عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 04-04-2013, 07:40 PM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي


وجزاكم الله خيراً على المرور والتعليق..


[سؤال: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، صاحب الفضيلة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني سلمه الله في لقاء سابق معكم قبل ثلاث سنوات سألتم عن بعض السفهاء الذين يستهزئون بالدين وربما سبوا الدين فكان جواب سماحتكم أن مثل هؤلاء يؤدبون ويضربون بالأسواط ثم بعد ذلك ينتهى يعني يتركون ولا يحكم عليهم بشيء، فهذه مسألة حقيقة يعني فهمت من بعض الناس فهماً لا يريده الشيخ ناصر سلمه الله بحيث أنهم ظنوا أن الشيخ يطلق أن الاستهزاء مثلاً بالدين أو سب الدين أو سب النبي ليس كفراً فأريد من الشيخ سلمه الله توضيح هذا، وإن أذن لي الشيخ قبل الجواب أن أقرأ شيئاً يسيرا من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم العلامة مفتي الديار السعودية رحمه الله حول يعني سؤال سئل الشيخ حول هذه المسألة فأجاب؟

الشيخ: إذا شئت تفضل؟
مداخلة: قال بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة مساعد قاضي محكمة سابطة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ فقد جرى اطلاعنا على خطابكم برقم وتاريخ كذا وكذا بخصوص مسألة معوض بن فلان، وما صدر منه من لعنه دين محمد بن المهدي، وما قررتموه في حقه من جلده عشرة أسواط تعزيراً واستتابته، ثم توبته واستغفاره وطلبكم منا الإحاطة بذلك؛ ونفيدكم أن سبه دين محمد بن مهدي- والحال أن محمد المهدي مسلم- هو سب للدين الإسلامي وسب الدين كما لا يخفى عليكم ارتداد والعياذ بالله، وعليه فليزمكم علاوة على ما أجريتم إحضار المذكور وأمره بالاغتسال ثم النطق بالشهادتين وتجديد التوبة بعد إخباره بشروطها الثلاثة من الإقلاع عن موجب الإثم والندم على صدوره منه والعزم على عدم العودة إليه، ونظراً لما ذكرته عنه بأنه جاهل بمدلول ما صدر منه فيكتفى بما قررتموه عليه تعزيراً، وفقكم الله والسلام عليكم،، مفتي الديار السعوية، إن أذنت لي أيضاً بفتوى أخرى؟
الشيخ: تفضل.
مداخلة: أيضاً هنا حكم من سمى علم التوحيد علم التوحيش وعلم الفقه علم حزاوي العجائز، من محمد بن إبراهيم
الشيخ: سماه ماذا؟
مداخلة: حزاوي العجائز.
الشيخ: شو يعني العجائز، حزاوي أيش يعني.
مداخلة: يعني أحاديث، أحاديث العجائز.
الشيخ: هي لغة نجدية يعني؟
مداخلة: لا أعلم يا شيخ.
الشيخ: طيب.
من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي ... سلمه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: فقد وصل إلينا كتابك رقم كذا وكذا وتاريخ كذا وكذا، الذي ذكرت فيه حالة بعض الشباب من تلاميذ المدارس وأنهم يسمون علم التوحيد علم التوحيش ويسمون علم الفقه علم حزاوي العجائز تسأل عن حكم هؤلاء والجواب: لا شك أن مثل هؤلاء متجنون على الشريعة الإسلامية وعلومها، وهذا يدل على استخفافهم بالدين وجرأتهم على رب العالمين، ومن أطلق هذه المقالة على علم التوحيد الذي بعث الله به الرسل وأنزل به الكتب وهو يعلم معناها فلا شك أنه مرتد، ولكن ينبغي معرفة الفرق بين الحكم على شخص بعينه وبين من قال من فعل كذا وكذا أو قال كذا وكذا فهو كافر، لأن الشخص المعين لا بد من إثبات صدورها منه باختياره وكونه مكلفاً بالغاً عاقلاً، ومن أطلق هذه المقالة على علم الفقه فهو مخطئ ومتجن على علوم الشريعة لكن لا يبلغ به إلى الحكم عليه بالردة، وعلى كل فيتعين تعزير كل من يصدر منه مثل هذه الألفاظ، فإن كانوا أطفالاً وسفهاء فهذا أخف، وإن كانوا كباراً عقلاء فهذا أغلظ والعياذ بالله، والحقيقة أن هذا مما يستغرب وقوعه ولا سيما من طلاب المدارس الذين يتلقون هذه العلوم في مدارسهم وهي من أهم مقرراتهم. انتهى إلى هنا المقصود من كلامه عليه رحمة الله، تفضل سلمك الله.

