{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   المنبر الإسلامي العام (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   طموح الطالب الى اسمى المراتب (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=70644)

د. عماد البعقوبي 12-08-2016 01:10 AM

طموح الطالب الى اسمى المراتب
 
كـــتـــاب وســـــــنّـــة بفهم سلف الأُمّة الاتّـباع سفينة الـــنجــاة والطريق إلى رضا الله


طُّمُوْحُ الطَّالِبِ إِلَى أَسْمَى الْمَرَاتِبِ

عماد بن خليفة الداينيّ
البعقوبيّ



جُمادَى الأُولَى - 1436 هـ








المحتوَى
الموضوع
رقم الصفحة
البسملة
2
المحتوى
3
مقدّمة
4
معنى الطموح
7
التقدّم والتأخّر في الحياة
10
الطموح يـُحَدِّد مسار الحياة
13
الطموح والنجاح
18
الطموح والعقبات
282
الطموح والمسؤوليّة
24
الطموح وبلوغ الغاية
26
الطموح الصادق
37
كلمة أخيرة
39
الخاتمة
45
المصادر
36




























بسم الله الرحمن الرحيم
مقدِّمة
إنّ الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله صلَّى الله وسلّم تسليما كثيرا عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين وأهل السنّة إلى يوم الدين.
أمّا بعد:
إنّ من الأمراض التي أُصيبَ بها الناس اليوم هو ضعف الغاية، وقصور الهمّة في أمر الدين، والاستعداد للآخرة، فظهر الجشع والطمع، وغدا الناس في شحٍّ مطاع، وهوىً متَّبع، وإعجاب كلِّ ذي رأي برأيه، فكان أكثرهم شديدي الحرص على شؤون الدنيا، يصاحبه غفلة وكسل وخمول في شؤون الدين، حتَّى أنّك تجد كثيرًا ممّن كان العلم وجهته، والدعوة وظيفته، والفوز برضَى الله غايته عاد أدراجه حتَّى صار أسوأ حالا ممَّن كان يروم دعوتهم، ويتمنَّى إصلاحهم، فصار أشدَّ من العوامّ غفلة، وأكثر من الجهّال إعراضًا.
فهو يعلم من داخله أنّه مقصّر، ومتهاون، وقد شغلته الشواغل عمّا كان فيه، حتَّى وإن وجد لنفسه المبرّرات، والمسوّغات إلا أنّه يعلم تقصيره، وانشغاله بغير وظيفته الحقيقيّة.
وعند النظر والبحث في حال الناس يتبيّن أنّ الأدواء كثيرة، والأسباب عديدة، وأنّ أحد هذه الأدواء هو فقدانهم للطموح، أو اكتفاؤهم من الطموح بأيسر الأشياء، وأتفه المطالب، فصار الواحد منهم يرضَى من الحياة بأن يأكل كما يأكل البعير، وأن ينام كما ينام الأموات، لا همّ له، ولا شغل يشغله، فكأنّه ظنّ أنّ هذه الدنيا دار المقامة فاتخذها قرارًا.
فأردت أن أنبّه نفسي وإخواني لهذا الداء لنحذره، ونقطع أسبابه، فنحيا أعزاء في ديننا، أقوياء في دعوتنا، والله من وراء القصد وهو حسبنا ونعم الوكيل.
أبو عبد الله
عماد بن خليـفة البعقوبيّ
بعقوبة صباح يوم الثلاثاء
26 جُمادَى الأُولَى 1436 هـ
معنى الطموح
قبل أن نأخذ في الحديث عن الطموح أحببت أن أقف قليلا عند معناه، فقد جاء في معجم الكلمة اللغويّ: أنّ الطَّاءُ وَالْمِيمُ وَالْحَاءُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى عُلُوٍّ فِي شَيْءٍ، فيُقَالُ: طَمَحَ بِبَصَرِهِ إِلَى الشَّيْءِ، أي: عَلَا ([1])، ومنه قيل هِمَّة طَمُوح، أي: مستَشْرِفَةٌ إِلَى مَعالِي الأُمُور ([2])، وَيُقَال طمح إِلَى الْأَمر، أي: تطلَّع إليه واستشرف ([3]).
هذا ما أفادتنا به المعجمات العربيّة في المعنَى الاصطلاحيّ للطموح، ومن خلاله نستطيع أن نقول: بأنّ الطموح: هو تطلّع النفس إلى المنازل العالية، وتشوّقها إلى المراتب الفاضلة.
التقدّم والتأخّر في الحياة
إنّ الناس في هذه الحياة بين حالين: إمّا أن يتقدّم إلى الأمام، وإمّا أن يتأخّر إلى الوراء، قال الله جلّ وعلا: )لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ( ([4])، فلا خيار هنا في الوسط، فلم يذكر الوقوف، أو المراوحة في المكان نفسه، بل الأمر محسوم إمَّا تقدُّم وإمَّا تأخُّر؛ لذلك نجد ممّا ذكره المفسّرون في معنى هذه الآية الكريمة: أن يتقدَّم في الخير، أو يتأخّر في الشر، أو لمن شاء منكم أن يستكثر، أو يقصّر فهو وعيد وإن كان بأسلوب الخبر ([5])، وكذلك يكون التقدّم بالسبق إلى الخير والتخلف عنه ([6])؛ لِأَنَّ التَّقَدُّمَ مَشْيٌ إِلَى جِهَةِ الْأَمَامِ فَكَأَنَّ الْمُخَاطَبَ يَمْشِي إِلَى جِهَةِ الدَّاعِي إِلَى الْإِيمَانِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَبُولِ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَبِعَكْسِهِ التَّأَخُّرُ ([7]). فإذا كان التقدّم مشيا إلى جهة الأمام، فإنّ التأخّر يعني الرجوع إلى الوراء، وهذا بعض معنى التأخّر، وهو الظاهر منه.
وهناك معنى آخر يغفل عنه كثير من الناس ألا وهو الوقوف وعدم التقدّم فهذا أيضًا تأخّر بالنسبة لغيره؛ لأنّ غيره إذا تقدّم عليه تأخّر هو عنه.
وعلى هذا ينبغي للإنسان أنْ يسعَى إلى التقدّم، والتطوّر، وعدم الوقوف عند نقطة واحدة؛ لأنّه إنْ وقف فسوف يتأخّر قطعا؛ لأنّ وقوفه في زمن سير الآخرين إلى الأمام يعني تقدّمهم عليه، وإذا هم تقدّموا عليه فهو بلا شكّ قد تأخّر عنهم، وهذا أمر يغفل عنه كثيرون.
ولذلك فإنّنا نرى كثيرين ممّن حولنا من أصحابنا وأحبابنا وإخواننا، يجعل غاية طموحه نقطة قريبة، وهدفا يسيرا بإمكان أكثر الناس أن يبلغه ويناله، فتراه إن وصل إلى ما طمح إليه سكن كالحجر الملقَى على جنبات الطريق، تأتيه بعد السنين والأعوام، وهو على حاله لم يتقدّم قيد أنملة، وهذا يعني أنّه تأخّر لتقدّم غيره عليه، وهو لم يبرح مكانه، وهذه علامة الخسارة نسأل الله العافية والسلامة؛ لأنَّه لا خيار وسط كما تقدَّم فالأمر حسم، والقلم يكتب، والملك يشهد، والجوارح ستتحدَّث بما كان منها، فمن كان من أهل التقدُّم فقد أفلح
الطموح يـُحَدِّد مسار الحياة
يترك بعض الناس العمل، ثمّ يتحجّج بالقدر، وهذا مجانب للصواب، فعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَقِيعِ الغَرْقَدِ فِي جَنَازَةٍ، فَقَالَ: (( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ الجَنَّةِ، وَمَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ))، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ؟ فَقَالَ: (( اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ، أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ )) ([8])، فبمقدور الإنسان أن يقرّر الحياة التي يريد أن يحياها، والطريق الذي سيختاره لنفسه والمصير الذي سيؤول إليه، إن توكّل على الله، وأخذ بالأسباب، للوصول إلى ما يريد، فعندئذ يكون بإمكانه أن يضع نفسه حيث يريد هو، فيكرمها أو يهينها، ويرفعها أو يضعها، ولله در القائل ([9]):
