أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
95915 94165

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-10-2015, 09:31 AM
محمد عياد محمد عياد غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2010
الدولة: عمان - الأردن
المشاركات: 354
افتراضي حدث تفجيرات عمان 2005/11/11 لشيخنا علي بن حسن الحلبي الأثري



حدث تفجيرات عمان 2005 لشيخنا علي بن حسن الحلبي الأثري

" بسم الله الرحمن الرحيم

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

أما بعد: فيا أيها المؤمنون: يقول ربنا – جل في علاه، وعظم في عالي سماه –: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ، إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾ هذه سورة كاملة من كتاب الله – تعالى –: من أقصر السور آياتٍ، ومن أواخرها في المصحف ترتيباً.

وهي – على وجازتها – حوت أصول الحياة الإسلامية كاملة، ضمن قواعد الشرع وضوابطه، وأصوله المحكمة وغاياته: من وحدة المسلمين، واستقرار كلمتهم، وعبادة ربهم، وسلامة أمنهم وأمانهم ..

وهكذا كلام الله المعجز – كله –: بين اعتقاد يؤيد، أو منكر يرد، أو قصصٍ يسرد، أو حكم يورد:

فقوله – تعالى –: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ معناه – كما قال الإمام ابن كثير –: إئتلافهم وإجتماعهم في بلدهم آمنين، مطمئنين:

والإئتلاف والإجتماع – هذا – من أعظم مقاصد الشرع الحكيم، وفيه يقول الله – تعالى –: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾، ونبي الإسلام – عليه الصلاة والسلام – يقول: "يد الله على الجماعة"، ويقول: "الجماعة رحمة، والفرقة عذاب".

أيها المؤمنون:
إن هذا الأصل الأصيل – وحدة، واجتماعاً وائتلافاً – يغيب – في ظلال العاطفة العمياء، والحماسة الصماء – عن فئام من الناس عادوا أنفسهم، وجهلوا أقدارهم؛ فتسربلوا لبوس الإسلام وهم عنه بعيدون، وتكلموا باسم الشرع وهم به جاهلون؛ فأفسدوا من حيث توهموا أنهم مصلحون؛ والله – عز وجل – يقول: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا، الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾.
والاستدلال بهذه الآية الكريمة في هذا السياق استدلال حق؛ مبني على التأصيل العلمي المحرر: "العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب".
وأما قوله تعالى – بعده –: ﴿إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ ففيه معنى الاستمرار والاستقرار – تواصلاً ميموناً، وتكاملاً مأموناً –: استمراراً يشمل زمان الإسلام ومكانه، واستقرار يتسع بلد الإيمان وأهله وسكانه.
وذاك الائتلاف البدني، وهذا الأمان الزماني المكاني هما – معاً – موضع عجب وتعجب؛ لكونهما واقعين في أناس كانوا – قبلاً – أذلة متفرقين قليلين، ثم صاروا – من بعد – أعزة كثيرين متحدين ..

وما ذاك إلا بسبب إنتسابهم الحق لهذا الدين، وإنتمائهم الصدق لدعوة الحق واليقين.

فكان البدء في السياق القرآني – هذا – بلام التعجب: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾؛ توجيهاً للسامعين والتالين لأمر قد يدق عيهم فهمه، أو يصعب عليهم إدراكه؛ فكأنه – سبحانه – يقول: اعجبوا لأمر قريش، وأثر نعمتي عليهم؛ كيف كانوا، وكيف صاروا ..

وهذا الأصل الثاني– أيضاً – غدا حاله عند أولئك الجهلة المتصدرين –، الحماسيين الغوغائيين، المتطرفين الغالين – أنفسهم –: كحال الأصل الأول – تماماً –:فقد صار نسياً منسياً، وأثراً فارغاً مقضياً ..

