{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   قسم الأشرطة المفرغة (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=13)
-   -   شرح الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم ومسلمة / الشيخ إبراهيم الرحيلي (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=18890)

محمد نوفل 07-14-2010 02:55 PM

تفريغ الشريط الأول
 
تفريغ الشريط الأول

إِنّ الحمدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ ونَسْتَغْفِرُهُ ونَتُوبُ إليه، ونَعُوذُ باللهِ مِن شُرُورِ أنْفُسِنا، ومِن سَيِّئاتِ أعْمالِنا، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ، ومَن يُضْلِلْ فَلا هادِيَ لَهُ. وأشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشْهَدُ أنّ نَبِيَّنا محمّدًا عَبْدُهُ ورَسُولُهُ، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وبَارِكْ على عَبْدِكَ ورَسُولِكَ محمّدٍ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعِينَ.
أمّا بعدُ:
فإنّ طلبَ العِلْمِ وتَلَقِّيَهُ عن أهْلِهِ مِنَ الضّابِطينَ له هو أفْضَلُ ما اشْتَغَلَ بِهِ المسلمُ؛ وذلك أنّ العملَ الصحيحَ المقبولَ عندَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- مدارُهُ على العِلمِ الصحيحِ المبنيِّ على الفهمِ الصحيحِ للأدلةِ مِن كتابِ اللهِ ومِن سُنّةِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ-.
ومِنَ العلماءِ الضابطينَ الذين شَهِدَتْ لهمُ الأُمَّةُ بالضبطِ والفهمِ والتوفيقِ: الإمامُ المجدِّدُ شيخُ الإسلامِ محمدُ بنُ عبدِ الوهّابِ -رحِمَهُ اللهُ تعالى-. هذا الإمامُ الّذي أمْضَى حياتَه في طلبِ العِلمِ -أوّلًا- وتَلَقِّيهِ عَنِ الأشياخِ، ثُم قيامِهِ بالدَّعْوَةِ إلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- على منهجِ السلفِ الصالحِ = كانَتْ لَهُ غَيرةٌ عظيمةٌ على هذا الدِّينِ. ولِهذا؛ قامَ بهذه الدعوةِ المباركةِ التي لم يُقْدِمْ عليها كِبارُ العُلَماءِ في عَصْرِهِ؛ لِكثرةِ ما انتشرَ مِنَ البدعِ والضلالاتِ والشِّرْكِ الأكبرِ، ورُجوعِ الناسِ إلى الشِّركِ في هذه الجزيرةِ وفي خارِجِها.. فقامَ بدعوتِهِ المباركةِ، وقامَ بِنُصْرَةِ العقيدةِ الصّحيحةِ -بِنُصْرَةِ التَّوْحِيدِ-.
وقد وفَّقَهُ اللهُ لِقِيامِ دَعْوَتِهِ على هَدْيِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ- بأنْ بَدَأَ بالتوحيدِ كما بدأ النبي -صلّى اللهُ عليه وسَلَّمَ- دعوتَهُ بالتوحيدِ؛ فكانَ أنْ وُفِّقَ في النَّظَرِ في حالِ العَصْرِ وما هم عليه مِن حاجَتِهِم إلى التوحيد، وحُسنِ تنزيلِهِ للحُكْمِ الصَّحِيحِ المناسب لِحالِهم بِأَنْ رأى أنّ مِثْلَ ذلك المجتمعِ لا تَصْلُحُ لَهُ دعوةٌ ولا يمكنُ أنْ يُعِيدَهُ إلى الدينِ الصحيحِ إلّا الرجوعُ إلى أصولِ الدينِ.
وهذا بخلافِ ما كانتْ عليه بعضُ الدّعواتِ التي كانتْ قبلَهُ وبعدَهُ مِنَ الذين أخذوا يَتَلَمَّسُونَ الطُّرُقَ المخالِفةَ لِهَدْيِ النبي -صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ-، والمناهِجَ البِدْعِيّةَ، وطُرُقَ الفَلاسِفةِ الْمَنْطِقِيَّةَ، ومناهِجَ أهلِ الكلامِ البِدْعِيّةَ.. إلى ما كانَتْ عليه بعضُ الجماعاتِ المعاصرةِ الذين زعموا أنّ صلاحَ النّاسِ لا يكونُ إلّا بصلاحِ الحُكّامِ، فوضعوا هذه المقدّمةَ، ثُمَّ حمَّلُوا الحُكّامَ كُلَّ شيءٍ، وزعموا أنّ فسادَ النّاس بِفَسادِهِم، ثم قَعَّدُوا على هذه القاعدةِ -أو أصَّلُوا بعدَ تلك المقدّمةِ- مُقدّمةً أخرى: وأنّ صلاحَ الحكامِ لا يمكنُ، وليس هناك إلا إزالتُهم عَنِ الحُكْمِ وتنصيبُ مَن يَصْلُحُ للنّاسِ، ثُمَّ اشتغلوا بهذا الأمرِ، فجعلوا هذا هو دينَهم: طعنٌ في الحكامِ، والخروجُ، وإثارةُ النّاسِ عليهم، وتنصيبُ الحاكمِ -أو الخليفةِ- الذي سَيُعِيدُ النّاسَ إلى دينِهم وإلى عقيدتِهم.. وما زالوا يشتغلون بهذه الفتنةِ.
