الأمير شكيب أرسلان ( 1286 – 1366 هـ ) لم يكن درزيًّا بل مسلماً سنيًّا

[الشيخ أكرم زيادة]

بوركتم أبا معاوية على جهودكم.
وقد قرأت كل ما يتعلق بالموضوع في هذه الصفحة من كلامكم ونقولكم وتعليقاتكم.
وازيدكم هنا نقلاً آخر من كتاب الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي [1295-1379] «الدر الفريد الجامع لمتفرقات الأسانيد» صفحة (281-281) والواسعي شيخ شيخي محمد بن إسماعيل العمراني الصنعاني اليماني حيث يقول:
«أيام جلوسي بدمشق كان العلامة وحيد الزمان، أمير البيان، الأمير شكيب أرسلان ـ حفظه الله ـ رئيس تحرير جريدة الشرق في سنة بضع وثلاثين هجرية..إلخ».
وهذه العناية من أهل العلم بهذا الرجل وعنايته بأهل العلم أيضا ليست خفية على أحد.
وإني لأرجو ـ مخلصاً ـ أن يكون من زمرة السلف الصالح وأن يحشر معهم.
ولكن ما أخشاه هو أنه في الأصل من فرقة باطنية معروفة بعدائها للإسلام والمسلمين، وأخشى أن يكون قد تعامل في كثير من أطوار حياته بالتقية المعروفة عند القوم!!
سائلاً الله أن يخيب ظنوني، وخشيتي.
وان يكون الرجل خيراً مما خشيته وظننته.
ولا شك أن بعض الظن إثم، وليس كله، وقد يكون بعض الظن حزم.
والحمد لله رب العالمين

[أبو معاوية البيروتي]

بارك الله فيكم،
معاذ الله أن يكون الأمير شكيب استعمل التقية في حياته،
رجل سعى لسنين طويلة أن يحج - كما ذكر في المقدمة - وحج عندما كانت الحرارة قريب من الخمسين، وهو قد تجاوز الستين، وأمضى عشرات السنين بعيداً عن بلده وأهله في سبيل الله، بينما غيره من أهل العلم لم يستطيعوا الحج لظروف، كالإمام القاسمي لفقره .
ويكفينا معاشرة العديد من العلماء السلفيين له مثل الهلالي وغيره ولم ينتقدوا تدينه بل أثنوا عليه .
ومؤلفاته مثل ( لماذا تأخر المسلمون ) و ( رحلته إلى الحج ) وغيرها مثل تعليقاته على ( حاضر العالم الإسلامي ) تبين حرقته على هذا الدين ومناداته بعودة أمجاد الخلافة الإسلامية، وسؤاله عن الشعوب المسلمة ولو كانوا في أقاصي الأرض .
وقد مُنِع من دخول بلده لبنان وسوريا ومصر لسنين طويلة،
وبلغ من محاربته لاحتلال الأوربيين للدول الإسلامية وتغيّظهم منه أن طالبت إحدى الصحف الفرنسية بإعدامه،
وكانت وصيته قبل وفاته بأيام لأحد محدِّثيه هي : ( لي وصية واحدة أود أن أوصي بها، فهل تعدني بأن تنقلها إلى العالم العربي بعد وفاتي ... أوصيكم بفلسطين ) .

ووصف الشرباصي في كتابه ( أدب أمير البيان ) أن الميزة الأساس في أسلوب الأمير الكتابي هو كثرة إيراده للآيات القرآنية .

كل هذا وغيره يكفي إن شاء الله،
بل علينا أن ندافع عن دين الأمير في الوقت الذي يدعيه الدروز لأنفسهم،
ولا ننسى أن الأمير لم يتيسّر له العلم الشرعي كثيراً وأمضى حياته مسافراً،
ورابط في ليبيا وغيرها،
وكثير من المسلمين في العالم أجمع يظنونه درزيًّا،
فعلينا أن نذبّ عن عرض أخينا المسلم،
والله أعلم .

