أنت غير مسجل في المنتدى. للتسجيل الرجاء اضغط هنـا

             
12122 84309

العودة   {منتديات كل السلفيين} > المنابر العامة > منبر التاريخ و التراجم و الوثائق

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-07-2013, 06:16 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



بناء أساس منطقة المصيطبة في بيروت على أجساد وجثث الصليبيين المعتدين!


اسم المصيطبة هو محرّف من كلمة المصطبة، وهو المكان المرتفع أو المستوي بين ارتفاعين، وذكر صالح بن يحيى ( توفي قريباً من 840 هـ ) في " تاريخ بيروت " ( أن الصليبيين حضروا إلى بيروت في العشرين من محرَّم سنة ستّ وثمان مئة، فلمَّا رآهم أهل بيروت همُّوا بترحيل حريمهم وأولادهم وأمتعتهم، فأُخْلِيَت بيروت من أهلها، ولم يكن بها متولٍّ ولا عسكر مجرّد للحرب سوى أمراء الغرب ومعهم بعض جماعة، وكان قد توحَّش خاطرهم لظنّهم أن في التعميرة خيولاً فخافوا من ذلك، فنزل الفرنج من الشواني ( سفن حربية كبيرة ) إلى البرّ في مكان يُسَمَّى الصنبطيّة غربي البلد في الرابعة من النهار وتملَّكوا البلد ونهبوه، وأحرقوا الدار التي لنا على البحر والسوق القريبة من الميناء، وصار المسلمون يتجمّعون شيئاً فشيئاً، وجعل أصحاب النخوات يهجمون على مَن تفرَّد منهم في الأزقّة، فقتلوا منهم جماعة واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر، وحضر المتولّي الأمير يوسف التركماني الكسرواني، فأقام الفرنج في بيروت إلى قرب العصر ثمَّ رجعوا إلى مراكبهم، وتتبَّع المسلمون بقيَّتهم ).
ثم قال صالح بن يحيى بعد صفحات: (وكان ملك الأمراء قد رسم لمتولِّي بيروت أن يقطع رؤوس قتلى الفرنج وأن يعمِّر على أبدانهم مسطبةً على باب بيروت ويكتب عليها اسم ملك الأمراء، وجهَّز الرؤوس إلى دمشق ثمَّ إلى مصر، فحصل في أَنْفُسِ الذين قتلوا الفرِنج غيرة لنسبة المسطبة إلى غيرهم فهدموها ليلاً وأحرقوا ما كان بها من رِمَم الفرنج ).

والمسطبة المبنية هي أساس منطقة المصيطبة في بيروت، وبالطبع هي جزء صغير منها .
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10-25-2014, 08:07 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


كان عجائز بيروت يُنكرن أشدّ الإنكار على إدخال ورق اللعب (الشدَّة) إلى البيوت لاحتوائه على صور تمنع دخول الملائكة!



قال المحامي والمؤرخ عبد اللطيف فاخوري في كتابه ( البيارتة، حكايات أمثالهم ووقائع أيامهم ) ( ص 188 ) :

روى والدي أن جدّته لأبيه ( الحاجة صفية)، كانت ( تقيم الدنيا وتقعدها ) إذا رأت أوراق اللعب ( الشدّة ) وما عليها من صور، وكانت تقول له: يا ستّي ابعدوا هذه الورق، البيت يَلّي فيه صور ما تدخله الملايكة.

وكان الأديب عمر فاخوري قد ألقى سنة 1927 م ( كلمة في التصوير ) في الحفلة التي أقامها الكشاف المسلم تكريماً للفنان مصطفى فرّوخ، قال فيها بأنّ التصوير كان لبضع سنوات من المحرمات، وأن العجائز كنّ يتطيرن من ورق اللعب ويكرهنه ويأمرن عمراً بإخفائه في الأرض السابعة. وبرّر عمر طلبهن ( فليس ذلك لأنّه يعلّم البوكر والباكارا وما أشبههما من مدافن الثروة، بل لأنّ على ورق اللعب صوراً وتهاويل هي كالشياطين إذا غابت الملائكة ).

وكان الشيخ عبد الرحمن محمد الحوت ( المتوفى سنة 1916 م ) قال في رسالته (( إرشاد العوام إلى سبيل السلام )): (( أن اللعب بالكفنجة – وهي الشدَّة – حرام لأنه ليس العمل فيه إلا على سبيل الحزر والتخمين، وأنّ ممّا أظهره المردة للترك في هذه الأعصار كفنجة يلعبون بها، فإنْ كان بعوض فقمار، وإنْ كان بلا عوض فهي كالنرد ... )). اهـ.

قال أبو معاوية البيروتي: رحم الله عجائز بيروت اللاتي أنكرنه لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إدخال الصور إلى البيوت، فعن أمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة )). ( رواه البخاري ( 2105 ) ومسلم ( 2107 ) ).
=================
الكناشة البيروتية ( المجموعة الثالثة )
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-07-2015, 06:19 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


يوم قصف الأسطول الإيطالي مرفأ بيروت سنة 1912 م!!
حادثة بيروت
إلى متى ونحن غافلون؟