وأمّا هذا الإمامُ، فقد بَدَأَ دعوتَهُ بالتوحيدِ بَدْءًا بِمَن حَوْلَهُ، وقد نُقِلَ عنه أنّهُ كانَ يجلِسُ بجانبِ بعضِ مَن يدعون غيرَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، ويأتِيهِ الرَّجُلُ والرَّجُلانِ ويُوَجِّهُهُم، وما كُنّا نَسْمَعُهُ مِن بعضِ مشايِخِنا أنّهُ كانَ يَجْلِسُ بجانِبِ قَبْرِ زيدِ بنِ الخَطّابِ -وكانَ رَجُلًا لا حولَ له ولا قُوَّةَ- والنّاسُ يَفِدُونَ على قبرِ زيدِ بنِ الخَطّابِ ويدعونَهُ مِن دونِ اللهِ؛ فكانَ يَقُولُ: اللهُ خيرٌ مِن زَيْدٍ، اللهُ خيرٌ مِن زَيْدٍ.. حتى يأتي النّاسُ ويَتَعَجَّبُونَ مِن حالِهِ؛ فَيَبْدَأُ يُلَقِّنُهُمُ التّوحيدَ والعقيدةَ الصحيحةَ؛ فَعَلِمَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- واللهُ عليمٌ، واللهُ أعلمُ بحالِهِ- ما فيهِ مِن إخلاصٍ ورَغْبةٍ في الخيرِ؛ فنَفَعَ بِهِ، حتّى عَمَّتْ دَعْوَتُهُ أقْطارَ الأرضِ.
وحقيقةً، إنّ النظرَ في مثلِ دعوةِ الشيخِ وما حصلَ فيها مِن خيرٍ وبَرَكَةٍ -إنّهُ -حقيقةً- يُدْرِكُ بِهِ الإنسانُ مدى البَرَكَةِ والتَّوْفِيقِ إذا ما وَضَعَها اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِرَجُلٍ فِي دَعْوَتِهِ وفي عَمَلِهِ: كيفَ أنّ اللهَ يُبارِكُ في الدّعوةِ.
فهذا مِثالٌ واحِدٌ، وهذا دَلِيلٌ على أنّ الدَّعْوةَ إنّما تحتاجُ لعالِمٍ مُخْلِصٍ فَقِيهٍ، يَفْقَهُ دِينَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- ويدعو إليه، لا تحتاجُ إلى أموالٍ، ولا تحتاجُ إلى جَمْعِيّاتٍ، ولا تحتاجُ إلى أحزابٍ؛ وإنّما تحتاجُ إلى عالمٍ مخلصٍ يدعو إلى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ فَكَتَبَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- لِهذا الإمامِ الخيرَ والتوفيقَ.
ومِن توفيقِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لِهذا الرَّجُلِ: أنْ جَعَلَ العِلمَ في ذُرِّيَّتِهِ وفي نَسْلِهِ، مَا زالَ الخيرُ في نَسْلِ الشيخِ، حتى أصْبَحَ أبناؤُهُ يَنْتَسِبُونَ إليه؛ فأصبحَ عَلمًا، وكأَنّهُ قَبِيلَة، وكأنّهُ أُمَّةٌ لِوَحْدِهِ؛ وهذا لِرِفْعَتِهِ، ولِمَكَانَتِهِ في العِلم، ونحسبُ ذلك -واللهُ حَسِيبُهُ- أنّ هذَا- مِن إخلاصِهِ عندَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
وأهلُ السنةِ لا يَقْطَعُونَ لِرَجُلٍ بالإخلاصِ وبما في قلبِهِ، ولا يقطعون لَهُ بجنّةٍ، ولكنْ نرى مِن علاماتِ التوفيقِ والخيرِ وانتشارِ الفَضْلِ ما يَدُلُّ على كثيرٍ مِنَ الأمورِ.
ولهذا؛ نحسب أنّ الشيخَ محمدًا -رَحِمَهُ اللهُ- في دَعْوَتِهِ المباركةِ أنّهُ مِنَ المجدِّدينَ الذين جَدَّدَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِهِمْ أمْرَ الدِّينِ، وهؤلاءِ لا شَكَّ هُمْ خِيارُ النّاسِ، وهُم خيرُ الخلقِ؛ فقد أخبرَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ- أنّ مَثَلَ العُلَماءِ في هذه الأُمَّةِ كَمَثَلِ الأنبياءِ في بني إسرائيلَ.
هذا الإمامُ المجدِّدُ ما زالَ النّاسُ يَنْهَلُونَ مِن عِلْمِهِ وَمِن أقوالِهِ ومِن كلامِهِ، وهذه مِنَ البركة -أيْضًا- التي جَعَلَها اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- في كُتُبِهِ، وما زالَ النّاسُ يَدْرُسُونَها وَيُدَرِّسُونها.
