عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 07-21-2011, 01:35 AM
أبومسلم أبومسلم غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 2,410
افتراضي

شبهات حول مسجد الخيف!!

[جاء في كتاب مجانبة اهل الثبور ص 133 - 146 ، تأليف الشيخ عبد العزيز بن فصيل الراجحي ] .
فصل
في اسْتِدْلال ِ بَعْض ِ القبوْرِيِّيْنَ عَلى صِحَّةِ صَلاتِهمْ في المقابرِ وَعِنْدَ القبوْرِ ، بحدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا مَرْفوْعًا «في مَسْجِدِ الخيْفِ قبْرُ سَبْعِيْنَ نَبيًّا» ، وَقدْ صَلى فِيْهِ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وَأَئِمَّة ُ الإسْلام ! وَبيَان ِ بُطلانِهِ وَأَنهُ مُنْكرٌ ، وَرَدِّهِ عَليْهمْ


قدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ القبوْرِيِّيْنَ عَلى جَوَازِ صَلاتِهمْ في المقابرِ وَعِنْدَ القبوْرِ ، بَلْ وَجَوَازِ اتخاذِهَا مَسَاجِدَ ، وَرُبَّمَا جَعَلَ بَعْضُهُمْ ذلِك َ مُسْتَحَبًّا : بمَا رَوَاهُ أَبوْ هَمّامٍ الدَّلالُ عَنْ إبْرَاهِيْمِ بْن ِ طهْمَانَ عَنْ مَنْصُوْرِ بْن ِ المعْتَمِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَن ِ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ : قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«في مَسْجِدِ الخيْفِ قبْرُ سَبْعِيْنَ نبيًّا».

قالوْا : (وَمَسْجِدُ الخيْفِ ، هُوَ مَسْجِدُ مِنَى ، وَصَلاة ُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْهِ ، وَصَلاة ُ أَصْحَابهِ : ثابتة ٌ مَعْرُوْفة ٌ صَحِيْحَة ٌ لا رَيْبَ فِيْهَا وَلا مِرْية ٌ: فدَلتْ صَلاة ُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلِك َ المسْجِدِ مَعَ مَا فِيْهِ مِنْ قبوْرِ أَنبيَاءٍ ، عَلى جَوَازِ الصَّلاةِ في المسَاجِدِ المبْنِيَّةِ عَلى القبوْرِ، وَفي المقابرِ مِنْ بَابِ أَوْلىَ ! وَقدْ تتابعَ أَئِمَّة ُ الإسْلامِ مِنْ صَدْرِ الإسْلامِ حَتَّى اليوْم ، عَلى الصَّلاةِ فِيْهِ دُوْنَ إنكار)!

وَقدْ رَوَى هَذَا الحدِيْثَ :

- أَبوْ يَعْلى الموْصِلِيُّ (كمَا في«المطالِبِ العَالِيَةِ» لِلحَافِظِ ابْن ِ حَجَرٍ(3/370)(1425) «كِتَابُ الحجّ»،«بَابُ فضْل ِ مَسْجِدِ الخيْف») قالَ: أَخْبَرَنا الرَّمَادِيُّ أَبوْ بَكرٍ حَدَّثنَا أَبوْ هَمّامٍ الدَّلالُ به .

- وَالفاكِهيُّ في «أَخْبَارِ مَكة» (4/266)(2594) قالَ: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثنَا أَبوْ هَمّامٍ الدَّلالُ به .

- وَالطبَرَانِيُّ في«مُعْجَمِهِ الكبيْرِ» (12/414)(13525) قالَ: حَدَّثنَا عَبْدَانُ بْنُ أَحْمَدَ حَدَّثنَا عِيْسَى بْنُ شاذانَ حَدَّثنَا أَبوْ هَمّامٍ الدَّلالُ به .

وَالجوَابُ :

أَنَّ هَذَا الحدِيْثَ الذِي اسْتَدَلوْا بهِ ، عَلى وُجُوْدِ سَبْعِيْنَ قبْرِ نبيٍّ في مَسْجِدِ الخيْفِ : حَدِيْثٌ باطِلٌ مُنْكرٌ، وَإنْ كانَ ظاهِرُ إسْنَادِهِ الصِّحَّة !

