{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر القرآن والسنة - للنساء فقط (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=49)
-   -   سلسلة "السيرة النبوية" مختصرة للصغار (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=43081)

ام البراء 11-07-2012 05:01 AM

سلسلة "السيرة النبوية" مختصرة للصغار
 
أخواتي الطيبات..حفظهن الله ونفع بهن..
هذه سلسلة مختصرة لسيرة خير الأنام -عليه الصلاة والسلام- ليسهل تعليمها للصغار..

طريقة الإعداد:
-اعتمدت كتاب مختصر سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كمرجع أساسي، وأي إضافات من مراجع أخرى سنذكر مصادرها.
-التركيز على سرد الأحداث التي تستند إلى أحاديث وآثار صحيحة .
-الاختصار والتبسيط ما أمكن.
-سيكون العرض -بإذن الله- على شكل حلقات..

أخواتي:
هذا اجتهاد يحتمل الخطأ والزلل، فأرجو المتابعة والمراجعة والتنبيه على أي خطأ أو إشكال..ومشرفاتنا الفاضلات -حفظهن الله وأعانهن- يحذفن ما حقه الحذف ويعدّلن لنا وينسِّقن.

هذا وأسأل الله العظيم التمام على خير وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه سبحانه وينفع به.
والله الموفق..

ام البراء 11-07-2012 05:12 AM

نسب النبي -صلى الله عليه وسلم-:

*اسمه-صلى الله عليه وسلم-:
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هشام.
(أبوه : عبد الله ، جده : عبد المطلب)
من ولد: إسماعيل -عليه السلام-.
من بني هاشم، من قبيلة قريش .

*كُنيته -صلى الله عليه وسلم-:
أبو القاسم.

وُلِد -صلى الله عليه وسلم-:
بمكة، عام الفيل.

ام البراء 11-07-2012 06:34 PM

قصة أصحاب الفيل

هَذِهِ مِنْ نعم الله عَلَى قُرَيْش فِيمَا صَرَفَ عَنْهُمْ مِنْ أَصْحَاب الْفِيل الَّذِينَ كَانُوا قَدْ عَزَمُوا عَلَى هَدْم الْكَعْبَة فَأَخذهم اللَّه.

كانت قريش آنذاك تعبد الأصنام، وأبرهة وجنوده نصارى -أهل كتاب- ودينهم أقرب حالاً من دين قريش، ورغم ذلك نصر الله قريشا لا لخيريّتهم بل حماية لبيته الذي سيشرفه ويعظمه ببعثة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- .

وَهَذِهِ قِصَّة أَصْحَاب الْفِيل:
َأَرْسَلَ أَبَرْهَة يَقُول لِلنَّجَاشِيِّ: إِنِّي سَأَبْنِي كَنِيسَة بِأَرْضِ الْيَمَن لَمْ يُبْنَ قَبْلهَا مِثْلهَا .
وَعَزَمَ أَبَرْهَة الْأَشْرَم عَلَى أَنْ يَصْرِف حَجّ الْعَرَب إِلَيْهَا كَمَا يُحَجّ إِلَى الْكَعْبَة بِمَكَّة وَنَادَى بِذَلِكَ فِي مَمْلَكَته فَكَرِهَتْ الْعَرَب ذَلِكَ وَغَضِبَتْ قُرَيْش لِذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا حَتَّى قَصَدَهَا بَعْضهمْ لَيْلًا فَأَحْدَثَ فِيهَا خرابا وهرب فَلَمَّا رَأَى أَبَرْهَة وحرسه ذلك قالوا: إِنَّمَا صَنَعَ هَذَا بَعْض قُرَيْش غَضَبًا لِبَيْتِهِمْ، فَأَقْسَمَ أَبَرْهَة لَيَسِيرَنَّ إِلَى بَيْت مَكَّة وَلَيُخَرِّبَنَّهُ حَجَرًا حَجَرًا .
فَلَمَّا سَمِعْت الْعَرَب بِمَسِيرِهِ أَعْظَمُوا ذَلِكَ جِدًّا وَرَأَوْا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِمْ حماية الْبَيْت والدفاع عنه فدعوا إِلَى حَرْب أَبَرْهَة وَجِهَاده فَقَاتَلُوه فَهَزَمَهُمْ لِمَا يُرِيدهُ اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ- مِنْ كَرَامَة الْبَيْت وَتَعْظِيمه .
فَلَمَّا اقترب أبرهة مِنْ مَكَّة نَزَلَ هناك وَأَغَارَ جَيْشه عَلَى سَرْح أَهْل مَكَّة مِنْ الْإِبِل وَغَيْرهَا فَأَخَذُوهُ وَكَانَ فِي السَّرْح مِائَتَا بَعِير لِعَبْدِ الْمُطَّلِب .

وأرسل أَبَرْهَة إِلَى مَكَّة وَأَمَرَ بِأَشْرَف قُرَيْش وَأَخبرهم أَنَّه لَمْ يَجِئ لِقِتَالِهُمْ إِلَّا أَنْ يصُدُّوهُ عَنْ الْبَيْت.
فَقَالَ عَبْد الْمُطَّلِب لرسول أبرهة: وَاَللَّه مَا نُرِيد حَرْبه وَمَا لَنَا بِذَلِكَ مِنْ طَاقَة هَذَا بَيْت اللَّه الْحَرَام وَبَيْت خَلِيله إِبْرَاهِيم فَإِنْ يَمْنَعهُ مِنْهُ فَهُوَ بَيْته وَحَرَمه وَإِنْ يُخَلِّ بَيْنه وَبَيْنه فَوَاَللَّهِ مَا عِنْدنَا دَفْع عَنْهُ.
ولما ذهب عبد المطلب إلى أبرهة :
وَقَالَ -أبرهة- لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ مَا حَاجَتك ؟
فَقَالَ عبد المطلب لِلتُّرْجُمَانِ: إِنَّ حَاجَتِي أَنْ يَرُدّ عَلَيَّ الْمَلِك مِائَتَيْ بَعِير أَصَابَهَا لِي.
فَقَالَ أَبَرْهَة لِتُرْجُمَانِهِ: قُلْ لَهُ: أَتُكَلِّمُنِي فِي مِائَتَيْ بَعِير أَصَبْتهَا لَك وَتَتْرُك بَيْتًا هُوَ دِينك وَدِين آبَائِك قَدْ جِئْت لِهَدْمِهِ لَا تُكَلِّمنِي فِيهِ ؟!
فَقَالَ لَهُ عَبْد الْمُطَّلِب: إِنِّي أَنَا رَبّ الْإِبِل وَإِنَّ لِلْبَيْتِ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ .
قَالَ: مَا كَانَ لِيَمْتَنِع مِنِّي.
وَرَدَّ أَبَرْهَة عَلَى عَبْد الْمُطَّلِب إِبِله وَرَجَعَ عَبْد الْمُطَلِّب إِلَى قُرَيْش فَأَمَرَهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَكَّة وَالتَّحَصُّن فِي رُؤوس الْجِبَال تَخَوُّفًا عَلَيْهِمْ مِنْ الْجَيْش ثُمَّ قَامَ عَبْد الْمُطَّلِب فَأَخَذَ بِحَلْقَةِ بَاب الْكَعْبَة وَقَامَ مَعَهُ نَفَر مِنْ قُرَيْش يَدْعُونَ اللَّه وَيَسْتَنْصِرُونَ عَلَى أَبَرْهَة وَجُنْده.

فَلَمَّا أَصْبَحَ أَبَرْهَة تَهَيَّأَ لِدُخُولِ مَكَّة وَهَيَّأَ فِيله وَكَانَ اِسْمه مَحْمُودًا، وَجهز جَيْشه.
فَلَمَّا وَجَّهُوا الْفِيل نَحْو مَكَّة برك!
وَضَرَبُوا الْفِيل لِيَقُومَ فَأَبَى، فَضَرَبُوه لِيَقُومَ فَأَبَى!
فَوَجَّهُوهُ رَاجِعًا إِلَى الْيَمَن فَقَامَ يُهَرْوِل!
وَوَجَّهُوهُ إِلَى الشَّام فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ!
وَوَجَّهُوهُ إِلَى الْمَشْرِق فَفَعَلَ مِثْل ذَلِكَ!
وَوَجَّهُوهُ إِلَى مَكَّة فَبَرَكَ!

قال تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2)وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ(5))
-أبابيل: طَيْرًا مُتَفَرِّقَة , يَتْبَع بَعْضهَا بَعْضًا مِنْ نَوَاحٍ شَتَّى (تفسير الطبري)
-من سجيل: من طين (تفسير الطبري)
-مما جاء في معنى العصف: التِّبْن، وَرَق الْحِنْطَة، الْقِشْرَة الَّتِي عَلَى الْحَبَّة كَالْغِلَافِ عَلَى الْحِنْطَة، وَرَق الزَّرْع وَوَرَق الْبَقْل إِذَا أَكَلَتْهُ الْبَهَائِم فَرَاثَتْهُ فَصَارَ دَرِينًا .

وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى أَهْلَكَهُمْ وَدَمَّرَهُمْ .
**************
فائدة: رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَطَلَّ يَوْم الْحُدَيْبِيَة عَلَى الثَّنِيَّة الَّتِي تَهْبِط بِهِ عَلَى قُرَيْش بَرَكَتْ نَاقَته فَزَجَرُوهَا فَأَلَحَّتْ فَقَالُوا: خَلَأَتْ الْقَصْوَاء أَيْ حَرَنَتْ، فَقَالَ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ( مَا خَلَأَتْ الْقَصْوَاء وَمَا ذَاكَ لَهَا بِخُلُقٍ وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِس الْفِيل ).. وَالْحَدِيث مِنْ أَفْرَاد الْبُخَارِيّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَسُول اللَّه -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يَوْم فَتْح مَكَّة: " إِنَّ اللَّه حَبَسَ عَنْ مَكَّة الْفِيل وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُوله وَالْمُؤْمِنِينَ وَإِنَّهُ قَدْ عَادَتْ حُرْمَتهَا الْيَوْم كَحُرْمَتِهَا بِالْأَمْسِ أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِد الْغَائِب " .

المرجع: تفسير ابن كثير باختصار وتصرف يسير.

أم زيد 11-07-2012 09:43 PM

عمل عظيم! اللهم بارك! كم هذا التعليم نافعًا للصغار ومُحبِّبًا لهم الخير.
بوركتِ -يا أيتها النجيبة!- وبورك سعيُك، وسددك الله لكل خير، وأعانك وأصلح لنا ولك الذرية.
اقتباس:

ومشرفاتنا الفاضلات -حفظهن الله وأعانهن- يحذفن ما حقه الحذف ويعدّلن لنا وينسِّقن.

سمعًا وطاعة! أم زيد تحت أمرك.
وأقترح متى تم العمل -وأسأل الله لنا ولك التمام وحسن الختام- أن ينسق تنسيقًا يسهل طباعته، وإن شئت فعلتُ -بعدُ- ذلك -إن كان في العمر بقية-.
اقتراح:
ما رأيك -حفظك الله- أن تدرجي بعد كل قصة الفائدة المستنبطة منها، ولو فائدة واحدة؛ حتى نعلِّم أبناءنا التفكُّر والاستفادة من القصص والسِّير لا أن تكون لهم مجرَّد أحداث ووقائع خالية من العِبرة والعظة.
مجرد اقتراح! والأمر إليك -يا أم البراء-!

أم النسور السلفية 11-08-2012 08:47 AM

جزاك الله خيرا
 
جزاك الله خيرا يا ام البراء
ان شاء الله نستفيد مما كتبتيه لنا.
اشتقنا لكم يا أخوات يا ام زيد وأم البراء والجميع نحبكم في الله

أم سلمة السلفية 11-08-2012 03:57 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام البراء (المشاركة 220519)
أخواتي الطيبات..حفظهن الله ونفع بهن..
هذه سلسلة مختصرة لسيرة خير الأنام -عليه الصلاة والسلام- ليسهل تعليمها للصغار..

طريقة الإعداد:
-اعتمدت كتاب مختصر سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- كمرجع أساسي، وأي إضافات من مراجع أخرى سنذكر مصادرها.
-التركيز على سرد الأحداث التي تستند إلى أحاديث وآثار صحيحة .
-الاختصار والتبسيط ما أمكن.
-سيكون العرض -بإذن الله- على شكل حلقات..

أخواتي:
هذا اجتهاد يحتمل الخطأ والزلل، فأرجو المتابعة والمراجعة والتنبيه على أي خطأ أو إشكال..ومشرفاتنا الفاضلات -حفظهن الله وأعانهن- يحذفن ما حقه الحذف ويعدّلن لنا وينسِّقن.

هذا وأسأل الله العظيم التمام على خير وأن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه سبحانه وينفع به.
والله الموفق..


اللهم بارك
بارك الله فيك وعليك يا أختي "أم البراء " المجدة
نفع الله بك وجزاك خيرا

ام البراء 11-08-2012 06:47 PM

جزاكن الله خيرا أخواتي وبارك فيكن..
وطلبك يا أم زيد -ذكر الدروس المستفادة- فعلى العين والرأس أيتها المفضالة إذا وجدته من كلام أهل العلم في بابه نقلته -بإذن الله-أما أن أجتهد وأضع الدروس من كلامي فلا أحبذه! وكل أمّ تجتهد في استنباط الدروس لأبنائها بطريقتها!
***********************************

مولد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

وُلِد -صلوات الله عليه وسلامه- يوم الاثنين:
عن أبي قتادة أن أعرابيا قال : يا رسول الله ما تقول في صوم يوم الاثنين ؟ فقال :
( ذاك يوم وُلِدتُ فيه وأنزل علي فيه ) (1)

توفي أبوه عبد الله وهو حمل في بطن أمه على المشهور ، فوُلِد يتيما -صلى الله عليه وسلم- .

