{منتديات كل السلفيين}

{منتديات كل السلفيين} (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/index.php)
-   منبر الفقه وأصوله - للنساء فقط (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/forumdisplay.php?f=50)
-   -   المَـطـــَــــــر (https://www.kulalsalafiyeen.com/vb/showthread.php?t=35249)

أم عبدالله نجلاء الصالح 01-31-2012 07:52 PM

المَـطـــَــــــر
 
المَـطــَـــــــر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

قال الله - تعالى -: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ. [1]

لو أمعنــّــا النظر في هذه الآية الكريمة، وتفكرنا في عجائب قدرة الله – تبارك وتعالى – في خلق السموات والأرض وما بث فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ، وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وما له من أثر في تقلّب الفصول، والحرارة والبرودة لعلمنا أن لله - تعالى - الحكمة البالغة في خلقه، قد لا ندرك الإحاطة بتفاصيلها، وبفضل الله - تعالى - قد يتجلى للعلماء مع مرور الأيام الكثير من الحقائق العلمية الدالـــَّــــة على صدق الرسالة وصدق المرسل «الله» - تبارك وتعالى - وصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وذلك مما يزيد اليقين في القلب؛ ويزيد الإيمان ويثبته.

أمرنا - سبحانه وتعالى - بالتفكر والتدبّر بآثار رحمة الله الدالـــّــــة على عظيم قدرته، ففي فصل الشتاء يكثر نزول المطر، وفي فصل الصيف تهطل الأمطار الموسمية، والإستوائية على مدار العام، وكذلك القطبية وتكون على شكل ثلج وبَرَد، وأما الأمطار الإعصارية فإنها تصحب الأعاصير؛ فسبحان من يدبر الأمر بفضله وعلمه ورحمته وحكمته.
قال ابن القيِّم رحمه الله تعالى عن المطر: [ويرسله قطراتٍ منفصلة لا تختلط قطرة منها بأخرى؛ ولا يتقدم متأخرها؛ ولا يتأخر متقدمها؛ ولا تدرك القطرة صاحبتها فتمتزج بها]. ا هـ. فسبحان الله ! إذا كان هذا حسن تدبيره في قطرات المطر؛ فكيف بحسن تدبيره لشؤون خلقه؛ وعامـــَّـــة أمورهم !.

قال الله - تعالى-: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ ۞ يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُولِي الْأَبْصَارِ [2]..

عن ابن عباس –رضي الله عنه– قال: أقبلت يهود إلى النبيّ – صلى الله عليه وسلم – فقالوا: "يا أبا القاسم ! نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك وصدقناك وآمنــّـا بك، قال : فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نفسه، قالوا: واللهُ على ما نقول وكيل، قالوا أخبرنا عن علامة النبيّ قال: (تنام عيناه ولا ينام قلبه)، قالوا: فأخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكّر؟، قال: (يلتقي الماءان فإن علا ماءَ المرأة ماءَ الرجلِ أنثت، وإن علا ماء الرجل ماءَ المرأةِ أذكرت)، قالوا: صَدَقت، فأخبرنا عن الرعد ما هو ؟ قال : (الرعد ملك من الملائكة مُوَكَّلٌ بالسحاب، بيده أو في يده مخراق من نار، يزجر به السحاب، والصوت الذي يسمع منه، زجره السحاب إذا زجره حتى ينتهي إلى حيث أمره) (حديث حسن) [3].

وعن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عبد الله بن الزبير – رضي الله عنهم -: أنه كان إذا سمع الرعد [4]ترك الحديث وقال: (سبحان الذي يسبح الرعد بحمده، والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لوعيد شديد لأهل الأرض) قال الألباني: (صـحـيـح) [5].

عن يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه المقدام عن أبيه، أن عائشة – رضي الله عنها - أخبرته: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى سحابا مُقبلا من أفق من الآفاق، ترك ما هو فيه وإن كان في صلاته حتى يستقبله، فيقول: (اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسِلَ به، فإن أمْطِر قال : اللهم صيّبا نافعا مرتين، أو ثلاثة، وإن كشفه الله - عز وجل - ولم يمطَر، حمد الله على ذلك) [6].

ومن أسماء السحاب:
المُزْن:
قال الله - تعالى -: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ ۞ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ۞ لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ[7].

المُعْصِرات: ﴿وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ۞ لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا.[8]

وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو عند رؤية السحاب والمطر: فعن عائشة - رضي الله عنها -: (أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا رأى ناشئا في أفق السماء، ترك العمل وإن كان في صلاة، ثم يقول: اللهم إني أعوذ بك من شرها فإن مُطِر [9] قال: اللهم صيّباً هنيئا).
[10].

من محاضرات اللجنة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -.

وكتبته: أم عبدالله نجلاء الصالح

يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
________

[1]. [سورة البقرة : 164].
[2]. [سورة النور 43 - 44].
يزجي : يسوق السحاب ثم يؤلف بينه، بقدرته وبأمره، فأول ما ينشئها تكون ضعيفة، فيدفعها رويداً رويداً، وهو الإزجاء، {وجئنا ببضاعة مزجاة} أي: مدفوعة.
سحاباً : غيماً، سواءً أكان فيه ماء أم لم يكن. انظر: [المعجم الوسيط 1/ 418].
ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا : أي متراكماً بعضه فوق بعض.
الودق : المطر. وهو الماء النازل مِن السحاب. انظر: [المعجم الوسيط 1/ 48].
مِنْ بَرَدٍ : البَرَد هو: الماء الجامد ينزلُ من السحاب قطعاً صغيرة. ويسمى: حبّ الغمام، وحبّ المُزْن. انظر: [المعجم الوسيط 2/ 875].
[3]. انظر: [السلسلة الصحيحة 4/ 491 رقم 1872].
[4].وصوت الرعد: الهزيم، والسجْر : وهي مصدر، وقد تستعمل في صوت الرعد. انظر: [القاموس المحيط 1/ 417].
[5]. انظر: [ الأدب المفرد 1/ 252 رقم 723].
[6]. قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر: [سنن ابن ماجة 2/ 1280 رقم 3889].
[7]. [سورة الواقعة 68 - 70].
[8]. [سورة عمّ 14 – 16].
[9]. مُطِر، تمطر: ذهب ماء المطر في الأرض، وفرس متمطر. أي: سريع كالمطر.
والمُستمطِر: طالب المطر، والمكان الظاهر للمطر، ويعبّر به عن طالب الخير.
[10]. قال الشيخ الألباني: (صحيح) انظر: [سنن أبي داود 4/ 326 رقم 5099].

