أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
91953 103720

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > المنبر الإسلامي العام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-23-2016, 11:41 PM
ابوعبد المليك ابوعبد المليك غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2013
المشاركات: 4,441
افتراضي من هم أهل السنة والجماعة ؟ / معالي د عبدالرحمن السديس



في ظلِّ التحديَات والأزمات المُعاصِرة واحتِدامها، وجديد المُتغيِّرات والصِّراعات واشتِدادِها، تعترِي بعضَ القلوب سُجُف الشُّبُهات الغُدافيَّة، والخواطِر الجانِحة غير السوِيَّة، التي تُعيقُ مسيرَة الأمة الفِكريَّة والحضاريَّة، وتُحَتِّمُ بين الفَينَة والأخرى وقفةً جادَّةً لتصحيحِ المسارِ، وإبراز المعالِم الحقَّة وتجلِيَة الشِّعار، وبيان المنهَج المُتلألِئ الوضَّاح الذي كانَ عليه سلَفُنا الصالحُ أهلُ السنَّة والجماعة – رضي الله عنهم أجمعين -، فهم خيرُ الناس على مرِّ العُصور واختِلاف الأجناس.
في “الصحيحين” من حديث عبد الله بن مسعُودٍ – رضي الله عنه -، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «خيرُ الناسِ قَرني، ثم الذين يلُونَهم، ثم الذين يلُونَهم».
وإن الارتباط التأريخيَّ الوَثيق، والانتِماءَ الحضاريَّ العَريق ليُؤكِّدُ أنه ليس غيرُ العقيدة الإسلامية الصافِية جامِعًا للعِقد المُتناثِر، ومُؤلِّفًا للشَّتاتِ المُتناكِر، وناظِمًا للرأي المُتنافِر. وهذا هو المعلَم الأولُ من معالِم المنهَج الوضَّاء لسلَفِنا الأصفِياء من الصحابة الأتقِياء، والتابعين الأوفِياء.
يُتوِّجُ هذا المعلَم المُهمَّ التوحيدُ الخالِصُ لله، والإخلاصُ له في القولِ والعملِ، ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ﴾ [البينة: 5].
والرُّجوعُ إلى القرآن الكريم والسنَّة المُطهَّرة في كل صغيرٍ وكبيرٍ، عملاً بقولِه – سبحانه -: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا﴾ [النساء: 59].
كُن في أمورِك كلِّها مُتمسِّكًا ***بالوحيِ لا بزخارِفِ الهذَيَانِ
وانصُر كتابَ الله والسُّنَنَ التي ***جاءَت عن المبعُوثِ بالفُرقانِ
– صلى الله عليه وسلم -.
ومن هنا يتبيَّن أنه لا إشكالَ في تحديدِ المُصطلح لأهل السنَّة والجماعة؛ فهو يسَعُ – بحمدِ الله – أهلَ الإسلام والمِلَّة أتباعَ الكتاب والسنَّة، في منهَجٍ يتسامَى عن الطائفيَّة والمذهبيَّة، والعصبيَّة والحِزبيَّة.
وإن من القُصور في التصوُّر والنظَر، وضعفِ المعرفةِ وقِلَّة الإدرَاك: قَصرَ هذا المنهَج الوضَّاء على مذهبٍ مُعيَّن، أو علمٍ مُبيَّن، أو مكانٍ أو زمانٍ مُحدَّدَين، فهم الطائفةُ المنصُورة، والفرقةُ الناجِية، وضابِطُها قولُ المُصطفى – صلى الله عليه وسلم -: «مَن كان على مثلِ ما أنا عليه اليوم وأصحابِي»؛ رواه الطبراني في “الأوسط”، والحاكم في “المستدرك” بسندٍ صحيحٍ.
وإن من المعالِم اللألائَة لمنهَج أهل السنَّة والجماعة – رحمهم الله – شعيرةً من أخصِّ خصائصِهم؛ بل سِمةً بارِزةً من سِماتِ منهَجهم الأغَرِّ، حتى نُسِبُوا إليها وعُرِفُوا بها، إنها: شعيرةُ لُزُوم الجماعة، وما تقتَضِيه من السَّمع والطاعة، يقول – سبحانه -: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103].
قال ابنُ مسعودٍ – رضي الله عنه -: “حبلُ الله هو الجماعة”.
وعن ابنِ عُمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «لن تجتمِع أمَّتي على ضلالةٍ، فعليكُم بالجماعة؛ فإن يدَ الله على الجماعة»؛ أخرجه الطبراني بسندٍ صحيحٍ.