مما وقع من الآيات ليلة مولده -عليه الصلاة والسلام-:
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:( . . . ورؤيا أمي التي رأت - حين وضعتني - وقد خرج لها نور أضاءت لها منه قصور الشام ) (2)

وهناك آيات وعلامات يذكرها أهل السير في مصنفاتهم مثل: ارتجاس إيوان كسرى وسقوط الشرفات وخمود نيران الفرس ورؤيا الموبذان وغير ذلك من الدلالات.
قال الألباني –رحمه الله- في صحيح السيرة تحت هذا الباب: ( ليس فيه شيء ).
[والله أعلم .]

نسبه –صلى الله عليه وسلم- خير نسب:
-قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
(إن الله اصطفى كنانة من ولد إسمعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم) (3)
-قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) (4)
(السيد هو الذي يفوق قومه في الخير..
قوله صلى الله عليه وسلم : ( يوم القيامة ) مع أنه سيدهم في الدنيا والآخرة ، فسبب التقييد أن في يوم القيامة يظهر سؤدده لكل أحد ، ولا يبقى منازع ، ولا معاند ، ونحوه ، بخلاف الدنيا فقد نازعه ذلك فيها ملوك الكفار وزعماء المشركين .) (5)
___________________
(1) صحيح مسلم (1977)
(2) صححه الألباني- تخريج مشكاة المصابيح (5691)الدرر السنية .
(3) صحيح مسلم (2276)
(4) صحيح مسلم (2278)
(5) شرح صحيح مسلم للنووي باختصار

ام البراء 11-10-2012 04:31 PM

مرضعات الرسول – صلى الله عليه وسلم- وحواضنه:


-ثويبة (مرضعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-):
قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم- : (...أرضعتني وأبا سلمة ثويبة..) (1)
وهي مولاة لأبي لهب ارتضع منها -صلى الله عليه وسلم- قبل حليمة السعدية -رضي الله عنها-. (2)
أرضعته -صلى الله عليه وسلم - أياما قبل حليمة السعدية . (3)
(قال عروة: وثويبة مولاة لأبي لهب، كان أبو لهب أعتقها فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما مات أبو لهب أُريه بعض أهله [أي في المنام] بشرّ حِيبة[أي بأسوأ حال] قال له: ماذا لقيت [ أي بعد الموت]؟ قال أبو لهب: لم ألق بعدكم [ أي راحة] غير أني سُقيت في هذه بعتاقتي ثويبة) (4)
(وذكر السهيلي أن العباس قال : لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال فقال : ما لقيتُ بعدكم راحة ، إلا أن العذاب يخفف عني كل يوم اثنين ، قال : وذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين ، وكانت ثويبة بشَّرت أبا لهب بمولده فأعتقها .) (5)

-حليمة السعدية (مرضعة الرسول -صلى الله عليه وسلم-):
قال ابن كثير –رحمه الله- في البداية والنهاية (6):
(عن حليمة بنت الحارث أنها قالت: قدمت مكة في نسوة -وذكر الواقدي بإسناده أنهن كن عشرة نسوة من بني سعد بن بكر يلتمسن بها الرضعاء- من بني سعد نلتمس بها الرضعاء في سنة شهباء فقدمت على أتان[أي حمارة] لي قَمْراء [أي بيضاء] كانت أَذَمَّت[أي حبستهم لضعفها وانقطاع سيرها] بالركب، ومعي صبي لنا وشارف [أي ناقة مسنة] لنا ، والله ما تَبِضّ [تدر باللبن] بقطرة وما ننام ليلتنا ذلك أجمع مع صبينا ذاك ما نجد في ثديي ما يغنيه ولا في شارفنا ما يغذيه، ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج.
فخرجت على أتاني تلك فلقد أذمَّت [أي حبستهم لضعفها وانقطاع سيرها] بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفا وعجفا فقدمنا مكة ، فوالله ما علمت منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتأباه إذا قيل إنه يتيم تركناه قلنا ماذا عسى أن تصنع إلينا أمه إنما نرجو المعروف من أبي الولد فأما أمه فماذا عسى أن تصنع إلينا فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعا غيري.
فلما لم نجد غيره وأجمعنا الانطلاق قلت لزوجي الحارث بن عبد العزى: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه.
فقال: لا عليك أن تفعلي فعسى أن يجعل الله لنا فيه بركة.
فذهبت فأخذته فوالله ما أخذته إلا أني لم أجد غيره فما هو إلا أن أخذته فجئت به رحلي فأقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب أخوه حتى روي، وقام صاحبي إلى شارفنا [ أي ناقتنا المسنة] تلك فإذا إنها لحافل [كثيرة اللبن] فحلب ما شرب وشربت حتى روينا فبتنا بخير ليلة.
فقال صاحبي حين أصبحنا: يا حليمة والله إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة ألم تري ما بتنا به الليلة من الخير والبركة حين أخذناه فلم يزل الله -عز وجل- يزيدنا خيرا .
ثم خرجنا راجعين إلى بلادنا فوالله لقطعت أتاني بالركب حتى ما يتعلق بها حمار حتى أن صواحبي ليقلن: ويلك يا بنت أبي ذؤيب هذه أتانك التي خرجت عليها معنا؟
فأقول: نعم والله إنها لهي!
فقلن: والله إن لها لشأنا!
حتى قدمنا أرض بني سعد وما أعلم أرضا من أرض الله أجدب منها فإن كانت غنمي لتسرح ثم تروح شباعا لبنا فتحلب ما شئنا، وما حوالينا أو حولنا أحد تبضّ [تدر باللبن] له شاة بقطرة لبن وإن أغنامهم لتروح جياعا حتى إنهم ليقولون لرعاتهم أو لرعيانهم: ويحكم انظروا حيث تسرح غنم بنت أبي ذؤيب فاسرحوا معهم فيسرحون مع غنمي حيث تسرح فتروح أغنامهم جياعا ما فيها قطرة لبن وتروح أغنامي شباعا لبنا نحلب ما شئنا.
فلم يزل الله يرينا البركة نتعرفها حتى بلغ سنتين، فكان يشب شبابا لا تشبه الغلمان فوالله ما بلغ السنتين حتى كان غلاما جفرا[كثر لحمه وانتفخ واستغنى عن المرضعة] فقدمنا به على أمه ونحن أضنّ شيء به [أي أكثر تمسكا به] مما رأينا فيه من البركة.
فلما رأته أمه قلت لها: دعينا نرجع بابننا هذه السنة الأخرى فإنا نخشى عليه وباء مكة!
فوالله ما زلنا بها حتى قالت: نعم.
فسرحته معنا فأقمنا به شهرين أو ثلاثة فبينما هو خلف بيوتنا مع أخ له من الرضاعة في بهم لنا جاء أخوه ذلك يشتد فقال ذاك أخي القرشي جاءه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فنجده قائما منتقعا لونه فاعتنقه أبوه وقال يا بني ما شأنك قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض أضجعاني وشقا بطني ثم استخرجا منه شيئا فطرحاه ثم رداه كما كان، فرجعنا به معنا.
فقال أبوه: يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب فانطلقي بنا نرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف.
قالت حليمة: فاحتملناه فلم ترع أمه إلا به فقدمنا به عليها.
فقالت: ما ردكما به يا ظئر[العاطفة على ولد غيرها المرضعة له] فقد كنتما عليه حريصين.
فقالا: لا والله إلا أن الله قد أدى عنا وقضينا الذي علينا وقلنا نخشى الإتلاف والإحداث نرده إلى أهله.
فقالت: ما ذاك بكما فاصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره.
فقالت: أخشيتما عليه الشيطان كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل والله إنه لكائن لابني هذا شأن، ألا أخبركما خبره؟
قلنا: بلى.
قالت: حملت به فما حملت حملا قط أخف منه فأريت في النوم حين حملت به كأنه خرج مني نور أضاءت له قصور الشام ثم وقع حين ولدته وقوعا ما يقعه المولود معتمدا على يديه رافعا رأسه إلى السماء فدعاه عنكما.)

-أم أيمن –رضي الله عنها-:
(حاضنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- .) (7)

(قال ابن شهاب: وكان من شأن أم أيمن -أم أسامة بن زيد- أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب، وكانت من الحبشة فلما ولدت آمنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد ما توفي أبوه فكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة ثم توفيت بعد ما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر.) (8)

(ويقال: كانت من سبي الحبشة الذين قدموا زمن الفيل ، فصارت لعبد المطلب فوهبها لعبد الله ، وتزوجت قبل زيد عبيدا الحبشي ، فولدت له أيمن ، فكنيت به واشتهرت بذلك ، وكان يقال لها أم الظباء) (9)
__________________
(1) هذا جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه (1449) وهذا نصه كاملا : عن يزيد بن أبي حبيب أن محمد بن شهاب كتب يذكر أن عروة حدثه أن زينب بنت أبي سلمة حدثته أن أم حبيبة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- حدثتها أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله انكح أختي عزة. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( أتحبين ذلك؟) فقالت: نعم يا رسول الله لست لك بمخلية وأحب من شركني في خير أختي. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (فإن ذلك لا يحل لي). قالت: فقلت: يا رسول الله فإنا نتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة؟ قال: ( بنت أبي سلمة؟) قالت: نعم. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ( لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأبا سلمة ثويبة فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن).
(2)قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم
(3) ذكر ذلك ابن القيم في زاد المعاد
(4) صحيح البخاري (4813)
(5) ذكره ابن حجر في الفتح.
(6) قال ابن كثير: روي من طرق أخر وهو من الأحاديث المشهورة المتداولة بين أهل السير والمغازي (موقع الدررالسنية)
(7) قاله ابن حجر في الفتح.
(8) صحيح مسلم (1771)
(9) قاله ابن حجر في الفتح.

ام البراء 11-12-2012 06:18 PM

إخوة الرسول – صلى الله عليه وسلم- في الرضاعة (1) :

من ثويبة :
- مسروح (ابن ثويبة)
- أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي
- حمزة بن عبد المطلب (عمه –صلى الله عليه وسلم-)

من حليمة السعدية:
-عبد الله وأنيسة والشيماء، أولاد الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي.
-أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب (ابن عمه –صلى الله عليه وسلم-).
-حمزة بن عبد المطلب


وبذلك يكون حمزة بن عبد المطلب (عمه –صلى الله عليه وسلم-) رضيع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جهتين : من جهة ثويبة ، ومن جهة السعدية .

قصة شق صدره –صلى الله عليه وسلم- وهو صغير
عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أتاه جبريل -صلى الله عليه وسلم- وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه فشق عن قلبه فاستخرج القلب فاستخرج منه علقة فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طَسْت [أي إناء] من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه -يعني ظِئره [أي مرضعته] - فقالوا: إن محمدا قد قتل فاستقبلوه وهو منتقَع اللون [أي متغير اللون] . قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المِخْيَط [وهي الإبرة] في صدره. (2)

فائدة: كم مرة شُقّ صدره –صلى الله عليه وسلم-؟ (3)
- مرة وهو –صلى الله عليه وسلم- صغير عند مرضعته حليمة.
- ليلة الإسراء.
- وقع مرة أخرى عند مجيء جبريل له بالوحي في غار حراء والله أعلم.
- وروي الشق أيضا وهو ابن عشر -أو نحوها- في قصة له مع عبد المطلب .
- وروي مرة أخرى خامسة ولا تثبت.

قال ابن حجر: ومحصله أن الشق الأول كان لاستعداده لنزع العلقة التي قيل له عندها هذا حظ الشيطان منك . والشق الثاني كان لاستعداده للتلقي الحاصل له في تلك الليلة [ليلة الإسراء] .
______________
(1) المرجع: زاد المعاد لابن القيم - فصل في أمهاته -صلى الله عليه وسلم- اللاتي أرضعنه (باختصار)
(2) صحيح مسلم (162)
(3) ذكره ابن حجر –رحمه الله- في الفتح- كتاب الصلاة- باب كيف فرضت الصلاة في الإسراء [بتصرف]

ام البراء 12-18-2012 04:13 AM

أبو طالب عم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
أما أبو طالب فهو الذي تولى تربية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من بعد جده ، ورق عليه رقة شديدة . وكان يقدمه على أولاده .
أولاده: طالب ، وعقيل ، وجعفر ، وعلي.
واستمرت كفالة أبي طالب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغ اثنتي عشرة سنة - وقيل : تسعا- خرج به أبو طالب إلى الشام في تجارة.
خروجه – صلى الله عليه وسلم - مع عمه أبي طالب إلى الشام وقصته مع بحيرى الراهب
(خرجَ أبو طالبٍ إلى الشَّامِ وخرجَ معَهُ النَّبيُّ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ- في أشياخٍ من قريشٍ، فلمَّا أشرفوا على الرَّاهبِ هبطوا فحلُّوا رحالَهم، فخرجَ إليْهمُ الرَّاهبُ وَكانوا قبلَ ذلِكَ يمرُّونَ بِهِ فلا يخرجُ إليْهم ولا يلتفِتُ. قال: فَهم يحلُّونَ رحالَهم، فجعلَ يتخلَّلُهمُ الرَّاهبُ حتَّى جاءَ فأخذَ بيدِ رسولِ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ-..
فقال:هذا سيِّدُ العالمينَ، هذا رسولُ ربِّ العالمينَ، يبعثُهُ اللَّهُ رحمةً للعالمينَ .
فقالَ لَهُ أشياخٌ من قريشٍ: ما عِلمُكَ.
فقال: إنَّكم حينَ أشرفتُم منَ العقبةِ لم يبقَ حجرٌ ولا شجرٌ إلَّا خرَّ ساجدًا ولا يسجدانِ إلَّا لنبيٍّ، وإنِّي أعرفُهُ بخاتمِ النُّبوَّةِ أسفلَ من غضروفِ كتفِهِ مثلَ التُّفَّاحَةِ، ثمَّ رجعَ فصنعَ لَهم طعامًا، فلمَّا أتاهم بِهِ فكانَ هوَ في رِعيةِ الإبل، فقال: أرسِلوا إليْه، فأقبلَ وعليْهِ غمامةٌ تظلُّهُ، فلمَّا دنا منَ القومِ وجدَهم قد سبقوهُ إلى فيءِ الشَّجرَةِ، فلمَّا جلسَ مالَ فَيءُ الشَّجرةِ عليْهِ، فقال: انظروا إلى فيءِ الشَّجرةِ مالَ عليْهِ، قال: فبينما هوَ قائمٌ عليْهم وَهوَ يناشدُهم أن لا يذْهبوا بِهِ إلى الرُّومِ، فإنَّ الرُّومَ إن رأوْهُ عرفوهُ بالصِّفةِ فيقتلونَه، فالتفتَ فإذا بسبعةٍ قد أقبلوا منَ الرُّومِ فاستقبلَهم، فقال: ما جاءَ بِكم؟
قالوا: جِئنا، إنَّ هذا النَّبيَّ خارجٌ في هذا الشَّهرِ، فلم يبقَ طريقٌ إلَّا بعثَ إليْهِ بأُناسٍ وإنَّا قد أُخبِرنا خبرَهُ بطريقِكَ هذا.
قال: أفرأيتُم أمرًا أرادَ اللَّهُ أن يقضيَهُ هل يستطيعُ أحدٌ منَ النَّاسِ ردَّه؟
قالوا: لا،
قال: فبايَعوهُ وأقاموا معَهُ.
قال: أنشدُكم باللَّهِ أيُّكم وليُّه؟
قالوا: أبو طالبٍ، فلم يزل يناشدُهُ حتَّى ردَّهُ أبو طالبٍ وزوَّدَهُ الرَّاهبُ منَ الكعْكِ والزَّيتِ.) (1)
خاتم النبوة
-عن الجعد قال سمعت السائب بن يزيد يقول : ذهبت بي خالتي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وجع. فمسح رأسي ودعا لي بالبركة ثم توضأ فشربت من وضوئه ثم قمت خلف ظهره فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه مثل زر الحجلة .(2)