الشيخ: الذي أراه وأدين الله به وأقول بعد حمد الله والصلاة والسلام على رسوله: أن الأمر لا يتعدى في عقيدتي ما أسمعتني إياه من كلام الشيخ رحمه الله في فتاواه، لكني أريد أن أوضح شيئاً تضمنه جواب الشيخ لكن يحتاج إلى شيء من البيان؛ فأنا أقول من المعلوم عند كافة العلماء أن الأقوال بمقاصد قائليها فإذا تكلم المتكلم بكلمة تحتمل أمراً مخالفاً للشرع، والمخالفة قد تزدوج فقد تكون كفراً وردة، وقد تكون معصية، وأوضح مثال في ذلك هو الحلف بغير الله تبارك وتعالى فنعلم جميعاً قوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «من حلف بغير الله فقد أشرك»، وفي اللفظ الآخر: «فقد كفر»، فلا نستطيع [نقول أن] كل من حلف بغير الله أنه كفر كفر ردة، ولكن قد يكون هذا الحالف بغير الله كفر كفر ردة، قد يكون، وقد لا يكون.

ولذلك فلتأكيد أحد الاحتمالين ورفع الاحتمال الآخر فلا بد من معرفتنا بطريقة أو بأخرى ما الذي قصده هذا الحالف؛ فإن كان قصد فعلاً تعظيم المحلوف وهو غير رب العالمين عز وجل تعظيماً له كتعظيمه لله عز وجل -وهذا ما لا يفعله فيما أعتقد أي مسلم- فيكون في هذه الحالة كفر ردة، ولكن كما قلت آنفاً هذا ما لا أعتقده؛ أن فرداً من أفراد المسلمين وما أكثر هؤلاء الذين يحلفون بغير الله عز وجل في بلاد الإسلام، ما أعتقد أن أحدهم يعني تعظيم المحلوف بغير الله عز وجل كحلفه بالله أو أن يجعله أعظم منه، لا أعتقد هذا ولذلك نرى كثيراً من هؤلاء المسلمين الذين غلبت عليهم هذه العادة -عادة الحلف بالآباء والأنبياء والرسل بل وبرأس الرجل وبلحيته وشاربه ونحو ذلك من الأيمان القبيحة- إذا ما ذكر وقيل له رسول الله يقول كذا وكذا فهذا لا يجوز؛ يقول: جزاك الله خيراً، وأنا ما كنت أعرف هذا، ويستغفر الله.

هذا مثال أريد أن أصل به إلى موضوع من يسب الله عز وجل، أو يسب نبيه عليه السلام، أو يسب الدين؛ الأمر يعود إلى القصد؛ لأن الإنسان قد يتكلم وقد يفعل فعلاً في حالة غضب شديد يعميه عن الكلام المستقيم الذي ينبغي أن يتكلم به، فإذا ما سمعنا شخصاً من هؤلاء كما قال الشيخ في بعضهم السفهاء يسبوا الشرع أو الدين أو رب العزة أو نبيه عليه السلام إلخ، فإذا ما ذكروا -هذا يقع كثيراً منهم ومن الناصحين والمذكرين لهم- بيقول: لعنة الله على الشيطان .. أستغفر الله، فهذا يدل على شيء مهم جداً يضطرنا نحن ألا نتسارع إلى إصدار حكم التكفير بحقه؛ لأنه لم يتقصد الكفر، كيف وهو يستغفر الله ويعترف بخطئه فيما بدر منه، لكن هذا لا يجعلنا .. نبارك له قولته، بل ننكر عليه ذلك أشد النكير، ولو كان هناك حكم أو حاكم يحكم بالشرع لاقترحنا بأن يعزر بأن يجلد عشر أسواط، كما جاء في حديث الرسول عليه السلام المعروف، لكن مع الأسف الشديد مثل هذا الحكم لا يوجد في أكثر بلاد الإسلام اليوم آسفين.

ولعل هذا يسوغ لي أن أقول لفقدان مثل هذه الأحكام الشرعية التي نص الشارع الحكيم على فائدتها في مثل قوله تبارك وتعالى في القرآن الكريم {وَلَكُمْ في القِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الأَلْبَابِ} (البقرة:179) عدم قيام الحكام بتنفيذ الأحكام الشرعية هو من أسباب انطلاق ألسنة هؤلاء السفهاء بما لا ينبغي ولا يجوز شرعاً أن يتفوهوا به.
فخلاصة الكلام: أن التكفير أمر صعب جداً كما هو معروف عند أهل العلم والأحاديث صحيحة في البخاري وغيره معروفة في هذا المعنى.