وَمَا النَّفْسُ إِلَّا حَيْثُ يَجْعَلُهَا الْفَتَى
فَإِنْ طَمَعَتْ تَاقَتْ وَإِلَّا تَسَلَّتِ
وقال أبو عامر المنصور ابن أبي عامر ([10]):
رَمَيْتُ بِنَفْسِيْ هَوْلَ كُلِّ عَظِيْمَةٍ
وَخَاطَرْتُ وَالْحُرُّ الْكَرِيْمُ يُخَاطِر
فعلى من يريد أن ينال الدرجات العالية، ويكون في الناس رأسا لا ذنبا أن يكون صاحب نفس كبيرة، وهمّة عالية، قالشيخالإسلامابنتيميّةرحمهالله: (( فالسعادة هو أن يكون العلم المطلوب هو العلم بالله وما يُقرّب إليه، ويعلم أنّ السعادة في أن يكون الله هو المحبوب المراد المقصود، ولا يحتجب بالعلم عن المعلوم ... ولهذا تقول العامّة: قيمة كلّ امرئ ما يُحسن، والعارفون يقولون: قيمة كلّ امرئ ما يطلب، وفي الإسرائيليّات: يقول الله تعالى: "إنّي لا أنظر إلى كلام الحكيم، وإنّما أنظر إلى همّته"، فالنفس لها قوَّة الإرادة مع الشعور، وهما متلازمان. وهؤلاء لحظوا شعورها وأعرضوا عن إرادتها. وهي تتقوّم بمرادها، لا بمجرّد ما تشعر به )) ([11]).
وما أقبح أن يجعل من آتاه الله أسباب التقدّم، ومنحه نعمة التعلّم أن يجعل غاية طموحه هدفا قريب المنال سرعان ما يناله فيقف عنده، بل عليه أن يجعل هدفه أعلى من نجم الثريّا فيبقى طوال حياته شامخا برأسه إلى السماء، طموحه أعالي الأمور لا سفسافها ([12])، لأنّ من جعل هدفه قريبا ظنّ أنّه بلغ نهاية الطريق، وبذلك يفوته كثير من الخير، قال الإمام محمّد ناصر الدين الألبانيّ رحمه الله: الطريق إلى الله طويلة، وليس المقصود أن تصل إلى نهايتها ولكنّ المقصود أن نموت فيها ([13]).
وقال عمر بن عبد العزيز لمولاه مزاحم رحمهم الله: (( إِنّ لي نفسا توّاقة لم تتق إِلَى منزلَة فنالتها إِلَّا تاقت إِلَى مَا هِيَ أرفع مِنْهَا حَتَّى بلغت الْيَوْم الْمنزلَة الَّتِي لَيْسَ بعْدهَا منزلَة وَإِنَّهَا الْيَوْم قد تاقت الى الْجنَّة )) ([14]).
رحم الله أبا حفص وأسكنه الجنّة، انظر رحمك الله إلى هذه الهمّة العالية، والنفس الكبيرة، التي قلّما تجد مثلها في الناس، وصدق المتنبّي في قوله ([15]):
وَإِذا كَانَتِ النُّفوْسُ كِبَارًا
تَعِبَتْ فِيْ مُرَادِهَا الْأَجْسَامُ
وها نحن نرى كثيرين زاحموا الطلاب في الحلقات، وتسابقوا في حفظ الآيات، والأحاديث والمتون في شتَّى العلوم والفنون، ثمّ هم بعد كلّ ذاك العناء والتعب انزووا عن المواصلة، وانشغلوا بالأنس والمسامرة والتسلية والمحاورة فأين هم اليوم ممّا كانوا فيه بالأمس؟ وما الذي بدّل حالهم، وغيّر وجهتهم ؟!
لو بحثنا في حال هذا الصنف من الناس ومن أين أُتوا؟ وما الذي انحرف بمسارهم ؟ لوجدناهم أُتوا من قلّة طموحهم، فضعفت همّتهم، وقصرت غايتهم، فهم لم يكونوا يطمحون، أو يتوقون إلى هدف عالٍ، أو أمر عظيم، بل غاية ما كان يحلم به أحدهم، ويطمح إلى الحصول عليه أن يحصل على وظيفة، أو أن يكون زوجا لفلانة من النساء، أو أن يملك بيتا، أو سيّارة إلى غير ذلك من المكسب اليسير، والعرض الزائل، فيا لله العجب كيف قصّر أمثال هؤلاء في حقّ دينهم، وعقيدتهم أولا، ثمّ في حقّ أنفسهم ثانيا، ولو جمع بين ما حصل عليه والطموح إلى أعالي الأمور لما منعته هذه المكاسب عمَّا أعلى منها، بل لربما كانت سببا في نيلها، ولكنَّ هؤلاء جعلوا ما اكتفوا به من عرض غاية طموحهم، فتجد أحدهم بعد أن نال ما كان يطمح إليه من أحلام الأطفال السهلة المنال منزويا عمّا حوله جالسا لا همّ له، ولا شغل غير راحة بدنه، ولذّة نفسه، وكأنّه قد حلّ دار المقامة، فلا يبغي عنها حِوَلا !! ولله في خلقه شؤون ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
الطموح والنجاح
لا بدَّ لكلّ إنسان فضلا عن كلّ طالب وداعٍ ومصلح يريد أن يكون ناجحا في حياته موفّقا في أمره أن يجعل لنفسه هدفا ساميا يطمح إلى الوصول إليه، ويكون غايته الكبرى، وقضيّته العظمى يعيش لأجلها، ولا ينفكّ عن السعي إليها بحال، فكلّما كان الإنسان طموحا أكثر كلّما كان ناجحا أكثر، قال أبو القاسم الشابّي ([16]): المتقارب
وَقَالَتْ لِيَ الْأَرْضُ لَمَّــا سَـــأَلْـــتُ
أَيَـا أُمُّ هَـــلْ تــَـكْــرَهـيْنَ الْــبَــشَــــرْ
أُبَارِكُ فِي ْ النَّاسِ أَهْلَ الـطُّمُـوحِ
وَمَــــنْ يَـــسْــتَـــلـــِذُّ رُكُـــوْبَ الْخَطَــرْ
وَأَلْعَنُ مَـــنْ لا يُـمَــاشِـيْ الـزَّمَانَ
وَيَرْضَى بِالْعَيْشِ عَيْـشِ الْحَجَـرْ
فمن يرضى بعيش الحجر هم من لا طموح لهم، وهؤلاء يكون في الغالب وجودهم وعدمهم سواء، فإن حضروا لم يُذكروا، وإن غابوا لم يُفْتَقدوا.
فالطموح هو أهمّ أسرار النجاح، وقد أقرّ النبيّ صلَّى الله عليه وسلّم الطموحَ المشروعَ لأصحابه رضي الله عنهم، وأيدهم، كما في قصّة صاحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم سيِّدنا النابغة الجعدي رضي الله عنه عند إنشاده بين يدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم قصيدته التي يقول فيها ([17]): الطويل
بَلَغْنا السَّماءَ مَجْدَنا وَجُدُوْدَنا
وَإِنَّا لَنَرْجُوْ فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا
فقال النبي صلَّى الله عليه وسلّم: (( أين المظهر يا أبا ليلى ))، وفي لفظ: (( إلى أين ؟ لا أُمّ لك)) فقال: الجنة، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلّم (( أجل إنشاء الله )) ([18])، فالشاعر أظهر طموحا إلى بلوغ الجنّة بعد أن نال أهمّ ما يطمح إليه الإنسان في حياته من المجد، والرفعة، وقد أيّده النبي صلَّى الله عليه وسلّم في هذا الطموح المشروع.
ونعود إلى قول ربّنا تبارك وتعالى: )لِمَن شَاء مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ( ([19])، ونتساءل يا تُرَى كم سيتأخّر من بدأ حفظ كتاب الله ثمّ تركه؟ وكم سيتأخّر من بدأ حفظ حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم ثمّ تركه؟ وكم..؟ وكم..؟ وكم..؟
وإنّه لو عاد بعد سنين من انقطاعه فإنّه سيجد من كان من طلابه، ومن كان في سنّ أولاده، ومن كان صغيرا غير مميِّز قد جاوزه بمراحل كثيرة، وقطع عليه مسافات طويلة لا يستطيع معها أن يلحق بالركب، ولا أن يساوي صحبه الأوائل؛ لأنّهم تقدّموا بالعمل الصالح، وهو بوقوفه قد تأخّر، ولو عاد بعد حين لكان خيرا ممَّن لم يعد بتاتاً.
فيا حسرة على من كان هذا حاله، ويا خسارة من قطع نصف الطريق ثمّ قعد عن المواصلة، وتقاعس عن الاستمرار.


