عرض مشاركة واحدة
  #32  
قديم 06-03-2013, 02:30 PM
مبارك بن الساسي المسيلي مبارك بن الساسي المسيلي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: May 2012
الدولة: الجزائر
المشاركات: 326
افتراضي

كتب الشيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله في كتاب من كل سورة فائدة فائدة من سورة الجن
تبليغ الرسالة عصمة من الأعداء
قال الله تعالى: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}
هاتان الآيتان من أعظم الآيات المشجعة على الدعوة إلى الله لمن فقهه الله في دينه ورزقه الإخلاص في العمل؛ لأن الله أخبر فيهما أنه لا أحد يجير العبد ويحفظه مما يدبر له من المكائد، إلا أن يكون مبلغا عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والناس يظنون أن الدعوة إلى دين الله تزيدهم بغضا في القلوب و محاربة من قبل المخالفين وتسلطا
بأنواع الأذية ، فيفضلون السلامة على الدخول فيما يجلب لهم الملامة ، ولكن في الحقيقة أنه بقدر ما يدعوا المرء إلى الله بقدر ما يُدفع عنه من المكاره ، قال ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى
27 /432-433: (يقول:{ قُلْ إنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا } { إلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ } يَقُولُ : لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ إنْ عَصَيْته كَمَا قَالَ تَعَالَى : { قُلْ إنِّي أَخَافُ إنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } { وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا } أَيْ مَلْجَأً أَلْجَأُ إلَيْهِ . { إلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ } أَيْ لَا يُجِيرُنِي مِنْهُ أَحَدٌ إلَّا طَاعَتُهُ أَنْ أُبَلِّغَ مَا أُرْسِلْت بِهِ إلَيْكُمْ فَبِذَلِكَ تَحْصُلُ الْإِجَارَةُ وَالْأَمْنُ . وَقِيلَ أَيْضًا : { لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا } لَا أَمْلِكُ إلَّا تَبْلِيغَ مَا أُرْسِلْت بِهِ مِنْهُ . وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ كَثِيرٌ . فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْأَمْنَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَحُصُولَ السَّعَادَةِ إنَّمَا هُوَ بِطَاعَتِهِ تَعَالَى)
ولهذه الآية نظائر كثيرة في الكتاب والسنة ، وأكتفي هنا بآية وحديث وشاهد من السيرة النبوية ، أما الآية فهي قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }
فوعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم بأن يعصمه من الناس إن هوقام بتبليغ رسالته ، والناس يتوهمون أن الدعوة هي التي تعرضهم لأذية الخلق ، ولا خلاص لهم منهم إلا بالسكوت عنهم و مجاراتهم على ما يكونون عليه من الباطل ، وقد مضى تفنيده في الآيات السابقة ، وأما الحديث فهو حديث يحيى مع عيسى عليهما السلام ، فعن الحارث الأشعري أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَمَرَ يَحْيَى بْنَ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِماتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِهِنَّ ، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ ، وَكَادَ أَنْ يُبْطِئَ ، فَقَالَ لَهُ عِيسَى : إنَّكَ قَدْ أُمِرْتَ بِخَمْسِ كَلَمِاتٍ أَنْ تَعْمَلَ بِهِنَّ ، وَتَأْمُرَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِهِنَّ ، فَإِمَّا أَنْ تُبَلَّغَهُنَّ ، وَإِمَّا أَنْ أُبَلَّغَهُنَّ ، فَقَالَ : يَا أَخِي إِنِّي أَخْشَى إِنْ سَبَقْتَنِي أَنْ أُعَذَّبَ ، أَوْ يُخْسَفَ بِي) الحديث رواه أحمد وصححه الألباني في (صحيح الترغيب والترهيب 552)، والشاهد منه أن يحيى صلى الله عليه وسلم خاف أن يخسف الله به إن هو تأخر عن التبليغ.
و أما من السيرة النبوية ، فخير شاهد على ما نحن فيه ما كان من صلح الحديبية ؛ فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم الشروط القاسية التي اشترطتها قريش عليه وعلى أصحابه؛ لأن في ذلك حدا من القتال الذي لو استمر لحال دون كثير من بركات الدعوة ، ولكن إذا حل السلم حلت الدعوة التي بركتها أعظم من بركة القتال، كما قد عُلم من نتائج صلح الحديبية ، وهذا باب واسع ، وإنما الغرض إثارة المسألة لينظر فيها من ينظر ، ويستفيد من يستفيد.اهـ
رد مع اقتباس