصة المواضيع التي لا تزيد كيسك علما ونفعا وإن كان ولابد ّ...فالكلام اللين يأتي بما لا يأتي به السحر البين ...مع أني أظن أن مواضيعا كثيرة هنا تخرج عن عنوانها ومحتواها بسبب الإختلاف بين عضو وآخر وقد تصل الى تقويل أحدهم الآخر مالم يقل أو إلزامه بكلام لم يلتزمه أو يحكم على نيته.
فاقول الرحمة الرحمة والرفق الرفق فيما بينكم والرفق الرفق مع من خالفكم في نصحه والرد عليه ففي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم:
(( ما كان الرفق في شيءٍ الا زانهُ, وما نزعَ الرفقَ من شيءٍ الا شانهُ ))
وأنا لا أنكر أنه لابد من الخشونة والتعنيف أحيانا لكن لا يكون على سبيل الإنتقام والهوى بل لابد وأن يكون في غلظته ورده وإنكاره مستحضرا الرحمة بمخالفه... ولعل المُنكِر له نصيب من قول الله تعالى (( كذلك كنتم من قبل فمنّ الله عليكم ))
قال شيخ الإسلام في (منهاج السنة 5/239): "الرد على أهل البدع من الرافضة وغيرهم إن لم يَقْصُد فيه بيان الحق وهدي الخلق ورحمتهم والإحسان إليهم، لم يكن عمله صالحًا. وغذا غلّظ في ذم بدعة ومعصية كان قصده بيان ما فيها من الفساد ليحذرها العباد، كما في نصوص الوعيد وغيرها. وقد يهجر الرجل عقوبة وتعزيرًا والمقصود بذلك ردعه وردع أمثاله، للرحمة والإحسان، لا لتشفي والانتقام"
وقد ذكر شيخ الاسلام في رسالة لأصحابه من السجن عن نفسه أن الشدة والخشونة التي يجدها البعض من اصحابه منه هي (( وتعلمون أيضاً: أن ما يجري من نوع تغليظ، أو تخشين على بعض الأصحاب والأخوان: ما كان يجري بدمشق ومما جرى الآن بمصر فليس ذلك عضاضة ولا نقصا في حق صاحبه، ولا حصل بسبب ذلك تغير منا ولا بغض. بل هو بعد ما عومل به من التغليظ والتخشين أرفع قدراً وأنبه ذكراً وأحب وأعظم، وإنما هذه الأمور هي من مصالح المؤمنين التي يصلح الله بها بعضهم بعض، فإن المؤمن للمؤمن كاليدين، تغسل إحداهما الأخرى. وقد لا ينقلع الوسخ إلا بنوع من الخشونة، لكن ذلك يوجب من النظافة والنعومة ما يحمد معه ذلك التخشين.))
لكن لابد للمؤمن من الصفة اللازمة والغالبة وهي الرحمة وخاصة لإخوانه والمسلمين فإن الغلظة والشدة تمدح فيك إن كانت في المنافقين والكافرين في جهادهم ودفع أذاهم وظلمهم .
وقد ذكر ابن القيم في كتابه الوابل الصيب كلاما طيبا حول قلب المؤمن فقال [وضرب الله عز وجل لهذا النور ومحله وحامله ومادته مثلا بالمشكاة وهي الكوة في الحائط فهي مثل الصدر وفي تلك المشكاة زجاجة من اصفى الزجاج
وحتى شبهت بالكوكب الدري في بياضة وصفائه وهي مثل القلب وشبه بالزجاجة لانها جمعت اوصافا هي في قلب المؤمن وهي الصفاء والرقة فيرى الحق والهدى بصفائه وتحصل منه الرأفة والرحمة والشفقة برقته ويجاهد اعداء الله تعالى ويغلظ عليهم ويشتد في الحق ويصلب فيه بصلابته ولا تبطل صفة منه صفة اخرى ولا تعارضها بل تساعدها وتعاضدها(( اشداء على الكفار رحماء بينهم )) وقال تعالى (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) وقال تعالى (( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم )) ]
وقد ذكر شيخ الاسلام حال الخوارج واهل البدع وحال أهل السنة وبيّن الفارق فقال :((الخوارج هم أول من كفر المسلمين بالذنوب. ويكفرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله. وهذه حال أهل البدع يبتدعون بدعة ويكفرون من خالفهم في بدعتهم. وأهل السنة والجماعة يتبعون الكتاب والسنة ويطيعون الله ورسوله، فيتبعون الحق، ويرحمون الخلق.)) مجموع الفتاوى
وقال (( هم أعلم بالحق وأرحم بالخلق )) منهاج السنة
وقال رحمه الله في رده على البكري ...(( وأئمة السنة والجماعة وأهل العلم والإيمان: فيهم العلم والعدل والرحمة، فيعلمون الحق الذي يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم كما قال الله تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ
كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾[ المائدة: 8 ]،
ويرحمون الخلق، فيريدون لهم الخير والهدى والعلم، لا يقصدون الشر لهم ابتداءا بل إذا عاقبوهم وبينوا خطأهم وجهلهم وظلمهم كان قصدهم بذلك بيان الحق ورحمة الخلق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا))