تحل بنا المصائب، وتنتابنا النوائب، وتتقاذفنا البلايا من كل جانب، تعبث بنا الأيدي الأجنبية، وتتداخل في شؤوننا، وتستعمر أكثر بلادنا، وترمي العداء فيما بيننا، وتجعلنا شيعاً وأحزاباً وتخدعنا بزخرف أقوالها، وكاذب وعودها، حتى تحصل على مبتغاها منا تدفع بعضنا ليسحق البعض الآخر فنقتتل ونتطاحن بالسيوف فتهلك الرجال وتخرب البلاد، تستنزف ثروتنا، وتقبض على زمام تجارتنا، وتزيف صناعتنا، وتفسد أخلاقنا، وتنتهك حرمات آدابنا، وتميت عاطفة أولادنا، ووطنية شبابنا، وتجتهد في إضعاف شوكتنا، والحط من كرامتنا، ومحو تعاليم ديننا تحاربنا بجميع أنواع الحرب، وتقتل شيوخنا وصبياننا، وتقذفنا بقذائفها وترسل علينا من نار بوارجها ونحن غافلون. فإلى متى يدوم هذا الحال؟ هذه إيطاليا على ما يعلمها العالم أجمع من الخسة والدناءة والهمجية ناصبتنا العداء، وأعلنت الحرب علينا لتضم إليها ما بقي بأيدينا من البلاد الإفريقية التي فتحها بأجمعها أسلافنا الكرام فسلبت وقتلت وفعلت ما تسيل الدموع لمجرد وصفه. كل هذا ونحن ساهون نناصب بعضنا العداء، ونسعى في تفريق كلمتنا، وتشتيت شملنا. ما هذا الاختلاف أيها القوم؟ ما هذا التباغض أيها الناس؟ إلى متى ينتهي أمر هذه المناوآت؟ إلى متى ينتهي حبكم لطلب الوظائف والمرتبات؟ ماهذا التنافر والتخاصم؟ ألم يكفكم ما حل بنا؟ ألم يكفكم ما وصلنا إليه؟ ألم يبلغكم أن العدو ليس على أبوابنا بل دخل دورنا وحلَّ بأرضنا؟ ألم تسمع آذانكم ما حل بإخواننا البيروتيين؟ ألم تنفطر قلوبكم أسى عليهم؟ قتل بعض شبانهم، وهدمت بعض أبنيتهم، وملأ الرعب قلوبهم وسالت الدموع من آماق أطفالهم ونسائهم. إن حادثة بيروت أكبر مؤدب وأعظم باعث لنا على الاتفاق ونبذ الشقاق. إننا بدموع الآسف نذكر تلك الحادثة المؤلمة (حادثة بيروت) وقلوبنا تنفطر حزناً على ما حل بأهلها. إن أهل دمشق لما بلغهم هذا الخبر المؤلم هلعت قلوبهم، ووجفت نفوسهم، وظهر على وجه كبيرهم وصغيرهم علامة الكآبة والحزن، وفي مساء اليوم الذي وصل به الخبر وما بعده كنت ترى الناس على اختلاف طبقاتهم ألوفاً مؤلفة يؤمون محطة القطار (البرامكة) ينتظرون مجيئه من بيروت ليستطلعوا طلع الخبر. حدث مشاهد للواقعة في بيروت أن الناس أصبحوا صباح يوم السبت لسبع خلت من شهر ربيع الأول والحال مطمئن والبحر هادئ والناس سائرون في أشغالهم فما شعروا إلا وتغير الحال واضطرب وجه البحر وعصفت عليه عواصف شرور همجية الغرب المتمدن ونظر القوم من وراء الأفق في الساعة الثالثة من صباح هذا اليوم بارجتين تقتربان إلى مرفأ بيروت وعندما وصلتا إلى ما يبعد عن الشاطئ نحو نصف ميل أطلقتا ضرباً نارياً تهديداً وتنبيهاً لمجيئهما قال: ألا إن الناس لم يعرفوا لأول وهلة أي نوع من أنواع البوارج هما ولا القصد من مجيئهما. قال ووقفنا ننظر إليهما بعين الدهشة والاستغراب وخصوصاً عندما عرفنا أنهما بارجتان إيطاليتان ثم حضر زورق من طرف قائد المدفعية العثمانية إلى الأسطول الإيطالي ليستعلم منه عما يريده الأسطول بقدومه فأعلمه على (ماشاع بعد) بأنه يريد المدفعية العثمانية (عون الله) والنسافة (أنقرة) وأنه في الساعة 9 إفرنجي إن لم يسلما أنفسهما يضطر إلى ضربهما داخل المرفأ وآنئذ تقول الناس الأقاويل فمنهم من قال مرادهم ضرب الثغر ومنهم من قال مرادهم أخذ النسافة والمدفعية ولا يمكنهم ضرب البلد قطعياً ومنهم من قال غير ذلك.
ثم سمعنا صوت المدافع في الفضاء الواحد تلو الآخر وشعرنا أن الأرض تهتز من عظم تلك الطلقات وكانت إحدى البارجتين راسية أمام المرفأ (البور) ترمي القنابل وكان الدخان يتصاعد وأصوات النساء والأولاد من البيوت تتصاعد معه. منظر مؤثر ومشهد رهيب استولى الرعب فيه على القلوب وغلب الروع على الأفئدة. ودامت الطلقات متواصلة على البارجة (عون الله) والطراد (أنقرة) حتى غرقت الأولى واضمحل أمر الثانية وبقيت على وجه الماء وهدمت من تلك القذائف الجهنمية بعض الأبنية وقسماً من المصرف العثماني والجمرك ومصرف سلانيك وقتا نحو مائة رجل خلا الجرحى. قال ثم بعد أن تمت تلك البارجة مقاصدها السيئة رجعت تمخر عباب البحر والمياه تشب أمامها كأنها تطالبها بما أتته من الضرر والفعل الذميم. ولما اقتربت من رفيقتها التي كانت في انتظارها وبعبارة ثانية كانت تحمي ظهرها سارتا معاً وأوغلتا في البحر إلى ما وراء الأفق وهنا ظن الناس الظنون. ظن بعضهم أنهما ذهبتا إلى طرابلس شام والبعض الآخر ظن أنهما قصدتا إسكندرونة لضرب المدفعية العثمانية الراسية هناك لكن مع الآسف لم يطل أمد هذا التخرص إذ عادت البارجتان الطليانيتان واقتربت إحداهما من البور ببطء ودخلته غير خائفة ولا وجلة وهناك أطلقت عدة قذائف على الطراد الذي بقي بعضه ظاهراً على وجه الماء فأغرقته ورجعتا لا رافقتهما السلامة. وقد وقع الناس حين رجوعهما بأشد الخوف حيث اعتقدوا أنهما سيقذفان شظايا نارهما على البلدة وبالأخص الثكنة العسكرية ودار الحكومة وفي برهة قليلة أخليت الدائرتان المذكورتان ولم يبق فيهما غير الجدران وقد استعدت بعض الدوائر أيضاً لنقل مراكزها إلى خارج البلدة وأقفلت جميع المحلات ولم يبق في الشوارع إلا بعض الأهالي الذين دفعهم الإفراط في الوطنية إلى مهاجمة مستودع أسلحة الحكومة فأخذوا كثيراً من البنادق والأسلحة أما العقلاء من أهل بيروت فكان خوفهم من حصول ما يخل بالأمن يقارب خوفهم من الأسطول الطلياني إذ خطر لبعض الرعاع أن يتجمهروا أمام دار الحكومة ففعلوا وجعلوا يطلبون إخراج المسجونين وبعضهم طمع في اشتغال الحكومة بهذا الحادث فعمد لثأر ماله من الآثار وقسم عد الأمر فوضى فنهب وسلب وهذا ما دعا الحكومة المحلية إلى إعلان الإدارة العرفية ونشر هذا المنشور تحت بيان رسمي الحكم العرفي في بيروت وإليك خلاصته: أعلنت الإدارة العرفية في بيروت وحدودها براً جبل لبنان وبحراً ساحل بيروت وأحيل أمر محافظة الأمن للحكومة العسكرية ومن تجاسر على الإخلال بالأمن داخلاً وخارجاً تجري محاكمته بديوان الحرب مهما كانت صفته والحكومة العسكرية مأذونة بتحري منازل من تريد من الأشخاص ليلاً ونهاراً وبنفي المشتبه بهم وبجمع الأسلحة من الأهلين وبتعطيل الجرائد المشوشة للأذهان وبمنع جميع الجمعيات وبمحاكمة من كانوا السبب في إعلان الإدارة العرفية ولو كانت إقامتهم في غير بيروت والحاصل جميع أحكام قرار الإدارة العرفية والمواد المذيلة به سيجرى تطبيقها حرفياً اعتباراً من تاريخه. وقد أذيع هذا ليحيط الجميع به علماً في 12 شباط سنة 1327.
ونعم ما فعلته الحكومة فقد استتب الأمن وتوطدت أركان الراحة بهمة والي الولاية ورجال الضبط والجند الشاهاني الذين لم يألوا جهداً في العناية بأمر التدقيق والتطواف وقد أرسلت ولاية سوريا قطارين مشحونين بالعساكر والزاد وأرسلت طرابلس شام أيضاً الأي السواري لمعاضدة حكومة بيروت في توفير أسباب الأمن. وبذلك انتهت الأزمة وعاد القوم إلى أعمالهم.
تبرم بعض الناس من إعلان الإدارة العرفية في بيروت ونقم على الحكومة ونحن مع حبنا الصميم لراحة أهالي بيروت ورجائنا بضراعة منه سبحانه أن لا يطيل أمد الأحكام العرفية عليهم نقول أن السخط على الحكومة في غير محله وربما أدى إلى التشويش عليها وهو بلا شك جهل محض. إذ باعتقادنا أن ما تعمله الحكومة الآن يتحتم عمله، ولولاه لانقلب لون الأزمة إلى شكل آخر، ولوصل أرباب الأغراض والدسائس الأجنبية إلى غاياتهم، فهل بعد هذه الحادثة المشؤومة أدركت الأمة أن الواجب عليها أن تعمل يداً واحدة على ترك التنابذ والشقاق ومؤازرة الحكومة لصدمات الأعداء وتعلم أنها بتطاعنها تطعن قلبها، وترمي فؤادها. هل علمت أن العقلاء من أعمالها في استياء عظيم يبكون الليل والنهار ويرجون الله لرفع هذه الأحقاد خشية أن يبتلعنا من فغر فاه من الأجانب؟ هل علمت بأن رمي بعضها البعض بخيانة الوطن، وسوء النية هو عين خيانة الوطن والإضرار به؟ هلا لانت قلوب هؤلاء المختلفين فعطفوا على هذه الأمة البائسة؟ هلا لانت قلوبهم فرحموا هذه الأمة المسكينة؟ هلا لنت قلوبهم لما أصاب الدولة والأمة؟ هلا علموا بأنهم محاسبون؟ هلا فقهوا بأنهم مسؤولون؟ هلا دروا بأنهم على ربهم يعرضون؟ فإلى متى وهم غافلون وفي أنفسهم متشاغلون. ما مصيبة الأمة بطرابلس الغرب بأعظم من مصيبتها بتفرقهم واختلافهم. فإلى الوفاق أيها الناس إلى التعاضد أيها القوم. وفي الختام نجأر إلى الله تعالى أن يوفق الأمة إلى ما فيه صلاحها ونجاحها، وأن يصرف عنها كيد الأعداء، إنه سميع الدعاء.