-عن جابر بن سمرة قال: رأيت خاتما في ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كأنه بيضة حمام. (3)

(وهو الذي كان بين كتفي النبي -صلى الله عليه وسلم- ، وكان من علاماته التي كان أهل الكتاب يعرفونه بها.
في حديث عبد الله بن سرجس عند مسلم أنه كان إلى جهة كتفه اليسرى.
وجزم الترمذي بأن المراد بالحجلة الطير المعروف ، وأن المراد بزرها بيضها ، ويعضده ما سيأتي أنه مثل بيضة الحمامة.) (4)
____________
(1) صحيح الترمذي (3620)
(2) البخاري(187)
(3) مسلم (2344)
(4) قاله ابن حجر-فتح الباري-كتاب المناقب

ام البراء 12-18-2012 04:15 AM

بنيان الكعبة
أي على يد قريش في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل بعثته.
(لما بلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسا وثلاثين سنة ، اجتمعت قريش لهدم الكعبة وإعادة بنائها .
ثم إن القبائل من قريش جمعت الحجارة لبنائها ، كل قبيلة تجمع على حدة ، ثم بنوها ، حتى بلغ البنيان موضع الركن –الحجر الأسود- ، فاختصموا فيه ، كل قبيلة تريد أن ترفعه إلى موضعه دون الأخرى ، حتى اختلفوا وكادوا يقتتلون .
ثم قال أصلحهم: يا معشر قريش ، اجعلوا بينكم فيما تختلفون فيه أول من يدخل من باب هذا المسجد يقضي بينكم فيه ، ففعلوا .
فكان أول داخل عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ؛ فلما رأوه قالوا : هذا الأمين ، رضينا ، هذا محمد.
فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر ، قال -صلى الله عليه وسلم- : (هلم إلي ثوبا) ، فأتي به ، فأخذ الركن فوضعه فيه بيده . ثم قال : (لتأخذ كل قبيلة بناحية من الثوب ، ثم ارفعوه جميعا) ، ففعلوا : حتى إذا بلغوا به موضعه ، وضعه هو بيده ، ثم بنى عليه) (1) .

وفي الصحيح:عن جابر بن عبد الله يقول: لما بنيت الكعبة ذهب النبي -صلى الله عليه وسلم- وعباس ينقلان حجارة ، فقال العباس للنبي -صلى الله عليه وسلم-: اجعل إزارك على عاتقك من الحجارة ففعل فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال: ( إزاري إزاري) ، فشد عليه إزاره. (2)
****يستفاد من هذا الحديث:
بيان بعض ما أكرم الله - سبحانه وتعالى - به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان مصونا محميا في صغره عن القبائح وأخلاق الجاهلية.(3)
__________________
(1) ذكره ابن إسحاق في كتب السير باختصار
(2) مسلم(340) البخاري (3617)
(3) قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم

ام البراء 12-18-2012 04:17 AM

حديث الحُمْس

(وقد كانت قريش ابتدعت رأي الحمس رأيا رأوه وأداروه فقالوا : نحن بنو إبراهيم وأهل الحرمة وولاة البيت ، وقطان مكة وساكنها ، فليس لأحد من العرب مثل حقنا ، ولا مثل منزلتنا ، ولا تعرف له العرب مثل ما تعرف لنا ، فلا تعظموا شيئا من الحل كما تعظمون الحرم ، فإنكم إن فعلتم ذلك استخفت العرب بحرمتكم.
فتركوا الوقوف على عرفة والإفاضة منها ، وهم يعرفون ويقرون أنها من المشاعر والحج ودين إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - ويرون لسائر العرب أن يفيضوا منها ، إلا أنهم قالوا : نحن أهل الحرم ، فليس ينبغي لنا أن نخرج من الحرمة ولا نعظم غيرها ، كما نعظمها نحن الحمس، والحمس أهل الحرم ..
فكانوا كذلك حتى بعث الله تعالى محمدا - صلى الله عليه وسلم - فأنزل عليه حين أحكم له دينه . وشرع له سنن حجه : (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) (1)، يعني قريشا ، والناس العرب ، فرفعهم في سنة الحج إلى عرفات ، والوقوف عليها والإفاضة منها .) (2)
وفي الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكان سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم- أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله تعالى: (ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ) (3)

وفي الصحيح أيضا: عن جبير بن مطعم قال: أضللت بعيرا لي فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- واقفا بعرفة فقلت: هذا والله من الحمس فما شأنه ها هنا؟ (4)
وفي رواية : (كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة ويقولون نحن الحمس فلا نخرج من الحرم وقد تركوا الموقف بعرفة ، قال : فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ويدفع إذا دفعوا) (5)
وفي رواية: (فلما أسلمت علمت أن الله وفقه لذلك ) (6)
*****يستفاد من هذا الحديث:
أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يقف بعرفات [موافقة لدين إبراهيم -عليه السلام- ومخالفة لما أحدثه قومه من "الحمس"]قبل أن يوحى إليه وهذا توفيق من الله له.(7)

فائدة: قال عروة :كان الناس يطوفون في الجاهلية عراة إلا الحمس ،والحمس قريش وما ولدت، وكانت الحمس يحتسبون على الناس، يعطي الرجل الرجل الثياب يطوف فيها، وتعطي المرأة المرأة الثياب تطوف فيها فمن لم يعطه الحمس طاف بالبيت عريانا وكان يفيض جماعة الناس من عرفات ويفيض الحمس من جمع . (8)
____________
(1) سورة البقرة -199
(2) قاله ابن إسحاق –الروض الأنف
(3) البخاري(4248)
(4) البخاري(1581)
(5) قال ابن حجر في الفتح: [رواه..] ابن خزيمة وإسحاق بن راهويه في مسنده موصولا من طريق ابن إسحاق .
(6) أخرجه إسحاق بن راهويه ، ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح.
(7) قاله الألباني-رحمه الله- في صحيح السيرة، وما بين [] من كلامي.
(8) البخاري (1582)

ام البراء 12-18-2012 04:21 AM

تزويجه – صلى الله عليه وسلم- خديجة –رضي الله عنها- (4)


خديجة هي أول من تزوجها- صلى الله عليه وسلم - ، وهي بنت خويلد بن أسد وهي من أقرب نسائه إليه في النسب .
وتزوجها سنة خمس وعشرين من مولده في قول الجمهور ، (قبل النبوة ، ولها أربعون سنة) (1)، ولم يتزوج عليها حتى ماتت، زوَّجَه إياها أبوها خويلد وقيل : عمّها وقيل : أخوها.

وكانت قد تزوجت قبله – صلى الله عليه وسلم- أبا هالة ، ومات أبو هالة في الجاهلية ، وكانت قبل أبي هالة عند عتيق بن عائذ المخزومي .
(وكانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال . تستأجر الرجال في مالها، وكانت قريش قوما تجارا ؛ فلما بلغها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما بلغها ، من صدق حديثه ، وعظم أمانته ، وكرم أخلاقه ، بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرا ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له ميسرة ، فقبله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منها ، وخرج في مالها ذلك ، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام .) (2)

فرأى منه ميسرة غلامها ما رغبها في تزوجه – صلى الله عليه وسلم - .
قال الزبير : وكانت خديجة تدعى في الجاهلية الطاهرة ، وماتت على الصحيح بعد المبعث بعشر سنين في شهر رمضان فأقامت معه - صلى الله عليه وسلم - خمسا وعشرين سنة على الصحيح .
أولاده - صلى الله عليه وسلم :- (4)

عن عائشة -رضي الله عنها- قالت : ما غرت على أحد من نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - ما غرت على خديجة وما رأيتها ولكن كان النبي -صلى الله عليه وسلم - يكثر ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها في صدائق خديجة فربما قلت له: كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة . فيقول: إنها كانت وكانت وكان لي منها ولد ) (3)
وكان جميع أولاد النبي - صلى الله عليه وسلم - من خديجة ، إلا إبراهيم فإنه كان من جاريته مارية ، والمتفق عليه من أولاده منها :
-القاسم وبه كان يكنى ، مات صغيرا قبل المبعث أو بعده
- وبناته الأربع : زينب ثم رقية ثم أم كلثوم ثم فاطمة ، وقيل : كانت أم كلثوم أصغر من فاطمة
-وعبد الله ولد بعد المبعث فكان يقال له : الطاهر والطيب ، ويقال : هما أخوان له .
_______________
(1) زاد المعاد - ابن القيم
(2) قاله ابن إسحاق (بتصرف يسير) - سيرة ابن هشام
(3) البخاري (3607)
(4) ذكره ابن حجر في الفتح -(باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها -رضي الله عنها-)

ام البراء 12-18-2012 04:23 AM

حلف الفُضول أو حلف المُطَيَّبين
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم -: (شهدت مع عمومتي حلف المطيبين ، فما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم) (1)
وقال -صلى الله عليه وسلم- : ( لقد شهدت مع عمومتي حلفا في دار عبد الله بن جدعان، ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دُعيتُ به في الإسلام لأجبت) (2)

المراد بهذا الحلف حلف الفضول، وكان في دار عبد الله بن جدعان، وكان حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب . (3)
كان هذا الحلف قبل المبعث، وكان جمع من قريش اجتمعوا فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم وينصفوا بين الناس ونحو ذلك من خلال الخير، واستمر ذلك بعد المبعث. (4)
ويذكر أهل السير قصةَ مناسبةِ حلف الفضول، خلاصتها أن رجلا قدم مكة ببضاعة ليبيعها، فاشتراها منه رجل ذو مكانة من أهل مكة ولم يُعط التاجر الغريب حقه من المال، فقام التاجر يصيح بين الناس عله يجد من ينصره فلم يجد أحداً ، بل قاموا ونصروا الظالم ونهروا المظلوم وزجروه.
ثم قام عند الكعبة مناديا في أندية قريش ، فكان أول من سمع نداءه الزبير بن عبد المطلب -عم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فدعا رجالا من بني هاشم وبني المطلب و أسد بن عبد العزى و زهرة بن كلاب إلى دار عبدالله بن جدعان ، فتعاهدوا وتحالفوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته، فسمِّي هذا الحلف حلف الفضول، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم - قد شهده وأحبَّه. (5)
____________
(1) صحيح الأدب المفرد (441)
(2) قال الألباني: سند صحيح لولا أنه مرسل، لكن له شواهد تقويه.
(3) قاله الألباني في صحيح السيرة
(4) ذكره ابن حجر في الفتح - كتاب الأدب
(5) كتاب الروض الأنف بتصرف

ام البراء 12-18-2012 04:26 AM

مقدمة هامة قبل الحديث عن البعثة (1)

قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) (2)
أرسل الله تعالى جميع الرسل لدعوة أقوامهم إلى عبادة الله وحده والنهي عن عبادة ما سواه.
كان الناس على زمن آدم – عليه السلام- على شريعةٍ من الحق، يعبدون الله وحده ولا يشركون به، وظلوا على ذلك قرونا عديدة، ثم كان أول ما أضلهم وأغواهم به الشيطان من تعظيم رجال صالحين هم : (ودّ ويغوث ويعوق ونسر) بعد موتهم، فاستدرجهم الشيطان سنة بعد سنة حتى أطاعوه وصنعوا تماثيل لهؤلاء الصالحين وعبدوها، فأرسل الله لهم نوحا - عليه السلام- يدعوهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام ، فكان نوح – عليه السلام- أول رسول أرسله الله تعالى إلى قومه ، وظل يدعوهم إلى توحيد الله ألف سنة إلا خمسين عاما، وما استجاب له إلا قليل من الناس، فأغرقهم الله بالطوفان ولم ينجُ إلا من آمَن ، وما آمن معه إلا قليل.

