{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   المنبر الإسلامي العام (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   ظ„ظ‚ط§ط¦ظٹ ظ…ط¹ ط§ظ„ط¥ظ…ط§ظ… ط§ظ„ط£ظ„ط¨ط§ظ†ظٹ -ظٹظ†ط´ط± ظ„ط£ظˆظ„ ظ…ط±ط©- (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=73678)

أبو عثمان السلفي 03-04-2022 05:34 PM

لقائي مع الإمام الألباني -ينشر لأول مرة-
 


جواب الإمام الألباني –رحمه الله- على الاستدلال لمنهج الموازنات بكلامٍ للحافظ الذهبي –رحمه الله-
-1-

الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد:

اجتمعت أنا وشقيقي (د.مالك بن حسين) مع الإمام المجدد محمد ناصر الدين الألباني –رحمه الله- في مجلس –في بيت أحد الأفاضل ممّن يُحب الشيخ زيارته عائلياً –جزاه الله خيرًا- ودام هذا اللقاء أكثر من ساعتين في (ليلة 17 ذي الحجة 1417ﻫ الموافق 24/ 4/ 1997م)، وهو أطول لقاء نجلسه مع الشيخ –رحمه الله-، وإنْ كان المجلس عائليًا فإن الشيخ -مع تواضعه الشديد- كانت له هيبة العالِم الرَّباني، فأوّل ما دخلَ البيت –وهو مبتسم- وكنّا جلوساً لم نقف للسّلام عليه كما جرت العادة في بلاد الإسلام قاطبة؛ وهي الوقوف للمشايخ والعلماء... فآثرنا الجلوس؛ لعلمنا أنَّ الشيخ لا يُجامل أحدًا –حُكامًا ومحكومين- فيما يعتقده مِن عدم جواز القيام للداخل...

وكانت –كما يُقال- ليلة العمر، فالشيخ ممنوع من التّدريس، واللقاءات العامة...، فكنا نبتهل أي فرصة للجلوس معه، أو حتى للسلام عليه -فقط- عليه رحمة الله-.

ولأهمية ما جاء في هذا المجلس أصبح له صدًى بين طلبة العلم السلفيين وغير السلفيين؛ لما احتواه من كلام هذا الإمام في بعض القضايا المهمة في الدَّعوة، وكَشَفَ فيه عن حقيقة من رماه بالإرجاء(!) ودافع فيه -أيضاً- عن عقيدة فضيلة شيخنا الحلبي السَّلفيّة –رحمهما الله-، وخرج اللقاء وانتشر في شريط -كاسيت- باسم: (خارجية عصرية).
واستفتحتُ هذا المجلس بالسؤال التالي:

جواب الإمام الألباني –رحمه الله- على الاستدلال لمنهج الموازنات بكلامٍ للحافظ الذهبي –رحمه الله-
-1-


*السؤال:
قال الذهبي -رحمه الله تعالى-:
«ثمَّ إنَّ الكبيرَ مِن أئمَّة العِلْم إذا كَثُرَ صوابُه، وعُلِمَ تَحَرِّيهِ للحقِّ، واتَّسعَ عِلمُهُ، وظَهَرَ ذكاؤُهُ، وعُرِفَ صلاحُهُ وورعُهُ واتِّباعُهُ؛ يُغْفَرُ له زَلَلُهُ، ولا نُضِلِّلهُ ونَطرحُهُ ونَنسَى محاسِنَهُ.

نَعَم؛ وَلا نَقتَدِي بِهِ في بدعَتِهِ وخَطَئِهِ، ونَرجُو لَهُ التَّوبَةَ مِن ذلك» انتهىٰ كلام الذهبي.

هل ترون -حفظكم الله- فيما سبق مِن كلام الذهبي: وجوبَ الموازنةِ بين الحسنات والسيّئات، أو وجوب ذكر السَّلبيات والإيجابيات في حال انتقادِ الأشخاص؟

*فأجاب -رحمه الله-:

«نجد في تراجمِ رواةِ الحديث؛ منها ترجمة مُطَوَّلة، ومنها ترجمة مختصَرة.

حينما تكون الترجمة مُطَوَّلة؛ يَصْدُقُ عليهم كلامُ الذهبيِّ –هٰذا-، فأنتم -مثلًا- تَذْكرون جيِّدًا -إن شاء اللهُ- أنَّ كثيرًا مِن أهلِ الأهواء والبِدَع هُمْ عِند علماءِ الحديث حُجَّةٌ في روايةِ الحديث، فمنهم مَن يُعتبَر مِن الخوارج: كعِمران بن حِطَّان –المشهور-، ومنهم مَن يُعتبَر أنَّه مِن المعتزلة –مثلًا-، وهٰكذا، منهم الشِّيعة، فحينما يُترجِمون لهؤلاء؛ يَذكرون فيهم المدْحَ والقَدْحَ.