وما آل حال هؤلاء القوم إلى هذا الحد المزري – سفهاً وطيشاً وبلاءً – إلا بسبب جهلهم بالشرع وبنائه، وتنكبهم لطريق أئمة الدين وعلمائه، ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر"؛ فهم أصاغر في أسنانهم، أصاغر في معرقتهم وثقافتهم ..

كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: "حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام" ..

وصدق نبينا الكريم – عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم – في قوله: "إن بين يدي الساعة سنوات خداعات: يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة"، قالوا: من الرويبضة – يا رسول الله – ؟! فقال صلى الله عليه وسلم: " الرجل التافه يتحدث في أمر العامة".

نعم؛ ورب محمد؛ إن هؤلاء الجهلة الغلاة شغلوا الخاصة والعامة، وتحدثوا في أعظم الأمور الهامة، في الوقت الذي هم فيه فاقدون لأدنى أدنى أهلية العلم الشرعي، فضلاً عن رفعة مكانة الإفتاء الديني؛ الذي جعل الله – تعالى – القول فيه – بغير علم – من أكبر الكبائر –؛ كما قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾، وقال – جل في علاه، وعظم في عالي سماه –: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾:

ففي الآية الأولى: قرن – سبحانه – القول عليه بغير علم: بالشرك بالله ..
وفي الآية الثانية: جعل – سبحانه – القول بالتحليل والتحريم – بغير فقهٍ –: افتراء على الله ..

.. فأشئم بهما من فعلين قبيحين خسيسن؛ تنطح لهما – بغير خوف من الله، ولا حياء من خلقه – أولئك الجهلة المتصدون المتصدرون – أنفسهم –؛ فتكلموا بجهلهم الشديد في الدماء، ثم ترجموا كلامهم الفاسد إلى واقع أفسد؛ فأوقعوا في الأمة القتل، والبلاء، والفتن، والمحن ..

بل كانوا بأفعالهم المفسدة السوأى – هذه – سبباً عظيماً من أسباب تسلط أعداء الأمة عليها، وإستنزاف مقدراتها، والضغط عليها .. فضلاً عن وصفهم الإسلام بالإرهاب، والمسلمين الصالحين بالتطرف – وهم لا يشعرون، ولا لضلالاتهم وإفساداتهم يقدرون !!

وهذا أخطر وأعظم ما في هذه البلية، وشر ما في تلكم القضية .. وبسببه نتكلم، ونحرص، ونبين، ونجادل – ولانزال نحاول–؛ حرصاً على صورة الإسلام النقية، وأحكامه الحميلة البهية ..

أما ما يفعله المناوئون الأغيار: من ظلم كبار: فحكمه أجلى من شمس النهار، وليس يخفى على الصغار الصغار ..

أيها المؤمنون:

ما ذاك الحادث المريع، والحدث الفظيع الذي وقع في بلدنا الطيب المبارك – بالأمس القريب – مما تكسرت له القلوب النقية تصدعاً، وملأ الأعين الرحيمة أدمعاً – إلا دليلاً من أدلة شتى تبين حقيقة هؤلاء الجهلة الغالين، الضالين المجرمين – إن كانوا فاعلينها باسم الدين، فالدين منهم – والله – براء بكل يقين ..

ولا زلنا نسمع من علمائنا الربانيين، وأئمتنا العاملين "التحذير" تلو التحذير من ذلك الخطر الداهم الكبير .. وذلك – والله – منذ نحو ربع قرن من الزمان – أو أكثر –؛ لأن أهل العلم – دوماً – يعرفون الحق، ويرحمون الخلق ..

فكانت تنطلق من علمائنا هؤلاء – رحمهم الله أجمعين – الواحد تلو الآخر – على وجه التكرير – "صيحة نذير"، وصرخة تذكير: لعل أولئك الغلاة – بها – إلى الحق يرجعون، وعن باطلهم يرتدعون ..