* مجلة الحقائق (الدمشقية) / العدد 19 - بتاريخ: 18 - 2 - 1912


__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-03-2015, 06:25 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



((كيف كان تعامل أهل بيروت مع الزبالة (القمامة) من مئة سنة))

وهل يثور الخصيان؟
يا أفندية يا عتالة... صدر أمر الوالي

عبد اللطيف فاخوري*

الجمعة,31 تموز 2015 الموافق 15 شوال 1436هـ

قدم فؤاد باشا ناظر الخارجية العثمانية الى بيروت سنة 1861م من أجل إستيعاب تداعيات فتنة سنة 1860م الطائفية في الجبل. ورأى ان البلدة بحاجة ماسّة الى اصلاحات بيئية وفقاً للتعبير الرائج مؤخراً. فأصدر عدة قرارات يمكن أن تعطينا فكرة عن البلدة في ذلك التاريخ. منها التحذير من المنازعات ومنع سبّ الدين ومنع التجول ليلاً بدون مصباح. ومنعاً «لتعفنات ردية في الهواء من جراء الأوخام المتراكمة في الساحل والأزقة والأسواق من الزبالة والخضر والأثمار المتعفنة وجثث الحيوانات» أصدرت السلطة عدة تنبيهات منها: على كل إنسان أن يجمع زبالة بيته ويدفعها للخارج مثل شاطئ البحر أو مكان آخر لا تحصل منه مضرّة. وعدم تحويل مجاري البالوعات الى الشوارع والأزقة، بل على كل شخص أن يحفر لها بئراً داخل داره، وإن لم يتوفر ذلك ففي جهة الزقاق ويغطيه. ومن التنبيهات أيضاً عدم أكل التمرية التي يطاف بها طيلة النهار تحت الشمس وكذلك الأثمار والخضار البائتة. وشاع اقتراح تطهير الهواء باستعمال القطران بوضع مقدار منه في صحن وتحمى قطع من الحديد في النار وتغطس في القطران فيتصاعد منه الدخان.
وفي سنة 1865م أصدرت السلطة بياناً ذكرت فيه «ان البعض بمرورهم وعبورهم يبولون على الحيطان ومن جريان البول تحصل تعفنات مضرة بالصحة. ورتبت ضبطية لمراقبة ذلك تحت طائلة الجزاء النقدي. (لم تكن توجد في حينه مباول عامة وهي لا توجد اليوم أيضاً رغم الإعمار؟).
وبالنظر لعدم وجود وسائل الإعلام والإعلان التي نبتت كالبقلة في هذه الأيام، كان على السلطة أن تلجأ الى المنادي الخاص بها تكلفه بإبلاغ البيانات للعامة فكان يجول في الأسواق والحارات والمحلات ينادي باسلوب مبسط للعامة التي لا يهمها تزويق الكلام وتنميقه فيقول: يا ناس يا ها. يا أفنديه يا عتالة. بأمر مولانا الوالي. يلي بكبّ زبالة تصادر أمواله وتباع ممتلكاته وتفضح حريماته. وبيززى (يجازى). (كان الأمر يشمل الكبير والحقير الفقير والأفندي. وكان العقاب يشمل الجميع. فما أبعد الليلة عن البارحة؟) وجاء في نداء آخر: يا ناس يا ها. يا أفندية ويا تجار سرسق والفشخة وأياس. بأمر مولانا الدفتردار (وزير المالية) بدكم تدفعوا حراسة وكناسة وبول عالحيطان. ويلّي ما بيدفع تصادر الخ...
وغالباً ما كان رمي جثث الحيوانات النافقة يتسبب بخلافات تتحوّل سريعاً الى نزاعات طائفية. ففي سنة 1872م نفق حصان ليعقوب ثابت وأرسله مع سائق عربته ليرميه في البحر عند المسلخ. فأصاب رجلاً صادف انه مسلم وقتله. فتجمهر الناس في الأزقة وتضاربوا وأقفل التجار دكاكينهم لأن الجزارين لاحقوا السائق للقبض عليه وتصدّى آخرون للدفاع عنه.
وكانت عظام الحيوانات والخرق البالية توضع في محلة الدباغة وكانت تتسبب بإفساد الهواء. فأصدرت البلدية سنة 1877م قراراُ منعت فيه دخول هذه المواد الى داخل البلدة وخصصت لوضعها جهة الرميلة وميناء الحسن (أي خارج البلدة) ومنحت أصحاب العظام والخرق الموجودة في الدباغة مهلة قصيرة لشحنها الى الخارج. ورأت البلدية سنة 1881م تنظيم عملية تنظيف الشوارع والأسواق عن طريق التلزيم لمدة سنتين (وفي التلزيم فوائد لا تعد وتحصى؟) وأوجبت على جميع السكان أن يضعوا الكناسة التي تتراكم في مساكنهم على حافة الطريق بقرب أبواب بيوتهم من بعد الغروب الشمس بثلاث ساعات الى قبل طلوعها بساعة واحدة صيفاً وشتاء. أما بالنسبة للحيوانات والطيور النافقة والأقذار فيمنع القاؤها في الطرقات، فإذا نفق حيوان على صاحبه إخبار متعهد النظافة وإعطائه الأجرة المحددة من البلدية لأجل أخذه وإلقائه في البحر في الجهات البعيدة عن البلدة.
ومن المرجح القول بان الزبالة التي كانت تجمع كانت تباع لأصحاب الحمامات العمومية لوضعها في القمّيم – مشتق من القمامة – فتشتعل بحرارة عالية وتسخن الماء في الأحواض التي توزع للمستحمين. ومن هنا المثل البيروتي القائل «الحمّام حامي والوقاد صرامي». علماً بأن زبالة تلك الأيام لم تكن تحوي زجاجات بلاستيكية ولا علب حديدية وغيره من منتجات زمن العولمة. وقد أطلق لفظ الزبال على من يمتهن حرفة جمع الزبالة من الخانات والطرقات ونقلها الى الحمامات والبساتين. وقد حملت احدى العائلات شهرة الزبال. ولما كان العمل شرفاً للإنسان بدل ذل السؤال فقد سمع احد الكناسين يردد:
لنقلُ الصخر من تَلل الجبال
أحبّ اليَ من مِنن الرجال
يقول الناس كسبكَ فيه عارٌ
وكل العار في ذلّ السؤال
وكنا صغاراً عندما درسنا في النحو والصرف كاف التشبيه وأردنا ان نطبقها عملياً فنقول لرفيقنا: أبوك كنّاس. فإذا غضب وعبس وتولى قلنا له: أبوك مثل الناس.
يذكر ان الدكتور عبد الرحمن الأنسي بعدما أرسلته جمعية المقاصد لدراسة الطب في قصر العيني عيّن فور عودته من مصر طبيباً لبلدية بيروت ومشرفاً على الصحة العامة في المدينة. وكان متشدداً في أداء رسالته يقوم بالتفتيش يومياً على أحياء البلدة وأزقتها لاتخاذ التدابير الوقائية. وقد كثرت أوامره ونواهيه أيام عمله في البلدية وتناقل البيارتة كثرة الممنوعات التي كان يصدرها تحت طائلة العقوبات: ممنوع تسييل المياه على الطرقات، ممنوع رمي النفايات خارج الأوقات المحددة لجمعها، ممنوع إلقاء الحيوانات النافقة في الطرقات، ممنوع الذبح خارج المسلخ، ممنوع إبقاء اللحوم مكشوفة، ممنوع بيع أطعمة بائتة، ممنوع... ممنوع حتى اعتبروا أن كل شيء أصبح بحاجة الى إذن وموافقة من الدكتور الأنسي فقالوا: لا تصبح ولا تمسي إلا بإذن من الدكتور الأنسي. (نقلها آخرون بصيغة مختلفة؟).
يذكر ان رئيس البلدية فخري بك اتفق في أيار 1880م مع مسيو نكسون رئيس شركة مياه بيروت على رش خمسة عشر الف متر طولاً بعرض خمسة امتار وبسعر خمسة عشر غرشاً للمتر. وطلب فخري بك من الاسكندرية عجلة للرش. ولما وصلت العجلة في شهر تموز، تعسّر جرّها لثقلها، فرأت البلدية صنع عجلات على طرازها من الخشب تكلف الواحدة منها ثلاثة آلاف غرش يلزمها بغال لجرها ورجال تشرف على عملها إضافة الى ثمن الماء، وهي نفقات لا يتحملها صندوق البلدية. فاقترح العودة الى الطرق القديمة باستخدام فعلة يرشون الطرقات بالقًرب أو بالجرار... وقد ادى ذلك الى تراكم الأقذار وتصاعد الغبار وجريان مياه الأقذار وانتشار البرغش والذباب والقوارض. فنظم احد الادباء معمّى في البرغش قال فيه:
زائر زارنا ثقيل ولكن
خفّ حتى يطير مثل الهباءِ
جمع الغشّ والصلاح وأضحى
مستبيحاً في الناس سفك الدماء
فجاء حله من سليم لطف الله هرموش:
صلاح (المبتغى) قتل الهوام
وغشٌ حبّهُ للإنتقامِ
ثقيلٌ حينما يأتيك ليلاً
بلسعٍ سالبٍ طِيب المنام
خفيفٌ انه لا شك طيرٌ
لأجل الفتك مسلول الحسام
تبين برغشاً يا صاحِ لمّا
بدا برٌّ وغشٌّ في الختام
وطلب الأهالي من البلدية مراقبة المكلفين برش الماء داخل البلدة فقد قيل ان احدهم يميل بقربته وهو يرش في الساحات وأمام المخازن والدكاكين الى الجهة التي عوّده سكانها على البخشيش ويترك غيرها محرومة كأنما يقول بلسان حاله وما جزاء الإحسان إلا الإحسان. كما شكوا من كناسة الأسواق بأن الفعلة ما يكاد الواحد منهم ينصرف حتى يملأها الجالس فيها بقشور الفاكهة او فتات المآكل. وزاد في الطنبور نغمة المعاليق والكروش وما يماثلها من أجزاء اللحم التي تَعلق بالرؤوس فيما الرجل ينظر طريقه بين رجليه حذر الوقوع. وفي سنة 1909م شكا الاهالي من ان القصابين عمدوا الى الذبح والسلخ داخل البلدة في الشوارع الكبيرة والصغيرة وفي الدخلات والزواريب ما دعا جريد المفيد الى أن تطلق سنة 1911م أسماء جديدة للشوارع فصار سوق الطويلة سوقاً للأوساخ والجميل سوق الأقذار واياس سوق الحرائق والفشخة شارع الميكروبات وميناء القمح سوق الاوحال وحديقة الحرية مزبلة الحرية.
يذكر انه في تلك الحقبة انشغل بعض الزعماء بالسياسة وبإنشاء الأحزاب والجمعيات وما وراءها من مآرب وغايات، ونسوا النظافة التي هي من الإيمان واعتبروا ولا يزالون يعتبرون ان النظافة تعني تنظيف جيوب المواطنين مما بقي فيها. وصح – كما يصح دائماً القول كل ديك على مزبلته صيّاح. وشاعت في حينه نغمة الإصلاح التي كان كل واحد يعزفها على هواه فيما الشعب لا يتحرك. ما عكسه الفنان يحيى اللبابيدي بأغنية من تأليفه وتلحينه قال فيها: إمشِ يا جمل. تحرك يا جمل. إن كان هالمشيه مشيتنا. ... عنك. ما في أمل.
عرف التاريخ ان للصبر حدوداً وان ثورات قام بها انكشاريون وعبيد وفلاحون وعمال ومظلومون ولكنه لم يعرف ان الخصيان قاموا يوماً بثورة؟