فلابد من الرحمة التي أمر الله ورسوله بها وتتمثل في العفو والصفح والإعذار وحب الخير للناس عامة والمؤمنين خاصة فإن لم يجد طالب العلم من نفسه أن صفة الرحمة غالبة عليه فليتهم نفسه وليراجع أمره فإن هناك خللا فليصلحه .. وإن وجد من نفسه رقة ورحمة فليهنأ وليشكر الله تعالى على نعمته ومنته.. فإن علمه بفضل الله تعالى نافع ومثمر. وانظر الى هذا التوجيه الرباني توجيه له عليه الصلاة والسلام من ربه بعدما حصل له شيء في نفسه لما ناله ونال أصحابه من البلاء وكان بسبب من أصحابه رضي الله عنهم في يوم أحد فقد حصل أن اضطروه للخروج وقد رجع ثلث الجيش في الطريق وخالف الرماة أمره وغرتهم الغنائم وهو يدعوهم في أخراهم وحصل أن شج وجهه وكسرت رباعيته مع هذا قال الله تعالى له {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}.

فالرحمة الرحمة واللين اللين والرفق الرفق يا طلبة العلم واحرصوا على النيات فلعله يصعب عليك قيادها أحيانا وخاصة وقت الخلاف وقت الإنتصار لقول أو لرأي .
قال الله تعالى (( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ))
وقال الله تعالى: (( لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا))
وقال تعالى (( وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ))
وأخبرعن حملة العرش ومن حوله أنهم يقولون : ((
رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا ))
فليس من شيء إلا ويعلمه الله تعالى وليس من شيء إلا وفيه آثار رحمته ...فسعة العلم وسعة الرحمة بينهما تلازم ....فكلما ازداد العبد علما أوجب أن يكون أكثر رحمة ...فالزيادة في العلم تجعلك أكثر رحمة بالخلق . لا متعاليا عليهم فظا غليظا في كلامك ونقدك وبيانك.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في اغاثة اللهفان : (( ولما كان نصيب كل عبد من الرحمة على قدر نصيبه من الهدى كان أكمل المؤمنين إيمانا أعظمهم رحمة كما قال تعالى في أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم [محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ] وكان الصديق رضي الله عنه من ارحم الأمة وقد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : أرحم أمتي بأمتي أبو بكر رواه الترمذي وكان أعلم الصحابة باتفاق الصحابة كما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه : وكان أبو بكر رضي الله عنه أعلمنا به يعني النبي صلى الله عليه وسلم فجمع الله له بين سعة العلم والرحمة وهكذا الرجل كلما اتسع علمه اتسعت رحمته وقد وسع ربنا كل شيء رحمة وعلما فوسعت رحمته كل شىء وأحاط بكل شىء علما ))

وفي كتاب الصلاة وأحكام تاركها لابن القيم :
(( وسع كل شيء رحمة وعلما, وأوسع كل مخلوق نعمة وفضلا فوسعت رحمته كل شيء ووسعت
نعمته كل حي فبلغت رحمته حيث بلغ علمه ....... ))
وقال الشيخ العثيمين في الواسطية [ وقوله: {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً}:
يدل على أن كل شيء وصله علم الله، وهو واصل لكل شيء، فإن رحمته وصلت إليه، لأن الله قرن بينهما في الحكم {رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً}.
وهذه هي الرحمة العامة التي تشمل جميع المخلوقات، حتى الكفار، لأن الله قرن الرحمة هذه مع العلم، فكل ما بلغه علم الله، وعلم الله بالغ لكل شيء، فقد بلغته رحمته، فكما يعلم الكافر، يرحم الكافر أيضاً............ ]


رد مع اقتباس