الطموح والعقبات
قد يعرض للمرء في طلبه العلم، وفي دعوته وعبادته عوارض وصوارف وهنّات وفترات، كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم: ((إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَىسُنَّتِي، فَقَدْ أَفْلَحَ، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَقَدْ هَلَكَ)) ([20])، والشرة: هي النهمة والإقبال الشديد، وهذه هي طبيعة البشر أنّه يقبل على العمل إقبالا شديدا وبنهمة كبيرة، لكنّه بعد ذلك تأتيه فترة، أي: فتور وضعف، فعلى من حدث له شيء من ذلك أنْ لا يجعل منه نهاية الطريق ومدعاة الجلوس والخنوع بل يجعل منه استراحة مقاتل ونقاهة مريض يجمع من خلالها أنفاسه، ويشدّ قواه، ويستعيد نشاطه، وهمّته، ويراجع نفسه، وأحواله، وأعماله، ثمّ لينطلق أكثر من الأوّل، ويجتهد أشدّ من ذي قبل، فيعود أقوى ممّا كان، وهكذا يعقب الفرج الشدة، ويتبع الهزيمة النصر، ويؤذن الفجر على أذيال ليل مهزوم، فلا ينبغي للمسلم أن يعرف اليأس والقنوط، أو أن يكون لهما إلى قلبه سبيلا، ويكون بذلك قد غلب نفسه، وكسر هواه، وشقّ طريقه في الحياة، وسماء طموحه يظلّه من تلك العقبات؛ لأنّه إن ركن وفتر وضعف إلى غير السنّة فقد جانب الصواب وخالف طريق النجاة.
ولا بأس أن يقسّم طريقه على مراحل، فإنّ هذا يطرد عنه الملل، فيكون كالمسافر الذي كلّما بلغ مرحلة انبعث من داخله نشاط وهمّة لقطع المرحلة الأخرى، وهكذا إلى آخر رمق في جسده.
الطموح والمسؤوليّة
عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته: الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيّتها، والخادم راع في مال سيده، ومسؤول عن رعيته )) قال: وحسبت أن قد قال: (( والرجل راع في مال أبيه، ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيّته )) ([21])، فإذا كان كلُّ فرد في المجتمع الإسلامي له رعيَّة يرعاها بغضّ النظر عن موقعه من المجتمع أفي القمّة أم في القاع، وسواء كان رجلا أم امرأة حرا أم عبدا مهما اختلفت الظروف والأحوال فإنه مسئول عن رعيته، فيا ليت شعري هل استشعر طالب العلم هذا المعنَى فعرف رعيّته، وقدر المسؤوليَّة الملقاة على عاتقه تجاه مجتمعهم خاصّة، وتجاه الناس عامّة، فقام بها كما ينبغي.
إنّ الشعور بهذه المسئولية يدفع بالإنسان للعمل بدون توان، ومن غير كلل ولا ملل، ويرَى أنّ أولى الناس بالمحاسبة والمراقبة نفسه التي بين جنبيه فيراجعها الفَيْنَةَ بعد الأخرى ويسألها قبل أن يُسأل هو عنها، قال أمير المؤمنين سيّدنا عُمَرُ رضي الله عنه: (( زِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَحَاسِبُوَها قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الْأَكْبَرِ: ) يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ(سورة الحاقّة: 18))([22]) فهنيئا لمن حاسب نفسه واستعدّ للقاء ربّه وتزيّن.
الطموح وبلوغ الغاية
ينبغي على طالب العلم، والداعية، والمصلح، وصاحب الشأن في قومه أن يعلم أنّه راع وأنّه مسؤول عن رعيّته، وأنّ رعيّته ومسؤوليّته أكبر من رعيّة غيره، ومسؤوليّته، وإنّما يزيد هذه المسئولية خطورة وأهمية قوله صلى الله عليه وسلم: (( مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إِلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ )) ([23])،وفي لفظ للبخاريّ: (( مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ )) ([24]).
ألافيعلم الدعاة وطلبة العلم أنّهم لا يعيشون لأنفسهم فقط، بل لأمّتهم، وعقيدتهم، ودعوتهم، وإنْ رضي غيرهم أن يعيش لنفسه فيرضى من حياته بوظيفة بسيطة أهمّ مميّزاته كرسيّ من خشب وعليه قطعة من جلد، أو أنْ يرضى من حياته بامرأة أحبّها، فهم لا يرضون لأنفسهم إلا أن يعيشوا عيش الكبراء، ويحيَوا حياة المصلحين الصلحاء، فما دام أحدهم حيّا تراه يشتغل بطلب العلم، وينشغل بإصلاح من حوله من الناس، متّخذا من وظيفة الرسل عليهم الصلاة والسلام وظيفة له، فيكون ربّانيّا كما أراد الله تعالى من أتباع الرسل أن يكونوا فقال عزَّ من قائل: )مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ اللهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ( ([25])، فأين نحن من الربّانيّة؟ وأين نحن من تعليم الكتاب؟ وأين نحن من دراسته؟ هل انتهى كلّ ذلك من حياتنا، وتركناه وراء ظهورنا، وجعلناه نسيا منسيّا؟
نعم لقد فعل ذلك كثيرون فبمجرّد أن حصلوا على بغيتهم من عرض زائل، ومتاع قليل أعرضوا عن كلّ ما كانوا يعدّونه دينا، وجهادا، فصار همّ النجاة من الدركات، والفوز بأعالي الدرجات مجرّد كلام ليل أذهبته شمس النهار، وأحلام شباب طويت صفحتها وانتهى وقتها، ولا حول ولا قوّة إلا بالله العليّ العظيم.
أين نحن من قول الله تبارك وتعالى: )وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً ( ([26])، وأين نحن من قوله عزّ وجلّ: )فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ( ([27])، فقدّم العلم على القول والعمل؟
وأين نحن من قوله سبحانه وتعالى: )إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ( ([28]).