ومن ثم أرسل الله تعالى إلى البشر رسلا، قال تعالى: (ثم أرسلنا رسلنا تترا) (3)وقال تعالى:( وإن من أمة إلا خلا فيها نذير) (4)

وفي جزيرة العرب كان الناس على دين إبراهيم – عليه السلام-يعبدون الله وحده ولا يعبدون أحدا سواه، وظلوا على ذلك زمناً حتى قام عمرو بن لحي الخزاعي بإدخال الأصنام إلى جزيرة العرب، فكان أول من غيّر دين إبراهيم، وأول من بحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي (5) :
- قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم : (رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي يجرُّ قُصْبه في النار وكان أول من سيَّب السوائب )(6)
قُصْبه أي أمعاءه .(7)
- قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (إن أول من سيب السوائب وعبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر وإني رأيته يجر أمعاءه في النار ) (8)
- عن أبي هريرة يقول: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول لأكثم بن الجون الخزاعي: ( يا أكثم رأيت عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار فما رأيت رجلا أشبه برجل منك به ولا بك منه.) فقال أكثم: عسى أن يضرني شبهه يا رسول الله. قال: (لا، إنك مؤمن وهو كافر إنه كان أول من غير دين إسماعيل فنصب الأوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي) (9)

- ( أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة) (10)

فانتشرت عبادة الأصنام في جزيرة العرب، وكان من أقدمها وأكبرها وأكثرها تعظيما عندهم:
مناة واللات والعزى، قال تعالى : ( أفرأيتم اللات والعزى، ومناة الثالثة الأخرى) (11).

وكانوا يتقربون إليها بالذبائح وأنواع مختلفة من القربات، منها ما ذكره الله تعالى في كتابه:
(ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على اللّه الكذب وأكثرهم لا يعقلون) (12):

عن سعيد بن المسيب قال:
( البحيرة:التي يُمنع دَرُّها للطواغيت [وهي الأصنام] فلا يحلبها أحد من الناس. [ والبحر شق الأذن ، كان ذلك علامة لها .]
والسائبة كانوا يُسَيِّبونها لآلهتهم لا يُحمل عليها شيء.[ كانت السائبة من جميع الأنعام ، وتكون من النذور للأصنام فتُسَيَّب فلا تُحبَس عن مرعى ولا عن ماء ولا يركبها أحد .]
والوصيلة:الناقة البكر، تُبَكِّر في أول نتاج الإبل، ثم تثني بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر .
والحام:فحل الإبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل فلم يحمل عليه شيء وسموه الحامي .)(13)
وقوله تعالى: (ولكن الذين كفروا يفترون على اللّه الكذب وأكثرهم لا يعقلون) أي ما شرع اللّه هذه الأشياء ولا هي عنده قربة، ولكنِ المشركون افتروا ذلك وجعلوه شرعاً لهم وقربة يتقربون بها إليه، وليس ذلك بحاصل بل هو وبال عليهم . (14)
_________________
(1) حتى يفهم الطفل المسلم الغاية من خلقه والغاية من إرسال الرسل، وأن أول ما دعت إليه الرسل أقوامهم هو عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه .
(2) النحل (36)
(3) المؤمنون (44)
(4) فاطر(24)
(5) سيأتي الكلام عن البحيرة والسائبة والوصيلة والحام
(6) رواه البخاري(3333) ومسلم( 2856) واللفظ للبخاري
(7) هذا معناها عند الأكثرين كما ذكر النووي –رحمه الله- في شرحه للحديث من صحيح مسلم
(8) قال الألباني: إسناده لا بأس به في الشواهد ، الصحيحة – مختصرة (1677)
(9) قال الألباني: وإسناده حسن [ذكره الشيخ –رحمه الله- مع شواهد أخرى لحديث الترجمة المذكور آنفاً (1677) الصحيحة مختصرة]
(10) ) قال الشيخ الألباني: (صحيح ) انظر حديث رقم : (2580) في صحيح الجامع )
(11) النجم (19-20)
(12) المائدة (103)
(13) البخاري(4347)، وما بين [ ] هو مما ذكره أو نقله ابن حجر –رحمه الله – في الفتح
(14) قاله ابن كثير –رحمه الله – في تفسيره

ام البراء 12-18-2012 04:28 AM

بعض أحوال العرب في الجاهلية – قبل الإسلام-:

وَأَمَّا الْجَاهِلِيَّةُ فَمَا كَانَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ ، سُمُّوا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ جَهَالَاتِهِمْ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ . (1)
1- العصبية القبلية:
قال تَعَالَى : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْن قُلُوبكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) (2)
(وَهَذَا السِّيَاق فِي شَأْن الْأَوْس وَالْخَزْرَج فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ بَيْنهمْ حُرُوب كَثِيرَة فِي الْجَاهِلِيّة وَعَدَاوَة شَدِيدَة وَضَغَائِن وَإِحَن وَذُحُول طَالَ بِسَبَبِهَا قِتَالهمْ وَالْوَقَائِع بَيْنهمْ فَلَمَّا جَاءَ اللَّه بِالْإِسْلَامِ فَدَخَلَ فِيهِ مَنْ دَخَلَ مِنْهُمْ صَارُوا إِخْوَانًا مُتَحَابِّينَ بِجَلَالِ اللَّه مُتَوَاصِلِينَ فِي ذَات اللَّه مُتَعَاوِنِينَ عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى). (3)
أما العلاقة بين القبائل المختلفة فقد كانت مفككة الأوصال تمامًا، وكانت قواهم متفانية في الحروب... (4)

2- نكاح الجاهلية:
عن عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرته : ( أن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء:
فنكاح منها نكاح الناس اليوم يخطب الرجل إلى الرجل وليته أو ابنته فيصدقها ثم ينكحها.
ونكاح آخر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه ويعتزلها زوجها ولا يمسها أبدا حتى يتبين حملها من ذلك الرجل الذي تستبضع منه فإذا تبين حملها أصابها زوجها إذا أحب وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد فكان هذا النكاح نكاح الاستبضاع.
ونكاح آخر يجتمع الرهط ما دون العشرة فيدخلون على المرأة كلهم يصيبها فإذا حملت ووضعت ومر عليها ليال بعد أن تضع حملها أرسلت إليهم فلم يستطع رجل منهم أن يمتنع حتى يجتمعوا عندها تقول لهم قد عرفتم الذي كان من أمركم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان تسمي من أحبت باسمه فيلحق به ولدها لا يستطيع أن يمتنع به الرجل.
ونكاح الرابع يجتمع الناس الكثير فيدخلون على المرأة لا تمتنع ممن جاءها وهن البغايا كن ينصبن على أبوابهن رايات تكون علما فمن أرادهن دخل عليهن فإذا حملت إحداهن ووضعت حملها جمعوا لها ودعوا لهم القافة ثم ألحقوا ولدها بالذي يرون فالتاط به ودعي ابنه لا يمتنع من ذلك .
فلما بعث محمد - صلى الله عليه وسلم- بالحق هدم نكاح الجاهلية كله إلا نكاح الناس اليوم.)(5)
وكانت فاحشة الزنا سائدة في جميع الأوساط . (4)

3- ظلم البنات
- قال تعالى: ( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (6)
وَالْمَوْؤودَة : هِيَ الَّتِي كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَدُسُّونَهَا فِي التُّرَاب كَرَاهِيَة.(3)

- قال تعالى: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ)(7)
"مُسْوَدًّا" أَيْ كَئِيبًا مِنْ الْهَمّ.
"وَهُوَ كَظِيم" سَاكِت مِنْ شِدَّة مَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْحُزْن .
"يَتَوَارَى مِنْ الْقَوْم" أَيْ يَكْرَه أَنْ يَرَاهُ النَّاس.
"أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُون أَمْ يَدُسّهُ فِي التُّرَاب" أَيْ إِنْ أَبْقَاهَا أَبْقَاهَا مُهَانَة لَا يُوَرِّثهَا وَلَا يَعْتَنِي بِهَا وَيُفَضِّل أَوْلَاده الذُّكُور عَلَيْهَا " أَمْ يَدُسّهُ فِي التُّرَاب " أَيْ يَئِدهَا وَهُوَ أَنْ يَدْفِنهَا فِيهِ حَيَّة كَمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ فِي الْجَاهِلِيَّة . (3)
يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- للذين لا يعدلون بين أبنائهم الذكور والإناث:
هذا العمل من عمل الجاهلية لأن أهل الجاهلية هم الذين ينفرون من الإناث ويفضلون الذكور ...


- قال تعالى : ( لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا) (8)
كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَجْعَلُونَ الْمَال لِلرِّجَالِ الْكِبَار وَلَا يُوَرِّثُونَ النِّسَاء وَلَا الْأَطْفَال شَيْئًا ... (3)
يقول الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- عن حرمان النساء من الإرث :
هذا محرم بل من كبائر الذنوب والعياذ بالله ...وهذه العادات والتقاليد عادات باطلة جاهلية...

4- قتل الأولاد خشية الفقر:
قال تعالى: ( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ) (9)
...وَقَدْ كَانُوا أَيْضًا يَقْتُلُونَ الْأَوْلَاد مِنْ الْإِمْلَاق وَهُوَ الْفَقْر أَوْ خَشْيَة الْإِمْلَاق أَنْ يَحْصُل لَهُمْ فِي تَلَف الْمَال وَقَدْ نَهَاهُمْ عَنْ قَتْل أَوْلَادهمْ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا كُلّه مِنْ تَزْيِين الشَّيَاطِين وَشَرْعهمْ ذَلِكَ . (3)
____________________
(1) قاله النووي في شرح صحيح مسلم – كتاب الإيمان
(2) آل عمران (103)
(3) تفسير ابن كثير
(4) المباركفوري- كتاب الرحيق المختوم
(5) البخاري(4834)
(6) التكوير (8-9)
(7) النحل (58-59)
(8) النساء (7)
(9) الأنعام (137)

ام البراء 12-18-2012 04:30 AM

أديان العرب قبل الإسلام
ديانة الشرك وعبادة الأوثان :
-انتشرت الأصنام ودور الأصنام في جزيرة العرب، حتى صار لكل قبيلة ثم في كل بيت منها صنم، حتى المسجد الحرام كانوا قد ملؤوه بالأصنام .
عن أَبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيَّ يَقُولُ: كُنَّا نَعْبُدُ الْحَجَرَ فَإِذَا وَجَدْنَا حَجَرًا هُوَ أَخْيَرُ مِنْهُ أَلْقَيْنَاهُ وَأَخَذْنَا الْآخَرَ فَإِذَا لَمْ نَجِدْ حَجَرًا جَمَعْنَا جُثْوَةً مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ جِئْنَا بِالشَّاةِ فَحَلَبْنَاهُ عَلَيْهِ ثُمَّ طُفْنَا بِهِ‏..(1)
هذه الأصنام كانوا يهتفون بها، ويدعونها لحاجاتهم، معتقدين أنها تشفع لهم عند الله، وتحقق لهم ما يريدون‏،‏ وكانوا يحجون إليها ويطوفون حولها، ويتذللون عندها، ويسجدون لها‏.‏وكانوا يذبحون وينحرون لها على أنصابها، كما كانوا يذبحون بأسمائها في أي مكان وكانوا يخصون لها شيئا من مآكلهم ومشاربهم حسبما يبدو لهم.‏
كانت العرب تفعل كل ذلك بأصنامهم معتقدين أنها تقربهم إلى الله كما في القرآن‏:‏(مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى‏)‏(2)

- وكانت العرب تستقسم بالأزلام:
والزَّلَم‏:‏ القدح الذي لا ريش له‏ ، فيه ثلاثة أسهم، أحدها‏:‏‏[‏نعم‏]‏، وثانيها‏:‏ ‏[‏لا‏]‏، وثالثها‏:‏‏[‏غُفْل‏]‏، كانوا يستقسمون بها فيما يريدون من العمل؛ من نحو السفر والنكاح وأمثالهما‏، ‏فإن خرج ‏[‏نعم‏]‏ عملوا به، وإن خرج ‏[‏لا‏]‏أخروه عامه ذلك حتى يأتوه مرة أخرى، وإن طلع ‏[‏غفل‏]‏ أعادوا الضرب حتى يخرج واحد من الأولين‏.
قال تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)(3)

-وكانوا يؤمنون بأخبار الكهنة والعرافين والمنجمين..
عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ قَالَ : قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُمُورًا كُنَّا نَصْنَعُهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ كُنَّا نَأْتِي الْكُهَّانَ. قَالَ: (فَلَا تَأْتُوا الْكُهَّانَ).(4)

- وكانت فيهم الطِّيَرة:
وهي التشاؤم بالشيء، وأصله أنهم كانوا يأتون الطير فينفرونه، فإن أخذ ذات اليمين مضوا إلى ما قصدوا وعدوه حسنًا، وإن أخذ ذات الشمال انتهوا عن ذلك وتشاءموا.
عن أَبَي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: ( لَا طِيَرَةَ وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ) قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ: (الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ)(5)

كانت هذه الديانة ـ ديانة الشرك وعبادة الأوثان، والاعتقاد بالأوهام والخرافات ـ هي الديانة السائدة في جزيرة العرب.

ديانات أخرى:
وحينما جاء الإسلام كانت القبائل اليهودية المشهورة هي‏:‏
خيبر والنضير والمُصْطَلَق وقريظة وقينقاع .
وكانت هناك الديانة النصرانية، فقد جاءت إلى بلاد العرب عن طريق احتلال الحبشة وبعض البعثات الرومانية.. وكذلك المجوسية عند العرب المجاورين للفرس.

كانت هذه الديانات هي ديانات العرب حين جاء الإسلام، وقد أصاب هذه الديانات الانحلال والبوار.(6)
__________________
(1)البخاري(4117)
(2) ‏‏الزمر‏ (3‏)‏
(3) المائدة (90)
(4) مسلم (537)
(5) مسلم (2223)
(6) هذا المبحث مأخوذ من كتاب الرحيق المختوم باختصار مع إضافة بعض الأحاديث.