لٰكنْ حينما تأتي تَرجمتُهم في المختصَرات؛ يقال: فلان كذَّاب! فلان سيِّئ الحفظ! فلان كذا.. إلخ، لا يَذْكرون المحاسِنَ التي تُذْكَر في المطَوَّلات.

ولذٰلك؛ فنحن نَشْعُرُ أنَّ كلمةَ الحافظ الذّهبيّ هذه في العصر الحاضر:

تُوضَع -أوَّلًا- في غير موضعها.

وثانيًا: يُقْصَدُ بها تَمْيِيعُ ما يُعرَف في الشَّرعِ: (بالحُبِّ في اللهِ، والبُغْض في اللهِ).

وهٰذا يَلتقي -هٰذا الْمَشْرَب وهذا المذهَب مِن استغلالِ مِثل هٰذا النّصِّ عن هذا الحافظ الإمام يَلتقي- مع كلمةٍ مَشهورةٍ لِبعضِ الدُّعاة مِن بعضِ الأحزابِ المعروفة اليوم، وهي التي تقول:

«نتعاون علىٰ ما اتَّفقنا عليه، ويَعذُر بعضُنا بعضًا فيما اختلفنا فيه»!

هذا التعاون مع أنه أصْلٌ في الشَّرعِ مُقتَبَس مِن مِثل قولِه –تَعَالَىٰ-:

﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى البرِّ وَالتَّقْوَى﴾، ولكن هذا التعاون -أيضًا- لا يكون على إطلاقه، وإنما ضِمنَ قاعدةِ ترجيحِ المفاسِد على المصالحِ أو العكس تمامًا.

كذٰلك تمامُ هٰذه الجملة التي تقول -وهي أَبْعَدُ عن الصواب مِن الطَّرَفِ الأولِ منها-: «ويَعْذُرُ بعضُنا بعضًا فيما اختلفْنا فيه».

هذا الإطلاق -أيضًا- ليس صوابًا على إطلاقه؛ لأنهم يَعْنُون -كما يدُلُّ عليه تصرُّفُهم وواقِعُ حياتِهم! بِغَضِّ النَّظَرِ عنِ الخلافِيَّات، ولو كانت خلافيَّاتٍ جَذريَّةً وعَقَديَّةً -كما يقولون اليوم-؛ يَعْنُون بها أشْبَهَ ما يَعني دُعاةُ التّقريبِ بين الأديان! وهذا أَبْعَدُ ما يكون عنِ الإسلام!! لكنْ قريبٌ منه هو: التقريبُ بين المذاهِب! التقريب الذي كان قام به بعضُ الشِّيعة، في دَهْرٍ مَضىٰ في الأزهر، وكادت أن تَنجَح الحركة هذه، لكنْ -والحمد لله- فشلتْ؛ التقريب بين السُّنَّةِ والشِّيعة! كان هذا التقريبُ المُدَّعىٰ يَقُومُ على أن يَتنازَل أهلُ السُّنَّةِ عن كثيرٍ مِن عقائدِهم التي يُخالِفون فيها الشِّيعة، هذه الجملة: «يَعذُر بعضُنا بعضًا فيما اختلفنا فيه» تلتقي تمامًا مع ما كان يَرمي إليه الشِّيعةُ في مَنهجِهِم المشار إليه -سابقًا-، وهو التقريب بين المذاهب.

مِن أجْلِ هذا؛ نحن نَجِدُ بعضَ الأحزابِ القائمة اليوم هَمُّهم التَّجميعُ مِن مُختلفِ المذاهِب والمشارِب.
فكلُّنا يَعْلم أنَّ منهجَ الإخوان المسلمين لا يُفَرِّقون بين مَذْهبٍ ومَذْهبٍ! بل لا يُفَرِّقون بين سَلفيٍّ وخَلَفِيٍّ! بل بين سلفيٍّ وصُوفيٍّ!! وفي كثيرٍ مِن الأدوارِ التي مَرُّوا عليها كان يوجد في أعضاء الإخوان المسلمين كثيرٌ مِن شيوخِ الصوفيَّة! وفي بعض الأحيان -وفي مصر بصورةٍ خاصة- كان في الإخوان بعض الشِّيعة(!)

فلذلك؛ الكلمة هذه -كلمة الحافظ الذهبيّ- يُراد بها: (عدمُ الموالاةِ لِدَعْوةِ الحقِّ).