العلماء هذه الكلمة العظيمة التي نحن اليوم أحوج ما نكون إلى التفكّر في معناها، والتمعّن في مدلولها؛ لأنّ حاجة الأمّة إلى العالم ليست كحاجتها إلى غيره، فبالعالم حياة الأمّة، ونجاتها، وقوّتها، وسلامتها، فهو الذي يقود الأمّة إلى الهدَى والحقّ، وهو الذي ينير لهم الطريق، ويخلص لهم النصح، ويحفظ الله به للأُمّة دينها، وأمنها، وأرواح أبنائها، وأعراضهم، وأموالهم، وعقولهم، وهذه هي ضروريّات الحياة التي لا قوام للحياة بدونها.
فأين نحن من إيجاد العالم؟ وأين نحن من الطريق الموصلة إلى العالِم، وأين نحن من تنشئة العالم الربّانيّ؟ وكيف يمكن أن يرتقي بعض طلبة العلم فينا ليصبح عالما يصلح الله على يديه الأمّة، أو يصلح به شأن كثيرين من الأمّة؟
فهل تفكّرنا في حال العلماء؟ كيف تعلّموا؟ كيف نشأوا؟ كيف وصلوا؟ إنّ ذلك كلّه كانت بدايته من نقطة واحدة انطلقوا منها، وبقيت مصاحبة لهم طول الدرب، ألا وهي نقطة الطموح، فما من أحد من العلماء، بل ولا من أحد من أهل الشأن سواء كان عالما، أم غير عالم إلا وكان عنده الطموح إلى أعلى ممّا هو عليه، والطموح إلى أكثر ممّا بلغه في حياته، فكانوا هم أولوا الألباب، وكانوا هم الأحياء وإن ماتوا، وكانوا أُسوة صالحة لغيرهم، وقدوة ناجحة لبني جنسهم.
لذلك بإمكاننا أن نقول عنهم جميعا: إنّهم طمحوا، ثمّ عملوا، ولم يزل طموحهم في تصاعد، ثمّ واصلوا، وطموحهم يتصاعد أكثر، ولا يزالون كذلك حتَّى أجابوا داعي ربهم، وانتقلوا إلى آخرتهم.
فما لنا نحن نعيش بلا ذلك الطموح؟ ونحيا من غير ذلك الجدّ والاجتهاد؟ ونتعلّم لكنْ دون تواصل؟ ونقرأ لكنْ على انقطاع؟ وَ.. وَ.. ولكنْ.. ولكنْ.. إلخ.
فحالنا كحال غيرنا من همل الناس لا طموح لهم، ولا أمل لحياتهم، فحياة أحدهم هي كما قال الشاعر أحمد مطر: أقصر قصّة يمكن أن نكتبها وهي: " رجل ولد وعاش ومات ".
وإذا أردنا أن نطيل في الوصف ونسهب في ذكر الأحداث والمراحل فنقول: " رجل ولد وعاش طويلا ثمّ مات ".
لكن ماذا فعل في حياته؟ وماذا قدّم في سنيِّ عمره؟ ما أفادنا، وما أفاد هو من طول دربه؟ نستطيع في الإجابة على ذلك أن نقول وبمرارة: لا شيء، ونستطيع أن نقول بدلا من ذلك: حصل كغيره من أفراد صنفه ولادة وعيشا، وموتا، لا غير! قال النبي الأمين صلَّى الله عليه وسلّم لرجل وهو يعظه: (( اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك ))([29])، وهذا أحسن وعظ لمن تدبّر، فإنّ الإنسان مهما امتلأ شبابا فإنّه سيهرم، ومهما تمتّع بالصحّة فإنّه سيمرض، ومهما اغتنى فإنّه سيفتقر، ومهما تمتّع بالفراغ فإنّه سينشغل ومهما عاش فإنّه سيموت، عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: (( يَا مُحَمَّدُ، عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَجْزِيٌّ بِهِ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْلَمْ أَنَّ شَرَفَ الْمُؤْمِنِ قِيَامُ اللَّيْلِ، وَعِزِّهُ اسْتِغْنَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ )) ([30]).
ورأى رجل الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه ومعه محبرة، فقال له: يا أبا عبد الله أنت قد بلغت هذا المبلغ، وأنت إمام المسلمين، ومعك المحبرة تحملها، فقال: (( مع المحبرة إلى المقبرة )) ([31]).
فالله الله يا أيُّها الموحّدون في دعوتكم، الله الله يا معشر أهل السنّة في اجتماعكم، الله الله يا أيُّها السلفيّون في أخوَّتكم ووحدة كلمتكم، وصلاح ذات بينكم، والمودّة فيما بينكم..
الطموح الصادق
بإمكاننا أن نكون، وبإمكاننا أن نحقّق، وبإمكاننا أن نقدّم، وبإمكاننا أن ننجز إذا كان عندنا الطموح الصادق، وصاحبه الجدّ والعزم.
أقول الطموح الصادق لئلا يتوهّم متوهّم أنّ الطموح هو مجرّد أمانيّ، أو محض تسويفات يتغنَّى بها العاجزون، وأمنيات يحلم بها الكسالى، فهذا ليس بشيء؛ لأنّه تمنٍّ مع الكسل، فهذا مرض مميت، وداء مهلك بذاته قال الإمام ابن القيّم رحمه الله: (( إنَّ أعظم الأسباب التي يحرم بها العبد خير الدنيا والآخرة، ولذَّة النعيم في الدارين، ويدخل عليه عدوُّه منها هو الغفلة المضادَّة للعلم، والكسل المضادُّ للإرادة والعزيمة هَذَانِ أصل بلَاء العَبْد وحرمانه منَازِل السُّعَدَاء )) ([32]).
وأمّا الطموح: فهو الرغبة في الشيء التي تبعث على العمل، وحبّ الوصول إلى الغاية الذي يذلّل الصعاب أمام صاحبه، فهو يشجّعه على العمل، ويصاحبه في مراحل حياته جميعها، وكلّما تقدّم إلى الأمام خطوة كلّما ازداد طموحا إلى المعالي، فهو من باب الرجاء ويكون ببذل الجهد وحسن التوكل، كما قال الله تبارك وتعالى: )فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً(([33])، أي: يعمل ويطلب وينتظر ([34]).
كحال أولئك الفتية الذين جمعهم المسجد الحرام وهم عبد الملك بن مروان وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وأخويه مصعب وعروة أيَّام تآلفهم في عهد معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، فقال بعضهم: هلمَّ فلنتمنَّه، فقال عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما: منيتي أن أملك الحرمين وأنال الخلافة، وقال مصعب: منيتي أن أملك العراقين، وأجمع بين عقيلتي قريش سكينة بنت الحسين، وعائشة بنت طلحة، وقال عبد الملك بن مروان: منيتي أن أملك الأرض كلَّها وأخلف معاوية، وقال عروة: لست في شيء ممَّا أنتم فيه، منيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنَّة في الآخرة، وأن أكون ممَّن يروى عنه هذا العلم، قال: فصرف الدهر من صرف إلى أن بلغ كلُّ واحد منهم إلى أمله. وكان عبد الملك لذلك يقول: من سرَّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنَّة فلينظر إلى عروة بن الزبير، فأَتَى القدر كما تَمَنَّى كل واحد منهم ([35]).