فالسَّلَفُ الصالحُ – رضي الله عنهم – أهلُ السنَّة والجماعة، ومن سارَ على دَربهم وهُداهم بعيدُون كلَّ البُعد عن مسالِك الفُرقة والخلافات، والتقسيمات والتصنيفات التي تُمزِّقُ الجمعَ النَّظيم، وتُبدِّدُ الشَّملَ الكريم.
وإن من أعظم معالِم المنهَج السلَفِيِّ منهج أهل السنَّة والجماعة: التوسُّط والاعتِدال في الأقوال، ومحضُ الوسطيَّة: التِزامُ هديِ خيرِ البريَّة – صلى الله عليه وسلم – ظاهرًا وباطنًا، واتِّباعُ هدي الخُلفاء الراشِدين المهديِّين، وسائر الصحابةِ – رضي الله عنهم أجمعين -، والبُعد عن البِدع والمُحدثات، ومُخالفةُ أهل الأهواء والضلالات.
قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ..﴾ [التوبة: 100] الآية.
ففي هذه الآية: دلالةٌ واضِحةٌ على وجوبِ اقتِفاء أثَر السَّلَف الصالِح، من الصحابةِ – رضي الله عنهم – المُهاجِرين منهم والأنصار؛ إذ هم أعدلُ هذه الأمة وأفضُها، وأعلَمُها بدينِ الله.
والتمسُّكُ بمنهَج السَّلَف لا يُنافِي الأخذَ بالتجديدِ في وسائل وآليَّات العصر، والإفادَة من مُعطياتِه وتِقاناتِه، في مُواكبَةٍ للمُعطيَات والمُكتسَبَات، ومُواءَمةٍ بين الثوابِتِ والمُتغيِّرات، والأصالةِ والمُعاصَرة.
وإن مما يُثيرُ الأسَى: أن نرَى أقوامًا من أبناءِ المِلَّة في أعقابِ الزَّمن والخلَف قد فرَّطُوا فيما كان عليه منهَجُ السَّلَف، فاستقَوا كثيرًا من المزَالِّ من مشارِبِ أهل الزَّيغِ والضلالِ، وخالَفُوا الأسلافَ النُّجَباء، ومنهَجَهم البيِّنَ الوضَّاء، فقذَفُوا بأنفسِهم في مراجِلِ الفتنِ العميَاء، والمعامِعِ الهَوجَاء، وزجُّوا ببعضِ أبناءِ الأمة بإسراعٍ إلى بُؤَر الفتنِ والصِّراع، تحت راياتٍ عُمِّيَّة، ودعواتٍ جاهليَّة، في بُعدٍ واضِحٍ عن مسلَك الاعتِدال والوسطيَّة، وتشويهٍ لشَّعيرَة الجهادِ في سبيلِ الله ذِروة سَنامِ الإسلام، وضوابطِه الشرعيَّة.
بل وأغرَوهم ببعضِ الأعمال الإرهابيَّة؛ من تدميرٍ للمُمتلَكَات، وتفجيرٍ للمساجِدِ والجامِعات والمُستشفَيَات، مُخالِفين صحيحَ المنقُول، وصريحَ المعقُول، ومنهجَ السلَف المصقُول، ودون مُراعاةٍ لمقاصِدِ الشريعةِ ومآلاتِها، والسياسةِ الشرعيَّة وهداياتها.
وآخرين ضلَّ سعيُهم في الحياة الدنيا وهم يحسَبُون أهم يُحسِنُون صُنعًا، يُلوِّحُون بأجوَف الوعيدِ، ويتردَّون في مهاوِي العصبيَّة والتهديدِ، انهمَكُوا في غواياتهم، وتغوَّلُوا في عماياتِهم. أقوالُهم من أكبر الكبائِر، وأفعالُهم من أبيَن الجرائِر.
وهل من الكِياسَة أو الحِكمةِ والحَصافَةِ توظيفُ المآسِي والأزمَات لتوجُّهاتٍ سياسيَّة، وانتِماءاتٍ فكريَّة، أو رفعُ الشِّعاراتِ والمُزايَدات، والتجريحِ والاتِّهامات؟!
وهذا تفريطٌ وجَفاء، ودينُ الله وسَطٌ بين الغالِي فيه والجافِي عنه، ولن يخدِمَ الأمةَ ويرعَى مصالِحَها جاهلٌ أو أحمق، أو خائِنٌ أو مُنفِّر، أو مُتفحِّشٌ من الخفافِيشِ أو الرُّويبِضَة، ومن شدَّد نفَّر، ومن لانَ تألَّف، والخيرُ كلُّ الخير في اتِّباع من سلَف.
ومن المعالِم العُظمى، والقِيَم المُثلَى لأهل السنَّة والجماعة: رَبطُهم العقيدة بالأخلاقِ والقِيَم، وتعظيمُهم لأمرِ الدماء، والبُعد عن مسالِك العُنف والتكفير والخروج على الأئمَّة وحملِ السلاحِ على الأمة، أو نَقضِ البَيعَة الشرعيَّة اللازِمة في العُسر واليُسر، والمنشَط والمكرَه، عقيدةً وعبادةً وقُربةً، لأجلِ مصالِح دُنيويَّة، أو مُقايضَاتٍ ماديَّة، أو توجُّهاتٍ فكريَّة.
والقاعدةُ الشرعيَّة تنصُّ على: أن حُكمَ الإمام في الرعيَّة منُوطٌ بالمصلَحة، وقيامُهم بالحقِّ والقِسطِ والعدلِ على القريبِ والبعيدِ، والعدوِّ والصديقِ، ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ [المائدة: 8].