ولكون أولئك السفهاء المارقين جاهلين، ظنّانين، شكّاكين: ألقوا بسواد قلوبهم على أطراف ألسنتهم؛ فصاروا يرمون عموم الأمة بالضلال الكبير، وحكامها بالكفر والتكفير، وعلمائها بالتهم الجزاف، وكبراءها بالخلل والإنحراف ..

وهذه – والله – كلمات لو عكست على أولئك الجهلة: ما وجدت لهم بدلاً ..

أيها المؤمنون:

إن كلمات علمائنا الأكابر – رحمهم الله – المبنية على الكتاب والسنة، وفهم سلفم الأمة – نبراس لكل الناس، بل هي الأصل والأساس – من قديم قديم – في التحذير من هذا النهج التكفيري الخطير المرير، وما ينبني عليه من تقتيل وتدمير، وسفك دماء وتفجير؛ فهي – للحق والتاريخ – قبل هذا التكرار الكثير الكثير، الذي يردد على الأسماع – في جميع الأصقاع – كل آن – وفي كل مكان:
وقد قال بعض علمائنا المعاصرين، وأئمتنا الكبراء الفاقهين – ممن اتفق على مكانتهم وأمانتهم – ما نصه –:

"إن التسرع في التكفير له خطره العظيم؛ وبخاصة لما ينجم عنه من استباحة الدماء، وانتهاك الأعراض، وسلب الأموال الخاصة والعامة، وتفجير المساكن والمركبات، وتخريب المنشأت:

فهذه الأعمال – وأمثالها – محرمة شرعاً – بإجماع المسليمن –؛ لما في ذلك من هتك لحرمة الأموال، وهتك لحرمات الأمن – والأمان – والإستقرار، وحياة الناس الآمنين المطمئنين في مساكنهم ومعايشهم، وغدوهم ورواحهم، وهتك للمصالح العامة التي لا غنى للناس في حياتهم عنها.

فالإسلام بريء من هذا المعتقد الخاطئ.

وما يجري في بعض البلدان من سفك للدماء البريئة، وتفجير للمساكن والمركبات، والمرافق العامة والخاصة، وتخريب للمنشأت:

هو عمل إجرامي، والإسلام بريء منه .

وهكذا كل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر بريء منه؛ وإنما هو تصرف من صاحب فكر منحرف، وعقيدة ضالة، فهو يحمل إثمه وجرمه، فلا يحتسب عمله هلى الإسلام، ولا على المسلمين المهتدين بهدي الإسلام، المعتصمين بالكتاب والسنة، المتمسكين بحبل الله المتين؛ وإنما هو محض إفساد وإجرام تأباه الشريعة والفطرة؛ ولهذا جاءت نصوص الشريعة بتحريمه؛ محذرة من مصاحبة أهله ..". إنتهى كلامه – يرحمه الله –.

أيها المؤمنون:

أقول – ختاماً –:

لقد انطبق على هؤلاء التكفيريين المنحرقين، الجهلة الضالين، قول أئمة العلم والدين – منذ سنين –:

لا للإسلام نصروا .. ولا للكفر كسروا ..

.. فهلا تدبروا، وتفكروا، وعن ضلالهم انقطعوا وأدبروا ؟!!

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ..

* * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * * *

الحمد لله رب العالمين – القائل –: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾، والصلاة والسلام على نبينا محمد الهادي الأمين – القائل –: "إنما أنا رحمة مهداة".

أما بعد:
فإن ختام سورة ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ﴾ جاء متكاملا مع فاحتتها، متوائما مع بدايتها: تحريضاً على المحافظة على النعم أكثر، وحضاً وترغيباً على إستمرارها لأهلها بحالٍ أوفر ..
فقال – تعالى – مرشداً عباده إلى شكر نعمه العظيمة، ومننه الجمة: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـذَا الْبَيْتِ﴾؛ لأن الله تعالى – يقول – مبيناً فضله على عباده، وهو خالقهم –: ﴿وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ الله﴾، ويقول – سبحانه –: ﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾.

