أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا
55077 | 103191 |
#11
|
|||
|
|||
ولذلك كتبَ عبدُ اْلملك بن مَروان إِلى اْلحجَّاج:
((أنْ صِفْ لِي اْلفِتْنة حتَّى كأَنِّي أَرَاهَا رأيَ اْلعَينِ فَكَتَبَ [ لَهُ ] :لَوْ كنْتُ شَاعِرًا لَوَصَفْتُهَا لَكَ فِي شِعْرِي ، وَلَكِنِّي أَصِفُهَا لك بِمَبْلِغِ عِلْمِي وَرَأْيِي ،الْفِتْنة:تلقحُ بالنَّجْوَى ، وَتنتجُ بالشَّكْوَى)) ["الآداب الشَّرعية" لابن مفلح(1/201)] ((تلقحُ بالنَّجْوَى)): بالسِّرِّ تُلقَّح ،ثُمَّ يبدُون يشتكُون ،ويتنازعُون السّلطان في سلطانهِ وإمارتهِ ، وهناك كلامٌ لطيفٌ جدًا للإمام اْلماوردي-رحمه الله – ذكر أصل هذا وذكر حديث "إِنَّ أَخْشَى مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمُ اللِّسَانِ" [وفي رواية:"إن أخوف ما أخاف..." "الصحيحة "(2441)] قال:كيفَ أنَّهم يتَحزَّبُون ثمَّ يدْعون النّاس إلى باطلهِم ،ثمَّ من لمْ يُجِبْهُم من الْعلماء رمَوْهُ بِاْلعظائِم، ذكرهُ في "سياسة اْلملوك" كلامٌ لطيفٌ، لو تذكّرتهُ كنتُ كتبتهُ لكم بالنَّص...عظيمٌ جدًا ، ((...حتّى تخلو لهم الأمور قالَ:فتشتعلُ فتنة ويحصُلُ ما لا يمكن رَدْقُه...)) فدعوةُ أهلُ السُّنَّة ظاهرةٌ ،وليس فيها تخصِيص ، شو معنى تخصيص ؟ لا أركّزُ إلّا أناس معيَّنِين وكبار وأعيانُ اْلبلاد ،أنتقِي أنتقِي من النّاس ،دعوةُ أهل السُّنَّة ليست هكذا!! ،، وقد قال ربّنا - عزّوجلّ- : {وَلَاتَطْرُد الذّينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِاْلغَدَاةِ وَ اْلعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْئٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْئٍ }، وقال الله –عزّوجلّ-: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِاْلغَدَاةِ وَاْلعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ }وفي الصّحيح قال النّبيّ- عليه الصَّلاة والسَّلام-: «أَبْغُونِي الضُّعَفَاء؛ فَإِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ »["الصحيحة"(779)] فلُزومُ اْلجماعة والسَّير على مذهبِ السُّنَّة هو اْلخير ،واْلجماعةُ رحمةٌ ،واْلفُرقةُ عذاب ،ولذلك قالَ ابن عبّاس فيما صحَّ عنه: ((قَضْمُ اْلمِلْحِ فِي اْلجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آكُلَ اْلفَالُوذَجٍ فِي اْلفُرْقَةِ)) [اْلفالوذج ]:أطيبُ أنواعِ اْلحَلْوَى، فأكلُ اْلملحِ في اْلجماعةِ،قال: أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ آكُلَ اْلفَالُوذَجٍ فِي اْلفُرْقَةِ، يتبع - إن شاء الله - |
#12
|
|||
|
|||
ورَوَى اْلخَلاَّلُ في "السّنّة" عن أبي اْلحارثِ قال:
(( سألتُ أبا عبدالله..)) من هُو ؟ الإمامُ أحمد-رحمهُ الله- (( [ سألتُ أبا عبدالله ] فِي أَمْرٍ كَانَ حَدَثَ بِبَغْدَادَ ، وَهَمَّ قَوْمٌ بِاْلخُرُوجِ ، فَقُلْتُ :يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، مَا تَقُولُ فِي اْلخُرُوجِ مَعَ هَؤُلاءِ[اْلقَوْم ]؟،فَأَنْكَرَ ذَلِكَ/ عَلَيْهِمْ وَجَعَلَ يَقُولُ:سُبْحَانَ اللهِ الدِّمَاءُ الدِّمَاءُ ،لَا أَرَى ذَلِكَ وَلَا آمُرُ بهِ)) ،الصَّبْرُ عَلَى مَا نَحْنُ فِيهِ خَيْرٌ مِنْ اْلفِتْنَةِ يُسْفَكُ فِيهَا الدِّمَاءُ وَيُسْتَبَاحُ فِيهَا الأَمْوَالُ وَيُنْتَهَكُ فِيهَا اْلمَحَارِمُ...)) ، هذِهِ فِتنُ تَحصرُ الأخضرَ واْليابسَ ،و لا يعرفُ اْلقاتلُ فيمَ قَتَل ،ولَا اْلمقتولُ فيمَ قُتِل، قال: أَمَا عَلِمْتَ مَا كَانَ النَّاسَ فِيهِ (يعني أَيَّامِ اْلفِتْنَةِ )؟ قُلْتُ:وَالنَّاسُ اْليَوْمُ أَلَيْسَ هُمْ فِي فِتْنَةٍ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ:وَإِنْ كَانَ فِإِنَّمَا هِيَ فِتْنَةٌ خَاصَّةٌ فَإِذَا وَقَعَ السَّيْفُ عَمَّت اْلفِتْنَةُ وَانْقَطَعَتْ السُّبُلُ، الصَّبْرُ عَلَى هذا ،و يَسْلمُ لكَ دِينُك خيرٌ لكَ،...))["السنة" للخلاّل،(1/132-133)] ،فَاْلخُرُوجُ لاشكّ أنّه مخالفٌ للسُّنَّة واْلجماعة ، فبهِ تُسفكُ الدِّماء ،وتُستباحُ الأموالُ ،وتُنتهكُ الأَعراضُ،وتُقطعُ السُّبُل ،ويُستبدلُ الأمنُ باْلخوفِ ،و الشّبعُ باْلجوعِ ، ويَمكثُ اْلعلمُ ، ويُصبح أهلُهُ الرَّاسخون غُرباءُ بين النَّاس ،و يضعفُ الدِّين ،و يتسلَّطُ السُّفهاء و اْلجهّال على النّاسِ، والله –عزّوجلّ- لا يحبُّ اْلفساد ،والله لا يحبُ اْلمُفسدين ،وقد قالَ النَّبيّ -عليهِ الصَّلاة والسَّلام في التِّرمذيّ : «مَنْ أَهَانَ سُلْطَانَ اللهِ فِي الأَرْضِ أَهَانَهُ الله»[جامع الترمذي،كتاب الفتن،باب كراهية إهانة السلطان،رقم(2224)/مشكاة المصابيح،رقم(3695)] ، وقالَ أبو الدَّرداءِ: ((...إِنَّ أَوّلَ نِفَاقُ اْلمَرْءِ طَعْنُهُ عَلَى إِمَامِهِ.)) ["شعب الايمان"(12/29)، رقم (8959)]، وقَالَ أنسٌ: نَهَانَا كُبَرَاؤُنَا مِنْ أَصْحَابِ [ رَسُولِ الله ] صلّى الله عليه وسلّم [قال]:لَا تَسُبُّوا أُمَرَاءَكُمْ ،وَلَا تَغُشُّوهُم وَلَا [تَبغضوهم] واتَّقُوا اللهَ واصبروا فَإِنَّ الأَمْرَ قَرِيبٌ،[" السنة"لابن أبي عاصم (2/488)،رقم (1015)،قال الالباني اسناده جيد] وَكُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ أنَّ اْلخُروج هو أصلُ كلُّ شرٍّ وفتنةٍ إلى آخرِ الدَّهر ،فلابد من الصبر ولزوم السنة والجماعة ، يتبع إن شاء الله |
#13
|
|||
|
|||
ولذلك قال ابن تيميّة- رحمه الله- :ويقال
((ستّونَ سَنَةٍ مَعَ إِمَامٍ جَائِرٍ خَيْرٌ مِنْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ بِلَا إِمَامٍ ))["منهاج السنة"(1/548) ] والتّجربة تبيّن ذلك [...] ،ولذلك الرّسول شدَّدَ هذا التَّشديد على لزومِ اْلجماعةِ مع شدَّة اْلفتنة ،مع كثرةِ الأثَرَة ،مع ظهور الظُّلم واْلجور الَّذي أخبرَ به -عليه الصَّلاة والسَّلام- ، ولكن أصَّلَ تأصيلًا عظيمًا ،إذا لزمهُ اْلمسلمون سعِدوا ؛لأنَّ عِدَم هذا الأمر إنَّما تفرّقٌ وشتاتٌ وتسلُّط الأعداء،ولذلك قال ربّنا : {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا } وذكر ابنُ الأثيرِ عن حالِ زمانهِ ؛حين تفرّق النّاس وعصوْا ،قال:ومن سلِم من اْلمسلمين من هاتين الطّائفتين ،يعني :التّتر والْفرنج ،يعني: اْلمسلمون كانوا يقصدُون من جانبين: مِن التّتر من الْمشرق ،ثمّ من اْلفرنج (النّصارى) اْلحروب الصّليبيّة، قال: ((فَمَنْ سَلِمَ مِنْ اْلمسْلِمين مِنْ هَاتَيْنِ الطَّائِفَتَيْنِ[التّتر واْلفرنج ] فَالسَّيْفُ بَيْنَهُمْ مَسْلُولٌ ،وَاْلفِتْنَةُ قَائِمَةٌ..))"