{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر القرآن والسنة - للنساء فقط (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=49)
-   -   الدر الثمين من تفسير العلامة ابن عثيمين (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=20742)

أم زيد 09-24-2010 09:18 AM

الدر الثمين من تفسير العلامة ابن عثيمين
 
بسم الله الرحمن الرحيم



الدُّرُّ الثَّمين
مِن تَفسير العلامةِ ابنِ عُثَيمينَ-رَحمهُ اللهُ-


هذه فوائد جمعتُها -وأجمعها- من قراءتي لتفسير العلامة الفقيه المفسر المتفنن الشيخ محمد بن صالح العثيمين -رحمه الله-، والذي طبع منه الكثير -ولله الحمد والمنة-.
والموضوع متجدد -إن شاء الله-: أبدأ بالفاتحة، ثم البقرة، ثم آل عمران .. وهكذا -إن شاء الله-بما يسر الله لي-، وأنقل فائدة في كل مشاركة، وأضع لها عنوانًا، وأصدر ذلك بالآية التي استنبطت منها الفائدة، وأذيل كل ذلك برقم الجزء والصفحة.
وأسأل الله التيسير والقبول.


اقتباس:

[تنبيه: من أرادت من الأخوات الكريمات المشاركة؛ فالرجاء مراعاة التالي:
التقيُّد بالترتيب في تنزيل الفائدة؛ فلا تنزل فائدة من جزء عم -مثلًا- والنقل ما يزال من سورة البقرة. والحرص على وضع عنوان مناسب، وكذا التوثيق -سواء بذِكر الآية قبل الفائدة، أو بِذكر الجزء والصفحة-، والاقتصار على فائدة (واحدة) في كل مشاركة].


أم زيد 09-24-2010 09:21 AM

سورة الفاتحة

[ العبادات مبناها على التوقيف ]

وقد ابتدع بعضُ النَّاس -اليومَ- في هذه السُّورةِ بدعةً؛ فصاروا يختمون بها الدُّعاء، ويبتدئون بها الخُطب، ويقرؤونها عند بعض المناسبات؛ وهذا غلط!
تجده -مثلاً-: إذا دعا، ثم دعا؛ قال لمَن حوله: (الفاتحة!)؛ يعني: اقرؤوا الفاتحة!!
وبعض النَّاس يبتدئ بها في خُطبه، أو في أحوالِه؛ وهذا -أيضًا- غلط؛ لأن العبادات مَبناها على التوقيف والاتِّباع.
[(1/4)، مع ملاحظة أن بداية هذا الجزء مقدمة في أصول التفسير، وهي مرقمة الصفحات حتى (ص70)، ثم يبدأ التفسير بترقيم جديد)].

أم زيد 09-24-2010 09:28 AM

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
[ الرد على من أنكر صفة الرَّحمة ]
وقد أنكر قوم وصف الله -تعالى- بالرَّحمة الحقيقيَّة، وحرَّفوها إلى الإنعام، أو إرادة الإنعام، زعمًا منهم أنَّ العقلَ يحيل وصف الله بذلك؛ قالوا: «لأنَّ الرَّحمة انعطاف ولين وخُضوع ورِقة؛ وهذا لا يليق بالله -عزَّ وجلَّ-»!
والرَّد عليهم مِن وجهين:
الوجه الأول: منع أن يكون في الرَّحمة خضوع وانكسار ورقة؛ لأنَّنا نجدُ من الملوك الأقوياء رحمةً دون أن يكون منهم خضوع ورقَّة وانكسار.
الوجه الثاني: أنه لو كان هذا مِن لوازم الرَّحمة ومُقتضياتها؛ فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق -سُبحانه وتعالى-؛ فهي تليق بعظمته وجلالِه وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصًا بوجه من الوجوه.
ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرَّحمة الحقيقيَّة لله -عزَّ وجلَّ-، فإنَّ ما نشاهده في المخلوقات مِن الرَّحمة بَيْنها يدل على رحمة الله -عزَّ وجلَّ-، ولأن الرَّحمة كمال؛ والله أحق بالكمال، ثم إنَّ ما نشاهده من الرَّحمة التي يختصُّ الله بها -كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك-؛ يدل على رحمة الله.
والعجب أن مُنكري وصف الله بالرَّحمة الحقيقيَّة بحجة أن العقل لا يدل عليها، أو أنه يحيلها؛ قد أثبتوا لله إرادةً حقيقيَّة بحجة عقليَّة أخفى مِن الحجة العقليَّة على رحمة الله؛ حيث قالوا: إن تخصيصَ بعض المخلوقات بما تتميَّز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنِّسبة لدلالة آثار الرَّحمة عليها أخفى بِكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النَّباهة؛ وأمَّا آثار الرَّحمة فيعرفه حتى العوام، فإنَّك لو سألت عاميًّا صباح ليلةِ المطر: «بِمَ مُطرنا؟»، لقال: «بفضلِ الله ورحمته».(1/6-7)

أم أويس السلفية 09-25-2010 12:37 PM

أختي أم زيد جزاك الله خيرا على هذا الموضوع القيم الذي يبرز جهود الشيخ العثيمين وسعة علمه -رحمه الله

{بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
مسألة
هل البسملة آية من الفاتحة؛ أو لا؟


في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص، وسياق السورة..

أما النص: فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: إذا قال: { الحمد لله رب العالمين } قال الله تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: { الرحمن الرحيم } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي؛ وإذا قال: { مالك يوم الدين } قال الله تعالى: مجّدني عبدي؛ وإذا قال: { إياك نعبد وإياك نستعين } قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛ وإذا قال: { اهدنا الصراط المستقيم }... إلخ، قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل"(51) ؛ وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صلَّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر؛ فكانوا لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول قراءة، ولا في آخرها"(52) : والمراد لا يجهرون؛ والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها..

أما من جهة السياق من حيث المعنى: فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق؛ وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين } وهي الآية التي قال الله فيها: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"؛ لأن { الحمد لله رب العالمين }: واحدة؛ { الرحمن الرحيم }: الثانية؛ { مالك يوم الدين }: الثالثة؛ وكلها حق لله عزّ وجلّ { إياك نعبد وإياك نستعين }: الرابعة . يعني الوسَط؛ وهي قسمان: قسم منها حق لله؛ وقسم حق للعبد؛ { اهدنا الصراط المستقيم } للعبد؛ { صراط الذين أنعمت عليهم } للعبد؛ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } للعبد..

فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى؛ وثلاث آيات للعبد . وهي الثلاث الأخيرة؛ وواحدة بين العبد وربِّه . وهي الرابعة الوسطى..

ثم من جهة السياق من حيث اللفظ، فإذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لزم أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين؛ ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل..

فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة . كما أن البسملة ليست من بقية السور..

....

أم زيد 09-25-2010 03:23 PM

جزاك الله خيرًا -أخيتي الفاضلة- على تفاعلك وإضافتك القيمة.
وتفسير ابن عثيمين من أعظم التفاسير وأنفعها وأيسرها طرحًا -رحمه الله رحمة واسعة-.

......

أم سلمة السلفية 09-26-2010 11:20 AM

حقيقة ُ "الحمْد":
{ الحمد } وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ ولا بد من قيد وهو "المحبة، والتعظيم" ؛ قال أهل العلم: "لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم: لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً"؛ ولهذا يقع من إنسان لا يحب الممدوح؛ لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ تجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء، ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه، أو خوفاً منهم؛ ولكن حمدنا لربنا عزّ وجلّ حمدَ محبةٍ، وتعظيمٍ؛ فلذلك صار لا بد من القيد في الحمدَ أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ و "أل" في { الحمد } للاستغراق: أي استغراق جميع المحامد..))
تفسير الآية:{ الحمد لله رب العالمين }

أم زيد 09-26-2010 03:25 PM

[ القراءةُ عند العوامِّ بِالقِراءاتِ ]
واعلمْ: أنَّ القراءةَ التي ليست في المصحف الذي بين أيدي النَّاس؛ لا تنبغي القراءةُ بها عند العوامِّ؛ لوُجوهٍ ثلاثةٍ:
الوجه الأول: أن العامَّة إذا رَأَوا هذا القرآن العظيمَ الذي قد ملَأ قلوبَهم تعظيمُه واحترامُه، إذا رأوه مرةً كذا ومرةً كذا؛ تَنزل منزلتُه عندهم؛ لأنَّهم عوام لا يُفرِّقُون.
الوجه الثَّاني: أنَّ القارئ يُتَّهم بأنَّه لا يَعرف؛ لأنه قرأ عند العامَّة بما لا يَعرِفونه؛ فيَبقَى هذا القارئُ حديثَ العوامِّ في مجالسِهم.
الوجه الثَّالث: أنَّه إذا أحسن العامِّيُّ الظنَّ بهذا القارئ وأن عنده علمًا بما قَرأ فذهبَ يُقلِّده؛ فربما يُخطئ ثم يَقرأ القرآن لا على قراءةِ المصحف ولا على قراءة التَّالي الذي قرأها! وهذه مفسدة.
ولهذا قال عليٌّ: «حدِّثوا النَّاس بما يَعرفون؛ أتحبُّون أن يُكذَّب الله، ورسوله»، وقال ابن مسعود: «إنَّك لا تُحدِّث قومًا حديثًا لا تبلغه عقولُهم إلا كان لبعضهم فتنةً».
وعمر بن الخطَّاب لما سمع هشام بنَ الحكم يقرأ آيةً لم يسمعها عمرُ على الوجه الذي قرأها هشامٌ؛ خاصمه إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لهشام: «اقرأ»، فلما قرأ؛ قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «هكذا أُنزلت»، ثم قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لِعُمر: «اقرأ»، فلما قرأ؛ قال النَّبي -صلى الله عليه وسلَّم-: «هكذا أُنزلت»؛ لأنَّ القرآن أنزل على سبعةِ أحرفٍ، فكان النَّاس يقرؤون بها حتى جمعها عثمان -رضي الله عنه- على حرف واحد -حين تَنازع الناس في هذه الأحرف-، فخاف -رضي الله عنه- أن يشتدَّ الخلاف؛ فجمعها في حرف واحد -وهو حرف قريش؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل عليه القرآن بُعث منهم-؛ ونُسيَت الأحرف الأخرى.
فإذا كان عمر -رضي الله عنه- فعل ما فعل بِصحابي؛ فما بالُك بعاميٍّ يَسمعك تقرأ غير قراءة المصحف المعروف عنده؟!
والحمدُ لله: ما دام العلماء متَّفقين على أنه لا يجب أن يقرأ الإنسان بكل قراءة، وأنَّه لو اقتصر على واحدة من القراءات فلا بأس؛ فدَع الفتنة، وأسبابها. (1 /17-19)

أم سلمة السلفية 09-27-2010 11:52 AM

الاستعانة بالعباد :
فإن قال قائل: كيف يقال: إخلاص الاستعانة لله وقد جاء في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2] إثبات المعونة من غير الله عزّ وجلّ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة"؟(1) ..
فالجواب: أن الاستعانة نوعان: استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عزّ وجلّ، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله عزّ وجلّ؛ واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزة إذا كان المستعان به حياً قادراً على الإعانة؛ لأنه ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2 )
فإن قال قائل: وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال؟
فالجواب: لا؛ الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادراً عليها؛ وأما إذا لم يكن قادراً فإنه لا يجوز أن تستعين به: كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئاً؛ فكيف يعينه!!! ...))
تفسير قوله تعالى:{ وإياك نستعين}
ـــــــــ
(1):أخرجه البخاري ومسلم

أم أويس السلفية 09-28-2010 11:37 AM


(اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)

أنواع الهداية
**** المراد بـ "الهداية" هداية الإرشاد، وهداية التوفيق؛ فأنت بقولك: { اهدنا الصراط المستقيم } تسأل الله تعالى علماً نافعاً، وعملاً صالحاً؛ و{ المستقيم } أي الذي لا اعوجاج فيه..
**** الهداية تنقسم إلى قسمين:
هداية علم، وإرشاد؛ وهداية توفيق، وعمل؛ فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله عزّ وجلّ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس} [البقرة: 185] ؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين} [البقرة: 2] وهذه قد يحرمها بعض الناس، كما قال تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17] : {فهديناهم} أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا..
****ومن فوائد الآية: أن الصراط ينقسم إلى قسمين: مستقيم، ومعوج؛ فما كان موافقاً للحق فهو مستقيم، كما قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} [الأنعام: 153] ؛ وما كان مخالفاً له فهو معوج..

