لا يجوز إفراد صوم يوم الجمعة ولو كان يوم عرفة

[بوعدنان عبدالرحمن العقيلي]

لا يـجـوز إفـراد صـوم يـوم الـجـمـعـة

ولـو كـان يـوم عـرفـة

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طاهر نجم الدين المحسي
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ، وَقَلَّمَا يُفْطِرُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ» .أخرجه النسائي ( 2368 ) والترمذي ( 742 ) وابن ماجه ( 1725 ) وأحمد ( 6 / 407 الرسالة ) وأبو داود ( 2116 ) ؛ وحسنة الألباني في ( صحيح السنن ) .
وللحديث لفظ آخر :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُفْطِرًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ» .أخرجه أبوداود الطيالسي (357 ) ، والبيهقي في ( الكبرى ) ( 4 / 485 ) .
وللحديث شاهد :
أخرجه ابن أبي شيبة في ( المصنف ) ( 3 / 46 ) :
حَدَّثَنَا حَفْصٌ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ أَبِي عُمَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : مَا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُفْطِرًا يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَطُّ ) .
قلت : هذا إسناد ضعيف ، وهو حسن بما قبله .
أخرج الطحاوي في ( المشكل ) ( 2 / 72 ) :
3266 - ما حدثنا ابن أبي داود , قال: ثنا سهل بن بكار , قال: ثنا أبو عوانة , قال: ثنا رقبة , عن جبلة بن سحيم , قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما , سئل عن صوم يوم الجمعة , ويوم عرفة , فأمر بصيامهما " .
قلت : هذا إسناد صحيح .
وروي صومه عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ ولكن في إسناده ضعف .
ولذا قال الإمام الترمذي رحمه الله : وَقَدْ اسْتَحَبَّ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ صِيَامَ يَوْمِ الجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ أَنْ يَصُومَ يَوْمَ الجُمُعَةِ لَا يَصُومُ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ " .
وبوب له ابن حبان في ( صحيحه ) : ذِكْرُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عَلَى الدَّوَامِ مَقْرُونًا بِمِثْلِهِ .
وبوب له البغوي في ( الشرح السنة ) : بَابُ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَكَرَاهِيَةِ إِفْرَادِهِ .
وَقَالَ الإمام مَالِكٌ رحمه الله في ( الموطأ ) :لَمْ أَسْمَعْ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْفِقْهِ وَمَنْ يَقْتَدِي بِهِ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَصِيَامُهُ حَسَنٌ وَقَدْ رَأَيْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَصُومُهُ وَأَرَاهُ كَانَ يَتَحَرَّاهُ .
قال ابن عبد البر في ( الاستذكار ) : وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ مَالِكٌ فَيَقُولُونَ إِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ وَقِيلَ إِنَّهُ صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي جُشَمَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ صَامَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ كُتِبَ لَهُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ عَدَدَهُنَّ مِنَ أيام الْآخِرَةِ لَا تُشَاكِلُهُنَّ أَيَّامُ الدُّنْيَا
رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ عَنِ الدَّرَاوَرْدِيِّ .
قلت : هذه سنة لها شرط لا بد منه ولا يتحقق إلا به وهو صوم يوم قبله ؛ ولا أقول بعده ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَصُومُ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا أن يصوم قبله أو بعده ) .
قال الإمام الفقيه الألباني رحمه الله في ( الصحيحة ) ( 2 / 733 ) :
( (لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام..) .
(فائدة هامة) : واعلم أن قوله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث: "إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" ينبغي أن يفسر باللفظ الآتي في الحديث الذي بعده: ".. إلا وقبله يوم، أو بعده يوم"، وهو متفق عليه، وبالروايات الأخرى المذكورة تحته، فإنها تدل على أن يوم الجمعة لا يصام وحده، ويؤكد ذلك الشاهد المذكور هناك بلفظ: "لا تصوموا يوم الجمعة مفردًا"، ومعناه في "صحيح البخاري" من حديث جابر (1984) ، فقول الحافظ في "الفتح" (4/234) :