ولذلك؛ فالذي جَرَى عليه عَمَلُ المسلمين -قاطبةً حتى هذا الزمان إلا مَنِ انحرَفَ- هو: التَّعصُّبُ لِلْحَقِّ مع أيِّ شخصٍ كان، ومحارَبةُ الباطلِ مع أيِّ شخصٍ كان، لكنْ هذا (لا يَعني إنكارَ الحقِّ الذي مع ذاك الْمُبطِل).

وغايةُ ما يُمْكن أن يقال هنا -بالنسبة لهٰذه الكلمة- هي أننا إذا كُنّا وَقَفْنا أمامَ عالِمٍ مِن علماءِ المسلمين -فضلًا عن إمامٍ مِن أئمةِ المسلمين- ووَجدْنا له بعضَ الأخطاء، ولم يَتبيَّنْ لنا أنَّ هذا الخطأَ كان عَمْدًا، أو كان هَوًى، أو إصرارًا عليه؛ فيأتي كلامُ الحافظِ الذهبيِّ هنا تمامًا، ونستدلُّ على ذلك بالحديث المعروف في «صحيح البخاري»:

«إِذَا حَكَمَ الحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ فأَصَابَ؛ فَلَهُ أَجْرَانِ، وإنْ أَخْطَأ؛ فَلَهُ أجْرٌ وَاحِدٌ».

أمَّا إذا تَبَيَّن أنّ رَجُلًا، ولو كان صالحًا، ولو كان له جَولاتٌ وصَولاتٌ في الجهاد في سبيلِ الله -مثلًا-، لكنْ كان عنده انحراف قد أُقيمَتِ الحُجَّةُ عليه؛ حينئذ: نحن نُعادِيه ونُبْغِضُه في اللهِ -تبارك وتعالى-.
هٰذا ما يُمكن أن يقالَ بمناسَبة هٰذا السؤال».



أبو عثمان السلفي 03-04-2022 05:50 PM

جواب الإمام الألباني –رحمه الله- عن مسألة تتعلق: بـ(فهم الصحابي)
-2-

نشرتُ «جواب الإمام الألباني في مسألة الموازنات....» فطار به (ضرب مِن النَّاس مِن أغرب أشكال بني آدم=)! ظنًّا منهم أنهم يسيرون على منهج الإمام الألباني في مسألتهم في الجرح والتجريج! أو هو يسير على منهجهم الدَّخيل على الدَّعوة السَّلفية!! (=فسبحان مَن نوَّع خلقه كما أراد)!

وليس المقام –الآن- مقام رد على هؤلاء....

واليوم نستكمل بعض ما جرى في تلك الليلة مع الإمام الألباني –رحمه الله-.

سألتُ الشيخ –رحمه الله- سؤالاً كتبه بعض الإخوة الأفاضل، ومِن منهج الشيخ –رحمه الله- الذي لا يعرفه الكثيرون- أنَّه يصوِّب صيغة الأسئلة –إن كان فيها أخطاءً- قبل الجواب عليها، وهذا مِن دقة وفقه الشيخ –عليه رحمة الله-؛ قلَّ مَن يهتم بهذا الجانب (التربوي) مِن المشايخ المعاصرين، بل قد يزيد في الجواب؛ زيادة في التعليم...

والآن مع السؤال وجواب الشيخ –رحمه الله-:

«السائل: كيف نعرف هل فعل الصحابي هل هو فهم للنص أم اجتهاد منه؟

الشيخ: وما الفرق بين الأمرين -بارك الله فيك-: بين فهم النص واجتهاد منه؟

... أنت تعني إذن: أظن يبدو لي ماذا تعني، تعني: ليس هناك نحن لدينا نص، ويأتينا رأي عن صحابي، فيَرِد سؤالك: هل هذا أخذه من نص لا نعلمه، أو هو اجتهاد منه؟ هكذا تعني....

السائل: نعم.
الشيخ: سبحان الله! على كل حال: هنا يَرِد شيء مهم جدًّا، وهو: كما قال بعض السلف: «رأي الصحابة خير لنا مِن رأينا نحن».

إذا دار الأمر بين أن نأخذ برأي صحابي، أو برأي غير الصحابي، وبخاصة إذا كان هذا الغير -إذا صح التعبير لغة- هو مِن الخَلف، حينئذ مَن الذي يرجح لنا: أن نأخذ برأي هذا الخلفي وندع رأي ذاك السلفي؟

إنْ لم يكن هنا مرجح؛ فرأي الصحابي حينذاك أحب إلينا، وإذا كان الأمر كذلك، فتمام الجواب أن نقول: ليس من الضروري أن نعرف هل هذه الفتوى: صدرت من ذاك الصحابي باجتهاد منه، أو فهماً منه لنص نحن لم نقف عليه؟

إذا عرفنا الجواب السابق حينئذ يتبين لنا أنه ليس من الضروري أن نعرف أنَّه هو رأي، أو فهم لنص نحن لم نطلع عليه.
أظن أنَّ الأمر هكذا واضح.