أم زيد 10-02-2010 01:14 AM

[ أسباب الخروج عن الصراط المستقيم ]
وأسباب الخروج عن الصراط المستقيم:
إما الجهل، أو العناد.
والذين سبب خروجِهم (العناد) هم المغضوب عليهم؛ وعلى رأسهم: اليهود.
والآخرون -الذين سبب خروجهم (الجهل)-: كل مَن لا يَعلم الحقَّ؛ وعلى رأسهم: النصارى. وهذا بالنسبة لحالهم قبل البعثة -أعني النصارى-؛ أما بعد البعثةِ؛ فقد عَلموا الحقَّ وخالفوه؛ فصاروا هم واليهود سواء! كلهم مغضوب عليهم! (1 /20)

أم زيد 10-02-2010 01:44 AM

سورة البَقرة


[ من سُنن المرسَلين: تبشير الإنسان بما يَسُرّ ]
مشروعية تبشير الإنسان بما يسرُّ؛ لقوله -تعالى-: ﴿وَبَشِّرِ الذِين آمَنوا وعَمِلوا الصَّالحاتِ، ولقول الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَبَشَّرناهُ بِإسحاقَ نَبِيًّا مِّن الصَّالِحينَ[الصافات: 112]، وقوله -تعالى-: ﴿وَبَشَّروهُ بِغلامٍ عَليمٍ[الذاريات: 28]، وقوله -تعالى-: ﴿فَبَشَّرناهُ بِغُلامٍ حَليمٍ[الصافات: 101].
فالبِشارة بما يَسر الإنسانَ من سُنن المرسَلين -عليهم الصَّلاة والسلام-.
وهل من ذلك: أن تبشرَه بمواسم العبادة -كما لو أدرك رمضان؛ فقلتَ: (هنأك الله بهذا الشهر)-؟
الجواب: نعم.
وكذلك -أيضًا-: لو أتم الصوم، فقلتَ: (هنأك الله بهذا العيد، وتقبل منك عبادتك) -وما أشبه-؛ فإنه لا بأس به، وقد كان من عادة السلف. (1/93)

أم زيد 10-05-2010 03:52 PM

[أعداءُ الله يَصفون أولياءَه بما يوجب التَّنفير عنهم]
أعداء الله يَصفون أولياءَه بما يوجب التَّنفير عنهم لقولهم: ﴿أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ﴾؛ فأعداء الله -في كل زمان، وفي كل مكان- يَصفون أولياء الله بما يوجب التَّنفير عنهم.
فالرسل وصفهم قومُهم بالجنون، والسِّحر، والكهانة، والشِّعر تنفيرًا عنهم، كما قال تعالى: ﴿كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ [الذاريات: 52]، وقال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ[الفرقان: 31] وورثة الأنبياء مثلهم يَجعل الله لهم أعداءً من المجرِمين.
ولكنْ: ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا [الفرقان: 31]؛ فمهما بَلَغوا من الأساليب؛ فإن اللهَ -تعالى- إذا أراد هداية أحدٍ فلا يمنعُه إضلالُ هؤلاء؛ لأن أعداءَ الأنبياء يسلكون في إبطال دعوة الأنبياء مَسْلكَين: مسلكَ الإضلال والدعاية الباطلة -في كل زمان، ومكان-؛ ثم مسلكَ السِّلاح؛ أي: المجابهة المسلَّحة؛ ولهذا قال -تعالى-: ﴿هَادِيًا﴾ في مقابل المسلَك الأول الذي هو الإضلال، وهو الذي نُسميه -الآن- بالأفكار المنحرِفة، وتضليل الأمَّة، والتَّلبيس على عقول أبنائها. وقال -تعالى-: ﴿وَنَصِيرًا﴾ في مقابل المسلكِ الثَّاني؛ وهو المجابهة المسلحة. (1/50)

أم زيد 10-07-2010 07:27 AM

[أصحابُ النَّار]
﴿أصْحَابُ النَّارِ﴾: أي الملازِمون لها.
ولهذا: لا تأتي ﴿أصْحَابُ النَّارِ﴾ إلا في الكفَّار؛ لا تأتي في المؤمنين -أبدًا-؛ لأن المراد: الذين هم مُصاحِبون لها، والمصاحِب لا بُد أن يُلازِم من صاحبَه. (1 /141)

أم زيد 10-08-2010 08:46 AM

[دفاع اللهِ -عزَّ وجلَّ- عنِ المؤمنين]
ذكر -رحمه الله- فائدة مُستنبطة مِن قولِه -تعالى-: ﴿...أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلَكِنْ لا يَعلَمُون[البقرة:13]:
تحقيق ما وعد الله به من الدِّفاع عن المؤمنين، كما قال تعالى: ﴿إنَّ اللهَ يُدافِعُ عن الَّذينَ آمَنُوا [الحج: 38]؛ فإذا ذموا بالقول دافع الله عنهم بالقول؛ فهؤلاء قالوا: ﴿أَنُؤمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ، والله -عزَّ وجلَّ- هو الذي جادَل عن المؤمنين، فقال: ﴿أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُيعني هم السُّفهاء لا أنتم؛ فهذا مِن تحقيق دفاع الله -تَعالى- عن المؤمنين؛ أمَّا دفاعه عن المؤمنين إذا اعتُدي عليهم بالفعل؛ فاستمع إلى قول الله -تَعالى-: ﴿إِذْ يُوحِي ربُّكَ إِلى الملائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي في قُلوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوقَ الأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ[الأنفال: 12]: هذه مُدافعة فِعليَّة، حيث تنزل جنود الله -تَعالى- من السَّماء لتقتل أعداءَ المؤمنين؛ فهذا تحقيق لقولِ الله -تَعالى-: ﴿إِنَّ اللهَ يُدافِعُ عنِ الَّذِينَ آمَنُوا [الحج: 38] .
ولكن الحقيقة أنَّ هذا الوعدَ العظيم مِن القادر -جلَّ وعلا- الصَّادق في وعده يحتاج إلى إيمانٍ حتى نؤمن بالله -عزَّ وجلَّ-، ولا نخشى أحدًا سواه، فإذا ضعف الإيمان؛ أصبحنا نخشى النَّاس كخشية الله، أو أشد خشية؛ لأننا إذا كنا نراعيهم دون أوامر الله فسنخشاهم أشد من خشية الله -عزّ وجلّ-؛ وإلا لكُنا ننفذ أمر الله -عزّ وجلّ، ولا نخشى إلا الله -سبحانه وتعالى-.
فنحن لو آمنا حقيقة الإيمان بهذا الوعد الصَّادق الذي لا يُخلَف؛ لكنَّا منصورين في كل حال؛ لكن الإيمان ضعيف؛ ولهذا صِرنا نخشى النَّاس أكثر مما نخشى الله -عزَّ وجلَّ-؛ وهذه هي المصيبة، والطَّامة العظيمة التي أصابت المسلمين اليوم.
ولذلك تجد كثيرًا من ولاة المسلمين -مع الأسف- لا يهتمُّون بأمر الله، ولا بشريعة الله؛ لكن يهتمون بمراعاة فلان، وفلان؛ أو الدَّولة الفلانية، والفلانية، ولو على حساب الشريعة الإسلامية التي مَن تمسك بها فهو المنصور، ومَن خالفها فهو المخذول؛ وهم لا يعرفون أنَّ هذا هو الذي يُبعدهم مِن نصر الله؛ فبدلاً مِن أن يكونوا عبيدًا لله أعزة صاروا عبيدًا للمخلوقين أذلة؛ لأن الأمم الكافرة الكبرى لا ترحم أحدًا في سبيل مصلحتها؛ لكن لو أننا ضرَبنا بذلك عُرض الحائط، وقلنا: لا نريد إلا رضا الله، ونريد أن نطبق شريعة الله -سبحانه وتعالى- على أنفسنا، وعلى أمَّتنا؛ لكانت تلك الأمم العظمى تهابنا.
ولهذا يقال: مَن خاف الله خافَه كل شيء، ومَن خاف غير الله خاف مِن كل شيء. (1 /51-52)