وَهُوَ حَدِيْثٌ لمْ يُصَحِّحْهُ أَحَدٌ مِنَ الأَئِمَّةِ ، بَلْ وَلمْ يَسْتَدِلَّ بهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْل ِ العِلمِ المعْتبرِيْنَ المتقدِّمِيْنَ عَلى شَيْءٍ مِنْ مَسَائِل ِ الصَّلاةِ في المقابرِ ، لاطرَاحِهِ وَظهُوْرِ نكارَتِهِ . وَبيانُ ذلِك َ مِنْ وُجُوْهٍ :

أَحَدُهَا : أَنهُ مُخالِفٌ لِلأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ بَلْ وَالمتوَاتِرَةِ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لعْنِهِ لِليهُوْدِ وَالنَّصَارَى ، المتخِذِيْنَ قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِدَ ، بَلْ لعْنهُ المتخِذِيْنَ القبوْرَ مَسَاجِدَ مُطلقا .

بَلْ مُخالِفٌ لأَحَادِيْثَ صَحِيْحَةٍ كثِيْرَةٍ أُخْرَى ، فِيْهَا تَحْرِيْمُ الصَّلاةِ إلىَ القبوْرِ ، وَتَحْرِيْمُ وَطئِهَا وَالمشْيُ عَليْهَا ، وَإيْقادُ السُّرُجِ فِيْهَا .

فكيْفَ يتخِذُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَسْجِدَ الخيْفِ مَسْجِدًا؟! وَيُصَلي فِيْهِ؟! وَيَدَعُ المسْلِمِيْنَ يُصَلوْنَ فِيْهِ؟! ثمَّ يحْذَرُ عَليْهمْ مِنَ اتخاذِ قبْرِهِ مَسْجِدًا وَعِيْدًا ، وَلا يَحْذَرُ عَليْهمُ اتخاذَ قبْرِ سَبْعِيْنَ نبيًّا مَسْجِدًا وَعِيْدًا ؟! { سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ }.

فلا شَك َّ أَنَّ حَدِيْثَ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا هَذَا : حَدِيْثٌ بَاطِلٌ مُنْكر.

الثانِي: أَنهُ مُخالِفٌ لِلإجْمَاعِ ، وَقدْ قدَّمْنَاهُ في «فصْل ِ تَحْرِيْرِ مَحَلِّ النزَاعِ» أَوَّلَ الكِتَابِ (ص13-19) ، وَذكرْنا هُنَاك َ إجْمَاعَ أَهْل ِ العِلمِ كافة ً ، عَلى حُرْمَةِ اتخاذِ القبوْرِ مَسَاجِدَ ، وَالمسَاجِدِ عَلى القبوْر .

الثالِثُ : أَنهُ مُخالِفٌ لإجْمَاعٍ آخَرَ أَيضا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، وَهُوَ إجْمَاعُ العُلمَاءِ عَلى جَهَالةِ قبوْرِ الأَنبيَاءِ ، وَعَدَمِ قطعِهمْ بقبْرِ أَحَدٍ مِنْهُمْ ، سِوَى قبْرِ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُوْنَ غيْرِه .

أَمّا بَقِيَّة ُ قبوْرِهِمْ ففِيْهَا خِلافٌ كبيْرٌ ، وَالرّاجِحُ المقطوْعُ بهِ : بُطلانُ نِسْبتِهَا إليْهمْ ، سِوَى قبْرِ إبْرَاهِيْمَ عَليْهِ السَّلامُ ، ففِي قبْرِهِ نِزَاعٌ ، وَالجمْهُوْرُ عَلى ثبوْته .

قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تَيْمية َ رَحِمَهُ الله ُ- كمَا في«مَجْمُوْعِ الفتَاوَى» (27/141) - : (وَلِهَذَا كانَ العُلمَاءُ الصّالِحُوْنَ مِنَ المسْلِمِيْنَ لا يُصَلوْنَ في ذلِك َ المكان . هَذَا إذا كانَ القبْرُ صَحِيْحًا فكيْفَ وَعَامَّة ُ القبوْرِ المنْسُوْبةِ إلىَ الأَنبيَاءِ كذِبٌ ، مِثْلُ القبْرِ الذِي يُقالُ : إنهُ «قبْرُ نوْحٍ» فإنهُ كذِبٌ لا رَيْبَ فِيْهِ ، وَإنمَا أَظهَرَهُ الجهّالُ مِنْ مُدَّةٍ قرِيْبَةٍ وَكذَلِك َ قبْرُ غيْرِه).