ومَن قَرَأَ كُتُبَهُ عَلِمَ مدى ضَبْطِهِ -رَحِمَهُ اللهُ- لِلْعِلْمِ، وأنّهُ جَمَعَ اللهُ لَهُ بين قُوّةِ العِلمِ وقُوّةِ الضَبْطِ. فَفِيهِ شَبَهٌ كَبِيرٌ بِشَيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ-؛ فَإِنّ شيخَ الإسلامِ ابنَ تَيْمِيَّةَ -رَحِمَهُ اللهُ- جَمَعَ اللهُ لَهُ بين القُوَّتَيْنِ: بين قُوّةِ العِلْمِ، وقُوّةِ الضَبْطِ. فإنّ بعضَ النّاسِ يَعْلَمُ وليس له ضبطٌ في القولِ وليس له ضبطٌ في الكلامِ.
وكذلك الشجاعة في الصَّدْعِ بالحَقِّ -وهذا -أيْضًا- يَتَمَيَّزُ به الشيخان -رَحِمَهُمُ اللهُ-: الشّجاعة في نُصْرةِ الحقِّ-، وهذا ظاهِرٌ في مُناظِراتِ شيخِ الإسلامِ ابنِ تَيْمِيّةَ وفي قُوَّتِهِ، حتّى أنّ بعضَ مَن جَهِلَ مَقامَهُ العظيمَ في النُّصْرةِ لَرُبّما وَصَفُوهُ بالتَّشَدُّدِ وقالوا: إنّهُ فيهِ حِدّةٌ. وهذا إنّما هو مِن قُوّتِهِ في الحقِّ وفي يَقِينِهِ، وإلّا فَهُوَ أرْفَقُ النّاسِ بِالنّاسِ، وهُوَ الّذِي كانَ يقولُ -رَحِمَهُ اللهُ-: أهلُ السُّنّةِ هُمْ أعْرَفُ النّاسِ بالحَقِّ وأرْحَمُهُمْ بالخَلْقِ.
فكذلك الشيخ -رَحِمَهُ اللهُ- هو [مِن] أقْوَى النّاسِ، ومَعَ هذا فيه رَحْمَةٌ -أعني الشيخَ محمدًا-؛ فهو الذي يَصْدَعُ بالحَقِّ، وهو الذي يجاهِدُ عليه، وهو الذي يَمِيلُ إلى خُصُومِهِ، ويقولُ: مَن كان منهم مالِكِيًّا أو شافِعِيًّا أو حَنَفِيًّا أو حَنْبَلِيًّا ناظَرْتُهُ بِكلامِ أئِمَّتِهِ. بعدَ أنْ يُقَرِّرَ عليهم الأدِلّةَ مِنَ الكتابِ والسُّنّةِ. ويقولُ: نحنُ لا نُقاتِلُ إلّا ما أجمعَ المسلمونَ على قِتالِهِ، ولا نُكَفِّرُ إلّا ما أجْمَعَ المسلمونَ على تَكْفِيرِهِ. فهذِهِ مِن رِفْقِهِ، ومِن صَبْرِهِ، ومِن تَحَمُّلِهِ، ومِن إِزالَتِهِ لِلشُّبَهِ عَنِ النّاسِ، وأنّهُ ليس بصاحِبِ بِدْعةٍ -كما رَماهُ خُصُومُهُ أنّهُ دِينٌ جَدِيدٌ، وَمَذْهَبٌ خامِسٌ-؛ بَلْ هو مُتَّبِعٌ لِمَنْ قَبْلَهُ مِن أهْلِ العِلْمِ.
لا نُرِيدُ الإطالةَ وَقَدْ تَأَخَّرْنا في الوقتِ؛ وإنّما نبدأُ في قِراءةِ هذه الرّسالةِ التي جَمَعَها الشيخُ عبدُ اللهِ بنُ إبراهيمَ القَرْعاوِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ- مِن كلامِ الإمامِ الْمُجَدِّدِ شيخِ الإسلامِ محمدِ بنِ عبدِ الوهّابِ -رَحِمَهُ اللهُ-، وهي الرّسالةُ العَظِيمةُ المعروفَةُ بِـ((الواجِباتِ الْمُتَحَتِّماتِ...))، وقَدْ لاقَتْ هذه الرسالةُ قَبُولًا عندَ طُلّابِ العِلْمِ؛ لِكَوْنِها مِن جَمْعِ كلامِ شيخِ الإسلامِ محمّدِ بنِ عبدِ الوهّابِ، وَلِحُسْنِ -أيْضًا- مَا انْتَقاهُ الجامِعُ -رَحِمَهُ اللهُ- مِن كلامِ الشيخِ في هذه الرّسالةِ، فَنَبْدَأُ بِقراءَتِها، ونَسْأَلُ اللهَ التّوفيقَ.
وأمّا الشيخُ محمدٌ فَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ التّعْرِيفِ، ومَكانَتُهُ مَعْرُوفةٌ عندَ النّاسِ، وَلَعَلَّ تَأَخُّرَنا في الوقتِ سببٌ في أنّا تَرَكْنا بعضَ ما نريدُ أنْ نقولَهُ، فنسألُ اللهَ التوفيقَ للجميعِ، ونبدأُ في قِراءةِ هذه الرسالةِ.
[المتنُ]
الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ مَعْرِفَتُهَا
وَهِيَ: مَعْرِفَةُ الْعَبْدِ رَبَّهُ، وَدِينَهُ، وَنَبِيَّهُ مُحَمَّدًا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟
فَقُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعْمَتِهِ، وَهُوَ مَعْبُودِي لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ.
وَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا دِينُكَ؟
