أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
63382 84309

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر العقيدة و التوحيد

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 05-07-2015, 11:03 PM
أبوعبدالرحمن الأعظمي أبوعبدالرحمن الأعظمي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Apr 2009
الدولة: سورية
المشاركات: 290
افتراضي هل يجوز أن يقال : الإنسان خليفة الله بين العلامة الألباني والشيخ الرضواني

قال العلامة الألباني في الضعيفة (1/197): تعليقاً على حديث "85 - " يقتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ، ثم لا يصير إلى واحد منهم ، ثم تطلع الرايات السود من قبل المشرق فيقتلونكم قتلا لم يقتله قوم ، ثم ذكر شيئا لا أحفظه فقال : فإذا رأيتموه فبايعوه ولوحبوا على الثلج ، فإنه خليفة الله المهدي - وفي رواية - إذا رأيتم الرايات السود خرجت من قبل خراسان فأتوها ولو حبوا".
قال _رحمه الله_:"وهذه الزيادة خليفة الله ليس لها طريق ثابت ، ولا ما يصلح أن يكون شاهدا لها ، فهي منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق ، ومن نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال : فلان خليفة الله ، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص والعجز ، وقد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فقال في " الفتاوى " ( 2 / 461 ) : وقد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي ، أن الخليفة هو الخليفة عن الله ، مثل نائب الله ، والله تعالى لا يجوز له خليفة ،
ولهذا قالوا لأبي بكر : يا خليفة الله ! فقال : لست بخليفة الله ، ولكن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الصاحب في السفر ، والخليفة في الأهل ، اللهم اصحبنا في سفرنا ، واخلفنا في أهلنا " ، وذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين ، ليس له شريك ولا ظهير ، ولا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة ، ويكون لحاجة
المستخلف ، وسمي خليفة ، لأنه خلف عن الغزووهو قائم خلفه ، وكل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى ، وهو منزه عنها ، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت ولا يغيب ... ولا يجوز أن يكون أحد خلفا منه ولا يقوم مقامه ، إنه لا سمي له ولا كفء ، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به .
أما الشيخ الرضواني :فيرى جواز هذا القول وأنه محمول على الإبتلاء والإمتحان ، أي خليفة على سبيل الإمتحان والإبتلاء ؛ فإذا كان كذلك فلا يلزم منه وصف الله بما لا يليق ،ولا يلزم أن يكون هذا نقصاً في حقه جل في علاه.
قال الشيخ الرضواني في كتابه "أسماء الله الحسنى (5/30):"وهكذا حال الإنسان لما حمل الأمانة ورفضتها المخلوقات هيأ الله الكون ليحقق معنى استخلافه في الأرض ، بحيث يقوم الأمر على وجود مستخلِف ومستخلَف ومستخلَفٍ عليه ، ومبتلِى ومبتلَى ومبتَلَى به ، وأمين وأمانة ومالك لها ، فالإنسان أمين في ملك الله وجاز أن ينسب إليه الملك على سبيل الاستخلاف والابتلاء والأمانة ، والله ? مالك للأمانة حقيقة وهو المنفرد بالخلق والأمر وتدبير الملك ، فله مطلق التدبير الكوني وله حق التدبير الشرعي على سائر العباد ، والأرض هي محل الابتلاء والأمانة التي سيسأل عنها الإنسان ، والله سيعطي من خيراتها من يشاء على سبيل الأمانة والتخويل والابتلاء ، وعلى هذا يصح القول بأن الإنسان خليفة الله في الأرض لإظهار معاني العبودية فقط ، من القيام بشرعه وتنفيذ أمره ".
__________________
قال الإمام الألباني _رحمه الله_:

طالب العلم يكفيه دليل .
وصاحب الهوى لا يكفيه ألف دليل .
الجاهل يتعلم .
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل .

وقال شيخنا علي الحلبي_حفظه الله_تعالى_ورعاه_:
سلامة المنهج أهمّ بكثير من العلم.
ولأن يعيش المرء جاهلاً خير له من أن علمه على خلاف السنة والعقيدة الصحيحة
.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-12-2015, 11:53 AM
عبد الله الطرابلسى عبد الله الطرابلسى غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Dec 2012
الدولة: طرابلس - ليبيا
المشاركات: 276
افتراضي جمع أقوال أهل العلم