السائل: نعم؛ جزاكم الله خيرًا.

الشيح: هناك شيء آخر يضاف على سبيل -يعني- زيادة بيان:

نحن عندنا نصوص في الثناء على الصحابة، وإذا تركنا أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالخيرية جانباً، فأقول ليس عندنا أيّ نص في الثناء على الخَلف، بل على العكس مِن ذلك، عندنا قدح في الخلف بصورة عامة، يكفي حينئذ إذا كان عندنا رأي منقول -أوسع دائرة سؤالك الآن-؛ منقول عن سلفي مِن أهل السَّلف الصَّالح -وليس فقط مِن الصحابة، أو مِن صحابي-، وعندنا رأي عن خلفي، يكفينا أنَّ ذاك مِن أهل القرون المشهود لهم بالخيرية أنْ نرجحه، إذ هذا إن لم يكن لدينا مرجح شرعي يُلزمنا أنْ نأخذ به، سواء أكان داعماً لرأي السلفي أو الخلفي، يكفينا هذا المدح أنْ نرجح قول السَّلف الصَّالح -ولو فرداً-، هنا تشتد المسألة قوة إذا ما كان هذا الرأي منقولاً عن أكثر مِن واحد، لكن هذا الآن يكفينا: رأي سلفي مقابل رأي خلفي، فالمذهب المعروف في القرون الثلاثة يكفينا أنْ يكون مرجحاً –لنا- بأن نأخذ برأي مَن سلف، وأنْ ندع قول مَن خلف، ولهذا اشتَهر عند أهل العلم أنْ يقولوا:
وكل خير في اتباع من سلف.... وكل شر في ابتداع من خلف».


أبو عثمان السلفي 03-04-2022 05:52 PM

منهج الإمام الألباني -رحمه الله- في مسألة جرح وتعديل الأشخاص، والرد على خوارج العصر...

- 3 -



سألتُ الإمام الألباني -رحمه الله- عن كتاب «ظاهرة الإرجاء» لـ(سفر الحوالي) -عافاه الله وشفاه- في نفْس الليلة -تلك-، وقبل نقل جواب الإمام -رحمه الله- لا بُدَّ مِن بيان منهج الإمام في التَّحذير من الأشخاص، ولو بإشارة يسيرة، وخاصة فيما يَتعلق -وقتها- في الكلام على (مشايخ الصحوة)! -كما يسمّون أنفسهم! -هداهم الله-، فمن سياسة الشيخ -رحمه الله- أنه إذا جاءه شخص متحامل على فلان، قام الشيخ بتهدئة هذا المتحامل، وإذا جاءه آخر عنده غلو في فلان، بادر الشيخ بتخفيف وتجفيف هذا الغلو المذموم...

وكما قال الشيخ الحلبي -رحمه الله- في شريط مسجّل يقارن بين موقفين للإمام الألباني في سياق ما نحن فيه: «شيخنا -سبحان الله العظيم-: (هناك لاحظتم غلوًا في الحبّ فرددتموه، وهنا لاحظتم غلوًا في الرَّد فرددتموه)، فالشيخ جزاه الله خيرًا: إنصافه.. والعدل..، وهذا منهج أهل الحديث؛ أنهم يقولون الذي لهم، ويقولون الذي عليهم».

وهذا المنهج السَّلفي الوسطي الذي سار عليه أئمة الدَّعوة: (ابن باز، والألباني، والعثيمين)، فاعتدال منهجهم لا يختلف عليه اثنان، و(كاد) يكون اتفاق الثلاثة إجماعًا= في مسألة نقد الرِّجال، فلكلِ زمان أحكامه، وله أحواله وظروفه، يُقدِّرها العالم الرّباني، فتنجوا الأمة به، أما إذا تصدّر سفهاء الأحلام، فبهم تغرق السَّفينة، فلهذا وَجَبَ التّحذير مِن (غلاة التّجريح)، الذين تشبّهوا بأصحاب الحِلق الذين يُسبِّحون بالحصى، وفي كل حلقة رجل يقول: (كبروا مئة)، (هللوا مئة)، (سبحوا مئة)، ولسان حال هذه النَّابتة: (بدعوا فلانًا مئة)! (ضللوا فلانًا مئة)! ....إلخ!! ثم انتهى المطاف بـ(رؤوس الحِلق) أنْ بدّع بعضهم بعضًا -كما رأينا-!!

فلو تمسكوا بغرس العلماء الثلاثة لما خرجوا على المسلمين!