أم عبدالله نجلاء الصالح 01-31-2012 09:07 PM

أسماء المطر :
 
أسماء المَطـــَـــر :

قال ابن الجوزي – رحمه الله تعالى - :

1. فأوله : رش، ثم طش، ثم طلٌّ، ورذاذ، ثم نضخ، ثم هضلٌ، وتهتان، ثم وابلٌ وجود.


2. فإذا أحيى الأرض بعد موتها بإذن الله – تعالى - فهي : حياء. قال – تعالى - : ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} [1].

3. فإذا جاء عُقَيْبَ المَحْلِ أو عند الحاجة فهو : الغيث. قال – تعالى - : ﴿وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ [2].

4. فإذا كان صغار القَطْرِ فهو : القَطْقَط.

5. فإذا دام مع سكون فهو : الدّيمة.

6. فإذا كان عامـّا فهو : الجِداء. وإذا روى كل شيئ فهو : الجود.

7. فإذا كان كثير القطر فهو : الهطل، والتهتان.

8. فإذا كان ضخم القطر، شديد الوقع فهو : الوابل. قال الله – تعالى - : ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [3][4].

ويقال : مطر : في الخير، وأمطر : في العذاب.

قال الأصفهاني في معجم مفردات ألفاظ القرآن :

" مطر : المطر الماء المنسكب، ويوم مطير وماطر، وممطر، وواد مطير. أي: ممطور.

يقال : مَطرَتنا السماء وأمْطرتنا، وما مطرَت منه بخير.

وقيل : إن (مطر) يقال في الخير، و (أمْطَرَ) في العذاب، قال الله - تعالى - : ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ [5].

﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَّطَراً فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ [6].

﴿فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ [7].

﴿فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ [8]. ا هـ.


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.

________

[1] [سورة البقرة : 164].
[2] [سورة الشورى : 28].
[3] [سورة البقرة : 265].
[4] انظر : كتاب المُدهِش ص (46) لأبي الفرج جمال الدين الجوزي المتوفى 597 هـ.
[5] [سورة الشعراء : 173].
[6] [الأعراف : 84].
[7] [سورة الحجر : 74].
[8] [الأنفال : 32].

أم عبدالله نجلاء الصالح 02-01-2012 02:16 AM

المطر قد يكون بفضلٍ من الله – تعالى – رحمـــــة.
 
المطر قد يكون بفضلٍ من الله – تعالى – رحمة، و قد يكون عذاباً وخوفاً ونقمةً - نسال الله العافية – فمن رحمته بعباده :

1. تحقيقٌ لعقيدة التوحيد، وكفر من يقول مُطرنا بنَوْء كذا وكذا:
فعن زيد بن خالد الجهني - رضي الله عنه - قال: صلى لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: (هل تدرون ماذا قال ربكم ؟) قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: (أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مُطرنا بفضل الله ورحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا، فذلك كافر بي ومؤمن بالكوكب) [1].

فعن أنس - رضي الله عنه - قال أصابنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطر قال: فحسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا : يا رسول الله ! لم صنعت هذا ؟ قال: (لأنه حديث عهد بربه) [3].
وعنه - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أمطرت السماء حَسَرَ عن منكبيه حتى يصيبه المطر، ويقول: (إنه حديث عهد بربه) [4].

وهذا يدل على أن الله - تبارك وتعالى - في السماء، بائنٌ مِن خلقه، مُسْتَوٍ على عرشه، استواءً يليق بجلاله؛ بلا كيف؛ الله الذي بيده الخلق والأمر؛ وأن المطر من عنده - جلَّ في علاه - وأن ليس للكواكب والأنواء فيه مِن شيء؛ وأنها كلها مخلوقة مربوبة لله - تبارك وتعالى-.

قال فضيلة الشيخ علي الحلبي – حفظه الله تعالى -: [والنوء: جمع أنواء، وهي منازل القمر، فمن اعتقد أنه مُطر بنجم كذا أو بنوء كذا، فهذا شرك وكفر، وهذا ما كان يعتقده أهل الجاهلية، وهو الشرك الذي بعث الله الرسل بالنهي عنه ومحاربتِه.

إن ما قلناه عن النوء يلزم منه بيان حكم ما يكثر الكلام حولَه مما يُسمى بالأرصاد الجوية أو تنبؤات الطقس، وحكم الشرع فيه.

فهذه التتبؤات دراسات علمية متطورة تقوم في مجملها على التقاط صور الغيوم وسمكها، مع معرفة حركة الرياح واتجاهاتها، وسرعتها، ثم على ضوء ذلك تَوقُّعُ الحالةِ الجويةِ المستقبيلة لمدة يوم أو أكثر من حيث درجات الحرارة، وكميات الأمطار ونحوُ ذلك.

وتشير الدراسلت العلمية الحديثة إلى احتمالية صدق التنبؤات الجوية لمدة يومين قد تصل إلى 90%، وإذا كانت المدة من خمسة أيام إلى سبعة تهبط إلى نحو 60 %؛ فكما سمعنا أن ما سبق كله قائم على مقدمات تتبعها نتائج، مبنية على توقعات واحتمالات، وهذا كلَّه من الناحية الشرعية جائز ومشروع، ولكن ننبه على أمرين :

الأول: وجوب ربط هذا التوقع بالمشيئة الإلهية، لأن حالاتٍ كثيرةً وقعت في كثير من البلاد جرى فيها خلاف المُتوقَّع، وعكس ما ذكرته الأرصاد الجوية فحصل ما لا تُحمد عقباه.

الثاني: هذه التوقعات ليست من علم الغيب في شيء، إنما هي توقعات مبنية على مقدمات تتبعها نتائج، فلا يجوز إصدارها بصور القطع، ولا يجوز تلقيها بصورة الجزم، وإنما هي نافعة للحيطة والحذر]. ا. هـ. [2].