أقوال بعض علماء التفسير رحمهم الله

قال الإمام الطبريّ رحمه الله :
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: (( خَـلِـيفَةً )) والـخـلـيفة الفعلـية، من قولك: خـلف فلان فلاناً فـي هذا الأمر إذا قام مقامه فـيه بعده، كما قال جل ثناؤه:
{ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فـي الأرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ }
يعنـي بذلك: أنه أبدلكم فـي الأرض منهم فجعلكم خـلفـاء بعدهم ومن ذلك قـيـل للسلطان الأعظم: خـلـيفة، لأنه خـلف الذي كان قبله، فقام بـالأمر مقامه، فكان منه خـلفـاً، يقال منه: خـلف الـخـلـيفة يخـلُف خلافة وخـلـيفـاً، وكان ابن إسحاق يقول بـما: حدثنا به ابن حميد، قال: حدثنا سلـمة، عن ابن إسحاق: { إنـي جاعِلٌ فـي الأرْضِ خَـلِـيفَةً } يقول: ساكناً وعامراً يسكنها ويعمرها خـلقاً لـيس منكم. ولـيس الذي قال ابن إسحاق فـي معنى الـخـلـيفة بتأويـلها، وإن كان الله جل ثناؤه إنـما أخبر ملائكته أنه جاعل فـي الأرض خـلـيفة يسكنها، ولكن معناها ما وصفت قبل.
فإن قال لنا قائل: فما الذي كان فـي الأرض قبل بنـي آدم لها عامراً فكان بنو آدم بدلاً منه وفـيها منه خـلفـاً؟ قـيـل: قد اختلف أهل التأويـل فـي ذلك.
فحدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، قال: حدثنا بشر بن عمارة، عن أبـي روق، عن الضحاك، عن ابن عبـاس، قال: أوّل من سكن الأرض الـجنّ، فأفسدوا فـيها، وسفكوا فـيها الدماء، وقتل بعضهم بعضاً. قال: فبعث الله إلـيهم إبلـيس فـي جند من الـملائكة، فقتلهم إبلـيس ومن معه، حتـى ألـحقهم بجزائر البحور وأطراف الـجبـال ثم خـلق آدم فأسكنه إياها، فلذلك قال:{ إنـي جاعِلٌ فـي الأرْضِ خَـلِـيفَةً }.
فعلـى هذا القول إنـي جاعل فـي الأرض خـلـيفة من الـجنّ يخـلفونهم فـيها فـيسكنونها ويعمرونها.
وحدثنـي الـمثنى قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبـي جعفر، عن أبـيه، عن الربـيع بن أنس فـي قوله: { إنـي جاعِلٌ فـي الأرْضِ خَـلِـيفَةً }الآية، قال: إن الله خـلق الـملائكة يوم الأربعاء، وخـلق الـجن يوم الـخميس، وخـلق آدم يوم الـجمعة، فكفر قوم من الـجن، فكانت الـملائكة تهبط إلـيهم فـي الأرض فتقاتلهم، فكانت الدماء وكان الفساد فـي الأرض.
وقال آخرون فـي تأويـل قوله: { إنـي جاعِلٌ فـي الأرْضِ خَـلِـيفَة } أي خـلفـاً يخـلف بعضهم بعضاً، وهم ولد آدم الذين يخـلفون أبـاهم آدم، ويخـلف كل قرن منهم القرن الذي سلف قبله.

قال ابن كثير – رحمه الله :
يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم بقوله: {وإذ قال ربك للملائكة} أي واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك، {إني جاعل في الأرض خليفة} أي قوماً يخلف بعضهم بعضاً قرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، كما قال تعالى: {هو الذي جعلكم خلائف الأرض}، وقال: {ويجعلكم خلفاء الأرض}، وقال: {ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون} وليس المراد ههنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفسرين، إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}، فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك، وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من {صلصال من حمأ مسنون} أو فهموا من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم (قاله القرطبي) .أو أنهم قاسوهم على من سبق كما سنذكر أقوال المفسرين في ذلك.
وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على اللّه، ولا على وجه الحسد لبني آدم كما قد يتوهمه بعض المفسرين، وقد وصفهم اللّه تعالى بأنهم لا يسبقونه بالقول أي لا يسألونه شيئاً لم يأذن لهم فيه، وههنا لما أعلمهم بأنه سيخلق في الأرض خلقاً وقد تقدم إليهم أنهم يفسدون فيها فقالوا: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}؟ الآية. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة في ذلك، يقولون: يا ربنا ما الحكمة في خلق هؤلاء، مع أن منهم من يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبِّح بحمدك ونقدِّس لك أي نصلّي لك ولا يصدر منا شيء من ذلك، وهل وقع الاقتصار علينا؟ قال اللّه تعالى مجيباً لهم عن هذا السؤال: {إني أعلم ما لا تعلمون}، أي إني أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإني سأجعل فيهم الأنبياء، وأرسل فيهم الرسل، ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون، والعُبَّاد والزهاد، والأولياء والأبرار، والمقربون، والعلماء العاملون، والخاشعون والمحبون له تبارك وتتعالى، المتبعون رسله صلوات اللّه وسلامه عليهم .
وقيل: معنى قوله تعالى: {إني أعلم ما لا تعلمون} إني لي حكمة مفصلة في خلق هؤلاء والحالة ما ذكرتم لا تعلمونها، وقيل: إنه جواب {ونحن نسبِح بحمدك ونقدس لك}، فقال: {إني أعلم ما لا تعلمون} أي من وجود إبليس بينكم وليس هو كما وصفتم أنفسكم به. وقيل: بل تضمن قولهم: {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبِّح بحمدك ونقدس لك} طلباً منهم أن يسكنوا الأرض بدل بني آدم، فقال اللّه تعالى ذلك: {إني أعلم ما لا تعلمون} من أن بقاءكم في السماء أصلح لكم وأليق بكم. ذكرها الرازي مع غيرها من الأجوبة واللّه أعلم.