فانظر يا رعاك الله: كيف كان طموح هؤلاء الفتية في صغرهم حقيقة واقعة في كبرهم؟
وكم ربحت الأمّة بهم وبأمثالهم من الرجال الذين كانت عزائمهم أشدّ رسوخا من الجبال الراسية؟ وكان طموحهم أبعد من النجوم المتلألئة؟ فكان طموح أحدهم،أشبه بصورة بغداد في وصف العلامة محمّد بهجة بن محمود الأثريّ رحمه الله لها في قصيدته " بغداد مدينة السلام " ([36]):
طَاوَلْتَ نَاصِيَةَ الشَّمْـسِ عَنَانَا
وَشَــــأْتَ قَــــاصِـــيَـــــةَ النَّـــجْــم عِنَانَـا
ضَاهَتِ الشَّمْسَ وَلَكِنْ شَـأْنُهَـا
كَانَ أَعْلَى مِنْ عُلَا الشَّمْسِ مَكَانَا
يَعْتَرِيْ الشَّمْسَ أُفُوْلٌ وَهْيَ فِيْ
أُفْــــقِــــهَـــــــا طَــــــالِــــعَــــةٌ آنــًا فَــآنـَـا
كلمة أخيرة
لقد كنّا قبل عقدين من الزمن أقلّ الناس عددا، وأضعفهم قوّة، وأصغرهم سنّا، وأقلّهم شأنا، ولكنّه لمّا قام داعي التوحيد والسنّة في مجتمعنا أجاب الكثير دعوته، ونطقوا بها جهارا نهارا، فصدعت لها الوديان، وسارت بها الركبان، وشاب عليها الشبّان، وشبّ فيها الفتيان، لم يثنهم ظلم ظالم، ولا بطش فاتك، ثمّ جاء الاحتلال الأمريكيّ لبلدنا، فتغيّرت الأحوال، وكثرت في أيدي الناس الأموال، حتَّى صار همّ الواحد منّا اليوم غير همّه بالأمس، وديدنه اليوم غير ما كان من شأنه، حتَّى دخل الكثير منّا في معترك الحياة الدنيا من الزينة والعروض، وأغرب من ذلك وأعجب دخولهم عالم الأزياء والموضة، فنسينا همّنا ودعوتنا، وأعرضنا عن منهجنا، وتناسينا أنّنا في سنوات قليلة ونحن قليل مستضعفون أوصل الله لنا دعوة التوحيد والتمسّك بالكتاب والسنّة على منهج السلف الصالح رضي الله عنهم إلى كلّ مدينة، وحيّ وقرية، فلم يبق مكان من بلدنا لم يبلغه شيء من هذه الدعوة المباركة حتَّى الأحياء والمدن التي كانت خاصَّة بغير المسلمين من النصارى والصابئة ([37])، واليزيديِّين ([38])، وغيرهم وصلها صوت الدعاة، واستجاب عدد منهم إلى الدعوة فدخلوا في دين الإسلام عن قناعة وحبٍّ وطواعية، هذا فضلا عن معاقل التصوُّف، والتشيُّع التي أصبح قسما منها آنذاك منارا لدعوة الكتاب والسنَّة.
وأمّا اليوم فنحن كثيرون، ونملك أضعاف ما كنّا نملك على المستويات كافّة لكنّ دعوتنا متوقّفة، أو شبه متوقّفة، ونشاطنا محدود، فلا أدري من أين أُتينا أمِن قلّة صدقنا وإخلاصنا؟ أم من ضعف همّتنا وخور عزيمتنا؟ أم من عدم صبرنا، أم أنّنا فتحت علينا الدنيا فانشغلنا بالتنافس عليها كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: (( ... فَوَاللهِ مَا الفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا، وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ )) ([39])، فلا يخفَى أنّ الانفتاح على الدنيا وانفتاحها على الناس والتنافس فيها هو ممّا يجعل طموح الطلاب والدعاة يتلاشَى، وينسلخ الكثيرون لا أقول عن عقيدتهم، بل عن الدعوة إليها، والغيرة عليها، حتَّى صار همّ بعضنا أتفه الأشياء، وأبسطها كزوجة جميلة بغضّ النظر عن دينها وخلقها، أو سيّارة حديثة بغضّ النظر عن سبيل الوصول إليها من حلّ أو حرمة، أو غير ذلك، وهذه أمور وإن كانت من متطلّبات الحياة، لكن لا ينبغي تجاوز حدود الشرع في تحصيلها، كما لا ينبغي أن تكون مقدّمة على التمسّك بالعقيدة الصحيحة، والدعوة إليها، فإنّ تلك الأمور كلّها زائلة، وما نقدّمه من عمل لله فلا يضيع، ويجازينا الله عليه قال سبحانه وتعالى: )وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ( ([40])، وقال عزَّ من قائل: )وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ( ([41]).
فلنستشعر هذا المعنى العظيم والجزاء الكريم عندما نقوم بواجب الدعوة إلى التوحيد الخالص، والتمسّك بالكتاب والسنّة، وترك البدع، والمحدثات، والمعاصي، والمنكرات.
أَلا فَلْنبعثِ الطموح والعزيمة في أنفسنا من جديد، ولنطرد الغفلة والكسل عن ساحتنا، ونقوم خير قيام بخير وظيفة اصطفانا الله لها ألا وهي وظيفة الرسل والأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهي دعوة الناس إلى ربّهم سبحانه وتعالى وتعليمهم الخير، ولا يغرّنا بالله عزّ وجلّ شيء، لا منصب، ولا وظيفة، ولا شهادة، ولا شهوة، ولا لذَّة، ولا أيّ شيء، ولنحافظ على العهد ما دمنا في هذه الحياة، ولنعلم أنّ كلّ ما نملك سيبقى لمن خلفنا، ويبقى لنا عملنا فقط، وأنّ الألقاب والشهادات الأوّليّة – البكالوريوس – والتخصّص – الماجستير – والحكمة – الدكتوراه – كلَّها ستزول في أوّل ليلة في القبر، ويبقى الدرس الأوّل في العقيدة: من ربّك؟ وما دينك؟ ومن نبيّك؟ ولنحفظ هذا جيّدا، ولنجعل منه منهاجا لنا في الحياة.
والله الموفّق والهادي إلى سواء الصراط.