الرّابعُ : أَنَّ هَذَا الحدِيْثَ لوْ كانَ صَحِيْحًا : لحَرُمَ وَطئُ قبوْرِهِمْ ، وَالجلوْسُ عَليْهَا ، وَالصَّلاة ُ فِيْهَا وَإليْهَا ، وَلوَجَبَ عَلى النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيَانُ ذلِك َ لأُمَّتِهِ ، فلمَّا لمْ يَكنْ ذلِك َ: ظهَرَ بُطلانهُ ، وَخُلوُّ المسْجِدِ مِنَ القبوْر .

الخامِسُ : أَنهُ مُخالِفٌ لِلرِّوَايَاتِ الصَّحِيْحَةِ في بابهِ ، التي فِيْهَا : أَنَّ مَسْجِدَ الخيْفِ صَلى فِيْهِ سَبْعُوْنَ نبيًّا ، وَقدْ رَوَاهُ جَمَاعَة ٌ مِنَ الأَئِمَّةِ مَوْقوْفا وَمَرْفوْعًا ، لا قبْرُ سَبْعِيْنَ نبيًّا ! فصَوَابهُ «صَلى» لا «قبْر».

فالرِّوَاية ُ المرْفوْعَة ُ: رَوَاهَا مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل ٍ عَنْ عَطاءِ بْن ِ السّائِبِ عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ جُبيْرٍ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ : قالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :« صَلى في مَسْجِدِ الخيْفِ سَبْعُوْنَ نبيًّا ، مِنْهُمْ مُوْسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كأَني أَنظرُ إليْهِ وَعَليْهِ عَبَاءَتان ِ قِطرَانِيَّتَان ِ، وَهُوَ مُحْرِمٌ عَلى بَعِيْرٍ مِنْ إبْل ِ شَنُوْءَةٍ ، مَخْطوْمٍ بخِطامٍ مِنْ لِيْفٍ لهُ ضَفِيْرَتان».

أَخْرَجَهُ :
- الفاكِهيُّ في«أَخْبَارِ مَكة»(4/266)(2593) قالَ: حَدَّثنَا عَلِيُّ بْنُ المنذِرِ الكوْفيُّ ، وَعَبْدَة ُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ قالا: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل ٍ به .

- وَالطبَرَانِيُّ في مُعْجَمَيْهِ:«الكبيْرِ»(11/452-453)(12283) وَ«الأَوْسَطِ» (6/193-194)(5403) قالَ: حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدِ بْن ِ أَبي خَيْثمَة َحَدَّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ الطوْسِيُّ حَدَّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل ٍ به .

ثمَّ قالَ الطبَرَانِيُّ بَعْدَهُ في«الأَوْسَطِ»(6/194):
(لمْ يَرْوِ هَذَا الحدِيْثَ عَنْ عَطاءِ بْن ِ السّائِبِ إلا َّ مُحَمَّدُ بْنُ فضَيْل . تفرَّدَ بهِ : عَبْدُ اللهِ بْنُ هَاشِمٍ الطوْسِيّ).

وَهَذَا إسْنَادٌ رِجَالهُ حُفاظ ٌ ثِقاتٌ ، احْتَجَّ بهمْ أَصْحَابُ الصَّحِيْح .

وَتفرُّدُ مُحَمَّدِ بْن ِ فضَيْل ٍ بهِ عَنْ عَطاءٍ - الذِي ذكرَهُ الطبَرَانِيُّ - لا يَضُرُّهُ ، فإنَّ مُحَمَّدًا ثِقة ٌ حُجَّة ٌ، احْتَجَّ بهِ الشَّيْخان .

أَمّا زَعْمُ الطبَرَانِيِّ رَحِمَهُ الله ُ: تفرُّدَ عَبْدِ اللهِ بْن ِ هَاشِمٍ الطوْسِيِّ بهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن ِ فضَيْل ٍ: فغيْرُ مُسَلمٍ وَلا صَحِيْحٍ ، بَلْ قدْ شَارَكهُ في رِوَايتِهِ لهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْن ِفضَيْل ٍ: رَاوِيان ِ ثِقتان ِ، هُمَا عَلِيُّ بْنُ المنذِرِ ، وَعَبْدَة ُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيْمِ ، كمَا تقدَّم .



أَمّا الرِّوَاية ُ الموْقوْفة ُ: فجَاءَتْ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ أَيْضًا مِنْ طرِيْقيْن ِ، وَعَنْ أَبي هُرَيرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا .

فإحْدَى طرِيقيْ ابْن ِ عَبّاس ٍ: رَوَاهَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَة َ عَنْ أَشْعَثِ بْن ِ سَوّارٍ عَنْ عِكرِمَة َ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ:«صَلى في مَسْجِدِ الخيْفِ سَبْعُوْنَ نبيًّا ، كلهُمْ مُخَطمِيْنَ باِلليْف» قالَ مَرْوَانُ : (يَعْنِي رَوَاحِلهُمْ).

أَخْرَجَهُ مِنْ هَذِهِ الطرِيْق ِ :

- الفاكِهيُّ في«أَخْبَارِ مَكة َ»(4/269)(2603) قالَ: حَدَّثنَا ابْنُ أَبي عُمَرَ حَدَّثنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِية َ به .

- وَالأَزْرَقِيُّ في«أَخْبَارِ مَكة»(2/174) أَيْضًا قالَ: حَدَّثنِي جَدِّي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبي عُمَرَ العَدَنِيُّ قالا: حَدَّثنَا مَرْوَانُ به .

وَهَذَا إسْنَادٌ رِجَالهُ رِجَالُ الصَّحِيْح .

وَأَشْعَثُ بْنُ سَوّارٍ : رَوَى لهُ مُسْلِمٌ في«صَحِيْحِهِ»في المتابعَاتِ ، وَتكلمَ فِيْهِ جَمَاعَة ٌ مِنَ الأَئِمَّةِ وَضَعَّفوْهُ ، وَلعَلَّ الطرِيْقَ الأُخْرَى عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ تَعْضُدُهُ ، وَقدْ :

رَوَاهَا الحاكِمُ في«مُسْتَدْرَكِهِ»(2/598) : عَنْ أَبي العَبّاس ِ مُحَمَّدِ بْن ِ يَعْقوْبَ عَنْ أَحْمَدِ بْن ِ عَبْدِ الجبّارِ عَنْ يُوْنس ِ بْن ِ بُكيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْن ِ إسْحَاقَ عَن ِ الحسَن ِ بْن ِ مُسْلِمٍ عَنْ مِقسَمٍ عَن ِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا قالَ:«لقدْ سَلك َ فجَّ الرَّوْحَاءِ سَبْعُوْنَ نبيًّا حُجّاجًا ، عَليْهمْ ثِيَابُ الصُّوْفِ ، وَلقدْ صَلى في مَسْجِدِ الخيْفِ سَبْعُوْنَ نبيًّا».

وَرَوَاهُ البَيْهَقِيُّ في«سُنَنِهِ الكبْرَى»(5/177) مِنْ طرِيْق ِ أَبي عَبْدِ اللهِ الحاكِمِ عَنْه.

وَهَذَا إسْنَادٌ رِجَالهُ مُحْتَجٌّ بهمْ في الصَّحِيْحِ ، غيْرَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إسْحَاقَ : مُدَلسٌ وَقدْ عَنْعَن .

أَمّا حَدِيْثُ أَبي هُرَيرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ :

فرَوَاهُ مُسَدَّدٌ (كمَا في «المطالِبِ العَالِيَةِ» لِلحَافِظِ ابْن ِ حَجَرٍ(3/370)(1425كِتَابُ الحجّ»،«بَابُ فضْل ِ مَسْجِدِ الخيْف») عَنْ يَحْيَى بْن ِ سَعِيْدٍ القطان ِ عَنْ عَبْدِ الملِكِ بْن ِ أَبي سُليْمَانَ عَنْ عَطاءٍ عَنْ أَبي هُرَيرَة َ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ:«صَلى في مَسْجِدِ الخيْفِ سَبْعُوْنَ نبيًّا ، وَبَيْنَ حِرَاءَ وَثبيْرٍ سَبْعُوْنَ نبيًّا».

وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيْحٌ عَلى شَرْطِ مُسْلِم .

وَرِوَايتا ابْن ِ عَبّاس ٍ وَأَبي هُرَيْرَة َ الموْقوْفتان ِ عَليْهمَا : لهمَا حُكمُ الرَّفعِ ، لأَنَّ مِثلهُمَا لا يُقالُ باِلرَّأْيِّ ، وَيَشْهَدُ لِرَفعِهَا - ضِمْنًا - حَدِيْثُ ابْن ِ عَبّاس ٍ المرْفوْعُ وَقدْ تقدَّم .