لكني أريد أن أذكر فرعاً بهذه المناسبة أريد أن أذكر فرعاً فقهياً جاء في بعض كتب المذاهب، وهذا في الواقع متجاوب تماماً مع رهبة تلك الأحاديث التي تحذر المسلم أن يبادر إلى تكفير أخيه المسلم خشية ألَّا يكون كافراً فيعود الكفر على المكفر، لقد ذكروا أنه إذا صدر من مجموعة من العلماء بلغ عددهم تسعة وتسعين شخصاً بتكفير مسلم، لكن عالم واحد قال لا ليس بكافر، فينبغي ألَّا يصدر حكم التكفير بالنسبة لهذا الإنسان ما دام أن هناك عالماًَ يقول هذا ليس بكفر، أفهم من هذا أن هؤلاء الذين فرعوا هذا الفرع لخطورة إصدار الكفر بحق الرجل المسلم، لا سيما إن كان معلوماً بمحافظته على الأركان الإسلامية، ليس فقط الشهادة، بل على الصلاة والصيام، وكثيراً ما نسمع خلافاً ينشب بين زوجين، فتأتي المرأة وتسأل أن زوجي سب كذا، نسأل يصلي؟ تقول: بيصلي، بيصوم؟ بيصوم إلخ، إذا كيف هذا، وقد خاصمته ونصحته إلخ، إذاً فهذه السبة إذا صدرت في إنسان من حالة غضب يستتاب ويعزر ويجلد إلخ، لكن إذا ما أردنا أن نصدر في حقه التكفير الذي يلازمه الردة، لابد أن نفهم اعترافه بما فعل، فإن اعترف فهو ردة ويقتل وكما هو معروف من الإسلام لقوله عليه السلام: «من بدل دينه فاقتلوه» أما إذا أتبع كلامه بالاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل فهذا دليل أنها ثورة غضبية لا نستطيع أن نرتب عليها ما نرتب على الكلام الصادر بقصدٍ وإرادة، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: «إنما الأعمال بالنيات» وهذا لم تكن النية أن يقصد ما سبه مما ذكر آنفاً، فلا يجوز أن ندينه بكلمته ما دام أن قلبه يخالف كلمته، هذا رأيي في هذا الموضوع.

مداخلة: سلمك الله هل يمكن أن نجمل هذا ونقول مثلاً إن شروط التكفير ثلاثة وموانعها ثلاثة؛ شروطها أولاً: العلم ويقابلها الجهل مانعه الجهل، الاختيار: مانعه الإكراه والجبر، التأويل ومانعه عدم التأويل، يعني لو لم نفتح باب التأويل في مسألة نرى أن التأويل قد يدخل فيها لكفرنا الجهمية ولكفرنا المعتزلة الذي يقول لا أدري الله فوق العرش أو تحت العرش، والسلف لم يفعلوا ذلك.

هنا سلمك الله عبارة أريد أن أقرأها عليك لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- في كتاب الشيخ الفاضل صالح العبود يقول الشيخ: والشيخ يُكَفِّرُ من كفر بإجماع المسلمين، وهو الذي قامت عليه الحجة، ولا يكفر من لم تقم عليه الحجة حتى أن الشيخ قال -عليه رحمة الله-: إن أول الأركان الخمسة للإسلام الشهاداتان، وقد أجمع العلماء على كفر تاركها، ووجوب قتاله، أما الأربعة الباقية فإذا أقر الإنسان بها وتركها تهاوناً، فالشيخ يقول: ونحن وإن قاتلناه على فعلها فلا نكفره بتركها؛ لأن العلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود.

أيضاً هنا عبارة أخرى ... ينقل الشيخ محمد بن عبد الوهاب عن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: لما استحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر كقدامة وأصحابه ظنوا أنها تباح لمن عمل عملاً صالحاً على ما فهموا من آية المائدة؛ اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما على أنهم يستتابوا فإن أصروا على الاستحلال كفروا، وإن أقروا بالتحريم جلدوا، فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداءً؛ لأجل الشبهة حتى يبين لهم الحق فإن أصروا كفروا، ولهذا كنت أقول الجهمية الذين نفوا أن يكون الله فوق العرش، أنا لو وافقتكم كنت كافراً، وأنتم عندي لا تكفرون.
الشيخ: تمام.