وللأسف فإنَّ هناك من يطلق النكت على الأحوال الجوية؛ وعلى خبرائها؛ وما فيها من مخالفة لأقوالهم؛ يظنّ أنه لا بأس بذلك؛ وأنه من باب التسلية والمزاح؛ وما علموا أن الأمر خطير جدُّ خطير؛ وذلك نظرًا لما يلي:

1.
أن السخرية والاستهزاء بالأحوال الجوية أمره عظيم وخطره جسيم، وهو في حقيقته سخرية بالله تبارك وتعالى وبآياته الكونية التي لا يملكها إلا هو سبحانه؛ سواءً كانت تقلبات فصولٍ أو مطر ورياح وسحاب وشمس وقمر؛ أو ليل ونهار وغيرها؛ فهي لا تملك لنفسها بنفسها تصرُّفًا ولا تحوُّلًا ولا تستطيع لنفسها ولا لغيرها نفعًا ولا ضرَّا إلا بمشيئة خالقها ومدبِّرها؛ وتجري بأمرٍ من الله تعالى وبقضائه وقدره حتى صارت إلينا؛ لا بأمر علماء الفلك؛ وخبراء الأحوال الجوبة حتى يستهزأ بهم ويُتَهَكَّم عليهم. قال الله تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ ۞ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ۞ وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [سورة القصص: 71 - 73]. سَرْمَدًا: دائِمًا أبدًا.
وفي ذلك كله رحمة من الله سبحانه وتعالى بعباده؛ وحجة منه عليهم؛ ليعلموا أن العبادة لا تصلح إلا لله - جلّ شأنه - مدبِّر الأمر الذي أنعم عليهم بهذه النعم دون غيره؛ وليخلصوا له الحمد والشكر على عموم نعمه عليهم؛ ويفردوه بالعبادة وحده لا شريك له؛ لأنه لم يُشْرِكْهُ في إنعامه عليهم بهذه النعم أحد.

2. أن السخرية والاستهزاء في حقيقته باب من أبواب الإلحاد؛ والاستهزاء بمدبر هذه الآيات الكونية ومسخِّرها، فكل آية من آياته في هذا الكون ما هي إلا مربوبة ومسخرة لله - تبارك وتعالى -؛ لا حول ولا قوة لها إلا بإذن ربِّها وخالقها ومدبرها الله -جل في علاه - يوجِّهها ويسيِّرها كيف يشاء، وهو سبحانه قادرٌ على استمراريتها أو إيقاف حركتها متى شاء؛ بل هو قادر على إخراجها عن طبيعة حركتها المألوفة بإذنه، كما قال تعالى: ﴿هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ [سورة الأنعام : 158].
ألا ترى من آيات الله أن الناس ألفوا طلوع الشمس من مشرقها، فإذا جاء وعد الآخرة؛ فإن من علاماتها الكبرى أن تتغير هذه الطبيعة فلا تخرج من مشرقها كالعادة؛ لتطلع من مغربها بإذن ربها -سبحانه وتعالى وحينها لا تنفع توبة.
فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يَوْما: (أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هذِهِ الشَّمْسُ؟) قَالُوا: اللّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: (إِنَّ هذِهِ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَىٰ مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً. فَلاَ تَزَالُ كَذٰلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ. فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلعِهَا، ثُمَّ تَجْرِي حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً. وَلاَ تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِي، ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ. فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا. ثُمَّ تَجْرِي لاَ يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئا حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا ذَاكَ، تَحْتَ الْعَرْشِ. فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِي، أَصْبِحِي طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِكِ. فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا). فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: (أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَلِكَ حِينَ ﴿لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا.(5)
وفي رواية: قال أبو ذَرَ قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ قَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا؛[6] قَالَ: (مُسْتَقَرُّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ).[7]


يُتبع - إن شاء الله تعالى-.
__________
[1] (متفق عليه).
[2] انظر: [كتاب أحكام الشتاء ص ( 8 - 12)].
[3] رواه مسلم. وانظر: [مشكاة المصابيح جـ 1 رقم 1501].
[4] أخرجه مسلم. وانظر: [مختصر العلو. ص (93)].
[5] [أخرجه مسلم، حديث (159)]، و [أخرجه البخاري في «كتاب بدء الخلق» باب صفة الشمس والقمر. حديث (3199)].
[6] [سورة يس: 38].
[7][أخرجه البخاري (4803)] و [مسلم (159)].

أم عبدالله نجلاء الصالح 02-01-2012 03:54 AM

المطر قد يكون بفضلٍ من الله – تعالى – رحمة. تتمـــــّـــة.
 
المطر قد يكون بفضلٍ من الله – تعالى – رحمة.

2. المطر من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله - تبارك وتعالى - :
عن ابن عمر – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله تعالى لا يعلم أحد ما يكون في غد إلا الله - تعالى - ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام إلا الله – تعالى - ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله – تعالى - ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله – تعالى - ولا يدري أحد متى يجيء المطر إلا الله - تعالى -). [1]

3. وينزل الله المطر بقدر معلوم فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ : قال الله – تعالى : ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ۞ وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ [2] .

وقال الله – تعالى : ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ [3] .

عن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (بينا رجل بفلاة من الأرض، فسمع صوتا في سحابة يقول: اسق حديقة فلان، فتنحى ذلك السحاب، فأفرغ ماءه في حرة، فإذا شرجة من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتتبع الماء، فإذا رجل قائم في حديقته يُحَوّل الماء بمسحاته، فقال له : يا عبد الله ! ما اسمك ؟ قال : فلان للاسم الذي سمع في السحابة، فقال له : يا عبد الله ! لم تسألني عن اسمي ؟ قال : إني سمعت صوتاً في السحاب الذي هذا ماؤه يقول : اسق حديقة فلان لاسمك، فما تصنع فيها ؟ قال : أما إذ قلتَ هذا، فإني أنظر إلى ما يخرج منها، فأتصدق بثلثه، وآكل أنا وعيالي ثلثا، وأرد فيها ثلثا) [4] .


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.

_______

[1] (صحيح) رواه : (أحمد والبخاري). انظر : [صحيح الجامع حديث رقم: 5884].
[2] [سورة الحجر : 21 – 22].
[3] [سورة النور : 43].
[4] (صحيح) رواه (أحمد ومسلم) انظر : [صحيح الجامع رقم: 2864].

أم عبدالله نجلاء الصالح 02-01-2012 05:40 AM

جعل الله من الماء كل شئ حي.
 
جعل الله من الماء كل شئ حي.

4. جعل الله من الماء كل شئ حي، إذ أن له أهميــة عظيـــمة لاستمرارية هذه الحياة، وإمـــداده بمقوماتها، فخلق الله – تبارك وتعالى - من الماء بشراً، وجعل منه نسباً وصهرا :
قال الله – تعالى - : ﴿أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ [1].

وقال – تعالى - : ﴿وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا [2].

5. يحيي الله به الأرض بعد موتها : قال – تعالى - : ﴿وَاللهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ [3].

