عرض مشاركة واحدة
  #110  
قديم 04-09-2011, 07:01 AM
أم عبدالله نجلاء الصالح أم عبدالله نجلاء الصالح غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: عمّـــان الأردن
المشاركات: 2,647
افتراضي إباحة ترك الجماعة في السفر، والأمر بالصلاة في الرحال في المطر القليل.

إباحة ترك الجماعة في السفر، والأمر بالصلاة في الرحال في المطر القليل.

عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة صلوا في رحالكم في الليلة البارحة وفي الليلة المطيرة في السفر) (متفق عليه). أخرجه البخاري (1 / 161) ومسلم (2 / 147) وأبو عوانة (2 / 348) وأبو داود (1061 و 1062) والدارمي ( 1 / 292 ) والبيهقي ( 3 / 70 ) وأحمد (2 / 4 و 53 و 103) من طريق نافع قال : (أذّن ابن عمر في ليله باردة بفجنان (1) ثم قال : صلوا في رحالكم، وأخبرنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأمر مؤذناً يؤذن، ثم يقول على أثره : ألا صلوا في الرحال، في الليلة البارحة أو المطيرة في السفر).

وأخرجه مالك (1 / 73 / 10) عن نافع به، إلا أنه لم يذكر السفر، وهو رواية البخاري (1 / 173) ومسلم وأبي عوانة وأبي داود (1063) والنسائي (1 / 107) والبيهقي وأحمد (2 / 63) كلهم عن مالك به.
وقد تابعه أيوب عن نافع به. لم يذكر السفر أيضا. أخرجه ابن ماجه (937) وأحمد (2 / 10) عن ابن عيينة عن أيوب.
وأخرجه أبو داود عن حماد بن زيد ثنا أيوب به . لكن أخرجه هو عن اسماعيل - وهو ابن علية - والبيهقي عن شعبة كلاهما عن أيوب به، بذكر السفر .

وكذا رواه حماد بن سلمة عن أيوب . كما قال أبو داود. وهذا هو الأرجح لأسباب :
أولا : أنها زيادة من بعض الثقات، وهي مقبولة.
ثانيا : أنها موافقة لرواية عبيد الله عن نافع في اثباتها عند الشيخين وغيرهما، ولم يختلف عليه فيها.
ثالثا : أن لها شاهدا من حديث جابر قال : (خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فمطرنا، فقال : ليصل من شاء منكم في رحله). أخرجه مسلم وأبو عوانة في صحيحيهما وأبو داود (1065) والطيالسي (1736) وعنه الترمذي (2 / 263) وأحمد (3 / 312 و 327 و 397) من طريق أبي الزبير عنه.

هذا، وقد روى محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر الحديث بلفظ : (نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك في المدينة في الليلة المطيرة والغداة المقرة). أخرجه أبو داود (1564) وقال : وروى هذا الخبر يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فيه : (في السفر).

قلت : والقول لشيخنا الألباني - رحمه الله تعالى -وهذا مرجح آخر لما رجحناه آنفا اختلف الرواة فيه على أيوب ، أن الصواب أن ذلك كان في السفر . فاتفاق أيوب وعبيد الله بن عمر على ذلك دليل قاطع على خطأ ابن اسحاق على نافع في قوله : (في المدينة) .

ومما يؤيد ذلك أنه جاء في بعض الأحاديث أن النداء المذكور كان يوم حنين، فروى الحسن البصري عن سمرة. (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم حنين في يوم مطير، الصلاة في الرحال)، وفي رواية : (فأمر مناديه فنادى أن الصلاة في الرحال) . أخرجه أحمد (5 / 8 و 13 و 22) وابن أبي شيبة (2 / 29 / 2) ورجاله ثقات إلا أن الحسن مدلس وقد عنعنه .
لكن يشهد له حديث أبي المليح عن أبيه . (أن يوم حنين كان مطيرا، قال : فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مُناديه أن الصلاة في الرحال) . أخرجه أبو داود (1057) والنسائي (1 / 137) وأحمد (5 / 74 و 75) من طرق عن قتادة عن أبي المليح به.

ورواه خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المليح به، إلا أنه قال (يوم الحديبية). أخرجه ابن ماجه (936) وأحمد والحاكم (1 / 293) وقال : (صحيح الإسناد).
ووافقه الذهبي، وهو كما قالا، وصححه الحافظ أيضا في (الفتح) (2 / 94).
وأخرجه ابن أبي شيبة من هذا الوجه إلا أنه قال : (علم الحديبية أو حنين) على الشك ، ولعل الأرجح (حنين) لموافقتها لرواية سمرة. والله أعلم .

وبعد ، فإن هذا كله لا ينفي أن تكون مثل هذه القصة وقعت في الإبانة أيضا، بل لعل هذا هو الأقرب فقد قال الإمام أحمد (4 / 320) ثنا علي بن عياش ثنا اسماعيل بن عياش قال : حدثني يحيى بن سعيد قال أخبرني محمد بن يحيى بن حبان عن نعيم بن النحام قال : (نودي بالصبح في يوم بارد) وأنا في وطر امرأتي، فقلت : ليت المنادي قال : (من قعد فلا حرج عليه)، فنادى منادي النبي - صلى الله عليه وسلم - في آخر آذانه : (ومن قعد فلا حرج عليه).