فما السبيل الموصل للمحافظة عليها ؟!
وما الطريق المؤدي – بالحق – إليها ؟!

قال – تعالى –:﴿لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُم،ْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ﴾ أي: تركتم المحافظه على النعم. ﴿إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ ..
فعبادة الله حق العبادة، والقيام بتوحيده الخالص، والعلم بالشرع، والعمل بأحكامه: أكبر أسباب تواصل تلكم المنن، وأجل طرائق تعاظم هاتيك النعم ..

ثم قال – سبحانه –: ختاماً للسورة واصفاً لنفسه العلية، وذاته المقدسة بصفاتٍ بها أهلها المخاطبون يشعرون، ولآئارها يحسون، ولفضائلها يلمسون: ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ﴾:

فربط – جل في علاه، وعظم في عالي سماه – عبادته منهم – إيماناً، باطمئنانهم هم – أمناً وأماناً – ..

كما ورد – تماماً – في محكم قوله – تعالى –: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ ..

أيها المؤمنون:

إن الأمن والأمان مرتبطان بالإيمان، وكلاهما مِنَّةٌ عُظمى مِن مِنَن ربنا الرحمن.

والحرص عليهما مقصد عالٍ من مقاصد الشرع الشريف،وأصل تام من أصول ديننا الحنيف ..

وأما دلك الهذيان الطاغي الذي يردده بعض المدافعين بالجهل، أو المتلمسين العذ لتلكم الأفكار التكفيرية الضالة – أو أصحابها بالباطل–؛ ليسوغوا ضلالهم، ويمرروا إنحرافهم وغلواءهم: من أنهم يقتلون – أصالة – الكفار، ويقتلون – تبعاً – المتترس بهم – المختبأ وراءهم – من خلطائهم المسلمين:

فهذا – والله – من أعظم الجهل وأكبره، وأشد الظلم وأفجره:

فغير المسلمين إذا دخلوا بلاد المسلمين بعقد الأمان، وعهد الإذن والإستئمان: كانت حقوقهم – رعاية وحماية – كحقوق المسلمين بلا أدنى فرق؛ بل أن نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم قال محذراً من مخالفة هذا الحكم المتين – بلسانٍ عربي مبين –: " مَن قَتَلَ معاهداً لم يرح رائحة الجنة"، و "المعاهد": هو غير المسلم إذا استؤمن – عهداً – داخل بلاد المسلمين.

وأما التترس المدعى – ذاك –: فإن صورته الصحيحة التي ذكرها أئمة العلم العارفون، وعلمائه الصادقون: تختلف ظهراً لبطن عن هذه الصورة القائمة المظلمة التي يجهلها هؤلاء، فتنتج تلك الدماء، وتنثر هذه الأشلاء .. مِن شيخٍ هرم، وإمرأة غافلة، وطفل بريء ..
فالتترس – بصورته الفقهية الحقة – ضرورة يلجأ إليها الجندي المسلم مرغماً عليها؛ لأنه لا يتطلبها بغير حقها، ويسعى إليها بغير حكمها وحكمتها .. ﴿أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا﴾ ..

فليتق الله أناس جاهلون، لا للحق هم عارفون، ولا للباطل هم رادون، بل هم له – وإن جهلوا – مؤيدون ناشرون، ولدعاته وأصحابه ناصرون ..

أيها المؤمنون:

إن من بدائه الكلمات، ومسلمات البيانات أن أقول من على هذا المنبر:

إن ما جرى في عمان الخير – بالأمس القريب – من تفجير، وتدمير، وتقتيل، ونقص للأمن والأمان، وهتك للستور الدين والإيمان: أمر نكر إد؛ لا يقره شرع، ولا يؤيده عقل، ولا تنصره مصلحة، ولا يسوغة ذو ضمير، ولا يدافع عنه صاحب نظر وتفكير ..