أم سلمة السلفية 10-08-2010 12:58 PM

نـِعمُ الجزاء ونِعمُ الاستدراج :
أن الله سبحانه وتعالى قد يُملي للظالم حتى يستمر في طغيانه.
فيستفاد من هذه الفائدة فائدة أخرى: وهي تحذير الإنسان الطاغي أن يغتر بنعم الله عزّ وجلّ؛ فهذه النعم قد تكون استدراجاً من الله؛ فالله سبحانه وتعالى يملي، كما قال تعالى: { ويمدهم في طغيانهم يعمهون }؛ ولو شاء لأخذهم، ولكنه سبحانه وتعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته . كما جاء في الحديث(3) ..
فإن قال قائل: كيف يعرف الفرق بين النعم التي يجازى بها العبد، والنعم التي يستدرج بها العبد؟
فالجواب: أن الإنسان إذا كان مستقيماً على شرع الله فالنعم من باب الجزاء؛ وإذا كان مقيماً على معصية الله مع توالي النعم فهي استدراج..

(3) راجع البخاري ص389، كتاب التفسيرن باب 5: قوله: (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد)، حديث رقم 4686؛ ومسلماً ص1130، كتاب البر والصلة والأدب، باب 15: تحريم الظلم، حديث رقم 6581 [61] 2583.



(1/59)

أم زيد 10-11-2010 09:35 AM

[الكلب الأسود شيطان]
(الشَّيطان): كل مارِدٍ؛ أي: كل عاتٍ من الجن أو الإنس أو غيرهما؛ شيطان.
وقد وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- الكلبَ الأسودَ بأنه شيطان، وليس معناه (شيطان الإنس)؛ بل معناه: الشيطان مِن جِنسه؛ لأن أعتى الكِلاب وأشدها قُبحًا؛ هي الكلابُ السُّود؛ فلذلك قال -صلى الله عليه وسلم-: «الكلبُ الأسوَد شيطان».
ويُقال للرجل العاتي: (هذا شيطان بني فلان)؛ أي: مَريدهم وعاتيهم. (1 /53)

أم زيد 10-11-2010 11:29 PM

[الجنَّة التي أُخرِج منها أبونا آدمُ -عليه الصلاةُ والسلام-]
وهل المراد بـ ﴿الجَنَّة جنَّة الخُلد؛ أم هي جنَّة سوى جنَّة الخُلد؟
الجواب: ظاهرُ الكتاب والسُّنَّة أنها جنَّة الخُلد، وليست سواها؛ لأنَّ «أل» -هُنا- للعهد الذِّهني.
فإن قيل: كيف يكون القول الصَّحيح أنها جنَّة الخُلد مع أن مَن دخلها لا يخرج منها، وهذه أُخرج منها آدم؟
فالجواب: أنَّ مَن دخل جنَّة الخُلد لا يخرج منها (بعد البعث).
وفي هذا يقول ابنُ القيِّم في الميميَّة المشهورة:
فحيَّ على جنَّاتِ عَدْنٍ فإنَّها ** منازِلُكَ الأُولى وفيها المُخيَّمُ
قال: «مَنازلُكَ الأولى»؛ لأن أبانا آدم نزلها. (1 /128)

أم زيد 10-12-2010 07:32 AM

[ هل «المُنتقم» مِن جِنس الماكِر، والمُستهزئ؟ ]
هل «المُنتقم» مِن جنس الماكِر، والمستهزِئ؟
الجواب: مسألة «المُنتقِم» اختلف فيها العلماء.
منهم مَن يقول: إن الله لا يوصَف به على سبيل الإفراد؛ وإنما يوصَف به إذا اقترن بـ«العفوّ»؛ فيقال: «العفوُّ المنتقِم»؛ لأنَّ «المنتقمَ» على سبيل الإطلاق ليس صفةَ مدح إلا إذا قُرِن بـ«العفُو».
ومثله -أيضًا- «المُذِل»: قالوا: لا يوصف الله -سبحانه وتعالى- به على سبيل الإفراد إلا إذا قُرِن بـ«المُعِز»؛ فيقال: «المعزُّ المُذل».
ومثله -أيضًا- «الضَّار»: قالوا: لا يوصف الله -سبحانه وتعالى- به على سبيل الإفراد إلا إذا قُرِن بـ«النَّافع»؛ فيقال: «النَّافع الضَّار»؛ ويُسمُّون هذه: (الأسماء المزدوجة).
ويرى بعض العلماء أنه لا يوصَف به على وجه الإطلاق -ولو مقرونًا بما يقابله-؛ أي: إنك لا تقول: «العفو المنتقِم»؛ لأنه لم يَرِد مِن أوصاف الله -سُبحانه وتعالى- «المنتقِم»؛ وليست صفة كمال بذاتِها إلا إذا كانت مقيَّدة بمَن يستحق الانتقام؛ ولهذا يقول -عزَّ وجلَّ-: ﴿إنَّا مِن المُجرِمينَ مُنتَقِمُون [السجدة: 22] ، وقال -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَاللهُ عَزيزٌ ذُو انتِقامٍ [آل عمران: 4].
وهذا هو الذي يُرجِّحه شيخُ الإسلام ابن تيميَّة.
والحديث الذي ورد في سرد أسماء الله الحسنى، وذُكر فيه «المنتقم» غير صحيح؛ بل هو مدرَج؛ لأن هذا الحديث فيه أشياء لم تَصح من أسماء الله؛ وحذف منها أشياء هي من أسماء الله؛ مما يدل على أنه ليس مِن كلام الرَّسول -صلى الله عليه وسلم-. (1 /56)

أم زيد 10-13-2010 07:49 AM

[الكلام على صِفة «الخيانة»]
أما الخيانة فلا يُوصف بها الله -مُطلقًا-؛ لأنَّ الخيانة صفة نقص مُطلَق.
و«الخيانة» معناها: الخديعة في موضع الائتمان . وهذا نقص؛ ولهذا قال الله -عزَّ وجلَّ-: ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خَانُوا اللهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ [الأنفال: 71] ، ولم يقل: فخانهم.
لكن: لما قال -تعالى-: ﴿يُخَادِعُونَ اللهَ﴾ [النساء: 142] قال: ﴿وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: 142]؛ لأن الخديعة صِفة مدح مقيَّدة؛ ولهذا قال الرَّسول -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «الحَربُ خدعَة» (1)، وقال -صلَّى الله عليه وسلم-: «لا تَخُن مَن خانَك» (2)؛ لأن الخيانة تكون في موضع الائتمان؛ أمَّا الخداع فيكون في موضعٍ ليس فيه ائتمان؛ والخيانة صِفة نقص مُطلق.
(1 /58)