وقال الله – تعالى - : ﴿وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [4].
وقال الله – تعالى - : ﴿وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ [5].

6. يرسل الله مطراً كأنه الطلّ فينبت منه أجساد الْمَوْتَى يوم النشور : فعن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يخرج الدجال في أمتي فيمكث أربعين، فيبعث الله - تعالى - عيسى ابن مريم، كأنه عروة بن مسعود الثقفي، فيطلبه فيهلكه، ثم يمكث الناس سبع سنين ليس بين اثنين عداوة، ثم يرسل الله ريحاً باردة من قبل الشام، فلا يبقى على وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته، حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه، فيبقى شرار الناس في خفة الطير، وأحلام السباع، لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيقولون : بم تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دارّ رزقهم، حسنٌ عيشهم، ثم ينفخ في الصور، فلا يسمعه أحدٌ إلا أصغى ليتا، ورفع ليتا، وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله، فيصعق، ويصعق الناس، ثم يرسل الله مطراُ كأنه الطَلّ، فينبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، ثم يقال : يا أيها الناس هلمَ إلى ربكم {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [6]. ثم يقال : أخرجوا بعث النار، فيقال : من كم ؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون. فذلك يوم يجعل الولدان شيبا، وذلك يوم يكشف عن ساق) (صحيح).
[7].

يُتبع - إن شاء الله تعالى -.

_______

[1] [سورة الأنبياء 30].
[2] [الفرقان : 54].
[3] [سورة النحل : 65].
[4] [سورة الأعراف : 57].
[5] [سورة فاطر : 9].
[6] [سورة الصافات : 24].
[7] انظر : [صحيح الجامع رقم : 8047]. ‌


أم عبدالله نجلاء الصالح 02-02-2012 03:32 AM

يخرج الله به نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ
 
يخرج الله به نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ

7. يخرج الله به نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ : قال – تعالى - : ﴿وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [1].

8. فرق الشارع الحكيم في زكاة الزروع التي تسقى بماء الأمطار عن غيرها : عن سالم بن عبد الله عن أبيه - رضي الله عنهم - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (فيما سقت السماء والأنهار والعيون، أو كان بعلاً، العشر، وفيما سُقي بالسّواني أو النضح، نصف العشر) [2].

وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه – قال : (بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وأمرني أن آخذ مما سَقَتِ السماء، وما سُقِيَ بَعْلاً، العشر، وما سُقِيَ بالدوالي نصف العشر).

قال يحيى بن آدم : "البعل والعثري والعذي : هو الذي يسقى بماء السماء، والعثري ما يزرع بماء السحاب والمطر خاصة، ليس يصيبه إلا ماء المطر، والبعل ما كان من الكروم قد ذهبت عروقه في الأرض إلى الماء فلا يحتاج إلى السقي الخمس سنين والسِتّ، يَحْتَمِلُ ترْكَ السقي فهذا البعل، والسيلُ ماء الوادي إذا سال، والغيل سيل دون سيل).
[3].

يُتبع - إن شاء الله تعالى -.

________

[1]. [سورة الأنعام : 99].
[2]. (صحيح) انظر : [سنن ابي داود 2/ 108 رقم 1596].
[3]. قال الشيخ الألباني : (حسن صحيح) انظر : [سنن ابن ماجة1/ 581 رقم 1818].

أم عبدالله نجلاء الصالح 02-06-2012 09:01 AM

شرع الله – تعالى - صلاة الإستسقاء، والدعاء تحت المطر لا يرد :
 
شرع الله – تعالى - صلاة الاستسقاء، والدعاء تحت المطر لا يرد :

9. وشرع الله – تعالى - الدعاء وصلاة الاستسقاء : فعن سهل بن سعد – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء، وتحت المطر) [1] .

قال شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى – في بدع الحج والعمرة : [قصد الطواف تحت المطر بزعم أن من فعل ذلك غفر له ما سلف من ذنبه) [2] .

التبرك بالمطر النازل من ميزاب الرحمة من الكعبة". [3] .

وأما حديث : (من طاف أسبوعا في المطر غفر له ما سلف من ذنبه) فلا أصل له، كما قال البخاري وغيره.[4] .

ومن البدع : (تبركهم بما يسقط مع المطر من قطع الدهان الأخضر من قبة القبر النبوي) [5] .

وعن أنس – رضي الله عنه - فهو بلفظ : (إن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر.
وفي رواية : كان نحو دار القضاء، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يخطب، فاستقبل رسول الله قائما ، فقال : يارسول الله ! هلكت المواشي، وانقطعت السبل، فادع الله أن يغيثنا، قال : فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال : (اللهم أسقنا، اللهم أسقنا، اللهم أسقنا)، قال أنس : فلا والله ما نرى في السماء من سحابٍ ولا قزعةٍ ولا شيئا، ولا بيننا وبين سلع من بيتٍ ولا دار، قال : فطلعت من ورائه سحابةٌ مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت، قال : فما صليــْــنا الجمعة حتى أهمّ الشاب القريب الدارَ الرجوعَ إلى أهله، قال : فوَالله ما رأينا الشمس شيئا.
وفي رواية : ثم مُطِروا حتى سالت مثاعِبُ المدينة واضطربت طرُقها أنهارا، فما زالت كذلك إلى يوم الجمعة المقبلة ما تُقلع، ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة، ورسول الله قائماً يخطب ، فاستقبله قائماً فقال : يارسول الله ! هلكت الأموال، وانقطعت السبل، ادع الله أن يمسكها، قال : فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسرعة ملالة ابن آدم - قال : فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه،
وفي رواية : وبسط يديه حيال صدره، وبطن كفيه مما يلي الارض، حتى رأيت بياض إبطيه، يدعو ورفع الناس أيديهم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعون، ثم قال : (اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآطام والجبال والظراب والأودية ومنابت الشجر) قال : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس.
وفي رواية : قال : فما يشيرُ بيده إلى ناحيةٍ إلا تفرّجت، حتى رأيتُ المدينة في مثل الجوبة، وسال وادي قناة شهرا، ولم يجئ أحد من ناحية إلا أخبر بجود.
وفي أخرى : فتقشعت عن المدينة فجعلت تُمطِر حواليْها وما تُمطِر بالمدينة قطرة، فنظرت إلى المدينةِ وأنها لفي مثل الأكليل) قال شريك : هو ابن عبد الله بن أبي نمر. فسألتُ أنساً : أهُوَ الرجل الأول ؟ قال : لا أدري". [6] .