ومِن منهج الإمام الألباني في الرِّجال أنه لا يجامل أحدًا؛ ولو كان من المُقرّبين...

لهذا كُتب له القبول بين العلماء وطلبة العلم، ودافعوا عنه -بالحقِّ-؛ يقول فضيلة الشيخ ربيع المدخلي -سدده الله- مخاطبًا الإمام الألباني في مكالة هاتفية: «شيخنا: أنا والله أدافع عنك أكثر مما أدفاع عن نفسي -ورب السماء والأرض-، والله امتحنت مِن جهات –بسببكم- سياسية وغيرها... يعلم الله نعتبركم إمام السَّلفية... لا يعرف الفضل إلا ذووه...، وعرفوا المنهج السلفي والاستقامة والتمسك بالكتاب والسنة والاعتدال بكتبكم... نحن لا نستغني عن حرصكم على الدّعوة السلفية وعلى أهلها الغرباء -الآن-».

فسلفية الألباني مع بقية إخوانه العلماء: العثيمين وابن باز؛ سلفية واحدة -عقيدةً ومنهجًا وسلوكًا-، متماسكة قوية، ومِن ادعى أنه سلفيته أو منهجه أقوى مِن سلفية هؤلاء العلماء فهذا ضرب مِن الخبال، فهؤلاء منارة للسلفيين، يستنير بهم الجميع في هذا الزَّمان المتأخر!

وقد ذكرتُ كلام فضيلة الشيخ الوالد ربيع المدخلي -سدده الله- بسبب ظهور فئة من (الغلاة) تتمسح به، وهو بريء مِن هذا الغلو –فيما نحسبه والله حسيبه-، فلم يسلم أحد مِن القدح، وتُرك طلب العلم، واشتُغل بالقال والقيل، فنأمل من فضيلة الشيخ كلمة تقطع دابر هذه الفئة والفتنة، وأنْ ينصح الشباب بلزوم غرس العلماء الكبار، والدِّفاع عنهم...

وأقول: لا أقارن اجتهاد الشيخ ربيع في شخص –ما- خطأً، بما يصدر مِن هؤلاء (الغلاة المتطرفين) مِن تهوّر وتدهور في مسألة الجرج والتّجريح(!)

فكل مَن أخطأ صار مبتدعًا عندهم -هكذا!-، ولسان حالهم أنّه: (كل مَن وقع في البدعة وقعت البدعة عليه)! بعيدًا عن تأصيلات علماء أهل السنة والجماعة في مسألة التبديع والتّكفير، فرحم الله الإمام الألباني الذي كان شديد الإنكار على (جهيمان) وجماعته الذين خرجوا على المسلمين، وفعلوا ما فعلوا في بيت الله الحرام(!) ومع ذلك لم يلقبهم أو ينسبهم للخوارج، فقال -رحمه الله-: «لا يمكن أن نعتبره أنّه كان من الخوارج، أما أنّه خرج: خرج؛ لكن لا تلازم بين كونه خرج وبين كونه مِن الخوارج...» إلخ. [«سلسلة الهدى والنور »- شريط رقم: (212)]، فيعسر على فَهم هؤلاء أنه: «ليس كل من وقع في البدعة وقعت البدعة عليه»!

وقال –رحمه الله-: «نحن قلنا في بعض ما سطرنا أنَّ بعض الأئمة وقعوا في البدعة، وهذا القول لستُ مبتدعًا له؛ بل قد اقتبستُه من شيخ الإسلام ابن تيمية، لكننا مع ذلك ما نقول على أولئك الذين وقعوا في البدعة: أنهم مبتدعة! أولئك الذين أنت تشير إليهم هو مصداق ما قلت لك آنفًا: (أنّ ليس كل مِن ينتمي للدعوة السلفية، ويكون سلفيًا في الجملة: يكون سلفيًا في التفصيل سواء من الناحية العلمية، أو من الناحية العملية التطبيقية، ما فيه تلازم بينهما ولذلك فنحن علينا أن نعلم الناس».[«سلسلة الهدى والنور »- شريط رقم: (1002)]

وعوداً على بدء، فقد كان للإمام الألباني رأيًا في (مشايخ الصحوة)، وكلما أرد شخصٌ –وما أكثرهم- أن يستخلص كلمة من الشيخ ضدهم رجع بخفي حُنين، ثم جاء دورنا لقيام بهذه المغامرة، فسألت الشيخ –رحمه الله-، وما كنا نَحلم بهذا الجواب، وأن نخرج مِن المجلس سالمين! ولكن الله سلّم...