قال الإمام القرطبي رحمه الله:
قوله تعالى "وإذ قال ربك للملائكة" إذ وإذا حرفا توقيت، فإذ للماضي، وإذا للمستقبل، وقد توضع إحداهما موضع الأخرى. وقال المبرد: إذا جاء "إذ" مع مستقبل كان معناه ماضيا، نحو قوله: "وإذ يمكر بك" [الأنفال: 30] "وإذ تقول للذي أنعم الله عليه" [الأحزاب: 37] معناه مكروا، وإذ قلت. وإذا جاء "إذا" مع الماضي كان معناه مستقبلا، كقوله تعالى: "فإذا جاءت الطامة" [النازعات: 34] "فإذا جاءت الصاخة" [عبس: 33] و"إذا جاء نصر الله" [النصر: 1] أي يجيء. وقال معمر بن المثنى أبو عبيدة: "إذ" زائدة، والتقدير: وقال ربك، واستشهد بقول الأسود بن يعفر:
فإذ وذلك لا مهاة لذكره&&& والدهر يعقب صالحا بفساد
وأنكر هذا القول الزجاج والنحاس وجميع المفسرين. قال النحاس: وهذا خطأ، لأن "إذ" اسم وهي ظرف زمان ليس مما تزاد. وقال الزجاج: هذا اجترام من أبي عبيدة، ذكر الله عز وجل خلق الناس وغيرهم، فالتقدير وابتدأ خلقكم إذ قال، فكان هذا من المحذوف الذي دل عليه الكلام، كما قال:
فإن المنية من يخشها&&& فسوف تصادفه أينما
يريد أينما ذهب. ويحتمل أن تكون متعلقة بفعل مقدر تقديره واذكر إذ قال. وقيل: هو مردود إلى قوله تعالى: "اعبدوا ربكم الذي خلقكم" [البقرة: 21] فالمعنى الذي خلقكم إذ قال ربك للملائكة....
وقال أرباب المعاني: خاطب الله الملائكة لا للمشورة ولكن لاستخراج ما فيهم من رؤية الحركات والعبادة والتسبيح والتقديس، ثم ردهم إلى قيمتهم، فقال عز وجل: "اسجدوا لآدم" [البقرة: 34].
قوله تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة" "جاعل" هنا بمعنى خالق، ذكره الطبري عن أبي روق، ويقضي بذلك تعديها إلى مفعول واحد، وقد تقدم. والأرض قيل إنها مكة. روى ابن سابط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دحيت الأرض من مكة) ولذلك سميت أم القرى، ..., و"خليفة" يكون بمعنى فاعل، أي يخلف من كان قبله من الملائكة في الأرض، أو من كان قبله من غير الملائكة على ما روي. ويجوز أن يكون "خليفة" بمعنى مفعول أي مخلف، كما يقال: ذبيحة بمعنى مفعولة. والخلَف (بالتحريك) من الصالحين، وبتسكينها من الطالحين، هذا هو المعروف، وسيأتي له مزيد بيان في "الأعراف" إن شاء الله. و"خليفة" بالفاء قراءة الجماعة، إلا ما روي عن زيد بن علي فإنه قرأ "خليقة" بالقاف. والمعني بالخليفة هنا - في قول ابن مسعود وابن عباس وجميع أهل التأويل - آدم عليه السلام، وهو خليفة الله في إمضاء أحكامه وأوامره، لأنه أول رسول إلى الأرض، كما في حديث أبي ذر، قال قلت: يا رسول الله أنبيا كان مرسلا؟ قال: (نعم) الحديث ...
تنبيــه مهم
هذه الآية أصل في نصب إمام وخليفة يسمع له ويطاع، لتجتمع به الكلمة، وتنفذ به أحكام الخليفة. ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم، وكذلك كل من قال بقوله واتبعه على رأيه ومذهبه، قال: إنها غير واجبة في الدين بل يسوغ ذلك، وأن الأمة متى أقاموا حجهم وجهادهم، وتناصفوا فيما بينهم، وبذلوا الحق من أنفسهم، وقسموا الغنائم والفيء والصدقات على أهلها، وأقاموا الحدود على من وجبت عليه، أجزأهم ذلك، ولا يجب عليهم أن ينصبوا إماما يتولى ذلك. ودليلنا قول الله تعالى: "إني جاعل في الأرض خليفة" [البقرة: 30]، وقوله تعالى: "يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض" [ص: 26]، وقال: "وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض" [النور: 55] أي يجعل منهم خلفاء، إلى غير ذلك من الآي.
وأجمعت الصحابة على تقديم الصديق بعد اختلاف وقع بين المهاجرين والأنصار في سقيفة بني ساعدة في التعيين، حتى قالت الأنصار: منا أمير ومنكم أمير، فدفعهم أبو بكر وعمر والمهاجرون عن ذلك، وقالوا لهم: إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش، ورووا لهم الخبر في ذلك، فرجعوا وأطاعوا لقريش. فلو كان فرض الإمام غير واجب لا في قريش ولا في غيرهم لما ساغت هذه المناظرة والمحاورة عليها، ولقال قائل: إنها ليست بواجبة لا في قريش ولا في غيرهم، فما لتنازعكم وجه ولا فائدة في أمر ليس بواجب. ثم إن الصديق رضي الله عنه لما حضرته الوفاة عهد إلى عمر في الإمامة، ولم يقل له أحد هذا أمر غير واجب علينا ولا عليك، فدل على وجوبها وأنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين، والحمد لله رب العالمين.