خاتمة
في الختام أسأل الله العليّ القدير أن يوفّقنا لمحبّته ورضاه، وأن يلهمنا رشدنا، ويهيِّئ لنا من أمرنا رشدا، وأودّ أن أذكّر بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه: يقول كان الناس يسألون رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (( نَعَمْ )) قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: (( نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ )) قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: (( قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ )) قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: (( نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا )) قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ: (( هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا )) قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: (( تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ )) قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: (( فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ )) ([42])، فإنَّ التبعة كبيرة والحساب عسير، ولا بدّ له من الصدق والإخلاص وعلوّ الهمّة، والتشوّق إلى معالي الأمور، فلا مجال للغفلة والتراجع، ولا مكان للخنوع والكسل، ومن ثمّ تبرير ذلك بانتحال المغالطات النفسية والحيل غير الشعورية، فاليوم دار عمل ولا حساب وغدا دار حساب ولا عمل.
وليُعلم أنّ ما يأتي على أحدنا من ضعف، أو
اعياء وتعب في عمله ودعوته، وطلبه العلم إنّما هو جزء من تلك الفتن، وعلينا أن نتجاوزها إلى الاعتصام بكتاب الله عزّ وجلّ وسنّة نبيّه وخليله محمّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأن نحيا طلاب علم ودعاة هُدَى وخير، ونموت على ذلك، فهذا خير ما يعمله إنسان في حياته، ومن أفضل ما يقدّمه في حياته من عمل صالح لآخرته.
وسبحانك اللهمّ وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وصلَّى الله وسلّم وبارك على عبده ورسوله وخليله محمّد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان وتمسّك بالسنّة إلى يوم الدين
آمين أمين
آمين
تمَّ بحمد الله
المصادر
1- القرآن الكريم.
2- البحر المحيط في التفسير، أبو حيان محمد بن يوسف ابن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (المتوفَّى: 745هـ)، تحقيق: صدقي محمد جميل، دار الفكر – بيروت، عام: 1420 هـ.
3- التحرير والتنوير - تحرير المعنى السديد تنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد، محمد الطاهر ابن عاشور التونسيّ (المتوفَّى: 1393هـ )، الدار التونسية للنشر – تونس، عام: 1984 هـ.
4- تفسير البيضاوي - أنوار التنزيل وأسرار التأويل، ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر بن محمد الشيرازي البيضاوي (المتوفَّى: 685هـ ) تحقيق: محمد عبد الرحمن المرعشليّ، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الأولى - 1418 هـ.
5- تفسير الرازي، المسمَّى: مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن الحسين التيمي الرازي الملقب بفخر الدين الرازي خطيب الريّ (المتوفى: 606هـ)، دار إحياء التراث العربي – بيروت، الطبعة: الثالثة - 1420 هـ.
6- تفسير الماورديِّ، المسمَّى: النكت والعيون، أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)، تحقيق: السيد ابن عبد المقصود بن عبد الرحيم، دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.
7- حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبد الله ابن صالح الفوزان، مكتبة الرشد.
8- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهانيّ ( المتوفى: 430هـ )، السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974مـ.
9- ديوان أبي القاسم الشابّي، أبو القاسم الشابّي، قدّم له وشرحه: الأستاذ أحمد حسن بسج، منشورات محمّد عليّ بيضون، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، الطبعة: الرابعة، عام: 1426 هـ - 2005 مـ.
10- ديوان محمد بهجة الأثري، ج: 2 ، مطبوعات المجمع العلمي العراقي، عام: 1417 هـ - 1996 مـ.
11- ديوان النابغة الجعديّ رضي الله عنه، جمعه وحقّقه وشرحه الدكتور واضح الصمد، دار صادر، بيروت، ط: 1 ، عام: 1998 مـ.
12- سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه، عبد الله بن عبد الحكم المصريّ ( ت: 214هـ)، تحقيق: أحمد عبيد، عالم الكتب - بيروت – لبنان، ط: 6 ، عام: 1404 هـ - 1984 مـ.
13- شرح ديوان أبي الطيّب المتنبّي، وضعه: عبد الرحمن البرقوقيّ، دار الكتاب العربيّ، بيروت – لبنان.
14- صحيح ابن حبان، محمد بن حبان (ت: 354هـ)، ترتيب: الأمير علاء الدين علي الفارسيّ ( ت: 739 ه)، حقّقه وخرج أحاديثه وعلق عليه: شعيب الأرناؤوط، مؤسّسة الرسالة، بيروت، ط: 1 ، عام: 1408 هـ - 1988 مـ.
15- صحيح البخاريّ - الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، الإمام محمد بن إسماعيل البخاريّ ( ت: 256 هـ )، تحقيق: محمد زهير ابن ناصر الناصر، دار طوق النجاة ، الطبعة: الأولى، 1422هـ.
16- صحيح مسلم - المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوريّ (ت: 261هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي - بيروت.
17- الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل،أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزميِّ، دار إحياء التراث العربي – بيروت.
18- كنز العمّال في سنن الأقوال والأفعال، عليُّ ابن حسام الدين المتقي الهندي، مؤسسة الرسالة - بيروت 1989 مـ.
19- المخصص، أبو الحسن علي بن إسماعيل ابن سيده المرسي (ت: 458هـ)، تحقيق: خليل إبراهم جفال، دار إحياء التراث العربيّ، بيروت الطبعة: الأولى، 1417هـ - 1996مـ.
20- مقاييس اللغة، أحمد بن فارس ( المتوفى: 395هـ )، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، دار الفكر، عام: 1399 هـ - 1979 مـ.
21- المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، إبراهيم مصطفى، وأحمد الزيات، وحامد عبد القادر، ومحمد النجار، نشر: دار الدعوة.
22- مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة ( المتوفَّى: 751هـ )، دار الكتب العلمية – بيروت.
23- النبوات، شيخ الإسلام ابن تيميَّة تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحرَّانيُّ الحنبليُّ الدمشقيُّ (المتوفى: 728هـ)، تحقيق: عبد العزيز بن صالح الطويان، أضواء السلف، الرياض، المملكة العربيَّة السعوديَّة، الطبعة: الأولى، 1420هــ -2000 مـ.
24- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدين ابن خلَّكان (المتوفى: 681هـ)، إحسان عباس، دار صادر– بيروت.