ام البراء 12-18-2012 04:35 AM

على الرغم من أن أكثر الناس قبل بعثة النبي – صلى الله عليه سلم- كانوا يعبدون الأصنام، إلا أنه كان قليل منهم يعبدون الله وحده ولا يشركون به، سنتحدث عن واحد منهم وهو:
زيد بن عمرو بن نفيل
زيد بن عمرو بن نفيل هو ابن عم عمر بن الخطاب بن نفيل ، وهو والد سعيد بن زيد أحد العشرة، وكان ممن طلب التوحيد وخلع الأوثان وجانب الشرك ، لكنه مات قبل المبعث .(1)
- عن ابن عمر أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشأم يسأل عن الدين ويتبعه فلقي عالما من اليهود فسأله عن دينهم ..
فقال: إني لعليّ أن أدين دينكم فأخبرني .
فقال: لا تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله .
قال زيد: ما أفر إلا من غضب الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا وأنّى أستطيعه فهل تدلني على غيره.
قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا.
قال زيد: وما الحنيف؟
قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله .
فخرج زيد فلقي عالما من النصارى فذكر مثله..
فقال: لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله.
قال: ما أفر إلا من لعنة الله ولا أحمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئا أبدا وأنى أستطيع فهل تدلني على غيره.
قال: ما أعلمه إلا أن يكون حنيفا.
قال: وما الحنيف ؟
قال: دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا ولا يعبد إلا الله .
فلما رأى زيد قولهم في إبراهيم -عليه السلام - خرج فلما برز رفع يديه فقال:
اللهم إني أشهد أني على دين إبراهيم .) (2)
- وعن أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- قالت: رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري .
وكان يحيي الموؤودة، يقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته: لا تقتلها أنا أكفيكها مئونتها فيأخذها فإذا ترعرعت، قال لأبيها: إن شئت دفعتها إليك وإن شئت كفيتك مئونتها . (2)
- وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- لقي زيد بن عمرو بن نفيل أسفل بلدح قبل أن ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم- الوحي، فقُدِّمَت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم- سفرة فأبى أن يأكل منها.
ثم قال زيد : إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم(3)ولا آكل إلا ما ذكر اسم الله عليه.
وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: "الشاة خلقها الله وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله "، إنكارا لذلك وإعظاما له . (4)

قال رسول الله صلى الله –عليه وسلم-:
(دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل درجتين) (5)
___________________
(1) قاله ابن حجر في الفتح
(2) البخاري (3616)
(3) على أنصابكم : وهي أحجار كانت حول الكعبة يذبحون عليها للأصنام .(قاله ابن حجر في الفتح)
(4) البخاري (3614)
(5) حسّنه الألباني، الصحيحة-مختصرة

ام البراء 12-20-2012 05:01 AM

اليهود والنصارى يعرفون صفة رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وصفة زمانه من كتبهم


وكانت الأحبار من اليهود ، والرهبان من النصارى، والكهان من العرب قد تحدثوا بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مبعثه لما تقارب زمانه.
أما الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى؛ فمما وجدوا في كتبهم من صفته، وصفة زمانه، وما كان من عهد أنبيائهم إليهم فيه .

- قال تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) (1)

- وقال تعالى: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ) (2)
أي: وَأَنَا [أي عيسى - عليه السلام-] مُبَشِّر بِمَنْ بَعْدِي وَهُوَ الرَّسُول النَّبِيّ الْأُمِّيّ الْعَرَبِيّ الْمَكِّيّ أَحْمَد فَعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام وَهُوَ خَاتَم أَنْبِيَاء بَنِي إِسْرَائِيل وَقَدْ قَامَ فِي مَلَإِ بَنِي إِسْرَائِيل مُبَشِّرًا بِمُحَمَّدٍ وَهُوَ أَحْمَد خَاتَم الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسَلِينَ الَّذِي لَا رِسَالَة بَعْده وَلَا نُبُوَّة . (3)

- قال تعالى: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (4)
يَقُول تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ تَمَام دَعْوَة إِبْرَاهِيم لِأَهْلِ الْحَرَم أَنْ يَبْعَث اللَّه فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ أَيْ مِنْ ذُرِّيَّة إِبْرَاهِيم وَقَدْ وَافَقَتْ هَذِهِ الدَّعْوَة الْمُسْتَجَابَة قَدَر اللَّه السَّابِق فِي تَعْيِين مُحَمَّد صَلَوَات اللَّه وَسَلَامه عَلَيْهِ رَسُولًا فِي الْأُمِّيِّينَ إِلَيْهِمْ وَإِلَى سَائِر الْأَعْجَمِيِّينَ مِنْ الْإِنْس وَالْجِنّ . (3)

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- :
(أنا دعوة أبي إبراهيم وبشرى عيسى - عليهما السلام- ...) (5)

- عن عطاء بن يسار قال: لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما-
قلت: أخبرني عن صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في التوراة .
قال: أجل والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ولا يدفع بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويغفر ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله ويفتح بها أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا. (6)
_______________
(1) الأعراف:(157)
(2) الصف (6)
(3) تفسير ابن كثير
(4) البقرة (129)
(5) قال الألباني: صحيح، الصحيحة مختصرة (1545)
(6) البخاري (2018)

ام البراء 12-25-2012 05:36 AM

الكهان من العرب يبشرون ببعثة رسول الله – صلى الله عليه وسلم-
(وأما الكهان من العرب ؛ فأتتهم به الشياطين من الجن مما تسترق من السمع، إذ كانت وهي لا تحجب عن ذلك بالقذف بالنجوم.

فلما تقارب أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وحضر زمان بعثه، حُجبت الشياطين عن السمع، وحيل بينها وبين المقاعد التي كانت تقعد لاستراق السمع فيها، فرموا بالنجوم، فعرفت الشياطين أن ذلك لأمر حدث من أمر الله عز وجل .
وفي ذلك أنزل الله على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – سورة الجن. (1)

قال تعالى: (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا ) (2)
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ الْجِنّ حِين بَعَثَ اللَّه رَسُوله مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن وَكَانَ مِنْ حِفْظه لَهُ أَنَّ السَّمَاء مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيد وَحُفِظَتْ مِنْ سَائِر أَرْجَائِهَا .
قال تعالى: ( وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا) (2)
طُرِدَتْ الشَّيَاطِين عَنْ مَقَاعِدهَا الَّتِي كَانَتْ تَقْعُد فِيهَا قَبْل ذَلِكَ لِئَلَّا يَسْتَرِقُوا شَيْئًا مِنْ الْقُرْآن فَيُلْقُوهُ عَلَى أَلْسِنَة الْكَهَنَة فَيَلْتَبِس الْأَمْر وَيَخْتَلِط وَلَا يُدْرَى مَنْ الصَّادِق وَهَذَا مِنْ لُطْف اللَّه تَعَالَى بِخَلْقِهِ وَرَحْمَته بِعِبَادِهِ وَحِفْظه لِكِتَابِهِ الْعَزِيز .
(وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُد مِنْهَا مَقَاعِد لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِع الْآن يَجِد لَهُ شِهَابًا رَصَدًا ) أَيْ مَنْ يَرُوم أَنْ يَسْتَرِق السَّمْع الْيَوْم يَجِد لَهُ شِهَابًا مُرْصَدًا لِمَ لَا يَتَخَطَّاهُ وَلَا يَتَعَدَّاهُ بَلْ يَمْحَقهُ وَيُهْلِكهُ . (3)
____________
(1) قاله ابن كثير -رحمه الله-،كتاب صحيح السيرة النبوية للألباني (بتصرف يسير)
(2) سورة الجن (8-9)
(3) تفسير ابن كثير

ام البراء 12-25-2012 06:09 AM

كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يرعى الغنم
عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم) .
فقال أصحابه: وأنت؟
فقال: (نعم، كنت أرعاها على قراريط (1) لأهل مكة) (2)

فوائد الحديث (3) :
الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبوة:
- أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم .
- ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة ؛ لأنهم إذا صبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى وعلموا اختلاف طباعها ألفوا من ذلك الصبر على الأمة .

وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها ، ولأن تفرقها أكثر من تفرق الإبل والبقر لإمكان ضبط الإبل والبقر بالربط دونها في العادة المألوفة ، ومع أكثرية تفرقها فهي أسرع انقيادا - من غيرها .

وفي ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك بعد أن علم كونه أكرم الخلق على الله ما كان عليه من عظيم التواضع لربه والتصريح بمنته عليه وعلى إخوانه من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء .
_________
(1) قراريط: قيل هي جمع قيراط والقيراط هو جزء من الدينار أو الدرهم، وقيل: " قراريط " اسم موضع بمكة. (كتاب فتح الباري)
(2) البخاري (2143)
(3) فتح الباري لابن حجر –رحمه الله- (بتصرف يسير)

ام البراء 12-26-2012 06:03 AM

تلخيصا لما سبق - مرحلة ما قبل البعثة- :
رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، أبو القاسم، من قبيلة قريش ، من خير نسب.

ولد – صلى الله عليه وسلم- يتيما في مكة عام الفيل يوم الإثنين، فكفله جده عبد المطلب. ماتت أمه وهو ابن ست سنين، ومات جده وهو ابن ثماني سنين ، فكفله عمه أبو طالب .

أرضعته ثويبة أياما ثم أرضعته حليمة السعدية أعواما عديدة، وكانت أم أيمن حاضنته.

أتاه جبريل – عليه السلام- فشق صدره وغسل قلبه بماء زمزم وهو صغير عند حليمة السعدية.

خرج مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام فلقيه هناك بحيرى الراهب ورأى فيه علامات النبوة.

كان مصونا محميا في صغره عن القبائح وأخلاق الجاهلية.

تزوج خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها – وهو ابن خمس وعشرين سنة، وولدت له بنات - هن زينب و رقية وأم كلثوم وفاطمة -رضي الله عنهن- وبنين – ماتوا كلهم صغارا - .

ظل الناس في جزيرة العرب على دين إبراهيم –عليه السلام- يعبدون الله وحده ولا يشركون به شيئا حتى قام عمرو بن لحي الخزاعي بإدخال الأوثان إلى جزيرة العرب، فصارت عبادة الأصنام الدين السائد هناك.

كانت أحوال العرب قبل الإسلام سيئة جدا، تحكمهم العصبية القبلية، في قتال مستمر بينهم، يقتلون أولادهم ويئدون بناتهم...

اليهود والنصارى وكهان العرب بشروا ببعثة رسول الله –صلى الله عليه سلم- .

ام البراء 12-28-2012 03:35 AM

بدء الوحي:
الوحي لغة: الإعلام في خفاء ، وكل ما دللت به من كلام أو كتابة أو رسالة أو إشارة فهو وحي .
وشرعا: الإعلام بالشرع . (1)

لما بلغ محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة بعثه الله تعالى رحمة للعالمين ، وكافة للناس بشيرا.(2)

عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم- أخبرته أنها قالت:
(كان أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه وهو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها..) (3)
فَلَق الصبح : هو ضياؤه وإنما يقال هذا في الشيء الواضح البين .
الخلاء : وهو الخلوة وهي شأن الصالحين وعباد الله العارفين .
الغار : فهو الكهف والنقب في الجبل .
التحنث : التعبد .
لمثلها أي : الليالي .
والتزود : استصحاب الزاد . (4)

الرؤيا الصادقة:
هي تباشير النبوة وكيفية بدئها، لأنه لم يقع فيها ضغث، فيتساوى مع الناس فى ذلك، بل خص بصدقها كلها، وكذلك قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحي، وقرأ: {إنى أرى فى المنام أنى أذبحك}. (5)
الخلوة:
وإنما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يحب الخلاء والانفراد عن قومه؛ لما يراهم عليه من الضلال المبين من عبادة الأوثان والسجود للأصنام، وقويت محبته للخلوة عند مقاربة إيحاء الله إليه، صلوات الله وسلامه عليه. (6)
________________
(1) قاله ابن حجر في الفتح – باب بدء الوحي (باختصار)
(2) قاله ابن إسحاق- كتاب سيرة ابن هشام
(3) مسلم (160) البخاري (4)
(4) شرح صحيح مسلم للنووي (باختصار)
(5) قاله المهلب – شرح صحيح البخاري لابن بطال
(6) قاله ابن كثير – كتاب صحيح السيرة النبوية