فَقُلْ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ؛ وَهُوَ: الاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ، وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ، وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.
وَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ نَبِيُّكَ؟
فَقُلْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ، وَهَاشِمٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ مِنَ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ مِنْ ذُرِّيَّةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ -عَلَيْهِمَا وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ-.
[الشّرْحُ]
هذه الجُمْلةُ مِن كلامِ الإمامِ المجدّدِ -رَحِمَهُ اللهُ- في الأُصُولِ الثّلاثةِ، وهي الْمَشْهُورةُ مِن كلامِ الشّيخِ في رِسالَتِهِ ((الأُصُولِ الثّلاثةِ)).
قَالَ: ((الْأُصُولُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ وَمُسْلِمَةٍ مَعْرِفَتُهَا)).
وهذا دَلِيلٌ على أنَّ هذا مِن العِلْمِ الواجِبِ الْمُتَعَيِّنِ على كُلِّ مُسْلِمٍ ومُسْلِمَةٍ.
والعِلْمُ عِلْمانِ بِاعْتِبارِ دَرَجَةِ الْمَشْرُوعِيَّةِ:
عِلْمٌ واجِبٌ مُتَعَيِّنٌ على كُلِّ مُسْلِمٍ ومُسْلِمةٍ، وهو الذي قَصَدَهُ الإمامُ هُنا.
وعِلْمٌ نَفْلٌ مُسْتَحَبٌّ يَتَعَيَّنُ على بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ أنْ يَتَعَلَّمُوهُ ويُبَيِّنُوهُ لِلنّاسِ، وهُوَ مُسْتَحَبٌّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، لَكِنَّهُ يَتَعَيَّنُ على بَعْضِهِمْ؛ فَإِنّ فُرُوضَ الكِفاياتِ تَتَعَيَّنُ على بعضِ المسلمينَ تَعَيُّنًا يَجِبُ على المسلمينَ أنْ يَقُومُوا بِهِ، فهو في حَقِّهِمْ مِن فُرُوضِ الكِفاياتِ -لَا بُدَّ أنْ يُتَعَلَّمَ-، كما قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ((مَا أَنْزَلَ اللهُ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللهِ إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ تُعْلَمَ))، فهذا العِلْمُ هو مِنَ العِلْمِ النَّفْلِ، الّذِي يَجِبُ على المسلمينَ، كُلُّ مسلمٍ قادِرٍ على هذا العِلْمِ مُخاطَبٌ بِهِ، فإذا تَرَكَهُ النّاسُ فإِنّهُ يَتَعَيَّنُ على بعضِ أفْرادِهِمْ على سَبِيلِ فُرُوضِ الكِفاياتِ الّتِي يَجِبُ على المسلمينَ أنْ يَقُومُوا بها؛ حَتَّى يُنْقَلَ هذا العِلْمُ ويَبْقَى في النّاسِ -لِلْعَمَلِ بِهِ-.
فهذه المسائِلُ وهذه الأُصُولُ الثّلَاثةُ يَجِبُ على كُلِّ مسلمٍ أنْ يَعْلَمَها، وهي الأُصُولُ العَظيمةُ الّتِي يُسْأَلُ عنها [الإنْسانُ] في قَبْرِهِ، ومِن تَوْفِيقِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لِهذا الإمامِ أنْ وَفَّقَهُ لِلتَّنْبِيهِ على هذه الأُصُولِ.
وهَذِهِ الأُصُولُ الثلاثةُ عليها مَدارُ العَقِيدَةِ، مَدارُ العَقِيدَةِ ومَرْجِعُها إلى هذه الأُصُولِ. وَلِهذا؛ جاءَ في بعضِ الأحاديثِ أنّهُ يُسْأَلُ عَنْ هذه المسائِلِ الثّلاثِ: مَنْ رَبُّكَ، وما دِينُكَ، ومَنْ نَبِيُّكَ. وجاءَ في بَعْضِها أنّهُ يُسْأَلُ عَنِ الإيمانِ. قالَ بعضُ العُلَماءِ: هذه هِيَ الإيمانُ. وقالَ بَعْضُهُم: يُسْأَلُ عنها، وعَنِ الإيمانِ.
ومَن تَأَمَّلَ العَقِيدَةَ الصَّحِيحةَ وَجَدَها تَرْجِعُ إلى هذه المسائِلِ وإلى هذه الأُصُولِ؛ فهذه العَقِيدةُ: إمّا عَقِيدةٌ في الرَّبِّ الْمَعْبُودِ، وإمّا عَقِيدةٌ بالنَّبِيِّ الْمُرْسَلِ -مَا نَعْتَقِدُ فِيهِ-، وإمّا عَقِيدةٌ بِما جاءَ بِهِ -وهُو الدِّينُ-.