* محامٍ ومؤرّخ
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 08-08-2015, 05:39 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



مقتطفات من رسائل المستشرق الروسي كريمسكي عن بيروت المكتوبة بين عامَي 1896 و1898 م


أقام المستشرق الروسي أغاتانغيل كريمسكي ( 1871 – 1941 م ) في بيروت وجبل لبنان في الفترة الممتدة ما بين أواخر عام 1896 وأواسط 1898 م، ودوّن مشاهداته وانطباعاته في رسائل وجّهها إلى عائلته في روسيا، وقد طُبِعَ كثيرٌ من رسائله في موسكو عام 1973 م ، وتُرْجِمَت إلى العربية وانتُقِي منها، وأصدرها د. مسعود ضاهر في كتاب ((بيروت وجبل لبنان على مشارف القرن العشرين)) المطبوع في دار المدى / بيروت عام 1985 م ، وقد قرأته واقتطفتُ منه بعض الفقرات:

1 – متسوِّلو بيروت – في الواقع – على جانب كبير من البراعة، أعرف اثنين منهم يرابطان على قارعة الطريق، حتى إذا مررتُ بهما ألقيا برأسهما إلى الخلف كأنهما على وشك الموت، تجحظ العينان وتحدِّقان إلى السماء، وتضرب إحدى اليدين الصدر، أما الأخرى فممدودة لطلب الصدقة، والشفتان تتمتمان دون انقطاع: ((الله يخلّيك)). كنتُ في السابق أشفق عليهما، أما الآن فقد توقفتُ عن إعطائهما شيئاً. ثمّة متسولون أسوأ؛ أولئك الذين إذا لم تناولهم نقوداً تظاهروا بالهستيريا، وأنا أهرب منهم هربي من الطاعون، يتظاهر أحدهم بالجنون دون أن ينسى جميع أعياد الطوائف، ففي أعياد الكاثوليك يحمل صورة البابا، وفي أعياد الأرثوذكس يحمل صورة القيصر نيقولا الثاني .

2 – بيروت في 13 - 14 حزيران 1897 م : كلب مسعور عضَّ أكثر من عشرين شخصاً في بيروت، لذلك أمر الوالي - بناءً على نصيحة إحدى الشخصيات المسيحية من عائلة طراد – بتسميم جميع كلاب المدينة، وهكذا نَفَقَ عدد كبير منها تَمَّ رميُها بالبحر، ولكن بعضها استطاع الفرار والاختباء، وقامت النسوة المسلمات بإنقاذ عدد من الكلاب (!!) خُبِّئَت في غرفهنّ – غرف الحريم، وانتشرت جيف الكلاب فانبعثت منها الروائح الكريهة، وتكاثرت الثعالب قرب المدينة ولم تكن تُشاهَد في السابق إلّا في الجبال والقرى النائية، ... كان أحد الكلاب المسعورة قد عضَّ بقرة وأربعة خراف كانت معدَّة للذبح عند أحد الجزارين، ولكي يتلافى اللحّام الخسارة الكبيرة جرَّ تلك الحيوانات الخمسة إلى المسلخ حيث ذبحها وخلط لحمها بلحوم الحيوانات السليمة، ثمّ وزّعها للبيع ببيروت، وعَرَف أحد المواطنين بالأمر صدفة، فانتشر الخبر سريعاً حتى عَمَّ المدينة كلّها، ونظراً لصعوبة تمييز اللحم المريض من السليم حُرِم اللحّامون من بيع غرام واحد من اللحم في بيروت طيلة ثلاثة أيام بالرغم من تخفيض أسعارهم كثيراً، إذ لم يجرؤ أحد على الشراء حتى فسد اللحم وطُرِح به في البحر.