ام البراء 12-30-2012 10:30 PM

(اقرأ باسم ربك الذي خلق)
عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت (1) : ( أول ما بدئ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها.
حتى جاءه الحق وهو في غار حراء..
[أي : جاءه الأمر الحق وسمي حقا لأنه وحي من الله تعالى]
فجاءه الملك..
[الملك هو جبريل – عليه السلام-]
فقال: اقرأ
[يحتمل أن يكون هذا الأمر "اقرأ" للتنبيه والتيقظ لما سيلقى إليه ، أو أن يكون على معناه من طلب القراءة أو المقصود : قل اقرأ ]
قال: ما أنا بقارئ .
[أي : ما أحسن القراءة ]
قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني..
[أي فضمني وعصرني حتى بلغ مني غاية وسعي ثم أطلقني، والحكمة في هذا الغط شغله عن الالتفات لشيء آخر أو لإظهار الشدة والجد في الأمر تنبيها على ثقل القول الذي سيلقى إليه ، فلما ظهر أنه صبر على ذلك ألقي إليه]
فقال: اقرأ .
قلت: ما أنا بقارئ .
فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني..
فقال: اقرأ .
فقلت: ما أنا بقارئ .
فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني ..
فقال: (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم )
[فلما قال ذلك ثلاثا قيل له (اقرأ باسم ربك) أي : لا تقرؤه بقوتك ولا بمعرفتك ، لكن بحول ربك وإعانته ، فهو يعلمك ، كما خلقك وكما نزع عنك علق الدم وغمز الشيطان في الصغر ، وعلم أمتك حتى صارت تكتب بالقلم بعد أن كانت أمية .هذا القدر من هذه السورة هو الذي نزل أولا ، بخلاف بقية السورة فإنما نزل بعد ذلك بزمان ]
فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم-
[ أي رجع بالآيات أو بالقصة]
يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-..
فقال: زملوني زملوني ..
[أي لفوني بالغطاء]
فزملوه حتى ذهب عنه الروع
[الروع أي الفزع]..
فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي .
[أي من الموت من شدة الرعب أو المرض أو غير ذلك]
فقالت خديجة: كلا ..
[كلا: كلمة نفي وإبعاد]
والله ما يخزيك الله أبدا..
[والخزي الفضيحة والهوان]
إنك لتصل الرحم..
[صلة الرحم هي الإحسان إلى الأقارب على حسب الحال، فتارة تكون بالمال وتارة بالخدمة وتارة بالزيارة والسلام وغير ذلك]
وتحمل الكَلّ..
[الكَل هو العاجز المحتاج لمن يقوم به، فإن كان فقيرا حمله بالمال وإن كان ضعيفا بالجسم حمله بالمعونة]
وتَكسِب (2) المعدوم..
[أي تعطي الناس ما لا يجدونه عند غيرك، فتحصِّل الخير -وهو المعدوم- للغير.]
وتَقري الضيف..
[تعطيه القِرى، وهو ما يُقَدَّم للضيف]
وتعين على نوائب الحق.
[أي ما يصيب الناس من الأمور والحوادث ، إذا كانت حقّا فإنه – صلى الله عليه وسلم- يعين عليها وإن كانت باطلا فإنه ضدها .]
معنى كلام خديجة - رضي الله عنها - إنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وكرم الشمائل وذكرت أمثلة من ذلك .]
فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرأ قد تنصر في الجاهلية ..
[تنصّر أي صار نصرانيا ، وكان قد خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل (3) لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين ، فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر ، وكان لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل ، ولهذا أخبر بشأن النبي - صلى الله عليه وسلم - والبشارة به .]
وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب..
[وإنما وصفته بكتابة الإنجيل دون حفظه لأن حفظ التوراة والإنجيل لم يكن متيسرا كتيسر حفظ القرآن الذي خصت به هذه الأمة .]
وكان شيخا كبيرا قد عمي..
فقالت له خديجة: يا ابن عم
[هذا النداء على حقيقته،أي هو ابن عمها على الحقيقة]
اسمع من ابن أخيك
[وصفت خديجة رسول الله -صلى الله عليه وسلم بأنه ابن أخي ورقة لأن والده عبد الله بن عبد المطلب وورقة يجتمعان قصي بن كلاب ، فكان من هذه الحيثية في درجة إخوته ، أو قالته على سبيل التوقير لسنه].
فقال له ورقة: يا ابن أخي ماذا ترى؟
فأخبره رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خبر ما رأى .
فقال له ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى..
[ والناموس : أي صاحب السر ، والمراد بالناموس هنا جبريل -عليه السلام- .]
يا ليتني فيها جَذَعا..
[الجَذَع هو الصغير من البهائم ، كأنه تمنى أن يكون عند ظهور الدعاء إلى الإسلام شابا ليكون أمكن لنصره ، وبهذا يتبين سر وصفه بكونه كان كبيرا أعمى .]
ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك.
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : أومُخرِجيَّ هم؟
[جمع مُخرِج ، واستبعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوه ، لأنه لم يكن فيه سبب يقتضي الإخراج ، لما اشتمل عليه من مكارم الأخلاق التي تقدم من خديجة وصفها . ]
قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي.. [فذكر ورقة أن العلة في ذلك مجيئه لهم بالانتقال عن مألوفهم ، ولأنه علم من الكتب أنهم لا يجيبونه إلى ذلك ، وأنه يلزمه لذلك منابذتهم ومعاندتهم فتنشأ العداوة.]
وإن يدركني يومك ..
[يعني يوم الإخراج]
أنصرك نصرا مؤزرا
[مؤزرا أي قويّا] .
[ وبذلك يكون ورقة بن نوفل أول من آمن برسول الله – صلى الله عليه وسلم- لكن هذا كان قبل الرسالة، أي قبل أن يؤمر –صلى الله عليه وسلم- بدعوة الناس للإسلام]
ثم لم ينشب ورقة أن توفي..
[أي لم يلبث]
وفتر الوحي .
[وفتور الوحي عبارة عن تأخره مدة من الزمان ، وكان ذلك ليذهب ما كان - صلى الله عليه وسلم - وجده من الروع ، وليحصل له التشوف إلى العود .]

من فوائد القصة:
- أول ما نزل من القرآن : (اقرأ باسم ربك الذي خلق) .
- محمد – صلوات الله وسلامه عليه – صار نبيّا بِنزول (اقرأ) عليه وليس رسولا بعد، أي أنه نُبِّئ وأُخبِر بالوحي لكنه لم يؤمَر بتبليغ الناس وإنذارهم آنذاك .
- رسولنا محمد – صلوات الله وسلامه عليه - كان معروفا بمكارم الأخلاق وخصال الخير قبل البعثة .
- مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب السلامة من السوء .
- تأنيس من حصل له خوف من أمر وتبشيره وذكر أسباب السلامة له .
- كمال خديجة - رضي الله عنها - وجزالة رأيها وقوة نفسها وثبات قلبها وعظم فقهها .
_______________
(1) هذا هو الحديث الرابع من صحيح البخاري، والحديث رقم (160) من صحيح مسلم. وما بين [ ] هو شرح مبسَّط لعبارات الحديث مأخوذ بتصرف من كلام ابن حجر في الفتح وشرح النووي لصحيح مسلم مع بعض الإضافات المستفادة من شرح الشيخ ابن عثيمين لصحيح البخاري -رحمهم الله جميعا وجزاهم عنا كل خير-.
وللتسهيل جعلت المتن باللون الأزرق والشرح بالأسود، أسأل الله أن يكون العرض سهلا ميسرا نافعا .
(2) قال النووي:فهو بفتح التاء هذا هو الصحيح المشهور ونقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين قال: ورواه بعضهم بضمها.
(3) سبق الكلام عن زيد بن عمرو بن نفيل

ام البراء 01-04-2013 11:16 PM

(يا أيها المدثر، قم فأنذر)
جاء جبريل – عليه السلام- رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في رمضان وهو في غار حراء فعَلَّمَه (اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم، الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم) ، فصار– صلى الله عليه وسلم- بنزول هذه الآيات عليه نبيّاً ، أي أنه أوحي إليه بالقرآن لكن لم يؤمر بتبليغ الناس بعد، ثم تأخَّر الوحي فترة من الزمان..

ثم أنزل الله على رسوله – صلى الله عليه وسلم- : (يا أيها المدثر قم فأنذر) إلى قوله (والرجز فاهجر)، فأُمِر – صلى الله عليه وسلم – بإنذار الناس ودعوتهم إلى عبادة الله وحده وترك عبادة ما سواه وبذلك صار – صلى الله عليه وسلم- رسولاً للعالَمين:

عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الوحي (1) : فقال في حديثه: ( بينا أنا أمشي إذ سمعتُ صوتاً من السماء، فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني (2) بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرُعِبت (3) منه فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله تعالى : (يا أيها المدثر قم فأنذر) إلى قوله (والرجز فاهجر) (4) فحمي الوحي وتتابع (5) . (6)

وبهذا يعلم :
- أن (اقرأ) كانت أول ما نزل على رسول الله – صلى الله عليه وسلم- من القرآن، و(يا أيها المدثر) كانت أول مانزل من القرآن بعد فترة الوحي وتأخُّره .
- وأنه – صلى الله عليه وسلم- نُبِّئ –أي صار نبيّا يوحى إليه- بِ(اقرأ) ، وأُرسِل – أي صار رسولاً يوحى إليه ويُؤمَر بتبليغ الناس - بِ(يا أيها المدثر) . (7)

تفسير الآيات الأولى من سورة المدثر (8) :
(يا أيها المدثر) المدثر هو المتلفف المتغطي بثيابه، والنداء لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
(قم فأنذر) معناه حَذِّر الناس من الشرك وادعهم إلى عبادة الله وحده .
(وربك فكبر ) أي عظِّمه بالتوحيد .
(وثيابك فطهر ) أي طهر نفسك من الشرك .
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي اترك الأصنام وتبرَّأ منها .
________________
(1)أي تأخُّر زمانه، وعدم تتابعه وتواليه في النزول
(2)دلّ هذا على أن (اقرأ) نزلت قبل (يا أيها المدثر)، وهذا قول الجمهور- ذكر ذلك ابن كثير في مطلع تفسيره لسورة المدثر- .
(3)أي فزعت
(4)سورة المدثر
(5)أي كثر نزوله وازداد
(6) البخاري (4)، مسلم (161)، واللفظ للبخاري
(7) قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتابه ثلاثة الأصول في سياق الكلام عن الأصل الثالث: معرفة النبي-صلى اله عليه وسلم-: (نُبِّئ بإقرأ، وأُرسِل بالمدثر.. )
(8) مأخوذ من شرح ثلاثة الأصول للشيخ صالح آل الشيخ

ام البراء 01-10-2013 07:21 PM

وأقام - صلى الله عليه وسلم- بعد ذلك في مكة ثلاث سنين يدعو الناس سرّاً إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده وترك عبادة الأصنام .
ذكر أول من أسلم (1)
خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها- أول من أسلم من النساء ، وقبل الرجال أيضا .

وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة – رضي الله عنه- .
وأول من أسلم من الغلمان علي بن أبي طالب –رضي الله عنه-.
وأول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- .

عن همام قال: سمعت عمارا يقول:
رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم - وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر. (2)
الأعبد [أي العبيد]الخمسة هم : بلال بن رباح ، وزيد بن حارثة ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، وأبو فكيهة مولى صفوان بن أمية بن خلف وأما الخامس فيحتمل أن يكون شُقْران. وقيل بل من الخمسة عمار بن ياسر وأبوه .
وأما المرأتان فخديجة والأخرى أم أيمن أو سمية – أم عمار بن ياسر- .
وفي هذا الحديث: أن أبا بكر أول من أسلم من الأحرار مطلقا ، ولكن مراد عمار بذلك ممن أظهر إسلامه ، وإلا فقد كان حينئذ جماعة ممن أسلم لكنهم كانوا يخفونه من أقاربهم . (3)
__________
(1) قاله ابن كثير- كتاب صحيح السيرة النبوية للألباني
(2) البخاري (3460)
(3) قاله ابن حجر في الفتح باختصار


ام البراء 01-14-2013 05:50 PM

خديجة بنت خويلد – رضي الله عنها- أول من أسلم


آمنت خديجة بنت خويلد –رضي الله عنها- برسول الله – صلى الله عليه وسلم- ، وصدقت بما جاءه من الله ، ووازرته على أمره ، وكانت أول من آمن بالله وبرسوله ، وصدق بما جاء منه . فخفف الله بذلك عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- ، لا يسمع شيئا مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له ، فيحزنه ذلك ، إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه ، وتصدقه وتهون عليه أمر الناس ، رضي الله تعالى عنها . (1)


-عن أبي هريرة قال: أتى جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: (يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها -عز وجل- ومني، وبشّرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ). (2)
القصب : اللؤلؤ المجوف
الصّخب : الصوت المختلط المرتفع .
النصب : المشقة والتعب
فائدة (3):
- قيل لذكر البيت معنى لطيف لأنها كانت ربة بيت قبل المبعث ثم صارت ربة بيت في الإسلام منفردة به ، فلم يكن على وجه الأرض في أول يوم بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بيت إسلام إلا بيتها ، وهي فضيلة ما شاركها فيها أيضا غيرها وجزاء الفعل يذكر غالبا بلفظه وإن كان أشرف منه ، فلهذا جاء في الحديث بلفظ البيت دون لفظ القصر .
- وقيل: مناسبة نفي هاتين الصفتين - أعني المنازعة والتعب - أنه - صلى الله عليه وسلم - لما دعا إلى الإسلام أجابت خديجة طوعا فلم تحوجه إلى رفع صوت ولا منازعة ولا تعب في ذلك ، بل أزالت عنه كل نصب ، وآنسته من كل وحشة ، وهونت عليه كل عسير ، فناسب أن يكون منزلها الذي بشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها .
- ومما اختصت به سبقها نساء هذه الأمة إلى الإيمان ، فسَنَّت ذلك لكل من آمنت بعدها ، فيكون لها مثل أجرهن ، لما ثبت " أن من سن سنة حسنة " وقد شاركها في ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة إلى الرجال ، ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب بسبب ذلك إلا الله عز وجل .. (4)

قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-:
(خير نسائها مريم وخير نسائها خديجة ) (5)
__________________
(1)سيرة ابن هشام
(2)رواه البخاري (3610) ومسلم (2432)
(3)نقله الحافظ ابن حجر عن السهيلي في كتابه فتح الباري
(4)نقله الحافظ ابن حجر عن القرطبي في كتابه فتح الباري
(5)البخاري (3604)

ام البراء 01-20-2013 04:45 PM

أبو بكر الصديق –رضي الله عنه- أول من أسلم من الرجال
واسم أبي بكر عبد الله بن أبي قحافة
وقد اتفق الجمهور على أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال. (1)
وكان أبو بكر رجلا مؤلفا لقومه محببا سهلا ، وكان أنسب قريش لقريش وأعلم قريش بها ، وبما كان فيها من خير وشر وكان رجلا تاجرا ، ذا خلق ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته وحسن مجالسته فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه .
فلما أسلم أبو بكر -رضي الله عنه- أظهر إسلامه ودعا إلى الله وإلى رسوله ، فأسلم بدعائه :
عثمان بن عفان
والزبير بن العوام
وعبد الرحمن بن عوف
وسعد بن أبي وقاص
وطلحة بن عبيد الله (2)
وعن أبي الدرداء في حديث ما كان بين أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- من الخصومة وفيه : فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله بعثني إليكم فقلتم : كذبت . وقال أبو بكر : صدق . وواساني بنفسه وماله . فهل أنتم تاركو لي صاحبي ؟ ( مرتين ) . فما أوذي بعدها . (3)