هذا الكتاب
الطموح لا يقف عند هدف قريب المنال، فإنّ هذا سيعني وقوع المرء في التأخّر.
وهو تذكير لمن بدأ طريق حياته في طلب العلم، والدّعوة إلى الله، ثمّ شغلته الشواغل عن ذلك.
وهو استنهاض للهمّة، للقيام بواجب تعلّم الحقّ والدعوة إليه والصبر على ذلك ما دام الطالب حيًّا.
وتحذير من الافتتان بعرض الدنيا والاطمئنان لها والإعراض عن المسؤوليَّة الشرعيَّة.






([1]) ينظر: مقاييس اللغة، مادّة ( طمح ): 3 / 423 .

([2]) ينظر: المخصَّص: 5 / 96 .

([3]) ينظر: المعجم الوسيط ، مادّة ( طمح ): 2 / 565 .

([4])سورة المدَّثِّر: 37 .

([5]) ينظر: تفسير الماوردي: 6 / 147 .

([6]) ينظر: الكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل: 4 / 655 ، وتفسير الرازي: 30/714، وتفسير البيضاوي: 5 / 262 ، والبحر المحيط في التفسير، أبو حيان محمد بن يوسف ابن علي بن يوسف بن حيان أثير الدين الأندلسي (المتوفَّى: 745هـ)، تحقيق: صدقي محمد جميل، دار الفكر – بيروت، عام: 1420 هـ: 10 / 337 .

([7]) ينظر: التحرير والتنوير، محمد الطاهر ابن عاشور التونسيّ (المتوفى: 1393هـ)، الدار التونسية للنشر – تونس، عام: 1984 هـ: 29 /323.