_____________________
(1) أخرجه البخاري ص243، كتاب الجهاد والسير، باب 157؛ الحرب خدعة، حديث رقم 3028؛ وأخرجه مسلم ص986، كتاب الجهاد والسير، باب 5؛ جواز الخداع في الحرب، حديث رقم 4540 [18] 1740.
(2) أخرجه أحمد في مسنده 3/414؛ وأخرجه أبو داود في سننه ص1485، كتاب البيوع، باب 79: في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، حديث رقم 3534؛ وأخرجه الترمذي ص1778، كتاب البيوع، باب 38: أد الأمانة إلى من ائتمنك، حديث رقم 1264؛ وأخرجه الدارمي في سننه 2/343، حديث رقم 2597، كتاب البيوع، باب 57: في أداء الأمانة واجتناب الخيانة، قال الألباني في صحيح الترمذي: صحيح 2/18، وقال عبد القادر الأرناؤوط في حاشية جامع الأصول: صحيح 6/323، حاشية رقم 1.

أم سلمة السلفية 10-15-2010 12:23 PM

[من بلاغة القرآن: ضرب الأمثال]
((مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ) (البقرة:17) )
بلاغة القرآن، حيث يضرب للمعقولات أمثالاً محسوسات؛ لأن الشيء المحسوس أقرب إلى الفهم من الشيء المعقول؛ لكن من بلاغة القرآن أن الله تعالى يضرب الأمثال المحسوسة للمعاني المعقولة حتى يدركها الإنسان جيداً، كما قال تعالى: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون} [العنكبوت: 43] ..

أم زيد 10-15-2010 04:09 PM

[ظُلمات ثلاث]
جمعَها [أي: ﴿ظُلُمات﴾]؛ لتضمنِها ظلمات عديدة:
أولها: ظلمة الليل؛ لأن استيقاد النَّار للإضاءة لا يكون إلا في الدَّليل؛ لأنَّك إذا استوقدتَ نارًا بالنَّهار؛ فإنَّها لا تُضيء.
والثَّانية: ظُلمة الجو إذا كان غائمًا.
والثَّالثة: الظُّلمة التي تَحدث بعد النُّور؛ فإنها تكون أشدَّ من الظُّلمات الدَّائمة. (1 /63)

أم زيد 10-16-2010 12:27 PM

[السُّوَر المكيَّة؛ هل فيها آيات مدنية؟ أو العكس؟]
وَلو قال قائل: لعلَّ هذه آية مكيَّة جُعلت في السُّورة المدنيَّة؟
فالجواب: أنَّ الأصل عدم ذلك -أي: عدم إدخال الآية المكيَّة في السُّوَر المدنيَّة، أو العكس-؛ ولا يجوز العُدول عن هذا الأصل إلا بدليل صحيح صريح.
وعلى هذا: فما نراه في عناوين بعض السُّور أنها (مدَنيَّة؛ إلا: آية كذا)، أو (مكيَّة؛ إلا: آية كذا)؛ غير مسلَّم حتى يَثبت ذلك بدليلٍ صحيح صريح.
وإلا فالأصلُ: أن السُّورة المدنيَّة جميع آياتها مدنية، وأن السُّوَر المكيَّة جميع آياتها مكيَّة إلا بدليل ثابت. (1 /72)

أم سلمة السلفية 10-16-2010 12:35 PM

[معنى السماء]
قوله تعالى: { وأنزل من السماء ماءً }: ليست هي السماء الأولى؛ بل المراد بـ{ السماء } هنا العلو؛ لأن الماء . الذي هو المطر . ينزل من السحاب، والسحاب بين السماء، والأرض، كما قال الله تعالى: {ألم تر أن الله يزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله} [النور: 43] ، وقال تعالى: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار....} [البقرة: 164] إلى قوله تعالى: {والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون} [البقرة: 164] ؛ وبهذا نعرف أن السماء يطلق على معنيين؛ المعنى الأول: البناء الذي فوقنا؛ والمعنى الثاني: العلو..
(1 /74)

أم زيد 11-05-2010 03:46 PM

[من فوائد قوله تعالى: ﴿اعْبُدُوا رَبَّكُمْ﴾: التحذيرُ مِن البِدع]
وربما يستفاد التَّحذير مِن البدع؛ وذلك؛ لأن عبادة الله لا تتحقَّق إلا بسلوك الطَّريق الذي شَرَعه للعِباد؛ لأنه لا يُمكن أن نعرفَ كيف نعبد الله إلا عن طريقِ الوحي والشَّرع: كيف نتوضأ. . كيف نصلي. .
يعني: ما الذي أدرانا أن الإنسان إذا قام للصَّلاة؛ يقرأ، ثم يركع، ثم يسجُد... إلخ، إلا بعد الوَحي. (1 /74)

أم زيد 11-05-2010 03:58 PM

[إضافة الشيء إلى الله مقرونًا بسببه]
ينبغي لمن أراد أن يُضيف الشيءَ إلى سببه أن يُضيفه إلى الله مقرونًا بالسَّبب؛ مثل لو أن أحدًا مِن النَّاس غرق، وجاء رجل فأخرجه -أنقذه من الغرق-؛ فليقلْ: (أنقذني الله بِفلان).
وله أن يقول: (أنقذني فلان)؛ لأنه فِعلًا أنقذه.
وله أن يقول: (أنقذني الله، ثم فلان).
وليس له أن يقول: (أنقذني الله وفلان)؛ لأن هذا تشريك مع الله؛ ويدل لهذا -أي: الاختيار أن يضيف الشيء إلى الله مقرونًا بالسَّبب-: أنَّ النبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- لما دعا الغُلام اليهوديَّ للإسلام، وكان هذا الغلام في سياق الموت، فعرض عليه النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- أن يُسلِم، فأسلَم؛ لكنه أسلم بعد أن استشار أباه؛ التفت إليه ينظر إليه يستشيره؛ قال: «أطِع أبا القاسم»؛ أمر ولده أن يُسلم -وهو لم يسلم في تلك الحال، أما بَعدُ؛ فلا ندري-والله أعلم-؛ فخرج النبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو يقول: «الحمدُ لله الذي أنقذهُ بي من النَّار» (1).
وهكذا ينبغي لنا إذا حصل شيء بسببٍ؛ أن نُضيفه إلى الله -تعالى- مَقرونًا ببيان السَّبب؛ وذلك؛ لأن السَّبب موصل -فقط-. (1 /78-79)




_____________
(1) أخرجه أبو داود (ص1456)، كتاب الجنائز، باب 2: في عيادة الذمِّي، حديث رقم (3095)، وأخرجه أحمد (3 /175)، رقم (12823).