الكامل" لأبن الأثير ، ولذلك قال سهلٌ بن عبدِ اللهِ : ((لَايَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَظَّمُوا السُّلْطَانَ وَاْلعُلَمَاءَ ،فَإِنْ عَظَّمُوا هَذِينِ أَصْلَحَ اللهُ دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ ،وَإِنْ اسْتَخَفُّوا بِهَذَيْنِ أَفْسَدُوا دُنْيَاهُمْ وَأُخْرَاهُمْ )) [تفسير القرطبي(5/260] ، وقالَ أبُو إسحاق السَّبيعي-رحمهُ الله-: ((مَا سَبَّ قَوْمٌ أَمِيرَهُمْ إِلَّا حُرِمُوا خَيْرَهُ ))["التمهيد" لابن عبدالبر] وتَأَمَّلُوا حالَ النَّاس !،ولا تقُلْ :ظهرَ اْلكُفر واْلفساد!! ،اْلكفرُ لا يقرِّرهُ إلّا اْلعلماء، ولذلك إذَا اختَلَفْتُ أنا وأنت في كفرِ شخصٍ ،فهذا لا يُعدُّ كفرًا ؛لأنّ الرّسول-عليه الصَّلاة والسّلام- قال: «...إلّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ فِيهِ مِنَ اللهِ سُلْطَان أو برهان» ، يعني :كُفر مثل الشَّمس ،لا يختلف فيه أحدٌ من الأمّة ،والدّليل عليه قائمٌ ،وفي هذهِ اْلحالةِ اْلعلماء لَا يُجوّزُون اْلخروج ، يتبع إن شاء الله |
#14
|
|||
|
|||
أقولُ لكم:لا يُجوّزون ولم يقع كفرٌ بَواح ،ولمْ يقعْ
خروجٌ إلّا -كما قال ابن تيميّة- :إِلّا مَا أَفْسَدُوا أَكْثَرَ مِمَّا أَصْلَحُوا عَلَى مَرِّ الدَّهْرِ ،فَدِينُ الإسْلَامِ هُوَ اْلحَقُّ ، ولذلك قال ابن تيميّة: ((اسْتَقَرّ أَمْرُ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى تَرْكِ اْلقِتَالِ فِي اْلفِتْنَةِ...،[ ويأمرون] بالصَّبْرِ عَلَى جَوْرِ الأَئِمَّةِ))["منهاج السنة"(4/528)] هَذَا أَصْل ،نَدْعُو لَهُمْ بالصَّلاحِ وَالْمُعَافَاةِ وَنَلْزَمُ جَمَاعَتَهُمْ ،وَ لَا نَغُشُّهُمْ ،ونقومُ بعبادةِ الله –عزّوجلّ وطاعتهِ ... ولذَا قَالَ اْلحسن: ((...[ وَاللهِ لَوْ أَنَّ ] النَّاسَ إِذَا[ ابْتُلُوا مِنْ قِبَلِ سُلْطَانِهِمْ صَبَرُوا مَا لَبِثُوا أَنْ يَرْفَعَ اللهُ ذَلِكَ عَنْهُمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ يَفْزَعُونَ] إِلَى السَّيْفِ فَيُوكَلُوا إِلَيْهِ...)) ["الشريعة" للآجري،رقم (66)] ، وَلَوْ لَجَأُوا إِلَى اللهِ –عَزَّوَجَلَّ-لَعَصَمَهُمْ أسألُ الله لِي ولكُم التَّوفيق والسَّداد، هذا الأصلُ عظيمٌ -أيّها الإخوة- ،واْلخللُ فيها كبيرٌ ،وأنتمْ تُشاهدونَ وتَنْظرون وتسْمَعون ،والأمّةُ متفرِّقةٌ متشرذمةٌ ،فلابدّ من جمع ِاْلكلمةِ ،وحقنِ الدِّماء، والابتعادِ عن اْلفتنةِ وموطنِها ،فاْلفتنةُ إذا قامتْ حصرتْ الصَّالحَ والطَّالحَ ،والأخضرَ واليَّابسَ، وَ{إِنَّ اللهَ لَايُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ..} ولم يقل: ما بحُكَّامهم! ،لأنَّ اْلحكَّام عُمَّار النَّاس وعَمَارُهُم ،إذا صَلُح النَّاس صلُح اْلحكَّام وإذا فَسَدَ النَّاس فَسَدَ حكَّامهم ؛لأنّ اْلجزَاء منْ جنسِ اْلعملِ ، و كمَا تَكُونون يُولَّى عليكُم ، ومَا نزلَ بلاءٌ إلّا بذنبٍ، ولا رُفعَ إلَّا بتوبةٍ ،فالنَّاسُ لابدَّ أنْ يرجِعُوا إلى السُّنَّة والدِّين حتَّى يُعصَموا ،ويَقُوا اْلفتنة وشرَّها، {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الذّينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّة }، نسأل الله لنا ولكم التَّوفيق ،وجزاكم الله خيرًا. ******* للاستماع إلى المادة الصوتية انقر هنا http://drosuae.com//Download/shaikh_mo7ammad_gaith/mo7adarat/001/014.mp3 |
|
|