([8]) متّفق عليه: صحيح البخاري: 6 / 171 ، رقم الحديث: 4949 ، وصحيح مسلم: 4 / 2039 ، رقم الحديث: 2647 . وميسّر: أي مهيَّأ.

([9]) دولة الإسلام في الأندلس: 1 / 530 .

([10]) دولة الإسلام في الأندلس: 1 / 581 .

([11])النبوات، شيخ الإسلام ابن تيميَّة، تحقيق: عبد العزيز بن صالح الطويان، أضواء السلف، الرياض، المملكة العربيَّة السعوديَّة، ط: 1، 1420هــ -2000 مـ: 1 / 409– 410 .

([12]) السَفْسَافُ: الرَديءُ. وَفِي الْحَدِيثِ: (( إِنّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ ويُبْغِضُ سَفْسَافَها ))؛ أي: مداقَّ الأُمورِ ومَلائمَها، شُبِّهَتْ بِمَا دَقَّ مِنْ سَفْسَاف التُّرَابِ ينظر: لسان العرب: 9 / 154 .

([13]) ينظر: موقع ( منتديات كلِّ السلفيِّين ) على الشابكة.

([14]) سيرة عمر بن عبد العزيز على ما رواه الإمام مالك بن أنس وأصحابه، عبد الله بن عبد الحكم المصريّ ( ت: 214هـ)، تحقيق: أحمد عبيد، عالم الكتب - بيروت – لبنان، ط: 6 ، عام: 1404 هـ - 1984مـ: 59 .

([15]) شرح ديوانه، وضعه: عبد الرحمن البرقوقيّ، دار الكتاب العربيّ، بيروت - لبنان: 4 / 64 .

([16]) ديوانه، قدّم له وشرحه: الأستاذ أحمد حسن بسج، منشورات محمّد عليّ بيضون، دار الكتب العلميّة، بيروت – لبنان، الطبعة: الرابعة، عام: 1426 هـ - 2005 مـ: 59 .

([17]) ديوانه، جمعه وحقّقه وشرحه الدكتور واضح الصمد، دار صادر، بيروت، ط: 1 ، عام: 1998 مـ: 71 .

([18]) ينظر: كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال، علاء الدين علي المتقي الهندي (ت: 975هـ)، تحقيق: بكري حياني، وصفوة السقا، مؤسسة الرسالة، ط: 5، عام: 1401هـ - 1981 مـ: 13 / 572 ، 573 ، ودلائل النبوة، الإمام أبو بكرالبيهقي (ت: 458 هـ )، تحقيق: د. عبد المعطي قلعجي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط: 1، عام : 1405هـ: 6 / 232 ، 233 ، وأسد الغابة: 1 / 1053 ، 1238 ، 1239.

([19])سورة المدَّثِّر: 37 .

([20])مسند الإمام أحمد: 11/375، 547، رقم الحديث: 6763،6958، وصحيح ابن حبّان: 1/187، 188، 2/62، رقم الحديث: 11، 349، وصحّحه الألبانيّ.

([21])متفق عليه: صحيح البخاريّ:1/ 304، رقم الحديث: 853، وصحيح مسلم:3/1459، رقم الحديث:1829.

([22])حلية الأولياء وطبقات الأصفياء: 1 / 52.

([23])صحيح مسلم: 1 / 125، رقم الحديث: 142 .

([24])صحيح البخاريّ: 9 / 64 ، رقم الحديث: 7150 .

([25])سورة آل عمران: 79 .

([26])سورة طه: 114 .

([27])سورة محمّد صلى الله عليه وسلم: 19 .

([28])سورة فاطر: 28 .

([29])المستدرك: 4/ 341، رقم الحديث: 7846، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال الذهبي في التلخيص: على شرط البخاريّ ومسلم.

([30])المعجم الأوسط، سليمان بن أحمد الطبراني ( المتوفى: 360هـ)، تحقيق: طارق بن عوض الله بن محمد, وعبد المحسن بن إبراهيم الحسيني، دار الحرمين – القاهرة: 4 / 306 ، رقم الحديث: 4278.

([31])مناقب الإمام أحمد، ابن الجوزيّ: 55.

([32])مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيِّم الجوزيَّة ( المتوفَّى: 751هـ )، دار الكتب العلمية - بيروت: 1 / 112 .

([33])سورة الكهف: 110 .

([34])ينظر: حصول المأمول بشرح ثلاثة الأصول، عبد الله بن صالح الفوزان، مكتبة الرشد: 80 .

([35])ينظر: وفيات الأعيان، أبو العباس شمس الدين ابن خلَّكان (المتوفى: 681هـ)، إحسان عباس، دار صادر - بيروت: 3 / 258 ، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، أبو نعيم الأصبهانيّ ( المتوفى: 430هـ )، السعادة - بجوار محافظة مصر، 1394هـ - 1974مـ: 2 / 176 .

([36]) ديوان الأثريّ: 2 / 5 .

([37]) هم من بقايا أصحاب الديانات القديمة في العراق، يذكر أصحاب الفرق أنَّهم يعبدون الكواكب، ويخلط عوامُّهم خلطا عجيبا فيقولون: نعبد الله الإله الواحد، ونبيُّنا يحيى، وكتابنا الزبور، ونحن أوَّل ديانة !.

([38]) أصلهم فرقة صوفيّة فضلّوا ضلالا عظيما إذ راحوا يعبدون الشيطان ويعتقدون ربوبيّة إبليس عليه لعنة الله.

([39]) متّفق عليه: صحيح البخاريّ: 5 / 85 ، 8 / 90 ، رقم الحديث: 4015 ، 6425 ، وصحيح مسلم: 4 / 2273 ، رقم الحديث: 2961 .

([40])سورة البقرة: 281 .

([41])سورة فصِّلت: 33 .

([42])متفق عليه: صحيح البخاريّ: 4 / 199، رقم الحديث: 3606 ، 9 / 51 ، رقم الحديث: 7084 ، وصحيح مسلم: 3 / 1475 ، رقم الحديث: 1847 .

محمد مداح الجزائري 12-09-2016 07:03 PM

بحث نافع ماتع
بارك الله فيك ونفع بك
شكرا

سعيد رشيد 12-10-2016 03:16 PM

موضوع مفيد و طرح قيم
بارك الله فيك و جزاك خيرا


الساعة الآن 07:26 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.