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله:
هذا شروع في ذكر فضل آدم عليه السلام أبي البشر أن الله حين أراد خلقه أخبر الملائكة بذلك وأن الله مستخلفه في الأرض فقالت الملائكة عليهم السلام " أتجعل فيها من يفسد فيها " بالمعاصي " ويسفك الدماء " [ وهذا تخصيص بعد تعميم لبيان [ شدة ] مفسدة القتل وهذا بحسب ظنهم أن الخليفة المجعول في الأرض سيحدث منه ذلك فنزهوا الباري عن ذلك وعظموه وأخبروا أنهم قائمون بعبادة الله على وجه خال من المفسدة فقالوا : " ونحن نسبح بحمدك " أي : ننزهك التنزيه اللائق بحمدك وجلالك " ونقدس لك " يحتمل أن معناها : ونقدسك فتكون اللام مفيدة للتخصيص والإخلاص ويحتمل أن يكون : ونقدس لك أنفسنا أي : نطهرها بالأخلاق الجميلة كمحبة الله وخشيته وتعظيمه ونطهرها من الأخلاق الرذيلة قال الله تعالى للملائكة : " إني أعلم " من هذا الخليفة " ما لا تعلمون " ؛ لأن كلامكم بحسب ما ظننتم وأنا عالم بالظواهر والسرائر وأعلم أن الخير الحاصل بخلق هذا الخليفة أضعاف أضعاف ما في ضمن ذلك من الشر فلو لم يكن في ذلك إلا أن الله تعالى أراد أن يجتبي منهم الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين ولتظهر آياته لخلقه ويحصل من العبوديات التي لم تكن تحصل بدون خلق هذا الخليفة كالجهاد وغيره وليظهر ما كمن في غرائز بني آدم من الخير والشر بالامتحان وليتبين عدوه من وليه وحزبه من حربه وليظهر ما كمن في نفس إبليس من الشر الذي انطوى عليه واتصف به فهذه حكم عظيمة يكفي بعضها في ذلك .


قال محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَـٰئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِى ٱلأَرْضِ خَلِيفَةً الآية في قوله : {خَلِيفَةً} وجهان من التفسير للعلماء:
أحدهما : أن المراد بالخليفة أبونا ءادم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ؛ لأنه خليفة اللَّه في أرضه في تنفيذ أوامره . وقيل : لأنه صار خلفًا من الجن الذين كانوا يسكنون الأرض قبله ، وعليه فالخليفة : فعيلة بمعنى فاعل . وقيل : لأنه إذا مات يخلفه من بعده ، وعليه فهو من فعيلة بمعنى مفعول . وكون الخليفة هو ءادم هو الظاهر المتبادر من سياق الآية .
الثاني : أن قوله : {خَلِيفَةً} مفرد أريد به الجمع ، أي خلائف ، وهو اختيار ابن كثير . والمفرد إن كان اسم جنس يكثر في كلام العرب إطلاقه مرادًا به الجمع كقوله تعالىٰ : {إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍ وَنَهَرٍ} ؛ يعني وأنهار بدليل قوله : {فِيهَا أَنْهَارٌ مّن مَّاء غَيْرِ ءاسِنٍ} . وقوله : {وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} ، وقوله : {فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَىْء مّنْهُ نَفْساً} ؛ ...وإذا كانت هذه الآية الكريمة تحتمل الوجهين المذكورين . فاعلم أنه قد دلت آيات أخر على الوجه الثاني ، وهو أن المراد بالخليفة : الخلائف من ءادم وبنيه لا ءادم نفسه وحده . كقوله تعالىٰ : {قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَاء} .
ومعلوم أن ءادم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ليس ممن يفسد فيها ، ولا ممن يسفك الدماء . وكقوله : {هُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ فِى ٱلاْرْضِ} ، وقوله : {وَهُوَ ٱلَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَـٰئِفَ ٱلاْرْضِ} ، وقوله : {وَيَجْعَلُكُمْ حُلَفَاء} . ونحو ذلك من الآيات .