ولِهذا؛ مَن كانَ على دِينٍ صَحِيحٍ وعلى عَقِيدةٍ صَحِيحةٍ، فإنّهُ يُرْجَى لَهُ أنْ يُوَفَّقَ للإجابةِ عليها.
قالَ: ((فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟)). وهذه مِن طَرِيقةِ الشَّيْخِ -رَحِمَهُ اللهُ- في مُخاطَبةِ النّاسِ، وكانَ النّاسُ في جَهْلٍ، وَكَانَتِ الْعُصُورُ الّتِي دعا فيها الشيخُ إلى دَعْوَتِهِ غَلَبَ عليها العامِيّةُ والجَهْلُ عندَ كَثِيرٍ مِنَ النّاسِ؛ فَهُوَ يَتَنَزَّلُ مَعَهُم في الخِطابِ.
وهذا فيهِ تَنْبِيهٌ على تَنَزُّلِ العُلَماءِ لِلْعَامّةِ في خِطابِهم، خِلافًا لِما عليه بعضُ الْمَغْرُورِينَ -الآنَ- الذي يُظْهِرُ فَصاحَتَهُ وبَلاغَتَهُ، ويَتَقَعَّرُ في الكلامِ، ويَأْتِي بِغَرائِبِ الألْفاظِ؛ حَتّى يُظْهِرَ لِلنّاسِ قُوَّتَهُ.
فهذا الرَّجُلُ مَعَ قُوَّتِهِ وَبَلاغَتِهِ ومَدَى قُدْرَتِهِ على الكَلامِ مِمَّا هو ظاهِرٌ في كُتُبِهِ، يَتَنَزَّلُ لِلنّاسِ بهذه العِباراتِ السَّهْلةِ الْمَعْرُوفةِ.
((فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ؟)): على سَبِيلِ السُّؤالِ؛ حَتَّى يَكُونَ أدْعَى لِلتَّشْوِيقِ، ويكونَ هُناكَ اسْتِعْدادٌ لِلْإِجابةِ. ((فَقُلْ: رَبِّيَ اللَّـهُ)). هذا السُّؤالُ، وهذه هي الإجابةُ: إذا سُئِلْتَ: مَنْ رَبُّكَ؟ فأجِبْ بِقَوْلِكَ: رَبِّيَ اللهُ.
وهذا فيه تَقْرِيرٌ لِلرُّبُوبِيّةِ وَالْأُلُوهِيّةِ.
((إِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ رَبُّكَ))، سُئِلْتَ: مَنْ رَبُّكَ؟ ((فَقُلْ: رَبِّيَ اللهُ)).
(الرَّبُّ) هو الخالِقُ، وهو في اللُّغةِ: السَّيِّدُ الْمُطَاعُ، وهو الذي يُصْلِحُ غَيْرَهُ.
و(الرَّبُّ) مُعَرَّفًا لا يُطْلَقُ إِلّا على اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- كما قالَ العُلَماءُ-.
وَمِن أسْماءِ اللهِ: الرَّبُّ. وقد وَرَدَ مُضافًا: رَبُّ العَالَمِينَ، رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ.
((فَقُلْ: رَبِّيَ اللَّهُ)). وَ(اللَّهُ) هو الاسْمُ العَظِيمُ الَّذِي يُخْبَرُ بِالأسْماءِ عَنْهُ -كما ذَكَرَ العُلَماءُ-، يُخْبَرُ عَنِ الأسْماءِ بِهذا الاسْمِ؛ يُقالُ: أسْماءُ اللهِ. ولا يُقالُ: أسْماءُ الرَّحِيمِ، أسْماءُ العَزيزِ..
فهذا دَلِيلٌ على إثْباتِ الرُّبُوبِيَّةِ والْأُلُوهِيَّةِ.
((رَبِّيَ اللَّهُ الَّذِي رَبَّانِي وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ بِنِعْمَتِهِ)). ((الَّذِي رَبَّانِي)) أيْ: أوْجَدَنِي ورَزَقَنِي، وهذه مِنَ التَّرْبِيةِ والإخْلاصِ؛ فإنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- أصْلَحَ حالَ النّاسِ وشَأْنَهُم. وَلِهذا؛ العُلَمَاءُ يَذْكُرُونَ نِعْمَتَيْنِ مِنَ الرَّبِّ -عَزَّ وَجَلَّ- لِعِبادِهِ: نِعْمَةَ الإيجادِ، وَنِعْمَةَ الإمْدادِ. فَنِعْمَةُ الإيجادِ أنْ خَلَقَهُم مِنَ العَدَمِ، وَنِعْمَةُ الإمْدادِ أنْ رَزَقَهُم وأنْعَمَ عَلَيْهِم بما تَقُومُ بِهِ حياتُهُم وتَسْتَمِرُّ.
((وَرَبَّى جَمِيعَ الْعَالَمِينَ)). وَ(الْعَالَمِينَ) هو كُلُّ ما سوى اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، كُلُّ ما سوى اللَّهِ فَهُوَ عالَـمٌ مَخْلُوقٌ. واللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هو الخالِقُ لِهذا العالَم. والعَوالِمُ كَثِيرَةٌ، وكُلُّها مَخْلُوقةٌ، واللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- هو الخالِقُ لَها: عالَمُ الْمَلائِكةِ، وعالَمُ الجِنِّ، وعالَمُ الإنْسِ، وعالَمُ البَهائِمِ، وعالَمُ الطُّيُورِ، وعالَمُ الْمَخْلُوقاتِ مِنَ الجَماداتِ.. وغَيْرُها، فهي عوالِمُ، وكُلُّها مَخْلُوقَةٌ.