وَفي هَذَا البابِ أَيْضًا : مُرْسَلٌ لِسَعِيْدِ بْن ِ المسَيِّبِ قالَ: (مَرَّ مُوْسَى عَليْهِ السَّلامُ بفجِّ الرَّوْحَاءِ ، وَعَليْهِ عَبَاءََتان ِ قطوَانِيَّتَان ِ، تجَاوِبهُ صِفاحُ الرَّوْحَاءِ ، وَهُوَ يقوْلُ:«لبَّيْك َ عَبْدُك َ، وَابْنُ عَبْدَيْك».

وَمَرَّ عِيْسَى بْنُ مَرْيَمَ عَليْهمَا السَّلامُ يلبِّي ، وَهُوَ يقوْلُ: «لبَّيْك َ عَبْدُك َ، وَابْنُ أَمَتِك َ بنْتِ عَبْدَيْك».
وَمِنْ قبْلُ أَوْ مِنْ بَعْدُ سَبْعُوْنَ نبيًّا ، خَاطِمِي رَوَاحِلهُمْ بحِبَال ِ الليْفِ ، حَتَّى صَلوْا في مَسْجِدِ الخيْف
).

رَوَاهُ :

- الفاكِهيُّ في«أَخْبَارِ مَكة»(4/268-269)(2601) قالَ: حَدَّثنَا ابْنُ أَبي عُمَرَ حَدَّثنَا سُفيَانُ – هُوَ ابنُ عُيَيْنَة َ- عَن ِ ابْن ِ جُدْعَانَ عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ المسَيِّبِ به .
وَرَوَاهُ :

- الإمَامُ أَحْمَدُ في«الزُّهْدِ» قالَ: حَدَّثنَا سُفيَانُ عَن ِ ابن ِ جُدْعَانَ وَأَسْنَدَهُ ، فذَكرَهُ دُوْنَ أَوَّلهِ الذِي فِيْهِ ذِكرُ مُوْسَى عَليْهِ السَّلام .

الوَجْهُ السّادِسُ : أَنَّ هَذَا الحدِيْثَ – أَعْني حَدِيْثَ ابْن ِ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا المنتقدَ - : قدْ رَوَاهُ عَنْهُ مُجَاهِدُ بْنُ جَبْرٍ التّابعِيُّ الثقة ُ رَحِمَهُ الله .

وَقدْ ثبتَ عَنْ مُجَاهِدٍ مَا يخالِفهُ ، وَيوَافِقُ الرِّوَاياتِ الصَّحِيْحَة َ المتقدِّمة َ فِيْه .

فرَوَى البَيْهَقِيُّ في«سُننِهِ الكبْرَى»(2/420) : عَنْ أَبي عَبْدِ اللهِ الحاكِمِ وَأَبي سَعِيْدٍ مُحَمَّدِ بن ِ مُوْسَى ابن ِ أَبي عَمْرٍو الصَّيرَفيِّ كِلاهُمَا عَنْ أَبي العَبّاس ِ الأَصَمِّ عَنْ يَحْيَى بْن ِ أَبي طالِبٍ عَنْ عَبْدِ الوَهّابِ بن ِ عَطاءٍ عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ أَبي عَرُوْبة َ: أَنهُ سَمِعَ مُجَاهِدًا يَقوْلُ:«صَلى في هَذَا المسْجِدِ - مَسْجِدِ الخيْفِ ، يَعْني مَسْجِدَ مِنَى- سَبْعوْنَ نبيًّا ، لِبَاسُهُمُ الصُّوْفُ ، وَنعَالهمُ الخوْص».

وَهَذَا إسْنَادٌ صَحِيْح .

وَرَوَى الفاكِهيُّ أَيْضًا في«أَخْبَارِ مَكة»(4/18)(2313) :

عَنْ عَلِيِّ بْن ِ المنذِرِ عَنْ مُحَمَّدِ بْن ِ فضَيْل ٍ عَنْ يَزِيْدِ بْن ِ أَبي زِيادٍ قالَ: (خَرَجْنَا مَعَ مُجَاهِدٍ نسِيْرُ حَتَّى خَرَجْنَا مِنَ الحرَمِ نَحْوَ عَرَفاتٍ ، فقالَ مُجَاهِدٌ:«هَلْ لكمْ في مَسْجِدٍ كانَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَليَ فِيْه».
قالَ : قلنا : نعَم ، فصَليْنَا فِيْه .
ثمَّ قالَ:«لقدْ صَلى فِيْهِ سَبْعُوْنَ نبيًّا ، كلهُمْ يَؤُمُّ الخيْف»
).