3 – فيما أخطّ هذه الرسالة كنتُ أسمع حديثاً بين الجيران من آل طراد. ثمّة مثل شعبي في بيروت يقول: ((أسرار طرادية))، وتعني تلك التي يتعمّد أصحابها إسماعها للآخرين ... أسرعت السيدة عطايا بالدخول إلى غرفتي وقالت: تذكّرتُ الآن مثلاً شعبيًّا، فخُذْ القلم وسَجِّلْه، يقول المثل: (( ما مقصرو عن الجرد إلّا الحفا ))، ... بالمناسبة أتابع جمع الأمثال الشعبية بدقة، وعندما علم أصدقائي بذلك هبُّوا لمساعدتي في جمع الأمثال.
وقال كريمسكي في رسالة أخرى ( ص 226 ) : ليس من المستبعد أن يحصل عراك بين أهالي بكفيا وأهالي الشوير، إذْ ليس صدفة وجود مَثَل يقول: ((لولا بكفيا والشوير كانت الدنيا بألف خير )).

4 – الشوير في 7 آب 1897 م : تبيّن لي أنّ القرويين في جبال لبنان يملكون رأياً سياسيًّا غريباً، فهم ساذجون جدًّا في الحقيقة، لا يبالون كثيراً بالسياسة، أما في بيروت فأصغر بقَّال – لا بل الفتيان الذين لم يبلغوا السابعة عشرة من عمرهم – يقرأون الصحف بنهم.

5 – حمّانا في 24 – 25 آب 1897 م : ... وصلنا إلى صوفر حيث أقام أغنياء بيروت مركزاً للعبة الروليت، وخصّصوا مبالغ طائلة من المال لبناء فندق كبير، يرتاد المركز أناس كثيرون وبعضهم يخسر كل أمواله في القمار، لكن أغنياء بيروت من آل سرسق وبسترس وغيرهم يرون أنّ ذلك المركز في صوفر لا يؤمِّن لهم كل ما يبغون من الربح، فسَرَت إشاعة تقول إنهم عازمون على تحويل جناح من فندق صوفر إلى بيت للدعارة يجمع الرجال والنساء! وقيل لي أيضاً أنّهم أوصوا على ((نساء)) من مرسيليا وفيينا وغيرهما من مدن أوروبا.

6 – حمّانا في 24 – 25 آب 1897 م : سألتُ صبيًّا عن عمره، فالتفَتَ إلى أمّه قائلاً: ((أمي! قَدَّيش عمري؟)) فأجابت أنّه وُلِد في السنة الأولى من حرب الموسكوب، وبدأوا يحسبون متى كانت حرب الموسكوب (حرب روسيا مع الدولة العثمانية)، لم يستطيعوا التذكر بدقة، فقلتُ لهم إنها كانت في العام 1887 م ، لا يعرف عمر العربي بدقة، فالأم هي التي تتذكر فتقول مثلاً: وُلِد في حرب الموسكوب، أو وُلِد في أيام إبراهيم باشا؛ أي في أيام الحملة المصرية على سوريا، أو تقول: وُلِد في أيام الاضطرابات؛ أي مذبحة 1860 م ، وهلمّ جرّا.

7 – أخبرني القاضي إلياس طراد ( وهو قاض من بيروت ) أن النساء المارونيات – وكنّا في حمّانا ضيوفاً على عائلة مارونية – يتميّزن بسلوكهنّ الطائش وبعدم الوفاء للزوج، في حين عُرِفَت النساء الأرثوذكسيات بحصانتهنّ وعفّتهن.

8 – الشوير في 6 أيلول 1897 م : زارني اليوم كذلك نسيب التبشراني الطالب في كلية البروتستانت الأميركية في بيروت (قال أبو معاوية البيروتي: وأصبحت لاحقاً الجامعة الأميركية )، تحدَّث عن جوّ الفوضى المسيطر عندهم في الكلية، فليس هنالك عقوبات كما قال، ذلك لأنّ طلّاب الكلّية مسلَّحون، ويأتون إليها حاملين سلاحهم، وهم على استعداد لإطلاق النار حتى على الأساتذة! ذات مرّة أقدم أحد الطلّاب على طلي مقعد الأستاذ بالصمغ، بحيثُ اضطرَّ في نهاية الدرس إلى إرسال مَن يحضر له بنطلوناً آخر لأنّ الأول بقي ملتصقاً بالمقعد! ويكثر الطلّاب من إلقاء النكات والقيام بالحركات البهلوانية، وإذا طرح الأستاذ على طالب سؤالاً، فبدلاً من الإجابة يخلع الطالب سترته قائلاً: ((الطقس حار))، وتصل الوقاحة بهم أحياناً للتنكيت على الأستاذ، فإذا حلق أحد الأساتذة ذقنه مثلاً يلحق به بعض الطلّاب وهم يردِّدون عبارة السخرية بصوت عال. الانضباط معدوم إلّا في صفوف التلامذة الصغار.

9 – الشوير في 22 – 23 أيلول 1897 م : حضر الجنازة التي كتبتُ عنها راهب من دير مار إلياس الأرثوذكسي، وهو راهبٌ عربي وليس يونانيًّا، ويُدعى الأب أنفيم، جسده النحيل الشاحب يذكّر بالموتى، وله من العمر ما بين الخمسين والستين عاماً، كان ميخائيل يافث واحداً من أفضل أصدقائي، وحين لفَتُّ نظَره إلى الراهب قال: (( إنّ منظره المخيف هذا نتيجة ممارسته الفسق والفجور باستمرار ))، ودلَّ كلامه أنّ أخبار مغامرات رهبان دير مار إلياس يتحدّث بها أهالي قرية أبو ميزان، وأنّ عشيقات رهبان دير مار يوحنّا في الشوير أيضاً يسكنَّ بلدة ((الحارة)) (؟) القريبة من الدير، وأردف ميخائيل يافث قائلاً: (( تلك أخبار يعرفها الجميع، وأنا مسرور جدًّا بذلك! كان عندنا أمراء، ولكننا تخلّصنا منهم ولله الحمد، لكن بقي لدينا الرهبان! ولمّا كان الجميع شاهدين على مسلكهم وتصرفاتهم فلسوف نتخلّص منهم يوماً ما )).
ثمّ روى لي القصة التالية: (( كان دير مار إلياس في السنة الماضية يضمّ مدرسة للصبيان، وفجأة توقّف الأهالي عن إرسال أولادهم إليها وأظهروا استياءَهم منها. تبيَّن فيما بعد أنّ بعض الرهبان كان يمارس أعمالاً شنيعة! وقد استغلّ الأب حنّا مجاعص استياء الأهالي وفتح مدرسته في الشوير )). ولم يتورَّع أحد الرهبان – وهو الأب ستيفانوس – أن يطلب منّي ترجمة لرسالة تلقّاها من راهبة في دمشق تنمّ عن علاقة غرامية به، كما لم يجد غضاضة في القول: ((الستّات بيحِبُّوني)).