ويُطْلَقُ (العالَمُ) إطْلاقًا خاصًّا على مَن يَعْقِلُ، وقد يُطْلَقُ على مَن خُوطِبَ بِالشَّريعةِ، كما أنّ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- أرْسَلَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِرِسالَتِهِ وَبِدَعْوَتِهِ مُخاطِبًا بِهِ عامّةَ الْخَلْقِ -كمَا يُعَبَّرُ بِهَذا-، أي: عامّة الإنْسِ والجِنِّ.
((بِنِعْمَتِهِ)). ونِعَمُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَظِيمةٌ، والْمَقْصُودُ بِـ((نِعْمَتِهِ)) أي: بِنِعَمِهِ؛ كما قالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا}؛ فليسَ المقصودُ أنّها نِعْمةٌ واحِدةٌ، وإنّما هي نِعَمٌ مُتَعَدِّدةٌ.
قالَ: ((وَهُوَ مَعْبُودِي)) أي: الذي أعْبُدُهُ؛ فالعَبْدُ عابِدٌ، والرَّبُّ مَعْبُودٌ بِحَقٍّ.
((لَيْسَ لِي مَعْبُودٌ سِوَاهُ))، هذا قَوْلُ كُلِّ مسلمٍ: ليس لَهُ مَعْبُودٌ سوى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-.
هذا هو الأصْلُ الأوَّلُ، وهو السُّؤالُ: مَنِ الرَّبُّ؟
وكانَتْ هذه الكَلِماتُ العَظِيمةُ هي مُعِبَّرةً عَنْ هذه العقيدةِ، وفيها اعترافٌ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- بِالرُّبُوبِيَّةِ والْأُلُوهِيَّةِ، والاعترافُ لَهُ بِالنِّعَمِ. لاحِظُوا هذه الكَلِماتِ وما اشْتَمَلَتْ عليه.
وهذا الكلامُ شَبِيهٌ بِكلامِ السَّلَفِ: في وَجازَتِهِ، وَعِظَمِ اشْتِمالِهِ على كَثِيرٍ مِنَ الْمَعاني الّتي يَضْعُفُ كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ عَن إيرادِها الآنَ في كَثِيرٍ مِنَ الكلامِ، وفي مُطَوَّلاتٍ مِنَ الكُتُبِ.. فإنّ الشيخَ اخْتَصَرَها في هذه الكلماتِ.
ولِهذا، الشيخُ محمدٌ -وهذا يَعْرِفُهُ كُلُّ مَن عَرَفَ مدى دِقّةِ الْمُصَنِّفِينَ في الكلامِ- معروفٌ بِدِقّةِ كلامِهِ، وهُو مِنَ العُلَماءِ الّذين يُقالُ فيهم: كُلُّ كَلِمةٍ وكُلُّ لَفْظةٍ في كَلامِهِ لَها معنًى. بِخِلافِ ما عليه بعضُ الناسِ -الآنَ-: يَتَكَلَّمُ، ولَوْ تَأَمَّلْتَ في كلامِهِ لَرُبَّما قُلْتَ: لو أنّهُ اسْتَغْنى عَن هذه الكَلِمةَ لَكانَ طَيِّبًا؛ لأنّهُ لا يَحْتَاجُ إِلَيها في المعنى.. وهذه الكَلِمةُ لو غُيِّرَتْ، وهذه الكَلِمَةُ لو بُدِّلَتْ.. لَكِنَّ الشيخَ -رَحِمَهُ اللهُ- تَمَيَّزَ بِدِقّةِ العِبارةِ، وبِاخْتِصارِ الكَلامِ، وهذا -كَمَا قُلْتُ- يعني أنّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- جَمَعَ لَهُ بين دِقَّةِ الفَهْمِ، ودِقّةِ الضَبْطِ في التَّعْبِيرِ عَنِ العِلْمِ الذي يُرِيدُهُ.
قالَ: ((فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا دِينُكَ؟ فَقُلْ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ)).
وهذا السُّؤالُ الثّانِي، السُّؤالُ عَنِ الدِّينِ الذي يَدِينُ بِهِ المسلِمُ.
قالَ: ((فَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَا دِينُكَ؟ فَقُلْ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ))؛ فـ(الإسلامُ) هو الدِّينُ الذي خُوطِبْنا بِهِ، وهذا دِينُ كُلِّ مَن خُوطِبَ بِشَرِيعةِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ-.
ولَكِنَّ النّاسَ لم يَتَّخِذُوا هذا الإسلامَ دِينًا، ليسَ كُلُّ النّاسِ اتَّخَذُوا هذا الإسلامَ دِينًا. ولِهذا؛ المؤمنُ الآن هو يعبِّر بأنّ الدِّينَ الذي شُرِعَ لنا هو الدّين الذي أتَدَيَّنُ به، وهذا له أثَرٌ عَظِيمٌ في تَوْفِيقِ المسلِمِ للإجابةِ -إنْ شاءَ اللهُ- عندَ سُؤالِ الْمَلَكَيْنِ له في القَبْرِ.