وهذا كالنص على أنه [أي أبو بكر] أول من أسلم -رضي الله عنه- . (4)
فائدة :
(تلقيب أبي بكر -رضي الله عنه - بالصديق أمر ثابت مجمع عليه لا شك فيه، فقد روى البخاري عن أنس بن مالك -رضي الله عنه - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صعد أُحُدا، وأبو بكر وعمر وعثمان، فرجف بهم فقال: اثبت أحد، فإنما عليك نبي وصِدّيق وشهيدان.
ففي هذا الحديث وصف من النبي -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر بالصديقية.
قال النووي في تهذيب الأسماء: وأجمعت الأئمة على تسميته صِدّيقًا... وسبب تسميته أنه بادر إلى تصديق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولازم الصدق، فلم يقع منه هناة ولا وقفة في حال من الأحوال. اهـ.) (5)
_________________
(1) قاله ابن حجر في الفتح
(2) سيرة ابن هشام
(3) البخاري (3461)
(4) قاله ابن كثير- صحيح السيرة النبوية للألباني
(5) منقول من مركز الفتوى- الشبكة الإسلامية

أم سلمة السلفية 01-20-2013 10:24 PM



جزاك الله خيرا أختي المكرمة "أم البراء"
عمل ممتاز ومفيد واختيار موفق وسديد
بارك فيك العزيز الحميد

وابنتي بثينة تستفيد مما تكتبين


ام البراء 01-23-2013 05:53 AM

وإياك أخيتي المفضالة أم سلمة..بارك الله فيك وفي ذريتك .. ونفع بك..
**********************************************
علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-أول من أسلم من الصبيان
وكان مما أنعم الله به على علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ، أنه كان في حِجْر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل الإسلام ، لأن أبا طالب كان ذا عيال كثير فأراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أن يخفف عنه من عياله ، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليا ، فضمه إليه ، فلم يزل علي مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بعثه الله تبارك وتعالى نبيا ، فاتبعه علي -رضي الله عنه - وآمن به وصدقه ، وهو يومئذ ابن عشر سنين . (1)
فكان عليّ –رضي الله عنه- قد رباه النبي - صلى الله عليه وسلم - من صغره ، فلازمه من صغره فلم يفارقه إلى أن مات . وأُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، قد أسلمت وصحبت وماتت في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - . (2)
******************************
زيد بن حارثة -رضي الله عنه- أول من أسلم من الموالي
أُسِر في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة، فوهبته خديجة -رضي الله عنها- للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم إن أباه وعمّه أتيا مكة فوجداه فطلبا أن يفدياه فخيَّره النبي - صلى الله عليه وسلم - بين أن يدفعه إليهما أو يبقى عنده فاختار أن يبقى عند رسول الله –صلى الله عليه وسلم- . (2)
عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه كان يقول:
ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد حتى نزل في القرآن (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله ) (3)
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد تبنى زيدا ، ودعاه ابنه ، وكانت العرب تفعل ذلك ؛ يتبنى الرجل مولاه أو غيره ، فيكون ابنا له ، يوارثه ، وينتسب إليه ، حتى نزلت الآية ، فرجع كل إنسان إلى نسبه. (4)
____________________
(1)سيرة ابن هشام
(2)قاله ابن حجر في الفتح
(3)صحيح مسلم (2425)
(4) قاله النووي في شرحه لصحيح مسلم

ام البراء 01-27-2013 05:14 AM

ومن الصحابة السابقين للإسلام
-رضي الله عنهم جميعا -

أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح
وأبو سلمة بن عبد الأسد المخزومي (1)، وامرأته أم سلمة
والأرقم بن أبي الأرقم المخزومي
وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبد الله
وعبيدة بن الحارث بن المطلب
وسعيد بن زيد بن عمرو (2) وامرأته فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب
وخباب بن الأرت التميمي
وجعفر بن أبي طالب، وامرأته أسماء بنت عُمَيْس
وعبد الله بن مسعود الهذلي
وعبد الله بن جحش الأسدي وأخوه أبو أحمد بن جحش
وبلال بن رباح الحبشي
صُهَيْب بن سِنان الرومي
وعمار بن ياسر العنسي، وأبوه ياسر،وأمه سمية
وعامر بن فُهيرة‏
أم أيمن (3)
وأم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب
أسماء بنت أبي بكر الصديق .

وهكذا مرت ثلاثة أعوام، والدعوة لم تزل مقصورة على الأفراد، ولم يجهر بها النبي -صلى الله عليه وسلم- في المجامع والنوادي، إلا أن قريشاً عرفت، وفشا ذكر الإسلام بمكة، وتحدث به الناس، وقد تنكر له بعضهم أحيانًا، واعتدوا على بعض المؤمنين، إلا أنهم لم يهتموا به كثيرًا حيث لم يتعرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لدينهم، ولم يتكلم في آلهتهم‏.‏ (4)
________________
(1) هو أخو رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الرضاعة -كما ذكرنا في باب مرضعات الرسول -صلى الله عليه وسلم-
(2) أبوه زيد بن عمرو بن نفيل -سبق الحديث عنه- .
(3) حاضنة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، سبق الحديث عنها -رضي الله عنها- .
(4) من كتاب الرحيق المختوم (باختصار)

ام البراء 01-31-2013 06:09 AM

الجهر بالدعوة

أقام -صلى الله عليه وسلم- في مكة ثلاث سنين يدعو إلى الله سبحانه مستخفيا ، ثم نزل عليه (فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) (1)، فأعلن -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة وجاهر قومه بالعداوة ، واشتد الأذى عليه وعلى المسلمين حتى أذن الله لهم بالهجرتين. (2)
(فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين )
يَقُول تَعَالَى آمِرًا رَسُوله -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِإِبْلَاغِ مَا بَعَثَهُ بِهِ وَبِإِنْفَاذِهِ وَالصَّدْع بِهِ وَهُوَ مُوَاجَهَة الْمُشْرِكِينَ بِهِ.
عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود : مَا زَالَ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُسْتَخْفِيًا حَتَّى نَزَلَتْ " فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَر " فَخَرَجَ هُوَ وَأَصْحَابه. (3)
(وأنذر عشيرتك الأقربين) (4)
عن ابن عباس -رضي الله عنهما – قال:لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) صعد النبي -صلى الله عليه وسلم - على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو لهب وقريش..
فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مُصدقيّ؟
قالوا: نعم ما جربنا عليك إلا صدقا .
قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد .
فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا . فنزلت (تبت يدا أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب) (5)
________________

(1) الحجر ( 94 )
(2) زاد المعاد – ابن القيم
(3) تفسير ابن كثير
(4) الشعراء (214)
(5) البخاري (4492)

ام البراء 02-10-2013 06:09 PM

تعذيب قريش لمن أسلم
ثم إن قريشا تذامروا بينهم –أي حث بعضهم بعضا على الحرب- على من في القبائل منهم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين أسلموا معه ، فوثبت كل قبيلة على من فيهم من المسلمين يعذبونهم ، ويفتنونهم عن دينهم ، ومنع الله رسوله - صلى الله عليه وسلم- منهم بعمه أبي طالب. (1)
وكان مُشْرِكِو قُرَيْش يَسْخَرُونَ بِمَنْ آمَنَ مِنْ ضُعَفَائِهِمْ وَيُعَذِّبُونَ مَنْ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَكَانُوا يَقُولُونَ أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْننَا ؟ أَيْ مَا كَانَ اللَّه لِيَهْدِي هَؤُلَاءِ إِلَى الْخَيْر لَوْ كَانَ مَا صَارُوا إِلَيْهِ خَيْرًا وَيَدَعنَا فأنزل الله: (وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ) (2)
والمستضعفون من أصحابه – صلى الله عليه وسلم- مثل :
عمار بن ياسر ، وخباب بن الأرت ، وصهيب الرومي ، وبلال بن رباح وعبدالله بن مسعود -رضي الله عنهم جميعا- .
ثم إنهم عدوا على من أسلم واتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من أصحابه فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب والجوع والعطش وبرمضاء ( مكة ) إذا اشتد الحر من استضعفوه منهم يفتنونهم عن دينهم .
فمنهم من يفتن من شدة البلاء الذي يصيبهم ومنهم من يصلب لهم ويعصمه الله منهم . (3)
وفي مثل هذا أنزل الله تعالى : (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقبله مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم) (4) ، فهؤلاء كانوا معذورين بما حصل لهم من الإهانة والعذاب البليغ أجارنا الله من ذلك بحوله وقوته . (5)

عن عبد الله بن مسعود قال:
(كان أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد، فأما رسول الله - صلى الله عليه وسلم-فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكرفمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد.) (6)

وعن جابر : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - مر بعمار وأهله وهم يعذبون فقال : (صبرا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة ) (7)
__________________
(1)قاله ابن إسحاق-سيرة ابن هشام
(2)سورة الأنعام (53)- تفسير ابن كثير
(3) قاله ابن إسحاق- البداية والنهاية لابن كثير
(4) سورة النحل (106)
(5) قاله الألباني - صحيح السيرة النبوية
(6)الألباني: حديث حسن ، صحيح السيرة النبوية، صحيح ابن ماجة (122)
(7) الألباني: حسن صحيح- فقه السيرة (103)- موقع الدرر السنية

ام البراء 02-12-2013 05:10 PM

ذكر بعض ما لقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من أذى المشركين
- عن خباب - رضي الله عنه- قال :
أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة..
فقلت: يا رسول الله ألا تدعو الله ؟
فقعد وهو محمر وجهه فقال: ( لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه ) (1)

- عن ابن مسعود قال :
بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس وقد نحرت جزور بالأمس..
فقال أبو جهل : أيكم يقوم إلى سلا جزور (2) بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفي محمد إذا سجد.
فانبعث أشقى القوم (3) فأخذه فلما سجد النبي - صلى الله عليه وسلم- وضعه بين كتفيه.
قال: فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض، وأنا قائم أنظر لو كانت لي منعة طرحته عن ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- والنبي - صلى الله عليه وسلم- ساجد ما يرفع رأسه حتى انطلق إنسان فأخبر فاطمة فجاءت وهي جويرية فطرحته عنه ثم أقبلت عليهم تشتمهم.
فلما قضى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم وكان إذا دعا دعا ثلاثا وإذا سأل سأل ثلاثا ثم قال: (اللهم عليك بقريش) ثلاث مرات.
فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك وخافوا دعوته.
ثم قال: (اللهم عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عقبة وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط ) وذكر السابع ولم أحفظه (4) فوالذي بعث محمدا - صلى الله عليه وسلم -بالحق لقد رأيت الذين سمى صرعى يوم بدر ثم سحبوا إلى القليب قليب بدر) (5)

عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن عمرو بن العاص: أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي - صلى الله عليه وسلم- قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ( أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله) الآية. (6)
_____________
(1) البخاري (3639)
(2) أي اللفافة التي يكون فيها الولد في بطن الناقة وسائر الحيوان
(3) هو عقبة بن أبي معيط كما جاء مصرحا باسمه في الصحيح- قال ذلك النووي في شرحه لصحيح مسلم
(4) قال النووي: وقد وقع في رواية البخاري تسمية السابع أنه عمارة بن الوليد
(5) مسلم (1794)
(6) البخاري (3643)

ام البراء 02-17-2013 04:49 PM

إسلام أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه-
(اسمه – رضي الله عنه - : جندب بن جنادة (1))

عن ابن عباس - رضي الله عنهما- قال :
لما بلغ أبا ذر مبعث النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي (2) فاعلم لي علم هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي يأتيه الخبر من السماء واسمع من قوله ثم ائتني.
فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله ثم رجع إلى أبي ذر فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وكلاما ما هو بالشعر.
فقال: ما شفيتني مما أردت.
فتزود وحمل شنة له فيها ماء حتى قدم مكة، فأتى المسجد فالتمس النبي - صلى الله عليه وسلم- ولا يعرفه وكره أن يسأل عنه (3) ، حتى أدركه بعض الليل فاضطجع فرآه عليّ فعرف أنه غريب، فلما رآه تبعه فلم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء حتى أصبح، ثم احتمل قربته وزاده إلى المسجد وظل ذلك اليوم، ولا يراه النبي - صلى الله عليه وسلم- حتى أمسى فعاد إلى مضجعه فمر به عليّ، فقال : أما نال للرجل –أي أما آن له- أن يعلم منزله –أي مقصده-؟
فأقامه فذهب به معه ، لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء ، حتى إذا كان يوم الثالث فعاد علي على مثل ذلك فأقام معه..
ثم قال [ أي عليّ رضي الله عنه] : ألا تحدثني ما الذي أقدمك؟
قال [أي أبو ذر -رضي الله عنه] : إن أعطيتني عهدا وميثاقا لترشدني فعلت.
ففعل فأخبره..
قال: فإنه حق وهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا أصبحت فاتبعني، فإني إن رأيت شيئا أخاف عليك قمت كأني أريق الماء، فإن مضيت فاتبعني حتى تدخل مدخلي.
ففعل فانطلق يقفوه حتى دخل على النبي - صلى الله عليه وسلم- ودخل معه، فسمع من قوله وأسلم مكانه (4) .
فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم- : ( ارجع إلى قومك فأخبرهم حتى يأتيك أمري ) .
قال: والذي نفسي بيده لأصرخن بها بين ظهرانيهم (5) .
فخرج حتى أتى المسجد فنادى بأعلى صوته: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .
ثم قام القوم فضربوه حتى أضجعوه ، وأتى العباس فأكبّ عليه..
قال : ويلكم ألستم تعلمون أنه من غفار وأن طريق تجاركم إلى الشأم ؟
فأنقذه منهم ثم عاد من الغد لمثلها فضربوه وثاروا إليه فأكب العباس عليه . (6)