10 – بيروت في 9 شباط 1898 م : المسلمون صائمون، فهم الآن في شهر رمضان، وطوال النهار لا يأكلون ولا يشربون شيئاً، لحسن حظّهم لا زال النهار قصيراً، مشهد طريف أنْ تراقب المسلمين قبل الغروب وهم يتحلّقون جماعات بانتظار طلقة مدفع رمضان معلنة مغيب الشمس، كلّ شيءٍ قد أعدَّ له مسبقاً، خاصة بالنسبة للمدخّنين المسنّين الذين حضّروا النارجيلة (!) وبجانبها فنجان القهوة، فما أنْ تهدر طلقة المدفع حتى يتناول المدخنون نربيش النارجيلة على الفور ثم يرشفون القهوة (قال أبو معاوية البيروتي: بئس الفعل هذا! فالسنَّة الفطر على ماء وتمر، لا على خبيث كالنارجيلة والسيجارة!)، فيما مدخّنون آخرون يحملون السيجارة بيد والكبريتة باليد الأخرى، فيشعلون السيجارة فور سماعهم طلقة المدفع. إنهم لا يُعانون من الجوع كثيراً، فهم يأكلون ليلاً حتى الشبع. فقرابة الثانية والنصف فجراً – وهو موعد طلقة المدفع – يجلس الناس أيضاً لتناول آخر وجبة طعام؛ ويسمُّونها السّحور. طلقة المدفع التي تدوّي قبل الفجر تعني توقّف الصائمين كليًّا عن الأكل والشراب وخلودهم إلى النوم حيث يستيقظون حوالي التاسعة صباحاً، أما الأغنياء فيستيقظون قرابة الظهر ...
لا يجرؤ أيٌّ من المسلمين على الامتناع عن الصيام أمام الناس، حتى أنّ الأطباء المسلمين الذين تلقّوا علومهم في المعاهد الأوروبية يتناولون الطعام سرًّا وحتى خفية عن عائلاتهم، فعبارة ((فاطر في رمضان)) تُعْتَبَر إهانة قاسية. وأما لو أراد المسيحيُّون عدم الصيام في الأوقات المحدّدة له، فلا يخافون إعلان ذلك ويجاهرون بامتناعهم عن الصوم في بيروت على الأقل. ( قال أبو معاوية البيروتي: وهذه منقبة للمسلمين الذين يعظِّمون شعائر دينهم ويخشى المنافقون مخالفتها، ومذمَّة للنصارى الذين يستخفّون بأحكام دينهم المحرَّف، أما أولئك ((الأطباء المسلمين)) الذين ذكرهم كريمسكي فواضح أنّهم شرذمة قليلة فُتِنَت عن دينها أثناء دراستها في المعاهد الأوروبية ).

11 – بيروت في 8 – 9 آذار 1898 م : تسود بيروت حالة من التوتر بسبب جريمة قتل، ففي سوق الطويلة الأكثر ازدحاماً بالناس دخل فتى دكاناً ليبتاع بعض الخضار، أعطاه البائع أسوأها، ولَـمّا رفض الفتى استلامها استشاط صاحب الدكان غضباً فاستلَّ خنجراً، ويقول البعض أنّه تناول آلة حديدية حادة كانت بقربه وطعن بها الفتى فقتله، ثم اختفى البائع بسرعة إذ ساعده أصدقاؤه على الهرب، وبدأ التحقيق. من المحتمل ألّا تتمكّن السلطات من القبض على القاتل لأنّه سوف يختبئ شهرين أو ثلاثة عند أصدقائه ثمّ يفتح دكاناً في مكانٍ آخر وفي شارعٍ آخر.
* الكناشة البيروتية (المجموعة الثالثة)

__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 05-20-2017, 06:14 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


مفتي بيروت: تدريس الدين في المدارس مرة واحدة في الأسبوع هو إضعاف للدين


جاءتنا عدة رسائل من أهل بيروت المسلمين يقولون بها إن إدارة المعارف قررت أن يكون تدريس العلوم الدينية والقرآن الكريم في المدارس الأميرية مرة واحدة في الأسبوع، وهو دليل كاف على إضعاف الدين وعدم مراعاة جانبه، وقالوا: إن هذا مما لا يجوز السكوت عنه لأنه يكون سبباً لإماتة الروح الإسلامية في تلاميذ المدارس الأميرية .
فنحن نحتج أشد الاحتجاج على هذا القرار ولا نسكت عنه، فنرجو أن تعرضوا الكيفية للمحلات الإيجابية! ونطلب أن يكون تعليم العلوم الدينية والقرآن المجيد في كل يوم إلى غير ذلك مما ذكروه ودل على الاستياء العام.
وأنا أعتقد أن هذا الأمر لا يرضيكم كما لا يرضينا ولهذا أرجو أن يصدر أمر سعادتكم بإلغائه وإبقاء ما كان على ما كان من دروس القرآن والعلوم الدينية كما في البروغرام السابق، ولحضرتكم أقدّم فائق الاحترام.

✍🏻كتبه مفتي بيروت مصطفى نجا (ت 1350 هـ/ 1932 م) في 19 آذار سنة 1920 م.

* نقلتها من كتاب ((ذكرى بعد عام لفقيد الوطن والإسلام العلامة الجليل مصطفى نجا مفتي بيروت الأكبر)) (ص 163/ مطبعة الدبور - 1351 هـ، 1932 م)،
وكما حذّر المفتي رحمه الله، ضَعُفَ الدين في نفوس تلاميذ بيروت (جيل المستقبل) حتى أصبح عندهم أمراً ثانويًّا، لأنهم درسوه ساعة في الأسبوع، ثم تدهور الأمر إلى أن أُلغِيَت تدريس مادة الدين من أكثر المدارس!! والله المستعان.
* كناشة البيروتي (الجزء الرابع)
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-14-2013, 06:05 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



كيف كانت نظرة المجتمع البيروتي لاختلاط النساء في التعليم منذ مئة سنة ؟!


قال أبو معاوية البيروتي : نقلتُ النص التالي من كتاب " عين المريسة " ( ص 628 / ط. دار مصباح الفكر ) حيث تكلّم د . عصام شبارو عن أول طبيبة بيروتية مسلمة، واسمها سنية حبوب، فتكلمت عن معاناتها أثناء دراستها، وذكر أنها التحقت بالجامعة الأميركية، وكانت تلبس الملاءة والحجاب، فتعرضت لإهانات الرجال، وحُرِمَ والدها من دخول المسجد!

