بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه .
أما بعد :
فأقدم اعتذاري لﻷخوة الكرام عن تأخر المدارسة عن موعدها المقرر لشغل عرض لي ،
فحياكم الله وبياكم وجعل في الجنة مأواي ومأواكم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علمنا
لقد مر بنا مجموعة من المقدمات تتعلق بالتعريف بالميراث وشروطه وأركانه وأسبابه وموانعه .
واليوم نتناول ما يتعلق بالورثة من جهة عددهم إجمالا .
اعلم أن الوارث إما أن يكون ذكرا أو انثى .
وأما الخنثى فهو لا يخرج عن النوعين السابقين ويأتي بيان أحكامه الخاصة في موضعه - إن شاء الله تعالى - .
فنقول : الوارث إما أن يكون ذكرا أو انثى ، وعددهم المفصل خمس وعشرون نوعا . وفي ذلك مسائل مهمة .
المسألة اﻷولى / أن المقصود بعددهم هو جهة الوراثة ، أما عددهم من حيث حصرهم فليس مقصودا ﻷنه قد يبلغ عدد اﻷبناء الخمسين مثلا .
المسألة الثانية / الذكور الوارثون على جهة التفصيل خمسة عشر ذكرا .
وعلى جهة اﻹجمال عشرة ذكور .كما قال الرحبي رحمه الله
والوارثون من الرجال عشرة أسماؤهم معروفة مشتهرة .
واﻹناث الوارثات على جهة التفصيل عشر ، وعلى جهة اﻹجمال سبع .
قال الرحبي رحمه الله :
والوارثات من النساء سبع لم يعط انثى غيرهن الشرع
المسألة الثالثة / إن المقصود من كونهم وارثين أي أنهم يستحقون أن ينتقل لهم مال مورثهم بعد موته بشروط التوريث . ولا يلزم أن يرث كل من وجد منهم فإن بعضهم يقدم على بعض ويحجب بعضهم بعضا بالشروط المعروفة في موضعها .
المسألة الرابعة / عبرنا ( بالذكور ، واﻹناث ) . ولم نعبر : ( بالرجال ، و النساء ) ، كما فعل الرحبي رحمه الله ؛ وذلك لبيان أن الوارث هو الذكر ليشمل الصغير والكبير ، وليس هو الرجل البالغ من الذكور فقط .
المسألة الخامسة / يجب أن تعلم أن كل وارث منهم لا بد أن يتصل بمورثه بأحد أسباب الميراث التي سبق بيانها ، وإليك تفصيل ذلك في المسألة السادسة - ومنه تعلم ترتبط مسائل العلم بعضها مع بعض - .
المسألة السادسة / بالنسبة للذكور ، فنبدأ بعدهم على جهة التفصيل
فنقول : اﻷسباب عندنا ثلاثة ( نكاح وولاء ونسب ) .
فأما النكاح فيرث بسببه شخص واحد ، وهو ( الزوج ) .
وأما الولاء فيرث بسببع شخص واحد ، وهو ( المعتق ) .
فهذان شخصان فقط من أصل خمسة عشر ذكرا
فهذا يدل على أن هذين السببين أضعف من ( النسب ) الذي يرث به ثلاثة عشر ذكرا
وذلك ﻷن ( النكاح ، والولاء ) اﻷصل فيهما أنهما اختياريان هذا من جهة
ومن جهة ثانية بالنسبة للنكاح قد تزول سببيته بالطلاق بالبائن .
إذن فمن هم الواثون بسبب ( النسب ) الذين هم عمدة الوارثين من الذكور ؟
لقد سبق أن بينا أن النسب له ثلاث جهات : ( اﻷصول ، والفروع ، والحواشي ) .
فأما اﻷصول ، فالوارث منهم اثنان : ( اﻷب ، والجد - وإن علا بمحض الذكور ) .
فأما اﻷب فمعروف .
وأما الجد فالمراد به الجد من جهة اﻷب ويسميه العلماء ( الجد الصحيح ) .
والمقصود بالصحيح أي صحة سبب ميراثه من مورثه لتحقق شرط توريثه ، وهو كونه لا يدلي إلى الميت بأنثى .
فاتضح لنا من ذلك :
أن هناك جدا لا يرث ، وهو ما يسمى ( بالجد الفاسد ) .
والمراد به من فسد شرط استحقاقه الميراث لكون بينه وبين الميت انثى .
فظهر لنا من ذلك أن الجد الذي لا يرث :
1 -كل جد من جهة اﻷم ، مثل : أب اﻷم .
2- كل جد من جهة اﻷب أدلى بأنثى ، مثل : أب أم اﻷب .
وأما الفروع فهم صنفان : ( الابن ، وابن الابن - وإن نزل بمحض الذكور ) .
فأما الابن فمعروف .
وأما ابن الابن فالمراد بقولنا
( ابن الابن ) هو ما نزل عن الميت وليس بينه وبين الميت انثى .
فابن ابن الابن يرث .
وابن البنت لا يرث ، وابن بنت الابن كذلك لا يرث .
واعلم أن جهة البنوة هي أقوى جهات الورثة .
وأما الحواشي فصنفان رئيسيان : ( اﻷخ ، والعم ) .
اﻷخ يندرج تحته خمسة أنواع :
اﻷخ الشقيق .
وابن اﻷخ الشقيق .
واﻷخ ﻷب .
وابن اﻷخ ﻷب .
واﻷخ ﻷم .
وأما العم فيندرج تحته أربعة أنواع :
العم الشقيق .
وابن العم الشقيق .
والعم لأب .
وابن العم ﻷب .
فالخلاصة أن الذكور الوارثين على جهة التفصيل خمسة عشر ذكرا موزعين على ثلاثة أسباب
السبب اﻷول النكاح وفيه واحد وهو الزوج .
والسبب الثاني الولاء وفيه واحد وهو المعتق .
والسبب الثالث النسب وفيه ثلاثة عشر ذكرا توزيعهم على جهات النسب الثلاثة
الجهة اﻷولى اﻷبوة وفيها وارثان اﻷب والجد .
الجهة الثانية البنوة وفيها وارثان الابن وابن الابن .
الجهة الثالثة الحواشي ، وفيها تسعة من الوارثين موزعين على فرعيها
اﻷول اﻷخوة وفيها خمسة من الوارثين : ( اﻷخ الشقيق ، وابنه ، واﻷخ ﻷب ، وابنه واﻷخ ﻷم ) .
الثاني العمومة وفيها أربعة من الوارثين : ( العم الشقيق ، وابنه ، والعم ﻷب ، وابنه ) .
وأما على سبيل اﻹجمال فهم عشرة كما عدهم الرحبي رحمه الله :
الابن وابن الابن مهما نزلا واﻷب والجد له وإن علا
واﻷخ من أي الجهات كان *** قد أنزل الله به القرآنا
وابن اﻷخ المدلي إليه بالأب *** فاسمع مقالا ليس بالمكذب
والعم وابن العم من ابيه *** فاشكر لذي الإيجاز والتنبيه
والزوج والمعتق ذو الولاء *** فجملة الذكور هؤلاء