أقوال بعض علماء الدين رحمهم الله

قال الإمام ابن القيّم رحمه الله في "مِفتاح دار السعادة" :
واحتج القائلون بجواز أن يقال: فلان خليفة الله في أرضه بقوله تعالى للملائكة}: إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً]{البقرة: 30]، وبقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ} [فاطر: 39]، وهذا خطاب لنوع الإنسان، وبقوله تعالى: {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ} [النمل: 62]، وبقول موسى لقومه:{ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 129]، وبقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله مُمَكِّنٌ لكم في الأرض، ومستخلفكم فيها فناظِرٌ كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء)).واحتجوا بقول الراعي يخاطب أبا بكر رضي الله عنه:
خَلِيفَةَ الرَّحْمَنِ إِنَّا مَعْشَرٌ ............ حُنَفَاءُ نَسْجُدُ بُكْرَةً وَأَصِيلاَ
عُرْبٌ نَرَى للهِ فِي أَمْوَالِنَا ............ حَقَّ الزَّكَاةِ مُنَزَّلاً تَنْزِيلاَ
وَمَنَعَتْ طَائفة هذا الإطلاق، وقالت لا يقال لأحد إنه خليفة الله؛ فإن الخليفة إنما يكون عمن يغيب، ويَخْلُفُه غَيْرُه، والله تعالى شاهدٌ غيرُ غائب، قريبٌ غير بعيد، راءٍ وسامع؛ فمحال أن يَخْلُفَهُ غيرُهُ؛ بل هو سبحانه الذي يَخْلُف عبده المؤمن، فيكون خليفته؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: ((إنْ يَخرُج وأنا فيكم فأنا حَجِيجُه دونكم، وإن يَخرُج ولست فيكم فامرؤ حَجِيجُ نَفْسِه، والله خليفتي على كُلِّ مؤمن ))والحديث في الصحيح.
وفي صحيح مسلم أيضًا من حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا سَافَرَ:(( اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال….)) الحديثَ.
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:{ اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخْلُفْه في أهله}. فالله تعالى هو خليفة العبد؛ لأن العبد يموت فيحتاج إلى مَن يَخْلُفُه في أهله.
قالوا: ولهذا أنكر الصديق رضى الله عنه على مَن قال له: يا خليفة الله، قال: لستُ بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله، وحسبي ذلك.
قالوا: وأما قوله تعالى:(( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)) [البقرة: 30] فلا خلاف أن المراد به آدم وذريته، وجمهور أهل التفسير من السلف والخلف على أنه جعله خليفة عمَّن كان قَبْلَه في الأرض؛ قيل عنِ الجنِّ الذين كانوا سُكَّانَها، وقيل عن الملائكة الذين سكنوها بعد الجنِّ، وقصتهم مذكورة في التفاسير.

وأما قوله تعالى:(( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ)) [فاطر: 39] فليس المراد به خلائف عن الله، وإنما المراد به أنه جعلكم متعاقِبِينَ؛ يَخْلُف بعضُكم بعضًا، فكلَّما هَلَكَ قَرْنٌ خَلَفَه قَرْنٌ إلى آخر الدهر.

وأما قول موسى لقومه: ((وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ)) [الأعراف: 129] فليس ذلك استخلافًا عنه؛ وإنما هو استخلاف عن فرعون وقومه، أهلكهم وجعل قوم موسى خلفاء من بعدهم، وكذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله مستخلفكم في الأرض". أي من الأمم التي تَهْلِك، وتكونون أنتم خلفاء مِن بعدهم.

قالوا: وأما قول الراعي فقولُ شاعر، قال قصيدة في غَيْبَةِ الصِّدِّيق، لا يُدْرَى أَبَلَغَتْ أبا بكر أو لا؟ ولو بلغته فلا يُعلَم أنه أقرَّه على هذه اللفظة أم لا؟......فإن أُرِيد بالإضافة إلى الله أنه خليفة عنه، فالصوابُ قولُ الطائفة المانعة منها، وإن أريد بالإضافة أن الله استخلفه عن غيره ممن كان قبله، فهذا لا يمتنع فيه الإضافة، وحقيقتها خليفة الله الذي جعله الله خَلَفًا عن غيره ، والله أعلم. مفتاح دار السعادة
وفي زاد المعاد المجلد الثاني ص434 باب ما كرهه رسولالله –صلى الله عليه وسلّم من الألفاظ
لا يقالُ للسلّطان خليفةُ اللهِ
"ومما يُكْره منها أنْ يقولَ للسلطانِ خليفةُ اللهِ ، أو نائبُ اللهِ في أرضه ، فإنّ الخليفةَ والنائبَ إنّما يكونُ عن غائبٍ، والله ُ سُبْحانهُ وتعالى خليفةُ الغائبِ في أهلهِ ، ووكيلُ عبْدهِ المؤمن.