وَرَوَى الفاكِهيُّ في«أَخْبَارِ مَكة» أَيْضًا (4/268)(2599) قالَ: حَدَّثنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عِمْرَانَ المخْزُوْمِيُّ حَدَّثنَا سَعِيْدُ بْنُ سَالِمٍ حَدَّثنَا عُثْمَانُ بْنُ سَاجٍ أَخْبَرَنِي خُصَيْفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَن ِعَنْ مُجَاهِدٍ قالَ: (حَجَّ خَمْسَة ٌوَسَبْعُوْنَ نَبيًّا ، كلهُمْ قدْ طافَ بهذَا البيْتِ ، وَصَلى في مَسْجِدِ مِنَى ، فإن ِ اسْتَطعْتَ لا تَفوْتك َ صَلاة ٌ في مَسْجِدِ مِنَى فافعَلْ).

وَرَوَاهُ الأَزْرَقِيُّ في«أَخْبَارِ مَكة»(2/174) : حَدَّثنِي جَدِّي عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ سَالِمٍ به .

الوَجْهُ السّابعُ: أَنَّ في إسْنَادِهِ إبْرَاهِيْمَ بْنَ طهْمَانَ ، وَهُوَ مَرَدُّ وَسَبَبُ مُخالفةِ هَذَا الحدِيْثِ لِلأَحَادِيْثِ الصَّحِيْحَةِ وَنكارَتِهِ ، كمَا تقدَّم .

وَهُوَ وَإنْ كانَ ثِقة ً احْتَجَّ بهِ أَصْحَابُ الصَّحِيْحِ ، إلا َّ أَنهُ قدْ تفرَّدَ بأَشْيَاءَ خَالفَ فِيْهَا ، فلمْ يُوَافقْ عَليْهَا وَلمْ يُتَابعْ ، حَتَّى قالَ فِيْهِ – لأَجْلِهَا – الحافِظ ُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ابْنُ عَمّارٍ: (إبْرَاهِيْمُ بْنُ طهْمَانَ : ضَعِيْفٌ مُضْطرِبُ الحدِيْث).

وَقالَ ابْنُ حِبّانَ فِيْهِ في «الثقاتِ»(6/27) : (أَمْرُهُ مُشْتَبهٌ ، لهُ مَدْخَلٌ في الثقاتِ ، وَمَدْخَلٌ في الضُّعَفاءِ ، قدْ رَوَى أَحَادِيْثَ مُسْتَقِيْمَة ً تُشْبهُ أَحَادِيْثَ الأَثباتِ . وَقدْ تفرَّدَ عَن ِ الثقاتِ بأَشْيَاءَ مُعْضِلات)اه.

قلتُ : إنْ لمْ يَكنْ هَذَا الحدِيْثُ مِنْ مُعْضِلاتِهِ : فليْسَ لهُ مُعْضِلاتٌ ، وَإنْ لمْ يَكنْ هَذَا مِنْ غرَائِبهِ ، فمَا غرَائبُه؟!

وَلا رَيْبَ أَنَّ مُخالفتهُ وتفرُّدَهُ بتِلك َ اللفظةِ المنكرَةِ «قبْرُ سَبْعِيْنَ نبيًّا» مَكانَ «صَلى سَبْعُوْنَ نبيًّا»: رَأْسُ مُعْضِلاته .

قالَ الذَّهَبيُّ في تَرْجَمَتِهِ في«سِيَرِ أَعْلامِ النُّبَلاءِ»(7/383) : (لهُ مَا يَنْفرِدُ بهِ ، وَلا يَنْحَط ُّ حَدِيثهُ عَنْ دَرَجَةِ الحسَن).

وَقالَ الحافِظ ُ ابْنُ حَجَرٍ فِيْهِ في«تقرِيْبِ التَّهْذِيْبِ»(1/36) : (ثِقة ٌ يُغرِب).


الوَجْهُ الثامِنُ : أَنَّ سِيَاقَ هَذَا الحدِيْثِ - حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ«في مَسْجِدِ الخيْفِ قبْرُ سَبْعِيْنَ نبيًّا»: سِيَاقُ مَدْحٍ وَتفضِيْل .

وَهَذَا لا يَسْتقِيْمُ وَلا يَصِحُّ ، أَنْ يَكوْنَ مَرَدُّ فضْل ِ مَسْجِدِ الخيْفِ : وُجُوْدَ تِلك َ القبوْرِ السَّبْعِيْن !