وعن شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب - رضي الله عنه - : يا كعب بن مرة ! حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – واحذر، قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله ! استسق الله، فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه فقال : (اللهم اسقنا غيثا مريئا مريعا طبقا عاجلا غير رائث، نافعا غير ضار) قال : فما جَمعوا حتى أحيوا، قال : فأتوهُ فشكوْا إليه المطر، فقالوا : يا رسول الله ! تهدّمت البيوت، فقال : (اللهم حواليـــْـــنا ولا عليـــْـــنا) قال : فجعل السحابُ ينقطع يميناً وشمالا) (حديث صحيح) [7] .

وعن أنس – رضي الله عنه - قال : كان - صلى الله عليه وسلم – إذا زادت المياه، وخيفَ مِنْ كثرةِ المطر يقول : (اللهمّ سُقيا رحمة، ولا سقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق، اللهمّ على الظراب ومنابت الشجر، اللهمّ حوالينا لا علينا) (متفق عليه).[8] .


يُتبع - إن شاء الله تعالى -.
________

[1] (حديث حسن) رواه : (الحاكم) انظر : [صحيح الجامع رقم: 3078].
[2] انظر : [كتاب حجة النبي – صلى الله عليه وسلم – ص 117 رقم : 54].
[3] انظر : [كتاب حجة النبي – صلى الله عليه وسلم – ص 117 رقم : 55 ].
[4] انظر : [ كتاب مناسك الحج والعمرة ص (52)].
[5] انظر : مناسك الحج والعمرة ص (62).
[6] أخرجه البخاري (1 / 257، 258، 259، 260، 261، 262، 262 - 263) ومسلم (3/ 24 - 26). إرواء الغليل 2/ 145 رقم 614].
[7] انظر : [سنن ابن ماجة 1/ 404 رقم 1269].
[8] . وانظر : [إرواء الغليل (2/ 144 – 145] و [تمام المنة ص 266].

أم عبدالله نجلاء الصالح 02-07-2012 10:13 AM

التيسير ودفع المشقة
 
التيسير ودفع المشقة

10. رخص بالصلاة في البيوت والرحال في الليلة المطيرة :
عن ابن عمر - رضي الله عنهما – قال عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (أنه كان يأمر المنادي فينادي بالصلاة : "صلوا في رحالكم" في الليلة الباردة : وفي الليلة المطيرة في السفر) (متفق عليه).[1]

وعن أبي المليح عن أبيه - رضي الله عنه - : (أن يوم حنين كان يوم مطر فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - مناديه أن الصلاة في الرحال). [2].
وعن أبي مليح : (أن ذلك كان يوم جمعة) [3] .
وعن ابن عباس- رضي الله عنهما - قال لمؤذنه في يوم مطير : إذا قلت أشهد أن محمداً رسول الله فلا تقل : حي على الصلاة، قل : صلوا في بيوتكم، فكأن الناس استنكروا ذلك، فقال : قد فعل ذا من هو خير مني، إن الجمعة عزمة، وإني كرهت أن أحرجكم، فتمشون في الطين والمطر)[4].

11. ذكر الله – تعالى – المطر في مقام البشارة بعد الخوف، قال الله تعالى - : ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ۞ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ۞ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ[5].

12. ومن آثار رحمته بعباده التيسير ودفع المشقة، فقد رخص في وضع السلاح في حال المطر، قال الله تعالى - : ﴿وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [6].

________

[1] أخرجه البخاري (1/ 161) ومسلم (2/ 147) وغيرهم. وانظر : [إرواء الغليل 2/ 339 رقم 553].
[2] قال الشيخ الألباني : (صحيح). انظر [سنن ابي داود 1/ 278 رقم 1057].
[3] .قال الشيخ الألباني : (صحيح) انظر [سنن ابي داود 1/ 278 رقم 1058].
[4].قال الشيخ الألباني : (صحيح). انظر [سنن ابي داود 1/ 280 رقم 1066].
[5]. [سورة الأنفال 9 – 11].
[6]. [سورة النساء : 102].

أم عبدالله نجلاء الصالح 02-09-2012 10:05 AM

ومن التيسير ودفع المشقة
 
ومن التيسير ودفع المشقة

13. الأصل في ماء المطر والثلج والبرد أنه طهور : طاهرٌ ومطهرٌ لغيره : قال الله - تعالى - :
﴿وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ۞ لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا [سورة الفرقان : 48 - 49].

ومنه أ. طهارة ما يصيب الثياب من بللٍ من ماء المطر أو من طين الشوارع لا يجب غسله ولا تطهيره : فقد كان الصحابة الكرام - رضي الله عنه - والتابعين يخوضون في الوحل والطين وماء المطر، ويدخلون المسجد، ويصلون ولا يغسلون ما أصابهم منه. فعن جابر – رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل، وأحلتْ لي المغانم، ولم تحل لأحد قبلي، وأعطيتُ الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثتُ إلى الناس عامة). (متفق عليه).

ب. كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو بعد تكبيرة الإحرام في الصلاة أن يغسله الله من الخطايا بالماء والثلج والبرد : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة، قال : أحسبه، قال : هنية، فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتك بين التكبير وبين القراءة ما تقول ؟ قال : أقول : (اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد) (متفق عليه).

ت. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو للميت في صلاة الجنازة أن يغسله الله من الخطايا بالماء والثلج والبرد : عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول : (اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله، ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله دارا خيرا من داره، وأهلا خيرا من أهله، وزوجا خيرا من زوجه، وأدخله الجنة، وأعذه من عذاب القبر، ومن عذاب النار).
وفي رواية : (وقه فتنة القبر، وعذاب النار)، قال : حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت) . رواه مسلم

14. الغريق له أجر شهيدين – إن لم يكن ينوي قتل نفسه - : فعن أم حرام – رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (المائد في البحر الذي يصيبه القيء له أجر شهيد، والغريق له أجر شهيدين) [1].

وقد كانت أم حرام من أوائل من ركب البحر في زمن معاوية - رضي الله عنه - فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت : عن أنس - رضي الله عنه - قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل على أم حرام بنت ملحان، وكانت تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها يوما فأطعمته، ثم جلست تفلي رأسه، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استيقظ وهو يضحك، قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : ناس من أمتي عُرضوا عَليّ غُزاةٌ في سبيل الله، يركبون ثبَجَ هذا البحر، ملوكا على الأسرة، أو مثل الملوك على الأسرة . فقلت : يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها، ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت يا رسول الله ! ما يضحكك ؟ قال : ناس من أمتي عُرضوا عَلَيّ غُزاةٌ في سبيل الله. كما قال في الأولى . فقلت يا رسول الله ! ادع الله أن يجعلني منهم. قال : أنتِ من الأولين. فركبتْ أم حرام البحر في زمن معاوية، فَصُرعَتْ عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت). (متفق عليه).