وعِفَّةُ ألسِنتِهم عن إثارَة الفتنِ، وترويجِ الشائِعات المُغرِضة، واهتِمامُهم بقضايا أمَّتهم، وإحساسُهم بأوضاعِ إخوانهم المُضطهَدين في كلِّ مكانٍ، لاسيَّما ما يجرِي في هذه الأيام في بلادِ الشامِ والعراقِ واليمن، والدعاءُ لهم.
وردُّ كل ما يُخالِفُ الكتاب والسنَّة. ولله درُّ الإمام الشافعيِّ – رحمه الله -؛ حيث قال: “يسقُطُ كلُّ شيءٍ خالفَ أمرَ النبي – صلى الله عليه وسلم -، ولا يقومُ معه رأيٌ ولا قِياس؛ فإن الله قطعَ العُذرَ بقولِه – صلى الله عليه وسلم -“.
وقال الإمام الشاطبيُّ – رحمه الله -: “المقصدُ الشرعيُّ من وَضع الشريعَة: إخراجُ المُكلَّف عن داعِيةِ هواه حتى يكون عبدًا لله اختِيارًا، كما هو عبدٌ لله اضطِرارًا”.
إن الهوَانَ هو الهوَى قُلِبَ اسمُه**فإذا هوِيتَ فقد لقِيتَ هوانًا
أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: 21].
وهذه دعوةٌ حرَّاء للتجرُّد لله، والقَومَة لدينِه، والنُّهوض بشِرعتِه، والاستِمساكِ بسُنَّة نبيِّه – صلى الله عليه وسلم -، وصحابتِه الكرام – رضي الله عنهم -، وفَهم سلَف الأمة، والاجتِماع على هذا المنهَج الصحيحِ القَويم، ونَبذ العصبيَّة والحِزبيَّة، والأهواء والطائفيَّة.
كما أن الدعوةَ مُلِحَّةٌ لمن شرَّفَهم الله بالسنَّة والجماعة .. حذارِ فيما بينهم الخلافات والانقِسامات، والمُشاحَنات والمُنازَعات، ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ [الأنفال: 46].
وأن يفقَهُوا أدبَ الاختِلاف فيما بينهم، لاسيَّما في فُروع الشريعةِ، وأن تسلَمَ صُدورُهم لإخوانِهم. فلن يستفيدَ من خلافاتهم البينيَّة إلا العدوُّ المُتربِّصُ المُمعِنُ في الكيديَّة.
فالحذرَ الحذرَ – يا أهل السنة والجماعة – من أن تُقدِّمُوا الخلافات فيما بينَكم على طبقٍ من ذهبٍ لأعدائِكم.
ولم تكُن الحاجةُ بل الضرورةُ مُلِحَّةً لوَحدة أهل السنَّة والجماعة في زمنٍ أكثرَ وأشدَّ إلحاحًا منها في هذا العصرِ، الذي رُمُوا فيه عن قَوسٍ واحدةٍ، ولكن النصرَ والتمكينَ والعاقبةَ الحميدةَ لهم – بإذن الله -.
فعليكم – عباد الله – بنَهجِ السلَف الصالِح أهل السنَّة والجماعة – رضي الله عنهم -، كما قال إمامُ دار الهِجرة الإمامُ مالكُ بن أنسٍ – رحمه الله -: “لن يصلُح أمرُ آخر هذه الأمة إلا بما صلَح به أولُها”.
وأبلَغُ من ذلك وأعزُّ: قولُ المولَى – جلَّ وعزَّ -: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: 153].
—————————–
معالي د عبدالرحمن السديس
__________________
أموت ويبقى ما كتبته ** فيا ليت من قرا دعاليا
عسى الإله أن يعفو عني ** ويغفر لي سوء فعاليا

قال ابن عون:
"ذكر الناس داء،وذكر الله دواء"

قال الإمام الذهبي:"إي والله،فالعجب منَّا ومن جهلنا كيف ندع الدواء ونقتحم الداءقال تعالى :
(الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
ولكن لا يتهيأ ذلك إلا بتوفيق الله ومن أدمن الدعاءولازم قَرْع الباب فتح له"

السير6 /369

قال العلامة السعدي:"وليحذرمن الاشتغال بالناس والتفتيش عن أحوالهم والعيب لهم
فإن ذلك إثم حاضر والمعصية من أهل العلم أعظم منها من غيرهم
ولأن غيرهم يقتدي بهم. ولأن الاشتغال بالناس يضيع المصالح النافعة
والوقت النفيس ويذهب بهجة العلم ونوره"

الفتاوى السعدية 461

https://twitter.com/mourad_22_
قناتي على اليوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCoNyEnUkCvtnk10j1ElI4Lg
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:48 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.