قالت سنية حبوب : ( الالتحاق بالجامعة كان جريمة في نظر المجتمع، فإذا كان نفوذ والدي العائلي قد ردَّ عني سهام الانتقادات العائلية .. إلا أنه لم يستطع أن يمنع عنّي غضبة المجتمع الذي يراني ذاهبة وحدي مستقلة الترامواي إلى الجامعة، أو آتية منها إلى المنزل، كان الرجال يواجهونني في الطريق ويبصقون في وجهي ... ولكني وحجابي على وجهي كنت أتابع سيري، وفي الجامعة درست الفيزياء والطبيعيات، وأتممت سنة تحضيرية طب بالرغم أن الطب كان محظوراً على النساء ).

وبسبب تعرّضها للإهانات خارج وداخل الجامعة الأميركية في بيروت، لأنها تدرس مع الشبان، ارتأت سنية حبوب دراسة الطب في الخارج، واقتنع والدها، وسافرت سنة 1926 م ، وفي ذلك تقول :
( عندما وصلت إلى مرسيليا ، نزعت الحجاب ورميته .. وأكملتُ السفر إلى أميركا .. سافرة ) !!!!!
انتهى .

ولا أملك إلا أن أقول : إنا لله وإنا إليه راجعون! هذه الجاهلة لعلها برزت في دنياها، لكن ماذا قدّمت لآخرتها بخلعها الحجاب وخروجها عن طاعة الله ؟!!
اللهم يا مقلب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك .
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 07-08-2013, 06:19 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



(سيبانة رمضان)
من التقاليد الرمضانية القديمة عند أهل بيروت



من التقاليد الرمضانية عند أهل بيروت ما يعرف اليوم بـ "سيبانة رمضان" وهي عادة بيروتية قديمة لا تزال مستمرة إلى يومنا هذا، وتتمثل بالقيام بنزهة على شاطى‌ء مدينة بيروت تخصص لتناول الأطايب والمآكل في اليوم الأخير من شهر شعبان المعظم قبل انقطاع الصائمين عن الطعام في شهر رمضان.
وجرت‌العادة قديماً على أن تتوجه العائلات البيروتية قبل غروب التاسع والعشرين من شعبان المعظم إلى شاطى‌ء بيروت تحمل معها أنواعاً مختلفة من الطعام والشراب وتقيم سهرات طويلة تترقب خلالها قدوم الشهر المبارك.
ويقول بعض المؤرخين أن تقليد "سيبانة رمضان" هو في الأصل عملية استهلال للشهر المبارك ، كانت تسمى "استبانة" بمعنى التبيان لحقيقة حلول شهر الصوم، إلا أن أهالي بيروت حرفوا الكلمة مع مرور الزمن إلى "سيبانة" تسهيلاً للفظها.
ومع مرور الزمن أصبحت الاستبانة "سيبانة"، وصارت "السيبانية" عادة للتنزه وتناول الاطعمة والاشربة ، حتى بات الكثير من البيروتيين يعتقدون أن هذه‌ العادة هي لـ "وداع" الطعام قبل حلول شهر الصيام، باستثناء القليل ممن يدركون أن "السيبانية" هي تقليد لمراقبة ظهور هلال شهر رمضان.
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 07-19-2013, 07:44 PM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي



إسراف أهل بيروت منذ مئة سنة في اتباع التقاليد الأجنبية وابتعادهم عن العادات العربية!


صدر قبل أمس كتابٌ جديد عند دار البشائر الإسلامية بعنوان " راحة المستهام في بلاد الشام " للشيخ عثمان الطباع ( ت 1370 هـ / 1950 م ) أرّخ فيه لرحلته من غزّة إلى دمشق أواخر سنة 1339 هـ ( 1919 م )، ومما قال فيه عن بيروت وأهلها ( ص 257 ) عند مروره بها في محرم 1340 هـ :

وهي مدينة حسنة زاهرة، تقدّمت في التجارة مدّة، وكان ميناها مقصودةً للبواخر التجارية، ومنها تصدر إلى البلاد العربية سيما سوريا وفلسطين، وقد ضُعِّفَت بميناء حيفا ويافا، وبها جامعٌ كبير اشتُهِرَ أن فيه رأس يحيى عليه السلام ( يقصد الجامع العمري ) ...
وقال ( ص 260 ) :

وقد أسرفت في التقاليد الافرنجية، حتى صارت تُرى كالبلاد الأجنبية، واضمحلت منها العادات والمكارم العربية، حتى قيل فيها :

بيروت دارٌ لأهل المال طيبة ...... وللمفاليس دارُ الضنكِ والضيق
ظللتُ حيران أمشي في أزقتها ....... كأنني مصحفٌ في بيت زنديق !
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 01-11-2014, 08:05 AM
أبو معاوية البيروتي أبو معاوية البيروتي غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: بلاد الشام
المشاركات: 7,435
افتراضي


قال خطيب الجمعة أمس :
سألت عالماً عن سبب الجحيم الذي تعيشه بيروت لفترة طويلة،
فقال ...



صليت الجمعة أمس في مسجد ( عباد الرحمن )، وكان الخطبة فيما يحتاج الناس الآن لمعرفته لكثرة الانفجارات وانتشار السلاح وانعدام الأمن، وهو الإيمان بالقضاء والقدر، فلا يعترضوا على موت فلان وفلان لوجودهم في مكان الانفجار، ولا يعطلون حياتهم تخوفاً من وقوعهم ضحية انفجار، فما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وما أخطأنا لم يكن ليصيبنا،
وتحدث أن الاستعانة لا تكون إلا بالله، والتوسل لا يكون بأحد من الناس بل بالله وحده.
ذم ذكر بالخطبة الثانية أنه سأل عالماً معروفاً عن السبب الذي تعيش فيه بيروت دوامة القتل والتخريب منذ منتصف السبعينات وحتى الآن، فأجابه الشيخ بآية واحدة:
قال الله تعالى: { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ } ( النحل، 112)
وهكذا كانت بيروت في أوائل السبعينات، آمنة مطمئنة يأتيها رزقها، فكفرت بنِعَم الله وانتشر الكفر والبطر والفسوق والفحش، فأذاقها الله انعدام الأمن والخوف الذي ما زلنا فيه حتى الآن !!!
وإنا لله وإنا إليه راجعون !!!
__________________
.

((تابعوا فوائد متجددة على قناة التليغرام)) :

https://telegram.me/Kunnash
.
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:05 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.