[أبو معاوية البيروتي]

ما الذي ثنى عزم الأمير شكيب عن شرح رسالة أبي بكر الخوارزمي إلى الشيعة بنيسابور ؟

قال محمد إسعاف النشاشيبي ( 1302 - 1367 هـ = 1885 - 1948 م ) في مقالٍ له بمجلة الرسالة عنوانه " في إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب " أن أبا بكر الخوارزمي ( ت 383 هـ ) له رسالة عجيبة كتبها إلى جماعة الشيعة بنيسابور، وفيها إرشادات وأسماء كثيرة، ثم قال : أخبرني العلامة الأستاذ أمير البيان الأمير شكيب أرسلان أنه كان ينوي شرح هذه الرسالة، وقد ثناه عما نواه أن الشرح يشيع ناراً أشعلتها المذاهب والمقالات، ويزيد ( الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعاً ) تفريقاً، ويظلم كباراً لم يكونوا ظالمين، وكانوا خير مظاهرين لشائد هذا المجد، والأمير شكيب يستظهر رسائل الخوارزمي كلها، ذكر ذلك في إحدى مقالاته في جريدة " المؤيد " يوم سأله أحد الأدباء كيف وصل في الكتابة والأدب إلى هذه المرتبة العليا . اهـ . ( مجلة الرسالة عدد 5 / 2 / 1946 )

وقال شكيب في مقالٍ كتبه برومة في 8 / 3 / 1926 – ونشره الرافعي في كتابه " تحت راية القرآن " - : والكتاب الذي كتبه أبو بكر الخوارزمي لشيعة نيسابور أشهر من ( قفا نبكِ )، وليس بكتاب خاص أو رسالة مكتومة، بل هو خطاب لأهل بلدة كانت من أشهر البلاد، وفيه من السبِّ لمعاوية ما فيه، ومن النعوت لخلفاء بني أمية وبني العباس، والخوض في أعراضهم ما لا يرد في أقذع الجرائد . اهـ .

====================

"أدب أمير البيان " ( ص 12 – 13 / ط . الدار القومية للطباعة والنشر )، لأحمد الشرباصي

[أبو معاوية البيروتي]

وقفتُ أمس على مقالة كتبها المعمّر البيروتي عبد المجيد بن حسن منيمنة ( 1911 - ؟؟؟ م ) في مؤلفه " مذكرات ابن بيروت، تسعون عاماً " ( ص 292 )، وعنوانها : ( عندما صلينا العصر خلف الأمير شكيب أرسلان )، وممّا قال فيها :

في الثلاثين من تشرين الأول / أكتوبر سنة 1946 عاد الأمير شكيب من المنفى، بعد أن توسّط له الشيخ بشارة الخوري رئيس لبجمهورية آنذاك، عرفاناً منه بالجميل، إذ سبق للأمير شكيب أن خلّص والده الشيخ خليل من حبل المشنقة لما كان له من دلة على جمال باشا، وقد خرجت بيروت بشيبها وبشبابها وبكشافها المسلم ... وانطلقت به إلى الجامع العمري الكبير حيث رغب أن يؤدّي صلاة الشكر والعصر مع هذه الجماهير التي استمعت إلى خطبته بعد الصلاة على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم .
... والأمير المسلم الغيور الصافي العقيدة ينتضي قلمه في كل حين ويدافع عن دولة الإسلام ما وسعته الحيلة، فتراه حينما حصل خلاف بين المملكة العربية السعودية ( قال أبو معاوية البيروتي : كان في الأصل السورية، فصححتها ) وإمام اليمن السابق، يسارع إلى رأب الصدع ولمّ الشمل ويقود حملة التوفيق، وكذلك حينما اعتدت إيطاليا على ليبيا في طرابلس الغرب، شعر أن الوقت وقت سنان وليس وقت لسان، فتطوّع وذهب بنفسه للالتحاق بالمجاهدين في ليبيا .
بعض أقواله في الإسلام :
إن العرب لم ينهضوا إلا بالإسلام، لأنهم تحولوا من الفرقة إلى الوحدة، ومن الجاهلية إلى المدنية، ومن القوة إلى الرحمة، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد القهار، وبدّلوا أرواحهم الأولى بأرواح جديدة، صيّرتهم إلى ما صاروا إليه من عز ومنعة، ومجد وعرفان وثروة، وفتحوا نصف الكرة الأرضية في نصف قرن، ولولا الخلاف الذي عاد في زمن عثمان وخلافة علي رضي الله عنهما، لكانوا أكملوا فتح العالم ولم يقف في وجههم واقف، وكان هذا الخلاف مصدره المندسون بينهم باسم الإسلام والمسلمين؛ من يهود وخلافهم ممّن يدعون الإسلام والإسلام منهم براء، كما يجري اليوم على الساحة العربية من تفكك وضياع، حتى أصبحت إسرائيل تتحكّم بعقيدتها وإيمانها بالتوراة وتفرض إرادتها على العالم كله، وإن إسرائيل لتدرّس التوراة والتلمود لطلابها في المدارس 40 حصة في الأسبوع، بينما القرآن الكريم ليس له معادلة ولا مساواة بأقل المواد التعليمية مثل الخط والرسم، فهل بهذه المعادلة سننتصر على إسرائيل ؟! اهـ .