أسأل الله - تعالى - أن يكتب لها أجر شهيدين، وأن يجمعنا بها في أعلى عليين في مقعد صدق عند مليك مقتدر.


يُتبع - إن شاء الله تتعالى -.

______

[1] (حديث حسن) أخرجه (أبو داود) (2493) ص (285). والحميدي في " مسنده " (349) وكذا ابن أبي عاصم في " كتاب الجهاد ) (ق 98 / 2) وابن عبد البر في " التمهيد " (1 / 239 - طبع المغرب).

أم عبدالله نجلاء الصالح 03-01-2012 03:49 AM

ومن المطر ما يكون في آخر الزمان خير وبركة، ومنه ما يكون فتنة فليحذر :
 
ومن المطر ما يكون في آخر الزمان خيرٌ وبركة، ومنه ما يكون فتنة فليحذر :

15. أما ما يكون فتنة :
أن الدجال يأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، وأما ما هو خير وبركة : أن الله - تعالى - يرسل قطراً فيغسل الأرض من نتن يأجوج ومأجوج بعد موتهم حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض : انبتي ثمرتك، ودري بركتك، كما في حديث النواس بن سمعان - رضي الله عنه - قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدجال فقال: (غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه، واللهُ خليفتي على كل مسلم، إنه شابٌ قطط، إحدى عينيه كأنها عنبة طافية، كأني أشبّهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشام والعراق، فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا، قالوا : يا رسول الله ! ما لبثه في الأرض؟ قال أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قالوا : يا رسول الله ! فذلك اليوم كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم ؟ قال : لا اقدروا له، قالوا : وما إسراعه في الأرض ؟ قال : كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت دراً، وأشبعه ضروعاً، وأمدّه خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم فيصبحون مُمْحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمرّ بالخربة فيقول لها : أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه ويضحك، فبينما هو كذلك، إذ بعث اللهُ المسيحَ ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مهرودتين واضعاً كفيه على أجنحةِ ملكين، إذ طأطأ رأسه قطرَ، وإذا رفعهُ تحدّر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحلّ لكافر يجد ريح نَفَسِهِ إلا مات، وَنَفَسُهُ ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لدّ فيقتله، ثم يأتي عيسى قومٌ قد عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هم كذلك، إذ أوحى الله إلى عيسى إني أخرجتُ عِبادا لا يدان لأحد بقتالهم، فحرّز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون، فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها ويمر آخرهم فيقولون : لقد كان بهذه مرةً ماء، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون : لقد قتلنا مَن في الأرض، هلم فلنقتل مَن في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما، وَيُحْصَرُ نبي الله عيسى وأصحابه، حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيراً من مائة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيُرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله - عز وجل - فيرسل الله طيراً كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله، ثم يرسل الله قطراً لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض : انبتي ثمرتك، ودري بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل، حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحاً طيبة، فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحُمُر، فعليهم تقوم الساعة) (صحيح) تحقيق الألباني. رواه : (أحمد ومسلم والرمذي)‌ : انظر : [صحيح الجامع حديث رقم: 4166].

يتبع - إن شاء الله تعالى -.

أم عبدالله نجلاء الصالح 03-01-2012 05:51 AM

يرسل الله مطراً كأنه الطلّ، فينبت منه أجساد الناس يوم القيامة
 
وقد يكون المطر نقمةً وحرمانًا وخوفًا وعذابًا – نسأل الله العافية –.

عَذَبَ اللهُ بالمطر قومَ نوح ولوط وعاد وسبأ، وأنزل في ذلك آياتٍ بليغاتٍ بيناتٍ محكمة، قال الله – تعالى – في قوم نوح :
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ۞ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ۞ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ۞ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ۞ وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ ۞ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لِمَنْ كَانَ كُفِرَ [سورة القمر 10 – 14].

وفي قوم لوط قال الله - تعالى - : ﴿قَالَ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ ۞ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ۞ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ ۞ فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ [سورة الحجر 71 – 74].

وفي قوم عاد قال الله – تعالى – : ﴿وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ۞ مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ [سورة الذاريات 42 – 43].

وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت : "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا عصفت الريح قال : (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به، وإذا تخيلت السماء تغير لونه، وخرج ودخل، وأقبل وأدبر، فإذا مطرت سُرّيَ عنه، فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال : لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا) (متفق عليه) (1).

وفي رواية : ويقول إذا رأى المطر : (رحمة). انظر : [مشكاة المصابيح 1513].

وأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نسب الريح : فعن أبي هريرة – رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (الريح من روح الله، تأتي بالرحمة وبالعذاب، فلا تسبوها، وسلوا الله من خيرها، وعوذوا به من شرها) (صحيح) رواه الشافعي وأبو داود وابن ماجه والبيهقي في الدعوات الكبير. انظر : [مشكاة المصابيح جـ 1 رقم : 1516].

وعن أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (لا تسبوا الريح فإذا رأيتم ما تكرهون فقولوا اللهم إنا نسألك من خير هذه الريح وخير ما فيها وخير ما أمرت به ونعوذ بك من شر هذه الريح وشر ما فيها وشر ما أمرت به) (صحيح). رواه الترمذي . انظر : [مشكاة المصابيح جـ 1 رقم : 1518].

وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - : أن رجلاً لعن الريح عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : (لا تلعنوا الريح فإنها مأمورة، وإنه من لعن شيئا ليس له بأهل، رجعت اللعنة عليه). (صحيح). انظر : [مشكاة المصابيح جـ 1 رقم : 1517].

وفي قوم سبأ قال الله – تعالى – : ﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ ۞ فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ ۞ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ [سورة سبأ : 15 – 17].


يُتبع - إن شاء الله تتعالى -.
___________

(1) تتمــّــة الآية الكريمة : ﴿بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ ۞ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [سورة الأحقاف 24 - 25].

أم عبدالله نجلاء الصالح 03-02-2012 03:25 AM

أسباب هلاك هؤلاء الأقوام وتحوّل النعمة عنهم.
 