الشيخ ابن باز رحمه الله
يقول السائل: قال الله تعالى: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ[1].
يقول: هل معنى هذا أن الله خلق الإنسان قبل آدم عليه السلام؟ وإلا فكيف عرفت الملائكة أن الإنسان يفسد في الأرض ويسفك الدماء؟ وما المقصود من أن الله جعل في الأرض خليفة؟ وخليفة عمن؟

قال رحمه الله الآية الكريمة تدل على أن الله جل وعلا جعل هذا الإنسان وهو آدم عليه الصلاة والسلام خليفة في الأرض عمن كان فيها من أهل الفساد وعدم الاستقامة، وقول الملائكة يدل على أنه كان هناك قومٌ يفسدون في الأرض، فبنت ما قالت على ما جرى في الأرض، أو لأسباب أخرى اطلعت عليها فقالت ما قالت فأخبرهم الله سبحانه وتعالى بأنه يعلم ما لا تعلمه الملائكة، وأن هذا الخليفة يحكم الأرض بشرع الله ودين الله، وينشر الدعوة إلى توحيده، والإخلاص له، والإيمان به.
وهكذا ذريته بعده يكون فيهم الأنبياء، ويكون فيهم الرسل، والأخيار، والعلماء الصالحون، والعباد المخلصون، إلى غير ذلك مما حصل في الأرض من العبادة لله وحده، وتحكيم شريعته، والأمر بما أمر به، والنهي عما نهى عنه.
هكذا جرى من الأنبياء والرسل، والعلماء الصالحين، والعباد المخلصين، إلى غير ذلك، وظهر أمر الله في ذلك، وعلمت الملائكة بعد ذلك هذا الخير العظيم، ويقال: إن الذي قبل آدم هم طوائف من الناس ومن الخليقة يقال لهم: الجن والحن.
وبكل حال فهو خليفة لمن مضى قبله وصار قبله في أرض الله ممن يعلمهم الله سبحانه وتعالى، وليس لدينا أدلة قاطعة في بيان من كان هناك قبل آدم، وصفاتهم، وأعمالهم، فليس هناك ما يبين هذا الأمر، لكن جعله خليفة يدل على أن هناك من كان قبله في الأرض، فهو يخلفهم في إظهار الحق، وبيان شريعة الله التي شرعها له، وبيان ما يرضي الله ويقرب لديه، وينهى عن الفساد فيها.
وهكذا من جاء بعده من ذريته قاموا بهذا الأمر العظيم، من الأنبياء، والصلحاء، والأخيار، دعوا إلى الحق ووضحوه، وأرشدوا إلى دين الله، وعمروا الأرض بطاعة الله وتوحيده والحكم بشريعته، وأنكروا على من خالف ذلك.