[أبو معاوية البيروتي]

كتب الشيخ محمد رشيد رضا إلى الأمير شكيب أرسلان رحمهما الله في 22 شوال 1349 و 12 مارس 1931 :
سرّني من كتابك السرّي الخاص أنْ رأيتك اتبعت فيه مذهبنا أهل الحديث في الجرح والتعديل بعد أن كنت في عامة أحوالك على مذهب الصوفية الذين يغلبون حسن الظن بكل الناس ولا ينظرون إلا إلى محاسنهم خلافاً لشقيقك الأمير عادل، بل رأيتك فيه تدعوني إلى ما هو مذهبي الذي شهدت لي في الحجاز بتمسّكي به واتباعه في المنار بمناسبة ما كتبته عنك أثر تلاقينا في بور سعيد؛ وهو مذهب المحدّثين ...

==============

" السيد رشيد رضا وإخاء أربعين سنة " ( ط . مطبعة ابن زيدون بدمشق / 1356 هـ - 1937 م )

[أبو معاوية البيروتي]

قال الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله :
كان الأمير شكيب أرسلان درزي الأصل، ولكنه تبرّأ من درزيّته وعاد إلى الإسلام الحق، وظلّ عمره يحامي عنه بقلمه ولسانه، ويؤدّي فرائضه وسننه .

================

" على مائدة الطنطاوي " ( ص 76 / ط . المكتب الإسلامي )

[أبو معاوية البيروتي]

تذكرت أيام الجامعة الأميركية منذ أكثر من 15 سنة،
كنتُ جالساً في مسجد قرب الجامعة أنتظر صلاة العصر أو بعد انقضاء الصلاة،
فدخل المسجد شيخ درزي بلباس وهيئة الدروز،
فذهب وتوضأ ثم جاء وصلى أربع ركعات بخشوع وتمام الأركان،
وانصرف !

فبعض الدروز لا يستطيع إظهار إسلامه خوفاً من طائفته،
وحدثني درزي أسلم، عن درزي آخر أسلم يعرفه، أن أهله - بعد إسلامه - خطفوه وأخذوه إلى قرية درزية، وضربوه وعذّبوه حتى ارتد عن دينه ! والعياذ بالله !