أم زيد 11-12-2010 07:55 PM

[الرد على مَن يقول بأن النار لم تخلق بعد]
النَّار موجودة الآن؛ لقوله -تعالى-: ﴿أُعِدَّتْ﴾؛ ومعلوم أن الفعل هنا فعل ماضٍ؛ والماضي يدل على وجود الشَّيء.
وهذا أمرٌ دلَّت عليه السُّنَّة -أيضًا-؛ فإن النَّبي -صلَّى الله عليه وسلم- عُرضت عليه الجنة والنَّار، ورأى أهلَها يُعذَّبون فيها:
رأى عمرَو بن لُحيٍّ الخزاعي يَجر قصبه -أي: أمعاءَه- في النَّار.
ورأى المرأة التي حبَست الهرَّة حتى ماتت جوعًا -فلم تَكن أطعمتها، ولا أرسلتها تأكل مِن خشاش الأرض-.
ورأى فيها صاحب المحجن -الذي كان يسرق الحُجَّاج بمِحجنه- يعذب. وهو رجل معه محجن -أي: عصا محنيَّة الرَّأس- كان يسرق الحُجاج بهذا المحجن؛ إذا مرَّ به الحجاج جذب متاعَهم، فإن تفطن صاحب الرحل لذلك ادعى أن الذي جذبه المحجن؛ وإن لم يتفطَّن أخذه؛ فكان يعذب -والعياذُ بالله- بمِحجنه في نار جهنَّم. (1 /85-86)

أم زيد 11-22-2010 06:13 PM

[مِن وجوه الإعجاز في القرآن]
إذا قال قائلٌ: ما وجهُ الإعجاز في القرآن؟ وكيف أعجز البشَر؟
الجواب: أنه مُعجز بجميع وجوهِ الإعجاز؛ لأنه كلام الله، وفيه مِن وجوه الإعجاز ما لا يُدرك.
فمِن ذلك:
أولًا: قوَّة الأسلوب، وجماله؛ والبلاغة، والفصاحة؛ وعدم الملل في قراءته؛ فالإنسان يقرأ القرآن صباحًا ومساءً، وربما يختمه في اليومين والثلاثة ولا يمله -إطلاقًا-؛ لكن: لو كرَّر مَتنًا مِن المتون كما يُكرِّر القُرآن؛ ملَّ!
ثانيًا: أنَّه مُعجزٌ؛ بحيث إن الإنسان كلما قرأه بتدبُّر؛ ظَهر له بالقراءة الثَّانية ما لم يظهر له بالقراءة الأولى.
ثالثًا: صِدق أخباره؛ بحيث يَشهد لها الواقع، وكمال أحكامِه التي تتضمَّن مصالح الدُّنيا والآخرة؛ لقوله -تعالى-: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا[الأنعام: 115].
رابعًا: تأثيرُه على القلوب والمناهِج وآثارُه؛ حيث ملك به السَّلفُ الصالح مشارِقَ الأرض ومغاربها.
وأما كيفيَّة الإعجاز: فهي تحدِّي الجن والإنس على أن يَأتوا بمثله، ولم يستطيعوا. (1 /88-89)

أم زيد 11-22-2010 06:17 PM

[هل أقوال مَن حكى اللهُ عنهم في القرآن تكون مُعجزة؟]
حكى اللهُ -عزَّ وجلَّ- عن الأنبياء والرُّسل ومَن عاندهم أقوالاً، وهذه الحكاية تَحكي قول مَن حُكيت عنه؛ فهل يكون قولَ هؤلاء معجزًا؟
يعني -مثلًا-: فرعون قال لموسى: ﴿لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهًا غيرِي لَأجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُونِينَ [الشعراء: 29]: هذا يَحكيه اللهُ -عزَّ وجلَّ- عن فرعون؛ فيكون القول قولَ فرعون؛ فكيف كان قولُ فرعون مُعجزًا والإعجاز إنَّما هو قول الله -عزَّ وجلَّ-؟
فالجوابُ: أن الله -تعالى- لم يَحك كلامَهم بلفظِه؛ بل معناه؛ فصار المقروءُ في القرآن كلامَ الله -عزَّ وجلَّ-؛ وهو مُعجِز. (1 /89)

أم زيد 11-23-2010 08:27 AM

[الحِكمة من ضَربِ الأمثال]
الله تعالى يضرب الأمثال؛ لأن الأمثال أمور محسوسة يُستدل بها على الأمور المعقولة.
انظر إلى قوله -تعالى-: ﴿مَثلُ الذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ العَنْكَبوتِ اتَّخذَتْ بَيْتًا[العنكبوت: 41] وهذا البيت لا يَقيها من حَرٍّ ولا بَرد، ولا مطر ولا رياح ﴿وَإنَّ أَوْهَنَ البُيوتِ لَبَيْتُ العَنْكَبوتِ[العنكبوت: 41].
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِه لا يَستَجِيبُون لهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إلى الماءِ لِيَبلُغَ فاهُ وَمَا هُو بِبالِغِهِ[الرعد: 14]: إنسان بسط كفَّيه إلى غدير -مثلًا- أو نهرٍ، يريد أن يَصل الماء إلى فمِه! هذا لا يمكن! هؤلاء الذين يَمدُّون أيديهم إلى الأصنام كالذي يَمدُّ يديه إلى النَّهر ليبلغ فاه.
فالأمثال لا شكَّ أنها تُقرِّب المعاني إلى الإنسان؛ إما لفهم المعنى؛ وإما لحكمتها، وبيان وجه هذا المثل. (1 /98-99)

أم زيد 11-23-2010 08:33 AM

[مسألة فقهيَّة: سقوط الجنين قبل نفخ الرُّوح]
الجنين لو خرج قبل أن تُنفخ فيه الرُّوح: فإنَّه لا يثبت له حُكم الحي؛ ولهذا لا يُغَسَّل، ولا يكفَّن، ولا يصلَّى عليه، ولا يَرث، ولا يورث؛ لأنه ميت جماد لا يستحق شيئًا مما يستحقه الأحياء؛ وإنما يدفن في أيِّ مكان -في المقبرة، أو غيرها-. (1 /106)