بَلْ إنَّ وُجُوْدَهَا فِيْهِ ، تَجْعَلُ الصَّلاة َ فِيْهِ مُحَرَّمَة ً مُنْكرَة ً لا تَصِحُّ – لوْ قِيْلَ بصِحَّةِ حَدِيْثِ ابْن ِ عُمَرَ ، وَلا يَصِحُّ - لِمَا قدَّمْنَا ، وَمُخالفتِهِ الأَحَادِيْثَ الصَّحِيْحَة .

وَإنمَا مَرَدُّ الفضْل ِ في ذلِك َ وَسَبَبُهُ : مَا جَاءَ في الرِّوَايَاتِ الأُخْرَى الصَّحِيْحَةِ ، وَهُوَ : صَلاة ُ الأَنبيَاءِ فِيْهِ ، حَتَّى كانتِ الصَّلاة ُ فِيْهِ سُنَّة َ أَنبيَاءِ اللهِ وَرُسُلِهِ صَلوَاتُ اللهِ عَليْهمْ وَسَلامُهُ ، وَسَنَّة َ نبيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَقدْ دَلتْ عَلى هَذَا : الأَحَادِيْثُ وَالآثارُ الأُخْرَى التي قدَّمْنَاهَا في الوَجْهَيْن ِ الخامِس ِ وَالسّادِس .

الوَجْهُ التّاسِعُ : أَنهُ لا يَسْتقِيْمُ تتابعُ دَفن ِ هَؤُلاءِ الأَنبيَاءِ السَّبْعِيْنَ - مَعَ كثرَتِهمْ – وَاتفاقهُ في مَسْجِدِ الخيْفِ ، إلا َّ أَنْ يَكوْنَ أَصْلُ أَرْضِهِ مَقبَرَة ً، يُقبرُ فِيْهَا الصّالحوْنَ وَالمشْرِكوْن .

فإنْ كانَ هَذَا : فلا مَزِية َ لها ، فكمَا أَنَّ فِيْهَا قبوْرَ أَنبيَاءٍ ، ففِيْهَا قبوْرُ مُشْرِكِيْنَ وَكفار !

وَهَذَا مُخَالِفٌ أَيْضًا ، لِمَا صَحَّ عَن ِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نبشِهِ قبوْرَ المشْرِكِيْنَ في مَوْضِعِ مَسْجِدِهِ في المدِيْنةِ ، وَنقل ِ رُفاتِهمْ : فلوْ كانَ ذلِك َ صَحِيْحًا : لوَجَبَ نبْشُ قبوْرِ المشْرِكِيْنَ ، وَنقلُ رُفاتِهمْ كمَا فعَلهُ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وََأَمَرَ بهِ في مَسْجِدِه .

الوَجْهُ العَاشِرُ : أَنهُ يَلزَمُ مِنْ دَفن ِ هَؤُلاءِ الأَنبيَاءِ السَّبْعِيْنَ في مَسْجِدِ الخيْفِ : أَنهُمْ بقوْا في مَكة َ بَعْدَ حَجهمْ مُدَّة ً ، حَتَّى وَافتْهُمْ مَنَاياهُمْ !

وَالعَادَة ُ تُحِيْلُ ذلِك َ، وَأَنْ تكوْنَ مَنَايَاهُمْ وَافتْهُمْ جَمِيْعًا بمَكة َ قبْلَ إمْكانِهمْ مِنَ القفوْل ِ إلىَ أَهْلِهمْ .
وَيَلزَمُ مِنْ هَذَا أَمْرَان ِ:

أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكوْنَ بَقِيَ في مَكة َ أَنبيَاءٌ قبْلَ نبيِّنا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيْرَ إبْرَاهِيْمَ وَابنِهِ عَليْهمَا السَّلام .

وَهَذَا أَمْرٌ غيْرُ صَحِيْحٍ وَلا مَعْرُوْفٍ ، وَقدْ رَوَى البخارِيُّ في «صَحِيْحِهِ» مِنْ حَدِيْثِ ابْن ِ عَبّاس ٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا في قِصَّةِ سُؤَال ِ هِرَقلَ لِرَهْطِ قرَيْش ٍ، وَفِيْهمْ أَبوْ سُفيَانَ ، وَهُوَ حَدِيْثٌ طوِيْلٌ كانَ فِيْهِ قوْلُ هِرَقلَ لأَبي سُفيَانَ:«وَسَأَلتُك َ: هَلْ قالَ هَذَا القوْلَ - أَي النُّبُوَّة َ- أَحَدٌ قط قبْله؟ فأَجَبْتَ أَنْ لا ، فقلتُ : لوْ كانَ أَحَدٌ مِنْكمْ قالَ هَذَا القوْلَ قبْلهُ ، قلتُ : رَجُلٌ يأْتمُّ بقوْل ٍ قِيْلَ قبْله».