أسباب هلاك هؤلاء الأقوام وتحوّل هذه النعمة عنهم.

قال الله – تعالى – : ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [سورة هود : 117].

مما تقدم يتبّن لنا أن لهلاك هؤلاء الأقوام وأمثالهم، وتحوّل النعمة عنهم أسبابًا أدت بهم إلى سوء مصيرهم، فكانوا عبرةً لمن يعتبر على مدى الزمان، أذكر منها ما يلي :

1. تكذيب الرسل : قال الله – تعالى – :﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ ۞ فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ۞ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ۞ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ [سورة القمر : 9 - 12].

2. الكفر : قال الله ـ تعالى ـ : ﴿وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُون[سورة النحل: 112].

وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ما من عام بأكثر مطرًا من عام، ولكن الله يصرّفه بين خلقه حيث يشاء. ثم قرأ : {وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا الآية]. (1) (صحيح) انظر : [السلسلة الصحيحة 5/ 592 رقم 2461].

قال شيخنا الألباني - رحمه الله تعالى – في التعليق على الحديث : [ويستفاد منه أن كمية المطر في كل عام واحدة لكن تصريفه يختلف.
وقال البغوي في معالم التنزيل عقب حديث ابن عباس : وهذا كما روي مرفوعا : (ما من ساعة من ليل ولا نهار، إلا والسماء تمطر فيها، يصرفه الله حيث يشاء).
وذكر ابن اسحاق وابن جريج ومقاتل وبلغوا به ابن مسعود يرفعه قال : (ليس من سَنَةٍ بأمَرَّ - أي أسوأ - من أخرى، ولكن اللهَ قسّم هذه الأرزاق، فجعلها في السماء الدنيا في هذا القَطْر، ينزل منه في كل سَنةٍ بكيلٍ معلومٍ ووزنٍ معلوم، وإذا عمل قوم بالمعاصي حوّلَ اللهُ ذلك إلى غيرهم فإذا عَصَوْا جميعا، صرف اللهُ ذلك إلى الفيافي والبحار). ا. هـ. انظر : [السلسلة الصحيحة 5/ 592 رقم 2461].

3. ظهور الفواحش والمعاصي والإعلان والمجاهرة بها : عن ابن عمر – رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (يا معشر المهاجرين ! خصال خمس إذا ابتليتم بهن، وأعوذ بالله أن تدركوهن : لم تظهر الفاحشة في قوم قط، حتى يعلنوا بها، إلا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقصوا المكيال والميزان، إلا أخذوا بالسنين، وشدّة المُؤنة، وجوْر السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم، إلا مُنِعوا القطرَ من السماء، ولولا البهائم لم يُمطروا، ولم ينقضوا عهد الله، وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم، فأخذوا بعض ما كان في أيديهم، وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله - عز وجل -، ويتحروا فيما أنزل الله، إلا جعل الله بأسهم بينهم). (حديث صحيح)‌. انظر : [صحيح الجامع7978].‌

بِالسِّنِينَ : بالقحط.

قال الله – تعالى – : ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [سورة الأعراف : 13].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (ليست السّنةُ بأن لا تمطروا، ولكن السنةَ أن تُمْطروا وتُمطروا، ولا تنبتُ الأرض شيئا) (رواه مسلم) انظر : [صحيح الجامع رقم : 5447].


يتبع إن شاء الله - تعالى -.
__________

(1) وتمام الآية : ﴿فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا [سورة الفرقان : 50].

أم عبدالله نجلاء الصالح 03-12-2012 07:12 AM

أسباب هلاك هؤلاء الأقوام وتحوّل هذه النعمة عنهم.
 
أسباب هلاك هؤلاء الأقوام وتحوّل هذه النعمة عنهم.

4. الكبْر والجدل : عن أنس – رضي الله عنه - قال : أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلًا من أصحابه إلى رأس المشركين يدعوه إلى الله – تعالى -، فقال المشرك : هذا الذي تدعوني إليه من ذهب أو فضة أو نحاس ؟ فتعاظم مقالته في صدر رسول رسول الله، فرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره فقال : إرجع إليه، فرجع إليه بمثل ذلك وأرسل الله - تبارك وتعالى - عليه صاعقة من السماء فأهلكته، ورسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الطريق، فقال : (لا يَدي) فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : (إن الله قد أهلك صاحبك بعدك) ونزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ }.

قال شيخنا الألباني – رحمه الله تعالى - : [إسناده (صحيح) رجاله ثقات رجال الشيخين، غير ديلم بن غزوان وهو ثقة وقد توبع] انظر : [ظلال الجنة جـ1 رقم 692] ا هـ.

قال الله – تعالى - : {هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ۞ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} [سورة الرعد : 12 - 13].

قال ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسيره : {خَوْفًا وَطَمَعًا} قال قتادة : [خوفاً للمسافر يخاف أذاه ومشقته، وطمعاً للمقيم يرجو بركته ومنفعته، ويطمع في رزق الله] ا هـ.

{وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ} : أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء.

{وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ} : أي يشكّون في عظمته، وأنه لا إله إلا هو.

{وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} : قال ابن جرير : شديدة مماحلته في عقوبة من طغى عليه، وعتا وتمادى في كفره. وهذه الآيه شبيهة بقوله – تعالى - : {وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ۞ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ} [سورة النمل 50 – 51]. ا هـ.

وقال علي – رضي الله عنه - : {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} أي : شديد الأخذ.
وقال مجاهد : شديد القوة]. انظر : [تفسير القرآن العظيم لابن كثير – رحمه الله تعالى - 3/ 664 -667].

5. التعلق في هذه الحياة الدنيا وزينتها قال الله – تعالى - : {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ۞ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا} [سورة الكهف : 45 - 46].

وقال الله – تعالى - : {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [سورة الحديد : 20].


يتبع إن شاء الله - تعالى -.

أم عبدالله نجلاء الصالح 03-12-2012 07:39 AM

للمحافظة على نعمة المطر، وبركات السماء والأَرْضِ بإذن الله - تعالى - :
 
للمحافظة على نعمة المطر، وبركات السماء والأَرْضِ بإذن الله - تعالى - :

1. الإيمان بالله - جلَّ في علاهُ - وتقواه :
لقوله ـ تعالى ـ : {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون} [سورة الأعراف : 95].

2. اليقين بالله – تبارك وتعالى – بلا شك، قال الله – تبارك وتعالى - : {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} [سورة : الرعد 17].