فقد ظهر الحقُّ للشيخ، ووصمهم بـ(خوارج العصر)، بعد أن كان الشيخ يُحسن الظن بهم، ولأنهم كانوا يُظهرون الاحترام الإجلال له؛ فمنهم مَن زاره، ومنهم من راسله، ومنهم ألقى محاضرة للدفاع عنه والرد على خصومه، ومنهم...

والشيخ –رحمه الله- لا يُقلد أحدًا في الحكم على الأشخاص -تديّنًا-، بخلاف المقلدة مِن (غلاة التّجريح) الذين يصدق فيهم قول شيخ الإسلام: «ومن قلد مَن يسوغ له تقليده فليس له أن يجعل قول متبوعه أصح من غيره بالهوى بغير هدى مِن الله، ولا يجعل متبوعه (محنة للناس)؛ فمن وافقه والاه، ومن خالفه عاداه؛ فإنّ هذا حرمه الله ورسوله باتفاق المؤمنين». [«المستدرك على مجموع الفتاوى» (2/252)]

ولنا جولة أخرى مع الغلاة الذين استغل الإعلام الفاجر في تشويه صورة الدّعوة السَّلفية النَّقيَّة بسببهم!



والآن مع جواب الإمام الألباني –رحمه الله-:

سألتُ الإمام الألباني عن كتاب: «ظاهرة الإرجاء في الفكر الإسلامي» لسفر الحوالي فقال:

«كان مني –أنا- رأيٌ، صدر مني يوماً –ما-، منذ نحو من ثلاثين سنة حينما كنت في الجامعة [الإسلامية]، وسُئلتُ في مجلس حافلٍ عن رأيي في جماعة التبليغ، فقلتُ يومئذ: (صوفية عصرية)، فالآن خطر في بالي أن أقول بالنسبة لهؤلاء الجماعة الذين خرجوا في العصر الحاضر وخالفوا السّلف، أقول هنا تجاوباً مع كلمة الحافظ الذهبي: خالفوا السّلف في كثير من مناهجهم، بدا لي أن أسمِّيهم: خارجية عصرية، فهذا يشبه الخروج الآن فيما –يعني- نقرأ من كلامهم؛ لأنهم -في الواقع- كلامهم ينحو منحى الخوارج في تكفير مرتكب الكبائر، لكنهم ـ ولعل هذا ما أدري؟ أن أقول: غفلة منهم أو مكر منهم!! وهذا أقوله –أيضًا- من باب: {ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ على أَن لاَ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، ما أدري لا يصرّحون بأنّ كل كبيرة هي مكفِّرة! لكنهم يُدندنون حول بعض الكبائر ويسكتون أو يمرّون على الكبائر الأخرى! ولذلك فأنا لا أرى أن نُطلق القول ونقول فيهم: إنهم خوارج إلا من بعض الجوانب، وهذا من العدل الذي أُمرنا به ... ».

أبو عثمان السلفي 03-04-2022 05:53 PM

جواب الإمام الألباني -رحمه الله- عن سؤالي -له- عن كتاب «تحذير الأئمة مِن تعليقات الحلبي على كلام الأئمة» لأبي رحيم(!)

-ج4-

في تلك الليلة القمراء التي جلسنا مع الإمام الألباني -رحمه الله-، سألتُه عن كتاب المدعو د.محمد أبو رحيم! «تحذير الأئمة مِن تعليقات الحلبي على كلام الأئمة»!! فكان الجواب الإمام الألباني صاعقة على رأس هذا الدُّكتور وعلى مَن خلفه مِن الحزبيين الذين تلبسوا لبوس السَّلفية...

وبعد أيام مِن الجلسلة الألبانية زرتُ الشيخ الحلبي -رحمه الله- في مكتبته العامرة، وتكلمنا حول موضوع أبي رحيم، فسألتُه عن طلب الشيخ الألباني في الجلوس مع أبي رحيم!

فأشار بيده -رحمه الله- أي: انتظر قليلاً..

فرفع سماعة الهاتف، واتصل بالإمام الألباني، وبعد سؤال التلميذ عن شيخه والاطمئنان عليه، سأله عن موضوع د.أبي رحيم -هذا!-، فقال الإمام الألباني -رحمه الله-:

«ولى دبره»!

واليوم؛ وبعد أكثر مِن عقدين مِن الزّمان (رجعت حليمة لعادتها القديمة)! فبدأ ينشر سمومه القديمة في هذا الإمام العظيم، فبدأ بالتلميذ وختمها بالشيخ! وإنْ كان مقصود الحزبيين مِن بداية الأمر هو الطعن في عقيدة الإمام الألباني -رحمه الله-..