من فوائد الحديث (7) :
- في الحديث دلالة على تقدم إسلام أبي ذر -رضي الله عنه- .
- أبو ذر – رضي الله عنه - فهم أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - له بالكتمان ليس على الإيجاب بل على سبيل الشفقة عليه ، فأعلمه أن به قوة على ذلك ، ولهذا أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، ويؤخذ منه جواز قول الحق عند من يخشى منه الأذية لمن قاله وإن كان السكوت جائزا ، والتحقيق أن ذلك مختلف باختلاف الأحوال والمقاصد ، وبحسب ذلك يترتب وجود الأجر وعدمه .
- حسن تأتي العباس وجودة فطنته حيث توصل إلى تخليصه منهم بتخويفهم من قومه أن يقاصوهم بأن يقطعوا طرق متجرهم ، وكان عيشهم من التجارة ، فلذلك بادروا إلى الكف عنه .
_______________
(1) وقيل اسمه: بريد- ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح.
(2) أي وادي مكة – فتح الباري
(3) لأنه عرف أن قومه يؤذون من يقصده أو يؤذونه بسبب قصد من يقصده ، أو لكراهتهم في ظهور أمره لا يدلون من يسأل عنه عليه ، أو يمنعونه من الاجتماع به ، أو يخدعونه حتى يرجع عنه – فتح الباري
(4)كأنه كان يعرف علامات النبي ، فلما تحققها لم يتردد في الإسلام – فتح الباري
(5) أي بكلمة التوحيد ، والمراد أنه يرفع صوته جهارا بين المشركين – فتح الباري
(6) صحيح البخاري (3648)
(7) فتح الباري – بتصرف

ام البراء 02-22-2013 08:45 PM

إسلام سعيد بن زيد -رضي الله عنه- (1)
عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال :
( والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر ..) (2)
سعيد بن زيد –رضي الله عنه-:
أبوه : زيد بن عمرو بن نفيل .(3)
( وإن عمر لموثقي على الإسلام ) أي ربطه بسبب إسلامه إهانة له وإلزاما بالرجوع عن الإسلام .
وكأن السبب في ذلك أن سعيد بن زيد كان زوج فاطمة بنت الخطاب أخت عمر وكان إسلام عمر متأخرا عن إسلام أخته وزوجها. (4)
__________________
(1)بوّب البخاري في صحيحه: باب إسلام سعيد بن زيد -رضي الله عنه-وذكر فيه هذا الحديث.
(2)البخاري (3649)
(3)سبق الكلام عنه
(4)فتح الباري (باختصار)

ام البراء 02-24-2013 05:17 PM

قصة إسلام حمزة –رضي الله عنه-
قال ابن إسحاق : حدثني رجل من أسلم ، كان واعية :
( أن أبا جهل مرَّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند الصفا، فآذاه وشتمه ، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه ، والتضعيف لأمره ؛ فلم يكلمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، ومولاة لعبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة في مسكن لها تسمع ذلك ، ثم انصرف عنه فعمد إلى ناد من قريش عند الكعبة ، فجلس معهم .
فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- أن أقبل متوشحا قوسه ، راجعا من قنص له ، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له ، وكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة ، وكان إذا فعل ذلك لم يمر على ناد من قريش إلا وقف وسلم وتحدث معهم ، وكان أعزّ فتى في قريش ، وأشد شكيمة . فلما مرّ بالمولاة ، وقد رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إلى بيته..
قالت له : يا أبا عمارة ، لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام، وجده هاهنا جالسا فآذاه وسبه ، وبلغ منه ما يكره ، ثم انصرف عنه ولم يكلمه محمد -صلى الله عليه وسلم- .

فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله به من كرامته ، فخرج يسعى ولم يقف على أحد ، مُعِدًّا لأبي جهل إذا لقيه أن يوقع به ؛ فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم ، فأقبل نحوه ، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجه شجة منكرة ..
ثم قال : أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول ؟ فرُدَّ ذلك علي إن استطعت .
فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل ..
فقال أبو جهل : دعوا أبا عمارة ، فإني والله قد سببت ابن أخيه سبا قبيحا .
وتم حمزة - رضي الله عنه- على إسلامه ، وعلى ما تابع عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- من قوله . فلما أسلم حمزة عرفت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع ، وأن حمزة سيمنعه ، فكفوا عن بعض ما كانوا ينالون منه .) (1)

ملاحظة: قصة إسلام حمزة –رضي الله عنه- هذه – على شهرتها وشيوعها في كتب السيرة- لم تثبت بطرق صحيحة في كتب الحديث، ذكر ذلك الشيخ محمد بن عبد الله العوشن في كتابه: ماشاع ولم يثبت في السيرة النبوية، فليراجع .
___________
(1) القصة مذكورة في كتاب: سيرة ابن هشام ومختصر سيرة الرسول-صلى الله عليه وسلم-للشيخ محمد بن عبد الوهاب والبداية والنهاية لابن كثير وغيرها.

ام البراء 02-25-2013 08:55 PM

إسلام عمر بن الخطاب -رضي الله عنه – (1)
- عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال :
ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر . (2)

- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما أسلم عمر اجتمع الناس عند داره..
وقالوا: صبا عمر.
وأنا غلام فوق ظهر بيتي فجاء رجل عليه قباء من ديباج ..
فقال: قد صبا عمر فما ذاك؟ فأنا له جار.
قال: فرأيت الناس تصدّعوا عنه .
فقلت: من هذا ؟
قالوا: العاص بن وائل . (3)

- قصة عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- مع سواد بن قارب (4)
عن عبد الله بن عمر قال: ما سمعتُ عمر لشيء قط يقول: إني لأظنه كذا إلا كان كما يظن.
بينما عمر جالس إذ مر به رجل جميل..
فقال: لقد أخطأ ظني أو إن هذا على دينه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم... عليّ الرجل.
فدُعي له، فقال له ذلك..
فقال: ما رأيت كاليوم استُقبل به رجل مسلم .
قال: فإني أعزم عليك إلا ما أخبرتني .
قال: كنتُ كاهنهم في الجاهلية .
قال: فما أعجبُ ما جاءتك به جِنِّيَّتُك؟
قال: بينما أنا يوما في السوق جاءتني أعرف فيها الفزع..
فقالت: ألم تر الجن وإبلاسها.. ويأسها من بعد إنكاسها.. ولحوقها بالقلاص وأحلاسها.
قال عمر : صدق بينما أنا نائم عند آلهتهم، إذ جاء رجل بعجل فذبحه، فصرخ به صارخ لم أسمع صارخا قط أشد صوتا منه يقول: يا جليح.. أمر نجيح.. رجل فصيح.. يقول لا إله إلا الله..
فوثب القوم، قلت : لا أبرح حتى أعلم ما وراء هذا ثم نادى يا جليح.. أمر نجيح.. رجل فصيح.. يقول: لا إله إلا الله، فقمتُ فما نشبنا أن قيل: هذا نبي . (5)


قوله : ( إذ مر به رجل جميل ) هو سَواد بن قارب.
قوله : ( لقد أخطأ ظني أو على دين قومه في الجاهلية أو لقد كان كاهنهم ) وحاصله أن عمر ظن شيئا مترددا بين شيئين .. كأنه قال : هذا الظن إما خطأ أو صواب فإن كان صوابا فهذا الآن إما باق على كفره وإما كان كاهنا ، وقد أظهر الحال القسم الأخير.
( عليّ الرجل ) أي أحضروه إلي وقربوه مني .
( فقال له ذلك ) أي ما قاله في غيبته من التردد .
( ما رأيت كاليوم ) أي ما رأيت شيئا مثل ما رأيت اليوم .
( فإني أعزم عليك إلا أخبرتني ) أي ما أطلب منك إلا الإخبار .
(كنت كاهنهم في الجاهلية ) الكاهن الذي يتعاطى الخبر من الأمور المغيبة ، وكانوا في الجاهلية كثيرا .
( أعرف فيها الفزع ) أي الخوف .
( ألم تر الجن وإبلاسها ) والمراد به اليأس ضد الرجاء.
(ويأسها من بعد إنكاسها ) اليأس ضد الرجاء والإنكاس الانقلاب ، قيل: معناه أنها يئست من استراق السمع بعد أن كانت قد ألفته ، فانقلبت عن الاستراق قد يئست من السمع.
( ولحوقها بالقلاص وأحلاسها ) القِلاص وهي الفتية من النياق ، والأحلاس وهو ما يوضع على ظهور الإبل تحت الرحل.
( قال عمر : صدق ، بينما أنا عند آلهتهم ) ظاهر هذا أن الذي قص القصة الثانية هو عمر .
(عند آلهتهم ) أي أصنامهم .
( يا جَليح ) ومعناه الوقح المكافح بالعداوة و يحتمل أن يكون نادى رجلا بعينه .
( فما نشِبنا ) أي لم نتعلق بشيء من الأشياء حتى سمعنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خرج ، يريد أن ذلك كان بقرب مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - . (6)


ملاحظة: القصة المشهورة في إسلام عمر –رضي الله عنه- والتي فيها أنه خرج متوشحا سيفه ودخل على أخته فاطمة وزوجها ومعها الصحيفة التي فيها آيات من سورة طه...ففي هذه القصة قال الشيخ محمد بن عبد الله العوشن صاحب كتاب: ما شاع ولم يثبت في السيرة النبوية : لم تُرو – حسب علمي- بسند صحيح موصول. وذكر- جزاه الله خيرا- دراسة حديثيية لطرق هذه القصة ، فليراجع .
_________________
(1) بوّب البخاري في صحيحه : باب إسلام عمر بن الخطاب، وأورد خمسة أحاديث اخترنا منها ثلاثة.
(2) البخاري (3650)
(3) البخاري (3652)
(4) أورد البخاري هذه القصة في " باب إسلام عمر "كأنه أشار إلى أن هذه القصة كانت سبب إسلامه- ذكر ذلك الحافظ ابن حجر في الفتح .
(5) البخاري (3653)
(6) فتح الباري ابن حجر

ام البراء 03-13-2013 05:17 AM

الهجرة إلى الحبشة

( وفي السنة الخامسة: أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- أصحابه بالهجرة إلى الحبشة لما اشتد عليهم العذاب والأذى .
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- :
(إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاومخرجا مما فيه) (1)
وكانت الحبشة متجر قريش ، وكان أهل هذه الهجرة الأولى : اثني عشر رجلا وأربع نسوة .
وكان أول من هاجر إليها : عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ومعه زوجته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ، وستر قوم إسلامهم .
وممن خرج : الزبير وعبدالرحمن بن عوف وابن مسعود وأبو سلمة وامرأته - رضي الله عنهم- . خرجوا متسللين سرا ، فوفق الله لهم ساعة وصولهم إلى الساحل سفينتين للتجار ، فحملوهم إلى الحبشة ، وخرجت قريش في آثارهم حتى جاؤوا البحر، فلم يدركوا منهم أحدا .

وكان خروجهم في رجب ، فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان ، ثم رجعوا إلى مكة في شوال ، لما بلغهم أن قريشا صافوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وكفوا عنه، فلم يجدوا ما أخبروا به من ذلك صحيحا.
ثم اشتد عليهم البلاء والعذاب من قريش وسطت بهم عشائرهم ، وصعب عليهم ما بلغهم عن النجاشي من حسن جواره ،فأذن لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في
الخروج إلى الحبشة مرة ثانية
،فخرجوا .
وكان عدة من خرج في المرة الثانية : ثلاثة وثمانين رجلا - إن كان فيهم عمار بن ياسر - ومن النساء تسع عشرامرأة )
.
(2)

_____________
(1) الصحيحة مختصرة (3190)
(2) مختصرسيرة الرسول –صلى الله عليه وسلم—الشيخ محمد بن عبد الوهاب (باختصار)


ام البراء 05-10-2013 07:07 PM

حماية أبي طالب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-

(ولما رأت قريش أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتزايد أمره ويقوى ، ورأوا ما صنع أبو طالب به .مشوا إليه بعمارة بن الوليد .

فقالوا : يا أبا طالب ، هذا أنهد فتى في قريش وأجمله. فخذه وادفع إلينا هذا الذي خالف دينك ودين آبائك فنقتله ، فإنما هو رجل برجل .
فقال : بئسما تسومونني ، تعطوني ابنكم أربيه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه ؟
فقال المطعم بن عدي بن نوفل : يا أبا طالب ، قد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص منك بكل طريق .
قال :والله ما أنصفتموني ، ولكنك أجمعت على خذلاني ، فاصنع ما بدا لك .
وقال أشراف مكة لأبي طالب : إما أن تخلي بيننا وبينه فنكفيكه .فإنك على مثل ما نحن عليه أو أجمع لحربنا . فإنا لسنا بتاركي ابن أخيك على هذا ،حتى نهلكه أو يكف عنا ، فقد طلبنا التخلص من حربك بكل ما نظن أنه يخلص) .
(1)

عن عقيل بن أبي طالب قال: جاءت قريش إلى أبي طالب..
فقالوا: أرأيت أحمد يؤذينا في نادينا وفي مسجدنا فانهه عن أذانا.
فقال: يا عقيل ائتني بمحمد .
فذهبت فأتيته به..
فقال: يا ابن أخي إن بني عمك زعموا أنكتؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم فانته عن ذلك .
فلحظ رسول الله -صلى الله عليه وسلم -ببصرهإلى السماء فقال ( فذكره ) .
قال: فقال أبوطالب: ما كذب ابن أخي فارجعوا .(2)


(فاشتد أذاهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم- فحصروه وأهل بيته في الشعب، شعب أبي طالب ثلاث سنين ، وقيل سنتين ، وبعد ذلك بأشهر مات عمه أبو طالب، فنال الكفار منه أذى شديدا ، ثم ماتت خديجة بعد ذلك بيسير ، فاشتد أذى الكفار له ، فخرج إلى الطائف هو وزيد بن حارثة يدعو إلى الله تعالى)(3)
______________________
(1) مختصرسيرة الرسول –صلى الله عليه وسلم- للشيخ محمد بن عبد الوهاب
(2) قال الألباني: حسن، وأما حديث: ( يا عم والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أوأهلك دونه ما تركته ) . فليس له إسناد ثابت وقد ورد في الضعيفة (913) .
(3) زاد المعاد لابن القيم – فصل في ذكرى الهجرتين (باختصار يسير)
ملاحظة: قصة حصار بني هاشم في شعب أبي طالب مشهورة في كتب السير لكن لم أتمكن من الوقوف عليها في كتب الحديث .


الساعة الآن 07:49 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.