"ويؤخذ من الاستثناء جواز صيامه لمن اتفق وقوعه في أيام له عادة يصومها؛ كمن يصوم أيام البيض، أو من له عادة بصوم يوم معين كيوم عرفة فوافق يوم الجمعة"!
فأقول: لا يخفى على الفقيه البصير أن الاستثناء المذكور فيه مخالفتان:
الأولى: الإعراض عن الروايات المفسرة والمقيدة بجواز صيامه مقرونًا بيوم قبله أو بعده.
والأخرى: النهي المطلق عن إفراد صوم يوم الجمعة، ومن المعلوم أن المطلق يجري على إطلاقه ما لم يأت ما يقيده، فإذا قيد بقيد لم يجز تعدّيه، ولا يصلح تقييد النهي هنا بما جاء من الفضل في صوم يوم معين -كعرفة أو عاشوراء أو أيام البيض- لمخالفته لقاعدة: الحاظر مقدم على المبيح، مثل صيام يوم الإثنين أو الخميس إذا اتفق مع يوم عيد الفطر أو أحد أيام الأضحى، فإنه لا يصام، لا لنهي خاص بهذه الصورة وإنما تطبيقًا للقاعدة المذكورة، وما نحن بصدده هو من هذا القبيل.
كتبت هذا -بيانًا وأداءً للأمانة العلمية- بمناسبة أن الحكومة السعودية أعلنت أن يوم عرفة سيكون يوم الجمعة في موسم سنة (1411 هـ) ، فاضطرب الناس في صيامه، وتواردت عليّ الأسئلة من كل البلاد، وبخاصة من بعض طلاب العلم في الجزائر، فكنت أجيبهم بخلاصة ما تقدم، فراجعني في ذلك بعضهم بكلام الحافظ، ففصلت له القول تفصيلًا على هذا النحو، وذكرته ببعض الروايات التي ذكرها الحافظ نفسه، وأحدها بلفظ: ".. يوم الجمعة وحده، إلا في أيام معه". وفي شاهد له بلفظ: "إلا في أيام هو أحدها". فالجواز الذي ذكره الحافظ يخالف القاعدة والقيد المذكورين.
وبهذه المناسبة أقول: إن هناك حديثًا آخر يشبه هذا الحديث من حيث الاشتراك في النهي مع استثناء فيه، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم.."، وهو حديث صحيح يقينًا، ومخرج في "الإرواء" (رقم 960) ، فأشكل هذا على كثير من الناس قديمًا وحديثًا، وقد لقيتُ مقاومة شديدة من بعض الخاصة، فضلًا عن العامة، وتخريجه عندي كحديث الجمعة، فلا يجوز أن نضيف إليه قيدًا آخر غير قيد "الفرضية" كقول بعضهم: "إلا لمن كانت له عادة من صيام، أو مفردًا"؛ فإنه يشبه الاستدراك على الشارع الحكيم، ولا يخفى قبحه.
وقد جرت بيني وبين كثير من المشايخ والدكاترة والطلبة مناقشات عديدة حول هذا القول، فكنت أذكرهم بالقاعدة السابقة وبالمثال السابق، وهو صوم يوم الاثنين أو الخميس إذا وافق يوم عيد، فيقولون يوم العيد منهي عن صيامه، فأبين لهم أن موقفكم هذا هو تجاوب منكم مع القاعدة، فلماذا لا تتجاوبون معها في هذا الحديث الناهي عن صوم يوم السبت؟! فلا يُحيرون جوابًا؛ إلا قليلًا منهم فقد أنصفوا جزاهم الله خيرًا، وكنت أحيانًا أطمئنهم وأبشرهم بأنه ليس معنى ترك صيام يوم السبت في يوم عرفة أو عاشوراء مثلًا أنه من باب الزهد في فضائل الأعمال، بل هو من تمام الإِيمان والتجاوب مع قوله عليه الصلاة والسلام:
"إنك لن تدع شيئًا لله عز وجل إلا بدلك الله به ما هو خير لك منه". وهو مخرج في "الضعيفة" بسند صحيح تحت الحديث (رقم 5) .
هذا؛ وقد كان بعض المناقشين عارض حديث السبت بحديث الجمعة هذا، فتأملت في ذلك، فبدا لي أن لا تعارض والحمد لله، وذلك بأن نقول: من صام يوم الجمعة دون الخميس فعليه أن يصوم السبت، وهذا فرض عليه لينجو من إثم مخالفته الإِفراد ليوم الجمعة، فهو في هذه الحالة داخل في عموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث السبت: "إلا فيما افترض عليكم".
ولكن هذا إنما هو لمن صام الجمعة وهو غافل عن النهي عن إفراده، ولم يكن صام الخميس معه كما ذكرنا، أما من كان على علم بالنهي؛ فليس له أن يصومه؛ لأنه في هذه الحالة يصوم ما لا يجب أو يفرض عليه، فلا يدخل -والحالة هذه- تحت العموم المذكور، ومنه يعرف الجواب عما إذا اتفق يوم الجمعة مع يوم فضيل، فلا يجوز إفراده كما تقدم، كما لو وافق ذلك يوم السبت؛ لأنه ليس ذلك فرضًا عليه.
وأما حديث: "كان - صلى الله عليه وسلم - يكثر صيام يوم السبت"، فقد تبين أنه لا يصح من قبل إسناده، وقد توليت بيان ذلك في "الضعيفة" برقم (1099) من المجلد الثالث، فليراجعه من شاء الوقوف على الحقيقة. ) .

[صفوان جلال]

السلام عليكم...