وقد ردَّ عليه الشيخ الحلبي في كتابه العظيم «الرد البرهاني في الانتصار للعلامة المحدث الإمام الشيخ محمد ناصر الدين الألباني-نقضًا لتسويد: حقيقة الإيمان عند الشيخ الألباني! للمدعو (د. محمد أبو رحيم!!) ».

يا هذا! انشر ما تشاء! واكتب ما تشاء! واطعن بمن تشاء! وبدّع مَن تشاء!...إلخ.

فإنِّنا نتذكر -هنا- قصة أم عمرو -والتي أصبحت مثلاً مُتداولاً إلى اليوم-....

إذا ذهب الحمار بأم عمرو ~~~ فلا رجعت ولا رجع الحمار



والآن مع السؤال وجواب الإمام:

«السؤال: حول كتاب (أبو رحيم) تحذير الأئمة مِن تعليقات الحلبي على كلام الأئمة»؟!

الإمام الألباني: نسأل الله أن يهدينا وإياه! ليس لنا إلا نقول إلا هذا.

مداخلة: معذرة شيخنا عفوًا. اطّلعتم على الكتاب؟

الإمام الألباني: لا لم أطلع؛ اطَّلعت على فصل منه -أولا-ً.

وثانيًا: قبل أن يؤلّفه، كان اتصل بي هاتفيًا، وقال: عندي ملاحظات على كتابة أخينا علي الحلبي، في تقديمه لرسالتي -تعرفونها طبعًا-.

مداخلة: نعم -يا شيخ-.

الإمام الألباني: قلت: مثل ماذا؟!

ذَكَر أن الأخ علي انتقد عبارة -يمكن لأحد الكتاب المعاصرين -محمد قطب أو غيره -لا أذكر-، المهم نقل هذه العبارة مِن كلام ابن تيمية، وأسقط مِن آخرها جملة استثنائية.

يقول أبو رحيم: أخونا الحلبي انتقد النَّاقل في بتره لهذه الجملة.

أبو رحيم يدافع، يقول: لماذا ينتقد هؤلاء؟! وإيش فيها!

فصار نقاش بيني وبينه هاتفيًا.

أنا عتبت عليه، وقلت له:

أولاً: ابن تيمية لم يذكر هذا الاستثناء -ولعلكم تذكرون الاستثناء وهو قوله: إلا أن يكون جاهلاً.

مداخلة: وإلا كانوا جهالاً.

الإمام الألباني: هكذا -المعنى يعني!-، قلت له: ابن تيمية لم يذكر هذا عبثًا! -أولاً-.

ثانيًا: الخلاف الناشب -اليوم- يجعل الواحد منّا حينما يقف أمام هذا النقل المبتور! يضطر أن يسيء الظَّن بالنَّاقل؛ لأنَّه:

أولاً: الأمانة العلمية تقتضي نقل العبارة بكاملها.

ثانيًا: المشكلة القائمة -الآن- بتوسيع دائرة التَّكفير بدون ضوابط! بدون قيود!! بدون شروط!!! يجعل الإنسان يشك أنَّ هذا مقصودًا.

باختصار قلت له: ابن تيمية إذا جاء بهذا الاستثناء، هل هذا مِن نافلة القول -حتى يقال: لا شيء عليه إذا أسقطه!-؟!

انتهت المكالمة بيني وبينه.

بعد أسبوع... اتصل بي مرة أخرى، وقال: (عندي ملاحظات حول رسالته، أريد أن أقرأها عليك).

قلت له: أنصحك أن لا تفتح خلافًا ونقاشًا بينك وبين أخيك علي [الحلبي]؛ لأنَّنا جميعًا على خط واحد، انظر إلى مسائل أُخرى تكون أهم، واشتغل في الرد عليها.

المهم: لم يستجب! وألّف تلك الرسالة!

أرسلها إليَّ؛ أنا رفضتها، لم أطَّلع عليها.

كان بعض إخواننا أرسلوا لي صورة قبل الطباعة عن فصل مِن فصوله، فبدا لي مِن هذا الفَّصل كأنَّه أحد شيئين -والله أعلم أيهما الواقع والراجح-:

أحدهما: أنَّ الخلاف بين الأخوين خلاف لفظي، وليس خلافًا جوهريًا أو عقديًا.

إلا أن يكون -وهذا ما لا نرجوه!- أنْ يكون أخونا (أبو رحيم) تأثر بالدَّعوة القائمة اليوم في تكفير المسلمين: سواء كانوا حكامًا ومحكومين! لارتكابهم بعض المخالفات الشرعية -على الأقل-، لكن أخانا (أبو رحيم) لا يُفصح عن ذلك فيكون الخلاف بينهما عقديًا جوهريًا.