مداخلة: لأنكم جهال ونحن نعلم بالضرورة -هذا كلام لعله كلام الشيخ ابن عبد الوهاب الباقي الآن- أن الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم- لم يشرع لأمته -أو لعل هذا كلام شيخ الإسلام- أن يدعوا أحداً من الأحياء ولا الأموات ولا الأنبياء ولا غيرهم، لا بلفظ الاستغاثة، ولا بلفظ الاستعاذة، ولا غيرها، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت ولا إلى غير ميت ونحو ذلك، بل نعلم وأنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين، لم يكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولهذا ما بينت هذه المسألة قط -الآن هذا كلام شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب- لمن يعرف أصل دين الإسلام إلا تفطن له، وقال: هذا أصل دين الإسلام، وكان بعض أكابر شيوخ العارفين من أصحابنا [يقول]: وهذا أعظم ما بينته لنا.

الشيخ: الله يجزيه خير هذا كلام شيخ الإسلام أكيد؟
مداخلة: كلام شيخ الإسلام نعم، عاد هنا كلام لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب لو أذنت لي يا شيخ.
الشيخ: تفضل.
مداخلة: حينما اتهم بأنه يكفر المسلمين قال: وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم إنا نكفر بعموم.
الشيخ: جميل.

ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وأنا نكفر من لم يكفر ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه -يعني زعمهم أنه يكفر من لم يقم عليه الحجة ونحو ذلك- يقول الشيخ: وكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر -لعله قصده ما يوضع على القبور- وإذا كنا لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي وأمثالهما؛ لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا ولم يكفر ويقاتل؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.

الشيخ: سبحان الله، هذا كلام عظيم جداً، وأنا أقول:
هذا هو الحق ما به خفاء فدعني عن بنيات الطريق لقد قلنا في كثير من المجالس وإخواننا الحاضرين يعرفون هذا وخاصة هؤلاء النابتة الجديدة التي ديدنها هو تكفير الحكام المسلمين وبالتالي المحكومين، يقولون بأنا نكفر الجماهير ولا نكفر الحكام الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، فحكمنا بالنسبة للحكم بغير ما أنزل الله معروف، ولا حاجة للخوض فيه، ولكن أنا قصدي أن أقول أنا لا أكفر هؤلاء العامة الذين يطوفون حول القبور لغلبة الجهل، بل وقلت ولعل الأخ أبو الحسن يذكر هذا: أنني أتعجب من بعض العلماء الذين يقولون بأنه لا يوجد اليوم أهل فترة، فأنا أقول أهل الفترة موجودون خاصة في بلاد الكفر أوروبا وأمريكا ووإلى آخره، بل أنا أقول قولة ما أظن أحد يقولها اليوم، أنا أقول: أهل الفترة موجودون بين ظهرانينا، وأعني هؤلاء الجهلة الذين يجدون من يؤيد ضلالهم: استغاثتهم بغير الله، والنذر لغير الله والذبح لغير الله، ويسمون هذه الشركيات كلها بالتوسل، والتوسل كما تعلمون نوعان، فهؤلاء من أين لنا أن نكفرهم وهم لم تبلغهم دعوة الكتاب والسنة، أعني هؤلاء العامة والمضللين من بعض الخاصة، والبعض الآخر قد يوجدون في بلد، ولا يوجدون في بلد آخر، هذا الكلام الذي تلوته علي آنفاً أنا متأثر به جداً جداً، حتى قلت أن أهل الفترة اليوم يعيشون بين ظهرانينا يصلون معنا، ويصومون، ويحجون، لكن هم ما يفقهون ماذا يقولون حينما يقولون أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمد رسول الله وهو كما أشرتم في كلامكم، فيما قرأتم؛ لا بد قبل كل شيء من تحققنا من حال هذا المتكلم بأنه عالم بما يقول ويعني ما يقول، فإذا انتفى أحد الأمرين لم يجز لنا بحقه إلا التعزير.