أم زيد 11-25-2010 03:08 PM

[ثمانية أدلة في الرَّدِّ على مُنكري البعث -في ضوءِ خواتيم «سورةِ يَس»-]
البعثُ أنكرَه مَن أنكره مِن الناس واستبعَده وقال: ﴿مَن يُّحيِي العِظامَ وَهِي رَميمٌ﴾؛ فأقام الله -تبارك وتعالى- على إمكان ذلك ثمانيةَ أدلةٍ في آخر «سورة يس»:
الدليل الأول: قوله -تعالى-: ﴿قُلْ يُحْييهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾: هذا دليلٌ على أنه يمكن أن يُحيي العظام وهي رميم؛ وقوله -تعالى-: ﴿أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ دليلٌ قاطع، وبُرهان جليٌّ على إمكان إعادتِه؛ كما قال الله -تعالى-: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: 27].
الدليل الثاني: قوله -تعالى-: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾ يعني: كيف يعجز عن إعادتِها وهو -سُبحانه وتعالى- بكل خلْق عليم: يَعلم كيف يَخلق الأشياء، وكيف يُكوِّنها؛ فلا يَعجز عن إعادة الخلق.
الدليل الثالث: قوله -تعالى-: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾: الشَّجر الأخضر فيه البرودة وفيه الرُّطوبة؛ والنَّار فيها الحرارة واليبوسة؛ هذه النَّار الحارة اليابسة تَخرج من شجر بارد رطب! وكان النَّاس -فيما سبق- يضربون أغصانًا من أشجار معيَّنة بالزند؛ فإذا ضربوها انقدحت النَّار، ويكون عندهم شيءٌ قابل للاشتِعال بسرعة؛ ولهذا قال -تعالى-: ﴿َإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ﴾ تحقيقًا لذلك.
ووجه الدلالة: أن القادر على إخراج النَّار الحارة اليابسة من الشجر الأخضر -مع ما بينهما مِن تضادٍّ- قادر على إحياء العظام وهي رميم.
الدليل الرَّابع: قوله -تعالى-: ﴿أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى﴾.
ووجه الدلالة: أن خلْق السموات والأرض أكبر من خلق الناس؛ والقادر على الأكبر قادر على ما دونه.
الدليل الخامس: قوله -تعالى-: ﴿وَهُوَ الخَلَّاقُ الْعَلِيمُ﴾؛ فـ ﴿الخَلَّاقُ﴾ صِفته ووصفه الدَّائم؛ وإذا كان خلَّاقًا، ووصفه الدَّائم هو الخَلْق؛ فلن يَعجز عن إحياء العظام وهي رميم.
الدليل السادس: قوله -تعالى-: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾؛ إذا أراد شيئًا -مهما كان-؛ و﴿شَيْئًا﴾: نكرة في سياق الشَّرط، فتكون للعُموم؛ ﴿أَمْرُهُ﴾ أي شأنُه في ذلك أن يقولَ له كن فيكون؛ أو ﴿أَمْرُهُ﴾ الذي هو واحد «أوامِر»؛ ويكون المعنى: إنما أمره أن يقول: ﴿كُنْ﴾؛ فيُعيده مرَّة أخرى.
ووجه الدلالة: أن الله -سُبحانه وتعالى- لا يستعصي عليه شيء أراده.
الدليل السابع: قوله -تعالى-: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ﴾؛ كل شيء فهو مملوك لله -عزَّ وجلَّ-: الموجود يُعدمه؛ والمعدوم يوجده؛ لأنه ربُّ كل شيء.
ووجه الدلالة: أن الله -سُبحانه وتعالى- نزَّه نفسه؛ وهذا يشمل تنزيهَه عن العجز عن إحياء العظام وهي رميم.
الدليل الثامن: قوله -تعالى-: ﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.
ووجه الدلالة: أنه ليس مِن الحكمة أن يخلق الله هذه الخليقة، ويأمرها، وينهاها، ويرسل إليها الرُّسل، ويحصل ما يحصل من القتال بين المؤمن والكافر، ثم يكون الأمر هكذا يذهب سدًى! بل لا بُد من الرجوع؛ وهذا دليل عقلي.
فهذه ثمانية أدلة على قدرة الله على إحياء العظام وهي رميم جمعها الله -عزَّ وجلَّ- في موضع واحدٍ.
وهناك أدلة أخرى في مواضع كثيرة في القرآن؛ وكذلك في السُّنَّة. (1 /106-108).

أم زيد 11-28-2010 03:14 PM

[الرَّد على مَن يقول بأن الملائكة لا عقولَ لهم]
الملائكة ذوو عقول؛ ووجهه: أن الله -تعالى- وجَّه إليهم الخطاب، وأجابوا؛ ولا يُمكن أن يوجِّه الخطاب إلا إلى مَن يعقله؛ ولا يمكن أن يُجيبَه إلا مَن يعقل الكلامَ، والجوابَ عليه.
وإنَّما نبَّهْنا على ذلك؛ لأن بعض أهل الزَّيغ قالوا: إن الملائكة ليسوا عقلاء!! (1 /116)

أم زيد 11-28-2010 03:19 PM

[الرد على منكري أفعال الله -عزَّ وجلَّ-]
إثبات الأفعال لله -عزَّ وجلَّ- أي أنه -تعالى- يفعل ما شاء متى شاء كيف شاء؛ ومِن أهل البدع مَن ينكر ذلك زعمًا منه أن الأفعال حوادث؛ والحوادث لا تقوم إلا بحادِث؛ فلا يجيء، ولا يستوي على العرش، ولا ينْزل، ولا يتكلَّم، ولا يضحك، ولا يفرح، ولا يعجب!!
وهذه دعوى فاسدة من وجوه:
الأول: أنها في مقابلة نص؛ وما كان في مقابلة نص؛ فهو مردود على صاحبه.
الثاني: أنها دعوى غير مسلَّمة؛ فإن الحوادث قد تقوم بالأوَّل الذي ليس قبله شيء.
الثالث: أن كونه -تعالى- فعالاً لما يريد مِن كماله، وتمام صفاته؛ لأنَّ من لا يفعل إمَّا أن يكون غير عالم، ولا مريد؛ وإما أن يكون عاجزًا؛ وكلاهما وصفان ممتنعان عن الله -سُبحانه وتعالى-.
فتَعَجَّبْ كيف أُتي هؤلاء من حيث ظنوا أنه تنزيه لله عن النقص؛ وهو في الحقيقة غاية النقص!! فاحمد ربك على العافية، واسأله أن يعافي هؤلاء مما ابتلاهم به من سَفه في العقول، وتحريف للمنقول. (1 /116-117)