فكيف إذا كانت تلك الصنائع الفظائع غدراً خبيثاً ماكراً جباناً – من وراء جدر –، تأنف منه الطبائع السوية، فضلاً عن الأخلاق الإسلامية ؟!!

والحقيقة والواقع أنها كانت أكبر من ذلك، وأجل: كانت غدراً مضاعفاً كباراً؛ قلب الأفراح أتراحاً، والهناء عزاءً، والبسمات عويلاً وبكاءً، والدواء داءاً، والشفاء بلاءاً، والورود دماءً، والأجساد أشلاءً ..

ولست أدري بل إنني –أدري–:
هل هذه المواقع المستهدفة – من هذه الفئة الضالة المنحرفة – ساحات جهات وأعداء، ومواقع قتال وفداء ؟!

أم أنها أماكن كمال أفراح، وترابط أسر، وتواصل أرحام، وتبادل مودات، وتقابل مسرات ؟!

تالله، وباله، ووالله: إن الفاعل لهذا، والمتلبس به – ومن وراءه – كائناً من كان، وإلى أي دريعة واهية إستكان – مجرم جبان، ودنيء فتان؛ لم يرقب في عامة المسلمين إلا ولا ذمة، ولم يراع حق صيانة المجتمع والأمة ..

وإننا لندعوا ربنا العظيم – جل في علاه، وعظم في عالي سماه – مخلصين–: أن يوفق مليكنا، وولي أمرنا – حفظه الله، وجمله بتقواه – لمزيد من السعي الدؤوب الحثيث؛ الذي ما فتئ يجهد فيه، ويجد في تحقيقه: تعريفاً لدول العالم بحقيقة دين الإسلام، ومواقفه السديدة العظام، وبرائته من أفعال أولئك الغلاة الجهلة الطغام ..

ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول: :من لا يشكر الناس لا يشكر الله"؛ فالشكر – كله – موجه لمليكنا – جزاه الله خبراً، وزاده فضلاً وبراً – في رعايته، وحياطته، وسهره، وحدبه، وحراسته ..

وإني لأخوف هؤلاء الفاعلين برب العالمين – إن كانوا به مئمنين موحدين، ولحكمه مقرين مذعنين – مبيناً لهم ما يجهلون، ومعرفاً إياهم ما لا يعلمون:

وذلك بأن يتقوا تااه – تعالى–، ويكفوا عن فعائلهم المنكرة هذه، وأن يكفوا المسلمين وبلادهم شرهم، وأن يرجعوا إلى الحق، ويرحموا الخلق؛ بدلاً من هذا الطغيان الطاغي الذي ينشرونه في الأمة – بل في العالم أجمع –باسم الإسلام، وليس فيه منه ولو أدتى كلام.

هذا حكم الله وشرعه، ليس الهوى، ولا التألي، ولا الجهل الفارغ، والحماسة الفاسدة ..

﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾.

أسأل الله العظيم أن يجنب بلادنا الفتن والمحن – ما ظهر منها وما بطن – إنه ولي ذلك والقادر عليه، وأن يَجعلهُ واحةً مِن الأمن والأمان والإيمان والسلامَة والسَّلام –، وأن يحفظ مليكنا وقائدنا جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين الهاشمي القرشي، وأن يُبطِلَ عملَ وكيد الشيطان وحزبه {فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينََ}

هـذي بلادي والإلـه حفيظها * * * أمناً وإيماناً بكل أمانِ
أهل الضلالة والغلو بساحها * * * لا لن يدوموا ساعة بزمانِ
__________________

قال تعالى:"وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ " فصلت 34

مذكرا نفسي بما رواه الخطيب البغدادي في "موضح أوهام الجمع والتفريق" ( 1 / 7 ) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (67 / 113) عن أبي عمرو بن العلاء - شيخ القراء والعربية - : "مَا نَحْنُ فيمن مَضَى إلاّ كبَقْلٍ في أُصولِ نَخْلٍ طُوالٍ".
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:24 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.