ومنذ أيام قريبة جرى بحث بيني وبين بعض الإخوان رداً على هؤلاء الذين يبادرون إلى تكفير الحكام، وكما يقولون عندنا في سوريا بالكوم بالجملة يعني، المقصود بينت له خطورة التكفير لهذا الذي كنت أتناقش معه وأشرت إلى هؤلاء الذين يفترون علينا الكذب، كما افتروا على الشيخ محمد بن عبد الوهاب وغيره، ولنا أسوة بالأنبياء والرسل كما هو معلوم بالقرآن، قلت إذا رأينا مسلماً، نعرف أنه مسلم، رأينا مسلماً داس المصحف، لا شك هذا أمر منكر، لكن لا يجوز إلى إصدار الحكم بتكفيره حتى نتثبت أنه أولاً فعل هذا الفعل وهو يريد إهانة المصحف، وهو عارف أن هذا الكتاب الذي يدوسه بقدمه هو القرآن الكريم، فإذا كان عارفاً بإنه القرآن الكريم وقاصداً إهانته، فهذا كفره كفر ردة، لكن ما دام أنه يحتمل أن ألَّا يكون هذا القرآن هو كلام الله، أو هذا الكتاب الذي داسه بقدمه يحتمل أنه ليس كتاب الله، ثم مع الاحتمال الآخر يحتمل أنه كتاب الله وهو أراد أن يستهزأ به وأن يهينه أما إن فعل ذلك في حال ثورة غضبية فهو لا يدان وإنما أيضاً يعزر.

وأنا أذكر في مثل هذه المناسبة أنني لا أفرق في النتيجة وفي العاقبة بين أن يأخذ الرجل المصحف ويدوسه، أو أن يضرب به الأرض، كل من الصورتين لابد من التفريق، كل من الاحتمالين الأول أنه يدري أنه هذا كلام الله، وثانياً: أنه يقصد الإهانة والاستهزاء بكلام الله، وإلا فنحن نقرأ في القرآن الكريم بأن كليم الله موسى ضرب الألواح بالأرض فهل هذا يعتبر كفراً وكفر ردة؟! حاشا، لكن هو لغيرته على التوحيد ولما رأى قومه قد عبدوا العجل ثارت ثورته، غيرة على التوحيد، ووقع، منه ما وقع لكن هذا الذي وقع ليس بقصد منه، فالقصد هو الأساس في المحاسبة والمعاقبة، فإذا لم يوجد هذا القصد مقترناً مع اللفظ لم يجز المبادرة إلى التكفير وإنما إلى التعزير.

مداخلة: لعل هناك صورة تبين بوضوح ما أردتم الإشارة إليه؟
الشيخ: تبين؟
مداخلة: بوضوح ما أشرتم إليه: قد نرى رجلين كلاهما يمزق المصحف فنعطي هذا حكماً وهذا حكماً، فهذا أراد تمزيقه إكراماً له وحتى لا يهان، فله حكمه، وذاك أراد تمزيقه مما علمنا من نيته إهانة له و ...

الشيخ: جميل جداً إذاً إنما الأعمال بالنيات هو هذا أحسنت، لا حول ولا قوة إلا بالله.
مداخلة: كلمة ابن القيم وجدناها فأقول لعل أخونا أبو أحمد يضيفها في الشريط بطريقته الخاصة.
الشيخ: جميل.

مداخلة: وأيضاً هذا كلام ابن القيم يدل على ما تقدم من كلام الشيخ فضيلة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم، يقول ابن القيم: «وسأله -صلى الله عليه وآله وسلم- الحجاج بن علاط فقال إن لي بمكة مالاً، وإن لي بها أهلاً، وإني أريد أن آتيهم، فأنا في حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئاً، فأذن له رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أن يقول ما شاء» ... وفيه دليل على أن الكلام إذا لم يرد به قائله معناه إما لعدم قصده له، أو لعدم علمه به، أو أنه أراد به غير معناه لم يلزمه ما لم يرده بكلامه.

الشيخ: الله أكبر.
مداخلة: وهذا هو دين الله الذي أرسل به رسوله، ولهذا لم يَلْزَمْ المكرهَ على التكلم بالكفر الكفرُ، ولم يلزم زائل العقل بجنون أو نوم أو سكر ما تكلم به، ولم يلزم الحجاج بن علاط حكم ما تكلم به؛ لأنه أراد به غير معناه، ولم يعقد قلبه عليه، وقد قال تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ في أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ} (المائدة:89) وفي الآية الأخرى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} (البقرة:225) فالأحكام في الدنيا والآخرة مرتبة على ما كسبه القلب وعقد عليه وأراده من معنى كلامه.

الشيخ: هذا هو الحق ما شاء الله.
علي حسن: كالمسمار في التاج.
الشيخ: كلام العلماء يا سيدي، فينطبق عليه خير الكلام ما دخل الأُذُن بغير إِذْن.

"الهدى والنور" (880/ 03: 57: 00) و (880/ 10: 24: 01) ]
.اهـ
رد مع اقتباس