نظرا إلى ( الاستثناء ) الذي ذكرتموه في النهي عن إفراد الجمعة بالصيام وهو من كان له ( عادة )

ألم يكن صيام يوم عرفة ( عادة ) لمن يصومه كثيرا ؟ وبالتالي ( يستثنى ) من النهي المذكور أعلاه ؟

[أحمد العمري]

نقلك طويل
المعروف عند الحنابلة أن صوم الجمعة مفردا :مكروه أي جائز لكن ترك المستحب
فما الداعي لتحريمه؟!

[محمد مداح الجزائري]

نصوم يوم الخميس والجمعة إن شاء الله.

[ابوعبيدالله السلفي]

الذي يصوم صوم داود -عليه السلام- هل هو داخل في هذا النهي ويجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام كلما صادف صيامه يوم جمعة -أي إذا صام الأربعاء فاليوم الذي سيصومه بعده هو الجمعة-؟

[ابو عبد الجبار]

يبدو لي أن كلام الحافظ رحمه الله صواب وأنه يجوز صيام يوم الجمعة مفردا إذا وافق يوم عرفة لا لفضل صوم عرفة ولكنه وافق صوما نصومه
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الجمعة مفردا يخصص بقوله :إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم.ومنطوق هذا الحديث معارض بمفهوم حديث :إلا وقبله يوم أوبعده يوم فيقدم المنطوق هنا على المفهوم ‘لأننا لو قدمنا المفهوم بطل العمل بالكلية بحديث :إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم

[ابو نسرين الاثري]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة:أبو عبيد الله السلفي:

الذي يصوم صوم داود -عليه السلام- هل هو داخل في هذا النهي ويجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام كلما صادف صيامه يوم جمعة -أي إذا صام الأربعاء فاليوم الذي سيصومه بعده هو الجمعة-؟


جاء في المغني لابن قدامة : ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه، مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك . نص عليه أحمد، في رواية الأثرم . قال : قيل لأبي عبد الله : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديث النهي أن يفرد ، ثم قال : إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأما أن يفرد فلا . قال : قلت : رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما ، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت، فصام الجمعة مفردا ؟ فقال : هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة"اهـ.

[ابو عبدالله آل حمد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوعبيدالله السلفي

الذي يصوم صوم داود -عليه السلام- هل هو داخل في هذا النهي ويجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام كلما صادف صيامه يوم جمعة -أي إذا صام الأربعاء فاليوم الذي سيصومه بعده هو الجمعة-؟

لا بل يترك صيام تلك الجمعة ويصوم الاحد... هكذا اجاب الشيخ الالباني عن مثل سؤالك بارك الله فيك

[ابو عبدالله آل حمد]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبد الجبار

يبدو لي أن كلام الحافظ رحمه الله صواب وأنه يجوز صيام يوم الجمعة مفردا إذا وافق يوم عرفة لا لفضل صوم عرفة ولكنه وافق صوما نصومه
نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الجمعة مفردا يخصص بقوله :إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم.ومنطوق هذا الحديث معارض بمفهوم حديث :إلا وقبله يوم أوبعده يوم فيقدم المنطوق هنا على المفهوم ‘لأننا لو قدمنا المفهوم بطل العمل بالكلية بحديث :إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم

كلام جميل جعلني أيعيد النظر فيما كنت أراه من قبل وأن لم يترجح عندي بعدُ... وجزاك الله خيراً

[ابوعبيدالله السلفي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو نسرين الاثري

جاء في المغني لابن قدامة : ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم، إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه، مثل من يصوم يوما ويفطر يوما فيوافق صومه يوم الجمعة، ومن عادته صوم أول يوم من الشهر، أو آخره، أو يوم نصفه، ونحو ذلك . نص عليه أحمد، في رواية الأثرم . قال : قيل لأبي عبد الله : صيام يوم الجمعة ؟ فذكر حديث النهي أن يفرد ، ثم قال : إلا أن يكون في صيام كان يصومه، وأما أن يفرد فلا . قال : قلت : رجل كان يصوم يوما ويفطر يوما ، فوقع فطره يوم الخميس، وصومه يوم الجمعة، وفطره يوم السبت، فصام الجمعة مفردا ؟ فقال : هذا الآن لم يتعمد صومه خاصة، إنما كره أن يتعمد الجمعة"اهـ.

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو عبدالله آل حمد

لا بل يترك صيام تلك الجمعة ويصوم الاحد... هكذا اجاب الشيخ الالباني عن مثل سؤالك بارك الله فيك

بارك الله فيكما.
ولكني قصدت بسؤالي إلزام القائلين بعدم إفراد الجمعة إذا صادفت يوم عرفة كهذا العام، فإذا منع فلزمه منع من كان يصوم صوم داود –عليه السلام-.
فيصبح صوم يوم قبلها في باقي الأيام وإفرادها إذا صادفت صوما يصومه أحدنا.