عرض مشاركة واحدة
  #26  
قديم 05-12-2014, 11:30 AM
حامد بن حسين بدر حامد بن حسين بدر غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 1,115
افتراضي

العدل مطلوب ، جزاك الله خيراً شيخنا .

قال العلامة صالح آل الشيخ –حفظه الله- في شرحه على رسالة (فضل الإسلام)- :


"
فإنّ اليُسر والسهولة في الأمور العلمية الاعتقادية ظاهرٌ؛ لأن الإسلام دينُ الفطرة.

والإسلامُ ليس فيه تعقيدات كلامية ، ولا مباحث فلسفية لا يفهمها إلا خواصُّ الناس.

بل كلُّ أحد يفهم الإسلام بعبارات سهلة ؛
إذا شُرِحَ له معنى التوحيد ، وبُيِّنَت له بعضُ الأحكام : فإنه يفهم الإسلام.

وأمّا ما أُحدِث في هذه الأمة مِن الأقوال المتفرّقة، والتفصيلات -ممّا يسمّونه: جليلَ الكلام! ودقيقَ الكلام!- أو ما يسمّونه بالفلسفة الإسلامية! أو التعقيدات التي
لا تصلُح لجمهور الأمة: فإن هذا -بلا شكّ- مما يُجزم أنه ليس مما يحبّه الله -جل وعلا- ؛ لأن أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة.

وهذه المسائلُ المعقّدةُ التي لا يفهمها إلا الخواصُّ بمقدماتٍ كثيرةٍ متنوعةٍ : هذه ليست ممّا يدخل في السماحة ، ولا في اليُسر.


ولذلك صار لا يَعتقد تلك الاعتقاداتِ -على تفاصيلها التي يقول بها المتكلّمةُ وأرباب البدع- إلا خواصُّ العلماء.


ولكنْ؛ إذا سألتَ عامّةَ الناس: هل تعتقدُ كذا ؟ لم يَدْرِ ما يقول! أو أجابك بما في النصّ!!

لهذا ؛ يخُطىء بعضُهم أنه يزعم أن أكثر الأمة -اليومَ- وما قبل اليوم- أنهم أشاعرةُ -مثلاً- في الاعتقاد! أو ماتريدية!! أو أكثر الأمة على نحو كذا!!

هذا غلطٌ؛ لأن هذه المذاهبَ إنما هي -عند العلماء- على تفاصيلها، والعامةُ أكثرُ ما تجد عندهم : الفطرةُ، وأكثر ما تجد عندهم ما دلَّ عليه الدليل إذا عُلِّموه.

وأمّا تفاصيلُ المسائل العَقَدية الأشعرية ، أو الماتريدية- وتفاصيل المسائل الكلامية - أو المذهبية على أيّ مذهب-: هذه تحتاج إلى تعليم:

-فإذا عُلِّمها: لُقِّنَها وحفظها.

-وإذا لم يُعَلَّمْها: فإنه يَصير إلى ما سيسمعه في الكتاب أو في السنة ، وإلى ما يتلوه في القرآن.

وهذا مجرّبٌ ظاهرٌ.

لهذا نقول:

إنّ الذي يُناسب الناسَ : هو الحنيفية السمحة.

الذي يٌناسب الناسَ في الدعوة وفي البيان : إنما هو فِطرة الإسلام والتوحيد ؛ الذي لا يلتبسُ بالأقوال والتفريعات الكلامية! والفلسفية! والخرافية!! التي لا يفهمُها الناسُ إلا بتعليم.

وصدق رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إذ يقول: «كل مولود يُولَد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه ، أو يمجّسانه ، أو ينصّرانه...» -إلى آخر الحديث-.

وهذا مهمٌّ في المنهج-منهج الدعوة ومنهج العمل-: في أنه يفرّق في الدعوة ما بين:

- العامة.

- وما بين خصوص المنحرفين مِن علماء الفِرق ، والذين درسوا على مذهب معين.

فإنّ العامة قد لا تجد عندهم تلك الأقوال، وإن وَجدتَ عندهم قولاً لا تجد عندهم تفاصيلَ المذهب:

إذا سألتَ أحداً -مثلاً- من عامة الناس -في أي بلدٍ ما- إذا كان فيه مذهب أشعرية، أو مذهب ماتريدية ، أو مذهب قدَرية ، أو معتزلة -...أو إلى آخره-: إذا سألتَه في مسائل القدَر؟

فإنه يجيبك بما تقتضيه الفطرة: بأن الإنسان مخيَّر ، وأنه غير مجبور ، ولذلك يعمل؛ لأنه لم يعلم غيرَ ذلك ، والفطرة تقتضي هذا، وإحساسُه في داخله يقتضي ذلك.

كذلك إذا أتيتَ بمسائل الإيمان ، وسألتَ أحداً من عامة الناس -ممّن لم يعلم تفاصيلَ مذاهب المرجئة في الإيمان-:

هل العملُ من الإيمان؟

يجيبك الجميعُ -كما جُرِّب- : نعم؛ العمل من الإيمان.

وكذلك إذا أتيتَ بمسائل الصفات: الله -جل وعلا- هل استوى على العرش؟

فإنه يقول: نعم؛ الله -جل وعلا- يقول : ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾.

... إلا إذا عُلِّم التأويل! إلا إذا لُقِّن وحُرِف؛ فإنه -حينئذٍ- ينتقل عن فطرته إلى شيء آخر!!

ولهذا ؛
مِن المهمّ في منهج الدعوة أن يُقَرَّرَ للناس ما يستقيم مع فطرتهم، وما يسهّل عليهم في الاعتقاد ، وفي العمل.

فالحنيفية ُالسمحةُ سِمَةُ الإسلام -عقيدةً وشريعةً-.

وينبغي أن تكون
سِمَةُ الدعاة إلى الإسلام : عقيدةً وشريعةً...".انتهى قوله -حفظه الله-.

أما الذين في ساحة المجاهدة والدفع عن الدين فيما يخص أهل البدع المتفلسفين، فجهدُهُم مشكور ونسألُ الله لهم القَبول..

ولا ننتقص من قدرهم وجُهدهم ، ولكلٍ درجات ممّا عملوا.

والله الموفق.
__________________
قال العلامة صالح آل الشيخ: " لو كان الفقه مراجعة الكتب لسهل الأمر من قديم، لكن الفقه ملكة تكون بطول ملازمة العلم، بطول ملازمة الفقه"
وقال: "ممكن أن تورد ما شئت من الأقوال، الموجودة في بطون الكتب، لكن الكلام في فقهها، وكيف تصوب الصواب وترد الخطأ"
"واعلم أن التبديع والتفسيق والتكفير حكم شرعي يقوم به الراسخون من أهل العلم والفتوى ، وتنزيله على الأعيان ليس لآحاد من عرف السنة ، إذ لا بد فيه من تحقق الشروط وانتفاء الموانع، حتى لا يصبح الأمر خبط عشواء ،والله المستعان"
رد مع اقتباس