الشيخ الالبانى رحمه الله
السؤال: ما معنى الخلافة والاستخلاف لغة وشرعاً؟الجواب: السائل يسأل: ما معنى الخلافة والاستخلاف لغةً وشرعاً؟
قال رحمه الله -:
ليس هناك فرق بين اللغة والشرع في هذه المسألة فكلاهما متحد فيها، لكن الشرع يؤكد التزام اللغة في ذلك.الخلافة هي مصدر، كما جاء في القاموس يقال: خلفه خلافةً، أي: كان خليفته -ولاحظوا تمام التعبير- وبقي بعده. ومما جاء في القاموس: الخليفة السلطان الأعظم كالخليف، أي: يقال بالتذكير والتأنيث، الخليف والخليفة، والجمع خلائف وخلفاء. هذا ما في القاموس، لكن الشيء البديع ما في النهاية في غريب الحديث والأثر لـابن الأثير، فقد ذكر أثراً فانتبهوا له! يقول: [جاء أعرابيٌ فقال لـأبي بكر : أنت خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا. قال: فما أنت إذا كنت تقول لست خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال:أنا الخالفة بعده] أي: الذي يأتي بعده، أما أن يكون خليفة فلا، لماذا؟ لأن معنى الخليفة فيه معنى دقيق على ما كنا نعبر عنه إجمالاً ونستنكر في التعبير، بأن الإنسان خليفة الله في الأرض، من أجل ذلك المعنى الذي يوضحه لنا الآن الإمام ابن الأثير، يقول: فقال: [أنا الخالفة بعده[ أبو بكر لم يرض لنفسه أن يقول: إنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما قال: [أنا الخالفة بعده] أي: جاء من بعده فقط، يفسر ابن الأثير فيقول: الخليفة من يقوم مقام الذاهب ويسدُّ مسدَّه، والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخلفاء .. إلى آخره. فالرسول صلى الله عليه وسلم وهو بشر لم يرض أبو بكر الصديق أن يقول: إنه خليفته؛ لأن معنى الخلافة بهذه اللفظة: أنه ينوب مناب الذي خلف ومضى وهو الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يمكن لـأبي بكر مهما سما وعلا أن يداني كماله عليه الصلاة والسلام.ومن هنا نعرف بأنه لا ينبغي من باب أولى أن يقال: الإنسان هو خليفة الله في الأرض؛ لأن البون أكبر من أن يذكر بين الخالق والمخلوق، فإذا كان أبو بكر لم يرض أن يقول عن نفسه إنه خليفة الرسول، فنحن لا نرضى أن نقول: إن الإنسان خليفة الله في الأرض.السائل: إذاً: فما معنى قوله تعالى: ((إني جاعل في الأرض خليفة)) [البقرة:36]؟الشيخ: أنا كنت في صدد الإجابة عن مثل هذا السؤال؛ لأن الواقع أن هذا السؤال يكثر إيراده، والجواب عنه باختصار: جاء أنه في الأرض خليفة للعلماء، وهناك أكثر من قول في تفسير هذه الآية أو هذه اللفظة بخصوص هذه الآية، والقول الذي يجنح إليه ابن كثير وهو في ذلك تابع لـابن جرير، يقول ابن كثير في تفسير الآية نفسها: ((إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ))[البقرة:30]: ليس المراد هنا الخليفة آدم عليه السلام فقط، كما يقول طائفة من المفسرين، وعزاه القرطبي إلى فلان وفلان، وفي ذلك نظر، بل الخلاف في ذلك كثير حكاه الرازي في تفسيره وغيره، والظاهر أنه لم يرد آدم عيناً، إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة:(( أتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ))[البقرة:30] فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك.. إلخ. ثم قال ابن كثير : قال ابن جرير : وإنما معنى الخلافة التي ذكرها الله إنما هي خلافة قرنٍ بعد قرن، قال: والخليفة الفعيلة من قولك: خلف فلانٌ فلاناً في هذا الأثر، إذا قام مقامه فيه بعده، كما قال تعالى :(( ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ))[يونس:14] ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم خليفة؛ لأنه خلف الذي كان قبله فقام بالأمر، فكان منه خلفاً.هذا هو معنى الخلافة، فنحن يجب أن نستحضر هذا المعنى العربي حتى نستعظم التعبير بأن الإنسان لا سيما إذا أطلقنا فنقول: إنه خليفة الله عز وجل؛ لأن الذي يريد أن يخلف غيره يجب أن يكون أقلَّ ما يكون قريباً منه، وكما أقول دائماً وأبداً: لا يحسن مطلقاً أن يقول القائل: فلان الجاهل، فلان الزبال، هو خليفة العالم الفلاني؛ هذا مستهزئ كل الاستهزاء؛ لأنه لا يصلح أن يكون خليفةً لذلك العالم؛ لبعد الشقة بينهما في صفة الخلافة، فماذا يقال عن إنسان بالنسبة لخالق الأكوان سبحانه وتعالى؟!ولذلك نجد التعابير في السنة الصحيحة تأتي لتضع الخليفة الحق، كما جاء في حديث في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر سفراً دعا قائلاً: ((اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل)) وفي رواية: ((في الحضر))، فإذا غاب الزوج عن بيته فمن الخليفة من بعده؟ هو الله سبحانه وتعالى؛ لأنه هو الذي يحسن الخلافة، أما أن يكون العبد العاجز الجاهل، مهما كان قوياً وعالماً، أن يكون خليفة عن الله عز وجل في الأرض، فهذا تعبير مستهجن لغةً وشرعاً،هذا ما عندنا بالنسبة لهذا السؤال.


الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
سئل فضيلة الشيخ : عن قول الإنسان لرجل : (أنت يا فلان خليفة الله في أرضه) ؟
فأجاب بقوله: إذا كان ذلك صدقاً بأن كان هذا الرجل خليفة يعني ذا سلطان تام على البلد ، وهو ذو السلطة العليا على أهل هذا البلد ، فإن هذا لا بأس به ، ومعنى قولنا (خليفة الله) أن الله استخلفه على العباد في تنفيذ شرعه ، لأن الله – تعالى – استخلفه على الأرض ، والله – سبحانه وتعالى – مستخلفنا في الأرض جميعاً وناظر ما كنا نعمل ، وليس يراد بهذه الكلمة أن الله – تعالى – يحتاج إلى أحد يخلفه ، في خلقة ، أو يعينه على تدبير شئونهم ، ولكن الله جعله خليفة يخلف من سبقه ، ويقوم بأعباء ما كلفه الله
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: 15/ 237
هل يجوز أن أقول: خليفة الله أو لا يجوز؟
قال بعض العلماء: يجوز أن تقول: خليفة الله، لكنه من باب إضافة الشيء إلى فاعله، بمعنى مخلوف الله، يعني أن الله استخلفك في الأرض، وجعلك خليفة، وليس المعنى أن الله ـ تعالى ـ وكلك على عباده؛ لأنه عاجز عن تدبيرهم، كلا، لكن المعنى أن الله جعلك خليفة في الأرض، تخلفه في عباده، بمعنى أن تقيم شرعه فيهم، وقد قال الله تعالى لداود عليه السلام: {ياداوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس} [ص: 26] .
وقال الشاعر يخاطب عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
خليفة الله ثم الله يحفظه
والله يصحبك الرحمن في سفر
إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا
من الخليفة ما نرجو من المطر
فقال: خليفة الله، وأقره ـ حسب الرواية ـ وما أنكره.
وقال بعض العلماء: لا يجوز؛ لأن خليفة الإنسان لا يكون إلا عند غيبة الإنسان المخلف، ولهذا قال موسى لهارون ـ عليهما الصلاة والسلام ـ: {اخلفني في قومي} [الأعراف: 142] ؛ لأنه ـ عليه الصلاة والسلام ـ غاب لميقات ربه.
ولكن الصحيح الأول، وأنه يجوز أن نقول: خليفة الله، لأن الله استخلفه في عباده ليقوم بعدله، ولا يعني ذلك أن الله تعالى ليس بحاضر، فالله ـ عز وجل ـ فوق عرشه، ويعلم كل شيء، وفرق بين استخلاف موسى لهارون عليهما السلام، وبين استخلاف الله ـ تعالى ـ هذا الخليفة في الأرض.
والذين يقولون: لا يجوز، يقولون: إنك تقول: خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنك خلفت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته علما، وعملا، ودعوة، وسياسة، يعني أن الخليفة يجب أن يكون خالفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الأمور الأربعة، العلم، والعمل، والدعوة، والسياسة، فمسؤولية الخليفة ليست هينة.
وقال رحمه الله -:
قول الملائكة: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء } يرجح أنهم خليفة لمن سبقهم، وأنه كان على الأرض مخلوقات قبل ذلك تسفك الدماء، وتفسد فيها، فسألت الملائكة ربها عزّ وجلّ: { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء}كما فعل من قبلهم . واستفهام الملائكة للاستطلاع، والاستعلام، وليس للاعتراض؛ قال تعالى: { إني أعلم ما لا تعلمون } يعني: وستتغير الحال؛ ولا تكون كالتي سبقت..من تفسير سورة البقرة للشيخ.

قول الفوزان - حفظه الله - :
"قارئ رسالة ابن أبي زيد القيرواني :
وهي الَّتِي أَهْبَطَ منها آدَمَ نبِيَّه وخلِيفَتَه إلى أَرضِه، بِما سَبَقَ فِي سابِق عِلمِه
تعليق الشيخ الفوزان
خليفته هذه فيها نظر ؛ لأن الله ليس له خليفة ، بل الله هو الخليفة ، الله جل وعلا هو الخليفة لعباده كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه السفر : وأنت الخليفة في الأهل .
الله لا يستخلف أحدا نيابة عنه ، وإنما البشر يخلف بعضهم بعضا ﴿وهو الّذِي جعلكمْ خلائِف الْأرْضِ ﴾ يعني يخلف بعضكم بعضا.
قوله تعالى :﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأرْضِ خلِيفةً ۖ﴾ يعني يخلفوا من قبله من أهل الأرض وليس يخلف الله سبحانه وتعالى .
نعم
إلا إن كان المصنف رحمه الله يريد بخليفته هنا يعني ما ذكر الله في قوله ﴿إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأرْضِ خلِيفةً ۖ﴾ يعني بعبارة الآية نعم ، خليفته يعني خليفة من قبله من البشر
نعم
القارئ: وهي الَّتِي أَهْبَطَ منها آدَمَ نبِيَّه وخلِيفَتَه إلى أَرضِه، بِما سَبَقَ فِي سابِق عِلمِه"



منقول

__________________
*من فارق الدليل ضل السبيل ، و لا دليل إلا بما جاء به الرسول ( من كلام شيخ الاسلام رحمه الله)
*استقم كما أمرت، وتعلم العلم، وهذا العلم سيميز لك الصالح من الطالح، والمخطئ من المصيب(من نصائح الشيخ الالبانى رحمه الله)

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:37 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.