((فَقُلْ: دِينِيَ الْإِسْلَامُ)). وهذا الذي يَجِبُ على كُلِّ مسلِمٍ أنْ يَنْتَسِبَ إليه: أنْ يَنْتَسِبَ إلى الإسلامِ ولا يَنْتَسِبَ لِغَيْرِهِ. ولِهذا؛ قال السلفُ: مَنِ انْتَسَبَ لِغَيْرِ الإسلامِ فانسُبْهُ إلى أَيِّ دِينٍ شِئْتَ. قال بَعْضُهُم: أيْ: إلى اليَهُودِيّةِ أوِ النَّصْرَانِيّةِ.
ثُمَّ عَرَّفَهُ: ((وَهُوَّ الاسْتِسْلَامُ لِلَّهِ بِالتَّوْحِيدِ)): اسْتِسْلَامُ القَلْبِ وانْقِيادُهُ لِلَّهِ بالتَّوْحِيدِ. ((وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ)): انْقِيادُ الجَوارِحِ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- بالطّاعةِ. ((والْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ)).
إذن؛ هُنا ثلاثُ مَسائِلَ: اسْتِسْلامٌ بِالقَلْبِ، وانْقِيادٌ بِالجَوارِحِ، وبَراءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ وَأَهْلِهِ.
ودينُ الإسلامِ مَبْناهُ على هذا: مَبْناهُ على اعْتِقادِ القَلْبِ، وعَمَلِ الجَوارِحِ، والبَرَاءَةِ مِنَ الْمُخَالِفِينَ -الْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ-.
أصْلُ البَرَاءَةِ: البراءةُ مِنَ الشِّرْكِ، ثم تَحْتَها فُرُوعٌ: البراءةُ مِن أهْلِ البِدَعِ، البراءةُ مِنْ أهْلِ المعاصي.. لَكِنّها مُتَفاوِتَةٌ في مَعانِيها، وأصْلُها: البراءةُ مِنَ الشِّرْكِ. وَأَصْلُ الوَلاءِ: الوَلاءُ للمُسْلِمِ الكامِلِ ولِلْمُؤْمِنِ الكامِلِ، ثُمَّ هُناكَ وَلاءٌ بحَسَبِ ما في الرَّجُلِ مِنَ الإسْلامِ والإيمانِ.
((وَإِذَا قِيلَ لَكَ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فَقُلْ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ...)) إلى آخِرِ ما ذَكَرَ مِن نَسَبَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ-.
وهذا فيهِ تَقْرِيرٌ لِلْأَصْلِ الثّالِثِ، وهُوَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ-.
وإنّما ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ نَسَبَ النبيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهُوَ لا يَخْفَى ولا يُشْكِلُ عَلَى أحَدٍ- لِمَسْأَلَةٍ مُهِمّةٍ؛ وهو أنّ بَعْضَ النّاسِ في القديم قَالَ: لو قِيلَ لِفُلانٍ: مَنْ نَبِيُّكَ؟ فقالَ: نَبِيِّي مُحَمَّدٌ، ولا أعْلَمُ مَنْ مُحَمَّدٌ، وأيْنَ بُعِثَ، وهل هو العَرَبِيُّ أم لا.. قالُوا: فإنَّهُ لا يَكُونُ مُسْلِمًا بهذا.
ولِهذا؛ لَا بُدَّ لِلْمُسْلِمِ أنْ يَعْتَقِدَ أنّ نَبِيَّهُ هو مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، مِن هاشِمٍ، مِن قُرَيْشٍ، الّذِي بُعِثَ في مَكَّةَ وَهاجَرَ إلى الـمَدِينةِ. لا بُدَّ مِن مَعْرِفةِ ما يَتَمَيَّزُ به هذا النبيُّ -صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّمَ- عَنْ غَيْرِهِ، لا بُدَّ مِن معرفة هذا. ولهذا؛ لا بُدَّ أنْ يَعْرِفَ المسلمُ مِن سِيرةِ النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ- ما يَتَمَيَّزُ به هذا النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ- عَن غَيْرِهِ، وإلّا؛ فلا يكونُ مُعْتَقِدًا لِبَعْثَتِهِ حتى يَعْرِفَ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم-، ويَعْرِفَهُ بِنَسَبِهِ إلى أنْ يَتَمَيَّزَ بِهِ عَن غيرِهِ؛ حَتّى يكونَ على الإسلامِ.
إلى آخِرِ ما ذَكَرَ -رَحِمَهُ اللهُ-، ونَتَوَقَّفُ عندَ هذهِ المسألةِ.
هذا واللهُ أعْلَمُ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ على عَبْدِهِ ورَسُولِهِ مُحَمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصَحْبِهِ أجْمَعِينَ.