الأَمْرُ الثانِي : أَنهُمْ - صَلوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَليْهمْ- بقوْا في مَكة َ عِنْدَ قوْمٍ لمْ يُؤْمَرُوْا بإبلاغِهمْ شَيْئًا ! وَترَكوْا أَقوَامَهُمْ وَقدْ كلفوْا بإبْلاغِهمْ رِسَالاتِ رَبِّهمْ !

وَقدْ كانتِ الأَنبيَاءُ تبْعَثُ في أَقوَامِهَا خَاصَّة ً دُوْنَ غيْرِهِمْ ، عَدَا نبيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فبعِثَ لِلنّاس ِ عَامَّة ً، كمَا عِنْدَ أَحْمَدَ في«مُسْنَدِهِ»(3/304) وَالبخارِيِّ في«صَحِيْحِهِ»(335)، وَمُسْلِمٍ(521) كلهُمْ مِنْ حَدِيْثِ جَابرِ بْن ِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ : أَنَّ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ:«أُعْطِيْتُ خَمْسًا لمْ يُعْطهُنَّ أَحَدٌ قبْلِي: نصِرْتُ باِلرُّعْبِ مَسِيْرَة َ شَهْرٍ، وَجُعِلتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطهُوْرًا ، فأَيمَا رَجُل ٍ مِنْ أُمَّتي أَدْرَكتْهُ الصَّلاة ُ فليصَلِّ ، وَأُحِلتْ لِيَ الغنائِمُ ، وَلمْ تحِلَّ لأَحَدٍ قبْلِي ، وَأُعْطِيْتُ الشَّفاعَة َ، وَكانَ النَّبيُّ يُبْعَثُ إلىَ قوْمِهِ خَاصَّة ً، وَبُعِثْتُ إلىَ النّاس ِ عَامَّة».

الوَجْهُ الحادِي عَشَرَ: أَنَّ صُوَرَ هَذِهِ القبوْرِ- لوْ سَلمْنَا بوُجُوْدِهَا وَلا نسَلمُ – غيرُ ظاهِرَةٍ وَلا بَارِزَةٍ ، وَالشِّرْك ُ إنما يَحْصُلُ إذا ظهَرَتْ صُوَرُهَا .

قالَ شَيْخُ الإسْلامِ ابنُ تيْميَّة َرَحِمَه ُ الله ُ– كمَا في«مَجْمُوْعِ الفتَاوَى»(17/463) - : (كذَلِك َ قالَ العُلمَاءُ :«يَحْرُمُ بناءُ المسَاجِدِ عَلى القبوْرِ، وَيَجِبُ هَدْمُ كلِّ مَسْجِدٍ بُنيَ عَلى قبْر».

وَإنْ كانَ الميِّتُ قدْ قبرَ في مَسْجِدٍ وَقدْ طالَ مُكثهُ : سُوِّيَ القبْرُ حَتَّى لا تَظهَرَ صُوْرَتهُ ، فإنَّ الشِّرْك َ إنما يَحْصُلُ إذا ظهَرَتْ صُوْرَته
)اه.

هَذِهِ أَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا ، كلُّ وَجْهٍ مِنْهَا حُجَّة ٌ يُبْطِلُ ذلِك َ الحدِيْثَ وَيسْقِطهُ ، فكيْفَ بهَا مُجْتَمِعَة ؟!
وَلمْ أَسُقهَا كلهَا لأَجْل ِ قوَّةِ ذلِك َ الحدِيْثِ ، أَوْ ظهُوْرِ صِحَّتِهِ ! وَقدْ عَلِمْتَ إعْرَاضَ أَصْحَابِ الصِّحَاحِ عَنْهُ ، وَعَدَمَ تَصْحِيْحِهمْ لهُ ، مَعَ تَسَاهُل ِ بَعْضِهمْ .

وَإنمَا سُقتهَا مُتتابعَة ً، زِيَادَة ً في إرْغامِ المعارِض ِ، وَإظهَارًا لِضَعْفِ حُجتِهِ ، وَسُقوْطِ أَدِلتِهِ ، وَبُعْدِ مَنَالهِ عَنْ يَدَيه.

.................................................. .................................................. ......
يتبع بعون الله..
جمع واعداد محمد الخضري (أبومسلم)
رد مع اقتباس