رجوتُك يا ربِّي لِسدِّ مَفاقِري***وسَتْرِ هَنَاتي يومَ تُبلى السرائرُ
فكُن لرجائي يا إلهي مُحَقِّقاً***إذا غَيَّبَتْني في ثَرَاها المقابرُ
o قال الإمام ابن القيِّم–رحمه الله- في «التبيان في أقسام القرآن»-مفسِّراً-:
«﴿تُبلى﴾أي: تُختَبَر.
وقال مقاتل: تظهر ،وتبدو .
وبَلَوْتَ الشيء؛ إذا: اختبرتَه؛ ليظهرَ لك باطنُه وما خفي منه.
و﴿السرائر﴾: جمع: (سَريرة)، وهي: سرائر الله التي بينه وبين عبده -في ظاهره وباطنه لله-.
فالإيمانُ مِن السرائر، وشرائعُه من السرائر ؛ فتُختَبَر -ذلك اليومَ- حتى يظهرَ خيرُها مِن شرها، ومؤدِّيها مِن مضيِّعها، وما كان لله ممّا لم يكن له:
قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- (يُبدي الله -يومَ القيامة- كلَّ سرٍّ ، فيكون زَيناً في الوجوه، وشَيْناً فيها).
والمعنى: تُختَبَر السرائر بإظهارها، وإظهارِ مقتضياتها -مِن الثواب والعقاب، والحمد والذمّ-.
وفي التعبيرِ عن الأعمال بالسرِّ لطيفةٌ ؛ وهو :أن الأعمال نتائجُ السرائر الباطنة:
* فمَن كانت سريرتُه صالحةً: كان عمله صالحاً، فتبدو سريرتُه على وجهه: نوراً وإشراقاً وحياءً.
* ومَن كانت سريرتُه فاسدةً :كان عملُه تابعاً لسريرته؛ لا اعتبارَ بصورته، فتبدو سريرتُه على وجهه: سَواداً، وظُلمةً، وشَيْناً.
وإنْ كان الذي يبدو عليه في الدنيا إنّما هو عملُه- لا سريرتُه-؛ فيومَ القيامة تبدو عليه سريرتُه، ويكونُ الحكم والظهور لها».
o وقال –رحمه الله- في «إغاثة اللهفان»-معلِّقاً-:
«فَمَا ظَنُّ مَنِ انْطَوَتْ سَرِيرَتُهُ عَلَى الْبِدْعَةِ وَالْهَوَى وَالتَّعَصُّبِ لِلْآرَاءِ بِرَبِّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾}!؟
وَمَا عُذْرُ مَنْ نَبَذَ كِتَابَ اللَّهِ ، وَسُنَّةَ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءَ ظَهْرِهِ -فِي يَوْمٍ لَا يَنْفَعُ -فِيهِ - الظَّالِمِينَ الْمَعَاذِرُ!؟
أَفَيُظَنُّ الْمُعْرِضُ عَنْ كِتَابِ اللَّهِ ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يَنْجُوَ –غَدًا- بِآرَاءِ الرِّجَالِ؟!
أَوْ يَتَخَلَّصَ مِنْ مُطَالَبَةِ اللَّهِ –تَعَالَى- لَهُ بِكَثْرَةِ الْبُحُوثِ وَالْجِدَالِ! أَوْ ضُرُوبِ الْأَقْيِسَةِ وَتَنَوُّعِ الْأَشْكَالِ!؟
أَوْ بِالشَّطَحَاتِ وَالْإِشَارَاتِ وَأَنْوَاعِ الْخَيَالِ؟!
هَيْهَاتَ –وَاللَّهِ-...
لَقَدْ ظَنَّ أَكْذَبَ الظَّنِّ ! وَمَنَّتْهُ نَفْسُهُ أَبْيَنَ الْمُحَالِ!!
وَإِنَّمَا ضُمِنَتِ النَّجَاةُ لِمَنْ حَكَّمَ هُدَى اللَّهُ -تَعَالَى -عَلَى غَيْرِهِ، وَتَزَوَّدَ التَّقْوَى، وَأْتَمَّ بِالدَّلِيلِ ،وَسَلَكَ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ،وَاسْتَمْسَكَ مِنَ التَّوْحِيدِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الَّتِي ﴿لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سُمَيْعٌ عَلِيمٌ﴾».
o وقال-رحمه الله-في«مدارج السالكين»-مُستخلِصاً-:
«زَرْعُ النِّفَاقِ يَنْبُتُ عَلَى سَاقِيَتَيْنِ: سَاقِيَةِ الْكَذِبِ، وَسَاقِيَةِ الرِّيَاءِ.
وَمَخْرَجُهُمَا مِنْ عَيْنَيْنِ: عَيْنِ ضِعْفِ الْبَصِيرَةِ، وَعَيْنِ ضَعْفِ الْعَزِيمَةِ.
فَإِذَا تَمَّتْ هَذِهِ الْأَرْكَانُ الْأَرْبَعُ: اسْتَحْكَمَ نَبَاتُ النِّفَاقِ وَبُنْيَانُهُ!!
وَلَكِنَّهُ بِمَدَارِجِ السُّيُولِ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ!
فَإِذَا شَاهَدُوا سَيْلَ الْحَقَائِقِ﴿ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾، وَكُشِفَ الْمَسْتُورُ، وَ﴿بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ﴾: تَبَيَّنَ –حِينَئِذٍ- لِمَنْ كَانَتْ بِضَاعَتُهُ النِّفَاقَ-: أَنَّ حَوَاصِلَهُ الَّتِي حَصَّلَهَا كَانَتْ كَالسَّرَابِ:﴿يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾».
فـ
...بَصِّرنا-اللهمّ - بعيوبنا..واغفر لنا ذنوبَنا...
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم سلمة السلفية
ولعلّ أم سلمة تأتيك بالمزيد!!
|
ليت هندًا أنجزتنا ما تَعدْ /// وشَفَتْ أنفسنا مما تَجِدْ
كُلَّما قُلتُ مَتى ميعادُنا /// ضَحِكَت هِندٌ وَقالَت بَعدَ غَد!