أم سلمة السلفية 11-28-2010 03:44 PM

اللّغات توقيفية وليست تجريبية
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31)
(قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:32)
أن اللغات توقيفية . وليست تجريبية؛ "توقيفية" بمعنى أن الله هو الذي علم الناس إياها؛ ولولا تعليم الله الناسَ إياها ما فهموها؛ وقيل: إنها "تجريبية" بمعنى أن الناس كوَّنوا هذه الحروف والأصوات من التجارب، فصار الإنسان أولاً أبكم لا يدري ماذا يتكلم، لكن يسمع صوت الرعد، يسمع حفيف الأشجار، يسمع صوت الماء وهو يسيح على الأرض، وما أشبه ذلك؛ فاتخذ مما يسمع أصواتاً تدل على مراده؛ ولكن هذا غير صحيح؛ والصواب أن اللغات مبدؤها توقيفي؛ وكثير منها كسبي تجريبي يعرفه الناس من مجريات الأحداث؛ ولذلك تجد أن أشياء تحدث ليس لها أسماء من قبل، ثم يحدث الناس لها أسماء؛ إما من التجارب، أو غير ذلك من الأشياء..
(1-119)

أم سلمة السلفية 11-28-2010 03:59 PM

"الحكمة"
هي وضع الشيء في موضعه اللائق به؛ وتكون في شرع الله، وفي قدر الله؛ أما الحكمة في شرعه فإن جميع الشرائع مطابقة للحكمة في زمانها، ومكانها، وأحوال أممها؛ فما أمر الله بشيء، فقال العقل الصريح: "ليته لم يأمر به"؛ وما نهى عن شيء، فقال: "ليته لم ينهَ عنه"؛ وأما الحكمة في قدره فما من شيء يقدره الله إلا وهو مشتمل على الحكمة إما عامة؛ وإما خاصة..
واعلم أن الحكمة تكون
-في نفس الشيء: فوقوعه على الوجه الذي حكم الله تعالى به في غاية الحكمة؛ وتكون
- في الغاية المقصودة منه: فأحكام الله الكونية، والشرعية كلها لغايات محمودة قد تكون معلومة لنا، وقد تكون مجهولة؛ والأمثلة على هذا كثيرة واضحة..

أم زيد 12-01-2010 07:59 AM

[حُكم وصفِ الإنسان نفسَه بالخَير]
وصفُ الإنسان نفسَه بما فيه مِن الخير؛ لا بأس به إذا كان المقصود مجرَّد الخبر -دون الفخر-؛ لقولهم: ﴿وَنَحْنُ نُسبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ﴾؛ ويؤيِّد ذلك قولُ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ولا فَخْرَ». وأمَّا إذا كان المقصود الفَخر، وتَزكية النَّفس بهذا؛ فلا يجوز؛ لقوله تعالى: ﴿فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُم هُوَ أعلَمُ بِمَنِ اتَّقَى[النجم: 32]. (1 /117- 118)

أم زيد 12-01-2010 08:07 AM

[من أنواع التوسُّل في قولِه -تَعالى-: ﴿رَبَّنا ظَلَمْنا أنَفُسَنا ... ﴾]
وفي قول الإنسان: «رَبَّنا ظَلَمْنا أنَفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ» أربعةُ أنواع مِن التوسُّل:
الأوَّل: التوسُّل بالرُّبوبيَّة.
الثَّاني: التوسُّل بحالِ العبد: ﴿ظَلَمْنا أنَفُسَنا﴾.
الثَّالث: تفويض الأمر إلى الله؛ لقولِه: ﴿وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا... ﴾ إلخ.
الرَّابع: ذِكر حال العبد إذا لم تحصل له مغفرة الله ورحمته؛ لقولِه -تعالى-: ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الخاسِرينَ﴾؛ وهي تُشبه التَّوسُّل بحال العبد؛ بل هي تَوسُّل بحال العبد؛ وعليه: فيكون توسُّل العبد بحالِه توسلاً بحالِه قبل الدعاء، وبِحاله بعد الدُّعاء إذا لم يَحصل مقصودُه. (1 /135)

أم زيد 12-01-2010 08:14 AM

[مسألة فقهيَّة: المتسبِّب كالمباشِر في الضَّمان]
إضافة الفعل إلى المتسبِّب له؛ لقوله -تعالى-: ﴿فَأزَلَّـهُما الشَّيطانُ عَنهَا فَأَخْرَجَهُما مِـمَّا كانَا فِيهِ﴾؛ وقد ذكر الفقهاء -رحمهم الله- أن المتسبِّب كالمباشر في الضَّمان، لكن إذا اجتَمع متسبِّب ومباشر تُمكن إحالة الضَّمان عليه؛ فالضَّمان على المباشِر؛ وإن لم تُمكن فالضَّمان على المتسبِّب؛ مثال الأول: أن يحفر بئرًا فيأتي شخص فيدفع فيها إنسانًا فيهلك؛ فالضَّمان على الدَّافع؛ ومثال الثَّاني: أن يلقي شخصًا بين يدي أسد فيأكله؛ فالضَّمان على المُلقي لا على الأسد. (1 /132-133)

أم زيد 12-09-2010 02:06 PM

[لا يُمكن العيشُ في غير الأرض لبني آدَم]
لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم؛ لِقوله -تعالى-: ﴿وَلَكُمْ في الأَرضِ مُسْتَقَرٌّ وَّمتاعٌ إِلى حِينٍ﴾؛ ويؤيِّد هذا قولُه -تعالى-: ﴿فِيها تَحيَونَ وَفِيها تَـمُوتُونَ ومِنهَا تُـخرَجُونَ[الأعراف: 25].
وبناءً على ذلك: نعلم أن محاولةَ الكفار أن يَعيشوا في غير الأرض -إمَّا في بعض الكواكب، أو في بعض المراكِب- مُحاولة يائِسة؛ لأنه لا بُد أن يكون مستقرهم الأرض. (1 /133)

أم زيد 12-09-2010 02:22 PM

[منة الله في توبته على عبدِه]
واعلم أن لله -تعالى- على عبده مِنَّتين:
- التوبة الأولى قبل توبة العبد؛ وهي التوفيق للتَّوبة.
- والتوبة الثانية بعد توبة العبد؛ وهي قبول التوبة.
وكلاهما في القرآن:
قال الله -تبارك وتعالى-: ﴿وَعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حتى إذا ضَاقَتْ عَلَيهِمُ الأرضُ بِما رَحُبَتْ وَضاقَتْ عَلَيهِمْ أنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أن لَّا مَلْجَأ مِنَ اللهِ إِلا إِليهِ ثُمَّ تَابَ عَليهِمْ لِيَتُوبُوا[التوبة: 118]؛ فقوله -تعالى-: ﴿ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ﴾؛ أي: وفقهم للتوبة، وقوله -تعالى-: ﴿لِيَتُوبُوا﴾؛ أي: يَقوموا بالتَّوبة إلى الله.
وأمَّا توبة القبول؛ ففي قوله -تعالى-: ﴿وَهُو الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عن عِبادِهِ وَيَعْفُو عنِ السَّيِّئاتِ[الشورى: 25]. (1 /136)


الساعة الآن 10:09 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.