فأنا -الحقيقة- لا أدري -الآن- أيهما أرجح، وأرجو أنْ تكون الأولى -خلاف لفظي-، لأنَّ الذي نعرفه عن أخينا أبي رحيم أنَّه معنا، إلا أن يكون قد تأثر ، والأمر كما تعلمون: (قلوب العباد بين أصبعين مِن أصابع الرحمن؛ يقلبها كيف يشاء).

هذا ما عندي، وماذا عندكم ، ولا بدَّ أنكم اطّلعتم على رسالته، وتبيّن لكم أحد الأمرين -ولا بدّ-؟ فماذا بدا لكم؟

قلت: والله -يا شيخ- الرأي الثاني.

الإمام الألباني: الثاني.

قلت: نعم.

الإمام الألباني: خلاف عقدي -إذن-.

قلتُ: نعم -يا شيخ-؛ هذا الذي تبيّن لي.

الإمام الألباني: لكن هل هناك نصٌّ صريح في رسالته بهذا؟

قلتُ: قضية التّكفير.

الإمام الألباني: بلى!

هل هناك نصّ بالتَّكفير؟

قلتُ: نعم -يا شيخ-.

الإمام الألباني: يقول -مثلاً-.

قلتُ: ولكن لا أتذكًّره -الآن-.

الإمام الألباني: نحن اليوم كنَّا في هذا الصَّدد -مع بعض إخواننا-، وكلَّفته تبليغه رسالتي التالية، وهي أن يقول له:

(إنَّ هذا الخلاف الذي نشب -هنا- هو سببه(!) وسبب هذا السبب هو اعتداده برأيه! وعدم مطاوعته لرأيي -أنا-، وأنا ناصح له أمين -إن شاء الله-.

فهو يتحمّل مسؤلية الشِّقاق والخلاف، لأنَّك تعرف طبيعة الناس: النَّاس يتحزبون لهذا! وأناس يتحزبون لهذا! وأكثر الناس -في الحقيقة- لا يعقلون! وهذا مما يؤسف له!

فقلت له: أبلغه هذه الكلمة.

ثم أنا لا أدري حقيقة الرِّسالة لأني لم أقرأها، ولكن قرأت قسمًا صوّر لي قبل أن ينشرها، ومِن هذا القسم لم أشعر أنَّه يوجد خلافًا جوهريًّا).

هذا كلّه مِن رسالتي كلّفت أخانا أن يبلغها إياه.

قلت له [الألباني]: أنت تسأله:

هل ترى أن بينك وبين الأخ علي [الحلبي] خلافًا جوهرياً، أم خلافًا شكليًا؟!

فإذا كان الخلاف شكليًّا -كما هو أحد الاحتمالين، وكما أرجوه!- فتب إلى الله -عزَّ وجلَّ- بإثارتك مشكلة لا شيء مِن التَّحقيق فيها.

وإنْ كان الخلاف جوهريًا -وهذا هو الاحتمال الثاني- أن يحمل في ثنايا نفسه عقيدة التَّكفير!! فأنا مستعد أن ألتقي معه، وأتباحث معه في هذا..

على هذا اتفقنا.

ونسأل اللهَ أن يهدينا وإياه..».

أبو عثمان السلفي 03-04-2022 05:56 PM

رأي الإمام الألباني في التَّنافس في الألعاب الرياضية...
-ج 5 والأخير-

▪️بعض الناس قد يتحمَّس ويتحزَّب لفريق رياضي -ما-، فإذا انهزم هذا الفريق اسودت الدُّنيا في عينه! وضاق صدره!! وأقام الدُّنيا ولم يقعدها -كما يُقال!-، فبيّن الإمام الألباني أنَّ ما بعد الوصول إلى القمة: الهبوط.

🔹 قال -رحمه الله- مُبيِّنًا:

«الحديث في «صحيح البخاري»: أنَّ النَّبي -صلى الله عليه وسلم- أجرى مسابقة على ناقته، مع أعرابي على ناقته، فسبق الأعرابي بناقته ناقة الرَّسول -عليه السَّلام-، فكأنه أخذ على خاطر بعض الصَّحابة -كيف تُسبق ناقة الرسول؟!-.

▪️مداخلة: ركبها الرسول -عليه الصلاة والسلام-.

▪️الإمام الألباني: لا.

▪️مداخلة: لم يركبها.

▪️الإمام الألباني: فقال لهم -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «ما ارتفع شيء مِن أمر الدِّنيا إلا وضعه الله». إلا وضعه الله!

هذه أمور دنيوية محضة، لا يأخذ على خاطركم....

🥇 الحقيقة: الرِّياضة جيدة؛ لكن الرِّياضة الأخلاقية أهم بكثير». اهـ 


الساعة الآن 10:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.