قلت : والقول لشيخنا الألباني - رحمه الله تعالى - وهذا إسناد رجاله ثقات، لولا أن اسماعيل بن عياش قد ضعف في روايته عن الحجازيين (وهذه منها، لكن رواه الطبراني من طريق آخر رجالها رجال الصحيح كما قال الهيثمي (2 / 47)، فالحديث به قوي، وقد أخرجه أحمد من طريق أخرى : ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عبيد بن عمير عن شيخ سماه عن نعيم بن النحام به نحوه.

وهذا رجاله ثقات غير الشيخ الذي لم يسمه، ولعله قد سمى في طريق أخرى لدى عبد الرزاق وتبين أنه ثقة ، فقد عزاه الحافظ في (الفتح) (2 / 81) لعبد الرزاق بإسناد صحيح عن نعيم بن النحام به نحوه. والله أعلم .[انظر : أرواء الغليل 2/ 339 - 342 رقم 553].

وفي الصحيحين عن ابن عباس - رضي الله عنهما - : (في يوم مطير) ، وفي رواية لمسلم : (وكان يوم جمعة) . ص [131] صحيح . أخرجه البخاري (1/ 239) ومسلم (2/ 148) وأبو داود (1566 ) وابن ماجه (939 ) عن عبد الله بن عباس . (أنه قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، فلا تقل حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم، قال : فكان الناس استنكروا ذلك، فقال : أتعجبون من ذا ؟ قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والدحض). والسياق لمسلم.

وفي رواية له : (أذن مؤذن ابن عباس يوم جمعة في يوم مطير . . .) الحديث نحوه .
وله طريق أخرى مختصرا رواه ابن عوف عن محمد أن ابن عباس - قال ابن عوف : أظنه قد رفعه - قال : (أمر مناديا فنادي في يوم مطير أن صلوا في رحالكم). أخرجه أحمد (1 / 277) ثنا ابن أبي عدي عن ابن عوف به.

قلت : وهذا سند صحيح على شرط الشيخين. ومحمد هو ابن سيرين. وابن عوف اسمه عبد الله. وابن أبى عدي هو محمد بن إبراهيم ، وكلهم ثقات محتج بهم في الصحيحين.[انظر : أرواء الغليل 2/ 342 - 344 رقم 554].

وفي الثمر المستطاب 1/ 133].

تنبيه : عقد الطحاوي ( 1/81 - 82 ) بابا في قول المؤذن في أذان الصبح : الصلاة خير من النوم . ثم ذكر أن قوما كرهوا ذلك وخالفهم آخرون فاستحبوا ذلك قاك (وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله).
وهذا مخالف لما نص عليه الإمام محمد في (موطأه) حيث قال : (84) (الصلاة خير من النوم يكون ذلك في نداء الصبح بعد الفراغ من النداء ولا يجب أن يزاد في النداء ما لم يكن فيه) فهذا صريح في أنه لا يستحب أن يقال ذلك في أذان الصبح كما عقد له الطحاوي بل بعده. والله أعلم.

والموضع الثاني : إذا كان برد شديد أو مطر فإنه يزيد بعد قوله : حي على الفلاح أو بعد الفراغ من الأذان : صلوا في الرحال . أو يقول : ومن قعد فلا حرج عليه .

وفي ذلك أحاديث :
عن ابن عباس رواه عنه عبد الله بن الحارث قال : خطبنا ابن عباس في يوم ردغ (مطر) فلما بلغ المؤذن حي على الصلاة فأمره أن ينادي : الصلاة في الرحال فنظر القوم بعضهم إلى بعض فقال : فعل هذا من هو خير منه وإنها عزمة) رواه البخاري (2/ 77 و78) ومسلم (2/ 148) وابن حزم (3/ 142) من طرق عنه.

ورواه أبو داود بلفظ : أن ابن عباس قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة، قل : صلوا في بيوتكم فكأن الناس استنكروا ذلك فقال : قد فعل هذا من هو خير مني إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشون في الطين والمطر). وهو رواية للبخاري (2/307) وكذا مسلم ورواه بنحوه ابن ماجه (300).

_________

(1) بفجنان : موضع أو جبل بين مكة والمدينة ، بينه وبين مكة خمسة وعشرون ميلا.
__________________
يقول الله - تعالى - : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون} [سورة الأعراف :96].

قال العلامة السعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير هذه الآية الكريمة : [... {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا} بقلوبهم إيمانًاً صادقاً صدقته الأعمال، واستعملوا تقوى الله - تعالى - ظاهرًا وباطنًا بترك جميع ما حرَّم الله؛ لفتح عليهم بركات من السماء والارض، فأرسل السماء عليهم مدرارا، وأنبت لهم من الأرض ما به يعيشون وتعيش بهائمهم في أخصب عيشٍ وأغزر رزق، من غير عناء ولا تعب، ولا كدٍّ ولا نصب ... ] اهـ.
رد مع اقتباس