عمارالفهداوي 07-14-2010 11:02 PM

الاخ محمد عماد نوفل جزاك الله خيرا انت والاخت ام زيد أرجوا من احدكما أو أي اخ ان ينسق لنا هذا التفريغ بعد إكمال هذا العمل المبارك الذي أسأل الله تعالى أن يثيب كل من شارك وسيشارك فيه آمين يارب.........

محمد نوفل 07-15-2010 11:38 AM

وأنت كذلك -أخي الكريم-، وأنا مبدٍ استعدادي لتنسيقه بأبهى حِلّة -إن شاء الله تعالى ووفق-...

عمارالفهداوي 07-15-2010 07:08 PM

ننتظر ذلك منك وأسأل الله تعالى أن يجعله في ميزان حسناتك بمنه وكرمه آميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــن ...........

محمد نوفل 07-16-2010 11:07 PM

ولأكون أكثر تعاونًا ونفعًا؛ فإني سأفرّغ الشريط الثالث -إن شاء الله تعالى-، وسأترك تفريغ القسم الثاني من الشريط الثاني لأم زيد؛ فلا أدري: ربما تكون قد بدأت به...

محمد نوفل 07-17-2010 07:21 PM

أرى أن يكون التفريغ -حاليًّا- كاملا، فليت أم زيد -وفقها الله- تفرغ الشريط كاملا مع الأسئلة، ثم إذا انتهينا -بعون الله وتوفيقه ومشيئته- وأردتُ تنسيق الموضوع، فلعلي أفصل الأسئلة عن الشرح -خاصة إذا ما كانت غير ذي صلة بالشرح-... ولعل الشيخ -حفظه الله- يسعدنا بمراجعة الشرح -أو الاطلاع عليه والموافقة على نشره -على الأقل-، كما صنع -ويصنع- الشيخ عبد الرزاق العباد -حفظه الله تعالى-، لكنا نحتاج لتعاون طلابه والمقرّبين منه أو المتواصلين معه... بوركتم.

عمارالفهداوي 07-19-2010 09:51 PM

نحن بأنتظار اكتمال تفريغ هذا الشرح المبارك مع النسيق وأسأل الله عز وجل التمام .......

محمد نوفل 07-20-2010 12:53 PM

أبشر -أخي الكريم-، واليوم -بإذن الله- سأنزل تفريغ الشريط الثالث؛ فصبرًا عليَّ -إخواني-...

أبو مسلم السلفي 07-20-2010 01:46 PM

جزاكم الله الجنة

عمارالفهداوي 07-20-2010 08:06 PM

جزاكم الله الجنة والحور العين وأثابكم على هذا الصنيع الذي أسأله عز وجل أن يجعله في ميزان حسناتكم


الساعة الآن 02:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.