قال عبدالله بن عباس – رضي الله عنهما – في قوله – تعالى - : {أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا} الآية : [هذا مثلٌ ضربه الله، احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها، فأما الشك، فلا ينفع معه العمل، وأما اليقين فينفع الله به أهله، وهو قوله : {فَأَمَّا الزَّبَدُ} وهو الشك {فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} وهو اليقين، وكما يجعل الحُلِيّ في النار، فيُؤخذ خالصه، ويترك خبثه في النار، فكذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك]. انظر : [تفسير القرآن العظيم لابن كثير – رحمه الله تعالى - 3/ 669].

3. العمل بالتنزيل، واتباع الحق الذي جاء من عند الله – سبحانه وتعالى - : فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم، كمثل غيث أصاب أرضا، فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء، وأنبتت الكلأ والعشب الكثير، فكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس، فشربوا منها، وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى منها، إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ، فذلك مثل من فقه في دين الله - تعالى - ونفعه ما بعثني الله به، فعَلِمَ وَعَلّمْ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به}. [متفق عليه].

ولنا في بني إسرائيل وفي غيرهم من الأمم السابقين عظة وعبرة، قال الله – تبارك وتعالى - : {وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأكَلُواْ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاء مَا يَعْمَلُونَ} [سورة المائدة: 66].

4. شكر النعمة، وعدم كفرانها لقوله ـ تعالى ـ : {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [سورة إبراهيم : 7].

وقوله ـ تعالى ـ : {وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [سورة النحل : 112].

أم عبدالله نجلاء الصالح 03-12-2012 08:23 AM

للمحافظة على نعمة المطر، وبركات السماء والأَرْضِ بإذن الله - تعالى - :
 
للمحافظة على نعمة المطر، وبركات السماء والأَرْضِ بإذن الله - تعالى - :

5. لزوم سبيل الإستقامة لقوله ـ تعالى ـ :
{وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا} [سورة الجن : 16].

6. الإستغفار والتوبة لقوله ـ تعالى ـ عن نوح – عليه الصلاة والسلام – في دعوته لقومه : {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا غ‍ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا غ‍ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [سورة نوح : 10 – 12].

وعن هود – عليه الصلاة والسلام - قال ـ تعالى ـ : {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [سورة هود : 52].

7 التفكر في آلاء الله لقوله -تعالى-: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [سورة السجدة 27].

اللهم أعنّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، وإقامــــة حدودك، والثبات على الحق الذي جاء من عندك يارب العالمين، يا أرحم الراحمين، إنك أنت ولي ذلك والقادر عليه.

من محاضرات اللجنـــة النسائية بمركز الإمام الألباني - رحمه الله تعالى -.

وكتبته : أم عبدالله نجلاء الصالح.

أم عبدالله نجلاء الصالح 12-21-2013 05:17 AM

لطفـــًـــا :

موضوع ذا صِلـَـــــة :

مختصر كتاب :
«أحكام الشتاء في السنة المطهرة» للشيخ علي بن حسن الحلبي الأثري حفظه الله – تعالى -.
قام باختصاره : الشيخ أبي عثمان السلفي جزاه الله خيرا.


أم عبدالله نجلاء الصالح 02-11-2020 02:02 AM

هل كلمة المطر خاصة بالعذاب والأذى؟

الكاتب: أ. د. عاصم القريوتي

كتب في 22 نوفمبر 2017م

انتشر في الآونة الأخيرة أن ﻛﻠﻤﺔ ﻣﻄﺮ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ إﻻ ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﻌﺬﺍﺏ ﺃﻭ ﺍﻷﺫﻯ؛ ﻭﻧﺤﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﻧﺪﻋﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﻨﺰﻝ ﻋـﻠﻴﻨﺎ ﺍﻟﻤﻄﺮ.

{وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ } [الأعراف: 84].

وفوله سبحاته: { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [الشعراء: 173].

وقوله تعالى : {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} [النمل: 58 ].

وأما ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻟﻨﺎﺯﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ ﻟﺴﻘﻲ ﺍﻷﺭﺽ ﻭﺍﻷﻧﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﺎﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻟﻪ ﺃﻟﻔﺎﻅ ﻏﻴﺮ ﻟﻔﻈﺔ ﺍﻟﻤﻄﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﺍﻟﻤﺎﺀ ﺍﻭ ﺍﻟﻐﻴﺚ.

هكذا يقول القائل، ولكن هذا ليس بصحيح أن المطر خاص بالعذاب لما يلي:

صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: (مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ الله؛ لاَ يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلاَّ الله؛ وَلاَ يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ إِلاَّ الله؛ وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلاَّ اللهُ، وَلاَ تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ، وَلاَ يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ الله).

وعن عائشة زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- تقول: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا كان يوم الريح والغيم عرف ذلك فى وجهه أقبل وأدبر فإذا مطرت سر به وذهب عنه ذلك.

قالت عائشة -رضي الله عنها- فسألته فقال: (إنى خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتى). ويقول إذا رأى المطر: (رحمة).

وصح أيضا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُم؟ْ) قَالُوا: الله وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: (أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ فَأَمَّا مَنْ قَالَ مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ؛ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالْكَوْكَبِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا؛ فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالْكَوْكَبِ).

وعن أَنَس بْن مَالِكٍ قَالَ أَتَى رَجُلٌ أَعْرَابِيٌّ مِنْ أَهْلِ الْبَدْوِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ هَلَكَتِ الْمَاشِيَةُ؛ هَلَكَ الْعِيَالُ؛ هَلَكَ النَّاسُ. فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدَيْهِ يَدْعُو وَرَفَعَ النَّاسُ أَيْدِيَهُمْ مَعَهُ يَدْعُونَ؛ قَالَ: فَمَا خَرَجْنَا مِنَ الْمَسْجِدِ حَتَّى مُطِرْنَا فَمَا زِلْنَا نُمْطَرُ حَتَّى كَانَتِ الْجُمُعَةُ الأُخْرَى فَأَتَى الرَّجُلُ إِلَى نَبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ بَشِقَ الْمُسَافِرُ وَمُنِعَ الطَّرِيقُ.

وفي لغة العرب كذلك يطلق المطر على الماء النازل من السماء أيًا كان، وبهذا يتبين صحة إطلاق المطر على الرحمة والعذاب جميعا.

والله أسأل أن يتغمدنا جميعا برحمته، وأن ينصر دينه وعباده في كل مكان.


الساعة الآن 07:04 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.