[أبو معاوية البيروتي]

قال د. عمر الدقاق في مقالة له عن شكيب أرسلان في مجلة " العربي " ( العدد 253 / كانون الأول 1979 م ):

أرسلان الكاتب الإسلامي

استأثر العالم الإسلامي وأوضاع المسلمين باهتمام شكيب البالغ على نحو ما كان عليه أساتذته الأجلاء جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا، ويكفي أن نشير إلى هوامشه وتعليقاته المستفيضة على الكتاب المعروف " حاضر العالم الإسلامي " لندرك المدى الذي بلغه في هذا المجال، فقد تتبّع أحوال المسلمين في أقاصي الأرض وعالج مشكلاتهم بكثير من العمق والحماسة والدأب، كما تحدَّث بإسهاب عن مأساة الشعوب المسلمة في أرجاء المعمورة،
فصَوَّر ابتلاء بلاد العرب والهند بالاستعمار الانكليزي،
وعرض فظائع الاحتلال الهندي في بلاد جاوة وسومطرة وسائر جزر اندونيسيا،
وفضح أهوال الاستعمار الإيطالي في طرابلس وبرقة،
وكشف عن فظائع الاحتلال الفرنسي في بلاد الجزائر وفي المغرب الأقصى ...
بل إنّه توغّل من خلال مؤلفاته في أقاصي الصين وفي مجاهل القارة السوداء، فأزال النقاب عن مدنية الغرب الزائفة ومخازيه تجاه الشعوب الآمنة المستضعفة.

.

[أبو معاوية البيروتي]

قال الأمير شكيب أرسلان في الجزء الرابع من كتاب حاضر العالم الإسلامي تحت عنوان ( تاريخ نجد الحديث ) ـ ذكر ولادة الشيخ محمد بن عبد الوهاب:
( طلب محمد بن عبد الوهاب العلم في دمشق ورحل إلى بغداد والبصرة ، وتشرب مبادئ الحافظ حجة الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وابن عروة الحنبلي ، وغيرهم من فحول أئمة الحنابلة ، وأخذ يفكر في إعادة الإسلام لنقاوته الأولى ،فلذلك،الوهابية يسمون مذهبهم عقيدة السلف ومن هناك أنكر الاعتقاد بالأولياء وزيارة القبور والاستغاثة بغير الله ، وغير ذلك مما جعله من باب الشرك واستشهد على صحة آرائه بالآيات القرآنية والأحاديث المصطفوية ، ولا أظنه أورد ثمة شيئاً غير ما أورده ابن تيمية ) . انتهى.

ـ بل كانت بينه وبين الشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي مراسلات ، ومدح الشيخ عبدالرحمن السعدي بقصيدة بليغة ، ذكرها المحقق القاضي في مقدمة كتاب ابن سعدي عن حقيقة "يأجوج ومأجوج"..

المصدر : http://majles.alukah.net/t42013/#ixzz2vLOkPzhc

[أبو معاوية البيروتي]

من ذب الأمير شكيب رحمه الله عن الدين

كتب علي عبد الرازق في أول رمضان "15 مارس 1926" في السياسة مقالاً عدَّه الأمير شكيب أرسلان هجوماً خفيًّا على الدين!
فكتب في كوكب الشرق بإمضاء "ش" تحت عنوان "أيهزأ أم أنا لا أفهم العربية" قال فيه: قرأت في السياسة مقالا للشيخ علي عبد الرازق عن رمضان أعدت النظر فيه كرتين فلم أقدر أن أفهم منه إلا أنه يهزأ بالدين، ويذم في معرض المدح ويشير من طرف خفي إلى أن القرآن حمل الناس على الضرر بل على المحال. فهمت أن الدين يأمر الإنسان بأمور لو أردنا تعليلها لم نجد لها تعليلا وأن أوامر الله قد تخالف العقل وتحمل المرء على ما فيه ضرره.
وإذا جرى التسليم بنظرية الشيخ علي عبد الرازق هذه؛ أي أن الدين مناقض للعقل وأمر بما يضر الناس كان لا بد من اتهام النقل، ومن القول بأن دينا يقول المحال ويأمر بالضرر لا يكون سماويا. اهـ.

وجرى سجال بين الكاتبين حتى قال شكيب: أنا آسف ولكن ضاق الصدر بكتابتك وأنت من واحدة إلى أخرى تتحكم بهواك تارة في التاريخ وطورًا في التوحيد وتوهم الناس أنك فهمت ما لا يفهم وليس الأمر كذلك.

* المعارك الأدبية للأستاذ أحمد أنور الجندي (المتوفى: 1422هـ)